بحث عن التفكك الأسري جاهز وورد doc

مقدمة:

لا شك أن العلاقات الأسرية هي أسمى وأقدس العلاقات على وجه الأرض .. بذرتها، تبدأ بين فردين بالزواج، ثم أفراد بالإنجاب، وتمتد لتشمل الأقارب والأصهار من الطرفين. إنها كالشجرة التي تمتد أوراقها ليستظل بها الجميع، وكلما ازدادت أوراقها وتشابكت أغصانها كلما كانت الحضن الدافئ والحصن الأمين لكل من يأوي إليها.

لقد تعددت الكتابات حول العلاقات الأسرية والتفكك الأسري، وتناولها العديد من الدراسات والأبحاث، فمن الباحثين من تناول بعض جوانبها، فيما اشتملت أبحاث بعضهم الآخر على جميع الجوانب. فهي موضوع خصب وحساس، ولم لا وهي أساس البنيان الاجتماعي الذي بدأ به سبحانه وتعالى الخلق بخليفته على الأرض، آدم وحواء، ومدهما بالذرية، ونظم العلاقات الأسرية في كتبه وشرائعه السماوية.

غير أن التقدم الحضاري والتطور الزمني قد ألقى بظلاله على الأسرة، فلم تعد كما كانت من التماسك، بل أصبح تفككها أحد الظواهر التي لا نستطيع أن نغمض أعيننا عنها، إذ أن أي خلل في البنيان الأسري لن تقع تبعاته السيئة على فرد واحد من الأسرة، بل على كل الأطراف المعنية التي تضمها مظلة العلاقات الأسرية، لذا ارتأيت أن أقدم بحثي المتواضع هذا، وحرصت في كتابته على أن يكون بأسلوب مبسط حتى يمكن أن يستفيد منه كل من يطلع عليه.

يتعرض البحث في مقدمته لمفهوم الأسرة والتفكك الأسري، وقد خصصت الجزء الأكبر منه لتناول موضوع العلاج والحلول . . كما يتضمن عرضاً للمقترحات التي جاءت في الدراسة الميدانية التي قام بها الدكتور محمد محمد بيومي حول الإرشاد الأسري.

وفي النهاية حاولت أن أضع ملامح رؤية مستقبلية خلصت إليها من خلال اطلاعي على الموضوع.

وتتمنى الباحثة أن يفي هذا الجهد الغرض المطلوب من إعداده، وأن يكون إضافة للجهود الموصلة للباحثين والدارسين في موضوعه.

مفهوم الأسرة .. والتفكك الأسري

أوجدت معظم القوانين والشرائع من أجل حماية الأسرة، وليكون الزواج قائماً على الثبات والاستمرار، لأن في هذا مصلحة الوالدين من ناحية ومصلحة الأبناء من ناحية أخرى. والزواج لا يمكن أن يعطي ثماره إلا إذا نظرنا إليه كرباط أبدي لا انفصال له، وإلا لكان في إمكان أي طرف من الطرفين، ولأتفة الأسباب أن يتخلى عنه في أية لحظة.

ويرى علماء النفس أن الأسرة المتكاملة ليست تلك التي تكفل لأبنائها الرعاية الاقتصادية والاجتماعية والصحية فحسب، بل هي الأسرة التي تهيئ لهم الجو النفسي الملائم أيضاً. ومن هنا فإن مجرد وجود الطفل في بيت واحد مع والديه لا يعني دائماً أنه يحيا في أسرة متكاملة أو يلقى العناية الأبوية الكافية.

وليست هناك أية بدائل يمكنها أن تحل محل عطف وحنان الأم، باعتبار أن الأمومة ليست وظيفة آلية يمكن أن تقوم بها أية هيئة توفر للطفل الغذاء والمأوى، وإنما هي علاقة إنسانية حميمة تبدل من معالم الشخصية لكل من الأم والطفل، وكذلك فإن للأب دوراً حيوياً في حياة الأبناء وبالذات الذكور، فهو النموذج والقدوة، ذلك بالإضافة إلى الدور الذي يقوم به الإخوة والأخوات في حياة كل فرد في الأسرة.

ونعني بكلمة (أسرة ) بوجه عام، الجماعة الصغيرة ذات الأدوار والمراكز الاجتماعية ـ مثل: الزوج، الأب، الابن، الابنة ـ يربطها رباط الدم أو الزواج أو التبني، وتشترك في سكن واحد، وتتعاون اقتصادياً. وترتكز الأسرة في العادة على زواج شخصين ـ ذكر وأنثى ـ يتمتعون بعلاقات جنسية يقرها الدين والمجتمع .. ويتوقع أن تشمل الأسرة أطفالاً يتحمل الكبار مسؤولية تربيتهم.

إن النمط التقليدي للأسرة في العادة يضم الزوجين وأطفالهما، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود أنماط أخرى، فالمرأة المطلقة وأطفالها تعتبر أسرة، وكذلك الزوج المطلق وأطفاله، والأرمل أو الأرملة وأطفالهما أيضاً، كما توجد بعض النماذج الأخرى في البلاد الغربية وأمريكا مثل النساء والرجال الذين لم يتزوجوا إطلاقاً إلا أنهم أصبحوا آباء لأطفال غير شرعيين. أو لأطفال بالتبني، وكذلك المنحرفين جنسياً من كلا الجنسين، وكذلك الذين لهم أطفال من زواج سابق يطلق عليهم مسمى أسرة.

ويشير الدكتور الوحش أحمد إلى أن الباحثين (برجس ولوك ) وهما من الباحثين المختصين في مجال الأسرة، استخدما تعريفاً لها يضم العناصر الآتية:

1- تتكون الأسرة من أشخاص مرتبطين برباط الزوجية، أو برباط الدم أو التبني.

2- يعيش أفراد الأسرة عادة مع بعضهم في منزل واحد، وأن حجم البيت وأهله يختلف بحسب تركيب ونوع الأسرة.

3- تتكون الأسرة من أشخاص يتفاعلون ويتصلون ببعضهم بعضاً من خلال أدوارهم الاجتماعية، مثل، زوج وزوجة، أم وأب، ابن وابنة، أخ وأخت، وهذه الأدوار معروفة اجتماعياً ويوافق عليها الأفراد.

4- تشارك الأسرة في الثقافة العامة النابعة من المجتمع الذي توجد فيه. ولكن لكل أسرة إنسانية بعض الخصائص الثقافية الخاصة، والتي تنتج من تفاعل أفراد الأسرة واتصالهم حيث تختلط نماذج سلوكهم المختلفة.

5- إن نماذج الاختلاف هذه قد تتكون نتيجة لخبرات الزوج أو الزوجة السابقة، ما قبل الزواج، كما يمكن أن يحضرها الأطفال من اتصالهم وتفاعلاتهم مع غيرهم (1).

من أسس نجاح العلاقة الزوجية:

يحتاج صرح الزواج إلى بعض الأساسيات الضرورية للمساعدة على نجاحه، ومن الملاحظ أن تلك الأساسيات أو المفاهيم ليست مرتبة حسب أهميتها لكي يبدأ الزوجان بأولها وينتهيا بآخرها، فلكل زوجين خصائصهما وظروف ارتباطهما المختلفة عن الآخرين، فقد تبدأ علاقتهما بالحب أو بالشعور بالانتماء، أو تبدأ بالصداقة والتعاون، فليس المهم من أين نبدأ، لكن المهم أن تشمل العلاقة الزوجية كل تلك المفاهيم.

* الحب:

يتحدث العالم النفسي (أدلر ) عن رابطة الحب ـ كما ورد في كتاب الدكتورة سميحة كرم عن العلاقات الأسرية، فيقول: إنها خليط من القوة والحنان، ((لأن كلاً من الرجل والمرأة يريد أن يحيط كل منهما الآخر بعنايته، وأن يسبغ عليه عطفه وحنانه من جهته، كما أن كلاً منهما يريد أن يركن إلى الآخر ويتلقى منه العطف والرعاية كأنما هو مجرد طفل، وحاجته إلى رعاية الآخرين كأنما هو أب مسؤول )). ويرى علماء النفس بصفة عامة أن على الزوج ألا ينتظر أن يأتي الحب منذ بداية الحياة الزوجية حباً ناضجاً مكتملاً، لأن الجانب الحسي في الحياة الزوجية ـ وخاصة بالنسبة للمرأة ـ هو في حاجة إلى تهيئة طويلة وتربية دقيقة.

* الاحترام:

من المهم أن يحترم كل شريك شخصية الطرف الآخر، ويتقبل عيوبها قبل مزاياها، والتقبل يعني القبول والتفهم بأن صفات قرينه قد يكون جزء منها وليد الظروف والبيئة، لذا يجب ألا نحاول أن نعيب على الطرف الآخر تلك العيوب ونتذمر منها، ونحاول أن نغيرها بالقوة. فبعض هذه العيوب قد يذوب تلقائياً عندما يشعر الطرف الذي يحملها أن شريكه يقبلها فقط من أجله، رغم أنها قد تكون صفات غير مرغوب فيها، وبعضها الآخر قد يظل على ما هو عليه، إذن فما جدوى الانتقاد الدائم والنزاع المستمر بشأنها؟ إن ذلك لن يخلق إلا مزيداً من المصاعب والمتاعب.

مقومات التفكك الأسري

* الانتماء:

إن الشعور بالانتماء إلى الكيان الأسري من المفاهيم الأساس في العلاقة الزوجية، فالزواج ليس مجرد علاقة رسمية فقط تمت بموجب عقد الزواج، أو مجرد علاقة جسدية أباحها العقد ذاته، أو هو مجرد معيشة فردين معاً ألزمها الزواج، إن الزواج أسمى من ذلك بكثير، إنه يعني أن هناك شخصين قد ارتضيا أن يكملا مسيرة حياتهما معاً، يتقاسمان مرها قبل حلوها، وكل منهما يشعر بآلام الآخر كأنها آلامه، ويرقص قلبه فرحاً بأفراح شريكه، وكل نجاح أو تحقيق هدف يسجل لصالح الكيان الأسري وليس لصالح فرد معين. إن الفتاة تترك أسرتها الكبيرة وتذهب لتكوّن أسرتها الصغيرة، ويصبح انتماؤها الأكبر لأسرتها الصغيرة.

* التعاون:

إن التعاون من السمات الأساس التي يجب أن يتحلى بها الزوجان، فكل منهما لا بد أن يكون السند للطرف الآخر . . وقد يكون من المفيد أن نشير لبعض الصور السلبية التي قد نشاهدها أحياناً في بعض الأسر، حيث يقف أحد الطرفين في طريق نجاح الطرف الآخر، ويتفنن في وضع العراقيل أمامه، وكأن نجاح الشريك يحط من قدره هو. وفي الطرف المقابل نرى صوراً جميلة للتعاون بين الزوجين، فكل منهما يعاون الآخر ليدفعه قدماً للأمام، وليس هناك مانع من أن يتنازل أحد الطرفين قليلاً عن أهدافه إذا كانت ستعوق تحقيق أهداف الطرف الآخر، لأن كل تقدم يصيب أي شريك هو في النهاية لصالح الأسرة التي تضمهما معاً، لذا فإن القول: بأن ((وراء كل رجل عظيم امرأة )) هو قول على قدر كبير من الصواب والصدق.

* الصداقة:

لعل الصداقة هي الكلمة التي تشمل كل الصفات السابقة المتعلقة بالمفاهيم الأساس في العلاقة الزوجية، فالصداقة تعني المحبة الحقيقية، وتعني الاحترام المتبادل القائم على التفاهم، والانتماء الذي يعني الالتزام الأدبي والمعنوي تجاه الطرف الآخر. إن من أجمل التعبيرات التي تسمعها من أحد الزوجين أنه بالإضافة إلى علاقتهما الزوجية فإنهما قد يصبحا صديقين . . فالزوج قد لا يستطيع أن يبوح بكل مكنونات قلبه لزوجته ولكنه قد يقولها إذا شعر أن زوجته صديقته، بمعنى أن بإمكانها أن تفهم وتقدر دوافع سلوكه، ولن تسيء فهم كلماته.

أسباب التفكك الأُسري

لا بد من وجود أسباب حقيقية تؤدي إلى انتشار ظاهرة التفكك الأًسري، وقد جمعنا لكم أهم أسباب التفكك الأسري:

  • الأب الحاضر الغائب:

وهو الأب الذي يقضي معظم وقته خارج المنزل، ومثال ذلك: رجل الأعمال الغارق في اجتماعاته، فيشكل العبء الكبير على زوجته، التي تبدأ بالتذمر من المسؤوليات، وتشعر أن الرجل الذي حلمت بأن يشاركها حياتها اليومية، بدأ يتبخر يوماً بعد يوم.

ومن هنا تبدأ المشكلات والنزاعات بالظهور، حيث تعلن المرأة استياءها من زوجها لصديقاتها وأهلها، الذين سيقفون في صفها، ويثيرون فيها النزعة الهجومية من حيث أنه من حقها أن يشاركها زوجها في كل أمور حياتها، فيحل الخلاف والنزاع محل المودة والرحمة بين الزوجين.

والصورة الأخرى للأب الحاضر الغائب، قد تتمثل بالأب الذي ينشغل عن أسرته بأصدقائه وجلساته معهم، فما إن يعود من عمله حتى يتناول الغذاء ليرتاح قليلاً، ثم يمضي المساء كاملاً مع الأصدقاء، ويحرم زوجته وأطفاله من الجلوس معه أو الخروج معه.

  • الأم الحاضرة الغائبة:

فالمرأة المنشغلة بعملها عن أسرتها، قد لا تمنح الزوج العناية بشؤونه الخاصة واحتياجاته.

كذلك المرأة المنشغلة بكثرة لقاءات صديقاتها، متناسية دورها كزوجة وأم، وما يحتاجه زوجها وأطفالها منها من العناية والحب.

  • صراع الأدوار:

وهو من أهم مسببات التفكك الأسري، حيث يتمثل بتنافس الزوج والزوجة ليحل أحدهما مكان الآخر، ويظهر هذا السلوك بشكل أكبرعند النساء، خاصة اللواتي يلتحقن بأعمال خارج المنزل، حيث تسعى المرأة في هذه الحالة إلى أن تكون قبطان سفينة الأسرة، وهو خلاف الفطرة التي فطرت عليها المجتمعات.

  • ثورة الاتصالات الحديثة:

على الرغم من الفوائد الإيجابية العديدة التي حصدناها من وراء الاتصالات الحديثة، إلا أنها تعد من أسباب التفكك الأسري، حيث أن إفراط الفرد في التعامل معها ليقضي الجزء الأكبر من وقت الفراغ في متابعة وسائل التواصل الحديثة، أدى إلى نسيان مسؤولياته وواجباته تجاه أسرته.

يضاف إلى ذلك المحتوى الهزيل، الذي يقدم من قبل بعض المواقع، والذي لا يهدف إلا للإثارة وجلب أكبر عدد من المشاهدين، والضحية هنا الأسرة، التي تنشب فيها المشاكل نتيجة للتعلق بمشاهدة هذه المواقع، ونسيان الفرد مسؤولياته الاجتماعية تجاه الأسرة، بالإضافة إلى الجفاء الذي يقع جراء هذه الملهاة.

  • الخدم:

أصبحت الخادمة تحل محل الزوجة في كافة أمور المنزل، كالتنظيف والغسيل، وحتى الطبخ ورعاية الأطفال أحياناً، لنجد أن الزوج يرجع من عمله، فتستقبله الخادمة وتقدم له الطعام، وتحل الخادمة محل الأم في رعاية الأطفال، وتقديم الحنان والحب لهم، مما يتسبب في ظاهرة التفكك الأسري.

وكذلك أصبح السائق يحل محل الزوج أحياناً، فيقوم بخدمة توصيل الأم والأطفال إلى أي مكان، وهو المرافق لهم عوضاً عن الأب.

  • الوضع الاقتصادي للأسرة:

يتسبب الوضع الاقتصادي للعائلة سواء بحالة الثراء أو الفقر في نشوب حالة من التفكك الأسري، فنجد الأغنياء ينشغلون بالمال عن أسرهم، وفي حالة الفقر نجد الأب غير قادر على توفير احتياجات أسرته، وقد يلجأ إلى طرق غير شرعية لتأمين حاجياتهم، مما يسبب التفكك الأسري.

آثاره

آثار التفكك الأسري على المجتمع

يؤثر التفكك الأسري في العديد من القيم الحسنة الموجودة في المجتمع، كما يؤثر على مفاهيم المودة والرحمة والتعاون والمسامحة ومساعدة الآخرين.

كذلك فإنه يولد إحباطاً شديداً في نفس الفرد، مما يجعله يوجه اللوم للمجتمع؛ لعدم مساعدته على وقف الظروف التي أدت لتفكك أسرته، فنجد الفرد يتمرد على القيم الموجودة في المجتمع من حب ومودة واحترام وتعاون ومساعدة للآخرين.

التفكك الأسري وأثره على الأبناء

غالباً ما يقع الأبناء ضحية التفكك الأسري وسوء العلاقات بين الزوج والزوجة، وهنا سنعرض الآثار السلبية للتفكك الأسري على الأبناء:

  • يتسبب التفكك الأسري بضعف شعور الأبناء بالأمان والاستقرار داخل الأسرة.
  • قد يلجأ أحد الأبناء إلى تحقيق الأهداف المرجوة بطرق غير مشروعة بسبب التفكك الأسري، حيث تتغير المبادىء والمفاهيم لديه، ليصبح المحرم مشروعاً.

  • يتسبب التفكك الأسري في عيش الأبناء في حالة مستمرة من الاضطراب والقلق، حيث أن غياب الأب أو الأم بشكل مستمر يفقد الأبناء الأمان، ويسبب انعدام الأمان.

  • هناك علاقة وثيقة بين تشرد الأطفال والتفكك الأسري، حيث أشارت إحدى الدراسات إلى أن أغلب الأطفال الذين كان مصيرهم الشارع، كانوا في الأساس يعانون من التفكك الأُسري.
  • قد يتسبب التفكك الأسري في حالة من العدائية عند الأبناء.

.
.
.

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق جاهز للطباعة 

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *