بحث عن صلة الأرحام جاهز وورد doc

تعريف صلة الأرحام:

هذا المصطلح مكون من شقين الشق الأول: الصلة, والشق الثاني: الأرحام أو الرحم؛ ولذلك سنعرض لتعريف الصلة والرحم في اللغة.

الصلة في اللغة: مادة وصل تأتي لعدة معاني منها ضم الشيء ولامه يقال وَصَلَ الشيءَ بالشيءِ وَصْلاً وصُلَةً بالكسر والضم ووصَّلَهُ: لأَمّهُ.

وتأتي بمعنى بلوغ منتهى الشيء يقال ووصِلَكَ الشيءَ و إليه وُصولاً ووُصْلَةً وصِلَةً: بَلَغَهُ وانتهى إليه.

ومن المعاني عدم الانقطاع يقال أوْصَلَهُ واتَّصَلَ: لم يَنْقَطِعْ، والواصِلَةُ: المرأةُ تَصِلُ شَعَرَها بِشَعَر غيرِها،(5), والوُصْلَةُ بالضم: كلُّ شيءٍ اتَّصَلَ بشيءٍ فما بينَهما يقال وُصْلَةٌ.(6)

فصلة الأرحام هو التواصل معهم وعدم الانقطاع عنهم، والإبقاء على هذه العلاقة متصلة.

الرحم في اللغة: والرحم بالكسر بيت منبت الولد ووعاؤه في البطن فالرحم رحم الأنثى وهى مؤنثة, قال ابن برى: شاهد تأنيث الرحم؛ قولهم: الرحم معقومة, وقول ابن الرقاع:

حرف تشذر عن ريان منغمس * مستحقب رزأته رحمها الجملا.

قلت: ومنه قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 6], والرحم القرابة تجمع بني أب وبنيهما رحم أي قرابة قريبة.

فالرحم القرابة وأصلها مكان منبت الولد الذي هو رحم الأنثى يقال جزاك الله خيرا والرحم، وفي الحديث: «إن الرحم شجنة معلقة بالعرش تقول اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني»(7), وفي الحديث من «ملك ذا رحم محرم فهو حر»(8), قال ابن الأثير: “ذو الرحم هم الأقارب، ويطلق على كل من يجمع بينك وبينه نسب، ويطلق في الفرائض على الأقارب من جهة النساء يقال ذو رحم محرم ومحرم وهو من لا يحل نكاحه كالأم والبنت والأخت والعمة والخالة”(9).

وتجمع الرحم على أرحام لا يكسر على غير ذلك ومنه قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء: 1]قال الأزهري: “من نصب أراد واتقوا الأرحام أن تقطعوها ومن خفض أراد تسألون به وبالأرحام وهو قولك نشدتك الله وبالرحم”(10).

ومادة ر ح م تدل على الرحمة والتعطف والرقة لذلك تكون الرحمة والمودة والتعطف بين من تجمعهم رحم واحدة، وجاء في مختار الصحاح: رحم: الرَّحْمَةُ الرقة والتعطف و المَرْحَمَةُ مثله وقد رَحِمَهُ بالكسر رَحْمَةً و مَرْحَمَةً أيضا و تَرَحَّمَ عليه و تَرَاحَمَ القوم رَحِمَ بعضهم بعضا والرَّحَمُوتُ من الرحمة يقال رهبوت خير من رحموت أي لأن تُرهَب خير من أن تُرحَم و الرَّحِمُ القرابة، والرَّحْمنُ الرَّحِيمُ اسمان مشتقان من الرحمة ونظيرهما نديم وندمان.(11)

في الاصطلاح:

والصلة في الاصطلاح كما يفهم من المعنى اللغوي هي: الرحمة والتعطف والترحم والإحسان بمن تجمعك معهم قرابة، فصلتهم هي الرحمة والرقة لهم، والإحسان إليهم، وهو يختلف بحسب حال الواصل والموصول يقول النووي -رحمه الله- وأما صلة الرحم فهي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول فتارة تكون بالمال وتارة بالخدمة وتارة بالزيارة والسلام وغير ذلك.(12)

وفي الفتح: وصلة الرحم بالمال ونحو عون على حاجة ودفع ضرر وطلاقة وجه ودعاء والمعنى الجامع إيصال الممكن من الخير ودفع الممكن من شر وهذا إنما يطرد إن استقام أهل الرحم فإن كفروا وفخروا فقطيعتهم في الله صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى.(13)

وأما صلة الله -عز وجل- لمن وصل رحمه فهي كما يقول العلماء وحقيقة الصلة العطف والرحمة فصلة الله -سبحانه وتعالى- عبارة عن لطفه بهم ورحمته إياهم وعطفه بإحسانه ونعمه أوصلتهم بأهل ملكوته الأعلى وشرح صدورهم لمعرفته وطاعته؟. (14)

حكم صلة الرحم:

لا شك أن صلة الرحم واجبة بالجملة على المسلم، وقطع صلة الأرحام من الكبائر كما بينت الأحاديث النبوية الكثيرة الواردة في ذلك وسيأتي الحديث عنها إن شاء الله في ثنايا هذا البحث.

قال القاضي عياض -رحمه الله-: “ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية كبيرة قال والأحاديث في الباب تشهد لهذا ولكن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مستحب لووصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له لا يسمى واصلا”(22).

والرحم عامة وخاصة, فالرحم العامة تشمل كل المسلمين وهي رحم الإسلام والدين، ورحم خاصة وهي رحم القرابة يقول العلامة القرطبي-رحمه الله-: والرحم عامة وخاصة فالعامة رحم الدين ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان والمحبة لأهله ونصرتهم والنصيحة وترك مضارتهم والعدل بينهم والنصفة في معاملتهم والقيام بحقوقهم الواجبة كتمريض المرضى وحقوق الموتى من غسلهم والصلاة عليهم ودفنهم وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم، وأما الرحم الخاصة وهي رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة كالنفقة وتفقد أحوالهم وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالأقرب فالأقرب.(23)

فضل صلة الرحم:

فقد ورد في النصوص الشرعية ما يدل على أن قطعية الرحم معصية كبيرة، ومرتكبها مرتكب لأثم فضيع، فالوعيد فيها شديد في الدنيا والآخرة، وكذلك ورد من النصوص ما يدل على فضل صلة الأرحام وما له من الأجر والثواب فيعجل له الخير في الدنيا، وينال المكارم في اليوم الآخر وقد ورد من الفضائل لهذا العمل أحاديث كثيرة ولعل من أهم هذه الفضائل هي أن صلة الرحم من أسباب القرب من الجنة والبعد عن النار: مصداق ذلك ما رواه أبو أيوب -رضي الله عنه- أن أعرابيا عرض لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في سفر فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها ثم قال: يا رسول الله أو يا محمد أخبرني بما يقربني من الجنة وما يباعدني من النار قال فكف النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم نظر في أصحابه ثم قال: «لقد وفق أو لقد هدي, قال: كيف قلت»؟ قال: فأعاد, فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم دع الناقة.»(24).

فقوله: وتصل الرحم أي تحسن إلى أقاربك ذوى رحمك بما تيسر على حسب حالك وحالهم من إنفاق أو سلام أو زيادة أو طاعتهم أو غير ذلك.(25)

وفي هذا الحديث جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- صلة الأرحام من أسباب القرب من الجنة، وقد قرنها -صلى الله عليه وسلم- بعدم الإشراك بالله تعالى وقرنها بالصلاة والزكاة مما يدل على فضلها وأهميتها.

ولا شك أن كل عمل يقرب من الجنة ويباعد من النار أنه من الأعمال التي تقوي الإيمان وتزيده، فالإيمان يزيد بالطاعات والقربات كما هو معلوم.

وصله الأرحام من أحب الأعمال إلى الحق تبارك وتعالى فعن رجل من خثعم قال أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في نفر من أصحابه فقلت أنت الذي تزعم أنك رسول الله قال: نعم، قال قلت يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله قال: «الإيمان بالله»، قال قلت يا رسول الله ثم مه قال «ثم صلة الرحم»، قال قلت يا رسول الله ثم مه قال «ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، قال قلت يا رسول الله أي الأعمال أبغض إلى الله قال «الإشراك بالله»، قال قلت يا رسول الله، ثم مه قال «ثم قطيعة الرحم…»(26).

وهذا عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال لقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخذت بيده فقلت يا رسول الله أخبرني بفواضل الأعمال فقال يا عقبة: «صل من قطعك وأعط من حرمك وأعرض عمن ظلمك»(27). وهذا يدل على أن صلة الرحم من أفضل الأعمال.

.
.
.

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق جاهز للطباعة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *