مكة المكرمة مركز يابسة العالم
مكة المكرمة مركز يابسة العالم
مدخل تمهيدي للموضوع : (المساحة والهندسة)
علم المساحة والخرائط من العلوم الأساسية التي تعنى بالإسقاط الفعلي للمشروع الهندسي على أرض الواقع كما تعنى بالخرائط الكنتورية التي تستخدم في إسقاط المشاريع الهندسية .
وهنا يبدر سؤال مهم وهو ما السر الذي جعل مكة المكرمة المكان الذي يختاره الله تعالى ليكون مكان بيته الحرام ومبعث آخر أنبياءه محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا الأمر لا نعرف على وجه التحديد جوابه فهو من أمر الله وغيب الله ، إلا أننا قد نجد في بعض بحوثنا التي تجود بها قرائحنا وعقولنا القاصرة بعض الأجوبة التي قد تشبع فضولنا وشغفنا وعطشنا لعلم الله الذي لا نهاية له . ففي حقل الجيولوجيا الهندسية هنالك ما يعرف بعلم المساحة والخرائط ، وفي هذا العلم الجميل والواسع استطاع فريق علمي يرأسه الدكتور حسين كمال الدين أستاذ المساحة في إثبات أن مكة المكرمة هي مركز اليابسة في الكرة الأرضية ، وقد كان هدفه في البداية الوصول إلى وسيلة تساعد أي مسلم من تحديد مكان القبلة من أي مكان هو فيه في الأرض (قلنا في الأرض وليس على الأرض لأن الغلاف الجوي تابع لكوكب الأرض وعليه يكون الإنسان دائما داخل الأرض إلا إذا نفذ إلى الفضاء) إلا أنه توصل أثناء بحثه إلى ما يشبه النظرية الجغرافية بأن مكة المكرمة هي مركز لدائرة تمر بأطراف جميع القارات ، فقد اتجه إلى رسم خريطة الكرة الأرضية تحدد عليها اتجاهات القبلة فبعد أن قام برسم القارات حسب أبعاد كل الأماكن على القارات الستة وموقعها من مدينة مكة المكرمة ثم أوصل بين الخطوط المتساوية مع بعضها ليعرف كيف يكون إسقاط خطوط الطول وخطوط العرض عليها ، فتبين له أن مكة المكرمة هي بؤرة هذه الخطوط ، ثم رسم خطوط القارات وسائر التفاصيل على هذه الشبكة واستعان في بحثه بالعقل الإلكتروني لتحديد المسافات والانحرافات المطلوبة ، ولاحظ أنه يستطيع أن يرسم دائرة يكون مركزها مكة المكرمة وحدودها خارج القارات الأرضية ومحيطها يدور مع حدود القارات الخارجية ، وتوصل في نظريته إلى مغزى الحكمة الإلهية من اختيار مكة المكرمة مكانا لبيت الله الحرام (عن مجلة العربي العدد 237 أغسطس 1978) . وقد أكدت هذه النظرية التي وضعت في السبعينيات صور الأقمار الصناعية وتحليلاتها الطبوغرافية وطبقية وجغرافية الأرض التي أجريت في هذا العهد التسعيني للقرن العشرين الميلادي .
وحول هذا الموضوع يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنعام :
وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (الآية رقم 92) .
فلماذا مكة أم القرى ؟ . ولماذا أطلق الله تعالى على بقية الأرض لفظ من حولها ؟ . وكان الأمر يتعلق بمركز ما والأفلاك التي تدور حوله ، لنرى ماذا يفصل برنامج المعجزة الخالدة هذا الموضوع .
فضّل الله جلّ وعلا بعض الأماكن على بعض كتفضيل مكة على سائر بقاع العالم لتكون مركزا لظهور الدين الخاتم وانتشاره إلى باقي بقاع الأرض . ومعلوم أن عدد قارات العالم في الأرض سبع قارات منها خمس مأهولة بالسكان والقارتان القطبيتان خاليتان من الحياة البشرية وكذلك من المعروف أن الرقم (7) ذو أهمية كبيرة في الحقائق الكونية فهناك سبع قارات وسبعة ألوان طيف وسبع سموات (إذ أن آخر تقسيم علمي فلكي لطبقات السماء هو سبعة – من محاضرة الدكتور أنيس الراوي بعنوان الكيمياء الذرية) ، أما في القرآن فإن الرقم سبعة له دلالة وأهمية عظيمة.
فضّل الله تبارك وتعالى مكة وكرمها حين جعلها مركز جذب الإشعاعات الروحية ، مركزا يحج إليه المسلمون من كل فج عميق ، وشاءت إرادة الله تبارك وتعالى أن يوضع أول بيت للناس لعبادته وحده لا شريك له في مكة ، فهي وجهة الناس ومتجههم في الحج والعمرة وهي ذات موقع متوسط في العالم إذ أنها تمثل المعنى والمفهوم الجغرافي لوسطية الأمة الإسلاميةكما قال تعالى :
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (البقرة 143) .
وهي وسطية في الإسلام شاملة المعاني ، وسطية في التمتع بطيبات الحياة دون إفراط أو تفريط ، وسطية في الأمور العامة والخاصة فلا تبذير ولا تقتير ، ثم أنها وسطية بالموقع والمكان ولذلك اختارها الله تبارك وتعالى لتكون مهبط خاتم رسالاته . ومكة كما هو معروف تحتل موقعا متميزا منذ أقدم العصور ، وهي حتى الآن منطقة عبور القوافل التجارية .
مكة مركز التجمع الإشعاعي للتجاذب المغناطيسي بالكرة الأرضية
نعود ونتكلم بعض الشيء عن الجغرافية وعلم المساحة والخرائط الذي سبق أن أشرنا إليه فنقول : تطور علم الخرائط تطورا كبيرا بعد اختراع الأقمار الصناعية وسفن الفضاء ، وهي التي قامت ولا تزال بتصوير وجه الكرة الأرضية من أبعاد واتجاهات مختلفة وظهرت حقائق علمية عديدة لم تكن معلومة للإنسان عن مساحات ، ومسافات ، وتضاريس لقارات ، وبحار ، وجزر ، ومحيطات . وتوضع على الخرائط الجغرافية خطوط ودوائر ، أما الخطوط فهي خطوط الطول وهي عبارة عن خطوط يتصورها العلماء على سطح الكرة الأرضية ، وتصل فيما بين القطبين ، وخط الطول الأساسي فيها يأخذ رقم الصفر ، وهو الخط المار بضاحية غرينتش بالقرب من لندن ، وعدد خطوط الطول هذه هو 360 خطا نصفها شرق غرينتش ، والنصف الآخر غربه ، تساعد هذه الخطوط على تحديد المكان على سطح الكرة الأرضية . وأما الدوائر فهي دوائر يتصورها العلماء على وجه الأرض ومنها دائرة أو خط الاستواء ، وتقع في منتصف المسافة بين القطبين ودرجتها الصفر ، ثم توجد دوائر موازية لخط الاستواء هذا عند 90 درجة شماله وكذلك 90 درجة جنوبه ، والمسافة بين دوائر العرض واحدة تقريبا على خرائط العالم ، أما فائدتها فهي معرفة بعد الموقع محددا بالدرجات عن خط الاستواء شمالا أو جنوبا .
وحديثا استطاع العلماء أن يتحققوا من وسطية مكة المكرمة بواسطة الصور الحقيقية التي يصورها القمر الصناعي عندما يلتقط صورا للكرة الأرضية مبتعدا عن سطحها بما لا يقل عن مائة كيلومتر في الفضاء وهو البعد الذي تستطيع أجهزة التصوير بالقمر الصناعي أن تلتقط صورا للكرة الأرضية مشتملة على القطبين . وباستعمال أجهزة التكبير في فحص هذه الصور الحقيقية تتضح وسطية مكة بين أقصى يابسة في القطب الشمالي ، وأقصى يابسة في القطب الجنوبي. وفي النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي ، قام أحد العلماء الأمريكان والمتخصص في علم الطبوغرافيا بإجراء بحوث استنتج منها أن مكة المكرمة هي المركز المغناطيسي للكرة الأرضية ، وقد قامت بحوث هذا العلم على أساس ظاهرة كونية موجودة منذ خلق الكون ، وهي ظاهرة التجاذب في ما بين الأجرام السماوية (التجاذب المتبادل فيما بينها) ، وتصدر فاعلية هذا التجاذب من مراكز هذه الأجرام أي الكواكب والنجوم ، والكرة الأرضية شأنها شأن أي كوكب آخر ، تصدر قوة جذبها للأشياء من مركزها في باطنها ، وهي النقطة أو المركز الذي درسه ذلك العالم الأمريكي وتحقق من وجوده وموقعه والمكان الذي يدل عليه على سطح الأرض ، وإذا به يجد أن موقع مكة هو الموقع الذي تتلاقى فيه الإشعاعات الكونية ، وأعلن بحوثه هذه دون أن يدفعه على إجرائها أو إعلانها أي وازع ديني ، وبعد ذلك نشرت جريدة الأهرام القاهرية في عددها الصادر بتاريخ 4/2/1977م. نبأ العالم المصري الدكتور حسين كمال الدين الذي كان يعمل آنذاك رئيسا لقسم المساحة التصويرية بجامعة الرياض في السعودية ، تذكر فيه أنه توصل لنفس النتيجة التي توصل إليها العالم الأمريكي ، وهي أن مكة مركز التجمع الإشعاعي للتجاذب المغناطيسي بالكرة الأرضية