بحث عن الاستعمار الاقتصادي جاهز للطباعة وورد docx‎

الاستعمار الاقتصادي

هناك ظاهرة غريبة تسود العالم اليوم، وهي ظاهرة الخلل في توزيع الثروة بين الغرب وبين دول العالم الإسلامي فبينما يسكن أوروبا شرقاً وغرباً (ربع سكان العالم) تجد أنها تستأثر بأربعة أخماس دخل العالم من الثروة المالية – أما ثلاثة أرباع العالم بما فيها دول العالم الإسلامي فيعيشون على خمس دخل العالم!!
ولا يمكن تعليل هذه الظاهرة بما يدعيه الأوروبيون طبقاً لنظرية التفوق العنصري والجنسي حيث يزعمون أن الرجل الأبيض يتميز -دائماً- بالتفكير العقلي والقدرة على الاختراع والإبداع والذكاء – بينما الرجل الشرقي على نقيض ذلك فهو خامل وغير منتج ولا توجد لديه ملكة التفكير العقلي الكلي ولا القدرة على الابتكار والإبداع. والواقع أن هذا التعليل الأوروبي لظاهرة الخلل في توزيع الثروة والتقدم الغربي – تعليل باطل ينقضه التاريخ الموثق للحضارة الشرقية بصفة عامة والإسلامية بصفة خاصة.
فلقد ظهرت حضارات متقدمة علمياً في الصين والهند وشمال أفريقيا ومصر قديماً – ثم الحضارة الإسلامية في دول العالم العربي – ظهرت هذه الحضارات قبل الحضارة الأوروبية بقرون عدة من خلال نفس العقول الشرقية التي يدعي أنها بسيطة وساذجة وغير قادرة على الإبداع.
وأما عن التعليل الصحيح لظاهرة الخلل في توزيع الثروة بين الشرق والغرب فيتمثل فيما يأتي:
لقد كانت الثروة في الشرق. وكان التقدم العلمي في الشرق وكان الأوربيون يعانون من شظف العيش فانطلقوا من بلادهم إلى بلادنا رافعين ألوية الحرب والقتال لأسباب مادية غلفوها بأمور عقدية، فلقد انبهروا بهذه الحضارات فحاولوا الاستفادة منها، فانطلقت جيوش إنجلترا لنهب أموال الشرقيين من الصين وحتى الشرق الأوسط وانطلقت معها جيوش فرنسا وإيطاليا وغيرها لامتصاص خيرات المسلمين.
وحينما جاء الصليبيون إلى العالم الإسلامي لإطفاء نور الإسلام، أعجبوا بالتقدم الحضاري الذي وجدوه عند المسلمين، بل إنهم أثاروا بالفعل شهية الأوروبيين للبضائع الشرقية الفاخرة[1]. مما جعلهم يتجهون إلى استعمار بلدان العالم الإسلامي ونهب خيراته. وسرقة ثرواته الطبيعية من الذهب والمعادن والبترول التي راح ينقلها إلى أوربا كمواد خام، ثم يسوق الأيدي العاملة من أبناء أفريقيا السوداء، ثم يرد المواد الخام بعد تصنيعها لكي يشتريها أبناء العالم الإسلامي مرة ثانية وبهذا الأسلوب الماكر تحولت الثروة تلقائياً إلى جيوب أبناء الغرب وافتقرت دول العالم الإسلامي إلى هذا الحد الذي جعلها من دول العالم الثالث.
ويعترف اللورد (كرومر) الذي استعمر مصر وحكمها بين عامي 1883، و1907. بهذه السياسة الهدامة فيقول: «يمكن تلخيص سياسة الحكومة» المصرية في عهده فيما يلي:
(1) تصدير القطن إلى أوربا.
(2) استيراد المنسوجات المصنوعة في الخارج ولا تنوي الحكومة أن تقوم بأي شيء آخر، ولن تقول بحماية الصناعة القطنية المحلية.
بل اتجه الاستعمار إلى تخريب الصناعات الوطنية وجرد المسلمين منها بطريقة أو بأخرى، وهذا ما يعترف به (كرومر) مرة أخرى حين تقول:
«كانت هناك أحياء في القاهرة تعتبر مراكز فعلية لصناعات متعددة مثل: الغزل والنسيج، إنتاج الشرائط والصباغة، وإنتاج الخيام، والتطريز، والدباغة، وصناعة الأحذية، وصناعة المجوهرات، وصناعة النحاس… إلخ».
وماذا حدث لهذه الصناعات؟ يقول اللورد كرومر لقد حاولنا إخفاءها تماماً ونشرنا مكانها مقاه، ومحلات أوروبية حديثة تحوي المستحدثات والموضات بعد أن كانت في الماضي ورشاً صناعية.
وهكذا فخلال فترة الاستعمار الغربي لدول العالم الإسلامي نهبت ثروات ودمرت صناعات، وساعد العالم الإسلامي في تطوير أوربا وغناها بنفس النسبة التي ساهمت بها أوربا في تأخر دول العالم الإسلامي وإفقارها تقول السيدة (تبريزاهايتر): «عندما هزمت «شركة الهند الشرقية» البريطانية حكام السنغال المسلمين عام 1757 حصلت على المنسوجات المحلية بكل طرق التي يمكن تصورها من الاحتيال وفرض الغرامات والسجن والضرب» نعم هذا هو السبب الحقيقي وراء الخلل في توزيع الثروة العالمية اليوم.
ولقد جاهدت دول العالم الإسلامي من أجل الخروج من مرحلة الاستعمار العسكري، ونجحت في ذلك، لأنها جاهدت باسم الإسلام، إلا أنها خرجت وهي منهكة اقتصادياً ومتخلفة على كل المستويات

وإذا بالدول الاستعمارية تحول أسلوب الاستعمار من الاستعمار العسكري إلى أسلوب آخر يجعل الدول المتحررة مستعمرة في الواقع من خلال (الاستعمار الاقتصادي) والذي اخترعوا له كعادتهم – أسماء عصرية وبراقة بهدف التمويه والخداع حيث أطلقوا على الاستعمار الجديد اسم «برنامج التعاون الدولي» وذلك عن طريق القروض والمساعدات بما يستتبعه ذلك من فوائد وأرباح – التي أسموها – خدمة الديون وكلها أسماء ظاهرها الرحمة والتعاون وباطنها الاستغلال والاستعباد والسرقة.
وقد أنشأت الدول الاستعمارية الكبرى لتنفيذ هذا الأسلوب مؤسسات ادعوا أنها دولية وعالمية وهي (البنك الدولي) وصندوق النقد الدولي، ووكالة التنمية الأمريكية.
«وبرنامج الغذاء من أجل السلام» «ومؤسسة» الفاو منظمة الأغذية الزراعية وغيرها من المؤسسات الاستعمارية.

.
.
.
.
———————————————————————————————————
اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *