بحث عن تأثير التغير التكنولوجي على السياسات البترولية وورد doc

الملخص

خلال عقد التسعينات من القرن العشرين حدثت العديد من التغيرات التكنولوجية على مستوى صناعة البترول العالمية، تمثلت في انتشار العديد من التكنولوجيات المتقدمة، على سبيل المثال الطرق المتقدمة في البحث السيزمي ثنائي وثلاثي ورباعي الأبعاد، وأساليب تنمية الحقول، وطرق الصيانة الوقائية، والحفر الأفقي، وتسهيلات الإنتاج، وتقييم الاحتياطيات، وتقنيات الاستخراج وغيرها. وبدأت الدول المنتجة للبترول تسعى لتبنى وانتشار تلك التكنولوجيات الجديدة على مستوى كافة الأنشطة المرتبطة بصناعاتها البترولية، الأمر الذي يثير الكثير من الجدل والنقاش حول مدى تأثير ذلك التبني والانتشار لهذه التكنولوجيات الجديدة على السياسات البترولية في هذه الدول.
تكمن مشكلة هذه الدراسة فيما تواجهه عمليات التنمية البترولية من تحديات كبيرة، تتمثل في نضوب الاحتياطيات البترولية، ومحاولة السعي لتعويضها من خلال تبني وانتشار تكنولوجيات جديدة. وتزداد أهمية هذا الأمر في ظل حقيقة أن تعويض الاحتياطيات البترولية الناضبة غالبا ما يكون من خلال الاتجاه إلى المواقع الأبعد والأعمق أو بالأحرى الأكثر تكلفة، وبالتالي فإن الاعتماد على التكنولوجيات الحالية في انتزاع تلك الاحتياطيات الجديدة لتعويض الناضبة، من المؤكد سيكون على حساب الارتفاع الكبير في تكاليف الاستكشاف والتنمية. من هنا يكون من الضروري البحث عن تكنولوجيات جديدة متقدمة تمكن من انتزاع تلك الاحتياطيات البترولية إما بشكل أقل تكلفة من الوضع الحالي أو على الأقل بنفس معدلات التكلفة في انتزاع احتياطيات جديدة في مواقع أبعد وأعمق.
وتستهدف هذه الدراسة تقدير دوال استجابة مجالات العرض البترولي للتغيرات في كل من أطوال الخطوط السيزمية ومعدلات التقدم التكنولوجي خلال الفترة (80-2000) في مصر، وذلك من خلال استخدام مجالات تكاليف الاستكشاف ومعدلات البحث ومعدلات الناتج لكل جهد ومعدلات النجاح لتقدير استجابة العرض من النفط الخام والغاز الطبيعي، واستخدام مجال تكاليف التكرير لتقدير استجابة العرض من المنتجات المصنعة. لذلك، فتقوم الدراسة على نموذج يتكون من سبعة معادلات لتقدير دوال تلك الاستجابة، ترتكز على مناهج نظرية أصيلة. فضلا عن دراسة لحالة عملية لمجمع التفحيم في شركة السويس لتصنيع البترول تهدف للتعرف على تأثير التغير التكنولوجي على متغير التكاليف.
ونظرا للسمات الخاصة التي يتصف بها سلوك المتغيرات الاقتصادية المرتبطة بصناعة البترول، فقد سعت الدراسة قبل بدء التقدير إلى التأكد من أن كافة المتغيرات في السلاسل الزمنية ساكنة ومتكاملة للـتأكد من أن نتائج التقدير ستكون صحيحة. لهذا، فقد كان من الضروري إجراء اختبار جذر الوحدة Unit Root tests، وذلك من خلال إجراء اختبار ديكي-فولر الموسع Augmented Dickey-Fuller (ADF). ولضمان عدم حدوث مثل هذه التقديرات المضللة تم استخدام منهجية تصحيح الخطأ ECM، والتي تتطلب إجراء اختبار التكامل المشترك للتأكد مما إذا كانت المتغيرات المفسرة وغير الساكنة تتكامل مع المتغيرات التابعة في دوال التقدير المختلفة أم لا، وذلك من خلال إجراء اختبار Johansen.
هذا وقد اشتملت الدراسة على أربعة فصول رئيسية، بالإضافة إلى المقدمة والخلاصة والاستنتاجات. تناولت المقدمة مشكلة الدراسة، وفرضيتها، والهدف منها، ومنهجيتها، ومصادر البيانات ومشكلات تجميعها وأخيرا محتويات الدراسة.
لقد تناول الفصل الأول تحليل نظريات ومفاهيم التغير التكنولوجي، حيث تعرض لدراسة ماهية وأنواع التغير التكنولوجي، حيث سعى لتوصيف ما إذا كان التغير التكنولوجي يعتبر متغيرا داخليا أم متغيرا خارجيا. أيضا تعرض الفصل لتحليل محددات الاختراع والابتكار من ناحية، ومحددات الانتشار للتكنولوجيات الجديدة من ناحية أخرى.
بالإضافة إلى ذلك فقد سعى الفصل الأول أيضا لتحليل ماهية التخصص التكنولوجي، والتعرف على كيفية استخدامه في تقدير أثر التدفقات التجارية على المشاركات السوقية لمنتجات خاصة أو مجموعات المنتجات. كما تعرض الفصل لتوصيف أهم مؤشرات قياس التغير التكنولوجي، والتي تمثلت في إجمالي إنتاجية العامل TFP والإنفاق على R&D ونشاط التراخيص، والسعي للتعرف على مدى ملاءمتها لقياس التغير التكنولوجي في مجال الدراسة. فضلا عن اختبار مدى مناسبة مؤشر سلاسل الانتشار التكنولوجي لقياس التغير التكنولوجي في الصناعة البترولية. أيضا تعرض هذا الفصل لتحليل العلاقة بين التعلم التكنولوجي ونماذج الانتشار، وسعى للوقوف على المنهجية المناسبة التي تمكن من تحديد مفهوم كمي لمنحنيات التعلم أو الخبرة، تحت اعتبار أن التكاليف الرأسمالية الخاصة دالة في القدرة الموظفة المتراكمة نتيجة استخدام تكنولوجيا معينة. بصفة عامة استخلصت الدراسة من التحليل أنه من المفضل الاعتماد على أكثر من مؤشر لقياس التغير التكنولوجي في صناعة البترول، وتقترح لذلك الاعتماد على مؤشري أطوال الخطوط السيزمية ومعدلات التقدم التكنولوجي لقياس التغير التكنولوجي.
وتعرض الفصل الثاني لدراسة السياسات البترولية وتحليل التغيرات التكنولوجية المرتبطة بها، حيث تعرض لتحليل السياسات البترولية على مستوى الصناعة، التي تمثلت في الإنتاج البترولي، والاحتياطي، والعرض، والطلب والتسعير.
وقد ركزت الدراسة في هذا الفصل بشكل رئيسي على تحليل الإنتاج البترولي، حيث تم التعرض الفصل أولا لتحليل أنشطة مرحلة ما قبل الاستخراج التي تمثلت في البحث والاستكشاف، وحفر الآبار وتنميتها، واستخلاصه الأولى. كما ركز التحليل على دراسة التغيرات التكنولوجية الحادثة في كل نشاط من هذه الأنشطة. ثم تعرض التحليل لتوصيف الأنشطة الرئيسية في مرحلة ما بعد الاستخراج والتكنولوجيات المرتبطة بها. وقد تمثلت أبرز هذه الأنشطة في التكرير والمعالجة وتصنيع الغاز الطبيعي وتصنيع البتروكيماويات. أيضا تم التعرض لتحليل بعض السياسات الأخرى المرتبطة بمرحلة ما بعد الاستخراج، تمثلت في النقل والتوزيع، والمخزون والجوانب البيئية في الصناعة. ثم تناولت الدراسة بالتحليل أهم السياسات البترولية الأخرى، والتي تمثلت في الاحتياطي، والعرض، والطلب والتسعير.
بوجه عام أشارت نتائج التحليل في هذا الفصل إلى أن سياسة العرض بصفة عامة والإنتاج بصفة خاصة تعتبر من أهم السياسات البترولية التي تمثل مجالا للاستجابة للتغير التكنولوجي. كما أن الإنتاج البترولي بشكل رئيسي يصنف حسب مرحلتين، هما مرحلة ما قبل الاستخراج ومرحلة ما بعد الاستخراج. ويمثل النفط الخام والغاز -بالتحديد الغاز الطبيعي- المخرجان الرئيسيان للإنتاج البترولي في مرحلة ما قبل الاستخراج، في حين تشكل المنتجات النفطية المصنعة أو المكررة المخرجات الرئيسية للإنتاج البترولي في مرحلة ما بعد الاستخراج.
أما الفصل الثالث، فقد تناول دراسة المناهج النظرية لقياس استجابة العرض البترولي للتغير التكنولوجي. واستهدف هذا الفصل جوهريا الوقوف على إطار نظري سليم لقياس تلك الاستجابة. وفي سبيل تحقيق ذلك الهدف، تعرض الفصل لنقطتين رئيسيتين، هما الإطار النظري لاستجابة العرض البترولي من المنتجات المستخرجة (النفط الخام والغاز الطبيعي)، والإطار النظري لاستجابة العرض البترولي من المنتجات المصنعة أو المكررة. وأشارت نتائج التحليل إلى أن الدراسات الاقتصادية اعتادت استخدام مجالات تقليدية لقياس العرض والناتج من النفط والغاز، إلا إنه نظرا لوجود العديد من أوجه القصور التي ترتبط بتلك المجالات التقليدية، فقد توصلت هذه الدراسة إلى ضرورة تطوير واستخدام مجالات بديلة لقياس العرض والناتج من النفط والغاز في إطار منهج التكلفة، تتمثل في مجالات تكاليف الاستكشاف ومعدل البحث ومعدل الناتج لكل جهد ومعدل النجاح.
أما بالنسبة لاستجابة العرض من المنتجات النفطية المصنعة، فقد سعت الدراسة للتوصل إلى منهج مناسب لقياس معدل التقدم التكنولوجي داخل عمليات التصنيع النفطي. وأشارت نتائج التحليل إلى أنه يمكن التوصل إلى هذا المعدل من خلال رقم وحيد يعبر عن انخفاضات التكلفة للابتكارات الرئيسية والثانوية، وذلك عن طريق تجميع كل من الآثار الناتجة عن تبنى تقنيات جديدة (ناتج الشكل Alpha)، والآثار الناتجة عن تحسين التقنيات الموجودة (ناتج الشكل Beta).
أما الفصل الرابع، فقد تناول تقدير استجابة العرض البترولي للتغير التكنولوجي في مصر. وتم التعرض أولا لتوصيف النموذج المقترح، ثم استعراض نتائج تقدير دوال استجابة مجالات العرض البترولي المقترحة للتغير في أطوال الخطوط السيزمية ومعدلات التقدم التكنولوجي من المنتجات البترولية موضع الدراسة.
يكمن الهدف من نتائج التقديرات في التأكد من صحة أو خطأ الفرضية التي تقوم عليها الدراسة، وهي أنه من المتوقع أن يؤدى تبنى وانتشار التكنولوجيات الجديدة في صناعة البترول إلى تنمية السياسات البترولية بصفة عامة، وتنمية العرض البترولي بصفة خاصة في مصر.

ويمكن توضيح نتائج الدراسة على النحو التالي :

أولا : أنه من المتوقع حدوث انخفاض في تكاليف استكشاف النفط الخام والغاز الطبيعي في مصر نتيجة حدوث التغيرات التكنولوجية المستقبلية، حيث أنه بتقدير دوال استجابة تكاليف الاستكشاف من النفط الخام والغاز الطبيعي للتغيرات في أطوال الخطوط السيزمية ومعدلات التقدم التكنولوجي، اتضح أن هناك علاقة عكسية بين تلك المؤشرات كمتغيرات مستقلة وبين تكاليف الاستكشاف كمتغير تابع، إلا إن هذه العلاقة جاءت ضعيفة بالنسبة للزيت الخام الذي ثبتت له استجابة تتفق مع المنطق الاقتصادي للتغير في مؤشر أطوال الخطوط السيزمية. في حين لم تثبت هذه الاستجابة بالنسبة للتغير لمعدل التقدم التكنولوجي، ولم تأتي متفقة مع المنطق الاقتصادي. ويفسر ذلك بأن عمليات المسح السيزمي لا تزال تمثل التقنية الرئيسية التي تحدث تأثيرات واسعة على تخفيض تكاليف الاستكشاف للنفط الخام في مصر.
على العكس كان الوضع بالنسبة للغاز الطبيعي الذي جاءت استجابته معنوية بدرجة ثقة 99% ومتفقة مع المنطق الاقتصادي بالنسبة للتغير في معدلات التقدم التكنولوجي. في حين لم تثبت هذه الاستجابة بالنسبة للتغير في أطوال الخطوط السيزمية ولم تتفق مع المنطق الاقتصادي. ويمكن تفسير ذلك بأن عملية استكشاف الغاز الطبيعي لا تزال تخضع لانتشارات تكنولوجية مغايرة إلى حد ما لانتشارات المسح السيزمي وبخاصة ثنائي الأبعاد هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ربما تستجيب عملية استكشاف الغاز الطبيعي للتغيرات في المسح السيزمي ثلاثي الأبعاد أكثر من استجابتها للمسح السيزمي ثنائي الأبعاد خلال فترة الدراسة.
على الجانب الآخر، فإن تأثير النضوب المقدر من خلال معامل متغير الاحتياطيات المتراكمة كان غير معنوي إحصائيا لكافة المعادلات المقدرة. إلا إنه كان ملحوظا أن ذلك التأثير كان ذو إشارة سالبة تتفق مع المنطق الاقتصادي بالنسبة للنفط الخام، في حين كانت إشارته مخالفة لما هو متوقع في النظرية بالنسبة للغاز الطبيعي.
ولعل هذه النتيجة تؤكد أن هناك تأثيرات إيجابية للتغير التكنولوجي على تكاليف استكشاف الغاز الطبيعي. ولكن هل هذا الانخفاض في التكاليف قادر على تعويض وموازنة الارتفاع في التكاليف الناتج عن نضوب الاحتياطيات، إن نتائج التقديرات لم تؤكد ذلك، حيث أن تأثير النضوب على الرغم من أنه جاء متفقا مع المنطق الاقتصادي، إلا إنه لم تثبت معنويته. لذلك، فإن يجب الحذر عند الأخذ بنتائج تأثير التغير التكنولوجي على مستويات التكاليف.
ثانيا : بتقدير دوال استجابة معدلات البحث عن منتجات النفط الخام والغاز الطبيعي للتغيرات في كل من أطوال الخطوط السيزمية ثنائية الأبعاد ومعدلات التقدم التكنولوجي، فقد اتضح أن المعاملات المقدرة جاءت معنوية بدرجة ثقة 90%، وكانت تتفق مع المنطق الاقتصادي للنفط الخام، في حين أنها جاءت غير معنوية بالنسبة للغاز الطبيعي رغم أنها أيضا كانت تتفق مع المنطق الاقتصادي. أما بالنسبة لمعادلات استجابة معدل البحث بالنسبة لمؤشر معدل التقدم التكنولوجي، فقد كان ملحوظا وجود استجابة معنوية وبدرجة ثقة مرتفعة في حالة النفط الخام، في حين أن تلك الاستجابة جاءت متفقة مع المنطق الاقتصادي، ولكنها غير معنوية في حالة الغاز الطبيعي. ويؤكد ذلك أن التعلم والخبرة تلعب دورا في تفسير التغير في معدلات البحث والاستكشاف، إلا إن هذا الدور كان جوهريا في البحث عن النفط الخام ولم يكن جوهريا مع الغاز الطبيعي.
ثالثا : عند تقدير دوال استجابة الناتج لكل جهد للتغيرات في أطوال الخطوط السيزمية ومعدلات التقدم التكنولوجي، اتضح اتفاق تلك الاستجابة مع المنطق الاقتصادي في كل الحالات باستثناء استجابة الناتج لكل جهد من النفط الخام للتغير بالنسبة لأطوال الخطوط السيزمية، إلا إن تلك الاستجابة جاءت ضعيفة للغاية بوجه عام.
رابعا : أما بالنسبة لتقدير دوال استجابة معدلات النجاح، فإن المعاملات المقدرة كانت معنوية جوهريا لمعادلتي استجابة معدلات النجاح للنفط الخام، وجاءت إشاراتها موجبة كما هو متوقع في النظرية الاقتصادية. أما بالنسبة لمعادلتي الغاز الطبيعي، فلم تثبت استجابة معنوية سوى لمؤشر أطوال الخطوط السيزمية بالنسبة للغاز الطبيعي بدرجة ثقة 95%. أما مؤشر معدل التقدم التكنولوجي، فقد جاء بإشارة سالبة مخالفة للمنطق الاقتصادي. ويؤكد ذلك على أنه لا يزال قياس التغير التكنولوجي بمؤشر أطوال الخطوط السيزمية -التي تمثل نتاج حقيقي لأحدث التكنولوجيات المتبناة خلال عقدي الثمانينات والتسعينات- يعتبر المقياس الأكثر معنوية لقياس مدى استجابة كفاءة الصناعة المصرية سواء للنفط الخام أو للغاز الطبيعي.
خامسا : وبالنسبة لدالة استجابة تكاليف التكرير للتغير في معدلات التقدم التكنولوجي، فقد جاءت هذه الاستجابة غير متفقة مع المنطق الاقتصادي رغم أنها معنوية بشكل كبير. ويمكن تفسير ذلك بأن صناعة التكرير المصرية لا تزال في المراحل الأولى لتبنى التكنولوجيات الجديدة وأنها لم تحقق اقتصاديات الإنتاج التجاري حتى الآن، الأمر الذي يؤدى إلى أن كل تبنى لتكنولوجيا جديدة يقود إلى مزيد من الزيادة في التكاليف دونما وصول الصناعة للحد الذي تحقق معه الانخفاض في هذه التكاليف.
سادسا : أما بالنسبة لدراسة الحالة العملية لمجمع التفحيم لشركة السويس لتصنيع البترول، فقد تبين من نتائج التقدير أن تحسينات الطريقة الأولى قد أدى إلى انخفاض في إجمالي التكاليف – التي تتضمن تكاليف التشغيل مضافا إليها التكاليف الرأسمالية – بنحو 17.9% خلال الفترة (83-2000/2001) أو بمتوسط سنوي 1.1%. كما أنه بإضافة نسبة الانخفاض في إجمالي التكاليف نتيجة تحميل الطريقة الجديدة (15.6%) إلى نسبة الانخفاض السنوي في التكاليف نتيجة التحسينات المدخلة عليها (1.1%)، ينتج رقم إجمالي بنحو (16.7%) والذي يقيس معدل التقدم التكنولوجي الحادث نتيجة التحميل الأول والتحسينات المدخلة على مجمع التفحيم.
بصفة عامة، فقد اتضح وجود استجابة معنوية للعرض البترولي من النفط الخام لمؤشرات التغير التكنولوجي بنسبة 75%، في حين لم تثبت هذه الاستجابة للغاز الطبيعي سوى بنسبة 25%. الأمر الذي يمكن بناء عليه استنتاج صحة فرضية الدراسة بوجود استجابة معنوية للعرض البترولي للتغير التكنولوجي في حالة النفط الخام، في حين عدم ثبوت صحتها بالنسبة للغاز الطبيعي. أما بالنسبة للمنتجات المكررة، فلم تثبت صحة فرضية الدراسة، حيث لم تثبت استجابة معنوية لتكاليف التكرير لمعدل التقدم التكنولوجي.
هذا ويمكن للدراسة في ضوء تقدير دوال استجابة العرض البترولي في مصر في إطار التغيرات التكنولوجية الحادثة التوصل إلى مجموعة من التوصيات التي يمكن الاسترشاد بها في صنع القرار البترولي، والتي تتمثل في ضرورة التركيز على تبني المزيد من التكنولوجيات الجديدة في عمليات الاستكشاف والتنمية في الصناعة المصرية، وبخاصة في قطاع الغاز الطبيعي الذي ثبتت له استجابات معنوية وبدرجة كبيرة للتغيرات التكنولوجية الحادثة على مدى الفترة من عام 1980 إلى 2000. كما توصي هذه الدراسة بعدم الاعتماد على تراكم المعرفة والخبرات في إحداث أثر واسع في تخفيض التكاليف، وتفضيل الاعتماد على التغيرات التكنولوجية المرتكزة على طرق إنتاجية أو فنية جديدة. بالتحديد، توصي هذه الدراسة باتجاه الصناعة المصرية إلى تبني وانتشار المسوحات السيزمية متعددة الأبعاد، حيث أنه إذا كانت هناك استجابة معنوية للمسح السيزمي ثنائي الأبعاد في تخفيض تكاليف الاستكشاف وزيادة معدلات النجاح، فإنه من المؤكد أن تبني وانتشار المسح السيزمي ثلاثي ورباعي الأبعاد سيقود إلى تخفيضات أكبر وأشمل في مستويات تلك التكاليف.
أيضا توصي هذه الدراسة بالتركيز على قطاع الغاز الطبيعي الذي اتضح أنه يمكن أن يحقق انخفاضات جوهرية في تكاليف استكشافه من خلال تبني المزيد من التكنولوجيات المتقدمة. إلا إنه يجب الحذر الشديد عند التنبؤ بمستويات هذا الانخفاض في التكاليف، فعلى الرغم من التفاؤل الكبير الذي اتضح من نتائج التقدير من حيث توقع انخفاض مستويات تكاليف الاستكشاف للغاز الطبيعي، وأيضا زيادة معدلات النجاح في استكشافه. إلا إنه من ناحية أخرى لم تثبت استجابة معنوية لتأثير النضوب في صناعة الغاز، الأمر الذي يثير مخاوف كبيرة من احتمال عدم مقدرة الانخفاض في التكاليف الناجم عن التغير التكنولوجي على موازنة الزيادة في التكاليف الناجمة عن نضوب الاحتياطي. الأمر الذي قد ينجم عنه في النهاية إما البقاء عند نفس مستويات التكلفة أو ارتفاعها. وبالتالي، فإن هذه الدراسة تضع أمام صانعي القرار حقيقة هامة، وهي أن الاتفاقيات المستقبلية لبيع الغاز الطبيعي والتي تتم في الغالب بأسعار تقل عن مستويات الأسعار الحالية يمكن أن يكون لها مدلولا خطيرا في المستقبل في حال ارتفاع التكاليف حتى مع حدوث تغيرات تكنولوجية. لذلك، فإنه من الهام جدا السعي لرصد والتنبؤ بمستويات هذه التكاليف وبدقة في ظل اتضاح الصورة عن التغيرات التكنولوجية المحتمل تبنيها وانتشارها على مدى الفترة الزمنية التي يراد عقد اتفاقيات بيع مستقبلية فيها.

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق جاهز للطباعة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *