فن التعامل مع الطلاب
تمر التربية بأزمات خطيرة وتحديات صعبة لا تخفى عليكم ، فواقع العصر الذي نعيشه وما طرأ على المجتمع من تغيّرات اجتماعية واقتصادية وإعلامية وثقافية ……؛ أثّـر سلباً على التربية والتعليم، فساهم في ظهور سلوكيات ممقوتة عند بعض الطلاب خاصة في المرحلتين المتوسطة والثانوية ، ومما زاد في ذلك تخلي بعض الأسر عن دورها التربوي.
والقضية التي سأطرحها بين يديكم من أهم القضايا التي تشغل بال المعلمين والمعنيين بالتربية إنها: ( فن التعامل مع الطلاب ). فهي من أهم المهارات التي يجب على المعلم إجادتها وإتقانها . وفي هذه النشرة التربوية سينصب حديثنا على ثلاث قواعد رئيسة .
القاعدة الأولى : مفاهيم خاطئة للشخصية .
يعتقد بعض المعلمين أن التعامل مع الطلاب برفقٍ وشفقةٍ ورحمة ٍ وإحسانٍ ، وأن النزول إلى مستواهم ضعفٌ في الشخصية. ويرى البعض أن قوة الشخصية ترتبط بالشدة المفرطة والعبوس والتعسف والجور وذلك بجعل الفصل ثكنة عسكرية . ويزداد الأمر سوءاً عندما يضع بعض المعلمين حواجز مصطنعة بينهم وبين الطلاب من خلال نظرتهم التشاؤمية. كما أفرط بعض المعلمين في تعاملهم مع الطلاب بترك الحبل على غاربه متنكبين وفارين من المسئولية الملقاة على عاتقهم متحججين بذرائع هشة وأوهام خاطئة .
ولو تساءلنا لماذا يملك هذا المعلم حب الطلاب واحترامهم داخل وخارج المدرسة ؟ بينما نجد المعلم الآخر لا يملك إلا بغضهم وكراهيتهم !! إذاً لابد من وجود خلل !!
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فهو المعلم والمربي والقائد ، فقد كان يحسن إلى البر والفاجر والمسلم والكافر. قال تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم : {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر } آل عمران /159. وانظر أخي المعلم إلى رفقه عليه الصلاة والسلام بالأعرابي الذي بال في المسجد ، وحلمه على الشاب الذي استأذنه في فعل فاحشة الزنا ، فهما خير دليل على نظرته التربوية الصائبة . ولا غرابة في ذلك ، وهو القائل : ” إن الرفق ما يكون في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه ” رواه مسلم .
القاعدة الثانية : مؤهلات مطلوبة لكسب الطلاب .
لكي ينجح المعلم في كسب الطلاب لابد أن يكون مؤهلاً تأهيلاً نفسياً وعلمياً وتربوياً . وأهم هذه المؤهلات “القدوة الحسنة ” فعلى المعلم أن يتحلى بالصبر والحلم والأناة والحكمة والشفقة والرحمة والتواضع ، وأن يكون على دراية بأحوال الطلاب وخصائص المرحلة التي هم فيها ومتغيرات الزمان وفلسفة التربية وأن يبتعد عن المثالية فطالب اليوم ليس كطالب الأمس . كما أن حسن المظهر وقدرة المعلم العلمية وفنه في إيصال المعلومة من المؤهلات الضرورية التي تساهم بشكل كبير في جذب الطلاب واحترامهم وحبهم للمعلم وتفاعلهم معه .
القاعدة الثالثة : كيف تكسب الطلاب ؟
لكسب الطلاب عليك أخي المعلم بهذه الخطوات العشر :
1-كن سمحا ً هاشاً باشاً ليناً سهلاً ، وأكثر من السلام عليهم تمتلك قلوبهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ” .
2- ابتعد عن العبوس وتقطيب الجبين ، واترك الشدة المفرطة فإنها لا تأتي بخير، ولا تكثر من الزجر والتأنيب والتهديد والوعيد. (رفقٌ من غير ضعف وحزمٌ من غير عسف ).
3-لا تسخر منهم أو تحتقرهم ، وجرّب النصيحة الفردية معهم .
4-أكثر من الثواب والثناء عليهم ، واستمر في تشجيعهم .
5- اعدل بين طلابك ، ولا تحابي أحدهم على الآخرين .
6- اعف عن المسيء وأعطه الفرصة لإصلاح خطئه ، ثم عالج الخطأ باعتدال .
7-لا تضع نفسك في مواضع التهم ،ولا تستخدم طلابك في أمورك الشخصية وقضاء حاجاتك
8- أدخل الدعابة والفكاهة عليهم ولا تبالغ في ذلك .
9- تحسس ظروفهم ، وساهم في حل مشكلاتهم ، وتعاون مع المرشد الطلابي في ذلك، وأشعرهم بأنك كالأب لهم أو الأخ الأكبر تغار على مصلحتهم ويهمك أمرهم .
10- ابذل كل جهدك في إفهامهم المادة واصبر على ضعيفهم وراع الفروق الفردية بينهم ، ونوع في طرق تدريسك ، وسهّل الأمر عليهم ، ولا ترهقهم بكثرة التكاليف المنزلية .
وأخيراً أخي المعلم: تذكر أمانة المهنة وجسامة الدور وأهمية التربية واحتسب الأجر والثواب وأخلص النية ، فأنت الأمل بعد الله في إصلاح الجيل، ولا تجعل من المعوقات والمحبطات والحالات الشاذة عذراً للتقاعس وعدم العمل . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته ” .
وقال الشاعر : إذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام