بحث عن المجالات السلمية في الطاقة النووية جاهز doc‎

تعتبر الطاقة النووية اليوم بديلاً مهمًا عن النفط والغاز بتحوّلها حلمًا لعلماء الطاقة النوويّة قبل الحرب العالمية الثانية، إلى واقع خلال السنوات 1940 – 1945، عندما تمّ بنجاح إختراع وإختبار أول مفاعل نووي أو سلاح نووي. وقد حدث تطوّر هائل في التقنيّة النووية خلال العقود الأربعة الماضية، وأصبحت العلوم النووية أساسًا في بعض الأبحاث الطبية والزراعية والصناعية.

 

يرتبط إمتلاك دولة ما للتقنية الضرورية لإنتاج الطاقة النووية إرتباطًا وثيقًا بإمكان إقدام هذه الدولة على إنتاج السلاح النووي، الأمر الذي حدا المجتمع الدولي والدول الكبرى على إبرام العديد من المعاهدات في إطار سعيها إلى الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، وإلى ممارسة ضغوط كبيرة ووضع العراقيل في وجه الدول الساعية لامتلاك التكنولوجيا النووية على الرغم من أن امتلاك هذه التكنولوجيا يعتبر من الناحية القانونية حقًّا مشروعًا.

 

يُعوَّل على الطاقة النوويّة أن تصبح أعظم مصادر الطاقة في العالم بالنسبة للإضاءة والتسخين وتشغيل المصانع وتسيير السفن وغير ذلك من الإستخدامات. من ناحية أخرى، يخاف العالم من الطاقة النوويّة لأنّها تُستخدَم أيضًا في صنع أعظم القنابل والأسلحة تدميرًا، كما أنّ بعض نتائج عمليّة الإنشطار تكون سامّة للغاية.

3-الإستخدامات السلمية للطاقة

أ- في إنتاج الطاقة الكهربائية

في العام 1954 تمَّ إنشاء أوّل مفاعل نووي لإنتاج الطاقة الكهربائية في الإتحاد السوفياتي سابقًا. وفي العام 1956، أُنشئت في بريطانيا أوّل محطّة لتوليد الكهرباء تعمل بالطاقة النووية في أوروبا. وخلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، إتسع نطاق إستخدام الطاقة النووية في مجال توليد الطاقة الكهربائية في العديد من دول العالم. إلى أين ستقودنا المفاعلات النوويّة؟ ولاسيما وأن الطاقة النوويّة تزوّد دول العالم بأكثر من 16% من الطاقة الكهربائيّة، فهي تمدّ 35% من إحتياجات دول الإتحاد الأوروبي. واليابان تحصل على 30% من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة النوويّة، بينما تعتمد بلجيكا وبلغاريا والمجر وسلوفاكيا وكوريا الجنوبية والسويد وسويسرا وأوكرانيا على الطاقة النوويّة لتزويد ثلث إحتياجاتها من الطاقة، لأن كمية الوقود النوويّ المطلوبة لتوليد كميّة كبيرة من الطاقة الكهربائية أقلّ بكثير من كمية الفحم أو البترول اللازمة لتوليد الكميّة نفسها. فطنٌّ واحد من اليورانيوم يقوم بتوليد طاقة كهربائية أكبر بملايين من براميل البترول أو ملايين الأطنان من الفحم.

تشغل المحطّات النوويّة لتوليد الطاقة مساحات صغيرة نسبيًا من الأراضي بالمقارنة مع محطّات التوليد التي تعتمد على الطاقة الشمسيّة، فقد أكّدت اللجنة التنظيميّة للمفاعلات النوويّة على أننا بحاجة إلى حقل شمسي بمساحةٍ تزيد عن 35 ألف فدّان لإنشاء محطّة تُدار بالطاقة الشمسيّة لتوليد طاقة تعادل ما تولّده المحطّة النوويّة بمقدار 1000 ميغاوات.

ب- في مجال الطب والصيدلة

الطبّ النوويّ هو فرع من علم الطبّ، تُستخدم فيه مواد النظائر المشعّة لتحديد المرض ومعالجته. هذه المواد أما أشعّة النظائر وأما أدوية معلّمة (وضعت لها علامات) بمواد أشعّة النظائر. يتمّ تزريق هذه المواد لتحديد الداء وقياس نسبة الأشعّة المجازة للمريض. في هذا القسم قد يشار إلى أمور من شأنها تحديد سرطان البروستات وعلاجه وسرطان الكولون والأمعاء الصغيرة وبعض حالات سرطان الصدر، وكذلك تحديد الغدد السرطانية ودراسة غدد المخّ والصدر والأعراض الوريديّة وتصوير أمراض القلب وسوى ذلك مثل تحديد فقر الدم. إلى ذلك، أدّى التطوّر الكبير للتقنيات المعتمدة في إستخدام النظائر المشعّة في تشخيص الأمراض إلى تطوير كبير في قدرة الأطباء على التشخيص الدقيق لمختلف الحالات المرضية، ممّا كان له الأثر الكبير في نجاح إستخدام العلاجات المستخدمة. فقد تمكّن الأطبّاء من تحديد حجم الدم في جسم الإنسان وتحديد حجم البلازما والكريات الدموية كلّ على حدة، ومن دراسة الدورة الدموية في الشرايين وتحديد أماكن الضعف بها، كما تمّ تشخيص أمراض عضلة القلب وتحديد مدى الضيق في صمّاماته وتحديد كفاءتها.

أما في العلاج، فلعلّ أهم النجاحات التي لقيتها الأساليب النوويّة في الطب كانت في عمليات علاج الأورام السرطانيـة، وفي حالات الذبحة الصدرية وهبوط ضغط الدم. كما وفّرت النظائر المشعّة إمكانيات هائلة لعلوم الصيدلة من خلال إستخدام المواد الكيميائية والصيدلانية الموسومة النظائر المشعّة، فقد أصبح ممكنًا بصورةٍ دقيقة التعرّف على تأثير الدواء ومساره وتحوّلاته داخل جسم الإنسان أو النبات، وكان من أعظم النجاحات لاستخدام تلك المركبات الموسومة، هو تفهّم آلية عمليات التمثيل الغذائي سواء في الإنسان أو النبات.

ج- في مجال الزراعة وإنتاج الغذاء

دفع إستخدام النظائر المشعّة بالعلوم الزراعية وعلوم الأراضي وفيزيولوجيا النبات أشواطًا كبيرة إلى الأمام، ممّا أدى إلى ظهور عصر جديد يمكن أن نسمّيه عصر الزراعة النووية. فقد أمكن باستخدام النظائر والإشعاع دراسة خصائص العلاقة الثلاثية بين الأرض والنبات والماء والوصول إلى حقائق أساسية ومعلومات رائدة لم يكن من الممكن الحصول عليها، إلا باستخدام النظائر المشعّة والإشعاع. فقد تمّت دراسة الأراضي ونوعياتها وخصائصها ومكوّناتها، وأساليب إنتقال الغذاء والماء من خلالها إلى النبات وأثر كل ذلك في نموّ النبات، وكذلك تعتبر دراسة إمتصاص الأسمدة والمبيدات من الخطوات الحاسمة التي ساعدت على ضبط عمليّة التسميد.

وإذا كان تطوير آليات الإنتاج الزراعي وتفهّمها لرفع الإنتاج قد أدّيا إلى نتائج إيجابية واضحة، فإن إستحداث ما يُسمّى بالطفرات النباتية (أي التحوّلات الوراثية المفاجئة)، قد أدّى إلى نتائج باهرة. فقد إستخدمت بعض أنواع الأشعة للتأثير على الجينات النباتية وإحداث طفرات فيها لتحسين المحاصيل الزراعية بإشراف منظّمة الأغذية والزراعة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي هذا المجال تجري مدارس علمية عديدة جهودًا رصينة ومنهجية لإنتاج مختلف أنواع الطفرات لجميع أنواع المحاصيل، نذكر منها على سبيل المثال: القمح، الشعير والذرة.

أخيرًا، لا تكتمل حلقة تعظيم الإنتـاج، الزراعي من دون أن نتطرّق إلى عنصر الحفاظ على الغـذاء بالإشعاع. وفي هذا المجال تمّ التوصّل إلى أساليب لحفظ الغذاء لمدّة طويلة بعد مرحلة الإنتاج، وذلك باستعمال بعض الإشعاعات النووية، ولاشك بأن أهمية كل ذلك تتضح إذا ما علمنا أنه في القرن الحادي والعشرين يمكن أن يقتصر تداول الغذاء من خلال التجارة الدولية على الغذاء المشعّ فقط، باعتباره نظيفًا ومأمونًا من الناحية الصحية.

د- في مجال  الصناعة

تستخـدم المصادر والمواد المشعّة على نطاق واسع في التطبيقات الصناعية على المستوى العالمي لإجراء العمليات الصناعية أو ضبط جودة المنتجات. وذلك من خلال استخدام المعامل والماكينات التي تعتمد في تشغيلها على نظم الضبط الإشعاعية. ففي صناعة النفط مثلاً تستخدم النظائر المشعّة لتحديد سرعة تدفّق النفط عبر الأنابيب وفي صناعة الرقائق تستخدم المصادر المشعّة في ضبط سماكة الرقائق وتعديلها.

 

.

.

.

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق    

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *