التعريف بسورة ق
القرآن الكريم هو كلام الله الذي نزل على رسوله الكريم ليكون مناراً للمسلمين في دنياهم ومنقذ لهم في الأخرة، للقرآن الكريم مكانة كريمة وعظيمة للغاية ولهذا أقسم به الله سبحانه وتعالى في أول سورة ق، وقال تعالى (ق، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)، سورة ق من أكثر السور التي ركز عليها رسول الله في خطبه ودروسه للمسلمين لما فيها من عبر ومواعظ للهم.
تعريف سورة ق
نجد أن تعريف سورة ق بشكل عام ومختصر، هي سورة مكية نزلت قبل هجرة الرسول الله صل الله عليه وسلم، ولكن باستثناء الآية رقم ثماني وثلاثين فهي في المدينة، وعدد آياتها 45 آية، وهي رقم أربعة وثلاثون في الترتيب من حيث النزول على رسول الله صل الله عليه وسلم، والسورة الخمسين في ترتيب سور القرآن في المصحف، وهي تتكون من 373 كلمة، وتتواجد سورة ق في القرآن الكريم في الجزء السادس والعشرين، وقد نزلت قبل سورة البلد وبعد سورة المرسلات.
دروس من سورة ق
جمعت سورة ق بين العديد من صفات التوحيد والمعاد والدنيا والكفار، وجاءت في بدايتها بالقوة والقدرة العظيمة، حيث ذكر فيها قدرة الله وقوته، ولكن سورة ق لم تأتي بقوة الهلاك والبطش، بل جاءت بقوة الحجة والبرهان وطريقة هدي الناس وبيان طريق الحق لهم، حتى يتمكنوا من الوصول إلى الحقيقة.
قال الله تعالى في أول السورة في قسم بالقرآن الكريم: (ق، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) وختم حديثه عن القرآن وقوة بيانه وكشفه الحقيقة، في الآية رقم 45 قال (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) وهذا يدل على أن القرآن الكريم فيه كل الحجج والأقوال التي تساند الحق وتزهق الباطل، وأننا علينا أن نواجه الباطل بالقرآن الكريم.
وتأتي الآيات رقم 2 و3 و4 و5 من القران الكريم حيث يقول تعالي: (بَلْ عَجِبُوا أن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ۖ ذَٰلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ۖ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ) لقد اختار الله سبحانه وتعالي لفظ المنذر وهو من يأتي بالأخبار الغير جيدة التي ستقع، فهي تتناسب مع الكافرين الذين كذبوا رسول الله ولم يصدقوا قوله بالبعث والعذاب الذي سيكون في الأخرة للذين لا يؤمنون بالله.
قال الله تعالي هذا المنذر على أنه منهم أي من بين القوم الكافرين ولكنهم كذبوه بسبب كفرهم الذي يعمي أبصارهم عن الحق، كما أن الله يوضح تمسكهم بماضيهم ومعتقداتهم وإغلاق عقولهم حول التفكر في مدى صحة هذا الكلام من غيره.
في الآيات التالية يبدأ رب العزة في مناقشتهم وإقناعهم بالحجج والدلائل حيث قال الله تعال في الآيات (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) بْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ).
يبين الله أن الأمر سهل لمعرفة الحقيقة ما عليهم سوي النظر فوقهم ليروا خلق الله للسماء، وكيف زين الله السماء بالنجوم والكواكب وغيرها من الأجرام السماوية التي تدل على قدرة الله، والأرض كيف خلقها الله وجعل فيها من كل الكائنات زوج.
كما يذكرنا الله سبحانه وتعالي أن نفكر في ملكوت الله وخلقه، والتفكر في خلق الله والتعرف عليه والسعي وراء فهم الكون وقدرة الخالق في خلقه، وقد أختص الله عبده المنيب الذين يفكر في خلق الله، حيث فرق بينه وبين الكافرين الذين لا يرضون بالتفكر والبحث، والعبد المنيب هو العبد الذي رجع إلى الصواب والإيمان من تفكره في خلق الله.