بحث عن الفعل ونائب الفاعل جاهز doc‎

الفعل ونائب الفاعل

الفعل كلمة تدل على حدث مقترن بزمن. فأقسامه ثلاثة: فعل ماض، فعل مضارع، فعل أمر.

فإذا قلنا: فهمَ الطالبُ. سافرَ الرَّحالة. رجعَ الغائب. فإنَّ كل كلمةٍ من الكلمات: “فهمَ” “سافرَ” “رجعَ” تدلُّ بذاتها دونَ حاجةٍ لكلمةٍ أخرى، على أمرين:

أولهما: المعنى العقلي الذي توحي به الكلمة، وهوَ: الفهم، أو السفر، أو الرجوع، وهذا يُسمى الحدث.

وثانيهما: الزمنُ الذي حصلَ فيه ذلك الحدث، وهنا فإنَّ الحدث قد انتهى قبل النطق بتلك الكلمة، فهو إذن زمنٌ قد فاتَ، وانقضى قبلَ الإخبار عنه.

فإذا بدلنا صيغة تلك الكلمات، وقلنا: “يفهمُ” “يُسافرُ” “يرجعُ” فإنَّ الدلالةَ تكون على ذاتِ الأمرينِ معاً، غير أن الزمن لم يفت ولم ينقضِ، وإنما هوَ زمنٌ يحتملُ الآنَ، أو الاستقبال.

فإذا بدلنا الصيغة مرة أخرى، فقلنا: “افهم” سافِرْ” “ارجع”، دلَّت الكلمات على ذات الأمرينِ أيضاً، الحدث والزمن، لكن الزمن هنا هو: المستقبلُ فقط، إذ لا يمكن أن يتحقق الطلبُ إلا بعد انتهاءِ الطلب.

تعريف الفعل

الفعل في اللغة: الحدث. وقد عرَّف سيبويه الفعل في كتابه الكتاب فقال: ” وأما الفعل فأمثلةٌ أخذت من لفظ أحداث الأسماء، وبُنيت لما مضى، وما يكونُ ولم يقع، وما هوَ كائنٌ لا ينقطع”.

يقول محمود محمد شاكر معلقا على تعريفِ سيبويه: لا نعلم أحداً أتى في معنى هذا الكلامِ بما يوازيه أو يدانيه، ولا يقع في الوهم أيضاً أن ذلك يُستطاع. ألا ترى أنه إنما جاء في معناه قولهم: ” والفعل ينقسم بأقسام الزمان، ماض وحاضر ومستقبل”، وليس يخفى ضعف هذا في جنبه وقصوره عنه. وتبيان ذلك ما يلي، فسيبويه حينَ حدَّ الفعل في أول كتابه، لم يُرِد أمثلته التي هي عندنا: فعل ماضٍ نحو ” ذهبَ”، ومضارعٌ نحوَ “يذهب”، وأمرٌ نحوَ “اذهب”، بل أرادَ بيان الأزمنة التي تقترنُ بهذه الأمثلة، كيف هي في لسان العرب، فجعلها ثلاثة أزمنة:

زمن الماضي

الزمن الأول: هوَ المقترنُ بالفعلِ الماضي الذي يدلُّ على فعلٍ وقعَ قبل زمن الإخبار به، كقولك: “ذهبَ الرجل”، ولكن يخرجُ منه الفعل الذي هو على مثال الماضي أيضاً، لكنه لا يدل على وقوع الحدث في الماضي، نحو قولك في الدعاء: “غفر الله لك”، فإنه يدخل في الزمن الثاني، كما سيتبين

الثاني

الزمن الثاني: هو الذي عبَّر عنه سيبويه بقوله بعد ذلك: ” وما يكون ولم يقع”، وذلك حين تقول آمراً: “اخرج”، فهو مقترن بزمنٍ مُبهم مطلقٍ معلقٍ لا يدل على حاضرٍ ولا مستقبل، لأنه لم يقع بعد خروج، ولكنه كائن عند نفاذ الخروج من المأمور به. ومثله النهي حينَ تقول ناهياً: ” لا تخرج”، فهو أيضاً في زمن مبهم مطلق معلق، وإن كان على مثال الفعل المضارع، فقد سُلبَ الدلالةَ على الحاضر والمستقبل لأنه لم يقع، لكنه كائن بامتناع الذي نُهي عن الخروج. ومثله أيضاً في الفعل المضارع في قولنا: “قاتلُ النفس يُقتل، والزاني المحصن يُرجم، ويغفرُ الله للتائب” فهذه أمثلة مضارعة، لكنها لا تدل على حاضرٍ ولا مستقبل، وإنما هي أخبار عن أحكامٍ لم تقع وقت الإخبار بها، فهي أيضاً في زمن مبهم مطلق معلق، وهي كائنة عند حدوث القتل، أو الزنا، أو التوبة. ويدخل في هذا الزمن أيضاً نحو قولنا في الدعاء: “غفر الله لك، أو رحمَ الله امرءً عرف قدر نفسه” فرغم أنه على مثالِ الماضي، إلا أننا لا نريد الإخبار عن غفرانٍ مضى من الله سبحانه، أو رحمةٍ سبقت منه، ولكن نريدُ غفراناً من الله يكون، ورحمةً تحصلُ فيما بعد، فالغفران والرحمة لم يقعا إذن، لكننا نرجو بالدعاءِ أن يقع ذلك.

الثالث

الزمن الثالث: هو الذي عبر عنه سيبويه بقوله: “وما هو كائنٌ لا ينقطع”، فإنه خبرٌ عن حدثٍ كائنٍ حينَ تخبر به، كقولك: “محمد يضربُ ولده”، فإنه خبر عن ضربٍ كائن حين أخبرت في الحال ولم ينقطع الضرب بعد مُضي الحال إلى الاستقبال، ويلحق بهذا الزمن الثالث أيضاً مثال الفعل الماضي: ” استدارت الأرض، أو كنا سنغرق لكن رحمنا الله. فهو خبر عن استدارةٍ كانت، ولا زالت، ولن تبرح بعد مضي الحال. وخبر عن رحمةٍ كانت، ولا زالت، ولن تنتهي فيما يلحق من زمن، لأنها من صفات الله عز وجل.

 

وهكذا نكتشفُ أن تعريف سيبويه اشتمل على الزمن الذي أهملته بقية التعريفات لسائر النحاة، وهو الزمن المبهم المطلق المعلق الذي دلت عليه عبارة سيبويه بصياغتها الذكية والدقيقة.

نائب الفاعل

في النحو العربي هو اسم مرفوع أو في محلّ رفع، يأتي بعد فعل تام متصرف مبني للمجهول فيسند إليه، ويحل محل الفاعل الذي حُذِف لسبب من الأسباب. ويشابه نائب الفاعل في جميع أحكامه «الفاعل» من حيث الرفع وتبعية الفعل لكل منهما، ويكوّن مع الفعل جملة فعلية كاملة الأركان. ويكون الرفع في نائب الفاعل، كما هو في الفاعل، رفعاً ظاهرياً أو محليّاً أو تقديرياً.ولا يشترط أن يجيء نائب الفاعل بعد الفعل مباشرة، فقد يفصل بينهما فاصل واحد أو أكثر. ويسمَّى الفعل مع نائب الفاعل مبنيا إلى المجهول، لأنَّ الفاعل عندها مجهول خفي غير معلوم ولكنَّ آثاره فقط هي الظاهرة، ومتى ما بُنِيَ الفعل إلى المجهول وجِب حذف الفاعل ولا يُذكر بعدها، فحتّى يكتمل معنى الجملة، إذْ لا بُدَّ للفعل من لفظ يُسْنَدُ إليه، يحلُّ اللفظ الدال على ما وقع عليه الفعل محلَّ الفاعل المحذوف مثال على ذلك قولنا: «أُنْجِزَ العملُ»، فالفعل الماضي «أَنْجَزَ» بُنيَ إلى المجهول فكُسِرَ ما قبل آخره وضُمَّ كُلُّ متحرك قبله، أما “العَمَلُ” فهو في الأصل مفعول به مفتوح آخره «العَمَلَ»، ولكنه حلّ محل الفاعل المحذوف نتيجة لبناء الفعل إلى المجهول فسُمّيَ نائب فاعل وأخذ حكمه في الرفع. فيكون أصل الجملة قبل البناء إلى المجهول: «أَنْجَزَ الفَاْعِلُ العَمَلَ». وقد يأتي نائب الفاعل مصدر مؤول، ويمكن أن يكون جملة وفقاً لبعض النحاة. وينوب عن الفاعل إذا حُذِفَ مفعول به، ولا ينوب عنه غيره إذا وجد في الجملة. ويمكن كذلك أن ينوب عنه ظرف أو مصدر، ويُشترط فيهما أن يكونا متصرفين مختصين. وأيضاً الجار والمجرور، وفي بعض الحالات الاسم المجرور فقط. وقد يأتي نائب الفاعل اسماً معرباً أو مبنياً، ويكون ضميراً منفصلاً أو متصلاً أو مستتراً، ويأتي أيضاً اسم إشارة أو اسم موصول. ويكون كذلك مصدرا صريحا أو مصدرا مؤولا من أنْ والفعل أو من أنَّ واسمها وخبرها ويختص نائب الفاعل بالفعل الماضي والمضارع فقط ولا يأتي أبداً في الفعل الأمر، لكون الفعل الأمر لا يُبنى للمجهول.ولا يظهر نائب الفاعل بعد الفعل المبني للمجهول فقط، فيظهر كذلك بعد أشباهه مثل الاسم المفعول والاسم المنسوب.

التسمية

يعود أول ذكر لمصطلح «نائب الفاعل» إلى القرن السابع الهجري، حيث اصطنعه وقتها النحوي ابن مالك ووضعه في ألفيته، وفي الصورة يظهر القسم الخاص بنائب الفاعل

عُرف نائب الفاعل لدى القدماء من النحويين باسم «المفعول الذي لم يُسَمَّ فاعله»، وهذا الاسم قد اختفى تقريباً في عصرنا الحاضر، إضافةً إلى أنّ بعضا من النحويين المعاصرين لا يرون هذا المصطلح دقيقاً، وذلك لأنَّ نائب الفاعل قد يكون مفعولا به وقد يكون غير ذلك، فقد يجيء أيضاً ظرفاً أو مصدراً أو جملة أو جاراً ومجروراً. ويُفضَّل مصطلح «نائب الفاعل» كذلك لسهولة استعماله بسبب قصره مقارنة مع المصطلح الأول.[16] ويعود أولُ ذكر لمصطلح «نائب الفاعل» إلى القرن السابع الهجري، عندما سمّاه كذلك ابن مالك في ألفيته، ويُنسب إلى ابن مالك بيت شعري يقول فيه: «تَرجَمَ بِالنَّائِبِ نَجلُ مَالِكِ *** ومَا لَهُ فِي ذَاكَ مِن مُشَارِكِ».[17] وكان يُعرف قبل ابن مالك بأسماء متعددة، فسماه سيبويه (ت. 180): «المفعول الذي لم يتعدَّ إليه فعل فاعل»، وكما يظهر في الاسم فإنَّ سيبويه لم يتعرف على نائب الفاعل وهو عنده مفعول به، رغم أنَّه ذكر بناء الفعل إلى المجهول. وسماه الفراء (ت. 207): «ما لم يسم فاعله»، وهو يقصد نائب الفاعل بطريقة غير مباشرة بالإشارة إلى فعله المبني إلى المجهول. وعرفه المبرد (ت. 285) باسم يشابه مصطلح سيبوبه: «المفعول الذي لا يُذكر فاعله». وسمّاه ابن النحاس (ت. 338): «المفعول الذي لم يسم فاعله»، وأخذ بهذا المصطلح الزبيدي. وسمّاه أبو علي الفارسي (ت. 377) «المفعول به في المعنى». أما أبو منصور الجواليقي (ت. 540) فأطلق عليه «المفعول الذي جعل الفعل حديثاً عنه». وعندما طرح ابن مالك مصطلحه المختصر، لقي ترحيباً وانتشاراً، واستقر النحاة عليه. إلا أن هناك من عارض ابن مالك في مصطلحه أو فقط استخدم غيره، ففي بعض الأحيان يُطلَق على نائب الفاعل «القائم مقام الفاعل».

أمّا أول من حاول شرح المعنى الاصطلاحي لنائب الفاعل فلعله ابن الحاجب، فكتب يقول: «[نائب الفاعل هو] كل مفعول حذف فاعله، وأقيم هو مقامه. وشرطه أن تتغيّر صيغة الفعل إلى فُعِلَ ويُفْعَلُ»، وعرّفه كذلك ابن هشام والأزهري. ويذهب نحويون آخرون إلى توحيد المصطلحات بين الفاعل ونائبه، فيقصدون بالفاعل كليهما ، ومن هؤلاء ابن يعيش. ونجد أيضاً أنَّ الزمخشري والجرجاني يكتبان أن نائب الفاعل هو فاعل اصطلاحاً، ولا وجود لنائب الفاعل عندهما، وأخذ بهذا الرأي أيضاً نحاة معاصرون مثل إبراهيم مصطفى ومهدي المخزومي.

 

يُطلق مصطلح «نائب الفاعل» على ما يحلُّ محلَّ الفاعل بعد حذفه، أي ما ينوب عن الفاعل في إسناد الفعل إليه، ولهذا سُمِّيَ نائبه. وسُمّيَ كذلك أيضاً لأن نائب الفاعل – بعد أن كان مفعولا أو غيره – أخذ أحكام الفاعل بعد حذفه، من حيث الرفع أو نوع تبعية الفعل للفاعل. ولا يُقصد بمصطلح «نائب الفاعل» أنَّ المفعول به يقوم بالفعل بدلاً من الفاعل، فالمفعول به حتى وإنْ حلَّ محل الفاعل فيظل مفعولا في المعنى.

 

.

.

.

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق    

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *