بحث عن القانون الجنائي جاهز للطباعة وورد docx‎

 

القانون الجنائي Criminal Law

تعريف القانون الجنائي:

القانون الجنائي: هو عبارة عن مجموعة قواعد قانونية تحدد الافعال المجرّمة, وتبيّن العقوبات المقررة لهذه الافعال, كما تحدد أصول اجراءات تتبع المتهم, وضبطه, ومحاكمته, وتنفيذ العقوبة بحقه.

  • اذاً القانون الجنائي يتناول قواعد موضوعية ويتمثل في (قانون العقوبات)
  • وقواعد شكلية اجرائية وتتمثل في(قانون الاجراءت الجنائية )
  • والقواعد الموضوعية تنقسم الى :

قانون العقوبات العام  و قانون العقوبات الخاص

تعريف قانون العقوبات العام:

او تعريف القانون الجنائي العام ,او تعريف الاحكام العامة للنظام الجزائي كلها تدل على نفس المعنى الذي هو :

  • مجموعة القواعد القانونية التي تحدد الافعال المجرّمة والعقوبات المقررة لها.

علاقة القانون الجنائي بغيره من القوانين:

اولا : صلة القانون الجنائي بالإداري:

نجد ان القانون الجنائي يحمي:

أ)الوظيفة العامة من الاستغلال والاتجار بها وذلك عن طريق : تجريم الرشوة واختلاس المال العام , واستغلال أي اموال . هنا جدير بالذكر ان (الفعل وان كان بسيط يعتبر جناية ) أي الرشوة وان كانت بثمن قليل وبخس تعتبر جناية يعاقب عليها القانون.

ب) يحمي ايضاً الموظف العام من الاعتداء عليه بالسب او القذف او الاهانة ويرجع سبب التدخل( أي تدخل القانون الجنائي بالإداري) ان الجزاء الجنائي اشد واقوى من الجزاء الاداري.

ثانيا: صلة القانون الجنائي بالقانون المدني:

القانون الجنائي يحمي الكثير من المصالح المدنية مثل:

أ)حماية الثقة في المحررات( المحرر مثل صك الملكية) وذلك بمعاقبة من يقوم بتزويرها وتجريم فعله او من يستعمل هذه المحررات مع علمه بأنها مزورة.

ب) حماية الحق في الملكية من (السرقة والنصب والتبديد والاتلاف) .

وايضا هنا القانون الجنائي اشد واقوى من القانون المدني

من امثلة الجزاءات المدنية :

( فسخ العقد ,اعادة الحال الى ما كان عليه ,واذا لم يستطع التعويض, وغيرها من الجزاءات) وهنا نرى فعليا ان الجزاءات الجنائية اكثر ردعا من الجزاءات المدنية . لذلك يرتبط القانون الجنائي بالمدني لأنه اكثر منه قوة وشدة.

ثالثا: صلة القانون الجنائي بالقانون التجاري:

القانون التجاري يحمي المراكز القانونية التجارية مثل( الشيك) اذا لم يكن به رصيد يعاقب القانون الشخص الذي قام بإصداره,, وايضا في حالة الغش التجاري( العقوبة تكون الحبس في هذه الحالة) .

رابعا: صلة القانون الجنائي بالقانون الدولي العام:

تأتي من خلال حماية القانون الجنائي من خلال جرحى الحرب ولو كانوا من الدولة المضادة (الاعداء) فلو قام شخص بالاعتداء على الجرحى فذلك يعاقب عليه, كما يحمي ايضا رؤساء الدول الاجنبية بقواعد جنائية خاصة.

أهمية التشريع الجنائي الاسلامـــــــي:

  • الجانب العلمي:

حيث عرف التشريع الجنائي الاسلامي كل النظريات التي نشاهدها في كل القوانين الوضعية(مثال للقوانين الوضعية القانون الفرنسي والجزائري والقانون الوضعي يكون جميعه وكله من وضع السلطة التشريعية) فقد سبقت الشريعة الاسلامية القوانين الوضعية في المبادئ المهمة في القانون الجنائي منها على سبيل المثال لا الحصر:

1) مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات: (والمقصود لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ). ومصدر هذا المبدأ نجده في القرآن الكريم في قوله تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ومن الحديث الشريف ( ان الله حد حدودا فلا تعتدوها, وفرض اشياء فلا تضيعوها ,وحرم اشياء فلا تنتهكوها, وسكت عن اشياء رحمة بكم لا نسيان فلا تبحثوا عنها).

2) مبدأ عدم رجعية الجزاء الجنائي: ويقصد بهذا المبدأ ان القانون الجنائي لا يطبق بأثر رجعي على الافعال التي ارتكبت قبل نفاذ القانون. وقد تضمن القرآن الكريم آيات صحيحة على عدم رجعية الجزاء الجنائي قوله تعالى (عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه) وقوله تعالى ( الا ما قد سلف).

  • الجانب العملي:

حيث طبقت الشريعة الاسلامية لأكثر من 13 قرن ولا يوجد أي قانون في العالم طبق بنفس هذه المدة ومازالت تطبق حتى الآن ولو انحصر تطبيقها في بعض الاماكن مثل ( المملكة العربية السعودية وإمارة الشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة).

تعريف الجريمة وبيان تقسيماتها:

  • تعريف الجريمة في القانون الوضعي:

تعرف الجريمة على انها سلوك ارادي غير مشروع, يصدر عن شخص مسؤول جنائياً, في غير حالات الاباحة, عدواناً على مال او مصلحة او حق محمي بجزاء جنائي.

  • تعريف الجريمة في الفقه الإسلامي:

يعرف الماوردي الجريمة بأنها “محظورات شرعية زجر الله تعالي عنها بحد أو تعزير”.

  • ويقصد بالمحظورات الشرعية أي الأشياء التي حرمها الشارع علي المكلفين. ويمكن القول بأن المكلف ارتكب محظور شرعي إذا توافرت فيه الشروط الآتية:

1- أن يكون هناك أمر أو نهي من الشارع للمكلف .

2- قيام المكلف بسلوك سواء كان إيجابي أو سلبي بحيث يخالف ما أمر به الشارع أو نهي عنه.

3- ألا يكون هناك استثناء بإباحة السلوك.

  • يقصد بالزجر العقوبة التي تترتب علي مخالفة أوامر أو نواهي الشارع.

تقسيم الجرائم:

  • تنقسم الجرائم من حيث جسامتها إلى جنايات و جنح و مخالفات.

فإذا كان هذا الأثر شديد الإيلام قاسي الوقْعُ والنتيجة أُطلق عليه اسم

( جناية )

وإذا كان الأثر أقل من هذا درجة أو اخف وقعاً قيل أن الجرم ( جنحة ).
أما إذا كان الأثر تافها هيناً والنتيجة بسيطة أُطلق على الجرم اسم

( مخالفة ) .

وطبقاً لذلك فالجنايات اشد الجرائم خطورةً و وجسامةً ، والمخالفات أبسطها أثراً وأقلها خطراً ، والجنح تأتي وسطاً بين الجنايات والمخالفات من حيث الجسامة والخطر .

  • تقسيم الجرائم في الفقه الجنائي الإسلامي :
  • الحدود: “محظورات شرعية زجر الله عنها بعقوبة مقدرة تجب حقا لله تعالي”. وجرائم الحدود تقع اعتداء علي المصلحة العامة ومن ثم لا يجوز تخفضيها أو زيادتها أو العفو عنها. وجرائم الحدود محددة علي سبيل الحصر وهم سبعة جرائم :

1- السرقة   2- قطع الطريق (الحرابة)   3- الزنا   4- القذف   5- شرب الخمر   6- البغي   7- الردة.

  • القصاص: “عقوبة مقدرة سلفا من الشارع تجب حقا للأفراد”. والقصاص يتعلق بجريمة القتل أو قطع الأطراف. ونظرا لأنه يقع اعتداء علي حق الفرد وليس المجتمع فيمكن أن تحل الدية محل القصاص وذلك بشرط أن يعفو ولي الدم.
  • التعزير: “عقوبة غير مقدرة تجب حقا لله تعالي أو لآدمي، في كل معصية ليس فيها حد ولا قصاص ولا كفارة. وتصدر من ولي الأمر.

أركان الجريمه:

  • ركن معنوي
  • ركن مادي

يقوم الركن المادي (في الجريمة التامة) على ثلاثة عناصر هي:

  • السلوك الإجرامي
  • النتيجة الإجرامية
  • علاقة السببية بين السلوك والنتيجة.
  • السلوك الإجرامي:
  • السلوك الإجرامي هو مادة الجريمة، بل هو أداة الجاني في مخالفة القاعدة الجنائية.
  • والسلوك الإجرامي يتمثل في النشاط الإرادي الخارجي الذي يصدر عن الجاني ليحقق النتيجة الإجرامية التي يعاقب عليها القانون.
  • فالجريمة تبدأ بفكرة في ذهن الجاني قد يصرف النظر عنها وقد يصمم على تنفيذها. هذا ما يعرف بمرحلة التخطيط
  • والمشرع (المنظم) الجنائي لا يعاقب على هذه المرحلة:
  • النوايا الآثمة والمقاصد الشريرة ما لم تخرج إلى حيز الوجود في شكل سلوك مادي ملموس فإنه يستحيل التعرف عليها.

والمشرع الجنائي لا يعاقب على الأفعال التي تعد من قبيل الأعمال التحضيرية وهي الأعمال المادية التي يباشرها الجاني استعدادا لتنفيذ الجريمة كإعداد الجاني السلاح الذي ينوي استخدامه في الجريمة. ويرجع عدم العقاب على الأعمال التحضيرية :

  • لكونها لا تشكل خطرا يهدد المجتمع .
  • ولتشجيع الفاعل على العدول عن تنفيذ مشروعه الإجرامي.
  • واستثناء قد يرى المشرع تجريم بعض صور التصميم على الجريمة والتحضير لها، من ذلك : جريمة محاولة قلب نظام الحكم في الدولة، وجريمة تكوين عصابة لمهاجمة طائفة من السكان أو مقاومة رجال السلطة العامة في تنفيذ القوانين. فالمشرع يعاقب على هذه الجرائم باعتبارها جرائم مستقلة قائمة بذاتها لا بوصفها مرحلة في الجريمة المراد ارتكابها.

صور السلوك الإجرامي:

قد يكون السلوك الإجرامي في صورة ارتكاب فعل يحظره القانون وهو الأمر في الجرائم الإيجابية، وقد يكون في صورة عدم القيام بفعل يأمر به القانون وهو الأمر في الجرائم السلبية.

السلوك الإيجابي: يتوافر بعنصرين:

 حركة (أو أكثر) مادية

هو كل حركة عضوية إرادية تصدر من الجاني ليتوصل بها إلى ارتكاب جريمته. ويستوي في نظر القانون أن تقع هذه الحركة العضوية بأية كيفية أو باستخدام أداة تنفذها أو دون استخدام أية أداة، فمثلا القتل قد يقع بوسيلة قاتلة بطبيعتها كسلاح ناري، وقد يقع بوسيلة غير قاتلة بطبيعتها ولكن تؤدي إلى إحداث الوفاة بحسب قصد الجاني منها وطريقة استخدامه لها كركل المجني عليه الى الموت ، بل إن القتل قد يقع حتى ولو لم يلامس الجاني جسم المجني عليه مباشرة كأن يضع له في فراشه ثعباناً ساماً أو يلقي عليه متفجراً.

  • إرادة تنصرف الى هذه الحركة .

الحركات العضوية بمفرها لا تكفي في الفعل لكي يكتسب قيمته الجنائية بل يلزم توافر عنصر أخر نفسي يتمثل في الإرادة التي تسبب الحركة العضوية،

فإذا صدرت الحركة العضوية بغير قوة الإرادة فإنها حركة آلية لا تنسب إلى صاحبها.

مثال : فإذا أصيب شخص بإغماء مفاجئ فسقط على طفل فأصابه بجراح فان فعل الإصابة لا يسند إليه بل إلى قوة الجاذبية الارضية، وبالتالي فلا جريمة في هذا الفعل.

عناصر السلوك السلبي:

السلوك السلبي : وهو يقوم بتوافر عنصرين:

احجام ارادي ( أي عدم الحركة )

لا يتألف الركن المادي في جرائم السلوك السلبي من مجرد إحجام الجاني مجردا وإنما من ذلك الإحجام الذي يترك فيه الجاني أداء عمل معين يلزمه القانون بالقيام به .

عدم تنفيذ التزام قانوني تحميه قاعدة جنائية

إن الإحجام المؤثم هو ذلك الذي يرتب عليه المشرع الجنائي آثارا جنائية ، فإذا لم يكن هناك واجب قانوني يفرضه القانون فلا جريمة في حق من أحجم عن الفعل، كمن يشاهد طفلا يعبث بأسلاك كهربائية عارية فلا يحذره حتى يصعقه التيار فيقتله، أو يشاهد غريقا فلا ينقذه…الخ.

 

صور السلوك السلبي:

  • الامتناع: هو إحجام الجاني عن القيام بعمل إيجابي يفرضه عليه القانون في ظروف معينة ولا يترك أثراً في العالم الخارجي. وهذا لا يتحقق إلا في الجرائم التي لا يتصور وقوعها إلا سلباً، مثل الامتناع عن أداء الشهادة، الامتناع عن قيد المواليد أو الوفيات، الامتناع عن سداد الرسوم أو الضرائب.
  • الترك: وهو الإحجام عن عمل إيجابي يفرضه عليه القانون في ظروف معينة الذي يترك أثراً في الواقع الخارجي. وهذا لا يتحقق إلا في الجرائم التي يتصور وقوعها إيجاباً وسلباً، كعدم إرضاع الأم لوليدها كي يموت، كحبس شخص في مكان دون إطعامه فيموت جوعاً.

* اذاً السلوك هو مادة الجريمة , فلا يتصور وجود جريمة بغير سلوك.

النتيجة الاجرامية:

هي حقيقة قانونية تتمثل في كل اعتداء يحدثه الجاني بسلوكه الاجرامي فيصيب به مالا أو مصلحة محميين جنائياً بضرر أو يعرضهما لمجرد خطر هذا الضرر , وتتمثل في ما يحدثه هذا السلوك من تغيير يطرأ على العالم الخارجي .

وهذا التغيير قد يكون مادياً : كما في جريمة القتل , وهو ازهاق روح المقتول وتعطيل جميع وظائف جسده .

أو يكون معنوياً , كما في إفشاء سر للغير.

* اذاً النتيجة الاجرامية مستقلة عن السلوك الاجرامي .

والدليل على استقلالها يتمثل في ” الشروع ” في الجريمة ., ففي الشروع لا يحقق السلوك نتيجةً اجرامية . سواءً في :

  • الشروع الموقوف : لا يتم الجاني الاعمال التي منها يتكون الفعل المكون للجريمة, فلا تتحقق النتيجة لسبب خارج عن ارادته .

كأن يهم الجاني لإعمال السلاح في غريمه فيتدخل رجل الشرطة ويمنعه من اتمام الفعل .

  • الشروع الخائب : يتم الجاني الاعمال التي من شأنها أن تحدث الجريمة , ومع هذا لا تتحقق النتيجة لسبب خارج عن ارادته

كأن يدس السم في طعام يتناوله غريمه فيأكله ومع هذا لا يموت نظراً لاسعاف الطبيب له .

توجد طائفة من الجرائم يكفي لقيامها حدوث السلوك الإجرامي ، ولذلك تنقسم الجرائم إلى :

  • جرائم ذات النتائج : هي الجرائم التي ينطوي ركنها المادي على نتيجة معينة مثل القتل.
  • جرائم شكلية : هي جرائم السلوك المجرد وتتميز بانعدام النتيجة فيها مثل جريمة حمل السلاح دون ترخيص.

الرابطة السببية:

لا يثير بحث العلاقة السببية أية صعوبة إذا كان سلوك الجاني هو العامل الوحيد الذي أدى إلى النتيجة المعاقب عليها , كمن يطلق عيارا ناريا على أخر فيقتله ، فيكفي لقيام السببية إسناد الفعل إلى الجاني .

إلا انه غالبا ما تنضم إلى فعل الجاني عوامل متعددة أخرى مستقلة عنه فتشترك معه في إحداث النتيجة الإجرامية.

وتختلف العوامل التي تتضافر في إحداث النتيجة الإجرامية فمنها :

  • ما هو سابق على السلوك الإجرامي – كأن يتم الاعتداء على شخص مصاب بمرض القلب مما يساعد على وفاته،
  • ومنها ما يكون معاصرا – كأن يطعن الجاني المجني عليه بسكين في ذات اللحظة التي يطلق فيها عليه أخر النار فيقتله،
  • ومنها ما يكون لاحقا على السلوك الإجرامي – كأن يطلق شخص النار على المجني عليه فيصيبه ولكن المصاب يهمل في العناية بإصابته مما يؤدي إلى وفاته.
  • فهل تظل علاقة السببية قائمة بين فعل الجاني والنتيجة الإجرامية على الرغم من تدخل عوامل أخرى؟  للإجابة على هذا التساؤل وجدت عدة نظريات في علاقة السببية .

نظريات السببية :

  • نظرية تعادل الأسباب

 

أن جميع العوامل التي تساهم في إحداث النتيجة الإجرامية تعتبر عوامل متكافئة متعادلة، فكل واحد يعتبر سببا في إحداث النتيجة التي لولاه لما كانت لتقع وبغض النظر عن قيمة كل سبب منفردا. فعلاقة السببية بين سلوك الجاني والنتيجة تعتبر قائمة ما دام سلوكه أحد العوامل اللازمة لتحقيقها بالإضافة إلى الأسباب الأخرى التي ساهمت معه، فسلوك الجاني هو السبب الأول الذي أدى إلى سير الأمور على النحو الذي انتهت إليه ولولاه لبقيت العوامل الأخرى عاجزة عن تحقيق النتيجة. فلو طعن شخص أخر فأصابه ونقل إلى المستشفى وهناك شب حريق أدى إلى موته حرقا ، تنسب الوفاة إلى سلوك الجاني لأنه هو السلوك الأول الذي أدى إلى سير الأمور على الوجه الذي انتهت إليه. أما إذا كان انتفاء سلوك الجاني لم يكن ليؤثر على تحقيق النتيجة فان رابطة السببية لا تقوم بين سلوكه والنتيجة التي تحققت.

  • وقد انتقدت نظرية تعادل الأسباب على النحو التالي :

1- أنها غير منطقية لأنها تؤدي إلى توسع غير مقبول في علاقة السببية إذ تحمل الجاني نتائج العوامل الأخرى التي ساهمت مع فعله في إحداث النتيجة

2- أنها تناقض نفسها حيث أنها تقر أن الأسباب كلها متعادلة في إحداث النتيجة ثم تعود وتختار نشاط الجاني وحده لتلقي عليه وحده مسئولية النتيجة.

ب- نظرية السبب الأقوى أو الفعال: 

يسأل الجاني عن النتيجة متى كان نشاطه هو السبب الفعال أو الأقوى في حدوثها، أما العوامل الأخرى التي ساعدت في إحداث النتيجة تعتبر ظروفا لا أسبابا لان فعل الجاني كان كافيا لوحده لإحداث النتيجة، فإذا قام بالدور الفعال عامل أخر سابق على فعل الجاني أو لاحق عليه فان هذا العامل يعتبر سببا لوفاة المجني عليه ، ويعد فعل الجاني مجرد ظرف ولذلك فان السببية تتطلب ارتباطا ماديا ومباشرا بين الفعل والنتيجة

وقد اخذ على هذه النظرية أنها وضعت معيارا غامضا يحتاج إلى تحديد فمتى يعتبر فعل الجاني عاملا فعالا أو أساسيا – كما أنها تضيق من نطاق السببية وبالتالي المسئولية الجنائية.

ج – نظرية السببية الملائمة : 

لا يعتبر نشاط الجاني سببا لوقوع نتيجة إجرامية معينة إلا إذا تبين أن هذا النشاط صالح لإحداث تلك النتيجة وفقا للسير العادي للأمور. فيعتبر نشاط الجاني سببا في النتيجة ولو ساهمت معه في إحداثها عوامل أخرى ما دامت هذه العوامل متوقعة ومألوفة. أما إذا تظافر مع نشاط الجاني في إحداث النتيجة عامل شاذ غير متوقع فانه ينفي رابطة السببية بين الوفاة وبين نشاط الجاني، ويسأل عن شروع في القتل إذا توافر لديه القصد .

ويقاس التوقع بمعيار موضوعي هو ما يتوقعه الشخص العادي إذا وجد في مثل ظروف الجاني ومن أمثلة العوامل المتوقعة المألوفة التي لا تقطع علاقة السببية أن يهمل المجني عليه في علاج نفسه إهمالا ينتظر عادة ممن كان في مثل ظروفه وبيئته ، أو أن يخطئ الطبيب المعالج خطأ يسيرا في علاجه ويعد من قبيل العوامل الشاذة غير المألوفة التي تقطع علاقة السببية أن يتعمد المجني عليه عدم معالجة نفسه بقصد تسويء مركز المتهم، وخطأ الطبيب في علاج المجني عليه خطأ جسيما.

موقف الفقه الاسلامي في حالة تعدد العوامل السببية:

أولاً : اذا كان سلوك الجاني وحده هو ” سبب ” النتيجة الاجرامية , فهو اذا مباشر لها .

ثانياً : اذا تكافأ سلوك الجاني مع سلوك غيره , وكان كلا من السلوكين في ذاته كافياً لتحقيق النتجة الاجرامية , اعتبر كلا منهما مباشراً للجريمة , وسئل كلا منهما عنها مسؤولية كاملة .

ثالثاً : لا يشترط في جريمة القتل ان يكون سلوك المساهم فيه مهلكا بذاته , بل يكفي ان يكون لسلوكه دخل في القتل على انفراد اصابته .

رابعاً : اذا كان الفعل مهلكاً في ذاته , فلا يحول دون اسناد النتيجة الاجرامية الى صاحبه .

خامساً : توضع حالة المجني عليه الصحية عند الاعتداء عليها من قبل الغير . ومن امثلتها , المرض , الضعف , السن

سادساً : تنقطع رابطة السببية اذا ما تدخل عامل سببي آخر يتغلب على الأول

سابعاً : يتحقق الشروع في الجريمة اذا لم تتحقق النتيجة الاجرامية لسبب خارج عن ارادة الجاني.

تطبيق:

  • كان موكب أحد المسؤولين يمر بشارع من شوارع المدينة , وقد علم بذلك عميل دولة أجنبية معادية فتربص في أحد المباني لكي يطلق الرصاص على هذا المسؤول , وفي أثناء مرور الموكب وعند مرور سيارة المسؤول . تصادف وجود أحد الارهابيين أيضاً على مقربة من هذا المكان ومعه بندقية . أطلق الأول كما أطلق الثاني عياراً نارياً في اتجاه المجني عليه الذي أصيب وأزهقت روحه .

أ- وضحي من يتحمل المسؤولية الجنائية في الواقعة المطروحة, مدعمةً اجابتك بالاسانيد القانونية  “وفقاً لموقف الفقه الاسلامي” .

ب- هل يتغير رأيك لو أثبت الطب الشرعي أن الرصاصة القاتلة خرجت من سلاح العميل الأجنبي , وأن الاخرى لم تكن لتؤدي بحياته ولكنها ساهمت في زيادة نزيف المجني عليه مما أدى الى وفاته في وقت أسرع .

تقسيم الجرائم استناداً الى ركنها المادي:

أولاً: الجرائم الوقتية والجرائم المستمرة:

 

معيار التقسيم:

هو (الزمن) الذي يستغرقه تمام الجريمة، أو الزمن الذي يفصل بين السلوك وتحقق النتيجة.

الجريمة الوقتية

هي التي لا يمتد سلوك الجاني فيها فترة من الزمن . أي أنها الجريمة التي يبدأ فيها سلوك الجاني وينتهي في برهة يسيرة أو لحظة واحدة،

مثال ذلك جريمة القتل التي تتم وتنتهي لحظة إزهاق الروح. ويلاحظ أن الجريمة تظل وقتية ولو ترتب عليها آثار تمتد خلال زمن طويل، فالسرقة جريمة وقتية رغم أن حيازة الشيء المسروق تمتد زمنا طويلاً.

أما الجريمة المستمرة  

فتتكون من فعل يقبل الاستمرار فترة من الزمن ويتطلب تدخلاً متجدداً من إرادة الجاني للإبقاء على حالة الاستمرار بعد قيامها. إخفاء الأشياء المسروقة، حيازة المواد المخدرة، حيازة الأسلحة بدون ترخيص، الامتناع عن تسليم طفل إلى من له الحق في حضانته شرعاً.

أهمية التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة :

1- من حيث بداية احتساب تقادم الدعوى الجنائية: 

  • في الجريمة الوقتية يبدأ سريان مدة تقادم الدعوى الجنائية من اليوم التالي لارتكابها،
  • و في الجريمة المستمرة يبدأ في من اليوم التالي لانتهاء حالة الاستمرار التي تستغرقها الجريمة.

 

2- من حيث تطبيق القانون من حيث الزمان:

  • لا يسري القانون الجديد على الجرائم الوقتية السابقة على نفاذه إلا إذا كان أصلح للمتهم،
  • أما الجريمة المستمرة فينطبق عليها القانون الجديد دائماً متى أدركها ولو في جزء منها قبل انتهاء حالة الاستمرار ولو كان هذا القانون الجديد أسوأ للمتهم.

3- من حيث تطبيق القانون من حيث المكان: 

  • تفترض الجريمة المستمرة تكرار ارتكابها في كل لحظة من الزمن الذي تستغرقه وهذا يعني أنها تعتبر واقعة في كل مكان قامت فيه حالة الاستمرار، فإذا امتدت الجريمة المستمرة في أكثر من إقليم فقانون عقوبات كل منها يسري عليها
  • أما الجريمة الوقتية فينطبق عليها قانون الإقليم الذي ارتكبت فيه وحده. وبالتالي تختص بنظر الدعوى عن الجريمة الوقتية المحكمة التي وقعت في دائرة اختصاصها الجريمة، بينما تختص بنظر الدعوى عن الجريمة المستمرة جميع المحاكم التي وقعت في دائرتها  حالة الاستمرار.

4- من حيث قوة الشيء المحكوم فيه: 

  • يترتب على حجية الحكم البات انقضاء الدعوى الجنائية. فالحكم الصادر في الجريمة الوقتية يحوز قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للواقعة التي رفعت بها الدعوى، ما علم منها وما لم يعلم، أي ما طرح على القاضي أو لم يطرح، فلا يجوز إعادة طرحها من جديد أمام القضاء.
  • أما الحكم الصادر في الجريمة المستمرة فانه يحوز قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة لجميع الوقائع السابقة على رفع الدعوى، فإذا تجددت حالة الاستمرار بعد صدور هذا الحكم بتدخل الجاني في الإبقاء على الوضع المخالف للقانون فان ذلك يعد جريمة مستقلة تنشأ بها دعوى جنائية جديدة.

 

ثانياً: الجريمة المتتابعة الأفعال:

هي مجموعة من الجرائم  تقع بارتكاب عدة أفعال متجانسة للاعتداء على حق معين تنفيذاً لغرض إجرامي واحد وعلى ذات المجني عليه، فهي تقوم بتوافر الشروط التالية:

1- تجانس الأفعال الإجرامية وتتابعها: تفترض هذه الجريمة أفعالاً وقتية متجانسة ومتتابعة كل منها يعد جريمة إذا نظر إليه على حده كسرقة محتويات مخزن على دفعات، وجريمة ضرب بأكثر من فعل، كاللكم، والركل، والنطح، والصفع…الخ.

2- (وحدة الغرض الإجرامي): يجب أن تكون كل الأفعال قد ارتكبت بتصميم واحد تنفيذاً لخطة إجرامية واحدة تعددت عناصرها ووسائل تنفيذها.

3- وحدة المصلحة المعتدى عليها .

4- وحدة المجني عليه: يجب أن يكون المجني عليه واحداً في الجريمة التي ترتكب بأفعال متتابعة.

أهمية تقسيم الجريمة المتتابعة الأفعال :

1- من حيث بداية احتساب تقادم الدعوى الجنائية:

  • تحتسب المدة المحددة لسقوط الدعوى الجنائية الناشئة عن الجريمة المتتابعة الأفعال من اليوم التالي لأخر فعل من أفعال التتابع الداخلة في تكوين الجريمة.

 2- من حيث تطبيق القانون من حيث الزمان:

  • يسري القانون الأشد على الجريمة المتتابعة الأفعال إذ عمل به قبل ارتكاب أخر هذه الأفعال ولو كانت بعض هذه الأفعال قد ارتكب في ظل القانون القديم الأصلح للمتهم. فدائماً يسري القانون الجديد ولو كان أسوأ.

3- من حيث تطبيق القانون من حيث المكان:

  • لما كانت الجريمة ذات الأفعال المتتابعة ينحل فيها السلوك الإجرامي إلى وحدات متجانسة من النشاط تتعاقب فيما بينها فإنها تعتبر واقعة في كل مكان ارتكب فيه فعل من الأفعال المتتابعة المكونة لها، وعلى ذلك ينطبق عليها النص الجنائي الوطني إذا ارتكبت بعض هذه الأفعال على إقليم الدولة وارتكب البعض الآخر في الخارج. وفي داخل الدولة الواحدة تختص المحكمة التي وقع في دائرتها أي من الأفعال المتتابعة.

4- من حيث قوة الشيء المحكوم فيه:

  • تنصرف حجية الشيء المحكوم فيه إلى جميع الأفعال التي سبقت صدور الحكم البات حتى وان كانت سلطة الاتهام تجهل بعضها لأنها كلها كانت محلا لجريمة واحدة. فإذا صدرت عن الجاني الذي سبقت إدانته في جريمة وقتية متتابعة أفعال أخرى لاحقة لهذا الحكم فإنها تكون أفعال جديدة وليدة إرادة إجرامية جديدة فلا يشملها الحكم السابق وان كانت من نفس النوع السابق ووقعت على نفس المجني عليه، وبالتالي فهي جرائم جديدة تستوجب عقاباً جديداً.

مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات:

مفهوم ومصدر مبدأ الشرعية:

تعرف كل القوانين الوضعية مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، فما المقصود بهذا المبدأ؟

يقصد به أنه “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص” . وقد سبقت الشريعة الإسلامية القوانين الوضعية في الأخذ بهذا المبدأ والدليل علي ذلك قوله تعالي “وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا”. ويشترط للعقاب علي الجريمة توافر شرطان هما

1- وجود حكم تكليفي بالقيام بعمل كما في قوله تعالي “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها……”. أو الامتناع عن عمل كما في قوله تعالي “ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق”.

2- عدم وجود حكم شرعي يبرر ارتكاب الفعل (سبب من أسباب الإباحة كالدفاع الشرعي).

السند الشرعي لتجريم الحدود:

  • الحدود هي “محظورات شرعية زجر الله عنها بعقوبة مقدرة تجب حقا لله تعالي”. وجرائم الحدود تقع اعتداء علي المصلحة العامة ومن ثم لا يجوز تخفضيها أو زيادتها أو العفو عنها. وجرائم الحدود محددة علي سبيل الحصر وهم سبعة جرائم 1- السرقة 2- قطع الطريق (الحرابة) 3- الزنا 4- القذف 5- شرب الخمر 6- البغي 7- الردة.
  • والسند الشرعي للزنا قوله تعالي “الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة”.
  • أما السند الشرعي في القذف قوله تعالي “والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون”.
  • وفي السرقة قول الحق تبارك وتعالي “والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكلا من الله”.
  • وفي الحرابة قال الله تعالي “إنما جزاؤا الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض……”.

أما  شرب الخمر :

  • وقد حرمت الخمر تدريجيا كما قال العلامة ابن كثير رحمه الله في تفسيره: (…نزلت في الخمر ثلاث آيات، فأول شيء نزل: {يسألونك عن الخمر والميسر} الآية [البقرة: 219]، فقيل: حرمت الخمر. فقالوا: يا رسول الله، ننتفع بها كما قال الله تعالى. قال: فسكت عنهم، ثم نزلت هذه الآية: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} [النساء: 43]. فقيل: حرمت الخمر، فقالوا: يا رسول الله، إنا لا نشربها قرب الصلاة، فسكت عنهم. ثم نزلت: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} [المائدة:90]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حرمت الخمر”).
  • وفي البغي يقول الله تعالي ” وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله…….”.
  • وأخيرا فإن السند الشرعي في الردة هو السنة النبوية حيث ورد في الحديث الشريف من بدل دينه فاقتلوه.

السند الشرعي للقصاص:

  • القصاص هو “عقوبة مقدرة سلفا من الشارع تجب حقا للأفراد”.

والقصاص يتعلق بجريمة القتل أو قطع الأطراف. وتحل الدية محل القصاص إذا نزل ولي القتيل عن الحق في القصاص أو المجني عليه.

وسند عقوبة القتل العمد قوله تعالي ” يأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلي ……”.

سند القصاص فيما دون النفس قوله تعالي “وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص” وأيضا قوله تعالي “فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم”.

الدية:

  • في القتل العمد تكون الدية واجبة إذا نزل أولياء المجني عليه عن حقهم في طلب القصاص .
  • في القتل شبة العمد فجزاؤه هو الدية.
  • أما في القتل الخطأ فتجب الدية والكفارة.

السند الشرعي للتعزير:

لم تنص الشريعة الإسلامية علي كل جرائم التعزير كما فعلت في جرائم الحدود والقصاص والدية لماذا؟

لأن الجريمة تتطور بتطور المجتمع ولهذا فقد تركت الشريعة الإسلامية لولي الأمر أن يجرم هذا النوع المتغير من الجرائم التي تضر بمصلحة المجتمع. ويمكن تقسيم التعزير إلى ثلاثة أقسام علي النحو الآتي:

  • التعزير علي المعاصي: يكون في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة. فما المقصود بالمعصية؟ المعصية هي ترك ما أوجبته الشريعة وعمل ما نهت عنه من أمثلة ذلك (الشروع في السرقة، الشروع في الزنا، النصب والتزوير الرشوة).
  • التعزير للمصلحة العامة: التعزير هنا يكون مجرد تدبير وليس عقوبة مثال ذلك وضع المجنون في مصحة للأمراض العقلية حتى لا يؤذي الناس، تأديب الصغار علي ترك الصلاة.
  • التعزير على المخالفات: التعزير علي فعل المكروه وترك المندوب . ويشترط للعقاب عليه الاعتياد ويتوافر بتكرار الفعل مرتين علي الأقل.

نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث الزمان

  • القواعد القانونية عموماً لا تتصف بالديمومة والخلود , فهي قابلة للتغيير بتغير الزمن لتواكب تطور المجتمعات . وطبعاً القاعدة الجنائية كذلك.
  • ولذلك فالشريعة الاسلامية بتمامها وكمالها تركت عقوبات بعض الجرائم تعزيراً لولي الأمر وذلك لأن الجريمة تتطور بتطور الزمن.
  • ينحصر موقف القاعدة الجنائية من الواقعة الجنائية في أحد الفروض الثلاثة:

1- أن تجرم الواقعة الجنائية لأول مرة , فتخرجها من مجال المشروعية الجنائية لتدخلها مجال اللامشروعية الجنائية.

2- أن تنزع عنها وصف اللامشروعية الجنائية فتعيدها بالتالي الى مجال المشروعية الجائية , فتصبح مباحة بعد أن كانت مجرّمة .

3- أن تعدل قاعدة قاعدة جنائية سابقة تعديلاً قد يفيد المتهم , وقد يسيء اليه.

  • أولاً تجريم سلوك كان مشروع مشروعاً جنائياً:
  • وذلك تطبيقاً لمبدأ مشروعية الجرائم والعقوبات , وهو أن لاا جريمة ولا عقوبة الا بنص .
  • بالتالي فالمقنن يحدد سلفاً ما يعتبر من سلوك الانسان جريمة , ويبين العقوبة المقررة لها .
  • اذاَ لا يطبق النص الجديد الا على ما يرتكب مستقبلاً في ظله من سلوك يعتبر جريمة , لا على الأفعال السابقة على تاريخ نفاذه .
  • ويستفاد من هذا المبدأ أمران وهما وجهين لعملة واحدة :

1- أن يطبق النص الجديد بأثر فوري أو مباشر من يوم نفاذه على كل واقعة قع في ظله

2- أن لا يطبق بأثر رجعي على الوقائع السابقة على تاريخ نفاذه .

وذلك من منطلق العدالة .

  • تطبيق لهذه القاعدة :

أصدر المقنن المصري في 28 من مارس 1956 بإضافة المادة 324 مكرر لقانون العقوبات, وفيها يعاقب – لأول مره في تاريخ التقنين المصري : « كل من تناول طعاماً أو شراباً في محل معد لذلك ولو كان مقيماً فيه , أو شغل غرفة أو أكثر في فندق أو نحوه , أو استأجر سيارة معدة لللإيجار, مع علمه أنه يستحيل عليه دفع الثمن أو الأجره أو امتنع بغير مبرر عن دفع ما استحق من ذلك أو فر دون الوفاء به.

اذاً بناءً على ذلك فإن كل فعل من هذا القبيل ارتكب قبل العمل بالقاعدة الجنائية التي تضمنها هذا النص يفلت من التجريم , ولا يخضع بالتالي للعقوبة المذكورة .

  • ثانياً:اباحة سلوك كان من قبل مجرماً:

للمشروعية الجنائية صورتان :

أ- مشروعية اصلية .

ب – مشروعية استثنائية .

  • المشروعية الأصلية مستمدة من مبدأ ان الاصل في الاشياء والافعال الاباحة مالم يجرم ذلك نص جنائي .

لا يخضع السلوك لأي قاعدة جنائية مجرمة , سواء في هذا ان يكون مرجعه الى انه لم يجرم من قبل اصلا , او انه سبق تجريمه ولكن المقنن الغى نص التجريم فاصبح السلوك مباحا اباحة اصلية .

  • اما المشروعية الجنائية الاستثنائية , فتتحقق في الحالة التي فيها يكون السلوك معاقبا عليه .

فيبيحه رغم الابقاء على القاعدة المجرمة . في هذه الحالة نكون بصدد قاعدتين جنائيتين : الاولى تجرم السلوك وتعاقب عليه , الثانية تبيحه استثناء . من امثلة ذلك ارتكاب السلوك المكون للجريمة في حالة دفاع شرعي .

  • وتبرير ذلك ان السلوك إذا ما اصبح مشروعا جنائيا – أي مباحا – انتفت الحكمة من معاقبة من سبق ان ارتكبه في ظل النص الملغي الذي كان يجرمه , واقتضت العدالة والمساواة بين المكلفين اباحة السلوك – ولو بأثر رجعي – بالنسبة لجميع المكلفين , استجابة لرغبة الجماعة التي رأت نزع صفة اللا مشروعية عن السلوك الإجرامي واعتباره مشروعيا جنائيا .

واعمالا لهذه الحكمة , فانه يستوي- في مجال الافادة من اباحة السلوك الذي كان من قبل مجرما – ان يكون المتهم قد حوكم عن هذا السلوك وصدر حكم بات بإدانته , او ان تكون محاكمته مازالت جارية.

  • ثالثاً : تعديل القاعدة الجنائية الجديدة للعقوبة الواردة بالقاعدة القديمة:

 1-التعديل اما ان ينشئ مركز لغير صالح المتهم .

2-أو ان ينشئ مركز لصالحه.

اولاً :  التعديل الذي يسيء الى المتهم/

تتحقق الاساءة الى المتهم :

1- اذا انصرف التعديل الى تشديد العقوبة الاصلية .

2- اذا ابقى على العقوبة الاصلية ولكنه شدد العقوبة التبعية او التكميلية .

3- اذا عدل الاثار الجنائية المترتبة على الجريمة تعديلاً يسيء الى المتهم.

ثانياً: التعديل لصالح المتهم/

شروط تطبيق القاعدة الجنائية الجديدة الأصلح للمتهم

  • الشرط الأول :

أن يكون القانون الجديد ( أصلح ) للمتهم من القانون القديم.

( الأصلح ) للمتهم متروك تقديره للقاضي.

  • الشرط الثاني :

أن يكون القانون الجديد ( نافذاً ) عند تحديد مركز المتهم , ولا يكفي صدوره , بل ولا نشره , لأنه قد يصدر ويؤجل نفاذه إلى تاريخ لاحق على صدوره ونشره في الجريدة الرسمية.

  • الشرط الثالث :

أن يكون القانون الجديد ( قانوناً ) إذ لا يكفي صدوره مجرد قرار إداري , أو لائحة , أو أمر من وزير معين. كما يشترط في القانون الجديد أن يكون صادراً من ذات السلطة التي أصدرت القانون الملغي أو من سلطة أعلى منها من باب أولى.

  • الشرط الرابع :

أن يكون ذلك( قبل صدور حكم بات ) في الدعوى الجنائية ضد المتهم. وذلك الشرط بما يخص تخفيف العقوبة فقط.

اما اذا كان القانون الجديد اباح السلوك الذي كان من قبل مجرما – فإنه يستوي ان يكون المتهم قد حوكم عن هذا السلوك وصدر حكم بات بإدانته , او ان تكون محاكمته مازالت جارية.

أما عن الضوابط الموضوعية , فمؤداها أن :

  1. الجنحة أصلح للمتهم من الجناية , والمخالفة أصلح له من الجنحة.
  2. العقوبة الأدنى في سلم العقوبات أصلح للمتهم من العقوبة الأعلى.
  3. إذا اتحدت العقوبتان السالبتان للحرية من حيث النوع , فالعبرة بالمدة الأقصر لتحديد ضابط العقوبة الأصلح للمتهم , فإن كانت العقوبتان غرامة , فالعبرة بالمبلغ الأقل.
  4. وقف تنفيذ العقوبة أصلح للمتهم من تنفيذها.

لحظة وقوع الجريمة :

أي وقت ارتكابها . من المهم تحديد وقت وقوع الجريمة حتى يتسنى لنا تحديد القانون الواجب التطبيق .

فاذا تبين ان لحظة ارتكابها كانت في ظل القانون القديم , خضعت لحكمه ما لم يكن القانون الجديد أصلح للمتهم .

واذا تبين ان لحظة ارتكابها في ظل القانون الجديد , خضعت لحكمه حتى ولو كان هذا القانون يسيئ الى مركز المتهم .

وينبغي قبل ذلك التفرقة بين فئتين من الجرائم :

  • الجرائم الوقتية
  • الجرائم الزمنية

الجريمة الوقتية او الفورية:

مثال : القتل بعيار ناري اذا ازهق روح المجني عليه فوراً .

فالسلوك والنتيجة وقعوا في لحظات متعاقبة في ظل ذات القانون ولم بفصل بينهما فاصل زمني يعتد به .

الجريمة الزمنية:

يوجد هنا فاصل زمني يعتد به بين السلوك الاجرامي بعد اتمامه وبين التيجة الاجرامية قبل تحققها .

ويتحقق التعاقب في ثلاث حالات :

1- الجريمة المستمرة

مثال : استعمال محرر مزور , وجريمة ايواء المتهمين أو المجرمين الفارين من العدالة .

فالجاني في هذه الحالات تدخل بإرادته على نحو متجدد ومتعاقب ليبقي على هذا السلوك .

2- الجرائم المتعاقبة

مثال : ان يقتل الجاني الحارس توطئة للسرقة

هنا ارتكب الجاني عدة افعال كل منها يعتبر جريمة مستقلة, ولكن بالنهاية يعتبرها القانون جريمة واحده مركبة لأنها ترتبط جميعها بوحدة الغرض .

3- جرائم العادة

هنا لا تقوم الجريمة الا اذا كررها الجاني مرتين في الاقل بحيث لا يفلص بينهما ثلاث سنوات ( لأن مرور أكثر من ثلاث سنوات بترتب عليه سقوط الواقعة الأولى بالتقادم )

التقادم : تغير الحالة بمرور الزمن .

مثال : الاعتياد على الاقراض بربا فاحش .

  • والقاعدة بالنسبة لهذه الانواع الثلاثة من الجرائم أن كل قانون جديد ,ولو أشد’ يطبق على هذه الجرائم لأن الجاني ثابر على تنفيذها في ظله.

والحكمة من ذلك أن الجاني وقد واصل مباشرة السلوك الاجرامي في ظل القانون الجديد رغم علمه بأنه شدد العقوبة .

استثناء القوانين محددة الفترة , والقوانين التي دعت إلى إصدارها ظروف طارئة:

 

الأصل :

أن القانون الجديد يطبق على ما يقع في ظله من وقائع , ولا يطبق بأثر رجعي على ما وقع قبل نفاذه منها .

الاستثناء :

القانون الأصلح للمتهم , فهو ينطبق على الماضي بالنسبة للوقائع السابقة على صدور القانون الجديد .

وهناك استثناء يرد على هذا الاستثناء :

مؤاده أنه إذا كان القانون مؤقتاً بمدة معينة أو كان قانوناً دعت إلى إصداره ظروف طارئة , ثم ألغي هذا القانون , فإنه يطبق على كل واقعة ارتكبت أثناء مدة سريانه ( حتى وان كان “الوضع الجديد” بعد الإلغاء أصلح للمتهم ) ولا يطبق الوضع الجديد “أي بعد الإلغاء” بأثر رجعي على وقائع وقعت قبل نفاذه لأنه اصلح.

وبذلك فقد استثنت التقنيات الجنائية القوانين محددة الفترة وتلك التي تدعو إلى إصدارها ظروف طارئة (من رجعية القانون الاصلح للمتهم) , لماذا ؟

  • حتى لا يفلت المتهم من العقاب بعد إلغائها فتفوت بالتالي الحكمة من إصدارها.

النطاق الزماني لانطباق القاعدة القانونية :

الاصل :

– القانون الجديد يطبق بأثر فوري ومباشر بعد نفاذه على جميع الوقائع التي تقع في ظله .

– القانون الجديد لا يطبق بأثر رجعي على وقائع انقضت في ظل القانون القديم .

الاستثناء :

يطبق القانون الجديد بأثر رجعي اذا كان أصلح للمتهم ,

شق التكليف – كأن يزيل وصف اللامشروعية من الفعل فيصبح مباحاً .. هنا سيستفيد المتهم حتى ولو صدر حكم بات

شق الجزاء – كأن يخفف العقوبة .. فهنا يستفيد المتهم قبل صدور حكم بات فقط .

استثناء الاستثناء :

اذا كان قانون طوارئ , بالتالي لا يتحلل منه المتهم اذا ارتكب الفعل المخالف في ظله ثم بعد ذلك تم الغاؤه .

تطبيق :

  • وقعت أحداث شغب في إحدى المدن أثناء الانتخابات فأعلنت الحكومة حالة الطوارئ في تلك المدينة ، معتبرة أن مجرد التجمع بالشوارع معاقبا عليه بالحبس , تمّ القبض على أحد الأشخاص  لمخالفته لقانون الطوارئ و في أثناء المحاكمة انتهت حالة الطوارئ و تمسك محامي الدفاع بأن فعل التجمع في الشوارع لم يعد معاقبا عليه و طالب بتطبيق القانون الاصلح للمتهم و مطالبا بالبراءة.
  • فما رأيك في هذا الدفاع مدعمة اجابتك بالأسانيد القانونية ؟!
  • الأصل :

أن القانون الجديد يطبق بأثر فوري, ولا يطبق بأثر رجعي على ما وقع قبل نفاذه منها .

الاستثناء :

يطبق القانون الأصلح للمتهم , بالنسبة للوقائع السابقة على نفاذ القانون الجديد .

وهناك استثناء يرد على هذا الاستثناء :

مؤاده أنه إذا كان القانون مؤقتاً بمدة معينة أو كان قانوناً دعت إلى إصداره ظروف طارئة , ثم ألغي هذا القانون , فإنه يطبق على كل واقعة ارتكبت أثناء مدة سريانه ( حتى وان كان “الوضع الجديد” بعد الإلغاء أصلح للمتهم ) ولا يطبق الوضع الجديد “أي بعد الإلغاء” بأثر رجعي على وقائع وقعت قبل نفاذه لأنه اصلح.

القانون الواجب التطبيق:

قانون الطوارئ

السند القانوني:

وهو استثناء يرد على هذا الاستثناء :

مؤاده أنه إذا كان القانون مؤقتاً بمدة معينة أو كان قانوناً دعت إلى إصداره ظروف طارئة , ثم ألغي هذا القانون , فإنه يطبق على كل واقعة ارتكبت أثناء مدة سريانه ( حتى وان كان “الوضع الجديد” بعد الإلغاء أصلح للمتهم ) ولا يطبق الوضع الجديد “أي بعد الإلغاء” بأثر رجعي على وقائع وقعت قبل نفاذه لأنه اصلح.

التحليل: أو التعليل

بالتالي لا يصح لمحامي الدفاع في هذه الواقعه المطروحة ان يدفع ببراءة المتهم , لان المتهم ارتكب الفعل في ظل قانون الطوارئ ,بالتالي يعاقب وفقاً لقانون الطوارئ و لا يفلت المتهم من العقاب بعد إلغائه حتى لا تفوت بالتالي الحكمة من إصداره.

نطاق تطبيق القانون الجنائي من حيث المكان

أولاً – مبدأ الاقليمية

يعتبر مبدأ الإقليمية هو الأصل العام في تحديد مجال الاختصاص المكاني للقوانين الجنائية.

وطبقا لهذا المبدأ فإن قانون العقوبات يطبق على الجرائم التي ترتكب في داخل إقليم الدولة بصرف النظر عن جنسية مرتكبها.

تبرير هذا المبدأ

  • لكل دولة سيادة وسلطة على اقليمها وما يقع عليه .
  • ان عقد الاختصاص لقواعد الاقليم الذي تحققت الواقعة الجنائية داخل اقليمة يحقق عدالة جنائية أمثل :
  • لأنه يسهل على المحقق والمحكمه مباشرة الاجراءات , والتثبت من معرفة مرتكبها .
  • فيه تتوافر الادلة
  • يسهل استدعاء الشهود
  • سهولة معرفة ماضي المتهم والاحاطة بظروف ارتكاب الجريمة .
  • تحقيق العقوبة اثرها في الردع العام .

تحديد اقليم الدولة :

اقليم حقيقي ( بمقوماته الثلاثة ) :

الارض

البحر

الجو

اقليم حكمي :

يتعلق بالسفن والطائرات الوطنية , والسفارات الوطنية التي توجد في الدول الأجنبية .

الاقليم الارضي :

وتعتبر الجريمة قد ارتكبت في اقليم الدولة متى وقع في هذه الدولة الركن المادي لتلك الجريمة

سواء كاملا (سلوك ونتيجة) مثال :

– لو شخص قتل شخص ثم توفي الاخر ,  في اقليم دولة معين ..

أو ناقصا (السلوك فقط ) مثال :

– لو شخص اعطى شخص اخر سم في اقليم , ثم انتقل الاخير الى اقليم آخر وتوفي هناك .

(أو جزء من السلوك ) مثال :

– لو شخص اعطى شخص اخر بعض جرعات السم في اقليم والبعض الاخر خارج اقليم الدولة .

أو النتيجة , او كان من المحتمل تحققها ).  مثال :

– كمن يرسل من الخارج طرداً بريدياً به متفجرات ليقتل به شخص في اقليم الدولة , فيكتشف امره قبل انفجار الطرد .

(او تحققت الرابطة السببية داخل هذا الاقليم ) مثال :

  • ان يتناول المجني عليه السم خارج اقليم الدولة ثم ينتقل الى داخل اقليم الدولة ويوضع تحت مراقبة الجاني الذي يحول بينه وبين العلاج , حتى يحدث السم اثره , ثم يعود المجني عليه الى الاقليم الاول او الى اقليم ثالث ويتوفى هناك.
  • فلا عبرة في هذا الخصوص بالمكان الذي حصل فيه العزم علي ارتكاب الجريمة والتصميم عليها فقط ، ولا بالمكان الذي أعد فيه الجاني أدوات الجريمة ووسائل ارتكابها.

–  كمن يشتري سلاح وهو داخل اقليم الدولة ليقتل به شخصا خارجها  .

الاقليمين البحري والجوي :

  • الاقليم البحري : يمتد الى مسافة معينة من الشاطىء ابتداءً من ادنى مستوى الجزر . ويتبعه اقليم حكمي يتمثل في السفن
  • الاقليم الجوي : يشمل طبقة الهواء التي تغطي الاقليم الارضي الوطني , والمدى الجوي الذي يغطي البحر الاقليمي , ويلحق به اقليم حكمي يتمثل في الطائرات والمركبات الهوائية .

– ما هو القانون الواجب التطبيق على الجرائم التي ترتكب على متن السفن والطائرات؟

أولا ً : السفن والطائرات الوطنية

الأصل أن القانون المطبق على الجرائم التي تقع علي متن السفن والطائرات هو قانون العلم الذي ترفعه السفينة أو الطائرة.

أيا كان مكان وجودها وقت تحقق هذه الواقعة .

سواءً كانت وسيلة نقل مدنية أم حربية .

كما يستوي أن تكون في البحر الاقليمي الوطني ام الجو الذي يعلوه , او ان تكون في البحر العام او الفضاء الجوي العام .

 

ثانياً : بالنسبة للسفن والطائرات الأجنبية

الأصل : لا سلطان للقانون الوطني عليها طالما أن الجريمة لم تتجاوز حدود السفينة أم الطائرة , اذاً تخضع لقانون العلم الذي تحمله .

  • الاستثناء :
  • بالنسبة للسفن الأجنبية التي توجد في البحر الاقليمي الوطني لدولة من الدول.
  • حيث ينطبق القانون الوطني إذا توافرت إحدى الحالات الآتية:

– أن تهدد الجريمة أمن الدولة صاحبة السيادة على البحر الإقليمي أو تهديد أي مصلحة لها (حيازة المخدرات)

– يشترط ألا تتجاوز الجريمة حدود السفينة فإذا كان الجاني أو المجني عليه من غير ركاب السفينة وبحارتها فإن القانون الإقليمي هو الذي يحكم الجريمة.

– إذا طلبت السفينة من السلطات المحلية أن تتدخل .

  • بالنسبة للطائرات :
  • اذا كان الجاني وطنياً , او اذا كان المجني عليه كذلك .
  • اذا هبطت الطائرة عقب وقوع الجريمة في الاقليم الوطني .

وضع ذوي الحصانة من مبدأ الاقليمية

طبقا لهذا المبدأ فإن قانون العقوبات يطبق على الجرائم التي ترتكب في داخل إقليم الدولة بصرف النظر عن جنسية مرتكبها.

ومع هذا فإن هناك بعض الاشخاص لا يخضعون للقانون او القضاء الجنائي الوطني , رغم ارتكابهم ” جرائم ”

هؤلاء الاشخاص هم : رئيس الدولة , اعضاء المجلس النيابي , رؤساء الدول الأجنبية والمبعوثون الدبلوماسيون , رجال القوات الأجنبية المرابطون في اقليم الدولة بترخيص منها .

ويستمد هؤلاء حصانتهم الجنائية من :

القانون الداخلي الوطني ( رئيس الدولة – اعضاء المجلس النيابي )

القانون الدولي العام بالنسبة لباقي المحصنين جنائياً .

ثانياً – مبدأ العينية

مضمونه :

يطبق القانون الوطني على فئات معينة من الجرائم التي تقع خارج الاقليم الوطني. ويستوي في ذلك ان يكون الجاني وطنياً أم اجنبياً , ويستوي ايضاً ان يكون الفعل المرتكب معاقباً عليه في اقليم الدولة الاجنبية التي وقع فيها ام لا .

تبريره :

وذلك لانها تمثل عدوان يمس اموال او مصالح مهمة للدولة .

اذا هذه الفئات من الجرائم تمس الوطن في المقام الأول , ولو ترك زمام الامر للدولة التي وقعت الجريمة في اقليمها فمن الممكن ان تتراخى في ملاحقة مرتكبيها.

شروط تطبيق مبدأ العينية

– أن تقع الجريمة كلها خارج الاقليم.

2- ان تكون احدى الجرائم التي تنتمي الى فئات معينة . وهذه الجرائم على سبيل الحصر :

أ- أي جناية من الجنيات المخلة بأمن الدولة .

ب- تقليد خاتم الدولة .

ج- تقليد او تزوير العملة او السندات المصرفية او الاجنبية المتداولة شرعاً او عرفاً داخل الدولة .

ثالثاً – مبدأ الشخصية

مضمونه :

يطبق القانون الوطني اذا كان مرتكب الجريمة ( الجاني ) وطنياً ارتكب جريمته خارج الاقليم الوطني .

شروط تطبيق مبدأ الشخصية

1- أن يكون مرتكب الجريمة وطنياً لحظة ارتكابه الجريمة , أو ان يكتسب الجنسية هذه الجنسيه بعد ارتكابه للجريمة .

2- يشترط في الجريمة التي تقع خارج الاقليم الوطني ان تكون على درجة من الجسامة ( جنايه او جنحه ).

3- يشترط ان تكون الجريمة التي وقعت في الخارج معاقباً عليها في قانون الاقليم الذي وقعت فيه .

4- الا يكون مرتكب الجريمة قد جوكم نهائياً عنها في الخارج ونفذ فيه الحكم الصادر ضده او سقط عنه بمرور الزمن ( التقادم ) او بالعفو .

5- ان يكون مرتكب الجريمة قد عاد الى وطنه وان تكون عودته اختيارية .

رابعاً – مبدأ الحماية

  • يرتبط مبدأ الحماية ( او الدفاع ) بجنسية المجني عليه , فإن كان وطنياً انعقد الاختصاص للدولة التي ينتمي اليها رغم وقوع الجريمة خارج اقليمها.

 

الأشكال الخاصة للركن المادي للجريمة

يتخذ الركن المادي شكلين خاصين:                   

  1. عند عدم تحقق النتيجة الإجرامية(الشروع).

2.عند تعدد الجناة في الجريمة (المساهمة الجنائية).

الشكل الأول: الشروع في الجريمة
(الجريمة الناقصة)
:

  • في الجرائم ذات النتائج قد لا يتوصل الجاني إلى تحقيق الجريمة كاملة أي إحداث النتيجة المقصودة، وذلك بأن يوقف نشاطه الإجرامي أو يخيب أثره بسبب خارج عن إرادته، وهذا ما يسمى بالشروع .

أولا : مراحل ارتكاب الجريمة:

  • لا ترتكب الجريمة ذات النتيجة دفعة واحدة، وإنما يمر الجاني في سبيل ارتكابها بمراحل متتالية:

1- مرحلة التفكير والعزم (أو التفكير والتصميم): تبدأ الجريمة بفكرة تراود الجاني، تتصارع فيها عوامل الإقدام على الجريمة وعوامل الإحجام عنها، حتى تثبت في ذهنه فيصمم على ارتكابها، ولما كانت هذه المرحلة نفسية محضة ليس لها أي وجود مادي خارجي ملموس، فانه لا عقاب على ما يأتيه الجاني في هذه المرحلة.

  • ويلاحظ أن المنظم إذا قدر أن بعض صور إعلان النية الإجرامية والعزم عليها تنطوي على خطر معين كما هو الحال في الاتفاق الجنائي أو التهديد الكتابي أو الشفوي بارتكاب جريمة فإنه يعاقب عليها بوصفها جريمة قائمة بذاتها.

2- مرحلة التحضير للجريمة: إن الجاني متى عقد العزم على ارتكاب جريمة معينة فانه لا ينفذها على الفور وإنما يبدأ في إعداد ما يلزم لارتكابها كشراء السلاح أو تجهيز المادة السامة أو تجهيز الأدوات اللازمة لكسر الخزائن، ويشمل التحضير التواجد في المكان الذي يمكن معه تنفيذ الجريمة كالسير في الطريق الموصل إلى المكان المراد سرقته.

  • والقاعدة انه لا عقوبة على هذه الأعمال لتشجيع الفاعل على العدول وعدم التمادي في مشروعه الإجرامي، كما أن الأعمال التحضيرية ذاتها غالبا ما تكون غامضة ولا تكشف عن النية الإجرامية للفاعل. فشراء السلاح قد يكون لغرض الدفاع عن النفس أو الصيد وليس لغرض الاعتداء.

3- مرحلة البدء في التنفيذ: بعد الانتهاء من الإعداد للجريمة يبدأ الجاني في تنفيذ الركن المادي لها، وهنا يتدخل المشرع بالعقاب لان البدء في التنفيذ يهدد الحق أو المصلحة التي يحميها القانون.

  • وعندما يبدأ الجاني في التنفيذ قد يتمكن من تحقيق النتيجة الإجرامية فتقع الجريمة تامة،
  • وقد يعجز عن تحقيق النتيجة التي أراد تحقيقها لسبب خارجي لا دخل لإرادته فيه، وعندئذ نكون بصدد الشروع في الجريمة الذي يعاقب عليه المنظم،
  • وقد يعدل الجاني باختياره عن المضي في تنفيذ نشاطه الإجرامي. وهنا يرى المنظم عدم توقيع العقاب تشجيعاً للجاني على عدم التمادي في ارتكاب الجريمة إلا إذا كان سلوكه يكون جريمة أخرى مستقلة فيعاقب عليها.

4- مرحلة إتمام الجريمة: تقع الجريمة تامة إذا اكتملت أركانها وعناصرها كما نص عليها القانون وذلك بتمام النشاط الإجرامي ووقوع النتيجة الإجرامية التي أرادها الجاني.

ثانيا : أركان الشروع :

يعرف الشروع بأنه : ” البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جريمة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الجاني فيها”.

ويتضح من ذلك أن الشروع يقتصر على:

  • الجرائم ذات النتائج كالقتل أو السرقة، ولا يتصور وجوده في الجرائم الشكلية أو جرائم السلوك حيث يتكون ركنها المادي من مجرد سلوك تتم الجريمة بارتكابه أو لا يقع فلا تقوم الجريمة مثل جريمة السب و القذف.
  • الجرائم العمدية التي يسعى فيها الجاني إلى تحقيق نتيجة معينة، لان الجاني في الجرائم غير العمدية (وكذلك جرائم شبه العمد، التي هي الضرب والجرح المفضي إلى موت أو إلى عاهة والتي تسمى الجرائم المتعدية القصد)، يريد السلوك ولا يريد النتيجة ولا يسعى إليها ولذلك لا يتصور الشروع فيها.

 

ومن التعريف السابق يتضح أن الشروع يقوم على أركان ثلاثة هي:

  • البدء في تنفيذ فعل.
  • القصد الجنائي.
  • عدم تحقق النتيجة لأسباب لا دخل لإرادة الجاني فيها.

أولا : البدء في التنفيذ:

معيار البدء في التنفيذ:

لم يضع المنظم معياراً للتفرقة بين ما يعد من الأعمال التحضيرية وما يعد من الأعمال التنفيذية رغم أهمية التفرقة بينهما، حيث يدخل النوع الأول في نطاق الأعمال المباحة بينما يدخل النوع الثاني في نطاق الأعمال المعاقب عليها.

وتعرض في الواقع حالات واضحة لا يثار بشأنها أي صعوبات فيسهل التمييز بينها، كمن يشتري سلاحا أو مواد سامة  للقتل يعد عملاً تحضيرياً، أما ضبط الجاني وهو يطلق السلاح الناري على المجني عليه وإصابته في غير مقتل فانه يعد بدء في تنفيذ القتل أي شروعا فيه. ولكن هناك حالات لا تعرض دائما بهذا الوضوح، وتتأرجح بين العمل التحضيري والبدء في التنفيذ مما استدعى ضرورة البحث عن معيار واضح يميز بينهما.

اختلفت الآراء بشأن تحديد معيار التنفيذ إلى مذهبين:

المذهب الموضوعي:

يرى أنصار هذا الاتجاه أن الضابط في تحديد العمل التنفيذي من العمل التحضيري هو ارتكاب الجاني للسلوك الإجرامي المكون للجريمة كما ورد في النموذج القانوني لها، وبناء عليه فان الجاني لا يعد شارعاً في جريمة السرقة إلا إذا وضع يده على المال المراد سرقته أي بدأ في تنفيذ فعل الاختلاس الذي يقوم به ركنها المادي، أما الأفعال السابقة على ذلك فتدخل في الأعمال التحضيرية التي لا يعاقب عليها بوصف الشروع مثل تسلق سور منزل، أو كسر بابه، أو كسر الخزانة التي تحتوي على الأشياء المراد المسروقة.

  • وعلى الرغم من وضوح هذا المعيار وسهولة تطبيقه ألا انه عيب عليه أنه يضيق من نطاق الشروع في الجريمة، ويؤخره إلى مرحلة بعيدة، مما يؤدي إلى إفلات كثير من الجناة من العقاب رغم خطورة ما ارتكبوه من أفعال.

المذهب الشخصي:

  • لا يعتمد أنصار هذا الاتجاه على ماديات الفعل الإجرامي للتفرقة بين البدء في التنفيذ والعمل التحضيري، وإنما ينظر إلى الأفعال التي يأتيها الجاني والتي تكشف على خطورة الجاني وعزمه الأكيد على بلوغ النتيجة الإجرامية.
  • ولذلك لا يلزم لقيام الشروع في السرقة أن يضع الجاني يده بالفعل على المال المراد سرقته بل يكفي أن يكون قد أتى فعلاً يكون من شأنه أن يؤدي إلى ذلك حالاً ومباشرة.

ثانيا : القصد الجنائي في الشروع:

  • إن الركن المعنوي في الشروع يتمثل في قصد ارتكاب الجريمة في صورة تامة إلا أن نتيجتها لا تتحقق بسبب خارج عن إرادة الفاعل حال في اللحظة الأخيرة دون وقوعها.
  • ولذلك فان القصد الجنائي يتوافر في الشروع على نفس النحو الذي يتوافر فيه في الجريمة التامة فيتمثل في انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب النشاط الإجرامي والى تحقيق النتيجة الإجرامية مع العلم بعناصر الجريمة القانونية. أي أن يتوافر لدى الجاني العلم والإرادة عن ارتكاب عناصر الجريمة.
  • وبناء على ذلك فان الشروع يتوافر في الجرائم العمدية ولا يتصور أبداً في الجرائم غير العمدية كالقتل الخطأ لان إرادة الجاني فيها تتجه إلى السلوك الإجرامي دون إرادة تحقيق النتيجة التي تقع بسبب ما يشوب السلوك من إهمال أو عدم حيطة. وكذلك لا شروع في الجرائم المتعدية القصد (شبه العمد) كما هو الشأن في جريمة الضرب أو الجرح المفضي إلى عاهة مستديمة أو المفضي إلى موت، فالجاني لما باشر الضرب أو الجرح لم يقصد إحداث العاهة المستديمة أو الوفاة وإلا اعتبرت العاهة أو القتل عمدي، ومن ثم فانه لا يتصور الشروع بالنسبة لنتيجة لم يقصدها الجاني.

ثالثا: عدم تمام الجريمة لسبب غير إرادي:

1- صور الشروع: 

–  الجريمة الموقوفة:

هي الجريمة التي لم يستنفذ فيها الجاني كل سلوكه الإجرامي، أي هي الصورة التي يبدأ الجاني فيها نشاطه الإجرامي إلا أن هذا النشاط يوقف ولا يكتمل بسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه ، ومن ثم لا تحدث النتيجة التي كان يسعى إلى تحقيقها. مثال ذلك من يصوب سلاحه نحو المجني عليه بقصد قتله فيتدخل شخص ثالث ويمسك السلاح مناعاً الشخص من إطلاق المقذوف.

–  الجريمة الخائبة:

هي الجريمة التي يستنفذ الجاني فيها كل نشاطه الإجرامي في سبيل ارتكاب الجريمة وتحقيق النتيجة ولكن رغم ذلك لا تتحقق هذه النتيجة لسبب لا دخل لإرادة الجاني فيه، مثال ذلك من يطلق عياراً نارياً على شخص بقصد قتله ولكنه يخطئه أو يصيبه في غير مقتل ويشفى بعد علاجه. ولأن أثر الجريمة خاب رغماً عن الجاني.

الجريمة المستحيلة:

هي الجريمة التي يستنفذ فيها الجاني كل نشاطه الإجرامي ومع ذلك لا تحقق النتيجة لاستحالة وقوعها أصلاً.

فالجريمة المستحيلة تشبه الجريمة الخائبة من حيث أن الجاني استنفذ كل نشاطه الإجرامي لتحقيق النتيجة الإجرامية، ولكنها تختلف عن الجريمة الخائبة، فهذه الأخيرة ممكنة الوقوع وكان من الممكن أن تتحقق نتيجتها لولا تدخل أسباب طارئة، فلو نفذت الجريمة بمعرفة شخص أخر أكثر دراية لتحققت النتيجة. أما الجريمة المستحيلة فهي جريمة غير ممكنة الوقوع أصلاً لاستحالة تحقق النتيجة وقت مباشرة الجاني نشاطه،

كمن يطلق الرصاص على شخص بقصد قتله فإذا به ميت قبل ذلك، أو من يقوم بتزييف عمله فإذا بها قد منعت من التداول…الخ.

  • وقد ترجع الاستحالة إلى وسيلة تنفيذ الجريمة كاستخدام مادة غير سامة في القتل، وقد تتعلق بمحل أو موضوع الجريمة كما لو كان المجني عليه مات قبل إطلاق النار عليه.

العقاب على الجريمة المستحيلة:-

اختلف الفقهاء بشأن العقاب على الجريمة المستحيلة:

  • الرأي الأول : عدم العقاب على الجريمة المستحيلة:

سواء أكانت الاستحالة تتعلق بالوسيلة المستعملة أم بمحل الجريمة.

  • الرأي الثاني : التفرقة بين الاستحالة المطلقة والاستحالة النسبية:

قال البعض من الفقه أن العقاب على الجريمة المستحيلة يتوقف على التفرقة بين الجريمة المستحيلة استحالة مطلقة والجريمة المستحيلة استحالة نسبية.

وتكون الاستحالة مطلقة إذا كانت الجريمة يستحيل وقوعها مهما تغيرت الظروف، أي يستحيل وقوعها بالنسبة للكافة. وهذه الاستحالة المطلقة قد ترجع إما إلى سبب انعدام محل أو موضوع الجريمة، كمن يطلق النار على شخص فارق الحياة قبل ذلك، أو سبب عدم صلاحية الوسيلة المستخدمة لإحداث النتيجة، كمن يحاول قتل شخص بمادة يعتقد أنها سامه فإذا بها سكر محلى أو فيتامين (أي مادة غير سامة). وهذا النوع من الاستحالة لا عقاب عليه.

  • أما الاستحالة النسبية (هي الجريمة الخائبة) فهي الاستحالة التي تكون بالنسبة للجاني في الظروف التي ارتكب فيها جريمته، بحيث لو تبدلت الظروف لكان من الممكن وقوع الجريمة. وقد تتعلق الاستحالة النسبية بالوسيلة كمن يضع في طعام المجني عليه كمية من السم لا تكفي لإحداث الوفاة، وقد تتعلق بمحل أو موضوع الجريمة، كمن يطلق النار على شخص في مكان اعتاد على التواجد به ولكنه تصادف عدم وجوده به لحظة إطلاق النار.
  • الرأي الثالث: التفرقة بين الاستحالة المادية والاستحالة القانونية:

قال البعض من الفقه بضرورة التفرقة في حالة الجريمة المستحيلة بين الاستحالة القانونية والاستحالة المادية.

وتكون الاستحالة قانونية إذا انعدم في الجريمة أحد أركانها التي نص عليها القانون كركن الحياة في جريمة القتل، فمن يطلق مقذوفاً على شخص ميت لا يعد قاتلاً، ففي هذه الحالة لا يوقع العقاب على ما أتاه الشخص من نشاط لعدم إمكان قيام الجريمة لتخلف عنصراً جوهرياً فيها (في هذا المثال تخلف الركن المفترض فيها).

  • وتكون الاستحالة مادية إذا كان تحقق النتيجة ممكناً من الناحية القانونية لتوافر العناصر الجوهرية المكونة للجريمة، ولكن عدم تحققها يرجع إلى ظروف مادية لا دخل لإرادة الجاني فيها، مثال ذلك من يطلق عياراً ناريا على المكان الذي تعود المجني عليه أن ينام فيه بقصد قتله ولكن تصادف عدم وجوده به في ذلك الوقت، أو من يلقي بقنبلة على أحد الأسواق لكنه ينسى جذب فتيل اشتعالها فلا تنفجر القنبلة، أو يحاول أن يطلق مقذوف من سلاح ناري فإذا بالمقذوف لا يخرج لعطل مفاجئ أصاب السلاح الناري. وفي هذه الحالة يعاقب الجاني باعتباره شارعاً في الجريمة التي لم تتحقق نتيجتها لسبب خارج عن ارادته.
  • الرأي الرابع: العقاب على الجريمة المستحيلة بكافة صورها
  • أغلب الفقه وأغلب أحكام القضاء تؤيد الرأي الثاني الذي ذهب إلى التفرقة بين الجريمة المستحيلة استحالة مطلقة (والتي لا يعاقب عليها تحت وصف الشروع)، وبين الجريمة المستحيلة استحالة نسبية (والتي يعاقب عليها بوصف الشروع).

العدول الاختياري

  • لا شروع إذا عدل الجاني عن إتمام جريمته عدولاً اختيارياً.

مفهوم العدول الاختياري:

ويحدث ذلك حين يتوقف الجاني بمحض إرادته عن المضي في تنفيذ جريمته وبلوغ هدفه على الرغم من استطاعته ذلك.

والحكمة من عدم العقاب على هذه الصورة هو تشجيع الفاعل على عدم المضي في تنفيذ جريمته لأنه لو علم أن العقاب سيحل به عدل أو لم يعدل عنها لفضل إتمام الجريمة.

  • أما من عدل عدولاً اضطرارياً، أي يرجع إلى عوامل خارجية مستقلة عن إرادة الجاني أجبرته على إيقاف تنفيذ جريمته، كمن يحاول سرقة محتويات منزل غير انه يتعرض لمقاومة المجني عليه فيعجز عن التغلب عليه، أو كالجاني الذي يشهر خنجره ليطعن به المجني عليه إلا أن أحداً يقبض على ذراعه، فيفر هارباً، ففي هذه الحالة ليس لهذا العدول أي أثر ويظل الشروع معاقباً.

شروط العدول الاختياري:

يشترط لتحقق العدول الاختياري أن تتوافر الشروط التالية:

1-   أن يكون الجاني قد بدأ فعلا في تنفيذ جريمته، أي بلغ مرحلة الشروع وقبل إتمامها،

فلا مجال للبحث في وجود العدول الاختياري من عدمه بالنسبة للأعمال التحضيرية، ولا بعد تنفيذ الجريمة.

فقيام السارق برد المسروق بعد تمام السرقة لا يعد عدولاً اختيارياً، وإنما قد يعتبر “توبة إيجابية” تؤدي إلى تخفيف العقاب أحياناً.

2 – يجب أن يكون العدول الاختياري تلقائياً نابعاً من ذات الجاني لا من أسباب خارجة عن إرادته،

ومثال ذلك: أن يتأهب الجاني لإطلاق عيار ناري على المجني عليه بعد أن صوب سلاحه إليه ثم يعدل عن إطلاق الرصاص بدافع الندم أو خشية من العقاب.

فيجب إذاً ألا يكون الجاني مضطراً للعدول إذ في هذه الحالة ينتفي دور الإرادة في عدوله. ولا أهمية للباعث الذي دفع الجاني للعدول، فمن عدل لأنه سمع صوت سيارة الشرطة تدور حول مكان الجريمة فترك المكان وخرج هارباً يعتبر عدوله اختيارياً، مثله مثل من خرج من المكان لأن سمع صوت الآذان فندم وخشي من العقاب الأخروي فخرج تاركاً المكان.

  • ويجب التنويه أنه وإن كان يترتب على العدول الاختياري عدم معاقبة الجاني عن الشروع في الجريمة التي بدأ في تنفيذها بقصد ارتكابها، إلا أنه ليس هناك ما يمنع من معاقبته إذا كانت الأعمال التنفيذية التي قام بها تكون عناصر جريمة أخرى نص عليها القانون بصفة مستقلة.

الشكل الثاني: المساهمة الجنائية

  • قد ترتكب الجريمة من طرف شخص واحد،
  • وقد يساهم في ارتكابها عدة أشخاص وهذه الصورة يطلق عليها المساهمة الجنائية.

أركان المساهمة الجنائية :

لقيام المساهمة الجنائية يلزم توافر ثلاثة عناصر هي:

1- تعدد الجناة.

2- وحدة الجريمة.

3- رابطة التضامن.

  1. تعدد الجناة:
  • لا تتصور المساهمة بغير تعدد الجناة، أي أن يساهم في ارتكاب الجريمة أكثر من شخص واحد.
  • وتختلف أدوار المساهمين في الجريمة، فمنهم من يساهم في الجريمة بصفة أصلية فيكون فاعلاً فيها، ومنهم من يساهم بصفة تبعية أو ثانوية فيكون شريكا فيها.
  • ويترتب على ما تقدم انتفاء المساهمة الجنائية إذا كان الجاني واحداً وان تعددت جرائمه.
  • كما لا تتوافر المساهمة الجنائية إذا تعددت الجرائم وتعدد تبعاً لها الجناة فيسأل كل مجرم عن جريمته استقلالاً وإن ارتكبت هذه الجرائم في زمان ومكان واحد .
  • وتجدر الإشارة إلى أن تعدد الجناة في الجريمة لا تقوم به المساهمة الجنائية إلا إذا كان عرضياً، أي لا يشترطه القانون لقيام الجريمة، من ذلك المشاركة في جريمة القتل، فهذه الجريمة تقبل القيام بشخص واحد، كما تقوم بتعدد الأشخاص فيها وهذا التعدد عرضي.
  • وفي المقابل هناك جرائم لا تقوم قانوناً إلا بتعدد الجناة فيها، فالتعدد هنا ضروري لوقوعها أي يشترطه النموذج القانوني للجريمة، كما هو الحال في جريمة الرشوة , فإذا توافر في جريمة الرشوة الموظف المرتشي والشخص الراشي فلا محل للقول بتوافر المساهمة الجنائية.

2- وحدة الجريمة:

يجب أن تكون الجريمة المرتكبة من المساهمين واحدة، وهذا يعني أن يساهموا في تحقيق نتيجة واحدة. وتفترض المساهمة الجنائية تعدد الأفعال الصادرة من المساهمين، ولكن يجب أن تؤدي إلى نتيجة واحدة، ففي جريمة القتل يجب أن تؤدي أفعال الجناة إلى نتيجة إجرامية واحدة وهي إزهاق روح المجني عليه.

كما تتطلب وحدة الجريمة أن تتوافر علاقة السببية بين كل فعل صدر من المساهمين وبين النتيجة الإجرامية.

فإذا حرض شخص أخر على قتل ثالث فارتكبت جريمة القتل بناء على هذا التحريض فعلاقة السببية قائمة بين نشاط المحرض ووفاة المجني عليه.

3- رابطة التضامن:

  • يجب أن تتوافر لدى المساهمين كافة رابطة ذهنية أو معنوية تجمع بينهم في الجريمة الواحدة، تسمى رابطة التضامن.
  • يكفي لقيام رابطة التضامن أن يتوافر لدى الجاني قصد التداخل في أفعال بقية الجناة، ولا يلزم أن يكون هناك اتفاق أو تفاهم سابق بين الجناة.
  • فالخادم الذي يعلم بان لصاً ينوي سرقة منزل مخدومه فيتعمد ترك بابه مفتوحاً لكي يمكنه من ذلك يعتبر مساهماً في جريمة السرقة، لتوافر قصد التداخل لديه.

نتائج المساهمة الجنائية:

1- وحدة الجريمة: فرغم تعدد الجناة وتعدد أفعالهم الإجرامية إلا أنهم جميعاً يسألون عن جريمة واحدة

2- التضامن في المسئولية: بحيث يسأل كل جان عن فعله وفعل غيره من المساهمين، ولو لم يعلم به أحياناً.

  • ولبيان فكرة التضامن في المسئولية بناءً على توافر المساهمة الجنائية نضرب المثالين الآتيين:
  • لو فرض أن (أ) و (ب) قصد كل منهم منفرداً قتل (ج)، فأطلق كل منهم عياراً نارياً نحو هذا الأخير، فمات (ج)، ثم ثبت أن مقذوفا (أ) قتله ، مقذوف (ب) أخطأه.
  • فهنا يسأل كل جان عن فعله الشخصي فقط لعدم توافر رابطة التضامن بين الجناة، وفي هذا المثال تقتصر المسئولية عن الشروع في القتل لكل من الجانيين باعتبار أن ذلك هو القدر المتيقن.
  • وماذا إذا توافر بين (أ) و (ب) اتفاق سابق على قتل (ج).
  • إذ سيسأل الجميع عن قتل تام سواء عرف مطلق المقذوف القاتل أو لم يعرف، لتوافر المساهمة بينهما، المستندة إلى رابطة تضامن قوامها الاتفاق السابق، وهي أعلى درجة من التضامن يمكن أن تتوافر بين الجناة. فأصبح كل جان يسأل عن فعله وفعل غيره، علم به أم لم يعلم.

فرع أول: المساهمة الأصلية (الفاعلين):

يكون فاعلاً في الجريمة الفئات التالية :

أولا :  الفاعل عن طريق ارتكاب الجريمة (الفاعل المباشر):

وتتضمن هذه الصورة حالتين هما:

ارتكاب الشخص الجريمة وحده (الفاعل وحده): تتحقق هذه الحالة إذا ارتكب الجاني بمفرده الركن المادي المكون للجريمة

مثال: فإذا كانت الجريمة قتلاً فان الفاعل بارتكاب الجريمة وحده هو الذي يباشر إزهاق روح إنسان حي بإطلاق النار عليه مثلاً.

ولا يغير من هذا الوضع أن يساهم مع الفاعل الأصلي الوحيد شريك أو أكثر يقوم بالأعمال التي تساند نشاط الفاعل ولا تدخل في الأعمال المكونة للركن المادي.

  • الفاعل مع غيره:أن يقوم كل فاعل من الجناة المتعديين بارتكاب الركن المادي للجريمة بأكمله، بحيث لو نظرنا إلى نشاطه مجرداً عن نشاط من معه لكان ما ارتكبه كافياً وحده لاعتباره مرتكباً للجريمة بأكملها،
  • مثال: أن ينهال عدد من الجناة ضرباً على المجني عليه قاصدين إزهاق روحه فمات نتيجة لذلك.
  • ويلاحظ أن ما أتاه كل من الجناة من فعل مادي يكفي وحده لوقوع الجريمة كاملة في حق كل واحد منهم ولكن انصراف القصد إلى المساهمة هو الذي جعل الفعل واحدا رغم تعدد الفاعلين، فيسأل كل واحد عن الجريمة التي وقعت سواء كانت تامة أم ناقصة بوصفه فاعلا لها.

ثانياً: الفاعل عن طريق الدخول في ارتكاب الجريمة:

  • الفاعل عن طريق الدخول في ارتكاب الجريمة لا يكون إلا في جريمة تتكون من عدة أعمال، فيأتي عملاً من الأعمال الداخلة في تكوينها حتى وإن لم يقم بباقي الأعمال، ولهذه الصورة شكلين:
  • –   الفاعل بالدخول بعمل يعد بدءاً في التنفيذ : ”بمعايير الشروع“: 
  • في هذا الشكل لا يرتكب الفاعل جميع الأفعال المكونة للركن المادي في الجريمة بل يقتصر نشاطه على بعض هذه الأعمال فقط وإلا كنا بصدد الصورة الأولى.
  • فإذا كانت الأعمال التي أتاها الجاني تعتبر من الأعمال التنفيذية فإنها تكفي بذاتها لكي يعد فاعلاً في الجريمة، أما إذا كانت هذه الأعمال لا تخرج عن كونها أعمالا تحضيرية فلا يعد مرتكبها فاعلاً أصلياً بل شريكا متى وقعت الجريمة وتوافرت شروط المساهمة الجنائية.
  • مثال: في القتل أن يتقدم زيد وبكر لقتل عمر فيوقف الأول سيارة المجني عليه، وتولى الثاني قتله فكلاهما يعد فاعلاً للقتل، بشرط أن يكون زيد قد أوقف السيارة بقصد قتل عمر.
  • أو يذهب شخصين لسرقة منزل فيكسر أحدهم باب المسكن، بينما يدخل الثاني لجمع الأموال. هنا يعتبر من باشر فعل الكسر فاعلاً بالدخول بعمل يعد بدءاً في التنفيذ.
  • والمقصود بتطبيق معيار الشروع على فعل المساهم هو لمعرفة ما إذا كان فعل المساهم مستقلاً عن أفعال غيره يكفي لكي يعد بدءا في التنفيذ، فيعتبر مرتكبه فاعلاً، أم أن فعله لا يعدو أن يكون عملاً تحضيرياً ومن ثم يعتبر مرتكبه شريكاً. ويجب أن يكون قصد الجاني قد انصرف إلى المساهمة في تنفيذ الجريمة بصفة أصلية.

الدخول في الجريمة بدور فعال على مسرح الجريمة : 

يعتبر فاعلاً بالدخول في ارتكاب الجريمة كل شريك بالمساعدة كان لمساعدته دوراً فعالاً على مسرح الجريمة، وعول عليه الجناة في خطتهم، وثبت أن لولا هذه المساعدة لما وقعت الجريمة.

مثال: الخادم الذي يترك باب المسكن مفتوحاً ليسهل للجناة الدخول لسرقة مخدومه اذا ثبت انهم لم يستطيعوا الدخول الا بمساعدته ؛

أو من يرشد وقت ارتكاب جريمة تفجير أحد الأسواق الجناة إلى كيفية استعمال المواد المتفجرة.

ثالثا : الفاعل المعنوي:

الفاعل المعنوي هو كل من حرض شخصاً غير مسئول جنائياً لتنفيذ الجريمة، إما لكونه عديم الأهلية ( الصغير الغير مميز أو الغير مدرك لعاهة في العقل)، حسن النية، او عديم الاختيار

فيكون في يده بمثابة أداة يستعين بها لتحقيق هذا الغرض. وتفترض هذه الحالة وجود فاعلين:

*فاعل مادي: قام بتنفيذ ماديات الجريمة دون أن تتوافر لديه المسئولية الجنائية.

* فاعل معنوي : قام بتسخير الفاعل المادي واستعمله كأداة لتنفيذ الجريمة.

فالفاعل المعنوي هو الذي ينفرد بتنفيذ الجريمة ولكن بواسطة غيره

مثال: من يغري مجنوناً على قتل المجني عليه، ومن يدفع طفلاً غير مميز إلى إشعال النار في منزل، وقد يكره شخص خادمه لدس السم في الأكل الذي سيتناوله شخص أخر وتحدث الوفاة.

في هذه الأمثلة كان منفذ الجريمة غير أهل للمسئولية لفقد الأهلية كالمجنون والصبي غير المميز، أو لفقد الاختيار كالمكره.

ومن أمثلة الفاعل المعنوي عند حسن نية الفاعل المادي وعدم علمه بحقيقة الصفة الإجرامية للفعل الذي يرتكبه، موثق العقود الذي يدون في أوراقه بيانات مزورة يمليها عليه أحد طرفي التعاقد.

رابعاً : الفاعل بالواسطة:

في تلك الصورة يباشر شخص سيئ النية الفعل المادي المكون للجريمة بناءً على تحريض صادر له في صورة أمر من شخص له عليه سيطرة.

مثال: الضابط الذي يعطي أمراً لجندي بتعذيب المتهم لحمله على الاعتراف وهنا يمكن القول أن الضابط قد باشر الجريمة بواسطة غيرة، ولذلك ارتقى دوره من الشريك بالتحريض إلى الفاعل بالواسطة.

الفرع الثاني: المساهمة التبعية:

تتحقق المساهمة التبعية بإسهام الجاني في الجريمة بدور ثانوي بأن يرتبط السلوك الذي يأتيه بالفعل الإجرامي ونتيجته وبعلاقة سببية وان كانت غير مباشرة ، ودون أن يتضمن هذا السلوك تنفيذا للجريمة أو قياما بدور رئيسي في ارتكابها.

أركان جريمة الشريك:

  • تقوم جريمة الشريك على العناصر التالية:

1- أن يباشر الشريك سلوكاً إجرامياً (فعل الاشتراك)

2- قصد المساهمة (الركن المعنوي).

3- علاقة سببية تربط بين سلوك الشريك وجريمة الفاعل.

الركن الأول: السلوك الإجرامي (أفعال الاشتراك):

  • حدد المنظم وسائل الاشتراك في ثلاث صور على سبيل الحصر،هي:
  • التحريض، أو الاتفاق، أو المساعدة.
  • وأن الاشتراك في الجريمة لا يتحقق إلا إذا كان التحريض أو الاتفاق سابقاً على وقوعها، اما المساعدة فقد تكون سابقة أو معاصرة أو متممة لها وكان وقوع الجريمة بناء على ذلك الاشتراك.

–       التحريض: 

  • التحريض:هو بث فكرة الجريمة في نفس الجاني وتدعيمها حتى ينعقد التصميم على ارتكابها.
  • فنشاط المحرض ذو طبيعة معنوية، حيث يتجه إلى نفسية الجاني كي يؤثر فيه ليدفعه إلى ارتكاب الجريمة،
  • ولا عبرة بالوسائل التي يتم بها التحريض، فقد يقع بالوعد أو التهديد أو بالإغراء أو استعمال النفوذ كما قد يقع عن طريق الأقوال التي تهيج شعور الجاني وتدفعه إلى ارتكاب الجريمة.

– محل التحريض:

  • ويجب أن يرد التحريض على فعل يعتبر جريمة أيا كان نوعها،
  • وهذا يعني أن التحريض باعتباره وسيلة من وسائل الاشتراك في الجريمة يجب أن يكون مباشراً أي منصباً على ارتكاب جريمة معينة بالذات كالقتل أو السرقة مثلاً.
  • أما إذا كان التحريض غير مباشر أي غير وارد على جريمة بعينها، فإنه لا يعد وسيلة للاشتراك وبالتالي لا عقاب عليه.
  • كما لو كان محله مجرد إثارة الحقد أو البغضاء أو العداوة بين شخصين مما يدفع أحدهما إلى ارتكاب الجريمة، فهذا السلوك لا يعد تحريضاً.

– أنواع التحريض:

  • والتحريض نوعان: تحريض فردي ” خاص“ ، وتحريض عام.
  • والتحريض الفردي هو التحريض الموجه إلى فرد بعينه أو أفراد معينين بذواتهم.
  • و يكون التحريض عاماً أي موجهاً إلى جماعة أو جمهور غير معينين بالذات، ولا يقع التحريض العام إلا عن طريق العلن.
  • ويشترك التحريض الفردي والتحريض العام في الحكم، فالمحرض في الحالتين يعد شريكا إذا وقعت الجريمة التي انصب عليها تحريضه.

       الاتفاق: 

  • هو تلاقي إرادة شخصين أو أكثر وانعقادها على ارتكاب الجريمة موضوع الاتفاق، فهو يتطلب انعقاد نية المتفقين على ارتكاب الجريمة، فإذا وقعت بفعل أحدهم كان هو الفاعل الأصلي وكان الباقون شركاء له.
  • ويختلف الاتفاق عن التوافق:
  • فالاتفاق يتطلب تقابل الإرادات وانعقاد العزم بينما على ارتكاب جريمة معينة،
  • أما التوافق فهو توارد الخواطر لدى الجناة على ارتكاب فعل إجرامي معين، أي قيام فكرة الجريمة ذاتها لدى أكثر من شخص في وقت واحد دون سابق تفاهم بينهم.
  • مثال: لو خطرت “لزيد” و “بكر” قتل عمر دون أن يفصح أي منهما للآخر عما عزم عليه، فإذا قام بكر بقتل عمر فلا يعد زيد شريكا له في جريمته بطريق الاتفاق.
  • فالتوافق يختلف عن الاتفاق في أنه لا يرتب تضامناً بين الجناة في المسئولية الجنائية ولا وحدة للجريمة، بل يسأل كل منهم عن نتيجة فعله الذي ارتكبه فقط، في حين أن الاتفاق يستوجب مسائلة سائر من اتفقوا على الجريمة التي ارتكبها بعضهم.

        المساعدة:

  • هي تقديم العون للفاعل على ارتكاب جريمته، سواء لتجهيز أو تسهيل أو إتمام الجريمة.
  • ويستوي في نظر القانون أن تتم المساعدة بأية وسيلة كانت .

أنواع المساعدة:

  • قد تكون المساعدة سابقة على تنفيذ الجريمة :
  • فترد على الأعمال المجهزة لارتكابها.
  • مثال: إرشاد القاتل إلى كيفية تحضير المادة السامة التي تستخدم في القتل.
  • أو بتقديم المعلومات إلى السارق عن كيفية دخول المسكن المراد سرقته.
  • وقد تكون المساعدة معاصرة لتنفيذ الجريمة :

ويعبر عنها بالأعمال المسهلة لارتكاب الجريمة،

ومثال ذلك: أن يترك الخادم باب المنزل مفتوحاٍ ليسهل للسارق الدخول للسرقة. طبعاً اذا لم يكن دوره فعال على مسرع الجريمة , أي ممكن لولاه ان تتم الجريمة والا سيكون الخادم فاعل وليس شريك عن طريق الدخول بدور فعال على مسرح الجريمة .

  • وقد تكون المساعدة في الأعمال المتممة للجريمة:

وفيها يتدخل المساعد في اللحظات الأخير لتنفيذ الجريمة وقبل تمامها.

مثال ذلك: من يجفف الحبر الذي استخدم في تزوير المحرر.

أما الأعمال المساعدة اللاحقة على ارتكاب الجريمة فلا تصلح أن تكون وسيلة من وسائل الاشتراك.

فمن يساعد السارق في إخفاء الأشياء المسروقة فانه لا يكون شريكاٍ في جريمة السرقة وإنما مرتكباً لجريمة إخفاء الأشياء المسروقة.

  • التفرقة بين الشريك بالمساعدة والفاعل بالدخول:

– الاعمال التي يقوم بها الشريك تكون اعمال تحضيرية , بخلاف الفاعل الذي يقوم باعمال تعد بدءً في التنفيذ وفقاً لمعيار الشروع .

– ان يكون دور الشريك “ المساعد “ ليس فعّـالاً على مسرح الجريمة بخلاف دور الفاعل .

المساعدة بطريق الامتناع:

  • ثار البحث حول مدى تحقق الاشتراك بالمساعدة في شكل سلبي أو امتناع. وذهب البعض إلى أن المساعدة تتطلب عملاً إيجابياً يبذله المساعد ويقدم عن طريقه العون إلى الفاعل، أما الموقف السلبي الذي يتخذه الشخص من الجريمة عند ارتكابها لا يجعل منه شريكاً فيها.
  • إلا أن الراجح أن الاشتراك بالمساعدة يمكن أن يقع بطريق سلبي، فنشاط الفاعل يكون إيجابياً وقد يكون سلبياً، فلماذا لا يكون الأمر كذلك بالنسبة للشريك؟، كما أن المساعدة تتحقق بإزالة العقبات التي تعترض تنفيذ الجريمة وهو ما يمكن أن يتحقق بطريق سلبي
  • مثال: الشرطي الذي يرى آخرين يسرقون محلاً فيغير طريقه حتى يسهل لهم ارتكاب الجريمة ويشترط هذا الجانب من الفقه لتحقق المساعدة بطريق الامتناع أن يقع على عاتق المساعد واجب قانوني بمنع الجريمة.

حكم الاشتراك في الاشتراك:

  • قد لا يترتب على فعل الاشتراك النتيجة الإجرامية المتمثلة في جريمة يقترفها الفاعل الأصلي، وإنما يترتب عليها اشتراك أخر،
  • وصورته أن يحرض “ خالد “ “ زيد “ على قتل “عمر” فيقدم “ زيد “ سلاحا  إلى “بكر” كي يستخدمه في ارتكاب الجريمة، فيكون “بكر” فاعلاً أصلياً بينما يعد “ زيد “ شريكاً مباشراً له و” خالد “ شريكاً للشريك.
  • ويذهب الرأي الراجح إلى أن القانون لا يشترط أن تكون العلاقة مباشرة بين الشريك والفاعل الأصلي، فإذا توافرت أركان المساهمة التبعية في فعل شريك الشريك اعتد به، ولا شك في أنها متوافرة، فسلوك شريك الشريك يتخذ صورة إحدى وسائل المساهمة التبعية، وعلاقة السببية متوافرة بين سلوكه وعمل الفاعل الأصلي، والقصد الجنائي متوافر لديه، فيسأل بوصفه مساهماً تبعياً في الجريمة التي ارتكبها الفاعل.
  • حكم العدول عن الاشتراك:

يحدث أن يعدل الشريك بعد ارتكاب فعله عن المضي في المشروع الإجرامي الذي ساهم فيه بدافع الندم أو خشية العقاب،

  • فما اثر هذا العدول؟

الواقع انه لا صعوبة في شأن عدول الشريك لأنه إما أن يترتب عليه عدم ارتكاب الفاعل للجريمة فلا وجود عندئذ للاشتراك ، وإما أن يمضي الفاعل في ارتكابها على الرغم من عدول الشريك، فإذا كانت علاقة السببية قائمة بين نشاط الشريك والجريمة المرتكبة فيستحق الشريك العقاب، أما إذا كان عدول الشريك قد قطع علاقة السببية فتنتفي مسئولية الشريك. وبديهي أنه إذا كان عدول الشريك لاحق لوقوع الجريمة فلا تأثير له على مسئولية الشريك.

الركن الثاني: قصد المساهمة (الركن المعنوي في المساهمة التبعية):

  • يجب أن يتوافر لدى الشريك قصد المساهمة في الجريمة، وهذا القصد يقوم على عنصرين: العلم بالجريمة، وإرادة المساهمة.

العلم بالجريمة:

  • ينبغي أن يكون الشريك عالماً بماهية السلوك الذي يأتيه، وأن من شأنه المساهمة في إقدام شخص على ارتكاب جريمة معينة
  • فإذا انتفى هذا العلم لديه فلا يتوافر القصد الجنائي ولا يسأل عن الجريمة المرتكبة،
  • مثال: من يقدم سلاحاً لشخص لغرض الصيد، فيستخدمه هذا الأخير في جريمة قتل، فلا يعتبر من قدم السلاح شريكاً فيها لأنه لم يعلم بها مطلقا.

إرادة المساهمة:

  • ويجب أيضاً أن تتجه إرادة الشريك إلى الفعل الذي تقوم به وسيلة المساهمة والى نتيجة الاشتراك وهي الجريمة التي يرتكبها الفاعل.

 

المسؤولية عن النتائج المحتملة:

  • الفرض هنا أن تقع من أحد الفاعلين نتيجة أخرى غير التي قصدها بقية المساهمين في الجريمة. وتطبيقا للقواعد العامة في المسئولية الجنائية فان النتيجة المختلفة التي يحققها أحد الفاعلين لا يسأل عنها إلا الفاعل الذي حققها أو الشريك الذي انصرفت إرادته إلى إحداثها وساهم فيها بسلوك يرتبط بها بعلاقة سببية.
  • إلا أنه حفاظاً على وحدة الجريمة التي تقع نتيجة مساهمة أكثر من شخص في إحداثها اتجهت بعض التشريعات إلى تقرير مسئولية بقية المساهمين في الجريمة سواء كانوا فاعلين أو شركاء عن النتيجة التي يحدثها أحد الفاعلين حتى ولو كانت غير التي قصدها المساهم معه، متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للمساهمة التي حصلت.

شروط مسؤولية المساهم (الفاعل أو الشريك) عن النتيجة المحتملة:

 

  • يتعين لإمكان مساءلة المساهم، فاعلاً كان أو شريكا، عن الجريمة الأخرى التي تقع من غيره من الفاعلين أن تكون الجريمة التي يرتكبها الفاعل نتيجة محتملة لفعل الاشتراك. وتكون النتيجة محتملة إذا كانت متوقعة وفقاً للسير العادي للأمور، أي كان في استطاعة المساهم ومن واجبه عندما تدخل بعمله أن يتوقعها ولو لم يكن قد توقعها بالفعل.
  • فالقتل نتيجة محتملة للسرقة، ذلك أن من يسرق يحتمل أن يقوم بقتل المجني عليه أو أي شخص يحاول القبض عليه ليهرب.

الركن المعنوي

  • لا يكفي لقيام الجريمة واستحقاق العقاب عنها مجرد تحقق الركن المادي وإنما يلزم فضلا عن ذلك أن يتوافر الركن المعنوي.
  • وقد يتخذ الركن المعنوي في الجريمة صورة
  • القصد الجنائي؛ فتكون الجريمة عمدية وقد يتخذ صورة الخطأ ؛  فتكون الجريمة غير عمدية.

أولاً: القصد الجنائي:

  • القصد الجنائي ”العمد“ هو اتجاه إرادة الجاني نحو ارتكاب الجريمة مع العلم بأركانها وعناصرها كما يتطلبها القانون، فالقصد الجنائي يقوم على عنصرين الإرادة والعلم.

أ- الإرادة:

  • تتمثل الإرادة في نشاط نفسي يتجه إلى تحقيق غرض معين عن طريق وسيلة معينة،


ب- العلم:

  • يجب لتوافر القصد أن يعلم الجاني بعدة عناصر معينة هي بحسب الأصل وقائع جوهرية. وهناك وقائع أخرى لا يلزم العلم بها، فهي وقائع غير جوهرية.

– إذا خرج صياد للصيد فسمع حركة بين الأشجار فأطلق الرصاص معتقداً انه حيوان فإذا به يقتل إنساناً

فهل يسأل عن قتل عمدي؟

لا, لانتفاء القصد لديه لان غلطه انصب على نتيجة الجريمة.

– وفي جريمة القتل بالسم إذا جهل الجاني طبيعة المادة التي أضافها في الطعام أو الصيدلي حين يجهل طبيعة المادة التي وضعها في الدواء فإذا به يقتل إنساناً .

فهل يسأل عن قتل عمدي ؟

لا لانتفاء القصد لديه.

  • – لا ينتفي القصد الجنائي بوقوع الجاني في غلط ينصب على الشخص أو الشخصية كمن يطلق النار على بكر وإذا هو في الحقيقة زيد لان الغلط ورد على صفة ثانوية في محل الجريمة فيسأل الجاني عن قتل عمدي .
  • – لا ينتفي القصد الجنائي بوقوع الجاني في غلط ينصب على محل الجريمة عندما لا يكون هذا المحل عنصراً جوهرياً. كمن يريد سرقة مال ظناً منه أنه مال بكر وإذا هو في الحقيقة مال زيد، فإنه يسأل عن سرقة .

– هل ينتفي القصد الجنائي إذا أخطأ الجاني في توجيه فعله كمن يطلق النار على شخص فيخطئه وتصيب الرصاصة شخصا بجواره فيقتله؟

  • لا, بل يسأل الجاني عن جريمتين، جريمة قتل عمد بالنسبة لمن أزهق روحه، وشروع في قتل لمن أراد قتله فأخطأه.
  • إذا توقع الجاني أن الجريمة سوف تقع وفق تسلسل سببي معين، فحدث وفق تسلسل أخر فإن ذلك لا ينفي القصد. فمن يلقي بأخر في نهر متوقعاً موته غرقاً، ولكن يموت نتيجة اصطدام رأسه بصخرة في مجرى النهر، يسأل عن جريمة قتل عمد وليس للغلط الذي وقع فيه في تسلسل حدوث الجريمة أية أثر.

صور القصد الجنائي :

القصد العام والقصد الخاص:

  • القصد العام، وهو ذلك القصد الذي يتوافر لدى جميع الجناة في الجريمة الواحدة. وهو يقوم على توجيه الإرادة نحو ارتكاب جريمة مع العلم بعناصرها القانونية، فهو يقوم على عنصري الإرادة والعلم. ويستلزم القانون وجوده في جميع الجرائم العمدية.
  • أما القصد الخاص، فهو عبارة عن ذلك القصد الذي يتوافر لدى بعض الجناة دون البعض الأخر في ذات الجريمة. وهو يقوم على تطلب المشرع لقيام بعض الجرائم اتجاه الإرادة إلى غاية معينة أو أن يكون الدافع إليها باعث خاص. أي أن صورة القصد الخاص تتكون من علم وإرادة منصرفين إلى ارتكاب الجريمة ثم يضاف إليهما الغاية أو الباعث. ومن أمثلة الجرائم العمدية التي يتطلب فيها القانون قصداً خاصا جريمة التزوير حيث يتطلب القانون فيها بالإضافة إلى تعمد تغيير الحقيقة أن تنصرف نية الجاني إلى استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله.

ثانياً: الخطأ غير العمدي:

تعريف الخطأ غير العمدي:

“سلوك إرادي ينطوي على إخلال بواجب الحيطة والانتباه، الذي يفرضه القانون أو الخبرة الإنسانية أو الخبرة الفنية أو العلمية، فتنشأ عنه نتيجة إجرامية كان من الممكن تجنبها”.

  • وعادة لا يُعَرف المنظم الخطأ وإنما اكتفى بذكر بعض صوره في بيانه للجرائم غير العمدية من ذلك جرائم القتل والإصابة الخطأ، كأن يذكر الإهمال، عدم الانتباه، عدم الاحتياط، الطيش، الرعونة، وعدم مراعاة القوانين أو اللوائح أو الأنظمة أو الأوامر.

عناصر الخطأ غير العمدي:

يقوم الخطأ غير العمدي على توافر أربعة عناصر، تتمثل في الآتي:

–   سلوك إرادي:

 فالخطأ – شأنه شأن العمد – يوجب أن يقوم الجاني بسلوكه إرادياً، فإذا ارتكب الجاني سلوكه بغير إرادة فلا ينسب إليه لا عمد ولا خطأ.

فإذا انتابت الشخص غيبوبة مفاجئة ترتب عليها أن سقط من أعلى أحد الأبراج على أحد المارة فقتله فلا ينسب لمن سقط خطأ ما، إذ لم يكن فعله إرادياً.

  إخلال بواجب الحيطة والانتباه: 

أي لا بد من أن يتوافر عدم التزام الجاني باجتناب التصرفات الخطرة، أو عدم مباشرتها في حدود تسمح بتجنب خطرها.

–  أن يكون مصدر واجب الحيطة والانتباه إما القانون أو الخبرة الإنسانية أو الفنية أو العلمية:

فمن يقود سيارته بسرعة غير نظامية يخرج على واجب الحيطة الذي يفرضه القانون، والأم التي تترك أدوية خطرة في متناول أطفالها، تخرج على واجب الحيطة التي تفرضها الخبرة الإنسانية، ومثلها مثل صاحب المنزل الذي يتراخى في معالجة التصدعات في جدران منزله فينهار المنزل على من فيه. والصيدلي الذي يهمل في تركيب الدواء يخرج على واجب الحيطة الذي تفرضه الخبرة الفنية أو العلمية، ومثله المهندس الذي يخطأ في تصميم أحد المباني.

– حدوث نتيجة إجرامية تامة: 

لابد لاكتمال الخطأ عير العمدي أن تحدث نتيجة إجرامية تامة. فمن يهمل في صيانة منزله ولكنه لا ينهار لا يسأل جنائياً عن شيء، والأم التي تترك الأدوية في متناول أطفالها فيعبثون بها لا تسأل جنائياً عن شيء طالماً لم تقع نتيجة ضارة لأطفالها.

صور الخطأ غير العمدي:

للخطأ صور متنوعة، ويكفي أن يتوافر أحدها حتى يقوم الركن المعنوي في الجرائم غير العمدية، ومنها على سبيل المثال:

–   الإهمال وعدم الانتباه:   

الخطأ في هذه الصورة يتخذ مظهراً سلبياً يتمثل في الامتناع عن اتخاذ العناية اللازمة لتجنب النتيجة الإجرامية، أي يتمثل في إغفال الجاني اتخاذ ما يقتضيه واجب الحيطة والحذر وما تمليه قواعد الخبرة الإنسانية العامة عند توقع النتائج الضارة، كالأم التي تترك وليدها بجانب موقد غاز مشتعل على ماء فيسقط الماء الساخن عليه فيموت.

    – عدم الاحتياط والتحرز:

الخطأ هنا يتخذ مظهراً إيجابياً، إذا كان الجاني يتوقع النتائج الضارة التي تترتب على فعله ومع ذلك لا يبالي ويتسمر في فعله، كسائق السيارة الذي يقودها بسرعة كبيرة في طريق مزدحم بالناس فيصدم أحدهم فيموت، وصاحب السفينة التي يحملها بأكثر مما تحتمل فتغرق بركابها.

         الرعونة:

هي الطيش و الخفة لغة، وهي نوع من الخطأ الذي يتخذ طابعاً إيجابياً ويتوافر فيه سوء التقدير ونقص المهارة والجهل بالمبادئ الأساسية والأصول الفنية لمباشرة المهنة.  وتتوافر الرعونة إذا أقدم الجاني على عمل غير مقدر خطورته وغير منتبه إلى النتائج الضارة التي يمكن أن تترتب عليه كمن يقود سيارة ثم يغير اتجاه سيره فجأة دون أن ينبه المارة فيصيب إنساناً.

         عدم مراعاة القوانين واللوائح والأنظمة:              

 إن مخالفة ما تنص عليه القوانين واللوائح والأنظمة خطأ قائم بذاته يترتب عليه مسئولية الجاني عن الخطأ وإن لم يتوافر في حقه أي صورة من صور الخطأ الأخرى. ويتحقق الخطأ هنا عندما يرتكب الجاني فعلاً أو امتناعاً مخالفاً لقواعد السلوك الآمرة التي لها قوة الإلزام القانوني، سواء أكانت صادرة عن السلطة التشريعية كالقوانين أو عن السلطة التنفيذية كاللوائح أو القرارات الإدارية أو عن أفراد عاديين كالأنظمة التي يفرضها رب العمل على عماله في منشأته.

ويجب أن تترتب على مخالفة القوانين واللوائح نتيجة إجرامية وان تتوافر علاقة سببية بين تلك المخالفة وبين النتيجة. فمن يقود سيارته بسرعة نظامية في الاتجاه الصحيح متمكناً من قواعد القيادة ولكنه لا يحمل رخصة لا يسأل عن اصطدامه بأخر جاء من طريق مخالف، فالقيادة بدون حمل الرخصة، وإن كان خطأً يخالف القوانين، إلا أنه ليس السبب في الاصطدام.

القصد المتجاوز , او المتعدي ( شبه العمد )

  • في هذه الصورة الثالثة من صور الركن المعنوي يمتزج العمد بالخطأ , وتتجاوز النتيجة التي تحققت النتيجة التي قصدها الجاني . وتكون اشد جسامة وخطورة .
  • مثل: الضرب المفضي الى الموت – والضرب المفضي الى عاهه مستديمة
  • ففي هذين المثالين تنصرف ارادة الجاني الى الضرب وهو النتيجة الأقل جسامة , فيترتب عليه حدوث عاهه مستديمة للمجني عليه أو موت , وكلاهما نتيجة اشد جسامة .
  • اختلفت الآراء حول اساس المسؤولية عن الجريمة ذات النتيجة متجاوزة القصد , ولعل الأرجح هو مسؤولية الجاني عن النتيجة الاشد جسامة .

 

أسباب الاباحة:

فكرة الاباحة :

تعتمد فكرة أسباب الإباحة على أنه قد يقع الفعل تحت طائلة التجريم لوجود نص يعاقب عليه، ومع ذلك فإن المسئولية الجنائية لا تنشأ عن هذا الفعل وذلك لوجود نص آخر يبيح هذا الفعل في الظروف التي وقع فيها .

هل يُقصد بالإباحة هنا الإباحة الاستثنائية وليس الاصلية؟

– الإباحة الأصلية والإباحة الاستثنائية :

الاباحة الاصلية يُقصد به عدم تجريم الفعل اساساً.

أما الإباحة الاستثنائية يقع الفعل تحت طائلة التجريم ، ولكن القانون يرفع عنه صفة التجريم بعد ذلك إذا حدث هذا الفعل في ظروف معينة وبشروط معينة ارتأى المشرع فيها أن مصلحة أقوى يجدر حمايتها بعدم تجريم الفعل في تلك الظروف ، وأسمى ذلك أسباب الإباحة . فلا شك أن القتل يشكل جريمة ، بيد أنه إذا قام به شخص دفاعا عن نفسه أو عن الغير ، فإنه يصبح مباحا وتنتفي كل مسئولية جنائية أو مدنية تترتب عليه .

  • – الطبيعة القانونية لأسباب الإباحة :
  • يترتب على ذلك النتائج القانونية التالية :

1- لا يلزم أن يتوافر علم الفاعل بها لكي يستفيد منها .

2- إذا توافر سبب من أسباب الإباحة فإنه يرفع عن الفعل صفة التجريم وبالتالي فإن المسئولية الجنائية والمسئولية المدنية تنتفي بأركانهما المعتمدة على ركن الخطأ .

3- وفي بعض الحالات يقرر المشرع سببا من أسباب الإباحة يرتبط بصفة الجاني ، أي أنه سبب نسبي من أسباب الإباحة : إذا مارسه شخص معين ممن حددهم القانون فإن الإباحة تنتج أثرها ، وإذا باشره شخص آخر فإنه لا يستفيد من الإباحة.

  • ومن ذلك :

أ- تأديب الزوجة

قال تعالى :  ”وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ”(34) – سورة النساء

فهذه الاباحة استثنائية حيث أن فعل الضرب يعد جريمة , وهي استثنائية نسبية لانها تتعلق بالزوج وحده بصفته . وطبعاً هذه الاباحة مقيدة بشروط وضوابط شرعية.

ب- تأديب الصغار

ج- مباشرة الأعمال االطبية

ويكون لها  شروط  :

1- الترخيص القانوني بمزاولة مهنة الطب

2- رضاء المريض , أو من يمثل ارادته  الا انه استثناء اذا استعدت الحالة يمكن التدخل الطبي دون امكانية الوصول لموافقة المريض او من يمثل ارادته

3- التزام الطبيب بمراعاة الاصول العملية والفنية السائدة .

4- حسن نية الطبيب .

د- ممارسة الألعاب الرياضية

والمقصود هنا الاصابات التي تحدثها بعض الالعاب الرياضية , مثل الملاكمة والمصارعة والكاراتية . فهذه الالعاب لا تمارس الا باستعمال العنف .

ويشترط لإباحة الالعاب الرياضية ما يلي :

1- ان تكون اللعبه من الالعاب المعترف فيها قانوناً او عرفاً.

2- ان يراعي اللاعب قواعد اللعبة واصولها .

3- ان تحدث الاصابات اثناء المباراة الرياضية .

4- ويجب رضاء المتباري بالمباراة الرياضية لاباحة ماقد يترتب على فعل منافسه له من ايذاء يلحق به.

من صور الاباحة – الدفاع الشرعي-

– شروط الدفاع الشرعي
يلزم توافر عدة شروط حتى ينشأ الحق في الدفاع الشرعي ، هذه الشروط منها ما يتعلق بالاعتداء ومنها ما يتعلق بالدفاع .

شروط تتعلق بالاعتداء

1 – أن يكون هناك خطر بوقوع جريمة على النفس أو على المال

لا يلزم أن يكون الاعتداء قد بدأ فعلا ، بل إنه يكفي وجود خطر يدل على أن الاعتداء وشيك الوقوع . فالدفاع الشرعي قد شرع لدرء الاعتداء ولا يتصور أن يُطالب المجني عليه بالانتظار حتى يبدأ هذا العدوان ويصبح في وضع لا يسمح له بأن يمارس حقه في الدفاع .
2 – أن يكون الخطر حالا

فلا يجوز للمجني عليه أن يمارس حقا في الدفاع إذا انتهى الاعتداء الواقع عليه . ذلك أن الدفاع الشرعي لم يُشرع لكي يكون وسيلة للانتقام.

3- يلزم أن يكون الاعتداء مشكلا لجريمة

4- يحظر استعمال الشرعي لمقاومة رجال السلطة العامة أثناء تأديتهم لعملهم.

  • شروط تتعلق بالدفاع
  • إذا توافرت شروط الاعتداء ، فإن ذلك لا يكفي للثبوت الحق في استعمال الدفاع الشرعي . بل إنه يلزم توافر شروط في الدفاع . هذه الشروط تتمثل في شرطين : الشرط الأول؛ وهو شرط اللزوم والشرط الثاني وهو شرط التناسب .
  • المقصود بشرط اللزوم :

يُقصد بشرط اللزوم أن يكون ارتكاب جريمة هو الوسيلة الوحيدة لدرء الاعتداء . ويؤكد ذلك أن استعمال هذا الحق هو من الصور الاستثنائية وأن الأصل هو القبض على المعتدي لتقديمه للعدالة ، فإذا لم يتسن ذلك لوقف اعتدائه ، فإنه لا لوم على المجني عليه عندما يستعمل حقه في الدفاع الشرعي.
– النتائج القانونية المترتبة على شرط اللزوم :
يترتب على اللزوم كشرط في الدفاع النتائج الآتية :

1 – انتهاء العدوان يجعل الدفاع غير لازم .

2 – لا دفاع إذا تيسر اللجوء إلى السلطات العامة .

3 – لا يجوز توجيه الدفاع إلى غير المعتدي .

ثانياً: شرط التناسب

المقصود بشرط التناسب :
يُقصد بهذا الشرط أن يكون الدفاع متمشيا في مقدار جسامته مع الاعتداء، فلا يكون متجاوزا بشكل واضح فعل الاعتداء ، وبالتالي فإن ممارسة الدفاع يتعين أن يتم بالقدر اللازم لرد العدوان ، بلا زيادة .

– القواعد التي تحكم التناسب :
للقول بتوافر التناسب أو عدم توافره يتعين الاهتداء بالقواعد التالية :

1 – ينظر إلى الوسيلة التي استعان بها المجني عليه في رده على تلك التي استعان بها المعتدي

2 – يؤخذ في تقدير التناسب بظروف الواقعة التي كان المجني عليه يتواجد فيها في أثناء العدوان عليه

3 – يؤخذ في الاعتبار الحالة الجسمية للمجني عليه في مقارنتها بتلك التي تخص المعتدي .

موانع المسؤولية

– المقصود بموانع المسؤولية :

يُقصد بموانع المسؤولية الجنائية الأسباب التي تجعل الشخص غير أهل لتحمل تبعة ارتكابه للجريمة . فعلى الرغم من ارتكابه للركن المادي في الجريمة وعلى الرغم من وجود نص يعاقب على ارتكاب ذلك الفعل ، إلاّ أنه لا يُسأل جنائيا عن الجريمة.

وتتمثل موانع المسؤولية في عدم التمييز وعدم الاختيار .

– تعداد موانع المسؤولية في قانون العقوبات :

موانع المسؤولية وفقا لقانون العقوبات تتمثل في التالي :
1 – صغر السن.
2- فقد الإدراك والتمييز.
3 – حالة الضرورة .
4- الإكراه .

أولاً: عدم التمييز لصغر السن
لا مسؤولية جنائية تقع على عاتق من كان فاقدا التمييز بسبب صغر سنة. وتقدر سن التمييز بسبع سنوات
والعبرة في تحديد السن هو بوقت ارتكاب الجريمة . فإذا كان الفاعل لم يبلغ السابعة من عمره ولكنه بلغها وزاد عنها بعد ذلك ، فإن مسؤوليته الجنائية لا تنعقد رغم ذلك .

ثانياً: فقد الإدراك أو الاختيار

– الإدراك والاختيار أساس للمسؤولية الجنائية :

لا يُسال جنائيا كل من فقد إدراكه أي أصابه عارض من العوارض التي جعلته غير مدرك لما يقوم به من أفعال . فالشخص هو بالغ ومميز ولكنه أصيب بعاهة في العقل أو تناول مخدرا أفقده إدراكه (تناول مشروع) .

في هذه الحالة تنتفي مسؤوليته الجنائية .

– أسباب فقد الإدراك أو الاختيار :
1 – عاهة في العقل : يُقصد بعاهة العقل الجنون أو أي مرض عقلي آخر من شأنه أن يفقد إدراك المتهم أو يفقده سيطرته على أفعاله (اختياره). ويستوي أن تكون تلك العاهة العقلية موروثة أو طارئة ، ويستوي أن تتعلق بالمخ أو تتعلق بالأعصاب ، فالعبرة هي بالأثر الذي تخلفه تلك العاهة أو ذلك المرض .

يترتب على إصابة المتهم بالمرض العقلي في أثناء ارتكابه للجريمة النتائج التالية :

– لا يُسأل المتهم جنائيا

–  يُسأل المتهم مدنيا .

– يتم إخضاع المتهم المريض لتدابير علاجية في مستشفى متخصص .

2 – تناول المخدرات . وتأخذ المسكرات حكم تناول المخدرات .

امتناع المسئولية في حالة تعاطي المخدرات عند فقد الإدراك أو الاختيار بقولها : ” لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الجريمة : – إما لجنون أو عاهة في العقل ، – وإما لغيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهرا عنه أو على غير علم منه بها . 

ثالثاً: حالة الضرورة

– المقصود بحالة الضرورة :

حالة الضرورة هي ظرف من الظروف الخارجية ”لا تعود لعامل بشري” التي تحيط بالشخص وتدفعه إلى ارتكاب الجريمة للتخلص من خطر جسيم على نفسه أو نفس غيره. من ذلك أن يضطر الشخص إلى كسر الباب لكي ينجو من الحريق الذي اشتغل في مسكن يستأجره .

رابعاً: الإكراه 

– المقصود بالإكراه :

ويٌقصد بالإكراه المادي قوة تسيطر على إرادة الشخص فتلغي حريته في الاختيار .

والإكراه إما أن يكون إكراها ماديا أو إكراها معنويا .

ويُعد الإكراه سواء أكان ماديا أو معنويا من عيوب الإرادة التي من شأنها أن تمنع المسئولية الجنائية لمرتكب الجريمة تحت تأثير أي من هذين النوعين من الإكراه .

– التمييز بين أسباب الإباحة وموانع المسؤولية :
موانع المسؤولية هي تلك التي تحول دون مساءلة الفاعل على الرغم من ارتكابه للجريمة . فالصغير والمجنون لا يُسألان جنائيا على الرغم من ارتكاب الجريمة . فالأمر يتعلق بمانع من موانع الأهلية الجنائية التي هي شرط للمسؤولية الجنائية .

ويمكن تمييز موانع المسؤولية عن أسباب الإباحة في الجوانب التالية :


1- أسباب الإباحة ترفع عن الفعل صفة التجريم ، أما موانع المسؤولية فإنها لا تنفي أن الجريمة وقعت وأن هناك خطأ ينسب إلى الفاعل .

2 – أسباب الإباحة موضوعية يمتد أثرها إلى الفاعل والشريك ، أما موانع المسئولية فأثرها محدود في شخص من توافر لديه دون غيره . فإذا اشترك أكثر من شخص في الجريمة فإن كل منهم يُسأل وفقا لمدى توافر واكتمال أهليته الجنائية . وقد سبق القول بأن من يحرض شخصا غير مسئول جنائيا يسأل جنائيا بوصفه فاعلا أصليا في الجريمة .

3  – توافر الإباحة يحول دون قيام المسئولية المدنية ، أما موانع المسئولية فإنها لا تحول دون توافر المسئولية المدنية بالتعويض باعتبار أن الشخص غير المسئول (صغيرا غير  مميزا أو مجنونا) يسأل مدنيا بالتعويض . فالمسئولية المدنية ترمي إلى جبر الضرر وليس عقاب المسئول .

4 – لا محل لإخضاع من يستفيد من سبب من أسباب الإباحة لتدبير من التدابير المقررة قانونا ، أما الصغير غير المميز أو المجنون فهناك من التدابير ما يأمر بها في مواجهته .

.
.

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل المرفق كامل ومنسق جاهز للطباعة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *