بحث عن ادارة التغيير وورد doc

مقـــدمة :

منذ أن وجدت البشرية والعالم كله فى حركة تغيير دائمة لا تهدأ ولا تستقر ، تغييرات فى النظم ، وفى العلاقات ، وفى الفكر الإنسانى ، وفى التطور ، وفى أنماط الحياة ، وفى أشكال الحكم ، وفى السلوك والعادات والتقاليد .. تغيير شامل لكل نواحى الحياة قد يتسارع حيناً .. وقد تهدأ أو تبطأ خطواته أحياناً أخرى.. (9: 15)
ومن هنا أصبحت قضية التغيير من القضايا الأولى فى عالم اليوم ، عالم المتغيرات سريعة الإيقاع عالم تحريك الثوابت وانهيارها وتفجر الأزمات العنيفة عالم تيارات الحرية وحقوق الإنسان ، عالم الثورة التكنولوجية التى سيطرت سيطرة تام على البشرية ، عالم التغيير الدائم والمستمر الذى لا تهدأ حركته أو تتوقف مسيرته.
ولما كانت أى منشأة أو منظمة لا تعمل فى جزيرة منعزلة ، وإنما تعمل فى مجتمع تسوده نظم وأوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية معينة ولها تأثير إلى حد بعيد على مستوى الأداء ومن ثم نتائج الأعمال لهذه المنظمة فإذا كانت هذه العوامل السائدة فى المجتمع مواتية ، فإنها تكون بلاشك من عوامل نجاح المنظمة وعلى العكس من ذلك ، إذا كانت هذه النظم والأوضاع غير مواتيه فأنها تكون من عوامل فشل المنظمة ، وهنا تبرز حتمية وضرورة التغيير من أجل خلق المناخ الملائم والظروف المواتية التى تسمح للوحدات والمنظمات بتحقيق أهدافها. (5 : 31)
وبالتالى أصبحت إدارة عملية التغير من أهم النقاط التى تركز عليها الإدارة الحديثة ، فقد أدرك الجميع أن الإعداد والتخطيط لمنظمة دائمة التغيير أفضل بكثير من عدم التخطيط والاعتماد على افتراض أن تطور الأعمال يتم من خلال النمو التدريجى بدون الحاجة إلى التدخل والتغيير. (7 : 20)
كذلك نجد إن منظمات العمل ـ سواء منها العامة أو الخاصة أى الحكومية وغير الحكومية ـ تحتاج بين حين وآخر إلى تطوير وتغيير إلى الأحسن ، لزيادة فاعليتها وأدائها وإنتاجيتها ويهدف هذا التطوير والتغيير فى الدرجة الأولى إلى التأثير فى المديرين والمشرفين ، بغية تغيير طرق تفكيرهم المرتبطة بالعديد من مجالات نشاطاتهم فى المجال الإدارى ، والتى تكونت نتيجة المفاهيم التقليدية التى أثرت فيهم لعديد من السنوات . (11 : 545)

مفهوم وتعريف التغيير :

تتعدد مفاهيم التغيير وتختلف باختلاف الزاوية التى ينظر إليه منها ، فالبعض يعرفه من زاوية الأسباب ، والآخر يعرفه من زاوية النتائج ، وآخرين يعرفونه من زاوية المظاهر والأغراض ، ومن هنا فإن اختلاف الزوايا واختلاف التعريفات يؤدى إلى عدم وحدة المفاهيم ومن ثم اختلاف فى الرؤية وفى الفهم وفى الإدراك وفى التعامل مع الظاهرة.
ووجود تعريف سليم وواضح ومقبول ومعترف به من الجميع أو الغالبية يساعد على التعامل مع الظاهرة ، حيث توجد بينهم لغة واحدة وفهم مشترك.
فمفهوم التغيير لا يزال غامضاً بعيد عن الوضوح ، فهناك طبيعة التغيير من حيث المضمون والشكل ، وهناك علاقات التغيير من حيث الترابط والتشابك ، ومن حيث العلاقات التبادلية والسببية ، ومن حيث الاتجاه والتأثير والتأثر . وهناك القابلية للتغيير من حيث مدى المرونة التى تتقبل التغيير. (9 : 16)
والتغيير هو فى الواقع خطة إيجابية ، أى تطوير أداء الجهاز أو المنظمة وتحسينها ونقلها من مرحلة إلى مرحلة أخرى أكثر فعالية ونجاحاً وملاءمة لتغيرات البيئة والحياة المتغيرة دائماً ، لأن منظمة العمل أو الجهاز الإدارى يجب ألا يظل جامداً حتى لا يضطر إلى التغيير الإجبارى وغير المرغوب . (11 : 545)
ويعرفه بيكارد Bechard على أنه : جهد مخطط ، يشمل المنظمة بأكملها ويدار من القمة ، بغية زيادة فعالية التنظيم وإحساسه بالصحة ، من خلال تدخلات مدروسة فى عمليات التنظيم ، وذلك باستخدام نظرية العلوم السلوكية. (12 : 28)
أما فرنش وبل French & Bell فإنهما يعرفان التغيير بأنه : جهد ونشاط طويل المدى يستهدف تحسين قدرة المنظمة على حل مشكلاتها وتجديد ذاتها ، من خلال إدارة مشاركة وتعاونية وفعالة لمناخ التنظيم ، تعطى تأكيداً خاصاً للعمل الجماعى الشامل”.
(13 : 58)
ويعرفه رونبسون Robonson على أنه : ” التحرك من الوضع الحالى الذى نعيشه إلى وضع مستقبلى أكثر كفاءة وفاعلية ، وبالتالى فالتغير هو تلك العملية التى نتعلم فيها ونكتشف الأمور بصورة مستقرة. (7: 20)
ويعرفه أحمد ماهر على أنه : خطة طويلة المدى لتحسين أداء المنظمة فى طريقة حلها للمشاكل وتجديدها وتغييرها لممارستها الإدارية ، وتعتمد هذه الخطة على مجهود تعاونى بين الإداريين وعلى الأخذ فى الحسبان البيئة التى تعمل فيها المنظمة ، وعلى التدخل من طرف خارجى وعلى التطبيق العلمى للعلوم السلوكية.

وفيما يلى شرح لجوانب التعريف :

(1) خطة طويلة المدى (لا يمكن توقع تغيير أو تطوير فى أهداف وخطط وممارسات المنظمة بين يوم وليلة ويعتمد التغير على (نفس طويل) للإداريين فخطة التغيير والتطوير تحتاج إلى سنة على الأقل ، وحتى ثلاث سنوات وذلك حتى يمكن تحقيق أهداف التغيير.
(2) حل المشاكل وتجديد الممارسات : يهدف التغيير إلى تقوية جهود المنظمة فى مواجهة مشاكلها وهذه المواجهة تتم من خلال تطوير أسلوب متحيز للمنظمة لحل المشاكل والتكييف مع الظروف المتغيرة للبيئة المحيطة بالمنظمة .
(3) مجهود تعاونى للإداريين : بصرف النظر عن من يقوم باتخاذ قرار التغيير فهناك مراحل تحتاج إلى تعاون الإداريين وتنمية الاتصال والتنسيق بينهم.
(4) التأثر ببيئة المنظمة : إن وضع أسلوب مميز لحل المشاكل ولتجديد ممارسات المنظمة يجب أن يكون مستنداً على فهم عناصر البيئة التى تعمل فيها المنظمة وعلى فهم كيف تؤثر البيئة فى ممارستها ويقصد ببيئة المنظمة جمهورها من العاملين والمستهلكين والمنافسين والموردين.
(5) التدخل الخارجى : أحياناً يلزم الأمر إلى وجود أطراف خارجية على المنظمة كمكاتب الاستشارات الإدارية وأساتذة الإدارة المتخصصين فى هذا المجال للتدخل كعنصر محرك ودافع للتغيير وقد يعمل الطرف الخارجى فى واحدة أو أكثر من خطوات التغيير مثل تشخيص المشاكل أو تدريب العاملين على تطوير أنفسهم وعلى اقتراح بعض أساليب التطوير أو غيرها.
(6) التطبيق العلمى للعلوم السلوكية : أى يجب على المنظمة أن تستند فى جهودها للتغيير على مبادئ العلوم السلوكية والخاصة بتطوير الاتجاهات النفسية للعاملين وتطوير مهاراتهم واستعدادتهم للتعلم وتقبل التغيير وتطوير مهارات العاملين فى التعامل مع بعضهم البعض وغيرها من الاعتبارات السلوكية. (2 : 533 ، 534)
من خلال ما سبق يستخلص الباحث أن التغيير هو :
تحويل أو تطوير فى سلوك المنظمة يتصل بالناحية التنظيمية أو الكوادر البشرية يهدف إلى مواجهة مؤشرات خارجية أو داخلية تعرضت لها المنظمة من قبل البيئة المحيطة بها.
الحاجة إلى التغير (أسباب التغير)

يذكر روبنسون أن أسباب التغير فى المنظمات يرجع إلى :

• الأزمة (Risis) : بمعنى إدراك أن الأمور يجب أن تتحرك من مكانها وتتغير.
• الرؤية (Vision) : الصورة الواضحة للمستقبل الممكن الوصول إليه بالتغيير.
• الفرصة (Opportunity) : بمعنى التنبؤ بأن التغيير سيكون إلى الأفضل وبالتالى لا يجب ترك هذه الفرصة من أيدينا.
• التهديد (Threat) : أى التنبؤ بحدوث شئ فى المستقبل سيؤثر سلباً على المنشأة واستمراريتها . (7 : 21)
بينما يرى ناصر العديلى أن هناك مجموعة من العوامل تلعب دوراً كبيراً فى جعل المنظمات تسعى إلى أحداث ما يسمى بالتطوير والتغيير وهى :

(1) عوامل البيئية التقنية :

يتمثل البيئة التقنية فى التغيرات التكنولوجية التى يشهدها العالم اليوم ، حيث بدأت المعلومات منذ عام 1940 بالانفجار والزيادة فى المكتشفات التقنية . وهذا التغير فى الاكتشافات التقنية والمعلومات له تأثير فى بيئة العمل ومهامه ، سواء من حيث نوعية الإنتاج أو أساليبه أو الهيكل التنظيمى أو مشاعر العاملين .

ويتمثل هذا التغير والتأثير فى ثلاثة جوانب ، وهى :

أ ـ العلماء والفنيون : لاشك فى أن العلماء والفنيين قد يتأثرون ويكون لهم رد فعل ، وقد يكون رد الفعل هذا فى غير صالح المنظمة ، لأنهم قد يرون فى التنظيم البيروقراطى تخلفاً عن المبتكرات والوسائل التقنية الحديثة .
ب ـ أن الإنتاج المصمم بواسطة العلماء هو إنتاج معقد ومتقدم ، ويتمثل ذلك بالأجهزة الإلكترونية الحديثة وأدوات المكاتب والآلات الحاسبة والحاسب الآلى ووسائل الاتصال الحديثة ، كالآلة الكاتبة والفاكسميلى وغيرهما.
ج ـ العمليات الإنتاجية يجب أن تكون بمستوى أداء وتقدم الإنتاج نفسه ، وبأقل نسبة من الأخطاء الإنسانية حتى لا يترتب عليها آثار بالنسبة للمستخدمين والمستهلكين.

(2) عوامل البيئة الاجتماعية :

وتتمثل هذه العوامل فى العوامل البيئية الاجتماعية الخارجية ، كالعادات والتقاليد والمبادئ الدينية والقيم ، وكذلك فى الاتجاهات والمواقف نحو العمل ، وتغير النظرة إلى هذه الاتجاهات وإلى المسئولية الاجتماعية ، وتتمثل العوامل الاجتماعية كذلك فى نمو السكان وتفاعلهم ووجود العمالة الأجنبية والأنظمة والسياسات الحكومية ، ونحو ذلك من العوامل الاجتماعية الطارئة .
(3) العوامل الاقتصادية : وتتمثل هذه العوامل فى عوامل البيئة الاقتصادية الداخلية والخارجية ، مثل : رأس المال والموارد الاقتصادية وحركة وتغيير الأسواق العالمية وظروف الإنتاج ، والأعمال والتسويق وندرة الموارد والمنافسة والحروب أو الأزمات الاقتصادية.
(4) العوامل التنظيمية : وتتمثل هذه العوامل فى العوامل التنظيمية داخل المنظمة وخارجها ، مثل : اتجاهات العاملين والموظفين والمديرين ، متطلبات المشاركة فى العمل ، التقنية الإدارية ، حجم منظمات العمل ، زيادة مهارات العاملين ، تغير القيم والمواقف لدى العاملين ، ونحو ذلك. (11 : 547)
ويضيف أحمد ماهر أن الأسباب التى تدفع المنظمات إلى إحداث تطوير وتغيير فى أجزاءها إلى وجود تغييرات ومشاكل محيطة بها ، وأنه لا يمكن حل هذه المشاكل أو التواكب مع التغييرات المحيطة ما لم تحدث بعض التغييرات فى أجزاء المنظمة وفى الأسلوب الذى تفكر به فى مواجهة مشاكلها ، ويمكن تقسيم التغييرات والمشاكل المحيطة بالمنظمة إلى :

(1) التغيرات الخارجية :

وهى تغييرات فى البيئة الخارجية المحيطة بالمنظمة ومنها :
– زيادة حدة المنافسة فى الأسواق ولجوء المنافسين إلى طرق ووسائل تهدد مكانة المنظمة فى السوق .
– التغيير السريع فى الأساليب الفنية (التكنولوجيا) المحيطة والتهديد بتقادم سلع وخدمات المنظمة .
– التغييرات السياسية والاقتصادية والقانونية فى المجتمع مثل التحولات الاقتصادية تجاه الاشتراكية والرأسمالية والتغيير فى الموارد الاقتصادية .
– التغيير فى هياكل القيم الاجتماعية مثل قيم التعليم والفروق بين الأجيال وتطلعات الشباب ، وقيم الزواج والتحرر.

(2) التغييرات الداخلية :

– تغيير فى الآلات والمنتجات وخطوط الإنتاج .
– تغيير فى هياكل العمالة والوظائف وعلاقات العمل
– تغييرات فى أساليب التخطيط والتنظيم والرقابة
– تغييرات فى الأساليب والإجراءات ومعايير العمل.
– تغييرات فى علاقات السلطة والمسئوليات والمركز والنفوذ (2 : 435 ، 436)

أهداف التغيير :

برغم أن الأهداف التفصيلية للتطوير والتغيير تختلف تبعاً لتشخيص مشكلات المنظمات المتنوعة ، فإن هناك مجموعة من الأهداف العامة التى تنطبق فى جميع الحالات ، هذه الأهداف تعكس مجموعة من المشكلات المشتركة فى المنظمات بصفة عامة ، والتى تقف حائلاً أمام الاستخدام الأمثل للقدرات والطاقات البشرية داخل المنظمة ويمكن تلخيص تلك الأهداف على النحو التالى :
(1) إرساء قواعد الثقة بين الأفراد المكونين للجماعات وبين الجماعات المتفرعة فى جميع أرجاء المنظمة وعلى جميع مستوياتها التنظيمية .
(2) خلق مناخ مفتوح لحل المشكلات فى جميع أرجاء المنظمة ، حيث تواجه المشكلات وتوضح اختلافات الرأى بصراحة ووضوح سواء بين الجماعة الواحدة أو بين الجماعات بعضها وبعض ـ ليحل هذا المناخ محل الاتجاه الخاص بإخفاء المشكلات أو تحميلها للآخرين.
(3) تحديد مسئولية اتخاذ القرارات وحل المشكلات ، بحيث تكون أقرب ما يمكن لمصادر المعلومات وللجهات المباشرة المختصة بقدر الإمكان ، وذلك بدلاً من تركيزها فى وظيفة معينة أو عند مستوى إدارى معين.
(4) زيادة درجة الانتماء للمنظمة ولأهدافها .
(5) زيادة درجة التعاون بين الأفراد والجماعات الذين تربطهم علاقات العمل داخل إطار المنظمة ، وخاصة الجماعات والأفراد المتنافسين بشأن الموارد المحددة ، وبالتالى تكون هذه المنافسة واضحة بحيث يمكن إدارتها وتوجيهها لصالح المنظمة بدلاً من احتمالات تأثيراتها السيئة.
(6) زيادة درجة الإحساس بديناميكية (حركية) الجماعة ونتائجها المحتملة على الأداء ، ويعتبر آخر مساعدة الأفراد على زيادة درجة تعرفهم على ما يحدث بين أعضاء الجماعة فى أثناء عملها فى مهمتها المحددة (الاتصال ـ التأثير ـ المشاعر ـ نماذج القيادة وصراعاتها ـ أساليب إدارة الصراع .. الخ).
(7) زيادة إحساس العاملين بالملكية والأهداف التنظيمية
(8) مساعدة المديرين على تبنى أساليب الإدارة بالأهداف ، بدلاً من اعتمادهم على خبراتهم الشخصية وتبنيهم لأساليب أقل فاعلية مثل : الإدارة بالأزمات .
(9) زيادة قدرات الأفراد على الرقابة الذاتية والتوجيه الذاتى داخل إطار المنظمة .
(1 : 40)

خطوات ومراحل التغيير :

عندما تنجح المنظمة فى مجهوداتها لتوقع الحاجة إلى التغيير ، فإنها تصبح قادرة على إدارة هذا التغير بطريقة منطقية والشكل التالى يوضح ذلك :
شكل (1) خطوات التغيير
إن التغيير يبدأ بالاعتراف بالحاجة إلى التغيير ، هذا الاعتراف يمكن أن يأخذ صورة التوقع لحدث ما ، مثلاً يذكر أحد العاملين أنهم ـ أى العاملين ـ يتمنون ويقدرون لو أن إدارة المنظمة أنشأت حضانة داخلية لأبناء العاملات .
بعد تقرير الحاجة إلى التغيير ، يقوم المدير بتحديد الهدف من التغيير ، بمعنى توضيح أهمية التغيير والنتائج المتوقعة منه ، على سبيل المثال ، يوضح أن إنشاء دار حضانة داخلية يخفض من معدل تغيب العاملات ومن الواضح أن التغيير المطلوب إذا لم يمكن تبريره على أساس الفوائد التى يحققها فإنه يؤجل إلى مرحلة أخرى ، أو يستبعد تماماً .
الخطوة الثالثة هى التشخيص ، ويعنى قيام المدير بالنظر بطريقة ثاقبة إلى النظام التنظيمى ككل ، لتحديد التأثيرات المحتملة للتغيير ، مثل أن إقامة حضانة داخلية قد يتطلب تعيين مربيات متخصصات .
الخطوة الرابعة ، هى قيام المدير باختيار طريقة تبنى التغيير المطلوب ، فإن دار الحضانة مثلاً يمكن الإشراف عليها بواسطة إدارة المنظمة ، أو يعهد بها إلى شركة متخصصة إن جميع هذه البدائل وغيرها يجب أن تكون موضع اعتبار.
إن التصرفات المرتبطة باختيار وسيلة التنفيذ يجب تخطيطها بدقة ، فالمدير يجب أن يحدد متى موعد افتتاح دار الحضانة ، وعدد ساعات التشغيل المحتملة ، وكم يدفع العاملون مقابل الانتفاع بهذه الخدمة .
بعد إجابة الأسئلة السابقة ، يمكن أن يبدأ التنفيذ ، ومن الطبيعى أن نتوقع بعض الترتيبات اللازمة فى هذه المرحلة ، كما نتوقع أيضاً حدوث بعض المشاكل مع بداية التنفيذ ، هذه المشاكل لابد أن يتوقعها المدير ويستعد لها تجنباً للحكم المتسرع على عدم جدوى مشروع التغيير.
أخيراً ، وبعد استقرار الأمور يتحتم على المدير تقييم هذا النموذج من حيث مدى مقابلته للهدف من استخدامه وبعض الأسئلة يبدو هاماً فى هذا الصدد مثل : هل انخفض معدل تغيب العاملات بعد تشغيل دار الحضانة أم لا ؟ .
بافتراض أن الأهداف المرجوة من المثال السابق أمكن تحقيقها ، هنا تكون عملية التغيير قد اكتملت بنجاح ، وينتظر المدير فرصة أخرى لتبنى تغيير جديد . (8 : 321 ، 322)

ويضيف روبنسون أن التغيير يمر بخمس مراحل متتالية يوضحها الشكل التالى :

شكل (2) خطوات تخطيط وتطبيق التغيير

الخطوة الأولى : الاستعداد النفسى والتهيئة الذاتية للتغيير :

فى بداية عملية التغيير تبدو الأمور غير واضحة ولم يتم إعدادها وتجهيزها والهدف الأساسى من هذه الخطوة هو الاستعداد والتهيئة الذهنية للتغيير ، حيث تركز على التقييم والاختبار الذاتى وتكوين صورة أولية عامة عن التغيير المطلوب إحداثه.

الخطوة الثانية : اختيار وتكوين فريق العمل الأساسى للتغيير

حتى نتمكن من خلق بيئة آمنة للتغيير ، يجب البحث عن الأفراد الذى يمكن أن نشق فيهم ثقة كاملة ومنهم سيتكون الفريق الداخلى للتغيير ، كما إن الأمر الأكثر أهمية فى هذه الخطوة هو تكوين الفريق المدعم لأفكار الإدارة العليا للمنظمة .
وهدف هذه الخطوة هو وضع إطار عام للتغيير وبعدها الاستعداد لعرض هذا الإطار على الإدارة العليا .

الخطوة الثالثة : الحصول على دعم وموافقة وتأييد الإدارة العليا :

للحصول على دعم وتأييد الإدارة العليا بالتغيير لابد من إقناعها بهذا التغيير ، ومناقشة جوانب المقاومة المتوقعة ، والهدف من هذه الخطوة هو المشاركة مع الإدارة العليا فى وضع وتحديد الصورة الكاملة للتغيير المطلوب .
الخطوة الرابعة : التمهيد للانتقال التدريجى من مرحلة الإعداد إلى التطبيق :
بمجرد الحصول على دعم وتأييد الإدارة العليا للتغيير ، تبدأ الخطوة التالية وهى التوجه إلى المنشأة بأكملها تمهيداً لإحداث التغيير حيث ستقوم الإدارة بدعم التغيير وإقناع العاملين به ، فهى المسئولية الآن عن ترجمة الصورة الكاملة للتغيير إلى أعمال وخطوات تنفيذية فعلية .

الخطوة الخامسة : التطبيق الكامل والمتابعة الفعلية للتغيير :

فى هذه المرحلة يجب تخصيص وقت أطول للمحافظة على استمرارية تطبيق التغيير ومتابعة النتائج .
(7 : 25)

إدارة التغيير :

من خلال ما سبق يتضح أن الإدارة الحديثة تهتم اهتماماً كبيراً بإدارة التغيير حيث لا يجب أن تترك المنظمات فى مواجهة التأثيرات الداخلية والخارجية دون أن تحاول إحداث تغيير قادر على الوصول بها إلى التوافق والتكيف مع هذه التأثيرات بأسلوب علمى إدارى منظم يعتمد على التخطيط والتنظيم عن طريق إتباع الخطوات التالية :

– تخطيط التغيير :

ويقصد بعملية تخطيط التغيير هى وصف لما يجب إنجازه فى عملية التغيير ، ووصف للطريقة والأسلوب المستخدم فى ذلك وخطة التغيير يجب أن تحتوى فى أجزائها العناصر التالية :
(1) التعرف على مشاكل المنظمة
(2) جمع معلومات عن المشاكل
(3) مشاركة أجزاء وأفراد المنظمة فى جمع المعلومات
(4) تشخيص المشاكل وبدائل الحلول
(5) تحديد وسائل الاتصال المستخدمة فى تداول المعلومات عن خطط التغيير
(6) تحديد طرق التغلب على الضغوط والتواترات المحيطة بعملية التغيير
(7) تحديد الشئ الذى سيخضع للتغير (الأفراد ـ أم الجماعات ـ أم التنظيم)
(8) تحديد المراحل التى سيمر بها التغيير ، والأزمنة المرتبطة بذلك .
(9) تحديد الأدوات والوسائل التى ستستخدم فى إحداث عملية التغيير .

وبالانتقال إلى عملية تنظيم التغيير ، فيقصد بتنظيم التغيير من يقوم ، ومتى وكيف تتم عملية التطوير والتغيير التنظيمى ، أما عن من يقوم بعملية التغيير ، فتعنى المستويات التنظيمية أو الإدارية التى ستشترك فى جمع المعلومات وتشخيص المشاكل وتطبيق الحلول ، كما تعنى من الأفراد داخل هذه المستويات سيشترك فى هذه الخطوات ، وما هى درجة المشاركة ، ويمكن التمييز هنا بين ثلاث حالات : الأولى أن تنفرد الإدارة العليا بسلطة التغيير ، والثانية على طرف النقيض وهى أن تقوم بذلك الإدارة الدنيا بتفويض من الإدارة العليا ، والثالثة هى حالة وسط بين الحالتين السابقتين ، حيث تشترك كل من الإدارة العليا والوسطى والدنيا فى التغيير فى نظام واحد.
أما من حيث متى تتم عملية التغيير ، فيجب على المشتركين فى وضع نظام التغيير أن يضعوا ما يشابه الجدول أو الخطة الزمنية ، والتى تحدد الخطوات والمراحل التفصيلية لعملية التطوير والتغيير بشكل زمنى ، بحيث يكون ذلك مرشداً للتنفيذ وملزماً للمنفذين بإتباعه .
أما من حيث كيف تتم عملية التغيير ، فإننا نتناول فيها الأدوات التى ستستخدم لإحداث التطوير والتغيير ، ويتحدد ذلك بحسب طبيعة المشكلة وبحسب المناخ المتاح ، وبحسب الشئ الذى سيخضع للتطوير (هل هو الأفراد ، أم جماعات العمل ، أم هياكل التنظيم والعمل والإجراءات).

مسئولية التغيير والتطوير داخل المنظمة :

تقوم الإدارة العليا فى المنظمة بتحديد من له سلطة التغيير والتطوير ، وهناك أربع بدائل فى هذا الصدد .
(1) أن تستأثر الإدارة العليا وحدها بسلطة التغيير
(2) أن تقوم الإدارة العليا بإشراك باقى المستويات التنظيمية فى التغيير
(3) أن تقوم الإدارة العليا بتفويض هذه السلطة لمستويات أدنى
(4) الاستشاريون من خارج المنظمة

أولاً : الإدارة العليا :

ويستأثر هنا المديرين فى الإدارة العليا بمعظم أو كل السلطات الخاصة بعمليات التغيير ، فهم الذين يخططون وينظمون عمليات التطوير ، ويصدرون كل القرارات المتعلقة بذلك ، ويقوم هؤلاء المديرون بالتعرف على المشاكل إما بالاعتماد على خبراتهم الذاتية أو الاسترشاد بالمعلومات والتقارير التى ترد من مرؤوسيهم . ويتم ذلك من خلال مرسوم أو قرار إدارى.
فمثلاً قد يقوم المدير بإقرار جدول جديد لساعات العمل ومواعيد الحضور والإنصراف أو كأن يقرر مجلس الإدارة الأخذ بخمسة أيام عمل بدلاً من ستة أيام عمل فى الأسبوع .

ثانياً : المشاركة :

تقوم الإدارة العليا هنا بإشراك باقى المستويات التنظيمية والعاملين فى عملية التغيير . ويعتمد هذا المدخل فى التغيير على افتراض أن العاملين والمستويات التنظيمية ذات كفاءة وأهلية للمشاركة ، وإنها ذات تأثير قوى على مصير المنظمة بالقدر الذى يعطيها قوة وسلطان لا يمكن إنكاره . وبالتالى قد يكون من الأفضل وجود تفاعل بين المستويات التنظيمية المختلفة .

ثالثاً : التفويض :

وتقوم الإدارة العليا هنا بإعطاء اليد العليا لباقى المستويات التنظيمية والعاملين بالمنظمة فى تحديد معالم التغيير والتطوير المناسبة . وعلى هذه المستويات أو الأقسام أو العاملين أن يضطلعوا بمعظم مهام التغيير من تحديد للمشاكل وبدائل الحلول واختيار الحل المناسب واتخاذ القرارات التى يعتقدون إنها مناسبة لحل مشاكلهم.
ويتم التفويض للمستويات التنظيمية والعاملين بأحد الأسلوبين الآتيين :

(1) مناقشة الحالة :

ويتم أخذ مشكلة أحد الإدارات أو الأقسام كحالة واجبة النقاش ، ويقوم مدير الإدارة أو رئيس القسم بتوجيه المناقشة بين العاملين ، ويتم ذلك بغرض إكساب العاملين المهارة على دراسة مشاكلهم ، وبفرض تقديمهم لمعلومات قد تفيد فى حل المشكلة ، وعلى هذا فإن تدخل المدير أو الرئيس ليس بغرض فرض حلول معينة ، وإنما لتشجيع العاملين لكى يصلوا إلى حلول ذاتية لمشاكلهم

(2) تدريب الحساسية :

ويتم هنا تدريب العاملين فى مجموعات صغيرة لكى يكونوا أكثر حساسية لسلوك الأفراد والجماعات التى يتعاملون معها . كما يتم التركيز أساساً على إكساب العاملين مهارة التبصر بالذات والوعى لما يحدث من حولهم ، والتأهب والحساسية لمشاعر وسلوك الآخرين . ويعتمد هذا المدخل على افتراض أساسى هو إنه بإكساب العاملين المهارات السلوكية المطلوبة وحساسيتهم لمشاعر الآخرين ولمشاكل العمال ، يمكن تطوير العمل بشكل أفضل ، أى أن التطوير التنظيمى يعتمد إلى حد كبير على تطوير وتنمية العلاقات والمهارات الشخصية للعاملين . (2 : 438 : 452)

رابعاً : الاستشاريون من خارج المنظمة :

تعتمد كثير من محاولات التطوير التنظيمى على ضرورة الحصول على مساعدة خارجية من أحد الاستشاريين (مثل المكاتب الاستشارية الإدارية أو أحد أساتذة إدارة الأعمال المتخصصين) ، ويختلف دور الاستشارى فى تحريك ودفع عملية التطوير وذلك بحسب الفلسفة أو السبب الذى من أجله تقوم المنظمة باستجلاب خبرات الاستشارى الخارجى. وعلى كل من المنظمة والاستشارى أن يحدد دوريهما بدقة ، وإذا نظرنا إلى الأدوار أو الوظائف التى يمكن أن يقوم بها الخبير الاستشارى ، فإننا سنجدها عديدة ، وهو يركز على واحدة أو أكثر من هذه الوظائف ، ومن هذه الوظائف ما يلى :
(1) المبادأة : وهنا يقوم الخبير الاستشارى بأشعال فكرة التطوير التنظيمى وأهميتها للمنظمة ، ويتم ذلك من خلال تقديمه لمعلومات علمية وتطبيقية عن التطوير التنظيمى وماهيته وأهميته وإمكانية إفادته للمنظمة .
(2) تشخيص المشاكل : وهنا يقوم الخبير الاستشارى بمساعدة المنظمة فى وضع خطة عن كيف تجمع المعلومات ، وما هى البيانات المطلوبة ، وكيف يمكن أن تشترك أجزاء المنظمة فى جمع المعلومات ، وكيف يمكن تبويب وتفريغ البيانات فى جداول وأشكال بيانية يسهل فهمها ، وكيف يمكن تحليل هذه البيانات بالشكل الذى يساعد على تحديد المشكلة أو تشخيصها .
(3) وضع الحلول وتصميم أنظمة التدخل : ويقوم الخبير الاستشارى هنا بالاتفاق مع المنظمة على نقاط التركيز والأهداف التى سيتم التعامل معها ، هل يغطى التغيير الأفراد والجماعات والهياكل ؟ أم جزء منها ، وهل يكون التغيير شامل أم جزئى وبالتدريج ؟ ، ويقوم أيضاً الخبير الاستشارى بتقديم مجموعة الأدوات التى سيستخدمها فى التغيير ، أى هل سيقوم بتعديل هياكل التنظيم ؟ أم بإعادة تصميم الوظائف ؟ ، أم تعديل الإجراءات وتبسيط العمل ؟ ، أم تدريب العاملين ؟ ، أم ببناء أنظمة جديدة للتسويق ؟ .
(4) تقييم ومتابعة التطوير : ويقوم الخبير الاستشارى هنا يجمع معلومات عن النتائج التى تم تحقيقها ، وذلك لتحديد مدى الاستمرار أو التعديل فى أنظمة التدخل المستخدمة . كما يقوم الخبير بتقييم فعالية التطوير التنظيمى من خلال مؤشرات الربح وإنجازات الإنتاج والمبيعات والعلاقات الشخصية وسلوك العاملين والغياب والإصابات وترك الخدمة وغيرها من النتائج النهائية للمنظمات . (10 : 238 : 239)

مجالات التطوير والتغيير داخل المنظمات :

يحرص الباحثون والمختصون فى مجال التطوير والتغيير التنظيمى على طرح مثل هذا السؤال : ما الذى يتم تطويره وتغييره ؟ وتأتى الإجابة نتيجة للبحوث والدراسات التى أجريت فى هذا المجال ، لتوضح أن أهم جوانب التطوير والتغيير التنظيمى هى :
(1) الأفراد (2) جماعات العمل (3) التنظيم نفسه
وسوف نلقى الضوء فيما يلى على كل جانب من هذه الجوانب :

(1) الأفراد :

إن الأفراد هم أهم عناصر التطوير والتغيير التنظيمى ، لأنهم جوهر منظمات العمل وأهم عناصرها على الإطلاق ، ويكمن تغيير وتطوير أفراد المنظمة فى تفهم وإدراك سلوكهم وشخصياتهم ، ومن ثم العمل على تطويرها وتغييرها لتتلاءم مع متطلبات وأدوار المنظمة ، وكذلك روح العصر ومتغيرات الحياة ، إن تطوير وتغيير الموظفين إلى الأحسن يساعد المنظمة على تحقيق أهدافها وأداء مهامها على الوجه المطلوب .
وعلى منظمات العمل والأجهزة الإدارية أن تراعى مجموعة من العناصر والجوانب المتعلقة بتطوير الأفراد وتغييرهم إلى الأحسن ، مثل : أنماط شخصياتهم ، دوافعهم وقدراتهم ، اتجاهاتهم ومواقفهم ، فرص مشاركتهم فى القرارات وحل المشكلات . إن إيجاد الانسجام والتناغم بين شخصيات الأفراد واتجاهاتهم ودوافعهم وقدراتهم وفرص المشاركة لهم ، له دور كبير فى فعالية المنظمة ونجاحها .

(2) جماعات العمل :

يأتى الاهتمام بتطوير وتغيير جماعات العمل كمرحلة أخرى من مراحل التطوير والتغيير التنظيمى ، بعد تطوير وتغيير الأفراد كأفراد ، وهنا يكون التطوير والتغيير للأفراد كجماعات ، وهو لا يقل أهمية عن سابقه ، غير أنه قد يكون أسهل عندما نضمن تطويراً وتغييراً فعالاً للأفراد أنفسهم .
وتتمثل جماعات العمل بالأقسام والإدارات واللجان والمجالس وفرق العمل . والتطوير أو التغيير هنا يركز على : فعالية الجماعة والاهتمام بقيمها ومعاييرها وتطوير أهدافها وتماسك الجماعة ، وما يطرأ بين أفراد الجماعة من نزاعات أو خلافات ، والأساليب المناسبة لحل المشكلات واتخاذ القرارات ، وكذلك على أسلوب الاتصال بين جماعات العمل والعلاقات الداخلية البيئية التى تساهم فى دعم الجماعة وتوثيق أدائها.

(3) التنظيم نفسه :

يأتى بعد ذلك الجانب الثالث من جوانب التطوير التنظيمى وهو التنظيم ذاته ، ويتمثل فى بعدين ، هما :
أ ـ الوحدات التنظيمية الرئيسية : وهذه الوحدات قد تكون أقساماً ، مثل : قسم الإنتاج وقسم البحوث وقسم التسويق ، أو إدارات مثل : الإدارة المالية وإدارة التخطيط والمتابعة وإدارة البرامج وإدارة الشئون الإدارية أو شئون الموظفين ، وقد يكون التغيير والتطوير بهذه الإدارات أو الأقسام فى مجال الوظائف فيها ، وهيكل الاتصال والمعلومات .
ب ـ العمليات التنظيمية المختلفة : مثل عمليات اتخاذ القرارات وأنماط الاتصالات ، والعلاقة بين الجماعات ، والعلاقة مع الجماعات ، وعمليات التخطيط وتصميم الأهداف ، علاقة السلطات وكذلك الإجراءات أو المنتجات أو الخدمات أو أساليب التجديد والابتكار أو التقنيات المختلفة . (4 : 39)
خصائص إدارة التغيير :
تتصف إدارة التغيير بعدة خصائص هامة يتعين الإلمام بها ومعرفتها والإحاطة بجوانبها المختلفة ، وهو ما يظهره لنا الشكل التالى :

خصائص إدارة التغيير

أولاً : الاستهدافية :

التغيير حركة تفاعل ذكى لا يحدث عشوائياً وارتجالياً ، بل يتم فى إطار حركة منظمة تتجه إلى غاية مرجوة وأهداف محددة ، ومن هنا فإن إدارة التغيير إدارة تتجه إلى تحقيق هدف ، وتسعى إلى غاية معلومة وموافق عليها ومقبولة من قوى التغيير ومن بين الأهداف الرئيسية التى تسعى إلى تحقيقها إدارة التغيير ما يلى :
( أ ) امتصاص الضغوط السلبية الناجمة عن عدم الرغبة فى التغيير من جانب القوى الرجعية ، والمقاومة الذاتية والتى قد تصبح مدمرة لجهود التغيير ، والعمل على تحويلها إلى إيجابية تدعم جهود التغيير للبناء وليس الإبقاء عليها كمعول للهدم .
(ب) إضفاء المرونة اللازمة على المشروع أو الكيان الإدارى ليصبح قادراً على استيعاب عمليات التغيير المطلوب بشكل سليم ، والاستجابة لمتطلباته .

ثانياً : الواقعية :

يجب أن ترتبط إدارة التغيير بالواقع العملى الذى يعيشه المشروع ، وأن يتم فى إطار إمكانياته وموارده وظروفه التى يمر بها حتى يمكن تنفيذه بسهولة ويسر.

ثالثاً : التوافقية :

يجب أن يكون هناك قدر مناسب من التوافق بين عملية التغيير وبين رغبات واحتياجات وتطلعات القوى المختلفة لعملية التغيير أى بين :
– القوى الراغبة والطامحة نحو التغيير كقادة للرأى والجماعات الإيجابية .
– القوى المنفذة لعملية التغيير ومقدار قدرتها على هذا التنفيذ
– القوى التى ستتحمل عبء وتكلفة التغيير ومقدار قدرتها على تحمل هذه الأعباء وإلى أى مدى
– القوى المحايدة التى تظل سلبية تترقب فى غير اهتمام ما سوف تسفر عنه حركة التغيير وصراع القوى المختلفة المتصلة به
– القوى المعارضة التى تقاوم التغيير وتسعى إلى إيقافه وعدم تحقيقه وتزرع العوائق والعراقيل وتضع القيود لتحد من فاعلية وحركة القوى الساعية نحو التغيير.
ومن هنا فإن خاصة التوافقية تصبح شديدة الأهمية حتى يمكن تحقيقه .

رابعاً : الفاعلية :

يتعين أن تكون إدارة التغيير فعالة ، أى تملك القدرة على الحركة بحرية مناسبة ، وتملك القدرة على التأثير على الآخرين ، وتملك القدرة على توجيه قوى الفعل فى الكيان الإدارى المستهدف تغييره ، وتملك القدرة على الرؤية الشاملة والمتسعة للقوى المتصارعة فى الكيان الإدارى ، ومن ثم ترجمة هذا كله فى رصد قوى التغيير والتعامل معها وبها لتحقيق أهداف التغيير بشكل سليم .

خامساً : المشاركة :

تحتاج إدارة التغيير إلى التفاعل الإيجابى ، والسبيل الوحيد لتحقيق هذا التفاعل الإيجابى هو المشاركة الواعية للقوى صاحبة المصلحة فى التغيير مع قادة التغيير ، ومن ثم إحاطتهم بالمتغيرات والقيود والضوابط التى تحيط بعملية التغيير وتفهمهم لمتطلباته بشكل سليم ، ومن ثم تنفيذهم للتوجيهات بدقة وإيجابية فضلاً عن تقبلهم لأعبائه وتكاليفه ، ومن ثم تزداد قابليتهم وقدراتهم على مقاومة المعارضين للتغيير ، ويزداد استعدادهم للدفاع عن التغيير ، وتنفيذ متطلباته ، أن المشاركة الإيجابية الواعية تضمن سرعة وتأكيد جوة الإنجاز ، كما تضمن فى الوقت ذاته الحماية والرعاية والأمن لعملية التغيير وعدم انتكاستها وارتدادها للخلف (ومن هنا تصبح المشاركة درع وقاية وسياج حماية لعملية التغيير وقيادات التغيير والمنفذين له).

سادساً : الشرعية :

يجب أن يتم التغيير فى إطار الشرعية القانونية والأخلاقية فى آن واحد ، ولما كان القانون القائم قد يتعارض مع اتجاهات التغيير ، فإنه يتعين أولاً تعديل وتغيير القانون قبل إجراء التغيير ، ومن ثم الحفاظ على الشرعية القانونية ، وفى الوقت ذاته حرمان القومى المعارضة للتغيير من سند قوى تستخدمه فى مقاومة قوى التغيير ، كما يجب أن تكون إدارة التغيير تستند إلى قواعد الأخلاق الحميدة للمجتمع ، وأن تعتمد على جهد إعلامى وإخبارى مستمر ومتسع وممتد ليوفر أساس قوى لشرعية التغيير من الناحية الأخلاقية ، وأن يجعل من التغيير مبدأ أخلاقى فى حد ذاته من أجل التطوير ، ومن أجل السعى نحو الأفضل ، والارتقاء والتحسين المستمر فى سبل الحياة وفى جودة الحياة .

سابعاً : الإصلاح :

حتى تنجح إدارة التغيير يجب أن تتصف بالإصلاح ، بمعنى أنها يجب أن تسعى نحو إصلاح ما هو قائم من عيوب ، ومعالجة ما هو موجود من اختلالات ، وسد ما فى المجتمع من نقائص ، ومن هنا تصبح عملية التغيير هى عملية إصلاح شامل ومتكامل للمجتمع ، وللكيان الإدارى الذى تتم فيه عملية التغيير.

ثامناً : الرشادة :

والرشادة هى صفة لازمة لكل عمل إدارى ، وبصفة خاصة فى إدارة التغيير ، حيث يجب أن يخضع كل قرار وكل تصرف لاعتبارات التكلفة والعائد ، فليس من المتصور عقلياً أن يحدث التغيير خسائر ضخمة يصعب تغطيتها بعائد يفوق هذه الخسائر .
ويتم النظر إلى التكلفة فى منظور البدائل المتاحة فى الحاضر ، فى حين يتم النظر إلى العائد فى إطار الحاضر والمستقبل معاً ، خاصة وأن العائد من التغيير عادة ما يمتد لسنوات طويلة بعد إحداثه.
إن هذه الخصائص الثمانية التى يجب أن تتصف بها إدارة التغيير تصبح لازمة لنجاحها حتى تتمكن من تحقيق أهدافها بحيوية وعزيمة وإصرار ، وفى الوقت ذاته يتحقق الخير المرجو من التغيير ، ويضاف إلى هذه الخصائص خاصيتين عمليتين تنفيذيتين هما :
الخاصية التاسعة القدرة على التطوير والابتكار :
وهى خاصية عملية لازمة لإدارة التغيير ، فالتغيير يتعين أن يعمل على إيجاد قدرات تطويرية أفضل مما هو قائم أو معروف أو مستخدم حالياً ، فالتغيير يعنى الأفضل والأصلح والأجود ولا يعنى أبداً التدهور والتحلل والانحلال ، فالتغيير يعمل نحو الارتقاء والتقدم لصالح الإنسان ولصالح البشرية ، وإلا فقد التغيير مضمونه وفقد هويته وفقد قوى الدفع التى يستند إليها وتحول إلى ” تدمير ” وليس تغيير.
الخاصية العاشرة : القدرة على التكيف السريع مع الأحداث :
وهى خاصية هامة ولازمة لإدارة التغيير ، فالأحداث السريعة العاصفة التى تحتاج الكيان الإدارى إذا لم تستطع القوى الثامنة الحاكمة التكيف معها أو استيعاب ضغطها وامتصاص آثار هذا الضغط ، فإنه سرعان ما تتحول هذه القوى إلى الصداع ، والصدام يؤدى إلى الدمار وإلى الخراب ، حيث يتعمق الإحساس لدى الطرفين بالتعارض فى المصالح ، والرفض ، والرفض المتبادل والصراع وقيام كل طرف بمحاولة القضاء على الطرف الآخر وإزاحته عن الوجود. (9 : 18 : 23)

العوامل الواجب مراعتها لنجاح التغيير :

(1) المركزية فى التخطيط واللامركزية فى التنفيذ .
(2) عدم الاعتماد على الخبير الاستشارى بصورة كاملة .
(3) مراعاة أن يتم التغيير على هيئة مراحل وأن لا يتم بصورة كاملة دفعة واحدة بشرط أن يتم التخطيط كلياً وأن يتم التنفيذ على مراحل.
(4) عدم التسرع فى قيام النتائج وضرورة الأقسام بالمثابرة والصبر.
(5) استمرار القياس والتقييم خلال مراحل التغيير للتأكد من تحركه بصورة ناجحة .
(6) مراعاة الكوادر البشرية بصورة أكبر من النواحى التكنولوجية .
(7) يجب أن تكون أهداف التغيير واضحة ومحددة بدقة .
(8) يجب أن تناسب الأهداف مع الإمكانات المتاحة .
(9) البعد عن التوقعات غير الواقعية
(10) تدريب القائمين على التغيير ومدهم بكافة وسائل المعاونة والدعم .
(3 : 115 : 127)

المناخ الصحى للتغيير :

لاشك أن الإدارة مسئولة مسئولية كبيرة تجاه التغيير فهو يعتبر تحدياً لها واختباراً لقدرات المديرين والقادة ويتم ذلك من خلال :
أولاً : عندما يحدث التغيير كيف تواجهه الإدارة ، وكيف تكييفه وتتكيف معه وتوجهه لخدمتها وتستفيد من العناصر الإيجابية له وتعالج أو تتفادى مؤثراته السلبية .
ثانياً : عندما تنشئ الإدارة التغيير بنفسها كأن تدخل تطوراً جديداً فى منتجاتها أو طرق التشغيل أو أساليب التسويق أو سياسات الأفراد ، فكيف تدخل هذا التغيير وما هى الأسس التى تعتمد عليها والوسائل التى تستخدمها لكى تحقق الأهداف التى تريدها بأقصى درجة من الكفاءة والفعالية .
ولكى يتم التغيير فى مناخ صحى ومناسب يساعد لى تحقيق الأهداف المطلوبة منه يجب مراعاة مجموعة من الأبعاد التى تساعد على توفير هذا المناخ وهى :
(1) الإدراك (2) الإطار القيمى
(3) اتجاهات العاملين (4) الدوافع
(5) التفكير الابتكارى

أولاً : الإدراك :

تستطيع الإدارة أن تستفيد من العمليات الإدراكية للعاملين وتساعدهم على رؤية الأحداف على حقيقتها بجوانبها الحسنة والسيئة ، بمزاياها وعيوبها وتفسيرها التفسير الواقعى الصحيح والذى يساعد على الاستجابة الملائمة من المواقف التى يتضمنها التغيير.

ثانياً : القيم :

يمكن للإدارة أن تنشئ مناخاً صحياً للتغيير بنشرها وتبنيها لقيم سليمة بناءة بينها وبين العاملين قوامها الصراحة والأمانة والتعاون والمصلحة المتبادلة ، إن الإطار القيمى السليم يساعد على توجيه التغير الوجهه السليمة وتحقيق النتائج الإيجابية المتوقعة منه .

ثالثاً : الاتجاهات :

تستطيع الإدارة من خلال التعرف على اتجاهات العاملين الصحيحة وغير الملائمة أن تصنع التخطيط السليم للتغيير كما أنها تستطيع من خلال المجهودات التى تبذلها لتغيير اتجاهات العاملين أو تعديلها أو تصحيحها أن تهيئ الظروف الملائمة وتكسب تعاون العاملين ، حتى توجه التغيير فى المسار الإيجابى الصحيح .

رابعاً : الدوافع :

يمكن أن تستفيد الإدارة من دوافع العاملين فى توجيهها إلى التغيير المطلوب وتقديم الإشباع الملائم عن طريق المزيج المناسب من الحوافز وإعطاء وإظهار المزايا التى يحملها التغيير لتقديم مزيد من الإشباع لحاجات العاملين وكذلك تطوير هذه الحاجات والدوافع حتى تنسجم مع التغيير ومتطلباته ، والمجهودات اللازمة نجاحه .

خامساً : التفكير الإبداعى :

تلعب الأفكار الجديدة دوراً هاماً فى التغيير وتوجيه مساره الوجهة الصحيحة ويمكن للإدارة أن تنمى التفكير الإبداعى لأفرادها وتستفيد من الأفكار الحية التى يتوصلون إليها وتطبق الجيد منها وتكافئ أصحابها. (6 : 331 : 336)

تم بحمد الله

_________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق جاهز للطباعة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *