بحث عن القراءة الناقدة جاهز وورد doc

القراءة الناقدة

من الضروري أن يفهم المعلمون والمتعلمون في جميع المراحل التعليمية ان القراءة وسيلة لتوسيع أفق الإنسان في سبر غور المعرفة وعالم الأفكار والغموض ، وان القراءة كالتفكير بواسطتها يمثل القارئ الأفكار والمفاهيم التي تبثها المادة المقروءة ويعيد صياغتها بعد مزجها بخبراته وتجاربه . ويمثل الشك والرغبة في اثارة الأسئلة بداية هذه العملية التي تبقى مستمرة مادام الفرد مستمراً ومواظباً على عملية القراءة .

كما ان القراءة كالتفكير فيها يهتم القارئ ويأخذ باعتباره السياق العام للصفحة الواحدة أو المقطع الواحد ومايحتويه من عناصر وامور ومشكلات محاولاً تتبع الأحداث في المادة المقروءة للأمساك بالخيط الذي يوصله الى نهاية المطاف فيها .

وبهذا المعنى تصبح القراءة عملية عقلية تمثل عملاً لاقيمة له اذا لم تحرك قوى وفكر القارئ في فحص وتحسين افكاره وحياته بشكل دائم ومستمر .

لقد أدى تشعب الحياة وتعقد ميادينها وكثرة علومها من جهة وزيادة الوعي بالحقيقة التي تؤكد ان مجرد فهم الصفحة المكتوبة لا يمثل النضج في القراءة من الجهة الأخرى الى زيادة الحاجة الى القراءة الناقدة Critical Reading والتحسس بدورها الفعال في حياة القارئ ، فأصبح القارئ الجيد ، تبعاً لذلك ، ليس هو القادر على القراءة فحسب ، بل هو الشخص الذي يعرف كيفية استخدام مايقرأ . وعلى هذا الأساس اعتبر تدريس القراءة الناقدة واحدا من الأهداف الرئيسة التي يسعى لتحقيقها العديد من المدارس في دول العالم المتقدم .

وثمة أمر متفق عليه هو ان هناك نوعين من القراءة بحكمة تميزها وتسميتها بسهولة هما القراءة الصامتة والقراءة الجهرية . ولكون خصائصها معروفتين فلا حاجة لذكرهما في هذا الصدد ، وانما الاكتفاء بالإشارة الى ان كل واحدة منهما تتطلب ادراك معاني الرموز المكتوبة وفهمها وتفسيرها مع الفارق في مستوى التعقيد حيث ان القراءة الجهرية تستلزم تفسير معنى الأفكار والعبارات للآخرين ، وهذا التفسير أكثر تعقيداً في ايضاح معاني الرموز في المادة المقروءة من التفسير الصامت مع كلا النوعين من القراءة ويعتمد هذا الأستخدام على مواقف الحياة المختلفة سواء أكان في الداخل أم في الخارج .

لقد تصدى للقراءة الناقدة بالدراسة العديد من الباحثين وقدموا لها تعريفات كثيرة واذا ماحاولنا إلقاء نظرة فاحصة لها نلاحظ ان مفهوم القراءة الناقدة مفهوم ليس له حدود معينة وواضحة ، فقد استخدم في ادبيات القراءة في ثلاث طرائق مختلفة هي :

1ـ القراءة الناقدة أعلى مستوى من مستويات الفهم في القراءة.

2ـ القراءة الناقدة ذات مستوى مساو في الأهمية للمستويات الأخرى للفهم في القراءة .

3ـ القراءة الناقدة ذات قدرة خاصة في الفهم في القراءة .

وبصرف النظر عن كيفية استخدام هذا المصطلح ، فالقراءة الناقدة نمط من أنماط التفكير الناقد ، وبأسلوب أكثر تحديدا نقول ان القراءة الناقدة تفكير ناقد مطبق على الصفحة المكتوبة. وقد عرفها هرس Harris بانها عملية اصدار احكام في اثناء القراءة .

كما عرفها سبش Spache انها درجة أو نمط من الفهم comprehension يتطلب حكما ناقدا لطبيعة وقيمة مايقرأ مبنيا على أساس معايير وخبرات القارئ الشخصية .

لقد بينت دراسات كثيرة انه بالامكان تدريس القراءة الناقدة في المراحل التعليمية المختلفة ومنها المرحلة الابتدائية ، لتنشئة اطفال قادرين على النقد ، ولغرس عادات قرائية فيهم في وقت مبكر في كيفية التفاعل مع الصفحة المكتوبة ، وللاستفادة من هذا النمط من القراءة في فهم واستيعاب الدروس الأخرى كالعلوم والرياضيات والموضوعات الاجتماعية .

ان القراءة الناقدة لاتظهر ولاتنمو بشكل تلقائي نتيجة لتطور المتعلم في مهارات القراءة وانما تظهر متلازمة مع التفكير الناقد ، فتنمو عن طريق التدريب المنظم الذي يمكن البدء به منذ الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية من خلال تقويم الاطفال لدقة الصور المعروضة في كتبهم ومدى ملاءمتها للمحتوى ، وتشجيعهم على ابداء التعليقات البسيطة للحكم على قيمة المادة المقروءة ومقارنتها بمالديهم من خبرات وتجارب للتعرف الى مدى واقعيتها وصدقها . وتقريرهم في مدى قيام شخوص القصة بأدوارهم كما يجب ، واختيارهم الكتب الملائمة والمفيدة لهم . كما يشجع الطلاب في الصفوف العليا من المرحلة الابتدائية على القراءة الواسعة من الكتب والمجلات والجرائد المعروضة واستخدام مهارات من نوع آخر كالتمييز بين الحقائق والآراء . ان مثل هذه النشاطات ستؤدي الى قيام القراء الصغار باصدار قرارات للحكم على فاعلية محتوى النص الذي يتفاعلون معه وفائدته .

ان تنمية القراءة الناقدة في المرحلة الابتدائية ومابعدها تعتمد بشكل رئيس على المعلم والاساليب التي يستخدمها . فاتجاهات المعلم وايمانه بان القراءة كالتفكير لها تأثير في كيفية تدريسه واختيار الاساليب التي تساعد على تنمية المهارات التفكيرية للاطفال في اثناء عملية القراءة . فضلاً عن ذلك فالمعلم يجب ان يكون قبل كل شيء مفكرا وقارئا ناقدا وبذلك يستطيع توجيه المتعلمين في اثناء القراءة بشكل يؤدي الى اثارة تفكيرهم ، وتنمية الرغبة لديهم في الاستفسار واثارة الأسئلة بشكل دائم ، وتوفير الفرص الكافية لهم للتدريب على مهارات القراءة الناقدة .

ولمساعدة المعلم في انجاز أغراضه في تنمية القراءة الناقدة عند المتعلمين من الضروري الاهتمام بما يأتي :

1ـ المهارات الأساسية للقراءة الناقدة :

بعد الرجوع للأدبيات السابقة في مجال القراءة الناقدة حددت بعض المهارات المهمة والتي ينبغي ان يستخدمها المعلم كأهداف في القراءة الناقدة لبلوغها وتحقيقها وهذه المهارات هي :

أ . التمييز بين الحقيقة والزيف وبين المعلومات ذات الصلة والمعلومات التي ليس لها صلة بالمادة المقروءة .

ب . تشخيص المحاولات المراد بها التأثير في القارئ عن طريق إدخال منطق خاطئ او مفاهيم غير مقبولة اجتماعياً أو حذف أو اضافة عبارات الى النص .

ج . رفض أو قبول ماكتبه المؤلف على وفق معايير معينة .

د . ادراك اغراض المؤلف وأهدافه من وراء ماكتبه .

هـ. ادراك اغراض المؤلف واهدافه من جراء ماكتبه من مادة وصياغة الاحكام في تقويمها .

و . تقويم اعتقادات المؤلف ومعاييره ومدى دقته في الكتابة .

ز . التمييز بين الحقائق والآراء .

ح . التحقق من قيمة المصدر بهدف الوصول الى المادة المقروءة الفضلى في كتابة التقرير ، وتعرف مدى حداثة المصدر وطبعته .

ان الأطفال في المرحلة الابتدائية قادرون على تعلم هذه المهارات أو جزء منها والتي يستطيعون ربطها بخبراتهم وتجاربهم ، ومما يجعلهم أكثر قدرة في تعلم هذه المهارات هو توجيه المعلم المنظم لهم ، وخلق المواقف المختلفة المناسبة التي تتحدى نموهم العقلي وتنمي لديهم التفكير الناقد .

2ـ خطوات تدريس القراءة الناقدة :

ان الفروق الأساسية بين تدريس القراءة كعملية فكرية وتدريس القراءة بالطرق المعتادة تكمن في دور المعلم . ففي الطريقة الفكرية يشجع المعلم الطالب على ان يفكر في اثناء القراءة فيعلمه ان يختبر ويفترض ويبحث عن البراهين ويعطي الأحكام والقرارات معتمدا على خبرته وتجاربه . ويتطلب لتحقيق ذلك ثلاث خطوات مترابطة الاولى هي اثارة الشك والتساؤل وتذكر الاهداف والدوافع ، أي ان الطالب في هذه الخطوة يفترض ويخمن ويتنبأ ، وهذه الخطوة تمثل بداية العمل والنشاط في القراءة الناقدة ، وتعتبر خطوة مهمة في تحديد سرعة القارئ بما يناسب صعوبة المادة المقروءة ، كما انها تكسب القارئ الرغبة في مواصلة القراءة . اما الخطوة الثانية فهي التفاعل والتعامل مع محتوى المادة المقروءة وكيفية معالجتها. وهذا التعامل ينبغي ان يكون مخططاً له وليس عشوائياً . فالقارئ في هذه الخطوة يقارن بين تجاربه وخبراته ومحتوى المادة المقروءة . ويمثل مستوى اختبار القارئ لتجاربه وخبراته مستوى قراءته . اما الخطوة الثالثة ففيها يستخدم الطالب ماتوفر لديه من حجج وبراهين وبينات في اختبار افتراضاته واستنتاجاته وللتحقق من ان مايتنبأ به أصحيحاً كان أم مخطوءا . ويستطيع الطالب استخدام القراءة الجهرية في الصف في اثبات صحة أو خطأ محتوى المادة المقروءة من خلال قراءة بعض النصوص من هذه المادة لدعم وجهة نظره .

وبخلاصة موجزة فان القارئ الناقد يتساءل أولاً ثم يتعامل مع المعلومات حتى ينتهي أخيرا الى استخدام التغذية الراجعة في اختبارالأجوبة للتحقق من صحة شكه وتساؤله .

3ـ الأساليب المساعدة في تنمية القراءة الناقدة :

يمثل في طرح الاسئلة أسلوبا فعالاً يساعد المعلم عند استخدامه في تنمية القراءة الناقدة عند الأطفال . لقد اصبح معروفاً ان هناك عددا من التصنيفات للفهم في القراءة بنيت على اساس تصنيف بلوم Bloom . وقد اصبحت هذه التصنيفات أداة مفيدة في طرح الاسئلة وصياغة الأهداف وهي تضم مستويات غير متداخلة قابلة للتطبيق مع أي موضوع ، ومن السهل على المعلم تصميم الأسئلة والأهداف المختلفة لتغطية مستوياتها ، ومن هذه التصنيفات تصنيف Smith في الفهم في القراءة . وهذا التصنيف يضم المستويات الآتية :

1ـ الفهم الحرفي Literal Comprehension

وهو لايتضمن عمليات فكرية ، بل يتضمن الحصول على معنى الكلمات والجمل والعبارات من النص .

2ـ التفسير Interpretation

والذي يتطلب عمليات فكرية لأكتشاف المعنى ليس بشكل مباشر كما في الأول ، بل لمعرفة مايعنيه المؤلف مما كتبه من كلمات . ان هذا المستوى يتطلب جملة مهارات في التفكير وهي صياغة التعميمات ومعرفة السبب والنتيجة وتوقع النتائج وعمل المقارنات ومعرفة الدوافع واكتشاف العلاقات .

3ـ القراءة الناقدة Critical Reading

وهنا يظهر القارئ الناقد الذي يستطيع ان يحكم ويقوم نوعية وقيمة مايقرأه ، ويدرك غرض المؤلف ووجهة نظره ، وله القدرة في التمييز بين الحقائق والآراء .

4ـ القراءة الابداعية Creative Reading

القراءة الابداعية تمثل نهاية السلم لتصنيف ((سمث Smith )) للفهم في القراءة . وهي تتطلب قدرات فكرية أعلى مما تطلبه المستويات الثلاثة السابقة ، فهي تبدأ بصياغة سؤال أو مشكلة وتستخدم المستويات السابقة للأجابة عن السؤال أو لحل المشكلة المثارة للوصول الى تصميم أو تخطيط جديد لم اسبق عرضه من أفكار .

أفكار علمية لدرس أدبي في القراءة :

لقد آن الأوان ان نخرج من معاطف الجمود والنظرة المتخلفة التي ينظر بها في أيامنا الحالية الكثير والكثير من المسؤولين عن تعليم اللغة العربية وآدابها ، وفي جميع مؤسساتنا التربوية الأولية والعليا ، الى أفق النظرة الذكية الواعية التي يجب ان تحوط مجالات فنون هذه اللغة وآدابها المختلفة من التحدث والاستماع والقراءة والكتابة والقواعد ، وان تخرج كما يفهم الكثيرون ان هذه الفروع تدرس لذاتها وهي تقصد لذاتها فقط وفقط وفقط دون النظر اليها على انها أداة الفرد وأداة المجتمع في ايجاد نوع من الرقي الثقافي والأرتقاء الفكري عند الفرد وايجاد نوع من التماسك الأجتماعي والوحدة الفكرية داخل المجتمع .

.
.
.

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق جاهز للطباعة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *