بحث عن تفاحة نيوتن وورد doc

الشمس قاربت المغيب والسكون مخيمٌ على الحقول والنسيم يداعب أوراق الشجر بحنان.
هنا توقف ثامر فجأة ليسأل أباه أن يرافقه إلى حيث توجد أشجار التفاح،… ظن والد ثامر أن ابنه قد أصابه الجوع فقد أمضى الاثنان معاً وقتاً طويلاً يعملان في تنظيف الحقل من بعض الحشائش الضارة، فاصطحبه إلى شجرة تفاح وتناول تفاحة حمراء وقدمها لولده ثامر بعد أن غسلها من جدول ماء قريب.
لكن ثامر لم يكن يريد التفاحة، لقد أراد فقط الجلوس تحت شجرة التفاح والتحديق بعينية في الأوراق الخضراء والثمار المتدلية من الأغصان.
خاطب ثامر والده وهو لا يزال محدقاً في الثمار:
“أتعلم يا أبي لماذا أردت الجلوس في هذا المكان؟”
فأجابه الأب قائلاً:
– “لا يا بني وما يدريني فيما تفكر ،لعل جمال هذه الشجرة سحر عينيك الصغيرتين أو لعلك تتخيل عقلة الإصبع وهم يسيرون فوق أغصان الشجرة فهذا ما تشاهده في أفلام الكرتون هذه الأيام”.
– “لا يا أبي، الشجرة حقاً جميلة وعقلة الإصبع يخرجون فقط في أفلام الكرتون، ولا أظن أنهم موجودون هنا أيضاً، ربما لأنهم يخافون الناس!”.
– ثم تابع ثامر حديثه قائلاً “أبي أعطني هذه التفاحة التي في يدك قبل أن أخبرك فيما أفكر”.
– “حسناً خذها وأخبرني أنك جائع وتريد أن تأكل أي شيء يسكت هذا الجوع الذي ينهش جدران معدتك الصغيرة يا ثامر”.
– “أبي كي أخبرك الصراحة أنا حقاً جائع، لكنني لم أفكر في الأكل حتى الآن فما يشغلني هو ما درسته حول العالم نيوتن واكتشافه الجاذبية الأرضية”.
ابتسامة عريضة علت وجه الأب وأحس بشيء من الانشراح يملأ تجويف رئتيه.
– “أوه ثامر، لا تخبرني أنك تريد أن تكتشف شيءً جديداً بمجرد سقوط تفاحة جديدة من هذه الشجرة”.
شيءٌ من الحزن على وجه ثامر وبدأ يتحدث بصوت فيه شيء من التردد:
– “وماذا في ذلك يا أبي؟ هل نيوتن أفضل مني؟؟”.
– “لا يا بني، لكن الاكتشاف يحتاج إلى تفكير منطقي يعني أن نفرق بين ما يمكن أن يحصل في الواقع وما لا يمكن أن يكون إلا في الخيال، وأنت لازلت تتصور أن عقلة الإصبع مختبؤن هنا أو هناك، وتصدق كل ما تحكيه جدتك من حكايات العفاريت و(خراريف أهل زمان )”.
– “حسناً يا أبي، ولكن هل تعلم إن كان نيوتن قد فكر في البداية أن التفاحة التي سقطت عليه سقطت بتأثير الجاذبية الأرضية، ألا تتوقع أنه يمكن أن يكون قد تخيل في البداية أن التفاح يسقط إلى أسفل لأن الجن يسحبونه إلى الأرض ليأكلونه فيما بعد؟؟؟!!”.
تحدث الأب وابتسامة خفيفة مرتسمة على وجهه:
“أنا في الحقيقة لا أعلم إن كان نيوتن في البداية قد فكر كما تقول أم لا، لكن عقلي يخبرني أن عالماً مثل نيوتن مكتشف الجاذبية الأرضية ومخترع التفاضل والتكامل، والتفاضل والتكامل من دروس الرياضيات الهامة، وله عدة قوانين علمية، وهو يقول في أحد هذه القوانين (إن لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه) لا يمكن أن يفكر بهذا الشكل”.
توقف الأب عن الحديث وهو ينظر إلى ثامر نظرة فاحصة فلعل ابنه لم يفهم مقصد هذا الحديث، فأتبع يقول:
– “يا ولدي ببساطة أتوقع أن العالم نيوتن لن يصدق القصص الخيالية التي تحكيها جدته عن العفاريت لأن عقله يفكر بطريقة مختلفة، وأتوقع أنه سيطالب جدته بالدليل على وجود العفاريت لو أخبرته قصصاً خرافية كقصة علاء الدين والمصباح السحري أو سيستمع إليها على أنها قصة فحسب، لكن بعض الناس ربما لا زالوا يصدقون بوجود شيء اسمه المصباح السحري لذلك يحاول البعض أن يسخروا منهم فيحدثونهم بقصص خرافية يخترعونها لا يمكن أن تحدث أبداً، وهؤلاء فعلاً يصدقون تلك الحكايات ولا يفكرون كما يفكر العالم إسحاق نيوتن حتى عندما يكون هؤلاء الذين أحدثك عنهم يا بني شباباً أو من كبار السن”.
عندها قال ثامر:
– “حسناً يا أبي، أنا سأفكر مثلما فكر العالم إسحاق نيوتن ولن أدع أحداً يسخر مني”.
وكانت الشمس عندئذ قد سقطت خلف خط الأفق للتو:
أجاب الأب:
– “حسناً يا ثامر أرجو أن تفعل كما تقول، فقط انتظرني هنا لحظات سأذهب لأنادي باقي إخوانك كي نصلي معاً قريباً من هذه الأشجار”.
– قفز ثامر من مكانه بسرعة وهو يقول “لا يا أبي في الحقيقة أخاف أن أجلس لوحدي هنا، سأحتاج بعض الوقت كي أنسى حكايات جدتي قبل أن أفكر مثلما فكر إسحاق نيوتن”.
ضحك الأب وشاركه ثامر في الضحك:
– ” لا يا بني فقط أنا كنت أمزح معك ولن أتركك لوحدك هنا، سوف نذهب للصلاة في المسجد، كنت فقط أريد أن أشرح لك أنك لن تفكر كما يفكر العالم إسحاق نيوتن بهذه السرعة، ستحتاج بعض الوقت وسأساعدك في ذلك إن شاء الله، سأحكي لك في كل يوم حكاية فيها شيء من الخطأ وأريدك أن تجد الخطأ بنفسك يا بني كي تتدرب على التفكير السليم وعدم التسليم بما يخالف العقل و المنطق”.
هكذا انتهى يوم ثامر بعد أن تعلم أن عليه أن يخلص نفسه من سيطرة الأوهام وخرافات جدته العجوز وقصص أفلام الكرتون وبعد أن عرف أن هناك فرقاً بين الخيال و الواقع.
انتهى

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق جاهز للطباعة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *