بحث عن قصة سيدنا شعيب ( عليه السلام ) جاهز وورد doc

قصة سيدنا شعيب ( عليه السلام )

في قرية مدين حيث الأودية الخضراء كانت قيبلة عربية تعيش في رخاء من العيش ، و على مقربة من مدين كانت قرية صغيرة ، اشتهرت بخمائلها وبساتينها . . حتى عرفت بقرية ” الأيكة ” .

في فترة قصيرة و قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة ازدهرت الحياة في تلك المنطقة . .

و قد ساعد اعتدال الهواء و تساقط الامطار على ازدهار الحياة الزراعية و الرعي فعاشت القريتان في بحبوحة من العيش .

كانت قرية ” مدين ” قليلة السكان و لكن رخاء الحياة ساعد في تكاثر السكان و أصبحت قرية عامرة بالأسواق و النشاط .

و في تلك القرية و في ذلك الزمان عاش رجل صالح يدعى ” شعيب ” . كان شعيب يحبّ قريته و يحبّ قبيلته بل أنه كان يحبّ الناس جميعاً .

لهذا كان يهتم بشؤون الحياة في ” مدين ” في قرية ” الأيكة ” .

و لكن لماذا يبدو على شعيب الحزن ؟ . . لماذا كان الرجل الصالح يتألم من أجل قومه ؟

كان قوم أهل مدين وثنيين . . فهم يعبدون الأصنام . . يعبدون حجارة لا قيمة لها و لا دور . . و لكنهم يتصوّرون أن هذه الحجارة و هذه التماثيل المنحوتة هي التي ترزقهم و تبارك قريتهم .

لهذا كان سيدنا شعيب حزيناً . . فهؤلاء الناس لا ينظرون الى السماء . . الى الكون الفسيح الى الفضاء المليء بالنجوم . لا ينظرون الى الأرض . . الى الجبال الى الاشجار كيف تخرج من قلب التراب . .

لو فكروا قليللاً . . لو تأملوا لعرفوا ان هذه الاصنام و هذه التماثيل الجامدة لا شأن لها و لا يمكن أن تكون إلهاً .

ان الإله الوحيد هو الله سبحانه الذي خلق كل شيء . . خلق الناس و النجوم و الأشجار و كل ما تراه عيوننا و ما ندركه بعقولنا . .

من أجل هذا كان سيدنا شعيب يدعوهم الى عبادة الله الواحد و نبذ الأصنام و الأوثان .

الغش في الأسواق :

الله سبحانه رزق الناس كل شيء . . و أهل مدين كانوا يعيشون حياة رغيدة ، فقد كان كل شيء متوافراً في أسواقهم . . ولكنهم كانوا يَغِشُّون في معاملات البيع و الشراء ، كانوا يُنقصون في الوزن ويَغِشّون البائع و المشتري ، فاذا باعوا شيئاً خففوا في الوزن و إذا اشتروا شيئاً فانهم يشترونه بعد أن يُنقصوا في وزنه .

كانوا يتصوّرون أنفسهم أحراراً في هذا العمل .

وفي تلك الفترة اختار الله سبحانه الرجل الصالح شعيباً نبياً وليبلّغهم رسالته .

فماذا كان موقف أهل مدين ؟ هذا ما سنعرفه فيما بعد .

رسالة الله :

كان سيدنا شعيب خطيباً بليغ القول . . حجّته قوّية لأنه يتحدّث باسم الحق و العدالة الانسانية . . و يتحدث بلغة الفطرة الصافية .

بدأ سيدنا شعيب دعوته الى عبادة الله الواحد و نبذ الاصنام ، ثم راح يتحدث بهدوء عن فساد السوق ، و الظلم الذي يرتكبه أهل ” مدين ” بعد أن شاع فيهم التطفيف في الميزان .

قال سيدنا شعيب لهم انكم باعمالكم هذه سوف تنشرون الفساد . . الحياة الاجتماعية تنهض على التبادل . . فكل انسان يعطي ما يفضل عن حاجته و يأخذ ما يحتاج من ضروريات الحياة .

و هذا التبادل في السوق يحتاج الى أمن عام يحفظ وزن الأشياء و نوعها و مقاديرها . .

فاذا أشعتم الغش والتطفيف في الميزان و أعطيتم الردئ مكان الجيد ، و اذا احتلتم على المشتري او البائع ، فان هذا فيه الدمار لكم جميعاً .

كانت كلمات النبي شعيب جميلة جدّاً لأنها تريد لهم حياة أفضل ، يريد أن يعيش اهل مدين في قرية عامرة بالخير و الرزق الوفير و الأمن و الايمان .

كان سيدنا شعيب يعرف ما حلَّ بقوم نوح و قوم صالح و قوم هود . . يعرف ماذا حلّ بقوم نوح و كيف غرقوا في أمواج الطوفان و كيف هبَّت العواصف لتجتث قبيلة ثمود . . و كيف أمطرت السماء شهباً و ناراً لتُحيل ” سدوم ” و ” عامورا ” على البحر الميت الى خرائب . .

قال شعيب لقومه : ألا تنظرون ما حلَّ بقوم لوط هذه خرائب قريتهم تشهد على ما حلّ بهم من العذاب لأنهم عصوا رسول الله اليهم .

الصداع :

انقسم أهل مدين الى فريقين ، كان هناك فريق آمن بشعيب و رسالة الله التي يحملها . . كانوا فقراء مستضعفين .

و كان هناك فريقاً آخر فريقاً يتألف من طغاة أهل مدين و اثريائهم .

و كان هؤلاء يحاربون شعيب و الذين آمنوا به ، كانوا يهددون شعيب قائلين :

ـ اننا لانفهم ما تقول يا شعيب . . ثم انك ضعيف ، و لولا رجال من قبيلتك لقتلناك أو طردناك من مدين .

قال شعيب ( عليه السلام ) : اتخافون رجالاً من قومي و لا تخافون الله سبحانه . . انني لا أريد سوى اصلاح هذه القرية و لا أريد على ذلك اجراً . .

انني احذّركم من غضب الله اذا ما ظللتم على فسادكم و غشكم و عبادتكم للأوثان و ما تقومون به اعمال مشينة في الأسواق من تطفيف الميزان و المكيال .

قال المستكبرون : اننا أحرار في كل شيء . . احرار في ان نتصرف باموالنا .

ضحك رجل وثني و قال ساخراً :

ـ هل أن صلاتك هي التي تأمرك أن نترك آلهتنا و الاّ نتصرف في اموالنا بحرّية ؟!

قال لهم سيدنا شعيب : انا لا انهاكم عن شيء ثم ارتكبه . .

ان الحرّية ليست في أن يتصرّف الانسان ثم يظلم أخاه الانسان .

تصرّفوا بأموالكم كما تشاؤون و لكن لا تظلموا الآخرين و لا تغشوهم ، و لا تطففوا في الميزان و المكيال . .

انتم تعيشون في قرية واحدة . . و عليكم أن تتعاونوا فيما بينكم . . و أن يحترم كل منكم حرّية الآخرين . .

يا قومي استغفروا ربكم و عودوا اليه ان ربّي رحيم ودود . .الله يريد لكم الخير . . و لهذا أرسلني اليكم .

قال بعضهم :

ـ انت رجل مسحور يا شعيب . . اننا لا نفهم ما تقول ابداً ، و لولا رجال من اقاربك لقتلناك . . اننا نستطيع أن نفعل ذلك متى أردنا .

عندما رأى شعيب ان قومه يعاندونه و لا يستمعون الى مواعظه تركهم بعد أن حذرهم ، و قال لهم :

ـ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ …. مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ .

قالوا و هم يسخرون : اننا نتهمك بالكذب فاذا كنت صادقاً فأنزل علينا عذاباً من السماء .

قال سيدنا شعيب : سوف تعلمون من الكاذب .

و هكذا تركهم و ذهب الى قرية قريبه هي قرية ” الأيكة ” .

أصحاب الأيكة :

لم يكن سيدنا شعيب من أهل هذه القرية ، كان من أهل ” مدين ” ، وعندما وصل شعيب ( عليه السلام ) قرية ” الأيكة ” وجد أهلها يعيشون حياة تشبه حياة أهل مدين . .

رأى بساتين مثمرة و قد التفت الاشجار حول بعضها ، و رأى خيراً وفيراً ، فالعيون تتدفق من قلب التراب . . و الصخور ، و تسقي الحقول و لكنهم أيضاً كانوا يعبدون الاصنام و يغِشُّون في معاملات البيع و الشراء .

لهذا قال لهم سيدنا شعيب :

ـ ألا تتقون الله و تخافون غضبه ؟ انني اخاف عليكم من عقوبة الله . . ان الله لا يحب الفساد و لا يحب الأشرار . . فلا تعثوا في الارض مفسدين !

رفض أهل الايكة الايمان برسالة شعيب و قالوا عنه أنه ساحر كذاب .

قالوا له :

ـ اذا كنت صادقاً فانزل علينا كِسفاً من العذاب .

قال شعيب بأدب عظيم :

ـ ان الله يعلم ما تعملون انني ابلغكم رسالة ربّي . . وأن ما أريده هو الاصلاح ما استطعت .

قالوا :

ـ انما انت ساحر كذاب . . ما هو فرقك عنّا أنت بشر مثلنا .

و هكذا عاد شعيب الى مدين و راح أهل الايكة يمارسون حياتهم بعيداً عن الايمان و العدالة و الصلاح .

أما أهل مدين ، فقد بدأ الصراع فيها بين المؤمنين و الوثيين ، لم يكتف الكفار بعدم الايمان برسالة الله بل راحوا يهددون المؤمنين و يؤذونهم . . حتى وصل الأمر بهم أن يهددوا المؤمنين بالعودة الى الوثنية .

نصح النبي شعيب قومه الاّ يقطعوا طريق الايمان . . إنه الطريق المشرق في الظلام ، و ان الله سبحانه لن يغفر لهم ذلك .

و ذات يوم جاء الكفار و قالوا لشعيب :

ـ سوف نطردك و نطرد الذي آمنوا بك و اتبعوك .

قال أحد المؤمنين :

ـ لكنا لم نفعل شيئاً نستحق عليه الطرد ؟!

قال الكفار :

ـ سوف نرغمكم على العودة الى ديننا .

استنكر النبي ( عليه السلام ) و قال :

ـ حتى لو كنا نكره هذه العقيدة ،! كلاّ لن يعود المؤمن الى عبادة الوثن بعد أن اضاء الله قلبه .

رفع شعيب يديه الى السماء و قال بخشوع :

{ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ }.

النهاية :

اعتزل سيدنا شعيب قومه ، ولكن الوثنيين لم يتركوا النبي و الذين آمنوا ليعيشوا بسلام .

كانوا يحاولون اعادتهم الى الوثنية ، و كانوا يؤذونهم باستمرار .

كانوا اذا رأوا أحداً يريد الاقتراب من منزله و الاستماع الى مواعظه فانهم يعطعون الطريق عليه و يهددونه .

و كان سيدنا شعيب يذكرهم بمصائر الامم السابقة ، يذكرهم بمصير الذين كانوا يؤذون الانبياء و يحاربون المؤمنين .

لقد رأوا خرائب سدوم و عامورا ، و لكنهم لم يعتبروا من ذلك المصير الرهيب الذي حلّ بقوم لوط !

و جاء اليوم الموعود . . بكر الناس الى أعمالهم ، بعد أن ركعوا و سجدوا للاوثان و الحجارة . .

و كانت اسواقهم تسودها ضجة ، و عيونهم تبرق بالغش .

كانوا يفكرون كيف يحتالون أكثر ليربحوا أكثر ! و هكذا انقضى اليوم و غابت الشمس و حلّ الظلام .

مرّت ساعات الليل بطيئة متثاقلة .

فجأة اهتزت الأرض هزّات مدمّرة و كانت لحظات رهيبة تحولت فيها مدين الى انقاض و خرائب .

و عندما يمرّ المرء بتلك القرية الجميلة فانه سيصاب بالدهشة كيف تحولت و في لحظات الى اطلال و خرائب ؟!

و كان العجيب في تلك الحادثة أن المؤمنين وحدهم قد نجوا و خرجوا من القرية بسلام .

أما قرية الايكة ، فقد حلّ فيها عذاب آخر و كان عذاب يوم الظلّة .

و رأى سيدنا شعيب خرائب القرية فقال بحزن : { يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ }

و عاش سيدنا شعيب بقية عمره في ” مدين ” و كان عنده قطيع من الماشية .

و عندما أصبح شيخاً طاعناً في السن تولّت ابنتاه الرعي و كانتا تعانيان في هذه المهمة خاصّة عندما تريديان أن تسقيا قطيع الأغنام ، لأن الفتاة يمنعها الحياء فلا تستطيع أن تزاحم الرعاة .

.
.
.

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق جاهز للطباعة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *