خرافة الجمال

تعيرُ كثيرٌ من النساء في وقتنا الراهن اهتمامًا متزايدًا بالقضايا المرتبطة بالجمال أكثر من قضايا الصحة، ويعود ذلك -في كثير من الحالات- إلى عوامل ترتبط بدور وسائل الإعلام وصيحات الموضة المحلية والعالمية وتبنِّي ممارسات أجنبية الثقافة لتمثيل جمال المرأة.

وفي الواقع يُعدُّ تمييز الجمال أمرًا أسهل من تعريفه؛ إذ يوجد نقاشٌ مستمرٌّ فيما إذا كان الجمال يكمن في عين الناظر أم توجد معايير تخصُّ شكل الإنسان ووجهه.

تتشكَّل خرافات الجمال ومعاييره بواسطة الصور المنشورة في المجلات والأفلام ومسابقات الجمال، وهي تعمل بتناسق تام مع التسويق الجيد لمواد التجميل والموضة من أجل إيصال الفكرة المطلوبة عن المظهر الذي يجب أن تبدو عليه المرأة.

ولا شك في أنّ كثيرًا من النساء والرجال غير راضين عن مظهرهم الخارجي، وبذلك ينقص تقدير الذات؛ مما يدفع الكثيرين منهم إلى السعي وراء أوهام العمليات التجميلية والمستحضرات التي تُحسِّن مظهرهم.

ولا يقتصر السعي إلى الجمال على مستحضرات التجميل أحيانًا، بل قد يتعداها ليصبح هوسًا بالجمال لا يشبعه إلا عمليات التجميل المتكررة التي قد تُحدِث تغييرات واسعة في شكل الشخص.

وإنّ هناك كثيرًا من العلماء النفسيين الذين يعتقدون وجود العديد من المضار النفسية المُقلِقة التي تنجم عن هذه العمليات؛ إذ حلَّلت إحدى الدراسات قرابة ٣٧ دراسة على مرضى أجروا عمليات تجميلية متنوعة، وتبين أنّ هناك بعض النتائج الإيجابية كاستعادة الثقة بالنفس وتحسُّن نوعية الحياة.

ولكن من جهة أخرى؛ تنصُّ الدراسة نفسها على أنّه لوحظ عدد كبير من النتائج السلبية لهذه العمليات على الصعيد النفسي، ولا سيما لدى الأشخاص الذين يملكون توقعاتٍ كبيرةً أو الذين يعانون القلق والاكتئاب.
وقد يؤدي عدم الرضا عن النتائج إلى الإقدام على إجراء المزيد من العمليات التجميلية أو حدوث اضطرابات نفسية؛ مثل العزلة الاجتماعية والمشكلات العائلية وإلقاء اللوم على الطاقم الطبي الذي أجرى العمل الجراحي.

ولعلّ أكبر مخاطر تأثير وسائل الإعلام في تحديد معايير الجمال هي نهضة الإعلانات الكبيرة التي تنتشر عبر الإنترنت، وتكون موجَّهة للشابات في سن المراهقة غالبًا.
وتُشكِّل هذه الإعلانات صورةً نمطيةً تُحدِّد معايير الجمال الأنثوية التي تُركِّز بشدة على الارتباط بين الجمال والنحافة والحصول على الهيئة المثالية لدى الشابات، ويؤدي هذا إلى تأثيرات كبيرة في نظرة الفتاة إلى شكلها، ومن ثم حدوث العديد من الاضطرابات النفسية المرتبطة بعدم الرضا عن النفس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *