فوائد الاستغفار 1000 مرة

يُعرف الاستغفار بأنه طلب الوقاية من الذنوب مع سترها، حيث أن الله سبحانه وتعالى يمحو العقوبة المترتبة على الذنب ويستر العبد التائب في الدنيا والآخرة فلا يفضحه، وذكر الله سبحانه وتعالى الاستغفار في القرآن في الكثير من الصيغ المختلفة ومنها قوله تعالى ” وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا”.

مدح الله المستغفرين في كتابه العزيز حيث قال  (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ)، وفي آيات آخرى أمر بالاستغفار فقال  (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، وهناك فرق بسيط بين التوبة والاستغفار رغم أنهما مصطلحان متلازمان، حيث أن التوبة هي الإقلاع عن الذنب بالجوارح والقلب، أما الاستغفار فهو طلب مغفرة الذنوب باللسان، فإذا خرج الاستغفار من قلب منكسر بالذنوب، وكان في وقت من أوقات استجابة الدعاء كالأسحار وبعد الصلوات، فأن الله سبحانه وتعالى يستجيب.

فضل الاستغفار 1000 مرة

للاستغفار فضل عظيم وخاصة مع الإكثار منه والمداوة عليه، ولكن ليس هناك شيء من السنة يشير إلى ضرورة الاستغفار ألف مرة، ولكن روي ما هو أكثر منه، في حلية الأولياء عن أبا هريرة رضي الله عنه قال: إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة.

قال ابن القيم في شفاء العليل في صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلّ الله عليه وسلم يقول: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة. ولما سمع أبو هريرة هذا من النبي صلّ الله عليه وسلم كان يقول ما رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد عنه: إني لأستغفر الله في اليوم والليلة اثني عشر ألف مرة بقدر ديتي. ثم ساقه من طريق آخر وقال: بقدر ذنبه.

فالأهم في الاستغفار والذكر هو الاستغفار نفسه دون التقييد بعدد معين يشرع في الالتزام، فيستحب الإكثار من الاستغفار بأي عدد مهما كان دون تحديد عدد معين، ولكن إذا حدد العبد عددًا معينًا باعتباره ورد يومي فهذا غير مرفوض لدى العلماء، ولكنه لا يرد به نص في السنة، ولا يعتقد أن المداومة على هذا العدد سنة راتبة عن النبي صلّ الله عليه وسلم، وإنما يفعل ذلك من باب ضبط الوقت وتعويد النفس والمواظبة على العمل الصالح.

فوائد الاستغفار

تتعدد عجائب الاستغفار ولعل من أهمها أنه من أعظم أنواع الذكر، وهو يعني طلب المغفرة، ودعاء سيد الاستغفار هو اللهم أنت ربّي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي، فإنّه لا يغفر الذّنوب إلا أنت رواه البخاري.

كما أن الاستغفار من أنفع العبادات عند الله سبحانه وتعالى، فأمرنا الله به في الكثير من الآيات، كما أمر سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم والأمة من بعده، في قوله  (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) سورة النصر، 3 ، وقال سبحانه وتعالى: (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) سورة النساء، 106.

الاستغفار عند الصحابة

لم يكن الصحابة رضي الله عنهم ملائكة معصومين عن الخطأ بل كانوا بشرًا، يخطأون ويذنبون، ولكنهم كانوا لا يؤخرون الاستغفار والتوبة، حيث أنهم كانوا يعلمون أن التوبة لكي تكون مقبولة لابد أن تكون سريعة، ومن القصص التي تبين ذلك “ما حدث بحصار رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- لحصون بني قريظة عندما خانوا عهد المسلمين، وبعد خمس عشرة ليلةٍ من الحصار دبّ الرعب في قلوب اليهود، وطلبوا من النبي أن يُرسل إليهم رجلاً من الصحابة؛ ليتفاوضوا معه.

واختاروا أبا لبابة رضي الله عنه؛ طمعاً بأن يكون رحيماً عليهم؛ لأنّه كان حليفهم في الجاهلية، وكان رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- قد قرّر قتل يهود بني قريظة؛ جزاءً لهم على خيانتهم التي كادت أن تستأصل المسلمين في المدينة، وقبل أن يُرسل أبو لبابة إليهم، حذّره من أن يخبرهم بهذا القرار، ثمّ ذهب إليهم أبو لبابة -رضي الله عنه- فلمّا دخل إليهم استقبله رجالهم، وقامت نساؤهم وأطفالهم يبكون في وجهه، فرقّ لهم.

حيث كانت تجمعه بهم علاقات سابقة، فقالوا: (يا أبا لبابة، أترى أن ننزل على حكم محمّد صلّى الله عليه وسلّم؟)، فأجابهم بلسانه قائلاً: (انزلوا على حكمه)، وأشار إلى حلقه؛ قاصداً أنّه سيذبحكم، فأفشى سرّ رسول الله، وخان عهده، فقال أبو لبابة: (فوالله ما زالت قدماي من مكانهما، حتى عرفت أنّي قد خنت الله ورسوله)، فعلم أنّه قد أذنب ذنباً عظيماً، ورغم ذلك لم يتردّد في الإسراع إلى التوبة، فتوجّه أبو لبابة إلى المسجد، ولم يذهب إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلّم.

ثمّ ربط نفسه في أحد أعمدة المسجد، وعزم على ألّا يفكّ نفسه، إلّا إن فكّه رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- بعد أن تنزل توبته من عند الله تعالى، ولمّا وصل الخبر إلى النبي قال: (أما لو جائني لاستغفرت له، فأمّا وقد فعل ما فعل، فما أنا بالذي يطلقه حتى يتوب الله عليه)، وبقي أبو لبابة مقيّداً ستة أيام، وكانت زوجته تأتي إليه، وتفكّه للصلاة، ثمّ تربطه من جديد، والألم الشديد يعتصره.

وقد تاب توبةً صادقةً وسريعةً إلى الله تعالى، فنزلت رحمة الله على أبي لبابة، وقُبلت توبته، وفي الصباح سُمع ضحك رسول الله صلّ الله عليه وسلّم؛ من شدّة فرحه بقبول توبة أبي لبابة، وقال: (لَقْد تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ)، فتسابق الناس إليه؛ ليبشروه بالتوبة، ويفكّوه، إلّا أنّه رفض أن يفكّه أحد غير رسول الله، ففكّ قيده رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- عند صلاة الصبح، وتمّت توبته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *