موجز عن مفهوم النظرية ومحكات النظرية

تمثل ” النظرية  العلمية ” أهمية بالغة في البحث العلمي بصفة عامة .و تتحدد على أساسها ” هوية” أي علم من العلوم .فالنظرية هي التي تحدد موضوع العلم و تنظم عملياته و أدواره و اتجاهاته . و بذلك تختلف النظرية عن المنهج العلمي الذي يعتبرأساساً واحداً لكل العلوم الطبيعية والإنسانية مع إختلاف الإجراءات و الأدوات  بإختلاف الظاهرة محل الدراسة . فعلى سبيل المثال  تعد ” الملاحظة ” خطوة أساسية في كل بحث علمي  ، طبيعي أو إنساني ، و لكن تختلف أدوات الملاحظة  ،  ففي الكيمياء يستعين الباحث  ب ” المجهر “، و في علم االاجتماع يستخدم ” دليل أو كراسة الملاحظة ” .

و يتفق كثير من العلماء و الدارسين على أن النظرية تمثل ” نسقاً فكرياً متسقاً حول ظاهرة أو مجموعة من الظواهر المتجانسة  . و تعرف بـأنها ” تفسير لظاهرة معينة من خلال نسق إستنباطي”( تيماشيف : النظرية الاجتماعية : الطبيعة و النمو ،     ترجمة محمد الجوهري و آخرون ، 1974م) و يتضمن النسق إطاراً تصورياً و مجموعة مفاهيم و قضايا نظرية توضح العلاقة بين الوقائع و تنظمها بشكل له معنى ، إضافة الى أنها ذات بعد إمبيريقي يستند الى الواقع و معطياته  قابل للإختبار ،كما أنها تنبؤية تساعد على تفهم مستقبل الظواهر و إن كان من خلال التعميم . كما تعرف بأنها ” عبارة عن مجموعة مترابطة من المفاهيم ،و التعريفات ، و القضايا التي تكون رؤية منظمة للظواهر عن طريق تحديدها للعلاقات بين المتغيرات بهدف تفسيرها و التنبؤ بها .. ” .

 و  يستلزم بناء النظري وفق التعريفات السابقة توفرالمقومات الآتية  ( عبدالباسط محمد حسن ، أصول البحث الاجتماعي ، 1998 م ) :

1- و جود إطار تصوري ، أو مجموعة من المفاهيم تتناول مفهوم النظرية .و تنقسم الى  مفاهيم وصفية و أخرى علمية .

2- أن تحتوي النظرية على مجموعة من القضايا تبين كل قضية علاقة معينة بين مجموعة من المتغيرات .

3- أن ترتب القضايا التي تتناولها النظرية في نسق استنباطي يبدأ بالمقدمات و ينتهي بالتوصل الى النتائج . و أن تكون القضايا ذات إتساق منطقي ، بمعنى يمكن استنتاج كل قضية من القضية التي تسبقها .

4-  أن تفسر النظرية الوقائع التي تشتمل عليها ، و تصبح النظرية مؤكدة و قوية كلما فسرت وقائع أكثر.

شروط النظرية :

 حتى يتم وضع إطار معرفي للنظرية لا بد من توفر مجموعة من الشروط من أهمها ( عبد الباسط عبد المعطي، اتجاهات نظرية في علم الاجتماع ، 1995 ):

1- أن تكون  مكونات النظرية واضحة و دقيقة ، محددة الألفاظ و المعاني و المضامين .

2- أن تعبر النظرية على ما تدل عليه بإيجاز يبين محتواها و أغراضها و أهداف كل جزء من أجزائها .

3- أن تشتمل النظرية على معظم الجوانب التي تكون تلك النظرية و تحللها و تفسرها  قد الإمكان .

4-لابد أن تكون النظرية ذات موضوع  و إطار تفسيري خاص بها بحيث لا تتداخل مع نظرية أخرى تتناول وتفسر نفس  الموضوع  و القضايا .

5- أن تستمد النظرية إطارها المرجعي و التفسيري من حقائق و ملاحظات واقعية يمكن  إختبارها علمياً بشكل يثريها و يمنحها الخاصية العلمية .

6- من شروط النظرية الهامة قدرتها على التنبؤ ، بحيث لا تقف عند الوصف و التفسير إنما تتجاوزهما الى  القدرة على التنبؤ .

وظائف النظرية :

يمكن إيجاز الوظائف التي تضطلع بها النظرية العلمية على النحو التالي :

1- يعد تحديد هوية العلم و موضوعاته الرئيسة  و ميادينه من أبرز وظائف النظرية العلمية ، الذي يترتب عليه تأكيد و إظهار الدور المعرفي التراكمي ، وعليه يتحدد ما يجب دراسته ، و ما هي القضايا التي لم تدرس بعد إضافة الى  ما تم التوصل إليه من نتائج .

2- تعتبر النظرية العلمية نقطة البدء في دراسة الظواهر الإجتماعية و الطبيعية على حدٍ سواء ، لأنها تضع للباحث الإطار التصوري لأبعاد و علاقات الموضوع الذي يقوم بدراسته ، و تحدد له المعطيات و كيفية تنظيمها و من ثم تصنيفها ، و العلاقات و الترابطات و التداخلات فيما بينها ، أي أن النظرية تضع للباحث الاجراءات العلمية التي سيتبعها عند  القيام ببحثه .و تقدم النظرية عددا كبيراً من المفاهيم التي تثري العلوم . وذلك لأن كل ” مفهوم ” يتضمن خبرة إجتماعية و علمية مميزة ، إضافة الى أنه يعد تلخيصاً لكثير من الحقائق التي تكون النظرية .

3- من الوظائف الهامة للنظرية القيمة العلمية التي تمنحها للبحث فجمع البيانات بالإعتماد على نظرية تدعم المعطيات و تفسر النتائج أمراً ضرورياً  حتى لا يعد البحث  ناقصاً و قاصراً . و عليه فإن  العلاقة الجدلية بين النظرية و البحث العلمي على قدر كبير من الأهمية  يجب ان يراعيها الباحث الجاد  عند إلقيام ببحثه .

4- تساعد المظرية على اتجاه الظاهرة مستقبلا ، فالتنبؤ يعني الانتقال من المعلوم من الحالات و الوقائع الى الحالات المشابهة أو المجهولة .

5-  كما يمكن الإستفادة من النظريات العلمية في مجال التطبيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *