رسالة ماجستير كاملة بعنوان الفسخ الجزئي للعقد جاهزة للتحميل doc

المستخلص

يعد موضوع الفسخ الجزئي للعقد من المواضيع الحيوية التي تعالج حالات التنفيذ غير الكامل للعقد ، وذلك لما يوفره من امكانية تتناسب مع تطلعات المتعاقدين في المحافظة على روابطهم العقدية ولو بصورة جزئية ، إلا انه وبالرغم من تلك الاهمية فلا يزال ذلك محل جدل فقهي وقضائي ، اذ انقسم الفقه إلى اتجاهين : احدهما يعارض ذلك الأمر و يرى فيه تنكر لوحدة العقد و لقوته الملزمة ، فبحسب تصورهم انه من شأنه ان يصادر حرية المتعاقدين في ان يحصلوا على التنفيذ الكامل للعقد ، في حين على خلاف ذلك بالنسبة للاتجاه الاخر الذي رجح مبدأ المحافظة على العقد ولو بصورة جزئية على مبدأ وحدته ، ذلك لان المحافظة على العقد او على بعض اجزائه من الممكن ان تربوا على وحدته ، ذلك الأمر الذي يوجبه حسن النية في التعامل الذي يفرض على المتعاقدين ان يبذلوا اقصى ما يمكن من جهد لتنفيذ العقد و الابتعاد به عن الزوال ، بالإضافة إلى ذلك ان إرادة المتعاقدين في كثير من الاحيان تتجه للمحافظة عليه ، وذلك من خلال قصر الفسخ على بعض اجزائه دون ان يشمله بتمامه وعلى وجه الخصوص في العقود المهمة او التي تتم خارج حدود الدولة ، وذلك لما يصاحب ابرامها من عقبات تجعل من انهيارها بالكامل امراً بالغ الخطورة من شأنه ان يجر بخسائر كبيرة على الطرفين المتعاقدين .
كما ان هذا الخلاف لم يكن قاصراً على الفقه القانوني فحسب بل حتى القضاء هو الآخر لم يتبنى موقفاً حاسماً بخصوص هذا الأمر ولا سيما قضاء محكمة التمييز الاتحادية العراقية فهي لم تكن احكامها موحدة بهذا الصدد، فقد تأرجحت بين القبول به و الرفض ولعل السبب الرئيسي وراء ذلك ، هو عدم وضوح التشريعات التي تستند عليها المحكمة في اصدار احكامها وعلى وجه الخصوص القانون المدني العراقي ، في حين على العكس من ذلك بالنسبة للتشريعات المقارنة و على وجه الخصوص القانون المدني الفرنسي وقانون الموجبات والعقود اللبناني ، فقد احاطا هذا الأمر بعناية لم نجد لها نظير في القانون المدني العراقي والقانون المدني المصري ، وذلك لتمسكهما بالأسس التقليدية في فسخ العقد ، دون الالتفات لحجم التطور الذي بدء يظهر على الروابط العقدية و الذي لم يقتصر على الروابط الداخلية فحسب بل شمل الدولية منها ، ولعل ما يؤكد ذلك هو التنظيم الذي حظي به الفسخ الجزئي للعقد في ظل اتفاقية فيينا الخاصة بعقد البيع الدولي للبضائع فقد اولته اهتماماً فائقاً لم تسبقها اليه التشريعات اللاتينية موضوع المقارنة ، ولعل الدافع وراء ذلك هو المحافظة على العقود التي تخضع لها والتقليل من حالات فسخها بالكامل وقصرها في اضيق الحدود .

المقدمة

اولاً: جوهر فكرة الدراسة :

يعد العقد من أكثر النظم القانونية اهمية واوسعها تنظيماً ذلك لأنه وسيلة من وسائل التبادل بين الأفراد لها فعاليتها في تبادل الثروات ، خصوصاً بعد التطورات التي شهدتها وسائل الاتصال في العالم التي سهلت إبرام العقود وتنفيذها ، ولعل تنفيذ العقد هو المطلب الاساسي الذي يسعى اليه المتعاقدان ، فهما يعلقان عليه الكثير من الآمال والتطلعات المرتبطة بالمردود الذي يضيفه هذا التنفيذ على المتعاقدين بصورة مباشرة أو على الغير بصورة غير مباشرة ، كما ان آثاره لاتقف على هذا الحد بل تضيف نوعاً من الاستقرار القانوني بعيداً عن القلق الذي ينتاب المراكز القانونية الذي من الممكن ان يتحقق من خلال زوال العقود ، ولكن هذا المطلب لا يكون متاحاً دائماً ، ذلك لان العلاقات التعاقدية لا يمكن وصفها بالمثالية ، فغالباً ما يحدث ان احد المتعاقدين يتقاعس عن تنفيذ التزامه لسبب أو لآخر والأمر لا يثير اشكالاً إذا كان عدم التنفيذ هذا قد طال الرابطة العقدية بتمامها ، ذلك لان المتعاقد الآخر من جانبه يمكنه ان لا ينفذ التزامه استناداً لفكرة الترابط في الالتزامات ، ولكن يبدو الأمر أكثر اهمية في حالة التنفيذ الجزئي ، اي ان المدين لم يكن في نيته ان يتخلف عن تنفيذ التزامه بالكامل ولكن حدثت له بعض الصعوبات التي عرقلت تنفيذ العقد بصورة جزئية ، الأمر الذي تثور معه مسألة فسخ العقد بتمامه أو الاقتصار على الجزء الذي حدث الاخلال بشأنه ولعل هذا الحل من شأنه ان يتجاوز عقبات فسخ العقد بالكامل وما يصاحبه من صعوبات لعل في طليعتها إعادة الطرفين إلى وضعهما السابق على التعاقد ، كإعادة البضائع المتعاقد عليها وإعادة الاموال التي تقابلها، ولا ريب ان هذا الأمر يشكل جزاءً مدنياً شديد الخطورة لأنه يزلزل المراكز القانونية المستقرة ، ويقضي على عقد بذل طرفاه اقصى ما في وسعهم من وقت و جهد ومال من اجل الحصول على تنفيذه خصوصاً في العقود التي تبرم خارج حدود الدولة ، والتي تتميز في الغالب بضخامتها وطول الفترة اللازمة لتنفيذها ، كما انها لا تبرم في الغالب إلا بعد الدخول في مفاوضات طويلة ومكلفة ، الأمر الذي يجعل فسخها فسخاً كلياً لمجرد عدم تنفيذ جزء منها امراً شديد القساوة ليس فقط على أطراف العقد بل على اقتصاد الدولة التي تنفذ فيها تلك العقود .

ثانياً: اهمية الدراسة:

تتمثل أهمية هذه الدراسة في جانبين احدهما نظري والاخر عملي، يتمثل الجانب النظري بمحاولة وضع نظام قانوني يعالج مسألة الفسخ الجزئي للعقد في الوقت الذي تخلو فيه المكتبة القانونية من دراسات متخصصة تعالج هذا الموضوع ، ويتم ذلك من خلال الاطلاع على موقف القوانين المقارنة و الاتفاقيات الدولية ذات الصلة منه و اراء الفقه القانوني وموقف القضاء من هذا الموضوع ، للوصول إلى رؤية شاملة عنه ثم صياغة هذه الرؤى بمقترحات ، اما بالنسبة للجانب العملي فأنه يتمثل بأن هذه الدراسة تحاول الابقاء على العقود منتجة لآثارها وذلك من خلال محاولة التقليل من حالات اللجوء للفسخ الكلي للعقد لمجرد ان احد اجزاء الرابطة العقدية قد اعتراها عيب في التنفيذ ، وفي الوقت نفسه تسعى للمحافظة على مصلحة الطرفين وذلك من خلال عدم اللجوء إلى فرض الفسخ الكلي للعقد على المدين لمجرد ان تقصيراً بسيطاً قد صدر منه ، في الوقت الذي تسعى فيه ان لا تجعل الدائن هو من يتحمل عبء ذلك التقصير وإنما تهدف إلى اقامة موازنة متكافئة بين حقوق والتزامات الطرفين ، فكل التزام يزول لابد ان يزول الالتزام المقابل له بل ان للدائن الاولوية على الجزء المفسوخ لأنه يعود مملوكاً له وبأثر رجعي ، بالإضافة إلى ذلك فأنها تضيف نوعاً من الاستقرار للنظم القانونية وذلك من خلال محاولة انقاذها من الانهيار ، ولا ريب ان ذلك يلقي بظلاله على الاقتصاد العام ، ذلك لان كل عقد قد يرتبط بسلسلة من العقود التي قد يعتمد تنفيذها عليه و لعل الابقاء عليه ولو بصورة جزئية من شأنه يبقي على تلك العقود ، والتي قد تؤلف بمجموعها جزء لا يستهان به من اقتصاد الدولة ، بالإضافة إلى ذلك ان الفائدة التي يحققها الفسخ الجزئي في المحافظة على العقد تنسجم مع المبدأ العام في العقود وهو التنفيذ .

ثالثاً: اشكالية الدراسة :

تتمثل اشكالية هذه الدراسة بسؤال مركزي يتبعه عدد من الاسئلة الفرعية ، ومفاد ذلك السؤال ، هو ما مدى كفاية القواعد العامة في التشريع العراقي في تنظيم مسألة الفسخ الجزئي للعقد او بعبارة أخرى هل كان تركيز التشريع العراقي على الفسخ الجزئي بالشكل الذي من شأنه ان يقضي على تناقض الاحكام بشأنه ؟ اما الاسئلة الفرعية فهي كالاتي :
• ما المقصود بالفسخ الجزئي للعقد؟ وما هي خصائصه وبماذا يتميز عن غيره من النظم القانونية الاخرى؟
• متى يمكن القول ان العقد يقبل الفسخ الجزئي ؟
• ما هو الاساس الذي يبنى عليه الفسخ الجزئي ؟ وما هو دور الإرادة في ذلك ؟
• ماهي العلاقة بين المنفعة الاقتصادية للعقد والفسخ الجزئي ؟
• ما هو موقف الفقه والتشريع والقضاء من ذلك ؟
• ماهي آثار الفسخ الجزئي للعقد ؟ وهل تختلف بالنسبة لأطراف العقد عن محل العقد ؟

رابعاً : صعوبات الدراسة :

تتمثل صعوبات هذه الدراسة بعدة امور يمكن ان نوجزها بالاتي :.
1. ندرة المادة العلمية التي تعالج هذا الموضوع اذ لم نجد في الدراسات القانونية التي تعالج نظرية الفسخ بصورة عامة الحل المنشود لتلك المسألة ، فهي لم تتطرق للفسخ الجزئي للعقد .
2. كثرة القرارات القضائية المتعارضة في هذا الموضوع مما دعانا إلى الاخذ بأرجحها .
3. صعوبة التعامل مع المصادر الفرنسية ، سواء كانت الكتب القانونية منها أو القرارات القضائية خصوصاً عند ترجمتها ، وذلك لمحاولة نقل التجربة الفرنسية للقانون المدني العراقي وجعله بالصورة التي تواكب تطور الاحداث .
4. عدم وجود نص واضح في التشريع العراقي سواء كان ذلك في القانون المدني أو القوانين الاخرى من شأنه يعين الباحث في استخلاص رؤية واضحة حول هذا الموضوع .

خامساً : منهجية الدراسة :

ان دراسة موضوع الفسخ الجزئي للعقد تتطلب منا سلوك منهج البحث المقارن ، وذلك من خلال محاولة جمع عناصر هذا الموضوع المنتشرة بين ثنايا القوانين المختلفة والتي يجمع بينها جامع واحد وهو قصر الفسخ على الجزء الذي حدث الاخلال بشأنه ، علماً ان حدود منهجنا الاستقرائي و المقارن هذا لا يقف عند القوانين المدنية فحسب بل سوف يمتد ليشمل اتفاقية فيينا للبيع الدولي للبضائع ، لذا سوف تكون مقارنتنا في إطار القانون المدني العراقي وقانون الموجبات والعقود اللبناني والقانون المدني المصري والقانون الفرنسي من جهة واتفاقية افيينا للبيع الدولي للبضائع من جهة ، ذلك لأنها تعد من افضل النظم القانونية عناية بهذا الموضوع ، كما ان اسلوب المقارنة هذا لا يقف عند نصوص القوانين المدنية فحسب بل سوف يمتد ليشمل احكام القضاء المدني في كل من العراق ولبنان ومصر وفرنسا .

سادساً : هيكلية الدراسة :

من اجل الاحاطة بدراسة موضوع الفسخ الجزئي للعقد وزعنا البحث على ثلاثة فصول ، تعرضنا في الاول منها لمفهوم الفسخ الجزئي للعقد و على مبحثين ، بينا في الاول ماهية الفسخ الجزئي للعقد ، وفي الثاني شروط اعمال الفسخ الجزئي للعقد ، ثم خصصنا الفصل الثاني لبحث التأصيل القانوني للفسخ الجزئي للعقد و على مبحثين ، تناولنا في الاول الموقف من الفسخ الجزئي للعقد اما لثاني فقد كان لأساس الفسخ الجزئي ، ثم اعقبنا هذه الدراسة بفصلِ ثالث اثرنا ان نبحث فيه أحكام الفسخ الجزئي للعقد ، وعلى مبحثين تناولنا في الاول احكام الفسخ الجزئي بالنسبة لأطراف العقد اما الثاني فقد كان لأحكام الفسخ الجزئي بالنسبة لمحل العقد ، وقد اختتمنا هذه الدراسة بخاتمة تتضمن اهم ما توصلنا له من نتائج واهم ما نراه من مقترحات.

_______________________________________________________________________________________________

حمل المرفق للحصول على البحث كاملاً!!

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *