بحث عن التفكير الناقد جاهز وورد doc

مفهوم التفكير الناقد

ورد الفعل “نقد” في “لسان العرب” بمعنى ميَّز الدراهم وأخرج الزيف منها؛ (ابن منظور، صفحة 425)، كما ورد تعبير “نقد الشعر ونقد النثر” في “المعجم الوسيط”؛ بمعنى: أظهر ما فيهما من عيب أو حسن؛ (1985، صفحة 982).

والناقد الفني كاتبٌ عملُه تمييزُ العمل الفني، جيده من رديئه، وصحيحه من زيفه.

أما التفكير الناقد، فهو مفهوم مركَّب، له ارتباطات بعددٍ غير محدود من السلوكيات في عددٍ غير محدود من المواقف والأوضاع، وهو متداخلٌ مع مفاهيم أخرى؛ كالمنطق، وحل المشكلة، والتعلم، ونظرية المعرفة، ويعبِّر “جون ديوي” عن جوهر التفكير الناقد في كتابه “كيف تفكر” بالقول: “إنه التمهل في إعطاء الأحكام وتعليقها لحين التحقق من الأمر”؛ (Dewey, 1982).

وهناك مَن يرى بأن التفكير الناقد يقابل التفكير المجرَّد عند بياجيه (Meyer, 1991)، ويتألف من ثلاثة مكونات، هي:

  • صياغة التعميمات بحذر.
  • النظر والتفكر في الاحتمالات والبدائل.
  • تعليق الحكم عن الشيء أو الموقف لحين توافر معلومات وأدلة كافية.

وفي بعض المراجع يتم التعرض للتفكير الناقد في معرض الحديث عن حل المشكلات (أو التفكير المنطقي).

وإذا رجعنا إلى الكلمة الإنجليزية Critical، نجد أنها مشتقة من الأصل اللاتيني Criti – cus أو اليوناني Kritikos، والذي يعني ببساطةٍ القدرةَ على التمييز أو إصدار الأحكام.

وقد يفسِّر هذا المدلولُ اللغوي للكلمة اليونانية النظرةَ التقليدية القديمة للتفكير، التي أرسى قواعدها وتبنَّاها الفلاسفةُ الثلاثة (سقراط وأفلاطون وأرسطو)، وتتلخَّص تلك النظرة في أن مهارات التحليل والحكم والمجادلة كافية للوصول إلى الحقيقة، كما قد يكون مفهوم التفكير الناقد في الأدب التربوي المعاصر متأثرًا بهذه النظرة التقليدية للتفكير، ويعلق ديبونو De Bono, 1994) على ذلك بالقول: “إن مهارات التحليل والحكم والمجادلة مهمَّة في عملية التفكير أو التفكير الناقد، ولكنها ليست كافية في حدِّ ذاتها؛ لافتقارِها إلى عناصر في غاية الأهمية؛ من مثل: جوانب التفكير الإنتاجية والإبداعية والتوليدية والتصميمية”، وليس ممكنًا التقدُّمُ في مجالات العلوم والتكنولوجيا بمجرَّد التوصل إلى الحقيقة عن طريق نقدِ مدى صحة الفرضية أو المعلومة القائمة، ولا بد من استكمال المهمة بالانتقال إلى مرحلة أخرى، ربما تكون أكثر أهمية، بتوليد فرضيات جديدة وأفكار إبداعية لمعالجة الموقف أو حل المشكلة.

وربما كان التفكير الناقد من أكبر أشكال التفكير المركَّب استحواذًا على اهتمام الباحثين والمفكِّرين التربويين، الذين عُرِفوا بكتاباتهم في مجال التفكير، كما أن تعبير “التفكير الناقد” من أكثر التعبيرات التي يُساء استعمالها من قِبَل الكثيرين في وصف عمليات التفكير ومهاراته.

وفي عالم الواقع، يستخدم التعبير للدلالة على معانٍ جديدة، من أهمها: الكشف عن العيوب والأخطاء – الشك في كل شيء – التفكير التحليلي – التفكير التأملي – حل المشكلة – كل مهارات التفكير العليا في تصنيف بلوم – كل مهارات التفكير المهمة – التفكير الواضح – التفكير اليقظ – التفكير المستقل – والتعرف على أوجه التحيز والتناقض وعدم الاتساق.

وهناك عددٌ كبير من التعريفات التي وَرَدت في الأدب التربوي، نقدِّم فيما يلي نماذج منها بالإضافة لما ذكر سابقًا:

  • التفكير الناقد هو فحص وتقييم الحلول المعروضة.
  • التفكير الناقد هو حل المشكلات أو التحقق من الشيء وتقييمه بالاستناد إلى معايير متفق عليها مسبقًا.
  • التفكير الناقد هو تفكير تأمُّلي ومعقول، مركز على اتخاذ قرار بشأن ما نصدِّقه ونؤمن به، أو ما نفعله، وما يتطلَّبه ذلك من وضع فرضيات وأسئلة وبدائل وخطط للتجريب.
  • التفكير الناقد هو التفكير الذي يتطلب استخدام المستويات المعرفية العليا الثلاث في تصنيف بلوم، وهي: التحليل، والتركيب، والتقويم.
  • التفكير الناقد هو تفكير يتَّصِف بالحساسية للموقف، وباشتماله على ضوابط تصحيحية ذاتية، وباعتماده على محكات في الوصول إلى الأحكام.

ورغم الاختلافات الظاهرة في معالجات الكثيرين من الكتَّاب لمفهوم التفكير الناقد، إلا أن هناك عددًا من القواسم المشتركة بينها، يمكن تلخيصها فيما يلي:

  • التفكير الناقد ليس مرادفًا لاتخاذ القرار أو حل المشكلة، وليس مجرَّد تذكر أو استدعاء بعض المعلومات، كما أنه ليس مرهونًا باتباع إستراتيجية منظمة لمعالجة الموقف.

وفي هذا الصدد يفرِّق الباحث إنس (Ennis, 1962) بين التفكير الناقد وحل المشكلة، بالتركيز على نقطتي البداية والنهاية في كلٍّ منهما، فالتفكير الناقد يبدأ بوجود ادِّعاء أو استنتاج أو معلومة، والسؤال المركزي هو: “ما قيمة أو مدى صحة الشيء؟”، بينما حل المشكلة يبدأ بمشكلة ما، والسؤال المركزي هو: “كيف يمكن حلها؟”، يضاف إلى ذلك أن التفكير الناقد ليس إستراتيجية كما هو الأمر بالنسبة لحل المشكلة أو اتخاذ القرار؛ لأنه لا يتكوَّن من سلسلة من العمليات والأساليب التي يُمكِن استخدامها في معالجة موقفٍ ما بصورة متتابعة، ولكنه عبارة عن مجموعة من العمليات أو المهارات الخاصة التي يمكن أن تستخدم بصورة منفردة أو مجتمعة، دون التزام بأي ترتيب معيَّن، وقد حدَّد باير (Beyer, 1985) عشر مهارات للتفكير الناقد نوردها فيما يلي:

  • التمييز بين الحقائق التي يمكن إثباتها أو التحقق من صحتها، وبين الادعاءات أو المزاعم الذاتية أو القيمية.
  • التمييز بين المعلومات والادِّعاءات والأسباب ذات العلاقة بالموضوع، وتلك التي تُقحَم على الموضوع ولا ترتبط به.
  • تحديد مصداقية مصدر المعلومات.
  • التعرُّف على الادِّعاءات أو البراهين والحجج الغامضة.
  • التعرُّف على الافتراضات غير الظاهرة أو المتضمنة في النص.
  • تحري التحيز أو التحامل.
  • التعرف على المغالطات المنطقية.
  • التعرف على أوجه التناقض أو عدم الاتساق في مسار عملية الاستدلال من المقدِّمات أو الوقائع.
  • تحديد درجة قوة البرهان أو الادِّعاء.

وقد يمارس الفرد التفكير الناقد بأن يتحرَّى مواقع التحيز أو التناقض في نص معين دون غيرهما من مهارات التفكير الناقد الأخرى، وتضم كل مهارة من مهارات التفكير الناقد التي أوردها باير بُعدًا تحليليًّا وبُعدًا تقييميًّا.

  • التفكير الناقد يستلزم إصدار حكم من جانب الفرد الذي يمارسه.
  • التفكير الناقد يحتاج إلى مهارة في استخدام قواعد المنطق والاستدلال المنظمة للأمور.
  • التفكير الناقد ينطوي على مجموعة من مهارات التفكير التي يمكن تعلمها والتدرب عليها وإجادتها.

خصائص المفكر الناقد:

ماذا نعني عندما نقول بأن فلانًا يفكر تفكيرًا ناقدًا؟

للإجابة عن هذا السؤال ولإعطاء فكرة مبسطة، نورد تاليًا قائمة من الخصائص والسلوكيات البارزة التي أوردها باحثون متخصِّصون في وصف الشخص الذي يفكر تفكيرًا ناقدًا:

  • منفتح على الأفكار الجديدة.
  • لا يجادل في أمر عندما لا يعرف شيئًا عنه.
  • يعرف متى يحتاج إلى معلومات أكثرَ حول شيءٍ ما.
  • يعرف الفرق بين نتيجة “ربما تكون صحيحة”، ونتيجة “لا بد أن تكون صحيحة”.
  • يعرف بأن لدى الناس أفكارًا مختلفة حول معاني المفردات.
  • يحاول تجنُّب الأخطاء الشائعة في استدلاله للأمور.
  • يتساءل عن أي شيء يبدو غير معقول أو غير مفهوم له.
  • يحاول فصل التفكير العاطفي عن التفكير المنطقي.
  • يحاول بناء مفرداته اللُّغوية بحيث يكون قادرًا على فهم ما يقوله الآخرون، وعلى نقل أفكاره بوضوح.
  • يتخذ موقفًا أو يتخلى عن موقف عند توافر أدلة وأسباب كافية لذلك.
  • يأخذ جميع جوانب الموقف بنفس القدر من الأهمية.
  • يبحث عن الأسباب والبدائل.
  • يتعامل مع مكوِّنات الموقف المعقد بطريقة منظمة.
  • يستخدم مصادر علمية موثوقة ويشير إليها.
  • يبقى على صلة بالنقطة الأساسية أو جوهر الموضوع.
  • يعرف المشكلة بوضوح.

وتورد هارندك المثال الآتي لإيضاح صفات المفكر الناقد:

سأل أحدهم زميله: هل تعتقد أنه من الممكن صناعة طائرة تتسع لعشرة آلاف راكب؟

أجابه زميله: ما هذا السؤال السخيف؟ كيف يمكن لطائرة ثقيلة كهذه أن ترتفع عن الأرض؟

إن إجابة كهذه تشير إلى أن صاحبها لا يتَّصف بصفات مَن يفكر تفكيرًا ناقدًا؛ لأنه غير منفتح على الأفكار الجديدة، ولأنه غير خبير بهندسة الطيران حتى يدعم رأيه، وهو لا يعرف أنه بحاجة إلى معلومات أكثر حول الموضوع.

  • وتعتقد هارندك (Harnadek, 1976, 1979) أن كل طالب يستطيع أن يتعلم كيف يفكر تفكيرًا ناقدًا إذا أتيحت له فرص التدرب والممارسة الفعلية في الصفوف الدراسية، وأن مجرَّد الانتقال من حالة الموافقة أو الرفض المباشر والسريع لفكرة ما، يعدُّ خطوة إيجابية في اتجاه تنمية مهارات التفكير الناقد لدى الطلبة، وعليه؛ فإن واجب المعلِّم أن يوفر لطلبته مناخًا تعليميًّا مشجعًا، لا يشعرون فيه بالإحراج أو التهديد، وهنا لا بدَّ من إبراز الدور الذي تلعبُه العوامل الشخصية في التفكير الناقد؛ لأن المصطلح قد يُعرَف بصيغة الموضوعية الصارمة، ومن الأمثلة على ذلك القول بأن التفكير الناقد بشكله الصحيح هو تفكيرٌ موضوعي متحرِّر من أثر القيم الشخصية، بينما يشير بعض الباحثين في تفريقهم بين التفكير الناقد والحل الموضوعي العلمي للمشكلة، إلى أن التفكير الناقد يتضمَّن عناصر من القيم والعواطف والأحكام الشخصية.

.
.
.

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق جاهز للطباعة 

تنزيل “التفكير-الناقد.docx” التفكير-الناقد.docx – تم التنزيل العديد من المرات – 19.92 كيلوبايت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *