بحث تاريخ عن الإيلخان أحمد تكودار جاهز وورد doc

المبحث الأول

تأسيس الدولة الايخانية المغولية

أولا : أصل تسمية المغول

يُطلق على هذه الإمبراطورية تسميتين باللغة المنغولية، وهي: (مونگولين إيزنت گورن (بالمنغولية ، وهي تعني حرفيّا “الدولة الإمبراطورية للمغول”، وإيخ منگول أولس (، التي تعني حرفيّا “الإمبراطورية المغولية العظمى”. تستخدم التسميتين بشكل متساو، وتترجم إلى اللغة العربية والإنكليزية تحت اسم “الإمبراطورية المغولية” أو “إمبراطورية المغول”. إمبراطورية المغول أو الإمبراطورية المغولية أو الإمبراطورية المنغولية(1). بالمغولية أكبر إمبراطورية ككتلة واحدة، وثاني أضخم إمبراطورية في التاريخ ، وأعظم رعب مر على تاريخ أوراسيا,وهي نتاج توحيد قبائل المغول والترك في ما يسمى حاليا منغوليا، فبدأت اول حملات المغول بقيادة ) بتيموجين جنكيز خان) الذي أعلن حاكما لها عام 1206 فكانت فاتحة للغزوات التي وصلت أقصى مدى لها عام 1405 من حوض الدانوب حتى بحر اليابان, الإمبراطورية أيضا باسم الإمبراطورية المغولية العالمية، بما أنها انتشرت في معظم أنحاء العالم القديم المعروف, انتشر العديد من التقنيات الجديدة والأيديولوجيات المختلفة عبر أنحاء أوراسيا، خلال عهد هذه الإمبراطورية المطوّل, ظهرت بدايات تمزق تلك الإمبراطورية في أعقاب الحرب على وراثة الحكم ما بين عاميّ 1260 و1264 ما بين القبيلة الذهبية وخانات الجاكاتاي وهو بواقع الأمر بمثابة استقلال ورفض (2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الصياد . عبد المعطي , المغول في التاريخ , دار النهضة العربية للطباعة والنشر, لبنان : بيروت, 1989 , ج1 ,ص211.

2- حمدي . حافظ , الدولة الخوارزمية والمغول , , دار العلمية للطباعة والنشر , مصر : القاهرة , 1997 , ص234.

الخضوع لقوبلاي خان كخاقان الذي حكم في الفترة (1260 – 1293 ) للمغول, ولكن بعد موت قوبلاي خان انقسمت الإمبراطورية إلى أربعة خانات أو إمبراطوريات منها اسرة ايوان في الصين , اسرة جاكاتاي بمنغوليا , القبيلة الذهبية بروسيا , الاليخانات التي حكمت بلاد فارس، كل منها يهدف لتحقيق مصالحه واهتماماته الخاصة, لكن الإمبراطورية ككل بقيت متماسكة، متحدة وقوية. اتخذ خانات أسرة يوان الكبار، لقب أباطرة الصين(1). وقاموا بنقل عاصمتهم من قراقورم إلى خان بالق (بكين حاليّا, وعلى الرغم من أن معظم الخانات تقبلوا هؤلاء الحكّام الجدد وقدموا لهم الولاء وبعض الدعم بعد معاهدة السلام عام 1304، فإن الخانات الثلاثة الغربية تمتعت باستقلال تام تقريبا، واستمر كل منها بالازدهار والنمو وحده، كدولة ذات سيادة. وبنهاية القرن الرابع عشر كانت معظم خانات الإمبراطورية قد تحللت وانتهى أمرها،على الرغم من أن أسرة يوان الشمالية استمرت بحكم منغوليا حتى القرن السابع عشر (2) .

ثانياً : قيام الدولة الايخانية

بعد نجاح المغول في السيطرة على بلاد فارس والعراق وإسقاط الخلافة العباسية سنه 656 هـ / 1258 م , عملوا على تثبيت سلطاتهم في هذه البلاد , وأحكام السيطرة على الأمور والنواحي , وقد عرف الحكم المغولي الذي اتخذه مؤسسها هولاكو لنفسه , وهو الايخان الذي أصبح علماً مميزاً لحكم اسرتة التي توارثت الحكم بعده ,وكان قيام دولة الايخانات وتطورها نتيجة طبيعية لاتصال المغول واحتكاكهم بالحضارة السائدة في البلاد التي استولوا عليها (3) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- رؤوف. عماد عبد السلام، حكام العراق وموظفوه في العهد الاليخاني، مجلة المؤرخ العربي، العدد (11)، بغداد، 1979م، ص 79.

2- الصياد . عبد المعطي , المصدر السابق , ص212.

3- الهمذاني . رشيد الدين فضل الله , جامع التواريخ دار النصر للطباعة الاسلامية , مصر : القاهرة , ج1 , 2000,ص192.

وعندها أقام هولاكو نظامه الايخاني بعد سقوط الدولة العباسية أصبحت الصورة الحضارية للمغول أكثر تكاملاً ورقياً , حيث كان بلاطه نموذجاً لهذا التحول في العادات والتقاليد المغولية التي ذابت أمام التأثير التدريجي للحضارة العربية التي كانت تسود في البلاد الإسلامية التي استولوا عليها , بدء هولاكو بممارسة لسلطته السياسية باعتباره حاكماً على البلاد(1). وبالرغم من أن التقليد المغولي في الأعمال العسكرية , يعطي الحق للقائد أن يمتلك ما يخضعه بسيفه , فان هولاكو لم يكن ألا قائد لحمله عسكرية أرسلها الخاقان المغولي منكو خان نحو الغرب , بعد أن أوصاه كما ذكر المؤرخ المغولي رشيد الدين بالعودة إلى مقره الأصلي حينما يفرغ من انجاز مهمته , وقد بدأ هولاكو في العمل على تثبيت سلطانه وترتيب أموره في الأقاليم التي دخلت في حوزته , فاتخذ من مدينه (مراغه ) هي المدينة التي اصبحت مركزاً جديداً لحكم هولاكو الجديد , أما مدينه بغداد فقد خسرت مكانتها الكبيرة في القيادة والتوجيه , وتحولت إلى مدينه ثانوية بالنسبة للحكم الجديد , حيث أصبحت مركزاً لأحدى الوحدات الإدارية التي شملت ما يسمى بالعراق العربي(2) .

ثالثاً : القائد المغولي هولاكو

هو حاكم مغولي أبوه الإمبراطور تولوي وجده الإمبراطور جنكيزخان وأمه سرغاغتاني بكي، وهو شقيق كل من الإمبراطور منكو خان والإمبراطور قوبلاي خان والإمبراطورإريك بوك , في عام 1217م ولد هولاكو لأبيه تولوي خان أصغر أبناء جنكيز خان وأمه  سرغاغتاني بكي  التي كانت تنتمي لإحدى قبائل الترك المعتنقة للمذهب النسطوري للديانة المسيحية في منغوليا، وكذلك أيضا كان مذهب زوجته دوقوز خاتون حفيدة طغرل خان ملك(3) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الهمذاني . رشيد الدين فضل الله , المصدر السابق , ص193 .

2- اقبال . عباس , تاريخ المغول , مطبعة بغداد للطباعة والنشر, العراق , بغداد , , ط2, 1995 , ص312.

3- الكيلاني .جمال, تاريخ الإسلام في العصور الوسطى ,مكتبة المصطفى للطباعة والنشر, القاهرة ، 2011، ص 43

قبائل الكيرايت التركية الذي كان ملك الصين قد لقبه ( بوانغ خان)، وكان أقرب صديق لهولاكو هو( كتبغا ( , كان هولاكو شديد الولع بالحضارة الفارسية وثقافتها، فما إن أصبح خان لبلاد الفرس، ومؤسس لعهد الخانات فيها حتى اجتمع إليه في ديوانه العديد من الفلاسفة والعلماء والحكماء من بلاد فارس التي كانت مسلمة وتتبع الدين الإسلامي , كان لدى هولاكو الكثير من الزوجات والعديد من المحظيات. أما زوجته الرئيسة فكانت دوقوز خاتون المسيحية، والتي كانت في الأصل خليلة أبيه تزوجها من بعده , احتلّ هولاكو العديد من البلاد الواقعة إلى الغرب من قارة آسيا(1). وقتل الملايين من الشعوب في تلك البلاد. كلّف موناكو خان أخاه هولاكو لقيادة الجيش المغولي العظيم، لغزو وتدمير الدول الإسلاميّة المتبقية في الجهة الجنوبية الغربية لآسيا عام ألفٍ ومئتين وخمسة وخمسين للميلاد، وأمره بمعاملة المستسلمين برحمة، والقضاء على المقاومين بشكلٍ كامل، لكن هولاكو قام بتفيذ الجزء الأخير من الأوامر بمنتهى الوحشيّة والقسوة(2). وسعى إلى القضاء على طائفة الحشاشين وحاول تدمير أو إخضاع الدولة العباسيّة , سار هولاكو على رأس جيش اعتُبر من أعظم الجيوش المغول التي تمّ تكوينها على الإطلاق، وبعد أن انتشرت سمعته في أرجاء البلاد أُصيب الحشاشون بالذعر الكبير، فقاموا على الفور بالاستسلام وتسليم قلعتهم الحصينة بدون معركة , انطلق بعدها جيش هولاكو قاصداً بغداد(3) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- رؤوف . عماد عبد السلام، المصدر السابق , ص82.

2- اقبال . عباس ,المصدر السابق , ص315.

3- حمدي . حافظ , المصدر السابق , ص238.

رابعاً : انتشار الإسلام بين الجيش المغولي

وقبل أن ينجرف العالم الإسلامي مع هذا السيل الجارف العنيد، وينطمس معالمه وملامحه، كما كان المشاهد الملموس عند ذوي البصيرة والخبرة من المؤرخين المسلمين في ذلك الحين، بدأت دعوة الإسلام تنتشر فجأة في هذا الشعب، ويتحقق على أيدي دعاة الإسلام ما لم يتحقق بالأسنة والرماح، وبطش السلاطين والملوك، وبدأ الإسلام يتسرب في نفوس أعدائه، ويأخذ بمجامع قلوبهم(1) . إن خضوع هذا الشعب الذي قهر المسلمين أمام الإسلام من أغرب الوقائع والأحداث في التاريخ، فإن هجوم التتر على العالم الإسلامي كالجراد المنتشر، وإخضاع العالم الإسلامي كله، ليس من الغريب المدهش كما يبدو في الظاهر، فإن عالم الإسلام في القرن السابع كان بدوره مصابًا بتلك الأمراض والأسقام، التي تلحق الأمم عامة في أوج حضارتها وشوكتها، وبالعكس من التتر، ذلك الشعب القوى الأبي الذي نشأ على حياة البداوة، والهمجية والضراوة(2) .ولكن الغريب المدهش أن هذا الشعب خضع للمسلمين. المفتوحين المقهورين، واعتنق دينهم في أوج قوته، وذروة سلطانه، ذلك الدين الذي فقد كثيرًا من سلطانه السياسي والمادي آنذاك،” وكان أتباعه موضع سخرية واحتقار في نظر التتار , كان من أشهر من تحدثوا عن هذا الأمر أحد المؤرخين المعروفين ، و هو توماس أرنولد حيث قدم كتابا يشرح فيه هذا التحول الغريب و كان من بين سطور هذا الكتاب ، استغرابه الشديد لقدرة المسلمين على مناهضة ذلك المنافس القوي ، و الذي اتسمت علاقته بالمسلمين بالمعارك الضارية ، فكان من الطبيعي أن تزداد قلوبهم قسوة ضد المسلمين لا أن تميل لهم(3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الصياد، فؤاد عبد المعطي، مؤرخ المغول الكبير رشيد الدين فضل الله الهمداني، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1994م، ص 34.

2- جوزيف , نسيم يوسف , دراسات في تاريخ العلاقات بين الشرق والمغرب في العصور الوسطى, دار الإسكندرية للطباعة والنشر , مصر , ط3 , 2001, ص192 .

3- حمدي . حافظ , المصدر السابق , ص242.

ولدينهم , على الرغم من أن جنكيز خان كان متسامحا في العديد من الديانات ، و يتقبل هذا الاختلاف إلا أنه كان شديد العنصرية ضد المسلمين ، و قد عمل على عقاب كافة من يتبعوا طريقة المسلمين في الذبح مثلا , حينما أوقعوا المغول بالمسلمين ظهرت العديد من الصفات الإسلامية السمحة (1) . تلك التي احتكوا بها و عاصروها طوال فترة محاولتهم لهدم الحضارة الإسلامية و السيطرة على بلاد المسلمين , كان أول من أسلم في صفوف المغول بركة خان ، أحد من تولوا الحكم بعد موت جنكيز خان ، و قد أسلم بعد أن التقى ببعض التجار المسلمين و بعد ذلك انضم لصفوف المسلمين ، التي تتبع ركن الدين الظاهر بيبرس , و قد استقبلهم بيبرس بالحفاوة و التكريم و تعلموا أصول الدين على يد المصريين ، و انضموا لصفوفهم محاربين المغول و قد كان ذلك داعما قويا للمسلمين ، فيما بعد في الوقوف في وجه المغول و صد هجماتهم المرعبة (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- بارتولد, فاسلي, تاريخ الترك في أسيا الوسطى , ترجمة احمد السعيد سليمان, دار الإسكندرية للطباعة والنشر , مصر, ط2, 1998, ص218 .

2- الصياد، فؤاد عبد المعطي، المصدر السابق , ص37 .

المبحث الثاني

أحمد تكودار ( اسمه وحياته )

أولاً :اسمه وحياته

أحمد هو الابن السابع لهولاكو خان , أمه (قوتى خاتون) ,  سلطانايخاني, أخو السلطان أباقا خان, اسمه لدى مولده كان نيكولاس تيكودار خان تمهيداً بالبابا نيكولاس, كان مسيحيا يتبع كنيسة المشرق لأمه, تولى السلطة عام 1282 م(1) . وبعد توليه إياها مباشرة، اعتنق الإسلام حقيقة على يد نصير الدين الطوسي وأصبح اسمه أحمد تيكودر،له زوجات ومحظيات كثيرات (2).

زوجاته أصلها أولادها
تكوز خاتون القونقرات كوجك
ارمنى خاتون القونقرات قبلانجى – ارسلانجى – كونجك – جيجاك – ماينو –
بايتكين بنت حسين اغا ــــــــــ
تودا كو خاتون بنت موسى كوركان سايلون
ايل قتلغ بنت كينشو ـــــــــــــ
توداى خاتون ــــــــــ ـــــــــــــــ
قماى قورقوجين ( محيظة ) ــــــــــ نوقاجير – كلتورميش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الهمذاني . رشيد الدين فضل الله , جامع التواريخ (تاريخ ابناء هولاكو ) ,ج2, دار الإسكندرية للطباعة والنشر , مصر : القاهرة , ط2, 2008, ص244.

2- حمدي . حافظ , المصدر السابق , ص241.

ثانياً : تسلم تكودار الحكم :

بعد أن توفى اباقاخان كان الخواتين والأمراء والأنجال مشتغلين بالعزاء في جغاتو , وقدم احمد من كردستان , وقبل وفاة اباقاخان ذهب ناردوى الاختاجي الذي كان شحنه تبريز لاستدعاء الامير ارغون لمهمة عاجلة , وكان نفسه قد قدم مسرعاً الى تلك الناحية , وفي نفس الوقت أوفدا شيكتور نويان أيضا لاستدعاه , وفي مدينه مراغه انضم الأمير نفر قليل, إلى الخواتين والأمراء , فحملوا إليه الكاس عنواناً للعزاء في والده , وقبل وصول الأمير أرغون كان الحاضرين من الأمراء والأنجال تكودار واجاي وقونقورتاي, وهولاكو وطغاتيمور وجوشكاب وكينشو وبايدو والخواتين والأمراء يتشاورون فيما بينهم بشأن من يقوم بمهمة الحكم(1). ولما كان العرش شاغراً , فأنهم كانوا يغشون أن يتطرق الخلل إلى شؤن المملكة إذا ما تنظروا وصول بقية الأمراء , وفي مجلس شورى أمراء المغول , اتفق راي الأمراء قونقورتاي وهولاكو وجوشكاب وكينشو وشيكتور نونيان وسونجاق اغا وعرب واسيق وقرا بوقا مع طائفة أخرى على أن يكون احمد ملكاً , أما اولجاي خاتون ومن معها من جماعة الأمراء فكانوا يريدون منكو تيمور , هذا على حين أن بوقا أخاه اروق واقبوقا وبقية المقربين إلى اباقاخان قالوا ” أن الأمير ارغون يمتاز على الجميع بالعقل والرأي والكياسة والسياسة , فالملك جدير به ومناسب لشخصه ” , وفي تلك الاثناء وصل الخبر بوفاة الأمير منكو تيمور فارتاحت الأفئدة منه , وكانت قوتى خاتون تميل أيضا إلى الأمير أرغون , وتعمل على توليه العرش (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الصياد . عبد المعطي , المصدر السابق , ص221.

2- الهمذاني . رشيد الدين فضل الله , المصدر السابق , ص245.

ثالثاً :وصول الأمير أرغون إلى احمد تكودار بعد جلوسه على العرش

بعد أقامة مراسيم الابتهاجات والأفراح , أمر احمد تكودار بإحضار الخزائن التي كانت معدة في مدينه (شاهوتله ) ووزع ما فيها على الخواتين والأمراء والأنجال والأمراء والمقربين والمحتاجين وأغدق جميع جنود الجيش , بالأموال والهدايا , وعلى حين غرة وصل الأمير أرغون مع ألفين أو ثلاثة ألاف فارس , واخذ يعاتب احمد تكودار قائلا : ” لمَ لم تنتظر حتى(1) .احضر حفل تنصيبك وأجلسك على العرش ” فأعزة احمد تكودار وأكرمه , وسلمه الهدايا والأموال كانت قد حفظت له , وفي تلك الأيام توطدت العلاقة بين الأمير أرغون وقونقورتاي , وفي مخيم توقيتى خاتون , التي كانت واسطة تلك الصداقة , تعاهدا, على العمل معاً , وبعد ذلك كانت الرسل تتردد بينهما , فقتل ( قونقورتاي ) بسبب ذلك , وعاد الأمير أرغون من موضع ( الاتاغ ) وهي المدينة التي كان فيها بعد استئذان تكودار , ونزل بموضع سياه كوه , وبعد ذلك أرسل تكودار الرسل وليحضروا مجد الملك كذلك , وكان ( ييسوبقا بن التاجو اغا ) هو المدافع عن مجد الملك عند احمد تكودار , فبادر بإثارة الخصومة القديمة مع الخواجة شمس الدين , وكان احمد على وشك أن يعهد إليه بالأشراف على البلاد مرة أخرى , غير أن صاحب شمس الدين التجأ إلى ( ارمنى خاتون ) فأعيد إلى منصبه السابق , وارتفع شانه كثيرا , بفضل رعايتها له(2) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- واكيم، سليم، إمبراطورية على صهوات الجياد، دار الكتاب العربي، مصر : القاهرة , 1992, ص 136.

2- الهمذاني . رشيد الدين فضل الله , المصدر السابق , ص248.

رابعاً: أسلام تكودار ونهاية حكمة

وحول الإلخانية إلى سلطنة, عمل على تحسين العلاقات المتوترة بين دولته ودولة المماليك، فأرسل وفدا إلى السلطان المنصور قلاوون في مصر في جمادى الآخرة 681 هـ/سبتمبر 1282 م يضم شيخ الإسلام كمال الدين عبد الرحمن الرافعي والعلامة قطب الدين الشيرازي قاضي مدينة سيواس، وبهاء الدين أتابك مسعود سلطان سلاجقة الروم, حمل الوفد رسالة تخبر قلاوون بإسلام تكودر ورغبته في أن تتسم العلاقات بين الدولتين بحسن الجوار والهدوء والسلام أغضب اسلام تكودر قادة المغول فشكوه إلى الخان (1) واعتبروا جهود تكودر في إقامة علاقات ودية مع المماليك خروجا على قرار مجلس شورى المغول القوريلتاي القاضي بإرسال حملة جديدة إلى سوريا ومصر، بعد تكرر هزائم المغول أمام المماليك, تزعم جبهة المعارضة الداخلية ابن أخيه البوذي أرجون خان بن أباقا خان، واتخذ من خراسان مركزا له، وكان ذلك كله بتأييد أمراء المغول, تواجه الطرفان في معركة طاحنة في 3 صفر 683 هـ/21 إبريل 1284 م، وتمكن تكودر من تحقيق نصر كبير على ابن أخيه، وأوقعه أسيرًا في يده, وقد استنجد أحمد تكودر بالسلطان قلاوون، فلم يجبه(2) . بعد هزيمة أرغون قام أمراء المغول بالاتفاق على خلع تكودر من الحكم، وتخليص أرغون من الأسر، وتنصيب هولاكو بن هولاكو إلخانا على إيران, قتل العديد من الأمراء الموالين لتوكدر في معركة نفذها أمراء المغول، وخلص أرغون من الأسر وفر تكودر من خراسان إلى أذربيجان عله يتمكن من جمع قواته ومعاودة القتال مع خصمه. على خلاف ما قرره (3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- رؤوف، عماد عبد السلام، حكام العراق وموظفوه في العهد الاليخاني، مجلة المؤرخ العربي، العدد (11)، بغداد، 1979م، ص 79.

2- حتى , فليب وزملائه , تاريخ العرب المطول , ترجمة محمد مبروك , دار العلم العربي , القاهرة , ط4 , 1988, ص331.

3- بارتولد, فاسلي, المصدر السابق , ص222.

البيت المغولي الحاكم من تعيين هولاكو إلخانا على إيران فقد تم تنصيب أرغون بدلاً منه وبعد تنصيبه توجه لقتال عمه، وقبل أن يصل إلى أذربيجان قام جماعة من أتباع تكودار نفسه بتسليمه إلى أرغون بعد أن رؤوا ارتفاع كفته وازدياد قوته، فلم يتوان في إعدامه في 26 جمادى الأولى 683 هـ/10 أغسطس 1284 م(1).

خامساً : نشوب خلاف بين السلطان احمد والأمير أرغون

أرسل السلطان احمد تكودار الرسل عدة مرات إلى أرغون لاستدعاء بوقا , فكان ينتحل عذرا في كل مرة , وأخيرا أذن أرغون لبوقا بالذهاب , فسار هذا باكيا ولما وصل على احمد تكودار كرمته ( قوتى خاتون ) وأعزته , وألبسته قباء من ثياب الايلخان الأعظم , وبقى هناك , ولم يزاول عملا , ثم توجه الأمير أرغون من ( سغورلوق ) الى خرسان , شمل السلطان برعايته ( قونقورتاي ) وزوجته من توقيتى خاتون(2). وسار بجيش عظيم للمحافظة على ديار الروم , وبعدة مدة من الزمن سير في أثرة الأمير اقبوقا , وكانت تربطه(3) .بالشيخ عبد الرحمن صله وثيقة بحيث كان يدعوه ( يا أبي ) , أما ( منكلى ) الذي كان من مريدي بابا يعقوب والمقيم في أران فقد كان يدعوه يا أخي , وبعد ذلك توجه أرغون إلى بغداد, الأعظم قوبلاي خان، بقصد تمضيه الشتاء , وشمل برعاية ( ملك فخر الدين ) في الرى , واقرحاه حاكما على تلك البلاد كما كان سابقاً , فلما سمع احمد ذلك الخبر أرسل رسولا لاعتقال ( ملك ) واحضارة إلى نواحي شروان , فعذبوه بشتى أنواع التعذيب (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الهمذاني . رشيد الدين فضل الله , المصدر السابق , ص251.

2- كارل . بروكلمان , تاريخ الشعوب الاسلامية والامبراطورية العربية وانحلالها ,ج2 , ترجمة : نبية امين فارس , دار العلم للملايين , لبنان : بيروت , ط3 , 1978 , ص216 .

3- حتى , فليب وزملائه , المصدر السابق , ص334.

فعلم أرغون بذلك وأرسل الأمراء والى صاحب الديوان يقول ( ان أبي كان قد عهد إلى ب ” ملك” فكلفته بأعمال دقيقه يسيرة , فما معنى القسوة علية وتعذيبه انه إذا لحق به أذى فسوف ننتقم منهم (1) . وان صاحب الديوان يظن أننا سوف نتجاوز عما كان قد ارتكبه ) , ولهذه الأسباب اشتعلت نار الفتنه بين احمد تكودار والأمير أرغون , ولما بلغ أرغون (مازندان) خرج لاستقباله امكاجي نويان مع عشرة ألاف جندي , ثم قال لهم ( لقد استدعاني والدي أثناء حياته , فذهبت إليه حسب الأوامر بغير جيش , فلما بلغت هناك كان قد مات , وكانت الأمور قد قلبت رأسا على عقب , ولما لم يكن معي جند كان لا مفر لي من التسليم , والانا ذا ساعتموني انتم الأمراء , فسوف استخلص بحد السيف تاج أبي وعرشه وأكون شاكراً لكم سعيكم , ويبقى لنا الذكر الحسن )(2) .

سادساً : علاقة تكودار مع المماليك

ويندهش المرء حين يقرأ الرسالة التي بعث بها هولاكو إلى سلطان مصر سيف الدين قطز في سنة (659هـ – 1257م) ,والرسالة التي بعث بها ابنه أحمد تكودار إلى سلطان مصر المنصور قلاوون في سنة (681هـ – 1382م), كانت الأولى تحمل كل ألوان الوعيد والتهديد، وتدعو سلطان المماليك إلى الخضوع والاستسلام، واستهلها بقوله: “من ملك الملوك شرقًا وغربًا، القائد الأعظم، يعلم الملك المظفر وسائر أمراء دولته أنا نحن جند الله في أرضه، سَلَّطنا على من حلّ به غضبه…” وينهيها بقوله: “فمن طلب حربنا ندم، ومن قصد أماننا سلم”. على حين حملت الرسالة الأخرى كل معاني التقدير لسلطان مصر، وتبشره بإسلام أمير المغول، وتدعوه إلى التحالف والتناصر ونبذ الخلاف والخصام, والفارق بين(3) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- رؤوف، عماد عبد السلام، المصدر السابق , ص82.

2- خصباك , جعفر حسين , العراق في عهد المغول الاليخانيين , دار الحرية للطباعة والنشر , بغداد , 1989, ص114.

3- حتى , فليب وزملائه , المصدر السابق , ص338 .

الموقفين يوضح بجلاء كيف أثّر الإسلام في تهذيب طباع المغولي وتقويم خلقه، فلم يعد ذلك الهمجي الذي يضع كل همه في سفك الدماء وتخريب البلاد، وأصبح يرى المسلمين إخوته ويجب أن يحل بينهم الوئام, لم يلق اتجاه السلطان أحمد تكودار نحو السلم والمصالحة مع المماليك ترحيبًا من قادة المغول، فشكوه إلى الخان الأعظم “قوبيلاي”، وعدوا مراسلة تكودار لسلطان المماليك، وجهوده في إقامة علاقات ودية معهم خروجًا على قرار مجلس شورى المغول (القوريلتاي) بإرسال حملة جديدة إلى سوريا ومصر، بعد تكرار هزائم المغول أمام المماليك (1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- ابن عبد الظاهر ,تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور , القاهرة , دار الكتاب العربي للطباعة والنشر , 1998, ص5 .

الخاتمة :

الحمد الله الذي بحمده تتم الصالحات والصلاة والسلام على اشرف خلقه محمد وال بيت محمد الطيبين الطاهرين :

وقد توصلت في هذا البحث إلى كثير من الحقائق التاريخية منها , أصل تسمية المغول , وحدود دولتهم, و أن دولة الايخانات هي الجزء الغربي من الدولة المغولية الكبرى , وقد تطرقنا إلى مؤسس الدولة الايخانية هولاكو خان بن تولي بن جنكيز خان , الذي اتخذ لقب أيخان , فنتسبت اليه , وقد ضمت إيران والعراق وبلاد الجزيرة واسيا الصغرى , وبينما فشلت محاولاتها بضم بلاد الشام ومصر لتحقيق وصية أخيه منكو خان , وكذلك الى حقيقة أسلام الجيش المغولي , وانتشار الإسلام بشكل كبير بين صفوف الجيش ,وتطرقت وكذلك إلى احمد تكودار بن هولاكو, ووصوله إلى الحكم , والأعداء من قبل بعض أمراء المغول , وكيف اسلم احمد تكودار وإعلان أسلامة وهذا خبر قد اغضب حكام المغول واعتباره خارج عن أحكام السيطرة المغولية , وتوصلت إلى نتائج الصراع مع الأمير أرغون وأطماعه للسيطرة على الحكم الدولة الايخانية , وقد استنتجت من البحث علاقة احمد تكودار بالمماليك وحكام مصر , وبناء علاقة نترابط , وعلاقات السلام والانفتاح بين الدولتين , وان أسلام احمد تكودادر أدى إلى نهايته حكمة وإعدامه , واعتباره خائن لإمبراطورية المغولية , وتسليم الحكم إلى الأمير أرغون .

الملاحق

رسالة أحمد تكودار إلى أهالي بغداد :

بسم الله الرحمن الرحيم , لا اله ألا الله , محمد رسول الله , وأنا جلسنا على كرسي الملك , ونحن مسلمون , فيتلقون أهل بغداد هذه البشرى , ويعتمدون في المدارس والوقوف وجميع وجوه ما كان يعتمد في أيام خلفاء العباسيين , ويرجع كل ذي حق إلى حقه في أوقاف المساجد والمدارس , ولا يخرجون عن القواعد الإسلامية , وانتم يا أهل بغداد مسلمون , وسمعنا عن النبي صلى الله علية وسلم انه قال : لا تبرح هذه العصابة الإسلامية مستظهرة إلى يوم القيامة , وقد عرفنا أن هذا الخبر خبر صحيح ورسول صحيح , ورب واحد فرد صمد فتطيبون قلوبكم وتكتبون إلى البلاد جميعاً .

.
.
.

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق جاهز للطباعة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *