بحث عن الثقافه البيئه في الاسلام جاهز للطباعة وورد docx‎

البيئة في الإسلام

تحظى البيئة في الاسلام باهتمام بالغ،فهي ميراث الاجيال وفيها أودع الله كل مقومات الحياة للإنسان ،لذلك أرسى الاسلام الاسس والقواعد والمبادئ التي تضبط وتقنن علاقة الانسان ببيئته لتحقق من خلالها العلاقة السوية والمتوازنة التي تصون البيئة من ناحية ،وتساعدها على أداء دورها المحدد من قبل الخالق العليم في إعالة الحياة من ناحية أخرى ،وفيمايلي نستعرض طبيعة العلاقة بين الانسان والبيئة .

العلاقة بين الإنسان والبيئة في الإسلام :

تتمحورفي ثلاث علاقات وهي :

1- الاستخلاف:
إن نظرة الإسلام للإنسان والكون والحياة، والتي تنبثق من معارف الوحي، تبين أن الإنسان مستخلف في الأرض من قبل أن يطأها، وذلك في قوله تعالى: ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)سورة البقرة،وهذه الخلافة في الأرض يترتب عليها مسؤولية جسيمةفهي امتحان يتبعه حساب ومن ثم ثواب أو عقاب،وقد وردت هذه المعاني في القرآن والسنة فالابتلاء المرتبط بالخلافة في الأرض نجده في قوله عزوجل(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165) سورة الأنعام ، وكذلك نجد أن هذه الخلافة تخضعبالإضافة للمعاني السابقة للمراقبة: (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون (14)( سورة يونس . كما تتكرر هذه المعاني في قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: “إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون…” رواه مسلم ، وقد قال الإمام النووي في شرحه لمعنى (مستخلفكم فيها) في هذا الحديث، أي “جاعلكم خلفاء من بعد القرون الذين قبلكم فينظر هل تعملون بطاعتهأم بمعصيته وشهواتكم”. ومن الواضح، بناء على ما تقدمأن التصور الإسلامي يدل على أن الخلافة في الأرض تتضمن امتحانا فيما استخلف الإنسان فيه وهل سيتعامل مع هذه البيئة بحسب التوجيه الربانيأم سيحيد عن الطريق و “يفسد في الأرض”، وبالتالي تؤول الخلافة إلى قوم أو جيل جديد، إن إحلال قوم بدل قوم آخرين يظهر جليا في الآيتين التاليتين: (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69)الأعراف: وإذا ما أضفنا إلى إعلام رب العالمين للملائكة باستخلاف الإنسان أنه سبحانه وتعالى ذكر تعليمه لآدم: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31)البقرة:، تبين لنا أن العلم هنا حجة على الإنسان، فقد استخلفه الله جل شأنه وبين له وظائف الأشياء، وكما قال أبن كثير في تفسير هذه الآية : “الصحيح انه علمه أسماء الأشياء كلها ذراتها وصفاتها وأفعالها”.
فتكون الخلافة في الأرض .
بناء على ما تقدم من الآيات والأحاديث عن علم وتصور فيقع على كاهل الإنسان بموجبها العناية بمحيطه والرفق بالبيئة التي يدور في رحابها.

2)التسخير:

أما تسخير الأشياء لخدمة الإنسان فدائرته واسعة، وهي تتضمن بداخلها دائرة أصغر هي دائرة البيئة، ونكتفي بذكر آيتين للدلالة على ما ذكرناه: (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الجاثية: 13. (وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) النحل:12 .
وقد بينت بعض الآيات الأخرى طبيعة التسخير المؤقتة في إشارة إلى البعد الأخروي: (وسخر الشمس والقمر، كل يجري لأجل مسمى) الرعد:2وأما تسخير البيئة على وجه الخصوص فبالإضافة إلى كونها داخلة في الدائرة الأوسع للتسخير هنالك آيات يزخر القرآن بها تدل على تسخير عناصر من البيئة: (وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) النحل:14 (الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار) إبراهيم:32 (لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) الزخرف: 13 (فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب) ص: 36 (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير، فاذكروا اسم الله عليها صواف، فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون) الحج:36 إن كل ما سبق من الآيات يدل على تسخير السماوات والأرض، والبحار والأنهار، والرياح والدواب والأنعام من أجل الإنسان ، فيما يعد دعامة للاستخلاف، ورافد يعينه ويقويه على أداء وظيفته الأساس،وهي العبودية لله كما سنبين لاحقا .

3)الأعمار:

إن ثالث دائرة من دوائر العلاقة مع البيئة تتعلق بأعمار الأرض. قال تعالى(هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) هود:61 وهذه الآية تشكل تذكيرا بفضل الله على الإنسان ومن ثم طلب الله -عز وجل- منه أن يقوم بعمارة الأرض، فالسين والتاء في اللغة العربية تفيدان الطلب. وهذا التذكير جاء في خطاب صالح عليه السلام لثمود يطالبهم بعبادة الله وحده وهو مطلب جميع الأنبياء والمرسلين، وهذا سياق لطيف ربط بين توحيد الألوهية والربوبية وعمارة الأرض: (وإلى ثمود أخاهم صالحا قاليا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب) هود: 61 وفي معرض تفسيره لهذه الآية قام سيد قطب -رحمه الله- بالربط بين الاستخلاف والاستعمار حيث قال: “وذكرهم صالح بنشأتهم من الأرض نشأة أفرادهم من غذاء الأرض أو من عناصرها التي تتألف منها عناصر تكوينهم الجسدي. ومع أنهم من هذه الأرض، ومن عناصرها، فقد استخلفهم الله فيها ليعمروها أستخلفهم بجنسهم واستخلفهم بأشخاصهم بعد الذاهبين من قبلهم”. إن هذا الموضوع يتحدث عن تسخير الكون للإنسان، ولكن يظل الموطن هو الأرض والعمارة المقصودة هي لها،ويبين القرآن الكريم أن عمارة الأرض في حد ذاتها، وبمعزل عن المنهاج الرباني ورفضه، سيؤدي لا محالة إلى الهلاك: (أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبنيات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) الروم: 9 وعمارة الأرض تكون بما ينفع الناس وليس بما يضرهم وبما لا يؤثر سلبا في البيئة.

حماية الإسلام للبيئة والحفاظ على الموارد

إن الحفاظ على البيئة ورعايتها واجب ديني تفرضه تعاليم الاسلام التي تحث على حماية البيئة والاهتمام بها ،والتي تنهى عن الفساد والافساد في الارض ، كما أن حماية البيئة والمحافظة عليها واجب اجتماعي يجب أن يتكاتف من اجله الجميع ،المؤسسات والافراد على حد سواء.وحماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية لايقف فقط عند حظر الاستغلال المفرط ولكن يجب العناية أيضا بتحقيق التنمية المستدامة قال تعالى ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع الحساب وإنه لغفور رحيم )سورة الأنعام:165

وفيما يلي نستعرض مواقف الإسلام من مكونات البيئة التي تتكون من الإنسان والحيوان والنبات والأرض والماء والهواء الإنسان:

1-حماية الإنسان

تتجلى هذه الدعوة في مقاصد الشريعة والتي حصرها معظم العلماء حتى الآن في خمس هي: حفظ الدين والنفس والنسل والعقل والمال.
وقد بين الإسلام حرمة الإنسان، وأن من قتل نفسا بغير وجه حق عامدا متعمدا فكأنما قتل الناس جميعا: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) المائدة:32 والأحكام الشرعية في الإسلام تراعي حرمة الإنسان حتى القاتل، فهو وإن كان حكمه القتل، إلا أن القرآن يرغب ويحث على عدم سفك الدم عن طريق فسح المجال أمام ولي الدم أن يتنازل عن حكم القتل، وأن يأخذ الدية، وهنالك من يعفو ولا يأخذ شيئا: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل) الإسراء:33 وفي دائرة النهي عن قتل الإنسان يدخل فيها النهي عن قتل النفس (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) النساء:29، ويدخل فيها حرمة إجهاض الجنين لأنه إزهاق لروح إلا إذا ترتب على استمرار الحمل تحقق ضرر يهدد حياة الأم، ولعل في الحروب مكمن خطر على حياة الإنسان، ولهذا فالسلام في الإسلام هو القاعدة، والحرب هي الاستثناء، وهي للضرورة القصوى دفاعا عن المسلمين أو الدعوة، وتكون بعد استنفاذ كافة السبل الدبلوماسية، ووسائل الضغط السياسي، والمقاطعة الاقتصادية، والمقاومة اللاعنفيه، فإذا لم يكن من الحرب بد، فلا بد إذا من آدابها : (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) البقرة:190 وفي وصايا أبي بكر الصديق ليزيد بن أبي سفيان، حينما بعث جيوشا إلى الشام خلاصة الأدب الإسلامي في الحرب: “… وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة، ولا بعيرا إلا لمأكله، ولا تغرقن نخلا، ولا تحرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن” فهذه الوصايا، تدل على أن من لا علاقة له بالحرب، فليس للمسلمين أن يؤذوه سواء كان إنسانا أو حيوانا أو نباتا. وبناء على هذا، فإن أسلحة الدمار الشامل كما تسمى اليوم ، ويدخل فيها الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية، تتنافى مع التصور الإسلامي، فالإسلام لا يبيح الدمار الشامل لمخلوقات الله عز وجل. ولعل أقصى ما يمكن السماح به هو وجود قوة تردع أعداء المسلمين من الاعتداء عليهم. وإذا ما تطرقنا إلى مواقف الإسلام الأخرى التي تحافظ على حياة الإنسان مثل حرمة إضرار الإنسان بنفسه (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) البقرة :195، سواء بتعاطي المخدرات أو الكحول أو بأداء أي نشاط يخالف الفطرة السليمة كالشذوذ الجنسي وعلاقات الزنا، نجد أن صورة الإسلام تتكامل في حماية الإنسانية وتنفرد بها.

2- حماية الحيوان :

1- لقد حرص الإسلام على العلاقة السليمة مع الحيوان فحض المسلم على حسن معاملته ولم يجز قتله إلا لأكله ولهذا شروط وآداب:
أ-أجازقتل بعض الحيوان للضرر الذي قد يترتب على إبقائه حيا.
ب- وفي دائرة ما يذبح للأكل حث الشارع على استخدام أداة حادة حتى لا تتعذب الذبيحة، فقد روى مسلم وأبو داود والترمذي عن شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ, وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ, وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ, وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ” رواه مسلم .
ج- أمر بإخفاء آلة الذبح عن الحيوان، رواه الطبراني والحاكم في المستدرك عن ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ وَاضِعٍ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَةِ شَاةٍ (جانب وجهها)، وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ، وَهِيَ تَلْحَظُ إِلَيْهِ بِبَصرِها، قَالَ: “َاتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَتَينِ هلا أحددت شفرتك قبلأن تضجعها!” رواه مسلم .
د- ولا يستهين الإنسان بصغر ما يقتل. فعن عبدالله بن عمرو، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها – بغير حقها – إلا يسأله الله عنها يوم القيامة” قيل: يا رسول الله! وما حقها؟ قال: حقها أن تذبحها فتأكلها، ولا تقطع رأسها فترمي به” رواه النسائي والحاكم .وفي حديث رواه النسائي وابن حبان عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ الشَّرِيدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: “مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا عَجَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ فُلَانًا قَتَلَنِي عَبَثًا وَلَمْ يَقْتُلْنِي لِمَنْفَعَة”.
ه- وأما قتل الحيوان إفسادا، فمما لا شك فيه أنه حرام وعاقبته وخيمة فعن أبن عمر، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم): ” دخلَتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ ربَطَتْها ، فلم تَطعَمْها ، ولم تَدَعْها تأكلُ من خَشاشِ الأرضِ رواه البخاري ومسلم .
و- وقد ورد ضمن وصايا أبي بكر السابقة النهي عن قتل الحيوان خلال الحروب .
2- حماية الإسلام للحيوان تتعدى إلى الصيد، ومن شروط الصيد :
أ- يجب على الإنسان أن يراعي في قضية الصيد الحاجة.
ب- أدوات الصيد يجب أن تخلو مما يسبب إيلاما للحيوان لفترة طويلة مثل الفخاخ، التي حينما تطبق على رجل الحيوان تكسرها وتغرس أطرافها الحادة في عضلات الرجل، فيظل الحيوان يتعذب وكلما حاول سحب رجله ينزف وقد تمضي أيام قبل أن يعود “الصياد” إلى المكان الذي نصب فيه الفخ!
ت- أما المواسم فيراعي فيها عدم الصيد خلال فترات التكاثر والتفريخ ، كذلك عدم فجيعة الأم بصغارها ، فإذا اصطيدت الأم ماتت صغارها من عدم الرعاية، وأما إذا أخذت الصغار أثر ذلك على استمرارية هذا النوع. فعن أبن مسعود قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر، فانطلق لحاجة، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش، فجاء النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: “من فجع هذه بولديها؟ ردوا ولديها إليها” رواه ابو داود.
ث-أما عن صيد الحيوان الذي لا يؤكل لحمه مثل السباع، وذلك من أجل فرائها على سبيل المثال، فقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن افتراش جلود النمور، فعن معاوية رضي الله عنه أنه قال:” لاترْكبواالخزَّولاالنِّمارَ” رواه ابوداود. ولا يخفى أن ركوب الخز (الحرير) فيه إسراف ومضيعة وهكذا ركوب جلود النمور والسباع. فهذا الحديث أصل في حماية هذا النوع من الحيوان حيث أن النمور الأسيوية عرضة للانقراض بسبب الاعتقادالخاطئ بأن لأجزائها مفعول قوي كدواء، أو أن تحل قوة الحيوان في الإنسان الذي يأكله أو يأكل بعضه، وهذا من باب الخزعبلات والشعوذة المنتشرة في الثقافة الصينية. ويقاس على هذا النهي قتل الفيلة من أجل أنيابها لأن العاج يستخدم في بعض صناعات الزينة، بل كثيرا ما يصنع منه “آلهة” تعبد!؟
ج -في تحريم صيد البرعلى الحاج كان الاسلام سباقا لمفهوم المحمية الطبيعية ، قال تعالى (ياآيها الذين أمنوالاتقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ماقتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مسكين أعدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام )المائدة :95

3- وأما رمي الحيوان فحرام،مر ابنُ عمرَ بفتيانٍ من قريشٍ قد نصبوا طيرًا وهم يرمونَه . وقد جعلوا لصاحبِ الطيرِ كلَّ خاطئةٍ من نِبْلِهم . فلما رأوا ابنَ عمرَ تفرقوا . فقال ابنُ عمرَ : من فعل هذا ؟ لعن اللهُ من فعل هذا . إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لعن من اتَّخَذَ ، شيئًا فيه الروحُ غرضًا ، متفق عليه .
4- والنهي عن إيذاء الحيوان يتضمن:
أ- عدم الضرب والكي في الوجه فعن جابر: نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الضربِ في الوجه ، وعن الوَسْمِ في الوجه رواه الطبراني ،وإذا أمكن الاستعاضة عن الوسم بأسورة إلكترونية أو أصباغ غير سامّة فهو أفضل.
ب- وكذلك فإن دفع الحيوانات للاقتتال بقصد التمتع بمشاهدتها، يعد نوع من السادية، وقد نهى الإسلام عنه، فعن ابن عباس، قال: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهَى عن التَّحريشِ بين البهائمِ وهذا التحريش، كتحريض الديكة على قتل بعضها البعض، مما يستخدم في المراهنات وهو نوع قمار. ويقاس على هذا الإفساد ما يسمى بمصارعة الثيران.
ج- النهي عن إثقال الحمل عليها، فعن سهل أبن الحنظلية ، قال: مر رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال( اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة وكلوها صالحة)رواه ابوداود.. وقد مر عمر ابن الخطاب بحمار عليه لبن، فوضع عنه طوبتين، فأتت سيدته لعمر فقالت: يا عمر! ما لك ولحماري! ألك عليه سلطان؟ قال: فما يقعدني في هذا الموضع؟ وهذا “الموضع” هو إمارة عمر بن الخطاب ففيها أنه مسئول عن رعيته، وضمنها الحيوان.
5- ونصل في رعاية الإسلام للحيوان إلى تحريم لعن الدابة، روى عمران بن الحصين رضي الله عنهما قال: بينما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بعضِ أسفارِه ، وامرأةٌ من الأنصارِ على ناقةٍ . فضجَرتْ فلعنَتْها . فسمع ذلك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فقال ” خذوا ما عليها ودَعوها . فإنها ملعونةٌ ” . قال عمرانُ : فكأني أراها الآن تمشي في الناس مايعرض لهاأحد ،رواه مسلم .
6- وقد وعد الرسول صلى الله عليه وسلم من يحسن معاملة الحيوان بثواب عظيم .قال صلى الله عليه وسلم: “بينما رجل يمشي بطريق إذِ اشتد عليه العطش، فوجد بئرًا فنزل فيها، فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى منَ العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب منَ العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئرَ فملأ خفه ماءً، ثم أمسكه بفِيه حتى رقى فسقى الكلب، فشكر الله تعالى له، فغَفَرَ له”. قالوا: يا رسول الله، وإنَّ لنا في البهائم لأجرًا؟ فقال: “في كل ذات كبدٍ رطبة” رواه البخاري ومسلم .
7-عن أبن عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نهى عن قتل أربع من الدواب ؛ النملة ، والنحلة ، والهدهد ، والصرد.رواه أحمد وابو داود. وينبغي أن ننوه إلى أن رعاية الحيوان في الإسلام وإن كانت تشمل الغالبية العظمى من الحيوان، إلا أن بعضها قد أستثني، فعن عائشة رضي الله عنها أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: “خمسٌ من الدوابِّ كلُّها فواسقٌ . تُقتلُ في الحرمِ : الغرابُ ، والحِدَأةُ ، والكلبُ العقورُ ، والعقربُ ، والفارةُ. رواه البخاري.
ولا يخفى أن في هذا الحديث حكمة بالغة فيها حفظ للبيئة فالكلب العقور قد يحمل داء الكلب وغيره من الأمراض، والفئران تشكل خطرا صحيا وتهدد المحاصيل الزراعية، ولعله يمكن
القياس عليها من ناحية الضرر الذي تسببه. ونجد في هذا الحديث أن الحيوان الوحيد الذي لم يكن هنالك تعميم بشأنه هو الكلب فالذي يقتل هو الذي يتسبب في الضرر،
8- حرص الاسلام على حفظ السلالة من الانقراض ففي قصة نوح عليه السلام ما يدل على ذلك ، فقد أمر الله سبحانه وتعالى نوحا عليه السلام ببناء السفينة ثم، قبل الطوفان، أمره أن يجعل فيها من الحيوان ما يحفظه من الانقراض: (قلنا أحمل فيها من كل زوجين أثنين) هود: 4 وكأني بهذه القصة تعلم الإنسان أن يحافظ على الحيوان، فعليه حين يرسم الإنسان السياسات البيئية أخذ هذا بعين الاعتبار.

3- حماية النباتات:

1- دعا الإسلام إلى حفظ النباتات والأشجار بأن نهى عن قطعها فيما ليس فيه فائدة مثل قطع الغرب لشجر السرو وإدخاله للبيوت وتزيينه في أعياد رأس السنة الميلادية . كذلك نهيه عن قطع الشجر كأدب من آداب الحرب، فكيف بنا نجوز قطعها في السلم بغرض الإفساد كما في الاحتطاب لغرض الدفئة او الطبخ . وفي الحديث الشريف: “من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار”.رواه البيهقي. وشجرة السدر، تنبت في الصحاري فينتفع الناس بتقيؤ ظلالها والأكل من ثمارها. والوعيد بالنار لمن قطع سدرة واحدة يدل على أهمية الحفاظ على مقومات البيئة الطبيعية وحفظ التوازن بين المخلوقات وعدم الاعتداء عليها عبثا وظلما.
2- وقد حض الإسلام على الزراعة واعتبرها بابا من أبواب الأجر. فعن جابر – رضي الله عنه- أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ” ‏ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة “رواه النسائي .وهذا فيه حث على التشجير ومحاربة للتصحر.

4- حماية الأرض :

1- إن حفظ الأرض من التلوث تدل عليه الأحاديث التي تحث على نظافتها، وقد ربط الإسلام النظافة بالإيمان فجعلها قضية عقدية وهكذا الحديث: “الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان” رواه مسلم ،فإماطة الأذى عن الطريق ما هو إلاّ تنظيف لعائق مادي أو نفايات صلبة، “والمراد بالأذى كل ما يؤذي من حجر أو مدر أو شوك أو غيره.” ‏عن ‏ ‏أنس بن مالك ‏ ‏قال: “‏كانت شجرة في طريق الناس تؤذي الناس فأتاها رجل فعزلها عن طريق الناس. قال: قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏ ‏لقد ‏ ‏رأيته يتقلب في ظلها في الجنة” وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ” اتقواالملاعن ا لثلاث ا لبرازفي الموارد والظل وقارعة الطريق رواه ابوداود” و”البراز” في الحديثين السابقين يشيران إلى تلويث الأرض والمياه.
2- والنهي عن التلويث المباشر للإنسان. يقاس عليه التلويث غير المباشر من خلال المجاري وهذا يعني انه لا بد من دفعها بعيدا عن مراكز نشاط الإنسان وانه لا بد من معالجتها قبل أن تفرغ في إحدى الأماكن المعدة لذلك .
3- والحفاظ على نظافة الأرض ليس من وظيفة الأفراد فقط بل تقع ضمن مسئولية الدولة أيضا ،ففي الحديث عن أبي موسى انه قال حين قدم البصرة:”بعثني إليكم عمر بن الخطاب أعلمكم كتاب ربكم وسنتكم وأنظف طرقكم “.
4- وضع الإسلام قواعد إيجابية في استثمار الأراضي والانتفاع بها ، عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال كانوا يزرعونها بالثلث و الربع و النصف فقال النبي صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها فإن لم يفعل فليمسك أرضه (رواه البخاري) و المزارعة هي دفع الارض الى من يزرعها ويعمل عليها ،والزرع بينهما، وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من أعمر أرضا ليست لأحد فهو أحق قال عروة قضى به عمر رضي الله عنه في خلافته . (رواه البخاري ) ومن هنا كانت قضية إحياء الأرض الموات وهي تدل على عدم جواز تعطيل الأرض بدون زراعة وإعطاءها لمن يزرعها،.

5- الحماية والحفاظ على المياه:

1- الحفاظ على الماء بحماية مصادرة ، وكما ورد في الحديث السابق عن اتقاء الملاعن الثلاث، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التبرز في موارد المياه والعلة هنا تلويث لمصادر المياه .
2- كذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاغتسال في الماء الراكد حتى لا يلوث فقال(لا يغتسِلُ أحدُكم فيا الماء ِلدَّائم وهوجنُبٌ) رواه مسلم ،وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يبولن احدكم في الماءِ الدَّائمِ الَّذي لا يَجري ، ثمَّ تغتَسِلُ منهُ) رواه البخاري .
3- لا يجوز البول في الماء الجاري وتلويثه .وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ” اتقوا اللاعنين قالوا وما اللاعنان يا رسول اللهِ قال الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم” رواه ابوداود.” وقال أيضا: ”
4- النهي عن الاسراف في استخدام المورد فنجد كثير من الأحاديث تحث على عدم الإسراف في استخدام المياه فقد”توضأ عليه السلام ثلاث وقال من زاد فقد ظلم وأساءا” رواه أبو داود والنسائي.وقال تعالى (ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين ) الأنعام :من الآية 27 .

الإسلام وحماية البيئة الاجتماعية:

1- حارب الإسلام الفقر وسد منافذه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ماآمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به ) رواه الطبراني والبزار بإسناد حسن.
2-أمر الله تعالى بالإحسان إ لى الجار قال تعالى” واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القرب والجار الجنب والصاحب بالجنب” النساء 36.
3- أمر الإسلام بإعطاء الطريق حقه ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم و الجلوس على الطرقات فقالوا ما لنا بد إنماهي مجالسنا نتحدث فيها قال فإذا ابيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها قالو وما حق الطريق قال غض البصر وكف الاذى و رد السلام و امر بالمعروف و نهي عن المنكر (رواه البخاري)
4- إبعاد الاذى عن الطريق عن ابي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كل سلامى من الناس عليه صدقه كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة و يعين الرجل على دابته فيحمل عليها او يرفع عليها متاعه صدقة و الكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة يخطوها الى الصلاة صدقة و يميط الاذى عن الطريق صدقة (رواه البخاري). وسلامى مفاصل العظام في الجسم .وعن اي هريره رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له ، (رواه البخاري).

الإسلام وحماية البيئة الصحية

:
1- وضع الإسلام قاعدة آمنه للوقاية من المرض فأمر الناس حين انتشار الوباء أن يبقى الفرد في البلاد التي انتشر فيها الوباء وإلا يدخل احد هذه البلاد وذلك للحد من انتشار الأمراض .
2- كما نهى الإسلام عن تلويث المياه الراكدة أو الجارية عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(لايَبولَنَّأحدُكمفيالماءِالدَّائِمِالذيلايَجْري،ثميغتَسِلُفيه) رواه البخاري.
3- اهتمت الشريعة الإسلامية يشأن النظافة والصحة وطهارة النفس والجسد والبعد عن الفواحش ومسببات الأمراض . وعدم الانخراط في الرذيلة حيث أمر بالابتعاد عن الزنا قال تعالى ( ولاتقربوا الزنى إنه فاحشة وساء سبيلا) الاسراء :32 وقد حث الاسلام على الزواج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج .

المراجع :

1- احسان هندي (2001) قضايا البيئة من منظور اسلامي . الطبعة الاولى .الناشر دار ابن كثير . دمشق ،بيروت .
2- احمد فؤاد باشا ( 2007) الانسان والبيئة والتنمية من منظور اسلامي . المجلة العالمية الخيرية . العدد 208 . السنه التاسعة عشر .
3- محمد عبدالقادر الفقي (1993) البيئة ،مشاكلها وقضاياها وحمايتها من التلوث ( رؤية اسلامية ) .مكتبة ابن سينا . القاهرة
4- يوسف القرضاوي ( 2001) رعاية البيئة في شريعة الاسلام .الطبعة الاولى .الناشر دار الشروق . القاهرة .
5- عبدالله الوليعي (2010) الإنسان في الأرض . فلسفة التربية البيئية ومضمونها .الطبعة الأولى . الدار الصوتية للتربية .

.
.
.
———————————————————————————————————
اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *