بحث عن تطور أناشيد الاطفال عند العرب جاهز وورد doc

تطور أناشيد الاطفال عند العرب:

لقد كان للبيئة التي عاش بها العرب في الجاهلية أثر كبير في تكوينهم, فعندما كان الطفل يولد في تلك الصحراء الشاسعة بظروفها المناخية المعروفة من حيث شدة البرودة ليلا , و شدة حرارة الشمس نهارا , وينظر الى الفضاء الرحب فلا يرى سوى أراضي صحراوية منبسطة , لا تحجب الرؤية فيها جبال عالية إلا بعض المرتفعات الكثبانية التي تتشكل بين وقت و آخر نتيجة الرياح التي كانت تمر بالصحراء وأما السماء فينظر إليها زرقاء صافية لا تلبدها الغيوم, و في الليل يرى القمر المنير , و تحفه النجوم المضيئة من كل ناحية.

كل هذه الظواهر الطبيعية أتاحت له فرصة الميل الفطري إلى الغناء و التنغيم , فكان أقوى ما يكون في تلك الأيام في الشعر الموزون ذي الموسيقى و النغم العذب.

ونتيجة لبساطة معيشة العربي في الجاهلية , فقد جاء شعره يمتاز بالبساطة و السهول في الوصول إلى المعنى المنشود, فقد كان في غنائه يقلد طيور بيئته وحيواناتها التي كان يراها بين حين و آخر, ويسمع كذلك صوتها يتردد في جنبات الصحراء الشاسعة, و قد كان عناؤه تمثيلا وتعبيرا عن واقع كان يعيشه , وهو التنقل والترحال على ظهر الخيل و الإبل , والإقامة لفترات في الخيام وبين الأطلال , وقد كان غنائه يعبر تعبيرا صادقا عن هذا الواقع, فيغني لحنا يتفق مع حركات الخيل أو الجمال و هي تسير في الصحراء بين مبطئة أو مسرعة في المسير.

و كان بذلك الشعر المسمى بالحداء, هو أول أنواع الشعر الذي ظهر عندهم, و هو ما كان يغنية العربي الراكب جملة أو فرسه سلي به نفسه, ويستحث دابته على السير فوق رمال الصحراء ومنها مثلا قول الشاعر:

أعبطته لو سالا        حكمته لو عدلا

قلبي به شغل          لأمل ذاك الشغلا

قسده الحي كما        قسد راعي جملا

حيث تظهر البساطة في المعاني, والسهولة والوضوح في الوصول الى المقصود , اما اللحن فهو بسيط ينسجم مع سير الجمل أو الفرس يسرعه بسيطة.

وعندما كان يريد جملة أو فرسة أن تسرع في المسير, فقد كان يغني لحنا يتناسب مع ذلك الواقع وهو ما سمي (بالخبب):

                              أبكيت على طلل طريا      فشجاك واحزانك الطلل

ثم ظهرت ألوان من اللحن والغناء منها غناء الركبان وهي تسير على وزن (البحر الطويل) , والسناد وهو نوع من الألحان الثقيلة الذي تتخلله النغمات الكثيرة , وهناك أيضا لحن الهزج وهو يمتاز بخفته و سرعته , فهو يغلب عليه طابع الترقيص.

و هكذا يمكن القول بأن طابع الغناء العربي في العصر الجاهلي كان في مجملة ولا سيما في مراحل تطوره الأولى عبارة عن -ترنيمات بسيطة- , يؤديها المغنى متأثرا لموقف انفعالي في حياة الصحراء كانت تختلف في ظروفها من يوم إلى آخر , و كانت كلها بهدف التسلية للتغلب على المسافات البعيدة التي كان يقطها راكبا صهوة جواده أو ظهر جمله في ليل شديد البرودة , لكنه يتمتع بنور القمر الساطع , وتحوطه النجوم اللامعة, أو نهارا والشمس تلفحه بحرها الشديد , فكان الغناء لا يستغرق أكثر من ساعات معينة يقضيها سائرا ربما وحده, ولا مؤنس له سوى دابته التي يركب في لجج الصحراء الوحشة.

وكان المغنى في ذلك العصر يتناول غناءه بطريقة لحنية متغيرة فحسب ما يريد, وكان يغني في مستحة محدودة من الأصوات , ويغلب عليه طابع الغناء على وتيرة واحدة, بنغمة واحدة في الغالب.

كل ذلك يطابع من البساطة والخفة والوضوح في اللحن والكلمات والمعاني المستوحاة , أما الآلات المستعملة فكانت هي الأخرى تتسم بطابع البساطة فهي في غالبها مكونة من الطبول والدفوف , والصنوج. وقد لمع كما قلنا غناء الحداء واشتهر, ويرجع في أصله إلى العهد القديم حيث كان يسير على لحن بحر الرجز: أرجز لنا يا صاحبي إن زرتنا.

وقد ظهرت أنواع منها:

  • النصب: وهو نوع من الحداء الذي خضع للتطور بحسب الأوزان الشعرية التي كانت في العصر الجاهلي.
  • حداء الركبان: وهو لحن مغنى على لحن الرجز. وكان من الأنواع المحببة في العصر الجاهلي .

واستمر هذان النوعان لفترة في الحجاز وحتى نهاية القرن السادس الميلادي, حين استطاع (النضر بن الحارث) باستقدام أنواع جديدة من الغناء وفدت من الحيرة إلى الحجاز. وسمي بالغناء المطور الذي جاء ليحل محل غناء النصب , و خلال هذه الفترة ايضا عرفت الحجاز العود الخشبي.

ومن الأدوات الموسيقية التي كانت مستعملة في العصر الجاهلي , هي أشبه بالعود بتسميات مختلفة (المزهر, الكران, البربط , الموتّر).

ويضاف إليها بعض الآلات الأخرى التي عرفها العرب في الجاهلية مثل آلات النفخ المتنوعة من شجر الغاب, وكذلك الآت الإيقاع مثل الدفوف والجلاجل والصنوج والكاسات.

وقد وردت في كتاب الأغاني لأصفهاني أسماء كثيرة لمغنين في العصر الجاهلي. زمنها أسم عدي بن ربيعة شاعر قبيلة تغلب الذي لقب بالمهلهل لما كان يتمتع بع من جمال الصوت في الغناء , كذلك أسم الشاعر علقمة بن عبده الذي كان يجيد الغناء في شعر المعلقات التي عرفت بشهرتها في شعر الجاهلية.

ملخص القول في هذا المجال , أن التاريخ حفظ روايات متعددة عن أسماء مغنين في ذلك العصر , لكنه حمل ايضا طابعا بأساليب متعددة لغناء العصر الجاهلي , لأنه لم تكن هناك ألحان أو غناء يسير على قواعد و أصول ثابتة معروفة , بل كان الغناء يتبع مزاج المغني ورغبته وميوله بحسب انفعالاته وتأثره في المواقف التي كان يغني فيها.

و لعل الشعر العربي في تلك المراحل بأوزانه المختلفة يعبر عن طابع الأوزان الموسيقية التي يسير عليها اللحن والغناء في العصر الجاهلي. فقد عرف الشعر عندهم وإن لم يكن بالإمكان تحديد نشأته بدقة.

من الممكن تحديد بعض المراحل التي مر بها الشعر العربي القديم:

  • مرحلة البساطة في القول والمعنى واللحن , وهي أغان قيلت في مواقف سريعة أدت إلى تأثر قائلها وانفعاله.
  • مرحلة ظهور معالم الشعر, حيث رافق ذلك ظهور بعض الأوزان الخفيفة والقوافي.
  • مرحلة الأوزان الشعرية المتنوعة.

أما الغناء للأطفال عند العرب فقد بدا كمظهر من مظاهر الحب لأولادهم , فكانوا يحبون أن ينام الطفل و هو على أحسن حال و أسعد بال , فهم يكرهون أن ينام الطفل وهو يبكي , وبذلك يكونون قد أدركوا الأصول التربوية السليمة في معالمة الأطفال , وقد قاموا بأعمال كثيرة منها:

  • التنزية: وهي حركة تعني رفع الطفل إلى فوق
  • البأبأة: وهي إرقاص الطفل وهزة مع المناغاة.
  • الهدهدة: والتي تعني تحريك الأم لطفلها حتى ينام في سريرة.
  • الترقيص: يعني رفع الطفل و خفضه.

و كان الغناء هو الكلام الذي يصاحب كل هذه الحركات. و كان ذلك يعتبر بداية لظهور الغناء عند الأطفال , والذي تطور فيما بعد إلى استعمال بعض الأدوات الموسيقية, ثم تطور الى ان اصبح أناشيد ذات أوزان موسيقية, وأشعارا ذات مضامين وألحان وأوزان موسيقية خاصة بالأطفال.

*المرجع:  عبد الفتاح أبو معال (2005). أدب الأطفال وأساليب تربيتهم وتعليمهم وتثقيفهم, دار الشروق للنشر: عمان.

.
.
.

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق جاهز للطباعة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *