بحث عن موسوعة اعجاز القرآن والسنة وورد doc

الاعجاز الطبي

إذا شرب الكلب في إناء أحدكم

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:\\\” إذا و لغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب \\\”رواه أحمد (2/427) و مسلم (279) كتاب الطهارة.

و قال أيضاً: \\\” إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً \\\”. رواه البخاري (172) كتاب الوضوء، و مسلم (279) كتاب الطهارة.

داء الكلب مرض خمجيٌّ خطير ٌ ينجم عن الإصابة بحمةٍ راشحةٍ، هي حمة الكلَّب، هذه الحمة لها انجذاب عصبي في حال دخولها للجسم، كما أن نهاية المرض مميتةٌ في كل الأحوال.

تحصل الإصابة عند الإنسان من عضِّ الحيوان المصاب و ذلك بدخول لعابه إلى الجرح، أي: حتى يصاب الإنسان يجب أن يلامس لعاب الكلب و كذلك أن توجد سحجة ٌ، أو جرح في الجلد ، و في هذه الحالة تنجذب الحمة إلى الأعصاب ،و تنتشر في كل الجملة العصبية ، مؤدية إلى التهاب دماغ مميت .

مدة الحضانة (أي: الفترة بين دخول الحمة و ظهور الأعراض ) تتراوح بين (10ـ 90) يوماً، وسطياً (40ـ 50) يوماً، و تختلف هذه المدة حسب مكان الإصابة ، فهي أقصر كلما كانت المنطقة أقرب إلى الدماغ و تطول في إصابة الأعصاب البعيدة عن الدماغ .

يمر المثاب بثلاث مراحل:

1. مرحلة انتشار الحمة: و مدتها( 2ـ 3) أيام، تتصف بتغيّر نفسي في المريض، فيصبح كئيباً متشائماً، ينشد الوحدة، و يتبع ذلك حكة في منطقة الإصابة مع أعراض تنبه ٍ حسية ٍ ، أو حركيةٍ ،و الحاجة الملحة لشدة الحركة و التجوال.

2. مرحلة التنبه و عمى الماء: و تتصف بظهور اهتزازات ارتعاشية ذات مظهر كزازي ، مع تشنج الحنجرة ، وآلام مبرحة لأقل لأصوات ، و حتى لرؤية الماء، و يتبع ذلك أعراض نخاعية كالتشنج الكزازي ،و الضزز ( هو إطباق الفكين على بعضيهما بقوة ).

3. المرحلة النهائية الشللية: حيث يموت المريض بشلل حركي مترقي.

نعود إلى ألفاظ الحديث النبوي: \\\” و لغ في إناء أحدكم \\\” أي شرب، و بشكل أدق أدخل لسانه في الإناء ليشرب، حيث ينقل لعاب الكلب إلى الإناء مم يعرض الإنسان للإصابة بهذا المرض.

أما لماذا الغسل بالتراب ؟

إن الحمة المسببة للمرض متناهية في الصغر، و كلما قلَّ حجم الحمة ازداد خطرها، لازدياد إمكانية تعلقها بجدار الإناء، و التصاقها به، و الغسل بالتراب أقوى من الغسل بالماء، لأن التراب يسحب اللعاب و يسحب الفيروسات الموجودة فيه بقوةٍ أكثر من إمرارالماء، أو اليد على جدار الإناء، و ذلك بسبب الفرق في الضغط الحلولي بين السائل (لعاب الكلب ) و بين التراب، و كمثال على هذه الحقيقة الفيزيائية إمرار الطباشير على نقطة حبر.

المصدر:

الإعجاز الطبي في السنة النبوية تأليف الدكتور كمال المويل دار ابن كثير . دمشق

الإضجاع على الشق الأيمن

عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ وَرَسُولِكَ قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ [ البخاري : 293].

إن الاستلقاء أو الاضطجاع على الفراش يمكن أن يكون على البطن أو على الظهر أو على أحد الشقين الأيمن أو الأيسر فما هي الوضعية الأمثل من أجل عمل الأعضاء ؟

فحين ينام الشخص على بطنه كما يقول د.ظافر العطار يشعر بعد مدة بضيق في التنفس لأن ثقل كتلة الظهر العظمية تنع الصدر من التمدد و التقلص عند الشهيق و الزفير كما أن هذه الوضعية تؤدي إلى انثناء اضطراري في الفقرات الرقبية و إلى احتكاك الأعضاء التناسلية بالفراش مما يدفع إلى ممارسة العادة السرية . كما أن الأزمة التنفسية الناجمة تتعب القلب و الدماغ .

و لاحظ باحث أسترالي* ارتفاع نسبة موت الأطفال المفاجيء إلى ثلاثة أضعاف عندما ينامون على بطونهم نسبة إلى الأطفال الذين ينامون على أحد الجانبين .كما نشرت مجلة التايم دراسة بريطانية مشابهة تؤكد ارتفاع نسبة الموت المفاجىء عند الأطفال الذين ينامون على بطونهم . ومن المعجز حقاً توافق هذه الدراسات الحديثة مع ما نهى عنه معلم الخير سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال :\\\” رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلاً مضطجعاً على بطنه فقال إن هذه ضجعة يبغضها الله و رسوله \\\”. رواه الترمذي بسنده .

و ما رواه أبو أمامه رضي الله عنه قال :\\\” مر النبي صلى الله عليه و سلم على رجل نائم في المسجد منبطح على وجهه فضربه برجله و قال : قم واقعد فإنها نومة جهنمية \\\” رواه بن ماجة .

أما النوم على الظهر فإنها تسبب كما يرى الدكتور العطار التنفس الفموي لأن الفم ينفتح عند الاستلقاء على الظهر لاسترخاء الفك السفلي .

لكن الأنف هو المهيأ للتنفس لما فيه من أشعر و مخاط لتنقية الهواء الداخل ، و لغزارة أوعيته الدموية المهيأة لتسخين الهواء .

و هكذا فالتنفس من الفم يعرض صاحبه لكثرة الإصابة بنزلات البرد و الزكام في الشتاء ، كما يسبب جفاف اللثة و من ثم إلى التهابها الجفافي ، كما أنه يثير حالات كامنة من فرط التصنع أو الضخامة اللثوية . و في هذه الوضعية أيضاً فإن شراع الحنك و اللهاة يعارضان فرجان الخيشوم و يعيقان مجرى التنفس فيكثر الغطيط و الشخير … كما يستيقظ المتنفس من فمه و لسانه مغطى بطبقة بيضاء غير اعتيادية إلى جانب رائحة فم كريهة . كما أنها تضغط على ما دونها عند الإناث فتكون مزعجة كذلك و هذه الوضعية غير مناسبة للعمود الفقري لأنه ليس مستقيماً و إما يحوي على انثناءين رقبي و قطني كما تؤدي عند الأطفال إلى تفلطح الرأس إذا اعتادها لفترة طويلة .

أما النوم على الشق الأيسر فهو غير مقبول أيضاً لأن القلب حينئذ يقع تحت ضغط الرئة اليمنى ، و التي هي أكبر من اليسرى مما يؤثر في وظيفته و يقلل نشاطه و خاصة عند المسنين .كما تضغط المعدة الممتلئة عليه فتزيد الضغط على القلب و الكبد الذي هو أثقل الأحشاء لا يمكن ثابتاً بل معلقاً بأربطة و هو موجود على الجانب الأيمن فيضغط على القلب و على المعدة مما يؤخر إفراغها .

فقد أثبتت التجارب التي أجراها غالتيه و بوتسيه * إن مرور الطعام من المعدة إلى الأمعاء يتم في فترة تتراوح بين 2,5 ـ4,5 ساعة إذا كان النائم على الجانب الأيمن و لا يتم ذلك إلا في 5 ـ 8 ساعات إذا كان على جنبه الأيسر .

فالنوم على الشق الأيمن هو الوضع الصحيح لأن الرئة اليسرى أصغر من اليمنى فيكون القلب أخف حملاً و تكون الكبد مستقرة لا معلقة و المعدة جاثمة فوقها بكل راحتها و هذا كما رأينا أسهل لإفراغ ما بداخلها من طعام بعد هضمه … كما يعتبر النوم على الجانب الأيمن من أروع الإجراءات الطبية التي تسهل وظيفة القصبات الرئوية اليسرى في سرعة طرحها لإفرازاتها المخاطية ن هكذا ينقل الدكتور الراوي و يضيف قائلاً : إن سبب حصول توسع القصبات للرئة اليسرى دون اليمنى هو لآن قصبات الرئة اليمنى تتدرج في الارتفاع إلى الأعلى حيث أنها مائلة قليلاً مما يسهل طرحها لمفرزاتها بواسطة الأهداب القصبية أما قصبات الرئة اليسرى فإنها عمودية مما يصعب معه طرح المفرزات إلى الأعلى فتتراكم تلك المفرزات في الفص السفلي مؤدية إلى توسع القصبات فيه و الذي من أعراضها كثرة طرح البلغم صباحاً هذا المرض قد يترقى مؤدياً إلى نتائج وخيمة كالإصابة بخراج الرئة و الداء الكلوي و إن من أحدث علاجات هؤلاء المرضى هو النوم على الشق الأيمن .

المراجع :

روائع الطب الإسلامي ج 4 الدكتور محمد نزار الدقر

د. ظافر العطار : \\\”اضطجع على شقك الأيمن\\\” مجلة طبيبك ك 1 1968

المجلة الطبية العربية : أوضاع النوم الخاطئة العدد 196 لعام 1993

فن الصحة و الطب الوقائي تأليف د . أحمد حمدي الخياط جامعة دمشق

الصلب و الترائب

جاء في القرآن الكريم : ( فلينظر الإنسان مم خلق . خلق من ماء دافق . يخرج من بين الصلب و الترائب )[ الطلاق : 6ـ7ـ8] .

آية كريمة حيرت العلماء و المفسرين و لابد لفهمها من أن يتعرف القارئ و لو على سبيل الاختصار ـ على الناحية التشريحية للجهاز التناسلي : إن النطاف تتكون عند الرجل في أنابيب الخصية ، ثم تنبقل بعد كمال تكوينها و نضجها بالحبل المنوي ، إلى الحويصلتان المنويان و منهما إلى قناتين الدافقتين فالإحليل ثم يخرج المني آخر الأمر من الإحليل إلى خارج الجسم .

ـ الصلب ، يشمل العامود الفقري الظهري و العامود الفقري القطني و عظم العجز و يشتمل من الناحية العصبية على المركز التناسلي الأمر بالانتعاظ و دفق المني و تهيئة مستلزمات العمل الجنسي ، كما أن الجهاز التناسلي تعصبه ضفائر عصبية عديدة ناشئة من الصلب ن منها الضفيرة الشمسية و الضفيرة الخثلية و الضفيرة الحوضية و تشتبك في هذه الضفائر الجملتان الودية و نظيرة الودية المسؤولتان عن انقباض الأوعية و توسعها ، و عن الانتعاظ و الاسترخاء و ما يتعلق بتمام العمل الجنسي . و إذا أردنا أن نحدد ناحية الصلب المسؤولة عن هذا التعصيب قلنا إنها تحاذي القطعة الظهرية الثانية عشرة و القطنية الأولى و الثانية ، و القطع العجزية الثانية والثالثة و الرابعة .

ـ أما الترائب فقد ذكر لها المفسرون معاني كثيرة ، فقد قالوا : إنها عظام الصدر ، والترقوتان ، و اليدان و الرجلان ، و ما بين الرجلين ، و الجيد و العنق و غير ذلك . و ما دام سعة فإننا نأخذ من هذه المعاني ما يتفق مع الحقيقة العلمية، و سنعتمد على التفسير القائل بان الترائب هنا هي عظام أصول الأرجل أو العظام الكائنة ما بين الرجلين.

لنعد إلى الآية القرِآنية : ( خُلق من ماء دافق ، يخرج من بين الصلب و الترائب ) . الماء الدافق هو ماء الرجل أي المني يخرج من بين صلب الرجل و ترائبه ( أي أصول الأرجل ) ، أصبح معنى الآية يخرج من بين صلب الرجل و ترائبه ( أي أصول الأرجل ) ، أصبح معنى الآية واضحاً لأن معظم الأمكنة و الممرات التي يخرج منها السائل المنوي والتي ذكرناها يقعان خلف غدة الموثة \\\” البروستات و التي يشكل إفرازها قسماً من السائل المنوي \\\” و كلها تقع بين الصلب والترائب . و يجب أن نذكر هناك عدة آراء و نظريات حول وظيفة الحويصلين المنويين فمنهم من يقول بأن الحويصلين المنويين فمنهم من يقول بأن الحويصلين المنويين مستودعان لتخزين النطاف بالإضافة إلى وظيفتهما الإفرازية ، بينما النظريات الحديثة تقول بأنه لا يمكن اعتبار الحويصلين المنويين مخزناً للنطاف ، و المهم أنهما غدتين مفرزتين تشكلان قسماً من السائل المنوي ، و إفرازهما ذو لون أصفر غني بالفركتوز ، كما أن لهما دوراً إيجابياً في عملية قذف السائل المنوي للخارج على شكل دفقات بسبب تقلص العضلات الموجودة بهما .

و لا يبقى أي إشكال في أن الآية الكريمة أشارت على وجه الإعجاز و الموعظة ، يوم لم يكن تشريح و لا مجهر إلى موضع تدفق المني من الإنسان قبل أن يخرج إلى ظاهر الجسم . و إذا التفتنا إلى الناحية العصبية في بحثنا هذا ن و ما لها من أهمية ، وجدنا أن الوصف الوارد في الآية الكريمة يمكن أن ينطبق عليها فتنسجم الصورة العصبية مع الصور التشريحية الماضية تمام الانسجام .

و يمكن إيضاح هذا المعنى على الوجه التالي : إنك حين تقول : \\\” خرج الأمر من بين زيد و عمرو \\\” تريد بذلك أنهما اشتركا و تعاونا على إخراجه . و قوله تبارك و تعالى : ( يخرج من بين الصلب و الترائب ) يفيد بأن الصلب و الترائب تعاونا كجانبين على إخراج المني من مستقره ليؤدي وظيفته و بهذا المعنى يصح أن نقول : ( إنه خرج من بين صلب الرجل كمركز عصبي تناسلي آمر و ترائبه كمناطق للضفائر العصبية المأمورة بالتنفيذ ) حيث يتم بهذا التناسق بين الآمر و المأمور خروج المني إلى القناتين الدافقتين ، و هذا ثابت من الناحية العلمية ، و موضح لدور الجملة العصبية و لا بد من تعاون الجانبين لتدفق المني فإن تعطل أحدهما توقف العمل الجنسي الغريزي .

المصدر :

كتاب : \\\” مع الطب في القرآن \\\” تأليف الدكتور عبد الحميد دياب و الدكتور أحمد قرقوز

معجزة البصمة

قال تعالى: ( أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه. بلى قادرين على نسوي بنانه ) القيامة 2 ـ3.

أنكر الكفار خلقهم الجديد و استبعدوا ه بعد ان تكون عظامهم رميماً و أجسادهم تراباً و كانوا يقولون : ( أإذا متنا و كنا تراباً و عظاماً أإنا لمبعوثون ) و يجيب الحق تبارك و تعالى في أسلوب توكيدي ، أن الله ليس بقادر على يجمع عظام الإنسان وأن يعيد خلقه فحسب ، بل قادر على أن يعيد تسوية سائر أجزاء البدن الكثير’ ؟ هل البنان أشد تعقيداً من العظام ؟

لقد توصل العلم إلى سر البصمة في القرن التاسع عشر ، وبيّن أن البصمة تتكون من خطوط بارزة في بشرة الجلد تجاورها منخفضات و تعلو الخطوط البارزة فتحات المسام العرقية ، تتمادى هذه الخطوط و تتلوى ، و تتفرع عنها تغصنات و فروع ، لتأخذ في النهاية و في كل شخص شكلاً مميزاً ، و قد ثبت أنه لا يمكن للبصمة أن تتطابق و تتماثل في شخصين في العالم حتى في التوائم المتماثلة التي أصلها من بويضة واحدة .

يتم تكون البنان في الجنين في الشهر الرابع و تظل ثابتة و مميزة له طوال حياته و يمكن أن تتقارب بصمتان في الشكل تقارباً، و لكنهما لا تتطابقان البتة، و لذلك فإن البصمة تعد دليلاً قاطعاً و مميزاً لشخصية الإنسان معمولاً به في كل بلاد العالم، ويعتمد القائمون على تحقيق القضايا الجنائية لكشف المجرمين واللصوص.

المراجع:

الطب محراب الإيمان للدكتور خالص كنجو

دراسة الكتب المقدسة : موريس بوكاي

مصانع الأعراس

قال تعالى : ( و إذ أخذ ربك من بني ءادم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا ) . الأعراف : 172 .

منذ أن يكون الإنسان مضغة في بطن أمه ، ينشأ ارتفاعان صغيران من الحبل الظهري Notocord ( الذي سيشكل فيما بعد العمود الفقري ) يسميان الشامختين التناسليتين Genital tilge ، و من هاتين الشامختين يبدأ التمايز الجنسي للجنين . فإذا كان مقدراً له أن يكون ذكراً ، تبدأ هاتين الشامختين في الأسبوع السادس من عمر المضغة بتشكيل نسيج مشابه لنسيج الخصيتين يفرز الهرمونات الذكرية Androgen التي تحث على تشكل الجهاز التناسلي الذكري أثناء الحياة الجنينية و تقوم هاتين الخصيتين عند البلوغ بإنتاج النطاف أو ما يسمى بألعراض الذكري ، و يستمر إنتاج النطاف إلى سن متقدمة .

أما إذا كان مقداراً للجنين أن يكون أنثى ، فإن هاتين الشامختين تتمايزان لتشكلان نسيجاً يشبه نسيج المبيض ، و ذلك في الأبوع العاشر ،و يتطور الجهاز التناسلي الأنثوي بسبب غياب الهرمونات الذكرية ،و ليس بسبب وجود الهرمونات الأنثوية ،و هكذا يتشكل المبيضين ، هذان المبيضان هما مصانع الأعراس الأنثوية \\\” البويضات \\\” حيث يحويان منذ نشأتهما حوالي (400000 ـ 500000) جريب ابتدائي يبقى منها حوالي ( 35000 ـ 40000 ) جريب فقط ، و لكن ما ينضج منها خلال فترة الإخصاب عند المرأة هو حوالي 450 ـ 500 فقط ، بحيث يقدم كل مبيض ، بيضة أو عروساً أنثوية كل شهرين و ذلك بالتبادل مع المبيض الآخر ، وهكذا يكون هناك كل شهر عروس جاهزة للإلقاح .

و تظل المرأة بذلك أرضاً مخصبة للزرع و العطاء لمدة خمس و ثلاثين سنة تقريباً … و هكذا فكل شيء محسوب و مقدر: ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) القمر : 49 . و هكذا تقوم كل من الخصيتين و المبيضين اللذين نشآ أصلاً من ظهر الإنسان بتقديم الأعراس التي تلتقي في عرس الحياة لتعطي نسل الإنسان، و بذلك نفهم كيف تؤخذ ذرية الإنسان من صلبه ،و ندرك الإعجاز الكبير الذي جاء به القرآن منذ أربعة عشر قرناً

المرجع :

مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق

إعجاز السنة النبوية في الختان

التعريف اللغوي:

الختان بكسر الخاء اسم لفعل الخاتن و يسمى به موضع الختن , و هو الجلدة التي تقطع و التي تغطي الحشفة عادة ، و ختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة و أما ختان المرأة فهي الجلد كعرف الديك فوق الفرج تعرف بالبظر .

الختان في السنة النبوية المطهرة :

دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة و جعله على رأس خصال الفطرة البشرية ، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : \\\” الفطرة خمس : الختان و الأستحداد و قص الشارب و تقليم الأظافر و نتف الإبط \\\”.

الحكم الفقهي في الختان :

يقول ابن القيم : اختلف الفقهاء في حكم الختان ، فقال الأوزاعي و مالك و الشافعي و أحمد هو واجب ، و شدد مالك حتى قال : من لم يختتن لم تجز إمامته و لم تقبل شهادته . و نقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة حتى قال القاضي عياض : الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة ، السنة عندهم يأثم بتركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض و الندب .

و ذهب الشافعية و بعض المالكية بوجوب الختان للرجال و النساء .و ذهب مالك و أصحابه على أنه سنة للرجال و مستحب للنساء ، و ذهب أحمد إلى أنه واجب في حق الرجال و سنة للنساء .

الختان ينتصر :

في عام 1990 كتب البروفسور ويزويل : (1)\\\”لقد كنت من اشد أعداء الختان و شاركت في الجهود التي بذلت عام 1975 ضد إجرائه ، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حوادث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين ، و بعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت ، فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة و أصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب ان يجري لكل مولود \\\” .

الحكم الصحية من ختان الذكور :

أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن أمراضاً عديدة في الجهاز التناسلي بعضها مهلك للإنسان تشاهد بكثرة عند غير المختونين بينما هي نادرة معدومة عند المختونين .

1 ـ الختان وقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب : فالقلفة التي تحيط برأس القضيب تشكل جوفاً ذو فتحة ضيقة يصعب تنظيفها ، إذ تتجمع فيه مفرزات القضيب المختلفة بما فيها ما يفرز سطح القلفة الداخلي من مادة بيضاء ثخينة تدعى اللخن Smegma و بقايا البول و الخلايا المتوسفة و التي تساعد على نمو الجراثيم المختلفة مؤدية إلى التهاب الحشفة أو التهاب الحشفة و القلفة الحاد أو المزمن (2).

2 ـ الختان يقي الأطفال من الإصابة بالتهاب المجاري البولية : وجد جنز برغ أن 95% من التهابات المجاري البولية عند الأطفال تحدث عند غير المختونين .و يؤكد أن جعل الختان أمراً روتينياً يجري لكل مولود في الولايات المتحدة منع حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهاب الحويضة و الكلية سنوياً(3).

3 ـ الختان و الأمراض الجنسية :

أكد البروفسور وليم بيكوز الذي عمل في البلاد العربية لأكثر من عشرين عاماً ، و فحص أكثر من 30 ألف امرأة ندرة الأمراض الجنسية عندهم و خاصة العقبول التناسلي و السيلان و الكلاميديا و التريكوموناز و سرطان عنق الرحم و يُرجع ذلك لسببين هامين ندرة الزنى و ختان الرجال (4).

4 ـ الختان و الوقاية من السرطان :يقول البرفسور كلو دري يمكن القول و بدون مبالغة بأن الختان الذي يجري للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم .

ختان البنات :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه ا، النبي صلى الله عليه و سلم قال لأم عطية و هي ختانة كانت تختن النساء في المدينة : \\\”إذا خفضت فأشمي و لا تنهكي ن فإنه أسرى للوجه و أحظى عند الزوج \\\” و في رواية إذا ختنت فلا تنهكي فِإن ذلك أحظى للمرأة و أحب للبعل .أخرجه الطبراني بسند حسن .

نقل ابن القيم عن الماوردي قوله : \\\” و أما خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فرق مدخل الذكر و مخرج البول على أصل النواة ، و يؤخذ من الجلدة المستعلية دون اصلها \\\”

يقول د. محمد على البار : هذا هو الختان الذي أمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم .

(1) البروفسور ويزويل عن مجلة Amer.Famil J . Physician

(2) د . محمد علي البار الختان دار المنار

(3) د. حسان شمسي باشا : أسرار الختان تتجلى في الطب و الشريعة ابن النفيس دمشق

(4) Pikers W : Med. Dijest jour .April 1977.

المرجع

روائع الطب الاسلامي ج 4 محمد نزار الدقر

قرار مكين و قدر معلوم

قال تعالى : ( ألم نخلقكم من ماء مهين . فجعلناه في قرار مكينٍ . إلى قدرٍ معلوم . فقدرنا فنعم القادرين . ويلٌ يومئذ للمكذبين ). المرسلات 20 ـ 24 .

بهذا الأسلوب المعجز يشير تعالى إلى حقيقتين علميتين ثابتتين ليس في علم الأجنة فقد ، وإنما في علم التشريح و الغريزة أيضاً . الحقيقة الأولى : هي وصف الآيات للرحم بالقرار المكين . و الحقيقة الثانية : إشارة إلى عمر الحمل الثابت تقريباً ، أو ما أسماه القرآن : القدر المعلوم ، و كأني بالقرآن الكريم ، و يدعواهم للبحث و التأمل لما تحتويان من الأسرار كما سنرى في تفصيلنا لهما ،إن شاء الله .

ـ القرار المكين : قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ) المؤمنون 12 ـ 13 .

نطفة ..نطفة ضعيفة لا ترى إلا بعد تكبيرها مئات المرات ، جعلها الله في هذا القرار ،فتكاثرت و تخلقت حتى أعطت هذا البناء العظيم ،و خلال هذه المرحلة كانت تنعم بكل ما تتطلبه من الغذاء و الماء و الأوكسجين ، في مسكن أمين و منيع و مريح ، و تحت حماية مشددة من أي طارىء داخلي أو خارجي . حقاً إن هذا الرحم لقرار مكين . و لكن ذلك ؟!!

القصة شيقة و ممتعة لا يملك من يطالعها إلا أن يسبح الخالق العظيم ،و هو يرى تعاضد الآليات المختلفة : التشريحية ،و الهرمونية ،و الميكانيكية ،و تبادلها في كل مرحلة من مراحل تطور الجنين ، لتجعل من الرحم دائماً قراراً مكيناً .

فتشريحياً :

1 ـ تقع الرحم في الحوض بين المثانة من الأمام و المستقيم من الخلف ،و تتألف من ثلاثة أقسام تشريحية هي : الجسم و العنق و المنطقة الواصلة بينهما و تسمى المضيق .

2 ـ يحيط بالرحم جدار عظمي قوي جداً ، يسمى الحوض ، و يتألف الحوض من مجموعة عظام سميكة هي العجز و العصعص من الخلف ، و العظمين الحرقفين من الجانبين و يمتدان ليلتحمان في الأمام على شكل عظم العانة ،هذا البناء العظمي المتين لا يقوم بحماية الرحم من الرضوض و الغط الخارجية من الجوانب كافة فحسب ، و إنما يطلب منه أن يكون ببناء و ترتيب تشريحي يرضى عنه الجنين ، بحيث يكون ملائماً لنموه ،متناسباً مع حجمه و شكله ،و أن يسمح له عندما يكتمل نموه و يكبر آلاف المرات بالخروج و المرور عبر فتحة السفلية إلى عالم النور ،و بشكل سهل . فأي اضطراب في شكل الحوض أو حجمه قد يجعل الولادة صعبة أو مستحيلة ،و عندما يلزم شق البطن لإستخراج الوليد بعملية جراحية تسمى القيصرية .

3 ـ أربطة الرحم : هناك أربطة تمتد من أجزاء الرحم المختلفة لتربط بعظام الحوض أو جدار البطن تسمى الأربطة الرحمية تقوم بحمل الرحم ،و تحافظ على وضعيته الخاصة الملائمة للحمل و الوضع ، حيث يكون كهرم مقلوب ، قاعدته في الأعلى و قمته في الأسفل ، و ينثني جسمه على عنقه بزاوية خفيفة إلى الأمام ، كما تمنع الرحم من الانقلاب إلى الخلف او الأمام ،و من الهبوط للأسفل بعد أن يزيدا وزنه آلاف المرات .

هذه الأربطة هي : الرباطان المدوران ،و الرباطان العرضيان ،و أربطة العنق الأمامية و الخلفية . و لندرك أهمية هذه الأربطة ، يكفي أن نعلم أنها تحمل الرحم التي يزيداد وزنها من (50) إ قبل الحمل إلى (5325) إ مع /ا تحويه من محصول الحمل . و أن انقلاب الرحم إلى الخلف قبل الحمل قد يؤدي للعقم لعدم إمكان النطاف المرور إلى الرحم ، و إذا حصل الانقلاب بعد بدء الحمل فقد يؤدي للإسقاط .

و هرمونياً : يكون الجنين في حماية من تقلصات الرحم القوية ، التي يمكن أن تؤدي لموته ، أو لفظه خارجاً ، و ذلك بارتفاع عتبة التقلص لألياف العضلة الرحمية بسبب ارتفاع نسبة هرمون البروجسترون الذي هو أحد أعضاء لجنة التوازن الهرموني أثناء الحمل و التي تتألف من :

1 ـ المنميات التناسلية : كمشرف .

2 ـ هرمون الجريبين كعضو يقوم بالعمل مباشر .

3 ـ هرمون البروجسترون كعضو يقوم بالعمل مباشرة . تتعاون هذه اللجنة و تتشاور لتؤمن للجنين الأمن و الاستقرار في حصنه المنيع ، فلنستمع إلى قصتها بإيجاز :

ما إن تعشعش البيضة في الرحم حتى ترسل الزغابات الكوريونية إلى الجسم الأصغر في المبيض رسولاً يدعى المنميات التناسلية تخبره بأن البيضة بدأت التعشيش ،و تطلب منه أن يوعز للرحم أن تقوم بما عليها من حسن الضيافة .

و فعلاً يقوم الهرمون التأثير المباشر على الدم لتقوم بتأمين متطلبات محصول الحمل ، كما أن الهرمون و اللوتئين ( البروجسترون ) ، كما ذكرنا ، الفضل في رفع عتبة تقلص العضلات الرحمية ، فلا تتقلص إلا تقلصات خفيفة تفيد في تعديل وضعية الجنين داخل الرحم . و في الشهر الثالث يبدأ الجسم الأصفر يعلن عن اعتذاره عن الاستمرار في تقديم هذه الهرمونات ،و يميل للضمور ، و في هذا الوقت تأخذ المشيمة ـ التي تكون قد تكونت ـ على عاتقها أمر تزويد الحمل بمتطلباته المتزايدة من الهرمونات حتى نهاية الحمل .

و هكذا نجد لغة التفاهم و التعاون ظاهرة في هذه اللجنة الهرمونية و الجهات التي تصدر عنها .

المرجع :

مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق

السمع ثم البصر

ورد في القرآن الكريم لفظي السمع و البصر معاً ( 19) تسعة عشر مرةً ، و ذكر في (17) سبعة عشر موضعاً لفظة السمع قبل البصر منها قوله تعالى : ( و هو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار و الأفئدة ) المؤمنون : 78 و قوله ( إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلاً) الإسراء :36 .

و الواقع أن كلاً من السمع و البصر من الحواس الغالية و الهامة في الإنسان فعن طريقهما يطل على العالم الخارجي ، و يتلقى المدركات ، ويميز الأشياء و يتعرف عليها و لكن ذكر السمع قبل البصر في القرآن يكاد يكون قاعدةً مطردة .

و قد نفهم الحكمة من ذلك اعتماداً على بعض مكتسبات العلم التي منها :

1 ـ تبدأ وظيفة السمع بالعمل قبل وظيفة الإبصار . فقد تبين أن الجنين يبدأ بالسمع في نهاية الحمل و قد تأكد العلماء من ذلك بإجراء بعض التجارب حيث أصدروا بعض الأصوات القوية بجانب امرأة حامل في آخر أيام حملها ، فتحرك الجنين استجابة لتلك الأصوات ، بينما لا تبدأ عملية الإبصار بعد الولادة بأيام قال تعالى 🙁 إنا خلقنا الإنسان من نطفةٍ أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً ) الدهر : 2 .

2 ـ ومن الحقائق التي تجعل السمع أكبر أهمية من البصر هي أن تعلم النطق يتم عن طرق السمع بالدرجة الأولى ، وإذا ولد الإنسان و هو أصم ، فإنه يصعب عليه الانسجام مع المحيط الخارجي و يحدث لديه قصور عقلي و تردٍ في مدركاته و ذهنه ووعيه . و هناك الكثير من الذين حرموا نعمة البصر و هم صغار أو منذ الولادة و مع ذلك فقد تعلموا درجة راقية من الإدراك و العلم حتى الإبداع ،و أبو العلاء المعري الشاعر المعروف مثالٌ على ذلك . و لكننا لم نسمع بأن هناك إنساناً ولد و هو أصم ، أو فقد سمعه في سنوات عمره الأولى ثم ارتقى في سلم المعرفة . و ذلك لأن التعلم و الفهم يتعلقان لدرجة كبيرة بالسمع ، و الذي يفقد سمعه قبل النطق لا ينطق .و لذلك ربطت الآية القرآنية العلم بالسمع أولاً ثم البصر فقال تعالى في سورة النحل : ( و الله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً و جعل لكم السمع و الأبصار و الأفئدة لعلكم تشكرون ) .

3 ـ العين مسؤلة عن وظيفة البصر أما الأذن فمسؤلة عن وظيفة السمع و التوازن . و قد تكون العبرة في هذا الترتيب أكثر من ذلك و الله أعلم بمراده

المرجع:

مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق

الخـمـر أم الخبـائـث

قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر و الميسر و الأنصاب الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر و يصدم عن ذكر الله و عن الصلاة فهل أنتم منتهون ) .

الخمر لغة : هي كل ما خامر العقل و غلبه . و في الاصطلاح الفقهي هي اسم لكل مسكر . عن عبد الله بن عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل مسكر خمر و كل خمر حرام . رواه مسلم

و الرجس : القذر.

مشكلة الخمر في العالم :

الخمر من اعقد المشكلات التي يجأر منها الغرب و يبحث عن حل لكن دون جدوى فهذا السيناتور الأمريكي وليم فولبرايت يقول عن مشكلة الخمر : \\\” لقد وصلنا إلى القمر و لكن أقدامنا مازالت منغمسة في الوحل ، إنها مشكلة حقيقية عندما نعلم أن الولايات المتحدة فيها أكثر من 11 مليون مدمن خمر و أكثر من 44 مليون شارب خمر \\\” .

و قد نقلت مجلة لانست البريطانية مقالاً بعنوان \\\” الشوق إلى الخمر \\\” جاء فيه \\\” إذا كنت مشتاقاً إلى الخمر فإنك حتماً ستموت بسببه \\\”.

إن أكثر من 200 ألف شخص يموتون سنويا في بريطانيا بسبب الخمر .

و ينقل البروفسور شاكيت أن 93% من سكان الولايات المتحدة يشربون الخمر و أن 40% من الرجال يعانون من أمراض عابرة بسببه و 5% من النساء و 10% من الرال يعانون من أمراض مزمنة معندة .

تأثيرات الخمر السمية :

ترى هل يدري شارب الخمر أنه يشرب سماً زعافاً ؟

و قبل الشرب ، يمكن لصانع الخمر أن يستنشق أبخرته مما يؤدي إلى إصابته بالتهاب القصبات و الرئة و إلى إصابة بطانة الأنف مما يؤدي إلى ضعف حاسة الشم ، و هنا يتضح معنى قوله تعالى \\\” فاجتنبوه \\\” فهي تعني النهي عن الاقتراب منه مطلقاً و هي أعم من النهي عن شربه .

و يختلف تأثير الخمر السـمي كلمـا تغير مسـتواه في الدم فعندما يبلغ مســتواه من 20ـ 99ملغ % يسبب تغير المزاج و إلى عدم توازن العضلات و اضطراب الحس ، و في مستوى من 100ـ 299 ملغ % يظهر الغثيان و ازدواج الرؤية و اضطراب شديد في التوازن . و في مستوى من 300 ـ 399 ملغ % تهبط حرارة البدن و يضطرب الكلام و يفقد الذاكرة . و في مستوى 400 ـ 700 ملغ % يدخل الشاب في سبات عميق يصحبه قصور في التنفس و قد ينتهي بالموت . و رغم أن كل أعضاء الجسم تتأثر من الخمر فإن الجملة العصبية هي أكثرها تأثراً حيث يثبط المناطق الدماغية التي تقوم بالأعمال الأكثر تعقيداً و يفقد قشر الدماغ قدرته على تحليل الأمور ، كما يؤثر على مراكز التنفس الدماغية حيث أن الإكثار منه يمكن أن يثبط التنفس تماماً إلى الموت .

و هكذا يؤكد كتاب alcoholism أن الغول بعد أن يمتص من الأمعاء ليصل الدم يمكن أن يعبر الحاجز الدماغي و يدخل إلى الجنين عبر المشيمة ، و أن يصل إلى كافة الأنسجة . لكنه يتوضع بشكل خاص في الأنسجة الشحمية . و كلما كانت الأعضاء أكثر تعقيداً و تخصصاً في وظائفها كانت أكثر عرضة لتأثيرات الغول السمية . فلا عجب حين نرى أن الدماغ و الكبد و الغدد الصم من أوائل الأعضاء تأثراً بالخمر حيث يحدث الغول فيها اضطرابات خطيرة .

تأثيرات الخمر على جهاز الهضم

في الفم يؤدي مرور الخمر فيه إلى التهاب و تشقق اللسان كما يضطرب الذوق نتيجة ضمور الحليمات الذوقية ، و يجف اللسان و قد يظهر سيلان لعابي مقرف . و مع الإدمان تشكل طلاوة بيضاء على اللسان تعتبر مرحلة سابقة لتطور سرطان اللسان و تؤكد مجلة medicin أن الإدمان كثيراً ما يترافق مع التهاب الغدد النكفية .

و الخمر يوسع الأوعية الدموية الوريدية للغشاء المخاطي للمري مما يؤهب لتقرحه و لحدوث نزوف خطيرة تؤدي لآن يقيء المدمن دماً غزيراً . كما تبين أن 90% من المصابين بسرطان المريء هم مدمنوا خمر .

و في المعدة يحتقن الغشاء المخاطي فيها و يزيد افراز حمض كلور الماء و الببسين مما يؤهب لإصابتها بتقرحات ثم النزوف و عند المدمن تصاب المعدة بالتهاب ضموري مزمن يؤهب لإصابة صاحبها بسرطان المعدة الذي يندر جداً أن يصيب شخصاً لا يشرب الخمر .

و تضطرب الحركة الحيوية للأمعاء عند شاربي الخمر المتعدين و تحدث التهابات معوية مزمنة و اسهالات متكررة عند المدمنين ، و تتولد عندهم غازات كريهة و يحدث عسر في الامتصاص المعوي.

الكبد ضحية هامة للخمر :

للكبد وظائف هامة تقدمها للعضوية ، فهي المخزن التمويني لكافة المواد الغذائية و هب تعدل السموم و تنتج الصفراء .

و الغول سم شديد للخلية الكبدية و تنشغل الكبد من أجل التخلص من الغول عن وظائفه الحيوية و يحصل فيها تطورات خطيرة نتيجة الإدمان . ففي فرنسا وحدها يموت سنوياً أكثر من 22 ألف شخص بسبب تشمع الكبد الغولي و في ألمانيا يموت حوالي 16 ألف . كما أن الغول يحترق ضمن الكبد ليطلق كل 1غ منه 7 حريرات تؤدي بالمدمن إلى عزوفه عن الطعام دون أن تعطيه هي أي فائدة مما يعرضه لنقص الوارد الغذائي .

1ـ تشحم الكبد حيث يتشبع الكبد بالشحوم أثناء حرق الغول و تتضخم الكبد و تصبح مؤلمة

2ـ التهاب الكبد الغولي : آفة عارضة تتلو سهرة أكثر فيها الشارب من تناول الخمر و تتجلى بالآم بطنية و قيء و حمى وإعياء و ضخامة في الكبد .

3ـ تشمع الكبد liver cirrhosis : حيث يحدث تخرب واسع في خلايا الكبد و تتليف أنسجته و يصغر حجمه و يقسو و يصبح عاجزاً عن القيام بوظائفه .

و يشكو المصاب من ألم في منطقة الكبد و نقص في الشهية و تراجع في الوزن مع غثيان وإقياء ثم يصاب بالجبن أو باليرقان ز و قد يختلط بالتهاب الدماغ الغولي و يصاب بالسبات أو النزف في المريء ، و كلاهما يمكن أن يكون مميتاً .

تأثيرات الخمر على القلب :

يصاب مدمن الخمر بعدد من الاضطابات الخطيرة و المميتة التي تصيب القلب منها :

1ـ اعتلال العضلة القلبية الغولي : حيث يسترخي القلب و يصاب الإنسان بضيق في النفس و إعياء عام و يضطرب نظم القلب و تضخم الكبد مع انتفاخ في القدمين ،و المريض ينتهي بالموت إذا لم يرتدع الشارب عن الخمر

2ـ قد يزيد الضغط الدموي نتيجة الإدمان .

3ـ داء الشرايين الإكليلية :الغول يؤدي إلى تصلب و تضيق في شرايين القلب تتظاهر بذبحة صدرية .

4ـ اضطراب نظم القلب

تأثيرات الخمر على الجهاز العصبي :

تعتبر الخلايا العصبية أكثر عرضة لتأثيرات الغول السمية . وللغول تأثيرات فورية على الدماغ ن بعضها عابر ، و بعضها غير قابل للتراجع .حيث يؤكد د . براتر وزملاؤه أن تناول كأس واحد أو كأسين من الخمر قد تسبب تموتاً في بعض خلايا الدماغ .و هنا نفهم الإعجاز النبوي في قوله صلى الله عليه و سلم \\\” ما أسكر كثيره فقليه حرام \\\” .

و السحايا قد تصاب عند المدمن عندها يشكو المصاب من الصداع و التهيج العصبي و قد تنتهي بالغيبوبة الكاملة . كما أن الأعصاب كلها معرضة للإصابة بما يسمى \\\” باعتلال الأعصاب الغولي العديد أو المفرد\\\”.

أما الأذيات الدماغية فيمكن أن تتجلى بداء الصرع المتأخر الذي يتظاهر عند بعض المدمنين بنوبات من الإغماء و التشنج و التقلص الشديد .

تأثيرات الخمر على الوظيفة الجنسية :

تروي كتب الأدب قصة أعرابية أسكرها قوم في الجاهلية فملا أنكرت نفسها قالت : أيشرب هذا نساؤكم ، قالوا : نعم قالت : لئن صدقتم لا يدري أحدكم من أبوه . و قد الأطباء أن الخمر تزيد من شبق الأنثى فيضطرب سلوكها الجنسي حتى أنه لا يستغرب أن تمارس المرأة أول عمل جنسي لها تحت تأثير الخمر و قد أكد البروفسور فورل أن معظم حالات الحمل السفاحي حدثت أثناء الثمل . كما تضطرب الدورة الطمثية لدى المرأة المدمنة و تصل إلى سن اليأس قبل غيرها بعشرة سنوات و تتاذى الخلايا المنتشة مؤدية إلى ضرر في المبيضين.

أما الرجل ، فعلى الرغم من ازدياد الرغبة الجنسية في المراحل الأولى من الشرب لكن القدرة على الجماع تتناقص عند المدمن حتى العنانة الكاملة .

و الغول يوذي الخلايا المنتشة و يتلفها مؤدياً إلى ضمور في الخصيتين ، وقبل هذا يمكن ظهور نطاف مشوهة يمكن أن تؤدي إلى أجنة مشوهة .

الخمر ينتهك الخط الدفاعي للبدن :

تضعف مقاومة البدن للأمراض الانتانية لدى المدمن و تنقص لديه لاسيما للإصابة بذات الرئة و غيرها .

و قد كان يفسر سابقاً بسوء التغذية لكن أبحاث كورنيل الأمريكية أثبتت أن ضعف المقاومة لدى المدمنين ناتج عن تدخل مباشر في عملية المناعة .

آثار الخمر الخطيرة على النسل :

يقول د. أحمد شوكت الشطي : إن زواج الغوليين قضية خطيرة لأن الزوج المولع بالشرب زوج غير صالح ، و يرث نسله منه بنية مرضية خاصة تعرف بالتراث الغولي ،و يقصد به ما يحله نسل المخمورين من ضعف جسدي و نفساني و قد ثبت أن الأم الحامل تنقل الغول عبر مشيمتها إلى الجنين فتبليه و أنه ينساب بالرضاعة إلى الوليد.

المراجع :

روائع الطب الإسلامي د. محمد نزار الدقر

نظرات في المسكرات د . أحمد شوكت شطي

ما من كل الماء يكون الولد

قال صلى الله عليه وسلم :
\\\”ما من كل الماء يكون الولد ، إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء \\\” أخرجه مسلم .

إن هذا الحديث إعجاز كامل فلم يكن أحد يعلم أن جزأ يسير من المني هو الذي يخلق منه الولد … فلم يكن أحد يتصور أن في القذف الواحد من المني ما بين مائتين إلى ثلاثمائة مليون حيوان منوي وأن حيواناً منوياً فقط هو الذي يقوم بتلقيح البويضة .

و يقول الدكتور ليزلي أرى في كتابه Developmenetal Anatomy( الطبعة السابعة ) أن التجارب على الثدييات أثبتت أن واحداً بالمائة من المني فقط يكفي لتلقيح البويضة . و من المقرر طبياً أن عشرون مليون من الحيونات المنوية في القذفة الواحدة هي الحد الأدنى للإخصاب .. و رغم أنه يقرر طبياً أيضاً أن هناك حالات حمل كثيرة بأقل من هذه الكمية .. كما يمكن أن تحقن كمية المني الناقصة الحيوانات إلى الرحم مباشرة Artificia Insemination و هي الطريقة المسمات \\\” بالتلقيح الصناعي \\\” .. و هذه الطريقة تستخدم أحياناً لمن يشكون العقم و يكون السبب في ذلك قلة الحيوانات المنوية في مني الزوج.

فالحديث صريح في أنه ليس من كل الماء يكون الولد .. و إنما من جزء يسير منه .. و أنى لمن عاش قبل أربعة عشر قرناً أن يعلم هذه الحقيقة التي لم تعرف إلا في القرن العشرين إذا لم يكن علمه قد جاء من لدن العليم الخبير و قد دلت علي معنى هذا الحديث آية قرآنية كريمة . قال تعالى ( الذي أحسن كل شيء خلقه و بدأ خلق الإنسان من طين . ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ) قال المفسرون السلالة هي الخلاصة .. وخلاصة الماء المهين هي التي يكون منها الولد .. فأول ما تخرج يكون عشرين بالمائة منها غير صالح للتلقيح ثم يموت في المهبل عدد كبير منها .. ثم يموت على عنق الرحم عدد آخر .. ثم تذهب مجموعة منها كبير منها … ثم يموت على عنق الرحم عدد آخر .. ثم تذهب مجموعة منها تكون البويضة .. فتهلك تلك التي ذهبت إلى غير مكان البويضة … و لا يصل في النهاية إلى البويضة إلا ما يقرب من خمسمائة حيوان منوي فقط و هنا يقع اختبار و انتقاء و اصطفاء آخر لحيوان منوي واحد فقط من بين هؤلاء ليتم به تلقيح البويضة .

و في البويضة كذلك اصطفاء و انتقاء .. إذ يبلغ عدد البويضات في مبيض الأنثى و هي لا تزال جنيناً في بطن أمها ستة ملايين بويضة أولية .. و لكن كثيراً منها يذوي و يموت قبل خروجها إلىالدنيا .. ثم تستمر في اندثارها حتى إذا بلغت الفتاة المحيض لم يبق منها إلا ثلاثين ألف فقط .

و في كل شهر تنمو مجموعة من هذه البويضات …و لكن لا يكتمل النمو إلا لواحد فقط .. و في حياة المرأة التناسلية لا يزيد ما تغرزه المرأة عن أربعمائة بويضة فقط .. فهناك اصطفاء و انتقاء للحيوان المنوي .

و هناك اصطفاء و انتقاء للبويضة أيضاً .

ليس هذا فحسب بل أن هناك اصطفاء و انتقاء للحمل أيضاً .

نعم تقول الأبحاث الطبية الحديثة ( مجلة Medicine Digest ) عددد يناير 1981 أن 78 بالمائة من جميع حالات الحمل تسقط طبيعياً …و أن ما يقرب من خمسين بالمائة يسقط قبل أن تعلم أنها حامل .. ذلك لأن الرحم يلفظ الكرة الجرثومية بعد علوقها مباشرة .. فتظن الأم أن الدم الذي جاءها في موعد الحيضة أو بعده بقليل هو دم الطمث الذي كانت تنتظره و لا تعلم أنه دم سقط.

فهناك اصطفاء بعد اصطفاء . وانتقاء بعد انتقاء و صدق الله العظيم حيث يقول : ( ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ) .

و صدق رسوله الكريم حيث يقول \\\” ما من كل الماء يكون الولد \\\” .

و الشق الثاني : من الحديث و هو : إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه ( شيء ) .

إعجاز كامل لا يتصوره إلا من درس وسائل منع الحمل و نسبة النجاح فيها .. فمن وسائل منع الحمل وسائل قديمة معروفة مثل العزل و منها وسائل حديثة مثل حبوب منع الحمل . و اللولب الذي يدخل إلى الرحم ، و الموانع الميكانيكية لدى المرأة و الرجل . . و المراهم و اللبوس المهبلي ( التحاميل ) وأخيراً عملية التعقيم بقطع قناتي الرحم و ربطهما حتى لا تتمكن الحيوانات المنوية من الوصول إلى البويضة .

و في المتفق عليه في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال \\\” كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال إن لي جارية خادمتنا و ساقيتنا في النخل و أنا أطوف عليها و أكره أن تحمل . فقال صلى الله عليه وسلم : اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها . . فلبث الرجل ما شاء الله ثم أتاه فقال إن الجارية قد حملت فقال صلى الله عليه وسلم : قد قلت سيأتيها ما قدر لها \\\” رواه الشيخان البخاري ومسلم .

يقول كتاب \\\” تنظيم الحمل \\\” Humamnferliliy control \\\” عن العزل أنها وسيلة شائعة منذ أقدم العصور ذكر لها هو في كتاب الخلق من التوراة ( المحرفة ) عندما زنى أونان بزوجة أخيه و عزل حتى لا يسقي أرض أخيه …. و يقول المؤلفان : \\\” إن نسبة الفشل بهذه الطريقة تبلغ 22 بالمائة \\\” [1].

و نحن نعلم الآن أن لكل وسيلة من وسائل منع الحمل نسبة تفشل فيها …

فرغم هذه الموانع يحصل الحمل إذا قدر الله ذلك .. بل لقد جائتني إحدى المريضات .. و أخبرتني أنها أجرت عملية تعقيم بقطع قناتي الرحم و ربطهما .. في لندن ثم لم تلبث بضعة أشهر إلا وهي حامل .. و ذلك مقرر في الكتب و المجلات الطبية .. و تصل نسبة فشل هذه العلمية 55 بالمائة إذا كانت العلمية عن طريق المهبل و لكنها تهبط إلى واحد من بالمائة إذا أجريت العملية عن طريق فتح البطن و بواسطة جراح ماهر .

و سجل كثير من الباحثين نسبة فشل تصل إلى 3.7 بالمائة مع جراحين مهرة بل لقد سجلت حالة حمل بعد عملية استئصال للرحم ، و عليه فإن الحديث النبوي الشريف إعجاز كامل في تقرير هذه الحقيقة العلمية.

النهي عن الشرب و الأكل وافقاً

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم زجر عن الشرب قائماً رواه مسلم .

و عن أنس وقتادة رضي الله عنه ‘ن النبي صلى الله عليه و سلم \\\” أنه نهى أن يشرب الرجل قائماً \\\” ، قال قتادة : فقلنا فالأكل ؟ فقال : ذاك أشر و أخبث \\\”رواه مسلم و الترمذي . و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا يشربن أحدكم قائماً فمن نسي فليستقي \\\” رواه مسلم .

و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :\\\” نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الشرب قائماً و عن الأكل قائماً و عن المجثمة و الجلالة و الشرب من فيّ السقاء \\\”.

الإعجاز الطبي :

يقول الدكتور عبد الرزاق الكيلاني * أن الشرب و تناول الطعام جالساً أصح و أسلم و أهنأ و أمرأ حيث يجري ما يتناول الآكل والشارب على جدران المعدة بتؤدة و لطف . أما الشرب واقفاً فيؤدي إلى تساقط السائل بعنف إلى قعر المعدة و يصدمها صدماً ، و إن تكرار هذه العملية يؤدي مع طول الزمن إلى استرخاء المعدة و هبوطها و ما يلي ذلك من عسر هضم . و إنما شرب النبي واقفاً لسبب اضطراري منعه من الجلوس مثل الزحام المعهود في المشاعر المقدسة ، و ليس على سبيل العادة و الدوام . كما أن الأكل ماشياً ليس من الصحة في شيء و ما عرف عند العرب و المسلمين .

و يرى الدكتور إبراهيم الراوي ** أن الإنسان في حالة الوقوف يكون متوتراً و يكون جهاز التوازن في مراكزه العصبية في حالة فعالة شديدة حتى يتمكن من السيطرة على جميع عضلات الجسم لتقوم بعملية التوازن و الوقوف منتصباً.

و هي عملية دقيقة يشترك فيها الجهاز العصبي العضلي في آن واحد مما يجعل الإنسان غير قادر للحصول على الطمأنينة العضوية التي تعتبر من أهم الشروط الموجودة عند الطعام و الشراب ، هذه الطمأنينة يحصل عليها الإنسان في حالة الجلوس حيث تكون الجملة العصبية و العضلية في حالة من الهدوء و الاسترخاء و حيث تنشط الأحاسيس و تزداد قابلية الجهاز الهضمي لتقبل الطعام و الشراب و تمثله بشكل صحيح .

و يؤكد د. الراوي أن الطعام و الشراب قد يؤدي تناوله في حالة الوقوف ( القيام) إلى إحداث انعكاسات عصبية شديدة تقوم بها نهايات العصب المبهم المنتشرة في بطانة المعدة ، و إن هذه الإنعكاسات إذا حصلت بشكل شديد و مفاجىء فقد تؤدي إلى انطلاق شرارة النهي العصبي الخطيرة Vagal Inhibation لتوجيه ضربتها القاضية للقلب ، فيتوقف محدثاً الإغماء أو الموت المفاجىء .كما أن الإستمرار على عادة الأكل و الشرب واقفاً تعتبر خطيرة على سلامة جدران المعدة و إمكانية حدوث تقرحات فيها حيث يلاحظ الأطباء الشعاعيون أن قرحات المعدة تكثر في المناطق التي تكون عرضة لصدمات اللقم الطعامية و جرعات الأشربة بنسبة تبلغ 95% من حالات الإصابة بالقرحة . كما أن حالة عملية التوازن أثناء الوقوف ترافقها تشنجات عضلية في المريء تعيق مرور الطعام بسهولة إلى المعدة و محدثة في بعض الأحيان آلاماً شديدة تضطرب معها وظيفة الجهاز الهضمي و تفقد صاحبها البهجة عند تناوله الطعام و شرابه .

المراجع :

* د. عبد الرزاق الكيلاني : \\\” الحقائق الطبية في الإسلام \\\” دار القلم دمشق .

** د. إبراهيم الراوي : أستشارات طبية في ضوء الإسلام و الحضارة العدد 1967 .

روائع الطب الإسلامي ج (4) الدكتور محمد نزار الدقر

تعين جنس الجنين

قال تعالى في كتابه الكريم : ( و إنه خلق الزوجين الذكر و الأنثى من نطفة إذا تمنى ) النجم 45 ـ46 كما قال تعالى ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى . ألم يك نطفة من مني يمنى . ثم كان علقة فخلق فسوى . فجعل منه الزوجين الذكر و الأنثى ) القيامة 36 ـ 40 .

تحوي البيضة الملقحة التي سيتشكل منها الجنين 22 زوج من الصبغيات الجسمية مع زوج من الصبغيات الجنسية ، و تأتي هذه الصبغيات من اجتماع بويضة الأنثى التي تحوي دائماً ( 22 صبغي جسمي + الصبغي جنسي X ) ومن نطفة الرجل التي تحوي ( 22 صبغي جسمي + الصبغي جنسي إما X أو Y) لأن نصف نطاف الرجل تحوي الصبغي X و نصفها تحوي الصبغي Y، أما بويضة الإمرأة فدائماً تحمل الصبغي الجنسي X . فإذا اتحدت البيضة مع نطفة حاوية على الصبغي الجنسي X كان الجنين أنثى ، و إذا اتحدت مع نطفة حاوية على الصبغي الجنسي Y كان الجنين ذكراً ، أي حسب المعادلة

نطفة ( Y) + بويضة ( X) = (YX) ذكر

نطفة ( X ) + بويضة (X ) = (X X ) أنثى

فنطاف الرجل إذاً هي المسؤلة عن تحديد الجنس لأنها تحمل الأشكال المتغايرة من الصبغيات الجنسية و هذا ما ذكره القرآن قبل أربعة عشر قرناً حين قال : ( و أنه خلق الزوجين الذكر و الأنثى ) .

و ما أمكثر الرجال ـ مع الأسف ـ الذين دفعهم جهلهم إلى ترك زوجاتهم لأنهنّ لا ينجبن إلا إناثاً ‍ و لو أمعن هؤلاء الجهلة في آيات القرآن لعلموا أن الرجل هو الذي يحدد نوع الجنين ذكراً أم أنثى و ليس المرأة إلا كالأرض تنبت ما يزرع بها و صدق الله العظيم ( نساؤكم حرثٌ لكم ) البقرة 222.
المرجع :

مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق

السواك بين الطب و الإسلام

قال النووي (1): السواك لغة بكسر السين ، و يطلق على الفعل و هو الاستياك و على الآلة التي يستاك بها و التي يقال لها يقال لها \\\” المسواك .

الهدي النبوي في السواك :

عن أبي هريرة رضي الله عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : \\\” لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ـ و في رواية ـ عند كل وضوء \\\” رواه الشيخان . و عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : \\\” عليك بالسواك فإنه مطهرة للفم و مرضات للرب : رواه البيهقي ورواه البخاري عن عائشة بلفظ : \\\” السواك مطهرة للفم مرضات للرب \\\” ورواه ابن ماجة عن أبي أمامة رضي الله عنه .

فقه السواك :

قال النووي : السواك سنة و ليس بواجب في حال من الأحوال بإجماع من يعتد به في الإجماع \\\”

قال ابن القيم : \\\” يستحب السواك للمفطر و الصائم و في كل وقت لعموم الأحاديث الواردة فيه و لحاجة الصائم إليه ، و لأنه مرضاة للرب ، و مرضاته مطلوبة في الصوم أشدّ من طلبها في الفطر و لأنه مطهرة للرب و الطهور للصائم من أفضل أعماله \\\”(2).

الإستياك و نظافة الفم و أثرها على الصحة العامة :

إن الفم بحكم موقعه كمدخل للطعام و الشراب ، و باتصاله بالعالم الخارجي ، يصبح مضيفة لكثير من الجراثيم ،و التي نسميها \\\” الزمرة الجرثومية الفموية \\\” و منها المكورات العنقوية و العقدية و الرئوية ،و العصيات اللبنية و العصيات الخناقة الكاذبة ، و الملتويات الفوهية و الفنسانية و غيرها .

هذه الجراثيم تكون بحالة عاطلة عند الشخص السليم و متعايشة معه ، لكنها تنقلب ممرضة مؤذية إذا بقيت ضمن الفم ،و بين الأسنان ، فضلات الطعام و الشرب . فإن هذه الجراثيم تعمل على تفسخها و تخمرها ، و تنشا عنها روائح كريهة ، و هذه المواد تؤذي الأسنان كذلك محدثة فيها النخور أو إلى تراكم الأملاح حول الأسنان محدثة فيها ( القلح ) أو إلى التهاب اللثة و تقيحها . كما يمكن لهذه الجراثيم أن تنتقل بعيداً في أرجاء البدن محدثة التهابات مختلفة كالتهاب المعدة أو الجيوب أو القصبات ، و قد تحدث خراجات في مناطق مختلفة من الجسم(3) و قد تؤدي إلى انسمام الدم أو تجرثمه وما ينجم عن ذلك من أمراض حمَّوية عامة .

و أهم ما يجب العناية به الفم الأسنان . فلأسنان وظائفها الهامة ،و لأمراضها أثر كبير على الصحة العامة ، هنا يأتي دور السِّواك ، الذي له أهميته القصوى في تخفيف البلاء الناجم عنها . فاللعاب الراكد يحتوي على أملاح بصورة مركزة ، فإذا وجد سطحاً بعيداً عن حركات التنظيف الطبيعية كحركة اللسان ، أو الاصطناعية كالسواك ، فإن هذه الأملاح تترسب ، و خاصة في الشق اللثوي شيئاً فشيئاً مكونة ما يسمى باللويحات السنية .

و عنئذ تفعل الجراثيم فعلها متفاعلة مع بقايا الطعام و خاصة السكرية الموجودة في الفم مكونة أحماضاً عضوية تقوم بإذابة المينا ثم العاج و يتسع النخر مع استمرار إهمال نظافة الفم .

المسواك :

أصح ما ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه و سلم أستاك بسواك من أراك . و شجرة الأراك من الفصيلة الأركية و هي شجرة دائمة الخضرة تنموا في المناطق الحارة في عسير و جيزان من الراضي السعودية و في مصر و السودان و في غور الساعاد ( قرب القدس ) و في اليمن و جنوب أفريقيا و الهند .لها ثمر عند تمام نضجه ، حلو الطعم ، حاذق ، يمكن أن يؤكل ،يؤخذ السواك من جذورها و من أغصانها الصغيرة.

إعجاز السنة النبوية في السواك :

و قد أوردت مجلة المجلة الألمانية الشرقية في عددها الرابع ( 1961) (4) مقالاً للعالم رودات ـ مدير معهد الجراثيم في جامعة روستوك ـ يقول فيه : قرأت عن السِّواك الذي يستعمله العرب كفرشاة للأسنان في كتاب لرحّالة زار بلادهم ، و قد عرض للأمر بشكل ساخر ، اتخذه دليلاً على تأخر هؤلاء القوم الذين ينظفون أسنانهم بقطعة من الخشب في القرن العشرين . و فكرت ! لماذا لا يكون وراء هذه القطعة الخشبية حقيقة علمية ؟

و جاءت الفرصة سانحة عندما أحضر زميل لي من العاملين في حقل الجراثيم في السودان عدداً من تلك الأعواد الخشبية .

و فوراً بدأت أبحاثي عليها ، فسحقتها و بللتها ، ووضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم ، فظهرت على المزارع آثار كتلك التي يقوم بها البنسلين …. و إذا كان الناس قد استعملوا فرشاة الأسنان من مائتي عام فلقد استخدم المسلمون السواك منذ أكثر من 14 قرناً

و لعل إلقاء نظرة على التركيب الكيمائي لمسواك الأراك يجعلنا ندرك أسباب الاختيار النبوي الكريم ، و الذي هو في أصله ،وحي يوحى :

و تؤكد الأبحاث المخبرية الحديثة أن المسواك المخضر من عود الأراك يحتوي على العفص بنسبة كبيرة و هي مادة مضادة للعفونة ، مطهرة ن قابضة تعمل على قطع نزيف اللثة و تقويتها ، كما تؤكد وجود مادة خردلية هي السنجرين Sinnigrin ذات رائحة حادة و طعم حراق تساعد على الفتك بالجراثيم .(5)

و أكد الفحص المجهري لمقاطع المسواك وجود بلورات السيليكا و حماضات الكلس و التي تفيد في تنظيف الأسنان كمادة تزلق الأوساخ و القلح عن الأسنان .و أكد د. طارق الخوري(6) وجود الكلورايد مع السيليكا و هي مواد تزيد بياض الأسنان ، و على وجود مادة صمغية تغطي الميناء و تحمي الأسنان من التسوس ، إن وجود الفيتامين ج و ثري ميتيل أمين يعمل على التئام جروح اللثة و على نموها السليم ، كما تبين وجود مادة كبريتية تمنع التسوس.

الصفحة الرئيسية
المصادر :

(1) الإمام النووي \\\” المجموع شرح التهذيب \\\”
(2) الإمام ابن القيم الجوزية : زاد المعاد من هدي خير العباد \\\”

(3) د. عبد الرزاق كيلاني :\\\” الحقائق الطبية في الإسلام : دمشق

(4) د . غياث الأحمد : الطب النبوي في ضوء العلم الحديث

(5) د. أبو حذيفة غبراهيم محمد : \\\”السواك أهميته و استعماله \\\” طنطا

(6) د. طارق الخوري مقالة عن السواك مجلة Clinical Preventive Dentistry

المرجع :

روائع الطب الإسلامي ج4 الدكتور محمد نزار الدقر

إعجاز القرآن في الناصية

وصف القرآن الناصية بأنها كاذبة خاطئة كما قال تعالى: ﴿ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾ (العلق:16).

والناصية لا تنطق فكيف يسند إليها الكذب ؟ ولا تجترح الخطايا فكيف تسند إليها الخطيئة؟

لقد أزال البروفيسور محمد يوسف سكر(1) عني هذه الحيرة(2)عندما كان يحدثني عن وظائف المخ فقال : إن وظيفة الجزء من المخ الذي يقع في ناصية الإنسان هي توجيه سلوك الإنسان فقلت له : وجدتها !

قال : ماذا وجدت ؟

قلت : وجدت تفسير قوله تعالى : ﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾ فقال : دعني أراجع كتبي ومراجعي .

وبعد مراجعته لتلك الكتب والمراجع ، أكد الأمر وقال : إن الإنسان إذا أراد أن يكذب فإن القرار يتخذ في الفص الجبهي للمخ الذي هو جبهة الإنسان وناصيته ، وإذا أراد الخطيئة فإن القرار كذلك يتخذ في الناصية .

ثم عرضت الموضوع على عددٍ من العلماء المتخصصين، منهم البرفسور كيث إل مور(3) الذي أكد أن الناصية هي المسئولة عن المقايسات العليا وتوجيه سلوك الإنسان، وما الجوارح إلا جنود تنفذ هذه القرارات التي تتخذ في الناصية؛ لذلك فالقانون في بعض الولايات الأمريكية(4) يجعل عقوبة كبار المجرمين الذي يرهقون أجهزة الشرطة هي استئصال الجزء الأمامي من المخ الناصية، لأنه مركز القيادة والتوجيه ليصبح المجرم بعد ذلك كطفلٍ وديع يستقبل الأوامر من أي شخص. وبدراسة التركيب التشريحي لمنطقة أعلى الجبهة وجد أنها تتكون من أحد عظام الجمجمة المسمى العظم الجبهي(5)، ويقوم هذا العظم بحماية أحد فصوص المخ والمسمى الفص الأمامي أو الفص الجبهي(6)، وهو يحتوي على عدة مراكز عصبية تختلف فيما بينها من حيث الموقع والوظيفة . وتمثل القشرة الأمامية الجبهية الجزء الأكبر من الفص الجبهي للمخ، وترتبط وظيفة القشرة الأمامية الجبهية بتكوين شخصية الفرد، وتعتبر مركزاً علوياً من مراكز التركيز والتفكير والذاكرة، وتؤدي دوراً منتظماً لعمق إحساس الفرد بالمشاعر، ولها تأثير في تحديد المبادأة والتمييز . وتقع القشرة مباشرة خلف الجبهة أي أنها تختفي في عمق الناصية، وبذلك تكون القشرة الأمامية الجبهية هي الموجه لبعض تصرفات الإنسان التي تنم عن شخصيته مثل الصدق والكذب والصواب والخطأ … الخ، وهي التي تميز بين هذه الصفات وبعضها البعض وهي التي تحث الإنسان على المبادأة سواءً بالخير أو بالشر(7). وعندما قدم البرفسور كيث إل مور البحث المشترك بيني وبينه حول الإعجاز العلمي في الناصية، في مؤتمر دولي عقد في القاهرة(8)، لم يكتف بالحديث عن وظيفة الفص الجبهي في المخ الناصيةعند الإنسان، بل تطرق إلى بيان وظيفة الناصية في مخاخ الحيوانات المختلفة ، وقدم صورا للفصوص الجبهية في عدد من الحيوانات قائلاً : إن دراسة التشريح المقارن لمخاخ الإنسان والحيوان تدل على تشابه في وظيفة الناصية ، فالناصية هي مركز القيادة والتوجيه عندالإنسان وكذلك عند كل الحيوانات ذوات المخ، فلفت قوله ذلك انتباهي إلى قوله تعالى: ﴿ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾(هود:56)و تذكرت أيضاً بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الناصية كقوله:( اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ )(9) وكقوله:( أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ)(10)وكقوله 🙁 الْخَيْلُ معقود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )(11) فإذا جمعنا معاني هذه النصوص نستنتج أن الناصية هي مركز القيادة والتوجيه لسلوك الإنسان، وكذا سلوك الحيوان . المعاني اللغوية للآية وأقوال المفسرين:قال تعالى﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ15نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ16﴾(العلق:15-16). السفع : هو القبض والجذب، وقيل هو مأخوذ من سفع النار، والشمس إذا غيرت وجهه إلى السواد(12).الناصية : هي مقدم الرأس(13). أقوال المفسرين : ذهب جمهور المفسرين إلى تأويل الآية بأن وصف الناصية بالكذب والخطيئة ليس وصفاً لها بل هو وصف لصاحبها(14)، وأمرّها الباقون كما هي بدون تأويل مثل الحافظ ابن كثير . ويتضح من أقوال المفسرين رحمهم الله عدم علمهم بأن الناصية هي مركز اتخاذ القرار بالكذب أو الخطيئة ، فحملهم ذلك على تأويلها بعيداً عن ظاهر النص ، فالنص يصفها بالكذب والخطيئة ، وهم أولوا وصفها بذلك ، فجعلوه وصفاً لصاحبها ، فأولوا الصفة والموصوف في قوله تعالى ﴿ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾ كما لو كانت مضافاً ومضاف إليه، والفرق واضح في اللغة بين الصفة والموصوف والمضاف والمضاف إليه. وأمرّ آخرون من المفسرين الآية كما هي ، دون أن يقحموا أنفسهم فيما لا تطيقه معارفهم وعلومهم في ذلك الزمان .

أوجه الإعجاز العلمي :

• يقول البرفسور كيث إل مور مستدلاً على هذه المعجزة العلمية : إن المعلومات التي نعرفها عن وظيفة المخ لم تذكر طوال التاريخ، ولا نجد في كتب الطب عنها شيئاً، فلو جئنا بكتب الطب كلها في عهد النبي r وبعده بقرون لن نجد ذكراً لوظيفة الفص الجبهي الأمامي الناصية ولن نجد له بياناً ، ولم يأت الحديث عنه إلا في هذا الكتاب القرآن الكريم، مما يدل على أن هذا من علم الله جل وعلا الذي أحاط بكل شئ علماً، ويشهد بأن محمداً
رسول الله (15).

• ولقد كانت بداية معرفة الناس بوظيفة الفص الأمامي الجبهي في عام 1842م ، حين أصيب أحد عمال السكك الحديد في أمريكا بقضيب اخترق جبهته، فأثر ذلك في سلوكه ولم يضر بقية وظائف الجسم، فبدأت معرفة الأطباء بوظيفة الفص الجبهي للمخ، وعلاقته بسلوك الإنسان.

• وكان الأطباء يعتقدون قبل ذلك أن هذا الجزء من المخ الإنساني منطقة صامته لا وظيفة لها. فمن أعلم محمد r بأن هذا الجزء من المخ الناصية هو مركز القيادة للإنسان والدواب وأنه مصدر الكذب والخطيئة .

• لقد أضطر أكابر المفسرين إلى تأويل النص الظاهر بين أيديهم لعدم إحاطتهم علماً بهذا السر، حتى يصونوا القرآن من تكذيب البشر الجاهلين بهذه الحقيقة طوال العصور الماضية، بينما نرى الأمر في غاية الوضوح في كتاب الله وسنة رسوله r في أن الناصية هي مركز القيادة والتوجيه في الإنسان والدواب. فمن أخبر محمد rمن بين كل أمم الأرض بهذا السر وبهذا الحقيقة؟! إنه العلم الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو شهادة من الله بأن القرآن من عنده ، لأنه نزل بعلمه سبحانه.

المصدر:

موقع الإيمان على شبكة الإنترنت تصميم مركز بحوث جامعة الإيمان بإشراف الشيخ عبد المجيد الزنداني . .

المراجع :

.(1) البرفسور محمد يوسف سكر : عميد الدراسات العليا بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة في حينها وله كتاب باللغة الإنجليزية في وظائف الأعضاء يعد مرجعاً في الكليات الأجنبية. (2) صاحبتني هذه الحيرة خمسة عشر عاماً .(3) كيث إل مور من كبار الأطباء في العالم، تدرس بعض كتبه في كليات الطب بعدة لغات وله مرجع كبير في تشريح المخ. وقد أشترك في تقديم عدة بحوث في الإعجاز الطبي في مؤتمرات الإعجاز العلمي العالمية. (4) كما أخبرني أحد علماء جراحة المخ الأمريكيين. (5) Frontal Bone
(6) Frontal Lobe
(7) من كتاب \\\”الناصية\\\” إصدار هيئة الإعجاز العلمي بتصرف . (8) مؤتمر الإعجاز الطبي في القرآن والسنة في القاهرة عام 1985م .
(9) أخرجه أحمد في المسند 1/391 و1/452 وابن حبان في صحيحه 3/253 والحاكم في المستدرك 1/690 وقال: صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبدالرحمن بن عبدالله هو ابن مسعود عن أبيه فإنه مختلف في سماعه من أبيه ، وابن أبي شيبة في المصنف 6/40 والبزار في مسنده 5/363 وأبو يعلى في مسنده 9/199 والطبراني في المعجم الكبير 10/169 ، وقال في مجمع الزوائد 10/136، رواه أحمد وأبو يعلى والبزار إلا أنه قال: وذهاب غمي مكان همي، والطبراني ، ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمه الجهني وقد وثقه ابن حبان ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 198 ورجح سماع عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود من أبيه وقال : ثبت سماعه منه بشهادة جماعة من الأئمة .
(10) صحيح مسلم ك/ الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ب/ ما يقول عند النوم وأخذ المضجع ، وأخرجه الترمذي ك/ الدعوات ب/ ما جاء في الدعاء إذا أوى إلى فراشه، وأبو داود في الأدب ب/ ما يقال عند النوم ، وأخرجه أحمد في مسنده 2/381.(11) أخرجه البخاري ك/ الجهاد والسير ب/ قول النبي صلى الله عليه وسلم أحلت لكم الغنائم ، ومسلم في الإمارة، ب/الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، والنسائي ك/ الخيل ب/الخيل، وابن ماجة ك/ الجهاد ب/ارتباط الخيل في سبيل الله ،والترمذي ك/فضائل الجهاد ب/ماجاء في فضل من ارتبط فرسا في سبيل الله ،وابن حبان في صحيحه10/524، وأحمد في مسنده .(12) روح المعاني للألوسي ، فتح القدير . (13) لسان العرب ، روح المعاني للألوسي .
(14) فتح القدير للشوكاني ، الطبري ، روح المعاني ، الخازن .(15) من بحث ألقاه في المؤتمر العالمي عن الإعجاز الطبي في القرآن والسنة ، الذي عقد بالقاهرة عام 1985م

إعجاز القرآن في الناصية

يقول الشيخ عبد المجيد الزنداني كنت أقرأ قول الله تعالى : ( كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة ) العلق : 15 والناصية هي مقدمة الرأس فكنت أسأل نفسي وأقول يا رب اكشف لي هذا المعنى ! لماذا قلت ناصية كاذبة خاطئة ؟ وتفكرت فيها أكثر من عشر سنوات وأنا في هذه الحيرة فأرجع إلى كتب التفسير فأجد الجواب ..أجد المفسرين يقولون : المراد ليست ناصية كاذبة وإنما المراد معنى مجازي وليس حقيقيا فهو من باب المجاز لا من باب الحقيقة ناصية كاذب خاطئ ولما كانت الناصية هي مقدمة الرأس فأطلق عليها صفة الكذب والمقصود صاحبها هكذا يقولون وليست هي مكان الكذب أو مصدر الكذب إلى ان يسر الله البحث الذي كان عن الناصية قدم من أحد العلماء وهو كندي الأصل ومن أشهرهم في علم المخ والتشريح والأجنة وكان ذلك في المؤتمر الطبي الذي عقد في القاهرة وتواجد في ذلك المؤتمر طبيب ومعه زوجته فلما سمعت زوجته هذا الكلام ناصية كاذبة قالت : والهاء أين راحت ؟ فالمفسرون يقولون : المعنى ناصية كاذب خاطئ قالت : والهاء أين راحت ؟ قلت في نفسي هذه الهاء هي التي دوختني عشر سنوات الله سبحانه وتعالي يقول لنا( ناصية كاذبة خاطئة ) نعود لبحث العالم الكندي وقال فيه منذ خمسين سنة فقط تأكد لنا أن المخ الذي تحت الجبهة مباشرة الذي في الناصية هو الجزء المسئول عن الكذب والخطأ هو المكان الذي يصدر منه الكذب ويصدر منه الخطأ وأن العين ترى بها والأذن تسمع منها فكذلك كان هذا المكان الذي يصدر منه القرار هذا مصدر اتخاذ القرار فلو قطع هذا الجزء من المخ الذي يقع تحت العظمة مباشرة فإن صاحبه في الغالب لا تكون له إرادة مستقلة لا يستطيع أن يختار اجلس .. اجلس .. قم … قم .. امش .. يفقد سيطرته على نفسه مثل واحد تقلع له عينيه فإنه لا يرى فقال : منذ خمسين سنة فقط عرفنا أن هذا الجزء هو المسؤول عن هذا المكان الذي يصدر منه القرار … فمن يتخذ القرار ؟ نحن نعلم أن الروح هي صاحبة القرار وأن الروح هي التي ترى ولكن العين هي الجارحة والروح تسمع ولكن الأذن جارحة كذلك المخ هذا جارحة لكن في النهاية هذا مكان صدور القرار … ناصية كاذبة خاطئة ولذلك قال الله : ( لنسفعا بالناصية ) أي نأخذه أو نحرقه فسبحان الله كلمة جاءت في كتاب الله … وهاء الحرف يعرف الناس سره بعد أن يتقدم العلم أشواطا وأشواطا ثم وجدوا أن هذا الجزء من الناصية في الحيوانات ضعيف صغير لأن الحيوان مركز قيادته وحركة جسمه أيضا من هذا المكان وإلى هذا يشير المولى سبحانه وتعالى : ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) هود 56 مركز القيادة .. موجود في الناصية .. من يعلم هذا ؟ متى عرف العلماء هذا ؟ متى عرفوه ؟ عندما شرحوا مخ الحيوانات .. إن القرآن يذكر هذه الحقيقة وجاء بعلم الله الذي أحاط بكل شيء علما وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك … والناصية : مركز القيادة ولحكمة شرع الله أن تسجد هذه الناصية وأن تطأطئ لله ولعل هناك علاقة بين ناصية تسجد خاشعة وبين سلوك يستقيم ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) العنكبوت : 45

المصدر \\\” وغدا عصر الإيمان \\\” للشيخ عبد المجيد الزنداني

تحريم الوطء في الحيض

قال تعالى : ( و يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض و لا تقربوهن حتى يطهرن ، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين ) سورة البقرة 2/22 .

أخرج الإمام مسلم قوله صلى الله عليه و سلم: ( إن اليهود كانت إذا حاضت المرأة أخرجوها من البيت و لم يؤاكلوها و لم يجامعوها ) فسأل أصحابه رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ما يصنعون ) فقال : ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) .

أذى المحيض :

يقذف الغشاء المبطن للرحم أثناء الحيض و بفحص دم الحيض تحت المجهر نجد بالإضافة إلى كرات الدم الحمراء و البيضاء قطعاً من الغشاء المبطن للرحم . ويكون الرحم متقرحاً نتيجة لذلك .فهو معرض للعدوى البكتيرية . و من المعلوم طبياً أن الدم هو خير بيئة لتكاثر الميكروبات و نموها … و تقل مقاومة الرحم للميكروبات الغازية نتيجة لذلك و يصبح دخول الميكروبات الموجودة على سطح القضيب يشكل خطراً داهما على الرحم .. و مما يزيد الطين بلة أن مقاومة المهبل لغزوا البكتيريا تكون في أدنى مستواها أثناء الحيض .. إذ يقل إفراز المهبل الحامض الذي يقتل الميكروبات و يصبح الإفراز أقل حموضة إن لم يكن قلوي التفاعل ….

كما تقل المواد المطهرة الموجودة بالمهبل أثناء الحيض إلى أدنى مستوى لها … ليس ذلك فحسب و لكن جدار المهبل الذي يتألف من عدة طبقات يقل أثناء الحيض إلى أدنى مستوى لها .

ـ يمتد الالتهاب إلى قناة الحيض غلى أدنى مستوى لها .

ـ يمتد الالتهاب إلى قناة مجرى البول فالكلى.

ـ يصاحب الحيض آلام شديدة .

ـ تصاب كثير من النساء أثناء الحيض بحالة كآبة و ضيق كما أن حالتها العقلية و الفكرية تكون في أدنى درجاتها أثناء الحيض لذلك نهى رسول الله عن تطليق النساء أثناء الحيض .

ـ تصاب بعض النساء بصداع نصفي ( الشقيقة ) قرب بداية الحيض و آلام مبرحة .

· ـ تقل الرغبة الجنسية لدى المراة أثناء الحيض .

· ـ يسبب الحيض فقر دم للمرأة .

· ـ تنخفض درجة حرارة المرأة أثناء الحيض درجة مؤوية واحدة .

· ـ تزيد شراسة الميكروبات أثناء الحيض في دم الحيض و خاصة ميكروبات السيلان

· ـ تصاب الغدد بالتغير فتقل أفرازاتها .

· ـ يبطىء النبض وينخفض ضغط الدم فيسبب الشعور بالدوخة و الفتور و الكسل .

· ـ لا يتم الحمل أثناء الحيض .

· ـ لا يقتصر الأذى على الحائض بل ينتقل الأذى إلى الرجل الذي وطئها أيضاً .

· ـ ظهور بحث حديث قدمه البروفسور عبد الله باسلامة إلى المؤتمر الطبي السعودي جاء فيه أن الجماع أثناء الحيض قد يكون أحد أسباب سرطان عنق الرحم و يحتاج الأمر إلى مزيد من الدراسة .

· و تنتقل الميكروبات من قناة الرحم إلى مجرى البول البروستاتو المثانة .

· و التهاب البروستات سرعان ما يزمن لكثرة قنواتها الضيقة الملتفة و التي نادراً الدواء ما يتمكن الدواء بكمية كافية من قتل الميكروبات المختفية في تلافيفها …فإذا ما أزمن التهاب البروستاتا فإن الميكروبات سرعان ما تغزوا بقية الجهاز البولي التناسلي فتنتقل إلى الحالبين ثم إلى الكلى … و هو العذاب المستمر …حتى نهاية الأجل ….

· و قد ينتقل الميكروب من البروستاتا إلى الحويصلات المنوية فالحبل المنوي فالبربخ فالخصيتين … و قد يسبب ذلك عقماً بسبب انسداد قناة المني .

المرجع :

خلق الإنسان بين الطب و القرآن د . محمد على البار

الصوم ضرورة حيوية

لم يعد هناك أي شك لدى الباحثين المنصفين من أن الصوم هو ضرورة من ضرورات الحياة. وقد أثبتت الحقائق التاريخية والدينية والعلمية هذه المقولة. لقد عرف الإنسان الصوم ومارسه منذ فجر البشرية. وأقدم الوثائق التاريخية ما نقش في معابد الفراعنة وما كتب في أوراق البردي من أن المصريين القدماء مارسوا الصوم وخاصة أيام الفتن حسب ما تمليه شعائرهم الدينية. وللهنود والبراهمة والبوذيين تقاليدهم الخاصة في الصوم حددتها كتبهم المقدسة ?

و لعل أبوقراط _ القرن الخامس قبل الميلاد _ أول من قام بتدوين طرق الصيام وأهميته العلاجية. وفي عهد البطالسة كان أطباء الإسكندرية ينصحون مرضاهم بالصوم تعجيلاً للشفاء. كما أن كافة الأديان السماوية قد فرضت الصيام على أتباعها ? كما يتبين لنا من النص القرآني فيقوله تعالى:

{ يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم } [ سورة البقرة: الآية 183 ].

و الحقيقة أن الإنسان لا يصوم بمفرده، فقد تبين لعلماء الطبيعة أن جميع المخلوقات الحية تمر بفترة صوم اختياري مهما توفر الغذاء من حولها، فالحيوانات تصوم وتحجز نفسها أياماً وربما شهوراً متوالية في جحورها تمتنع فيها عن الحركة والطعام، والطيور والأسماك والحشرات كلها تصوم.

إذ معروف تماماً أن كل حشرة تمر أثناء تطورها بمرحلة الشرنقة التي تصوم فيها تماماً معتزلة ضمن شرنقتها. وقد لاحظ العلماء أن هذه المخلوقات تخرج من فترة صيامها هذه وهي أكثر نشاطاً وحيوية. كما أن معظمها يزداد نمواً وصحة بعد فترة الصوم هذه ?

و يعتبر العلماء الصوم ظاهرة حيوية فطرية لا تستمر الحياة السوية والصحة الكاملة بدونها. وإن أي مخلوق لابد وأن يصاب بالأمراض التي يعاف فيها الطعام إذا لم يصم من تلقاء نفسه، وهنا تتجلى المعجزة الإلهية بتشريع هذه العبادة. فالصيام يساعد العضوية على التكيف مع أقل ما يمكن من الغذاء مع مزاولة حياة طبيعية، كما أن العلوم الطبية العصرية أثبتت أن الصوم وقاية وشفاء لكثير من أخطر أمراض العصر ?

فمع قلة كمية الطعام الوارد إلى الأمعاء، يل ضغط البطن على الصدر، فينتظم التنفس ويعمل بصورة أكثر راحةً وانسجاماً، إذ تتمدد الرئتان دون عوائق، ويقل العبء الملقى على القلب فتقل ضرباته لعدم الحاجة إلى بذل ذلك الجهد الكبير لدفع الدم إلى الجهاز الهضمي للعمل على هضم تلك الكميات الهائلة من الطعام.

و قبل كل شيء فإن الجهاز الهضمي يحصل على الراحة اللازمة لتجديد أنسجته التالفة، وحيويته التامة، كما أن قلة نواتج التمثيل الغذائي وفضلاته تسمح بفترة راحة لجهاز الإفراغ _ الكلي _ تجدد بها نشاطها وتجبر ضعفها، وبذا يكون الصوم فرصة ذهبية للعضوية لاستعادة توازنها الحيوي وتجديد نفسها بنفسها. وقد أكد البروفيسور نيكولايف بيلوي من موسكو في كتابه \\\” الجوع من أجل الصحة 1976 \\\” أن على كل إنسان _ وخاصة سكان المدن الكبرى أن يمارس الصوم بالامتناع عن الطعام لمدة 3 – 4 أسابيع كل سنة كي يتمتع بالصحة الكاملة طيلة حياته ?

أما ماك فادون ? من علماء الصحة الأمريكيين فيقول: إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم وإن لم يكن مريضاً لأن سموم الأغذية تجتمع في الجسم فتجعله كالمريض فتثقله ويقل نشاطه فإذا صام خف وزنه وتحللت هذه السموم من جسمه وتذهب عنه حتى يصفو صفاءً تاماً ويستطيع أن يسترد وزنه ويجدد خلاياه في مدة لا تزيد عن 20 يوماً بعد الإفطار. لكنه يحس بنشاط وقوة لا عهد له بهما من قبل. وقد كان ماك فادون يعالج مرضاه بالصوم وخاصة المصابين بأمراض المعدة وكان يقول: فالصوم لها مثل العصا السحرية، يسارع في شفائها، وتليها أمراض الدم والعروق فالروماتيزم…..

أما الكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب فيقول في كتابه \\\” الإنسان ذلك المجهول \\\”: إن كثرة وجبات الطعام ووفرتها تعطل وظيفة أدت دوراً عظيماً في بقاء الأجناس الحيوانية وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام، ولذلك كان الناس يصومون على مر العصور، وإن الأديان كافة لا تفتأ تدعو الناس إلى وجوب الصيام والحرمان من الطعام لفترات محدودة، إذ يحدث في أول الأمر شعور بالجوع ويحدث أحياناً تهيج عصبي ثم يعقب ذلك شعور بالضعف، بيد انه يحدث إلى جانب ذلك ظواهر خفية أهم بكثير، فإن سكر الكبد يتحرك ويتحرك معه أيضاً الدهن المخزون تحت الجلد. وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة من أجل الإبقاء على كمال الوسط الداخلي وسلامة القلب. وإن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا، والصوم الذي يقول به كاريل يطابق تماماً الصوم الإسلامي من حيث الإمساك فهو يغير من نظام الوجبات الغذائية ويقلل كميتها.

و قد سئل أحد المعمرين وهو ميشيل أنجلو عن سر صحته الجيدة وتمتعه بنشاط غير عادي بعد أن تجاوز الستين من عمره فقال: إن السبب في احتفاظي بالصحة والقوة والنشاط إلى اليوم هو أني كنت أمارس الصوم من حين لآخر ?

و يرى الدكتور محمد سعيد السيوطي ? أن الصيام الحق يمنع تراكم المواد السمّية الضارة كحمض البول والبولة وفوسفات الأمونياك والمنغنيزا في الدم وما تؤهب إليم من تراكمات مؤذية في المفاصل، , الكلى _ الحصى البولية _ ويقي من داء الملوك _ النقرس _ وينقل أبحاث الغرب أن الصيام ليوم واحد يطهر الجسم من فضلات عشرة أيام، وهكذا فإن شهر الصيام يطهر الجسم من فضلات وسموم عشرة أشهر على الأقل.

و من هنا نرى الحكمة من أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصيام ستة أيام من شوال، وحتى تكتمل عملية التنظيف، وأردفه بأيام معدودات من كل شهر لكمال الحيطة. يقول صلى الله عليه وسلم: \\\” من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصوم الدهر \\\” [ رواه الإمام مسلم عن أبي أيوب الأنصاري ].

و يكتب الدكتور إبراهيم الراوي عن أثر الصيام على القدرات الفكرية عند الإنسان ?: يؤثر الصيام في تنشيط الخلايا الدماغية التي تضاعف حيويتها لتوقف نشاط الجهاز الهضمي فيندفع الدم بغزارة إلى أنسجة المخ لتغذية تلافيفه، وتزويد الحجر الدماغية بالغذاء الأمثل لعملها.

نعم، إن المخ البشري يحتوي على 15 ألف مليون خلية ألهمتها القدرة الإلهية قابليات خارقة على التفكير والتعمق في المسائل المعقدة وحلها. وتزداد هذه القابليات مع زيادة ورود الدم إليها. وهكذا نرى أصحاب العقول المفكرة يصومون كل فترة لتجديد نشاط أدمغتهم.

و يتفق الباحثون على أهمية الصوم الحيوية من ناحية أن تخزين المواد الضرورية في البدن من فيتامينات وحوامض أمينية يجب ألا يستمر زمناً طويلاً، فهي مواد تفقد حيويتها مع طول مدة التخزين. لذا يجب إخراجها من \\\” المخزن \\\” ومن ثمَ استخدامها قبل أن تفسد. وهكذا فإن الجسم بحاجة من فترة لأخرى إلى فرصة لإخراج مخزونه من المواد الحيوية قبل تفككها وتلفها. وهذه الفرصة لا تتاح إلا في الصوم، وبالصوم وحده يتمكن الجسم من تحريك مخزونه الحيوي واستهلاكه قبل فوات أوانه، ومن ثم يقوم بتجديده بعد الإفطار ?

و قد بين ألن سوري Alain Saury ? قيمة الصوم في تجديد حيوية الجسم ونشاطه ولو كان في حالة المرض، وأورد حالات عدد من المسنين، تجاوزت أعمارهم السبعين، استطاعوا بفضل الصوم استرجاع نشاطهم وحيويتهم الجسمانية والنفسانية حتى أن عدداً منهم استطاع العودة غلى مزاولة عمله الصناعي أو الزراعي كما كان يفعل في السابق نسبياً.

لمحة غريزية عن الصيام:

الصيام هو حرمان البدن من المواد الغذائية ليوم أو أكثر. وقد دلت التجارب على أن حرمان الماء أشد تأثيراً من حرمان الغذاء ?فالإنسان يعيش حوالي 40 يوماً إذا أعطي الماء فقط. ويحصل الجسم على الطاقة أثناء الصيام من مدخراته السكرية أولاً والتي تكون على شكل غليكوجين مدخرة في الكبد والعضلات. وهذه تصرف خلال الأولى من الصيام. وبعد ذلك يلجأ البدن إلى مدخراته الشحمية، إلا أنه لا يستهلك الداخل منها في تركيب الخلايا الأساسية مطلقاً مهما طال أمد الصيام ?، ثم يعمد الجسم بعد ذلك إلى تجميع المواد الناجمة عن هذه العملية ويعيد استعمالها لاستخراج الطاقة ولصيانة الأعضاء والأنسجة الحيوية أثناء الصوم.

و في الصيام المديد، وبعد أن يستهلك البدن مدخراته من الغليوكوجين والشحوم، عند ذلك يلجأ إلى أكسدة المواد البروتينية ويحولها إلى سكر لتأمين ما يلزمه من الطاقة، وهذا يعني تخريبه للنسج البروتينية المكونة للحم العضلات وما يلحق من جراء ذلك من أذى بيّن يلحق الأعضاء المعنية [ ويدعو العلماء عملية إذابة المدخرات الدهنية ومن ثم بوتينات الجسم بعملية الانحلال الذاتي Autolyze ويستخدم فيها البدن العديد من الخمائر ]. وإن الحرمان الشديد يؤدي إلى ظهور اضطربات غذائية عصبية في الدماغ المتوسط مما يؤثر على الغدد الصم وعلى السلوك والانفعال النفسي ?

و من هنا نرى أهمية كون الصيام الإسلامي مؤقتاً من الفجر إلى الغروب دون تحريم لنوع ما من الأغذية مع طلب الاعتدال وعدم الإسراف في الطعام في فترة الإفطار. وقد سجل درينيك Dreanik ومساعدوه _ 1964 _ عدداً من المضاعفات الخطيرة من جراء استمرار الصيام لأكثر من 31 – 40 يوماً ? وتتضح هنا المعجزة النبوية بالنهي عن الوصال في الصوم.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \\\” إياكم والوصال \\\” قالها ثلاث مرات. قالوا فإنك تواصل يا رسول الله ؟ قال: \\\” إنكم لستم في ذلك مثلي، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني \\\” [ رواه الشيخان ].

و عن ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \\\” لا صام من صام الدهر \\\” [ رواه البخاري ].

و قد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بلغه أن بعض المسلمين قرروا اعتزال النساء وصوم الدهر فقال: \\\” أما والله إني أخشاكم الله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني \\\” [ رواه البخاري ومسلم ].

و عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \\\” بلغني أنك تصوم النهار وتقوم الليل فلا تفعل فإن لجسدك عليك حقاً، صم وأفطر، صم من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صوم الدهر \\\”، قلت: يا رسول الله إن لي قوة، قال: صم صوم داود عليه السلام، صم يوماً وأفطر يوماً، فكان يقول: يا ليتني أخذت بالرخصة. [ رواه البخاري ومسلم ].

و عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \\\” من صام الأبد صام ولا أفطر \\\” [ رواه النسائي وهو حديث صحيح ].

صوموا تصحّوا:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \\\” سافروا تربحوا، وصوموا تصحوا، واغزوا تغنموا \\\” [ رواه الإمام أحمد وأخرجه الطبراني في الأوسط بلفظ: \\\” اغزوا تغنموا، , صوموا تصحوا، , سافروا تستغنوا \\\”. وأورده السيوطي مقتصراً على لفظ \\\” صوموا تصحوا \\\” ورمز له بالحسن. وقال المناوي في فيض القدير عن الزين العراقي: كلاهما سنده ضعيف ].

يقول صاحب الظلال في معرض تفسيره لآيات الصوم:… وذلك كله إلى جانب ما ينكشف على مدار الزمن من آثار نافعة للصيام في وظائف الأبدان، ومع أنني لا أميل إلى تعليق الفرائض والتوجيهات الإلهية بما يظهر للعين من فوائد حسية، إذ الحكمة الأصلية فيها هي إعداد الكائن البشري لدوره على الأرض، وتهيئته للكمال المقدر له في الحياة الآخرة….. مع هذا فإني لا أحب أن أنفي ما تكشف عنه الملاحظة أو يكشف عنه العلم من فوائد لهذه الفرائض، وذلك ارتكازاً إلى المفهوم من مراعاة التدبير الإلهي بهذا الذي ينكشف عنه العلم البشري. فمجال هذا العلم محدود لا يرتقي إلى اتساع حكمة الله في كل ما يروض به هذا الكائن البشري…..

فنحن حينما نصوم، إنما نتعبد بهذا الصوم خالقنا العظيم جل جلاله، الذي أمرنا بالصيام، امتثالاً لأمره سبحانه وخضوعاً لإرادته. وإن ما يكشفه العلم لنا من فوائد صحية لهذا الصوم فما هي إلا عظات، تزيد المؤمن إيماناً بصدق مبلغ الشريعة صلى الله عليه وسلم وحباً بالخالق البارئ منزل هذا التشريع.

لقد قام عدد من الباحثين الغربيين، ومنذ أواخر القرن الماضي، بدراسة آثار الصوم على البدن منهم هالبروك Holbrook الذي قال: ليس الصوم بلعبة سحرية عابرة، بل هو اليقين والضمان الوحيد من أجل صحة جيدة ?

و في أوائل هذا القرن قام الدكتور دووى Dewey بأبحاث موضوعية عن الصوم لخصها في كتابه \\\” الصوم الذي يشفي \\\”. كما قامت مناظرات عديدة تناقش هذا الموضوع لعل أهمها مناظرة Ecosse التي جمعت مشاهير الأطباء الريطانيين والمهتمين بتقويم الصحة وتدبير الطعام، كان على رأسهم طبيب الملك ويلكوكس Wilcox وقد أجمع الحاضرون على أهمية تأثير \\\” الصوم الصحي \\\” على عضوية الإنسان ?

و الصوم الصحي أو الصوم الطبي كما يسموه والذي قامت عليه دراسات الغرب يمكن أن تعرفه بأنه الإقلاع عن الطعام كلياً أثناء النهار ولا يسمح له إلا ببعض جرعات من الماء إذا ما أحس بعطش شديد ودعت الضرورة القصوى إليه.

و في المساء يعطى وجبة واحدة تتألف من كوب من الحليب أو شوربة خضر و100 غ من اللحم أو الدجاج أو السمك ثم بعض الفواكه وتكون هذه الوجبة الوحيدة خلال يوم وليلة. وكما رأينا فهو أقرب ما يكون إلى \\\” صومنا الإسلامي \\\” لذا رأينا أن نورد خلاصة لأهم الدراسات:

منها دراسة شلتون Shelton في كتابه عن الصوم Le Jeune. ودراسة لوتزنر H. lutzner في كتابه \\\” العودة إلى حياة سليمة بالصوم \\\” _ ترجمة الدكتور طاهر إسماعيل _. وإليكم أهم هذه الفوائد للصيام:

1. الصوم راحة للجسم يمكنه من إصلاح أعطابه ومراجعة ذاته.

2. الصوم يوقف عملية امتصاص المواد المتبقية في الأمعاء ويعمل على طرحها والتي يمكن أن يؤدي طول مكثها إلى تحولها لنفايات سامة. كما أنه الوسيلة الوحيدة الفعالة التي يسمح بطرد السموم المتراكمة في البدن والآتية من المحيط الملوث.

3. بفضل الصوم تستعيد أجهزة الإطراح والإفراغ نشاطها وقوتها ويتحسن أداؤها الوظيفي في تنقية الجسم، مما يؤدي إلى ضبط الثوابت الحيوية في الدم وسوائل البدن. ولذا نرى الإجماع الطبي على ضرورة إجراء الفحوص الدموية على الريق، أي يكون المفحوص صائماً. فإذا حصل أن عاملاً من هذه الثوابت في غير مستواه فإنه يكون دليلاً على أن هناك خللاً ما.

4. بفضل الصوم يستطيع البدن تحليل المواد الزائدة والترسبات المختلفة داخل الأنسجة المريضة.

5. الصوم أداة يمكن أن تعيد الشباب والحيوية إلى الخلايا والأنسجة المختلفة في البدن. ولقد أكدت أبحاث مورغوليس Morgulis أن الصوم وحده قادر على إعادة شباب حقيقي للجسد.

6. الصوم يضمن الحفاظ على الطاقة الجسدية ويعمل على ترشيد توزيعها حسب حاجة الجسم.

7. و الصوم يحسن وظيفة الهضم، ويسهل الامتصاص ويسمح بتصحيح فرط التغذية

8. الصوم يفتح الذهن ويقوي الإدراك.

9. للصوم تأثيرات هامة على الجلد، تماماً كما يفعل مرهم التجميل، يُجَمل وينظف الجلد.

10. الصوم علاج شاف، هو الأكثر فعالية والأقل خطراً لكثير من أمراض العصر المتنامية. فهو يخفف العبء عن جهاز الدوران، وتهبط نسبة الدسم وحمض البول في الدم أثناء الصيام، فيقي البدين من الإصابة بتصلب الشرايين، وداء النقرس، وغيرها من أمراض التغذية والدوران وآفات القلب.

و هكذا وبعد أن ينظف الجسم من سمومه وتأخذ أجهزته الراحة الفيزيولوجية الكاملة بسبب الصوم، يتفرغ إلى لأم جروحه وإصلاح ما تلف من أنسجته وتنظيم الخلل الحاصل في وظائفها. إذ يسترجع الجسد أنفاسه ويستجمع قواه لمواجهة الطوارئ بفضل الراحة والاستجمام اللذان أتيحا له بفضل الصوم.

يقول الدكتور ليك Liek: يوفر الجسم بفضل الصوم الجهد، والطاقة المخصصة للهضم، ويدخرها لنشاطات أخرى، ذات أولوية وأهمية قصوى: كالتئام الجروح، ومحاربة الأمراض.

و ليعلم أن الصائم قد يشعر ببعض المضايقات في أيام صومه الأولى، كالصداع والوهن والنرفزة وانقلاب المزاج، وهذه تفسر بأن الجسم عندما يتخلص من رواسبه المتبقية داخل الأنسجة، ينتج عن تذويبها سموم تتدفق في الدم قبل أن يلقى بها خارج الجسم، وهي إذ تمر بالدم، تمر عبر الجسد وأجهزته كلها من قلب ودماغ وأعصاب مما يؤدي إلى تخريشها أول الأمر وظهور هذه الأعراض، والتي تزول بعد أيام من بدء الصيام ?

و أخيراً فإن للصوم آثاره الرائعة على النفس البشرية، ونظراً للعلاقة الوثيقة بين الاطمئنان النفسي وصحة الجسد عموماً، فإن الآثار والفوائد النفسية التي يجنيها الصائم لها مردودها الإيجابي في حسن سير الوظائف العضوية لكل أجهزة البدن.

و من وصايا لقمان لابنه قوله: \\\” يا بني إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة \\\”.

يقول الإمام الغزالي رحمه الله: الصيام زكاة النفس ورياضة للجسم، فهو للإنسان وقاية وللجماعة صيانة. في جوع الجسم صفاء القلب وإنقاذ البصيرة لأن الشبع يورث البلادة ويعمي القلب ويكثر الشجار فيتبلّد الذهن. أحيوا قلوبكم بقلة الضحك وقلة الشبع وطهروها بالجوع تصفو وترق ?

فالصيام ينمي الإخلاص للخالق سبحانه وتعالى، فهو سرٌ بين العبد وربه لا رقيب على تنفيذه إلا ضميره ورغبته الصادقة في رضاء الله سبحانه، وعند الجوع يزول البطر وتنكسر حدة الشهوات. وإن البطر والأشر هما مبدأ الطغيان والغفلة عن الله، فلا تنكسر النفس ولا تذل كما تذل بالجوع، فعنده تسكن لربها وتخشع له.

و هذه أمور كلها تخفف من توتر الجهاز العصبي وتهدئه. والجوع يساعد الصائم على السيطرة على نفسه. ويدعم الجوع في كسر حدة الشهوات، مراقبة الصائم الله واستشعاره أنه في عبادة له، مما يصرفه عن التفكير بالمعاصي والفواحش.

و الصيام يؤدي إلى صفاء الذهن وتقوية الإرادة وترويض النفس على الصبر. عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \\\” الصوم نصف الصبر \\\” [ رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه ].

و أخيراً فإن الصوم يعمل على إيقاظ الشعور المشترك في صفوف الأمة حيث يذوق الجميع غنيهم وفقيرهم آلام الجوع ومرارة العطش ?

التداوي بالصوم

استخدم الجوع كوسيلة علاجية منذ أقدم العصور ? ولجأ إليه أطباء اليونان أمثال أسكابياد وسيلوس لمعالجة كثير من الأمراض التي استعصيت على وسائل المداواة المتوفرة لديهم حينئذ. وفي القرن الخامس عشر قام لودفيفو كورنا باستعمال الصوم في معالجة مختلف الأمراض المعندة وطبق طريقته في الصوم على نفسه وعاش ما يقارب مائة سنة وهو بصحة جيدة بعد أن كان يعاني من داء عضال، وألف في أيامه الأخيرة رسائل في المعالجة بالصوم تحت شعار \\\” من يأكل قليلاً يعمر طويلاً \\\” ?

و لعل هذا نجده في ظلال الآية الكريمة: { كلوا واشربوا ولا تسرفوا } [ سورة الأعراف: الآية 31 ].

و نستشعره أبداً في توجيهات النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ومنها قوله: \\\” ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه \\\” [ رواه الترمذي ].

و مع بداية عصر النهضة نشطت الدعوة من جديد إلى المعالجة بالصوم في كل أوربا منها ما كتبه الطبيب السويسري بارسيلوس ?: إن فائدة الصوم في العلاج تفوق مرات ومرات استخدام الأدوية المختلفة. أما فينيامين _ الأستاذ في جامعة موسكو _ ? فقد كتب يقول: لو راقبنا الإنسان عن كثب لوجدنا أن نفسه تعاف الطعام وترفضه في بعض الفترات، وكأنها بذلك تفرض على نفسها الصيام المؤقت الذي يؤمن لها التوازن الداخلي ويحفظها من المؤثرات الخارجية.

و من فرنسا عمد الدكتور هلبا Helba _ 1911 _ إلى طريقة المعالجة بالصوم على فترات متقطعة، فكان يمنع الطعام عن مرضاه خلال بضعة أيام، يقدم لهم بعدها وجبات خفيفة.

و في عام 1928 ألقى الدكتور دترمان في المؤتمر الثامن لاختصاصي الحمية الغذائية في أمستردام محاضرة، دعا فيها إلى استخدام الجوع على فترات متقطعة في الممارسة الطبية. وقد أقر المجتمعون فائدة الصيام لمعالجة الأمراض الناجمة عن فرط التغذية أو اضطراب الاستقلاب وفي حالات تصلب الشرايين وارتفاع الضغط الدموي وفي الاختلاجات العضلية ?

و في عام 1941 صدر كتاب بوخنجر \\\”المعالجة بالصوم كطريقة بيولوجية \\\”، شرح فيه المؤلف كيفية استخدام الصوم في معالجة كثير من الأمراض المستعصية، ويبين أن الجوع يغير من تركيب البنية العضوية للجسم ويؤدي إلى طرح السموم منه ?

معالجة البدانة بالصيام:

حظيت البدانة وما يرافقها من اضطراب استقلاب الدسم اهتماماً كبيراً، بل وإجماعاً لدى المؤلفين حول استفادتها من العلاج بالصوم. ذلك أن السمنة المفرطة وازدياد تراكم الشحوم في البدن تشكل خطراً حقيقياً على حياة الشخص من جراء تعرضه لآفات شديدة الخطورة: كتصلب الشرايين، وارتفاع الضغط الدموي، وتشمع الكبد، والعنانة، والداء السكري، وأمراض القلب العضوية، والنزيف الدماغي، وغيرها.

و للبدانة أسباب ولكن أهمها تضخم المدخول الغذائي نسبة للمجهود العملي الذي يقوم به الشخص وهي مرتبطة بعوائد التغذية التي تعود عليها الشخص منذ صباه ?

و يعتبر الصيام وسيلة غريزية مجدية في إذابة الشحوم في البدن واعتدال استقلاب الأغذية فيه. كما أن مشاركة الجوع بالعلاجات الفيزيائية كالمشي والتمارين الرياضية والتدليك والحمامات المائية تعطي أفضل النتائج، فضلاً عن أنها وسائل غير مؤذية ولا تقضي إلى النتائج الوخيمة المشاهدة عند استعمال الهرمونات والمدرات ومثبطات الشهية التي يهرع إليها البدينون بغية إنقاص وزنهم ?

و يرى بلوم W. Bloom أنه بفضل الصوم يستطيع الإنسان تحمل مسؤولياته على وعي كامل منه وحزم. وينتبه للعيب الذي أصابه جسدياً ونفسياً مما يقوي لديه العزيمة والصبر على تحمل الجوع، علماً بأن الصائم يفقد الإحساس بالجوع بعد اليوم الرابع من بدء العلاج. هذا وتوصي كتب الطب الإنسان البدين أن يصوم بضعة أيام كل أسبوع صياماً جزئياً يقتصر فيها على اللبن والفواكه والماء ?

و هناك مدارس توصي بالصيام المطلق عن الطعام لمدد مختلفة على أن تكون تحت إشراف طبي ويزود المعالج بالماء والشوارد اللازمة ? . ويرى فيدوتوف أن البدين يتحمل الجوع بشكل جيد ويوصي بالصوم لمدة 5 – 15 يوماً تعقبها فترات استراحة يتناول فيها المريض وجبات خفيفة. ولم يلاحظ عند المعالجين أي اضطراب في حالتهم الصحية أو بتغيرات مخبرية مرضية.

المصدر:

كتاب روائع الطب الإسلامي د. نزار الدقر

العلم الحديث يكشف حكمة صيام الأيام البيض

أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتي الضحى ، وأن أوتر قبل أن أنام . وجاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري أن : المراد بالبيض الليالي التي يكون القمر فيها من أول الليل إلى آخره . وقد دل هذا الحديث على أنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر الصحابة بصيام هذه الأيام البيض ، محمول على الندب لا على الوجوب . فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض له عارض فلا يصومها مما يدل على عدم الوجوب ، وهذا متفق عليه .

وسميت بالبيض لأن لياليها بيضاء من شدة ضوء القمر عند اكتماله .. ولأنها أشبهت بالنهار لشدة ضوئها واكتماله .. وانسحب الاسم إلى اليوم لأن اليوم يشمل بياض النهار وسواد الليل . قال ابن سينا في القانون : \\\” ويأمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر ، لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت وهاجت ، ولا في آخره – لأنها تكون قد نقصت – بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة بالغة في تزايدها ، لتزايد النور في جرم القمر \\\” . العلم الحديث يكشف السر : وقد ظهرت في الأعوام الأخيرة أبحاث علمية كثيرة مفادها أن القمر عندما يكون بدرا ، أي في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ، يزداد التهيج العصبي والتوتر النفسي إلى درجة بالغة .. ويقول الدكتور ليبر عالم النفس بميامي في الولايات المتحدة : \\\” إن هناك علاقة قوية بين العدوان البشري والدورة القمرية وخاصة بينه وبين مدمني الكحول ، والميالين إلى الحوادث وذوي النـزعات الإجرامية ، وأولئك الذين يعانون من عدم الاستقرار العقلي والعاطفي \\\” . ويشرح ليبر نظريته قائلا : \\\” إن جسم الإنسان مثل سطح الأرض يتكون من 80 % من الماء والباقي هو المواد الصلبة \\\” . ومن ثم فهو يعتقد بأن قوة جاذبية القمر التي تسبب المد والجزر في البحار والمحيطات تسبب أيضا هذا المد في أجسامنا عندما يبلغ القمر أوج اكتماله في أيام البيض . ويقول الدكتور ليبر في كتابه \\\” التأثير القمري \\\” إنه نبه شرطة ميامي ، كما طلب وضع أخصائي التحليل النفسي في مستشفى جاكسون التذكاري في حالة طوارئ تحسبا للأحداث التي ستقع نتيجة الاضطرابات في السلوك الإنساني ، والمتأثرة بزيادة جاذبية القمر .. ويقول الدكتور ليبر : \\\”إن ما حديث كان جحيما انفتح ، فقد تضاعفت الجريمة في الأسابيع الثلاثة الأولى من يناير 1973 ، كما وردت أنباء عن جرائم أخرى غريبة وجرائم ليس لها أي دافع \\\” .. وأصبح من المعروف أن للقمر في دورته تأثيرا على السلوك الإنساني وعلى الحالة المزاجية ، وهناك حالات تسمى :الجنون القمري حيث يبلغ الاضطراب في السلوك الإنساني أقصى مداه في الأيام التي يكون القمر فيها بدرا ( في الأيام البيض) . فما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحكمه وأعلمه بأسرار النفس وأسرار تكوينها أخلاطها وهرموناتها ، فصلى الله عليه وسلم أفضل وأكمل ما صلى على أحد من العالمين

المصدر :

موقع الدكتور محمد على البار على شبكة الإنترنت

الاعجاز الكوني

اختلال نظام الأرض

قال النبي صلى الله عليه و سلم \\\” إنها لن تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات فذكر : الدجال … قلنا يا رسول الله و ما لبثه في الأرض ؟

قال صلى الله عليه و سلم : \\\” أربعون يوماً ، يوم كسنة ، و يوم كجمعة ، و سائر أيامه كأيامكم \\\” ، قلنا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلاَةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: \\\”لاَ. اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ\\\” قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: \\\”كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرّيحُ. فَيَأْتِي عَلَىَ الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُون رواه مسلم

و من الغريب أن العلماء التجريبيون يقولون اليوم : إنه قبل تغيير اتجاه دوران الأرض ستحدث فترة اضطراب تطول فيها الأيام إطالة عجيبة ثم تنتظم ، و يعجب الإنسان لهذا التوافق الشديد لهذا التوافق الشديد بين المصطفى صلى الله عليه و سلم و ما أثبته العلم في الآونة الأخيرة .

المصدر :

من آيات الإعجاز في القرآن الكريم الدكتور زغلول النجار

جمع الشمس و القمر

قال تعالى ( فإذا برق البصر ، و خسف القمر و جمع الشمس و القمر) القيامة 7ـ9 .

و هي تعبر عن نزع الإنسان من هول علامة من علامات تدمير الكون ، فجمع الشمس و القمر أصبح حقيقة علمية الآن ، لأنه ثبت بقياسات دقيقة للغاية أن القمر ( الذي يبعد عنا في المتوسط حوالي 400 ألف كم ) يتباعد عنا بطريقة مستمرة بمعدل ثلاثة سنتيمترات في السنة ن هذا التباعد سيدخل القمر وقت من الأوقات في نطاق جاذبية الشمس فتبتلعه الشمس ، و هذا من التنبؤات العلمية المبنية على استقراءات كونية و حسابات فلكية دقيقة ، فالقمر يستمر بتباعده عن الأرض لابد و أن يؤدي به هذا التباعد في يوم من الأيام إلى أن تبتلعه الشمس ، و لكن متى سيتم ذلك ؟ هذا في علم الله

المصدر :

من آيات الإعجاز في القرآن الكريم الدكتور زغلول النجار

انشقاق القمر

يحدث (داوود موسى بيسكوك) رئيس الحزب الإسلامي البريطاني يقول سبب إسلامي أني استمعت إلى مناظرة وقعت بين ثلاثة من علماء الفضاء الأميركان مع مجموعة من العلماء البريطانيين في التليفزيون البريطاني فقال البريطانيون للأميركان: كم أنفقتم من المليارات حتى وصلتم إلى القمر، ما الذي جئتم به؟ جئتمونا بأحجار؟ هذه الأحجار هل قيمتها تساوي المليارات التي أنفقتموها؟ فخشي الأميركان من تشويه سمعتهم أمام جمهورهم في أميركا وفي أوروبا فقالوا: لا، نحن لم نصعد من أجل هذا، وإنما صعدنا من أجل أن نحقق في ظاهرة أذهلتنا فقد وجدنا أن القمر مشقوق نصفين، وأن كل نصف ابتعد عن النصف الآخر وأنه عاد والتحم النصفان وأن دليلنا على ذلك هو أن سلاسل الجبال التي كانت ملتحمة بعضها مع بعض.. سلاسل الجبال التي كانت ملتحمة بعضها مع بعض لما عاد الالتحام حدث لها انزياح فأصبح الجبل نصف الجبل هذا يلتحم مع نصف الجبل الآخر ونصف الجبل الآخر يلتحم مع نصف الجبل الآخر، وهكذا جميع الجبال.. أنصاف الجبال التي في سلاسل جبال في إحدى الجهات وجدوها متقدمها عن مثيلاتها وأنصافها الأخرى التي أصبحت متأخرة مما دل.. دلهم على أن القمر قد انشق وهي معجزة لمحمد –صلى الله عليه وسلم- سجلها القرآن في قوله تعالى (اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) سورة القمر.

المصـدر:

محاضرة للشيخ عبد المجيد الزنداني في قناة الجزيرة بتصرف

24/02/2002

انكماش الأرض

قال تعالى : ( أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) الرعد 41 .

معنى الإنقاص من الأطراف :

سطح الأرض غير مستوٍ ففيه قمم عالية ،و سفوح هابطة و سهول و هي أطراف طبقاً للتباين في المناسيب ، و من ناحية أخرى فإن الأرض شبه كرة ، فلها قطبان و لها خط استواء فتعتبر هذه أطرافاً لها ، و السطح كله يعتبر أطرافاً للأرض .

قدامى المفسرين قالوا: إنقاص الأرض من أطرافها هذا له معنى من اثنين ، إما موت العلماء ، لأنه يؤدي إلى فساد عظيم في الحياة ، أو انحسار دولة الكفر بالفتوحات الإسلامية فهذا إنقاص للأرض من أطرافها .

و لكن يأتي العلم الحديث يؤكد على حقيقة كونية مبهرة مؤداها أن الأرض تنكمش باستمرار ، تنكمش على ذاتها ، من كل أطرافها أو من كل أقطابها .

و سبب الانكماش الحقيقي هو خروج الكميات الهائلة من المادة و الطاقة على هيئة غازات و أبخرة و مواد ، سائلة و صلبة تنطلق عبر فوهات البراكين بملايين الأطنان بصورة دورية فتؤدي إلى استمرار انكماش الأرض ، و يؤكد العلماء أن الأرض الابتدائية كانت على الأقل مائتي ضعف حجم الأرض الحالية .

المصدر :

من آيات الإعجاز في القرآن الكريم الدكتور زغلول النجار

خلق الإنسان من تراب

قال تعالى : ( و من ءاياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ) الروم 20 و قال ( و هو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً و صهراً ) الفرقان 54 ففي الآية الأولى إشارة على خلق الإنسان من تراب و في الثانية من الماء ، ثم في آية ثالثة : ( و لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) المؤمنون :12 وما الطين سوى مزيج من التراب و الماء .و هكذا ففي الآيات السابقة إشارة إلى أن أصل الإنسان ومعدنه الأساسي هو من طينة هذه الأرض و من معدنها ، و بشك أدق : خلاصةٌ من هذه الأرض ( سلالة من طين ) .. فماذا يقول لنا المخبر عن ذلك ؟

يقول التحليل المخبري : إنه لو أرجعنا الإنسان إلى عناصره الأولية ، لوجدناه أشبه بمنجم صغير ، يشترك في تركيبه حوالي ( 23) عصراً ، تتوزع بشكل رئيسي على :

1ـ أكسجين (O) ـ هيدروجين ( H) على شكل ماء بنسبة 65% ـ 70% من وزن الجسم

2 ـ كربون (C) ، و هيدروجين ( H) و أكسجين (O) و تشكل أساس المركبات العضوية من سكريات و دسم ،و بروتينات و فيتامينات ، و هرمونات أو خمائر .

3 ـ مواد جافة يمكن تقسيمها إلى:

آ ـ سبع مواد هي : الكلور ( CL) ، الكبريت (S) ، الفسفور (P) ، و المنغنزيوم (MG) و البوتسيوم (K) ، و الصوديوم (Na) ، و هي تشكل 60 ـ 80 % من المواد الجافة .

ب ـسبع مواد بنسبة أقل هي : الحديد (Fe) ، و النحاس (Cu) و اليود (I) و المنغنزيوم (MN) و الكوبالت ( Co)، و التوتياء ( Zn) و المولبيديوم (Mo ) .

جـ ـ ستة عناصر بشكل زهيد هي : الفلور ( F) ، و الألمنيوم (AL ) ، و البور ( B) ، و السيلينيوم ( Se) ، الكادميوم ( Cd) و الكروم ( Cr) .

أولاً: تتركب أساساً من الماء ،و بنسبة عالية ، حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يستمر حياً أكثر من أربعة أيام بدون ماء ، رغم ما يمتلكه من إمكانيات التأقلم مع الجفاف ،و ينطبق ذلك على جميع الكائنات الحية فتبارك الله إذ يقول ( و جعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ) [الأنبياء : 30 ] .

ثانياً : كل هذه العناصر موجودة في تراب الأرض ، و لا يشترط أن تكون كل مكونات التراب داخلة في تركيب جسم الإنسان ، فهناك أكثر من مئة عنصر في الأرض بينما لم يكتشف سوى (22) عنصراً في تركيب جسم الإنسان ، و قد أشار لذلك القرآن حيث قال : ( من سلالة من طينٍ ) و في ذلك إعجاز علمي بليغ .

المرجع :

مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق

العروج في السماء

قال تعالى :\\\” و لو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون \\\”الحجر : 14 .

العلم التجريبي يؤكد على أن هناك طبقة من النور حول الأرض هي طبقة لا تتعدى 200 كم ، و هي في النصف المواجه للشمس ، وإن باقي الكون ظلام دامس ، و عندما يتخطى الإنسان هذه الطبقة فإنه يرى ظلام دامس .

و لما تخطى أحد رواد الفضاء الأمريكيون هذه الطبقة لأول مرة قال عن شعوره في تلك اللحظة \\\” I have almost lost my eye sight or something magic has come over me.

\\\” كأني فقدت بصري ، أو اعتراني شيء من السحر\\\” .

و هو تماماً تفسير لقوله تعالى : \\\” لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون \\\”.

أما قوله تعالى \\\” و لو فتحنا عليهم باباً\\\” و الباب لا يفتح في فراغ أبدا ، و القرآن يؤكد أن السماء بناء أي أن السماء بناء مؤلف من لبنات أي لا فراغ فيها .

يقول علماء الفلك : إنه لحظة الانفجار العظيم امتلأ الكون بالمادة و الطاقة ، فخلقت المادة و الطاقة كما خلق المكن و الزمان ، أي لا يوجد زمان بغير مكان و مكان بغير زمان و لا يوجد زمان و مكان بغير مادة و طاقة ، فالطاقة تملأ هذا الكون .

\\\” يعرجون \\\” أي السير بشكل متعرج ، و قد جاء العلم ليؤكد أنه لا يمكن الحركة في الكون في خط مستقيم أبداً ، وإنما في خط متعرج .

المصدر :

من آيات الإعجاز في القرآن الكريم الدكتور زغلول النجار

تغير اللون مع شدة الحرارة

أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُوقِدَ عَلَى النَّارِ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ رواه الترمذي 2516و رجاله ثقات

يفصل لنا الحديث كيف يتغير لون الإشعاع مع اشتدار الحرارة من الحمر إلى الأبيض ثم إلى الأسود .

لو أتينا بقطعة حديد ،أو أي شيء آخر ، و سخناه تسخيناً كافياً فإنه يحمر ، فإذا زدنا التسخين و رفعنا حرارته أكثر فإنه يغدوا أبيض سايلاً ، و إذا زدنا التسخين أيضاً و رفعنا حرارته أضعافاً نر الإشعاع أخذ يميل إلى اللون الداكن ثم يتبخر ، و إذا استطعنا أن نحتفظ بالأبخرة في مكان محصور ثم رفعنا حرارتها فإنها تسود ثم تسود . و كلما ارتفعت الحرارة كلما زاد الاسوداد .

المرجع :

الإسلام و الحقائق العلمية تأليف محمود القاسم دار الهجرة بيروت

كروية الأرض

قال سبحانه : \\\” يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً ..\\\” سورة الأعراف (53) .

يطلبه حثيثا تعني يجلله به و يستره .

يطلبه حثيثا تعني يلاحقه سريعا ، دون توقف .

لنتصور هذا ….النهار كائن من ضياء منبعث من الشمس يملأ الفضاء و الجو في كل الجهات و الليل كائن آخر لا ضوء فيه إلا بصيص الشهب يلاحق النهار بسرعة و النهار يلاحقه . هذا يجري و ذاك يطلبه دون توقف .

لكن إلى أين ؟ و كيف .؟

هل يجريان في طريق مستقيمة طرفها اللانهاية ؟

لو كان ذلك لما مر على الأرض إلا نهار واحد لحقه ليل و انتهى لأمر . لكننا نراهما متعاقبين ، فالنهار يطلع كل يوم من نفس الجهة التي طلع منها في اليوم السابق و تسير شميه لتغيب في نفس الجهة التي غربت فيها بالأمس .

و هكذا العتمة من الشرق و تغور في الغرب . ثم يتكرر المشهد و يتكرر إلى ما شاء الله .

لنتصور الحركة في قوله تعالى ( يطلبه حثيثاً ) من خلال هذا الواقع فنرى أن الطريق دائرية لا لبس فيها.

لندرك هذا بسهولة يجب علينا أن نتفهم جيداً الأسلوب التصويري في القرآن . حينئذ ، سيظهر لنا بوضوح ، من خلال الآية ن صورة طريق دائرية حول الأرض ، يجري عليها الليل و النهار ، ذاك يغشى هذا و هذا يغشى ذاك .

و قال تعالى \\\” يكور الليل على النهار و يكور النهار على الليل ..\\\” الزمر (5) .

الآية واضحة كل الوضوح .يكور الليل على النهار فيخفيه و يكور الليل .

و يكورالنهار على الليل فيخفيه و يكون النهار .

وبين تكورهما على بعضهما نرى جرماً كروياً يتدحرج بينهما فيجمعهما يكوران على بعضهما . هذا الجرم هو الأرض .

لنتصور أننا في منطقة النهار . و بعد ساعات سغشى الليل هذه المنطقة ، لكنه لا يغشاها بشكل عادي بل يكور تكويراً ، أي ينحني بشكل كروي ن و من البديهي أن المنطقة يجب أن تكون كروية ليمكن فهم الكلام .

كانت الانسانية تجهل هذا إلا بعض التخرضات . فكيف عرفه محمد صلى الله عليه و سلم و أقره ؟!.

و قال جل و علا :

\\\” و هو الذي مدَّ الأرض و جعل فيها رواسي …\\\”. الرعد (3)

\\\” و الأرض مددناها و ألقينا فيها رواسي ..\\\” سورة الحجر (19).

كيف تكون الأرض ممدودة ؟ و ما معنى ذلك ؟ .

\\\” معنى ذلك أننا مهما سرنا فيها فستبقى ممدودة أمامنا ، لن تنتهي فيها إلى حاجز يحول دون ما وراءه ، أو هوة أبدية نقف عندها عاجزين .

فلنسر في أي اتجاه نريد، و لتسر الليالي و الشهور و السنين و العمر كله ، و سنبقى نسير و ستبقى ممدودة ، ولا يوجد شكل من الأشكال الهندسية تتحقق فيه هذه الحالة إلا الشكل الكروي ، فيحثما سرت عليه يبقى ممدداً أمامك، و أي شكل آخر لا يمكن أن يححق معنى هذه الآية \\\”.

و لقد أشار كثير من المفسرين و الفقهاء المسلمين إلى كروية الأرض مم فهموه من كتاب الله عز و جل من ذلك :

أشار ابن القيم الجوزية في كتابه : التبيان في أقسام القرآن \\\” أن الأرض كروية .

و أوضح كذلك الإمام الفخر الرازي في تفسير مفاتيح الغيب : إلى كروية الأرض قال : إن مد الأرض هو بسطها إلى ما لا يدرك منتهاه ، و قد جعل الله حجم الأرض عظيماً لا يقع البصر على منتهاه ، و الكرة إذا كانت في غاية الكبير كان كل قطعة منها تشاهد كالسطح المستوي الامتداد \\\”.

و كذلك ابن تيمية : في كتاب \\\” الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح \\\” قال : أعلم أن الأرض الأرض قد اتفقوا إلى أنها كروية الشكل و ليست تحت وجه الأرض إلا وسطها و نهاية التحت المركز و هو الذي يسمى محيط الأثقال \\\”.

و لم يشاهد الإنسان الأرض في شكلها الكروي و هي تسبح في الفضاء السماوي إلا عندما اطلق الروس القمر الصناعي الأول \\\” سبوتنيك \\\” في مداره حول الأرض في أكتوبر 1957م و استطاع العلماء الحصول على صور جيدة لكوكب الأرض بواسطة آلات التصوير التي كانت مثبتة في القمر الصناعي و في عام 1966 م هبط القمر الصناعي \\\” لونيك 9\\\” بأجهزته المتطورة على سطح القمر ،و أرسل لمحطات الاستقبال على الأرض صوراً عن كوكب الأرض .

فكيف عرف محمد صلى الله عليه و سلم ذلك ؟!

المرجع :

الاسلام و الحقائق العلمية تأليف : محمود القاسم

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم أ. د حسن أبو العينين

إشارات قرآنية لتحديد عمر الكون

لقد ذكر القرآن الكريم في كثير من آياتـه أن الله تعالى خلق الكون في ستـة أيان كمـا في قوله سبحانـه : \\\” و لقد خلقنا السماوات و الأرض في ستة أيام و ما مسنا من لغوب \\\” سورة ق 38.

أما عن الأيام فالمقصود بها مراحل أو حقب زمنية لخلق الكون و ليست الأيام التي نعدها نحن البشر بدليل عدم وجود عبارة \\\” مم تعدون \\\” في جميع الآيات التي تتحدث عن الأيام الستة للخلق كما في قوله تعالى : \\\” و هو الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام \\\” هود 7.

\\\” و الله الذي خلق السماوات و الأرض و ما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي و لا شفيع أفلا تتذكرون يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون \\\” السجدة 4 ـ 5 .

و هنا نلاحظ أن اليوم في السجدة آية (4) يمثل مرحلة من مراحل الخلق أما اليوم في الآية (5) فهو من آياتنا التي نعدها بطلوع الشمس كل يوم و السؤال الآن هو ما هي هذه الأيام أو المراحل الستة و كيف يمكن تقسيمها كونياً ؟ .

و العلم يقدر عم الكون بين 10 ـ 20 مليار سنة .

الإشارة القرآنية :

قال تعالى : \\\” قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق \\\” فصلت 9ـ 12

طبقاً لهذه الآيات فإن الأيام الستة للخلق قسمت كما أجمع المفسرون إلى ثلاثة أقسام متساوية كل قسم يعادل يومين من أيام الخلق بالمفهوم النسبي للزمن .

أولاً : يومان لخلق الأرض من السماء الدخانية الأولى ( خلق ارض في يومين ) و يقول تعالى ( أولم يرى الذي كفروا أن السماوات و الأرض كانتا رتقاً ففتقناهما ) الأنبياء 30.

ثانياً : يومان لتسوية السماوات السبع :

\\\” ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقضاهن سبع سماوات في يومين \\\” و هذا يشير إلى الحال الدخانية للسماء بعد الانفجار الكوني العظيم بيومين حيث بدأ تشكل السماوات فقضاهن سبع سماوات في يومين .

ثالثاً : يومان لتدبير الأرض جيولوجياً و تسخيرها للإنسان : قال تعالى :\\\” و جعل فيها رواسي من فوقها \\\” مما يشير إلى جبال نيزكية سقطت و استقرت في البداية على قشرة الأرض فور تصلبها بدليل قوله \\\” من فوقها \\\” ز

\\\” و بارك فيها أقواتها \\\” أي قدر أرزاق أهلها .

\\\” في أربعة أيام سواء للسائلين \\\” أي تمام أربعة أيام كاملة متساوية بلا زيادة و لا نقصان للسائلين من البشر عن مدة خلقها و ما فيها و يرى جميع المفسرين أن هذه الأيام الأربعة تشمل يومي خلق الأرض و يومي التدبير الجيولوجي لها و يتضح مما سبق :

1 ـ تساوي الأيام زمنياً و إلا لما أمكن جمعها و تقسيمها إلى ثلاثة مراحل متساوية .

2 ـ التدبير الجيولوجي للأرض حتى وصول السائلين (الإنسان ) أستغرق يومين من أيام الخلق الستة أي أستغرق ثلث عمر الكون .

و حيث أن التدبير الجيولوجي للأرض منذ بدء تصلب القشرة الأرضية و حتى ظهور الإنسان قد استغرق زمناً قدره 4.5 مليار سنة طبقاً لدراسة عمر الأرض إذاً

عمر الكون =4،5 * 3= 13،5 مليار سنة و هذا الرقم يقارب ما توصلت إليه وكالة الفضاء الأمريكية ناسا مؤخراً و ذلك باستخدام مكوك فضائي مزود بمجسات متطورة جداً لدراسة الكون حيث قدرت عمر الكون بـ 13،7 مليار سنة .

الصفحة الرئيسية
المصدر :

الكون و الإعجاز العلمي للقرآن تأليف الأستاذ منصور حسب النبي

موقع قناة الجزيرة( ناسا تعلن تمكنها من كشف عمر الكون) الأربعاء 11/12/1423هـ الموافق 12/2/2003م،

الشمس ضيائاً

قال تعالى : ( و هو الذي جعل الشمس ضياءً و القمر نوراً ) يونس 5 .

الضياء هو الذي ينبثق مباشرة من جسم مشتعل مضيء بذاته و حين يسقط هذا الضياء على جسم معقم ينعكس نوراً .

هذا التفريق الدقيق بين الضياء و النور قبل ما يزيد على ألف و أربعمائة سنة مما يشهد للقرآن بالمعجزة العلمية لأن المنطق السوي يقول هل كان يستطيع أحد في هذا الزمن البعيد أن يفرق هذا التعريف العلمي الدقيق بينهما إلا الخالق سبحانه و تعالى .

المصدر :

من آيات الإعجاز في القرآن الكريم الدكتور زغلول النجار

إعجـاز سـورة الحـديـد

في هذه السورة إعجاز علمي و إعجاز عددي في آية واحدة، أما الإعجاز العلمي فهو قول الله جل وعلا: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) فكنت أقول الله يخبرنا عن أن الحديد نزل من السماء، لكن نحن نستخرج الحديد من الأرض، فكان المقدَّر أن يقال خلقنا الحديد لا (أنزلنا الحديد) ووجدنا بعض المفسرين –رضوان الله عليهم- يقولون يعني –جزاهم الله خيراً- أنزلنا بمعنى خلقنا، فيرد عليهم آخرون من المفسرين قالوا:لا، لو أراد الله أن يقول خلقنا لقال خلقنا ولكنه قال أنزلنا، فلما قابلت البروفيسور (أرمسترونج) من أميركا وهو أحد أربعة في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وسألته هذا السؤال قلت له: أخبرني كيف خلق الحديد في الأرض؟ قال: الحديد يستحيل أن يكون خلق في الأرض، الحديد لابد أن يكون قد خلق في السماء ونزل إلى الأرض، لماذا؟ قال: لأن تكوين ذرة حديد واحدة لما حسبناها وجدنا أنها تحتاج إلى طاقة مثل طاقة المجموعة الشمسية أربع مرات، فالحديد عنصر وافد من الكون.

أما الإعجاز العددي يقول بعض الباحثين:نحن عندنا معجزة في الحديد، لكن من الناحية الرقمية، فيقولون الحديد له وزن ذري ومعه خمسة أوزان ذرية، الوزن الذري الأوسط 57، وزن الذرة 57، افتح المصحف.. إذا فتحت أي مصحف الآن ستجد سورة الحديد رقمها في المصحف 57، فيقولون الوزن الذري.. الوزن الذري 57 ورقم سورة الحديد 57، ثم يقولون العدد الذري.. العدد الذري شيء.. 26 للحديد، العدد الذري 26، آية سورة الحديد.. آية الحديد في سورة الحديد رقمها 26 إذا حسبنا البسملة آية، فيقولون هل هذه مصادفة أن يكون رقم السورة هو الوزن الذري ورقم الآية هو العدد الذري؟!

عن محاضرة للشيخ عبد المجيد الزنداني في قناة الجزيرة بتصرف

24/02/2002

مكة المكرمة سرة الأرض

يروى عن بن عباس قوله لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق الله السماوات و الأرض بعث ريحاً فصفقت الماء فأبرزت عن خشفة واحدة في موضع البيت كأنها قبة فدحا الله الأرض من تحتها فأوتدها بالجبال .

أول ما خلق الله في الأرض مكان الكعبة ، ثم دحا الأرض من تحتها ‘ فهي سرة الأرض ووسط الدنيا ،و أم القرى أولها الكعبة .

و يذكر أن عالما أمريكياً أثبت باستخدام أجهزة علمية حديثة في دراسة له عن مواقع الطبوغرافية عن الكوكب الأرضي أن الإشعاعات الكونية تتلاقى عند مكة المكرمة أي إن مكة نقطة الالتقاء الباطنية في الأرض للإشعاعات الكونية .

و قد قام العالم المعاصر الدكتور حسين كمال الدين أحمد إبراهيم أستاذ الهندسة المساحية و الفلك الكروي في جامعات القاهرة و أسيوط و الملك السعود ،منذ نحو عشرين عاماً أثناء عمله بجامعة الملك سعود بإثبات أن مكة المكرمة هي مركز الكرة الأرضية و ذلك أثناء دراسته لمواقيت الصلاة في العالم فقام بالإسقاط المساحي المكي للعالم ، و هو البحث عن خرائط مرسومة بطريقة خاصة تساعد على معرفة اتجاه القبلة للصلاة في أي مكان على سطح الكرة الأرضية ،وأنه عندما تم توزيع حدود القارات الأرضية السبع على خريطة الإسقاط وجد أن الحدود الخارجية لهذه القارات بجميعها تشكل محيط دائرة واحدة مركزها عند مدينة مكة المكرمة أي مكة المكرمة تعد مركزاً وسطاً للأرض اليابسة ‘ على سطح الكرة الأرضية .

المرجع

كتاب الكعبة المشرفة سرة الأرض ووسط الدنيا تأليف د . أحمد السيد دراج القاهرة دار العلم و الثقافة 1999م.

مصير الشمس على ضوء القرآن

إن عملية اندماج نوى ذرات الهيدروجين لإنتاج الهيليوم في باطن الشمس يمكن أن تستمرّ لبضعة آلاف الملايين من السنين , إلاّ أن نفاد الهيدروجين من قلب الشمس ووفرة الهيليوم داخله تؤدي إلى حصول لا تجانس واضح في توزيع المادة فإن الهيليوم أثقل من الهيدروجين بأربع مرات , وهذا يعني اختلال كثافة مادة النجم وفقدان التوازن .. لذلك لا بدّ من حركة شاملة لإعادة توازن جسم الشمس .. ويحصل هذا إذا ينتفخ الجزء الخارجيّ من مادة الشمس انتفاخا هائلا فيما يتقلص اللبّ .. وعندئذ يتغير لون الشمس إلى الأحمر .. وبانتفاخها هذا تصبح عملاقا هائلا يبتلع الكواكب الثلاثة الأولى عطارد والزهرة والأرض … وإذ تضعف القوى الداخلية في اللب ّ , فإن القشرة الخارجية المنتفخة لا تستطيع أن تسند نفسها على شيء فينهار جسم الشمس على بعضه في عملية تسمى ( التكوير ) , وذلك بسبب جاذبية أجزائه بعضها للبعض الآخر , مما يجعلها تنكمش انكماشا مفاجئا وسريعا وهنا نفهم معنى قوله تعالى : ( إذا الشمس كورت ) سورة التكوير – فالشمس آيلة إلى التكوير .. حتى تصير قزما أبيض وهذا ما يحصل بالضبط أثناء الانهيار الجذبيّ , إذ تتجمع مادة النجم على بعضها وتدور . لذلك استخدم كلمة ( تكوير) مصطلحاً عربياً لما هو مقصود بالضبط في جملة – الانهيار الجذبيّ .

المصدر :

عن كتاب الدكتور رفيق أبو السعود إعجازات حديثة ( علمية ورقمية )

الطواف حول الكعبة

فرض الله الحج و العمرة بمكة المكرمة خاصة جعلها الله تعالى فيها .

و من كرامات هذا المكان أن الله قد اختصه بأن يكون أول مكان يعبد فيه الله على الأرض ، و في كلا الشعيرتين .

الحج و العمرة يطالب المسلم بالطواف حول البيت الحرام سبعة أشواط بدءاً من الحجر الأسود و انتهاءً بالحجر الأسود ،و هذا الطواف يتم في عكس عقارب الساعة ، و هو نفس اتجاه الدوران الذي تتم به حركة الكون من ادق دقائقه إلى أكبر وحداته ، فالإلكترون يدور حول نفسه ، ثم يدور حول نواة الذرة في نفس اتجاه الطواف عكس عقارب الساعة ،و الذرات في داخل السوائل المختلفة تتحرك حركة موجبة .

حتى في داخل كل خلية حية تتحرك حركة دائرية ، البروتوبلازم يتحرك حركة دائرية في نفس الاتجاه الأرض تدور حول الشمس و القمر يدور حول الأرض ،و المجموعات الشمسية تدور حول مركز المجرة ، و المجرة تدور حول مركز تجمع مجري ،و التجمع المجري يدور حول مركز الكون لا يعلمه إلا الله عكس عقارب الساعة.

و كذلك أن البيضة عندما تخرج من المبيض إلى قناة الرحم، قناة (فالوب) في رحلتها إلى الانغراس في بطانة الرحم تدور حول محورها بعكس اتجاه عقرب الساعة وهي تحيطها الحيوانات المنوية في دوران عكس اتجاه عقرب الساعة، مثل دوران الحجيج أو الطواف حول الكعبة و من الغريب أيضاٍ في كافة أجسام الكائنات الحية و هي تتكون من البروتينات و هي جزيئات معقدة للغاية لبناتها الأحماض الأمينية ، وهي مكونة من خمسة عناصر ( الكربون ـ الهيدروجين ـ الأكسجين ـ الكبريت ـ النتروجين )هذه العناصر تترتب حول ذرة الكربون تترتب ترتيباً يسارياً أي نفس اتجاه الطواف حول الكعبة .

المصدر :

من آيات الإعجاز في القرآن الكريم الدكتور زغلول النجار

الماء و الحياة

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد و على آله وأصحابه أجمعين .

لما خلق الله سبحانه و تعالى الأرض و السماء و أراد أن يخلق الإنسان على هذه الأرض خلق له الماء الذي فيه قوام حياته و حيات من حوله من الكائنات الحية .قال الله عز و جل

( ألم يرى الذين كفروا أن السماء و الأرض كانتا رتقاً ففتقناهما و جعلنا من الماء كل شئ حي ).

و الماء هو مادة الحياة وإكسيرها السحري الذي بدونه لاستحالت الحياة على سطح هذا الكوكب .

و لقد ذكر الله تعالى الماء في القرآن الكريم منكراً \\\” ماء \\\” 33 مرة و ذكره معرفاً \\\” الماء \\\” 16 مرة .

وأمتن الله على المؤمنين أن أنزل عليهم الماء الذي فيه قوام حياتهم قال تعالى:

{9} هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْه شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ {10} يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُل الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {11} ِّ سورة النحل

ووصف الله الماء على أنه مباركاً أي أنه كثير العطاء قال الله تعالى : 8} وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّات وَحَبَّ الْحَصِيدِ {9} سورة ق.

ٍوذكر الله تعالى أن إنزاله الماء من السماء و إحيائه الأرض بعد موتها هو دليل و آية على وجود الله قال تعالى :

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ والنهار والفلك الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّر ِبَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لقوم يعقلون {164} سورة البقرة و قال تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْق خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْض بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {24} سورة الروم

َو أمتن الله على الكافرين بأن جعل من الماء كل شيء حي قال تعالى :{29} أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ {30} سورة الأنبياء.

و ذكر الله الماء على أنه من نعيم الجنة و أن أهل النار يعذبون بحرمانهم منه قال تعالى :{49} وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ {50} الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا

وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ {51} سورة الأعراف

كما ذكر الله الماء على أنه جند من جنود الله و وسيلة لإهلاك الكافرين قال تعالى :

{39} حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْل وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ {40} وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {41} وَهِي تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَان فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ {42} قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِم الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَان مِنَ الْمُغْرَقِينَ {43} وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيل بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {44} سورة هود

و قال تعالى :{8 } كذبت قبلهم قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ {9} فدعا ربه أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ {10} فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ{11} وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ {12}وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ

{13} تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كان كفر {14} وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ {15} فَكَيْفَ كان عذابي وَنُذُرِ {16} وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر سورة القمر.

و ذكر الله إحدى فوائد الماء و هي التطهير قال تعالى :

{10} إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّل عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْز الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ {11} سورة الأنفال و قال تعالى : وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا {48} سورة الفرقان

و أمرنا الله بالوضوء عند كل صلاة والاغتسال بالماء عند كل جنابة قال تعالى : أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغسلوا وجوهكم وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُم وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِط أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّه لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُم وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {6} سورة المائدة .

وقد أمرنا رسول الله بالاقتصاد في استعمال الماء و عدم الإسراف ورد عنه صلى الله عليه و سلم : مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ مَا هَذَا السَّرَفُ فَقَالَ أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ قَالَ نَعَمْ وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَار ابن ماجة 419 .

تكوين الماء :

يتألف الماء من جزيئات متلاصقة متماسكة ، يتكون الجزيء الواحد من ارتباط ذرة أوكسجين مع ذرتين من الهيدروجين ، و يتم هذا الارتباط وفق رابطة تشاركيه قوية قيمتها 30 ــ 100 كيلو حريرة / مول .

منشأ الماء :

ظهرت العديد من النظريات لتفسير أصل الماء على سطح الكرة الأرضية ، من هذه النظريات

أ ـ نظرية المياه الكونية المنشأ :

تتلخص هذه النظرية بأن الماء أتى إلى الأرض من الفضاء الخارجي ، و تفيد بأن هناك تيارات من الأشعة الكونية تتحرك دائماٍ في الفضاء الكوني مكّونة من جسيمات ذات طاقة ضخمة جداً ، تحتوي على نوى ذرات اليدروجين ، أي على البروتونات ، لدى حركة كوكب الأرض أثناء دورانه حول نفسه و حول الشمس تخترق هذه البروتونات جو الأرض ، و تحصل على الإلكترونات الضرورية ، وتتشكل ذرة الهيدروجين ، حيث تتفاعل مباشرة مع الأوكسجين مشكلة جزيئات على ارتفاعات كبيرة ، و في ظل درجات حرارة منخفضة ، تتكاثف على جسيمات من الغبار الكوني مكونة سحباً فضية ، حيث يعتقد العلماء أيضاً بأن الماء المتشكل بهذه الطريقة خلال التاريخ الطويل الذي مرت به الكرة الأرضية أثناء تشكلها يكفي لملء المحيطات كافة على سطح هذه الأرض

و لقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم هذه الظاهرة أنه سبحانه أنزل من السماء الماء و ذكر مادة الماء منكرة دون تعريف ليدل على أن عموم جنس الماء نزل من السماء وذلك في أكثر من عشرين آية

1 ـ {21} الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَج بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُم تَعْلَمُونَ {22} سورة البقرة

2ـ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَار وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّه مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا

ُ مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّر بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {164}سورة البقرة

ِ3 ـ {98} وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَل مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْه خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ

لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {99} سورة الأنعام

5 ـ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّل عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْز الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ {11} الأنفال

َ6 ـ أَنزَلَ مِن السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِك يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ {17} الرعدِ

7 ـ{31} اللّهُ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَج بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ {32} إبراهيم

َ8 ـ {21} وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَه بِخَازِنِينَ {22} الحجر

ُ9 ـ {9} هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْه شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ {10} النحل

ُ10 ـ وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِك لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ {65} النحل

َ11 ـ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَل مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى {53} طه

َ12 ـ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ الْأَرْض مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ {63} الحج

ُ13 ـ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَاب13 . وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَاب بِهِ لَقَادِرُونَ {18}المؤمنون

ٍ14 ـ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا

{48} الفرقان.

ْ15 ـ {62} وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ {63}العنكبوت

16 ـ { 23} وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْق خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْض بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {24} الروم

17 ـ {9} خَلَق السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيد بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ {10} هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {11} لقمان

18 ـ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ {27} فاطر

19 ـ {20} أَلَمْ تَر أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُم يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُم يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ {21} الزمر

َّ20 ـ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ {11} الزخرف

21 ـ {8} وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّات وَحَبَّ الْحَصِيدِ {9} .

ب ـ نظرية المياه أرضية المنشأ :

تتخلص هذه النظرية بأن الصخور المكونة للطبقة الواقعة بين نواة الأرض و القشرة الأرضية ( طبقة السيما ) كانت تنصهر في بعض المواقع تحت تأثير الحرارة الناشئة عن التفكك الإشعاعي للنظائر المشعة ، حيث تنطلق منها مكونات طيارة كلآوزون و الكلور و مركبات الكربون المختلفة و الكبريت ، و أكثرها أبخرة الماء .

كانت هذه المكونات تقذف إلى الطبقات السطحية أو على السطح بواسطة الثورات البركانية خلال تاريخ الأرض الطويل ، و تكفي هذه الكمية لملء جميع المحيطات على سطح الكرة الأرضية.

و قد أشار القرآن إلى تلك الحقيقة قبل ألف و أربعمائة سنة حينما قال : و الأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها مائها و مرعاها .

أهمية الماء

يشكل الماء 70% من مساحة اليابسة ويشكل الماء 65% من وزن الإنسان و الكائنات الحية كما للماء دور كبير في سير التفاعلات الكيميائية داخل أجسام النباتات و الحيوانات وذلك من أجل الحصول على الطاقة وللماء دور في تغير سطح الأرض من خلال عمليات الحت

.

خواص الماء الكيميائية و الفيزيائية :

1 ـ إن البناء الفريد للماء يجعل جزيئاته متماسكة و مرتبطة بروابط هيدروجينية ، و يصبح كل جزيء مرتبطاً بأربعة جزيئات مجاورة ، و كل منها بأربعة ، و هكذا تبدوا جميع الجزيئات مرتبطة ببعض في شبكة فراغية متماسكة ، و لولا هذا لكانت درجة غليان الماء (-80م) و درجة تجمده ( -100 م ) و لاستحال جود الماء على شكل سائل وصلب على سطح الأرض و لاستحالت الحياة فمن غير الله يعرف خواص كل من الأوكسجين و الهيدروجين و يعلم أنه إذا شكلا جزيئاً فإنه لن يتواجدا بحالة سائلة أو صلبة إلا إذا كانت الرابطة التي تربط بينهما رابطة هيدروجينية قوية .

2 ـ من المعلوم أن درجة غليان الماء مرتفعة و ذلك لقوة رابطته التشاركية لذلك فهو يمتص قدرة حرارية كبيرة لكي يتبخر حيث كل غران من الماء السائل يحتاج إلى 540 حريرة ليتحول إلى بخار و هذه الخاصية تعطي الماء دوراً فريداً في نقل القدرة من مكان لآخر ، فالماء الذي يتبخر من المحيطات تسوقه الرياح مئات و آلاف الكيلومترات إلى أماكن باردة فعند تبرد البخار و تحببه و تساقطه على شكل قطرات مطر ينشر معه الطاقة التي أمتصها أثناء تبخر ه فيساهم في رفع درجة الحرارة في تلك المناطق و تلطيف حرارة الجو و كذلك في أثناء تساقط الثلوج فكم هذه الحرارة المنتشرة كبيرة إذا علمنا أنه يتبخر كل عام 520 ألف كيلوا متر مكعب من الماء .

3 ـ و هناك خاصة فريدة أخرى للماء تتمثل بتمدد الجليد أثناء تجمده فيطفوا على سطح الماء ، ولهذه الخاصية البديعة فائدة عظيمة لتلك الكائنات المائية التي تعيش في المناطق الباردة و المتجمدة فعندما تنخفض درجة حرارة الماء في فصل الشتاء في الأحواض المائية ( نهر _بحيرة _ بحر… ) نتيجة انخفاض درجة حرارة الغلاف الجوي المحيط تتجمد طبقة الماء السطحية فتتمدد و تزداد كثافتها فتطفوا على سطح الماء و تشكل عازلاً طبيعياً بين الغلاف الجوي البارد والماء أسفل الحوض فتساهم تلك الخاصة في خفض درجة حرارة الماء واعتداله مم يحول دون تجمد الحوض المائي فيساهم هذا العازل الطبيعي إضافة إلى الحرارة المنتشرة من تجمد الجليد على تلطيف حرارة الماء و المحافظة على حياة الأحياء المائية و تجنيبها خطر التجمد و الموت .

4 ـ نتيجة لقوى التجاذب بين جزيئات الماء يلاحظ أن قيمة التوتر السطحي للماء عالية جداً و تبلغ 72 ميلي نيوتن /المتر و هي تفوق الضغط الجوي فهذه الخاصة هي التي تجعل الماء يرتفع بنفسه في الأوعية الشعرية في الأشجار و تعرف بالخاصة الشعرية فيحمل الماء من خلالها الغذاء إلى الخلايا النباتية حتى ارتفاعات عالية ، كما أنها هي المسئولة عن تحريك الماء في المسامات و الفراغات و الأقنية و الشقوق الدقيقة في التربة و الصخور نحو الأعلى حتى تتساوى قوة التوتر السطحي للماء مع قوة الجاذبية الأرضية مم يسهل على جذور النباتات الحصول على الماء في المناطق الجافة و الصحراوية .

5 ـ تعد قيمة ثابت العزل الكهربائي للماء عالية جداً و نحو ( 80 ) في جزيئات الماء تكون مراكز الشحنات الموجبة و السالبة منزاحة كثيراً عن بعضها البعض، فنلاحظ أنه عند غمر جسم ما ف بالماء أن القوى الناشئة بين الجزيئات أو الذرات على سطحه تضعف تحت تأثير الماء مئة مرة تقريباً ، فإذا أصبحا الرابطة بين الجزيئات غير قادرة على مقاومة فعل الحركة الحرارية بدأت جزيئات الجسم أو ذراته بالانفصال عن سطحه و الانتقال إلى الماء ، و بدأ الجسم عندئذ بالذوبان حيث يتفكك إلى جزيئات مستقلة كما يحدث للسكر عند ذوبانه في كأس من الشاي أو يتفكك إلى جسيمات مشحونة ( أيونات ) كما يحدث لملح الطعام .

و يعتبر الماء ، بفضل ثابت عزله الكهربائي الكبير جداً،ن من أقوى المذيبات

( المحلات ) ، فباستطاعته أن يذيب أي صخر كان على سطح الأرض ، و الماء يفتت ببطء الغرانيت و يسحب أو يمتص منه الأجزاء السهلة الذوبان .

تحمل مياه الأنهار و الجداول والسواقي الشوائب المنحلة فيها و تقذف بها في المحيطات التي تتراكم فيها الأملاح و الشوائب على مدى العصور ،لذلك تكون مياه البحار و المحيطات مشبعة بالأملاح و المعادن و الشوائب التي بدورها تمنع المياه من أن تتسنه وتتنتن تتحول إلى مستنقعات فتموت بالتالي معظم الأحياء البحرية .

و لهذه الخاصة أهمية كبيرة للنبات فالماء يذيب الأملاح و المعادن و الشوائب الضرورية لحياة النبات التي تنتقل عبر الأنابيب الشعرية إلى الخلايا النباتية فتبارك الله أحسن الخالقين .

المـراجــع :

القرآن الكريم
بعض كتب الحديث
الماء تلك المادة العجيبة تأليف البر فسور إ . بتريانوف أستاذ في معهد مندلييف في موسكوا.

علم المياه تأليف الدكتور جهاد على الشاعر

معجزة الأرقام في القرآن الكريم

إن معجزة الأرقام في القرآن الكريم موضوع مذهل حقاً ، و قد بدأ بعض العلماء المسلمين ، أمثال الأستاذ عبد الرزاق نوفل ، و غيره بدراستها منذ مدة قريبة لا تزيد عن العشرين عاماً ، و لولا الآلات الإحصائية و العقول الكترونية ما أمكن دراسة و إنجاز هذا الإعجاز الرياضي الحسابي المذهل . فهذا الإعجاز مؤسس على أرقام ، و الأرقام تتكلم عن نفسها ، فلا مجال هنا للناقشة أو إبداء النظريات المتناقضة ، كما لا يمكن إيجاد أي حجة لرفضها ، وهي تثبت إثباتاً لا ريب فيه أن القرآن الكريم هو لا شك من عند الله ، و أنه وصلنا سالماً من أي تحريف أو زيادة أو نقصان . لأن نقص حرف واحد أو كلمة واحدة أو بالعكس ، زيادتها ، يخل بكل النظام الحسابي للقرآن . و قد شاء الله تعالى أن تبقى معجزة الأرقام سراً حتى اكتشاف العقول الإلكترونية ، وهذا ما يفسر الآية الكريمة رقم 54 من سورة فصلت : \\\” سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق \\\” .

و جاءت الأخبار من العالم الغربي ، أن الإعجاز العددي للقرآن الكريم وضع موضع دراسة و اختبار . كما بدأت تعقد مؤتمرات في العالم العربي و الإسلامي ، تبحث عن الإعجاز العملي و العددي للقرآن و إليكم بعض ما أكتشف من الإعجاز العددي لبعض الكلمات الواردة من القرآن الكريم نقلاً عن كتاب الأستاذ عبد الرزاق نوفل :

الحياة تكررت 145مرة ………. الموت تكررت 145مرة

الصالحات تكررت 167 مرة ……. السيئات تكررت 167مرة

الدنيا تكررت 115مرة ………الآخرة تكررت 115مرة

الملائكة تكررت 88 مرة ……….الشيطان تكررت 88 مرة

المحبة تكررت 83 مرة ……….. الطاعة تكررت 83 مرة

الهدى تكررت 79 مرة ………..الرحمة تكررت 79 مرة

الشدة تكررت 102 مرة ……….الصبر تكررت 102 مرة

السلام تكررت 50 مرة ………..الطيبات تكررت 50 مرة

الجهر العلانية 16مرة ……….. العلانية تكررت 16مرة

إبليس تكررت 11 مرة ……… الاستعاذة بالله تكررت 11مرة

الرحمن تكررت 57مرة ….الرحيم تكرر 114 مرة أي الضعف

الجزاء تكررت 117مرة ……المغفرة تكرر234مرة أي الضعف

الفجار تكررت 3مرة ………..الأبرار تكرر 6مرة أي الضعف

العسر تكررت 12مرة….. ..اليسر تكرر36مرة أي ثلاثة أضعاف

قل تكررت 332 مرة ……………. قالوا تكررت 332مرة

لو تدبرنا عدد حروف لفظ الدنيا لوجدناها ستة حروف، و أيضاً حروف لفظ الحياة هي ستة حروف و عناصر الدنيا .. هي السماوات و ما فيها .. و الأرض و ما عليها ، فهذه تشير إلهيا …. و تعتمد عليها … و قد قرر القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى قد خلقنا في ستة أيام أي ست مراحل و ذلك بمثل النص الشريف :

\\\” و لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين . ثم خلقنا النطفة علقة ، فخلقنا العلقة مضغة ، فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين\\\” ( سورة المؤمنون 12ـ 14)

أي الدنيا و لفظها يتكون من ستة حروف خلقت في ستة مراحل و الإنسان و حروفه سبعة خلق في سبع مراحل .

و نجد أن فاتحة الكتاب وهي أول سور المصحف الشريف و نصها :

\\\” بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين . إياك نعبد و إياك نستعين . اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين \\\” .

تتكون من سبع آيات بما فيها البسملة اعتبرت آية ..و هذه تتكرر في كل السور ماعدا سورة (براءة ) ..و لا تعبر فيها كلها أنها آية .. فالفاتحة سبع آيات بالبسملة وست بغير البسملة , و آخر سور المصحف الشريف هي سورة الناس و نصها :

\\\” قل أعوذ برب الناس . ملك الناس . إله الناس . من شر الوسواس الخناس . الذي يوسوس في صدور الناس . من الجنة و الناس \\\” ( سورة الناس 1ـ 6) .

تتكون أيضاً من ستة آيات بغير البسملة :

و العدد سبعة ، سبق الحديث عن بعض ما ورد فيه ، و جاء به ، و أسند إليه ، في القرآن الكريم ، و ذلك في مجموعة الإعجاز العددي للقرآن الكريم . أما الإضافة إلهيا ، فهي أن الإنسان و لفظه ، يتكون من سبعة حروف و خلق على سبع مراحل يتساوى معه في عدد الحروف ألفاظ القرآن ..و الفرقان …و الإنجيل ..و التوراة .. فكل منها يتكون من سبعة حروف . و أيضاً صحف موسى ، فيه سبعة حروف .و أبو الأنبياء إبراهيم .. يتكون أيضاً من سبع حروف .. فهل هذه إشارة عددية و متوازنة حسابية إلى أن هذه الرسالات و الكتب إنما نزلت للإنسان . . لمختلف مراحله .. و شتى أحواله .. و على النقيض ، نجد الشيطان ..و يتكون لفظه من سبعة حروف .. فهل ذلك تأكيد لعداوته للإنسان في كل مرة … و مختلف حالاته ..و أنه يحاول أن يصده تماماً و كاملاً عن الهداية التي أنزلها الله للإنسان كاملة و شاملة بنبوية إبراهيم و صحف موسى و التوراة و الإنجيل ، والفرقان و هو القرآن …حقاً … و صدق سبحانه و تعالى ( له الأمر ) .. وهذه أيضاً حروفها سبعة . و إذا أردنا شيئاً جل شأنه قال له ( كن فيكون ) و هذه أيضاً حروفها سبعة . خلق فوق الإنسان سبع طرائق بالنص : \\\” و لقد خلقنا فوقكم سبع طرائق و ما كنا عن الخلق غافلين \\\” ( سورة المؤمنون 17).

و جعل لجهنم سبعة أبواب كذلك بالنص الشريف :

\\\” و إن جهنم لموعدهم أجمعون لها سبعة أبواب لكل باب منهم جرء مقسوم \\\” ( سورة الحجر : 43 ، 44 ) .

المصدر :

كتاب إعجازات حديثة علمية و رقمية في القرآن الدكتور رفيق أبو السعود

مراحل تكوين النبات

ـ أنزل الله سبحانه و تعالى الماء فأنبت لنا به النبات .

ـ و بعد الإنبات ينمو النبات و يزداد .

ـ و باليخضور ( الكلوروفيل ) ـ و هو المادة الخضراء في النباتات الشائعة ـ يثبت النبات الأخضر الطاقة الضوئية و يحولها إلى طاقة كيماوية مخزنة داخل النبات .

ـ و بالنبات الضوئي تتغذى معظم النباتات ن و تعطي السيقان ، والجذور ، والأزهار و الثمار ( و هذه العلمية تبدو بسيطة ظاهريا فعندما تشرق الشمس على الأوراق الخضراء يتحول ثاني أوكسيد الكربون و الماء إلى سكر أو كربوإيدرات مكافئ ) و اكسيجين خالص و لكن هذه العلمية لا تتم بهذه البساطة . و قد كان التمثيل الضوئي محلاً لدراسة مستفيضة استمرت قرناً من الزمان تقريباً . و بالرغم من ذلك فإن تفاصيل العمليات الكيماوية التي يشتمل قرناً من الزمان تقريباً . و بالرغم من ذلك فإن تفاصيل العمليات الكيماوية التي يشتمل عليها بدأت تنضح مؤخراً . والعامل الرئيسي للتمثيل الضوئي هو اليخضور هذا الجزيئ المعقد المدهش الذي يقوم بدور أساسي في جهاز إنزيمي معقد للغاية و مترابط بشكل بديع ) (1) .

ـ و بالجذور … و السيقان … و الأزهار .. و الثمار نفرق بين النباتات الخضراء .

ـ و بالدراسة و البحث و الجهد و العمل تثبت الآيات …

قال تعالى: ( وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً و من النخل من طلعها قنوان دانية و جنات من أعناب و الزيتون و الرمان مشتبها و غير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر و ينعه أن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) [ الأنعام : الآيات 99] .

إن هذه الآية الكريمة ـ إلى جانب كونها من دلائل عظمته سبحانه وتعالى ـ لتتضمن إعجازاً قرآنياً ـ فهي منهج متكامل الكلية للنبات و الزراعة ، و يظل المرء يتعلم منها طوال الحياة ثم يموت و لا يصل إلى سر هذه الآية وحدها ، فهي تشرح المراحل المختلفة في حياة المملكة النباتية ، فعند نزول الماء على الأرض يحدث فيها عديد من التغيرات الفيزيقية و الكيماوية مما يؤدي إلى أنبات الجراثيم و البذور و الدرنات و السيقان الأرضية كله ( أخرجنا به نبات كل شيء ) كل ما ينبت و ما هو منتسب إلى النبات سواء كان بذوراً ، أو جراثيم أو حويصلات ، و أية تراكيب أخرى تنتظر سواء كان بذوراً ، أو جراثيم أو حويصلات ، و أية تراكيب أخرى تنتظر نزول الماء و كل هذا يحدث في الحال و بالتتابع دون أن يظهر اللون الأخضر سواء كان النبات متميزاً باليخضور أو بدونه ( نبات كل شيء ) و بدون الحاجة إلى عملية البناء الضوئي ، لأن معظم هذه التراكيب و العضيات بها مخزون من الغذاء يغنيها عن التمثيل الضوئي لدرجة أن البذور يمكن أن تنبت مدة طويلة بعيداً عن الضوء و في غياب اللون الأخضر و لكن لا إنبات بدون ماء حتى ولو توفرت جميع الشروط اللازمة للإنبات ( الحرارية ـ الأكسوجين ـ الحيوية ـ نضج البذور ـ تمضية فترة سكون ـ توافر الغذاء ـ وجود العائل …. الخ ) .

كل شيء ينبت بعد المطر البكتريا ـ الفطريات الطحالب ـ الأرشيحونيات ـ النباتات الزهرية حتى جراثيم و حويصلات بعض الديدان و الحيوانات ثم بعد ذلك ( فأخرجنا منه خضراً ) ظهرت البادرة الخضراء و تكشفت الأوراق و البراعم و استمر الإمداد بالغذاء و تحث أعجب عملية في الكون و هي عملية البناء الضوئي التي لولاها ما كانت على الأرض حياة ( حيث تشرق الشمس صباحاً و يأتي الظهر فتصبح الأرض ساخنة لدرجة عالية قاتلة و إذا أتى الليل ذهبت الحرارة و بردت الأرض ) . لولا النبات و خضرته لملأ ثاني أكسيد الكربون الجو و اختلت نسبة الأوكسجين في الكون و اختفت الحياة تماماً من على الأرض أنظر إلى كلمة ( خضراً ) التي هي إشارة رائعة إلى اليخضورChlrophull و ما و هي من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم . و بعد تكوين الخضر تبدأ مرحلة النمو الخضري للنبات بتكون حاملات الأصباغ و البلاستيدات الخضراء ، وهذا الاخضرار يترتب عليه عملية التمثيل الضوئي ، فيأخذ النبات الماء و ثاني أكسيد الكربون يترتب عليه عملية التمثيل الضوئي ، فيأخذ النبات الماء و ثاني أكسيد الكربون و الطاقة الضوئية ليعطي نباتا كاملاً ( الطور الخضري ) الذي يبدأ في تكشف براعم الأزهار و تكوين هرمون الإزهار و خروج النورات التي تعطي الحبوب المتراكبة ـ و علميات التصنيف الزهري لا يستطيعون الحكم القطعي على نبات زهري جديد ( نوعه ـ جنسه ـ اسمه ) إلا إذا مر بمراحل الإنبات و الإخضرار و الإزهار و الإثمار .

انظر إلى الآية تقول : ( منه خضراً ) و هي تعني أن بعض النباتات بدون يخضور و البعض ينشأ فيها اليخضور بعد ذلك . ( قال المفسرون فيها الحب المتراكب هو ما ينتج من نورات القمح و الشعير و الأرز و هي من النباتات النجيلية التي تعطي نورات ( سنابل ) بها عديد من الأزهار التي تعطي بعد ذلك الحب المتراكب المذكور ) .

و يضع علماء النبات الأزهار المركبة في عائلة تمسى العائلة المراكبة ، ويقولون إن هذه من أفضل الأزهار و أعلاها درجة ، لأن الحشرة الواحدة تزور العديد من الأزهار في وقت واحد و هذا يكون واضحاً في زهرة الشمس و قرصها الملئ بالأزهار والتي تعطي البذور في مجموعات متراصة عجيبة الترتيب و التنظيم .

ثم ذكر الآية بعد ذلك شجرة من أفضل الأشجار ، شجرة من الجنة ، هي النخلة فهي من النباتات عظيمة الفائدة و قد يزرع الكثير منه للزينة و هو ذو أوراق تشبه السمكة مثل جوز الهند ، و منها ما هو رمحي الأوراق لأن أوراقه تشبه راحة اليد ، وبعضها له ساق سميكة و آخر له ساق رفيعة .

كتب قيصر الروم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أما بعد فإن رسلي أخبرتني أن قبلكم شجرة تخرج مثل أذن الفيلة ، ثم تنشق عن مثل الدر الأبيض ثم تخضر كالزمرد الأخضر ، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر ، ثم تنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل ، ثم تينع و تيبس فتكون عصمةً للمقيم و زاداً للمسافر ، فإن تكن رسلي صدقت فإنها من شجر الجنة .

فكتب إليه عمر :

بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى قيصر الروم السلام على من أتبع الهدى ، أما بعد ، فإن رسلك قد صدقتك و إنها الشجرة التي أنبتها الله ـ عز و جل ـ على مريم حين نفست بعيسى ، فاتق الله و لا تتخذ عيسى إلها من دون الله .

ثم يذكر بعد ذلك الرمان و الزيتون ، و يقول المفسرون متشابها في الورق مختلفاً في الثمر ، و فعلاً الزيتون و الرمان لهما أوراق بسيطة رمحية الشكل متقابلة ، و أشجار الزيتون تعمر أكثر من ألفي سنة و تعطي الزيتون الذي يؤخذ منه زيت الزيتون و يؤكل مخللاً .

أما الرمان فهي شجيرات أو أشجار ثمارها جميلة [ أحضرها لي ذات يوم خبير في النبات من تشيكوسلوفاكيا بعد أن اشتراها و كان في زيارة علمية لمصر و قال ما هذه ؟ فسميتها له بالاسم العلمي و عندما فتحها أمامه كادت الدهشة و العجب تخرجان من عينيه و فتح فمه عجباً و أخذ منها لأهله عند عودته كميات كبيرة ) ، ويستعمل غلاف الثمرة في دباغة الجلود لاحتوائه على مادة التانين و منقوع القشر المغلي يستعمل في علاج الدوسنتاريا و ضد الإسهال و طارد للديدان و لب الثمار يهدئ الكحة .

المصدر :

الإعجاز النباتي في القرآن الكريم د . نظمي خليل أبو العطا

الإعجاز التشريعي في القرآن

إذا كان الغربيون يتباهون بأن حضارتهم كانت أول حضارة سبقت و أعلنت حقوق الإنسان رسمياً في مختلف دولها لأول مرة في التاريخ و يتفاخرون بأنهم لأول مرة في التاريخ و يتفاخرون بأنهم في القرن العشرين وضعوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و يعتبرونه النموذج المثالي لهذه الحقوق فإنهم نسوا أو تناسوا أن القرآن الكريم قد قرر هذه الحقوق منذ أربعة عشر قرناً بأسمى مبدأ للبشرية جمعاء يقول تعالى : \\\” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، إن الله عليم خبير \\\”، و الخطاب في هذه الآية موجه للناس جميعاً و أنهم خلقوا على اختلاف أجناسهم و ألوانهم و دياناتهم من رجل واحد و امرأة واحدة و أنهم متساوون في الميلاد و الأصل ، والقرآن بهذه الآية يركز على وحدة الجنس البشري و لا فضل لأحد إلا بالتقوى .

و قد أشتمل القرآن على كثير من المبادئ السامية التي تدل على عظمته و أصالته و منها :

1. مبدأ حرية العقيدة و الرأي في قوله تعالى : \\\” لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي \\\” و قوله تعالى : \\\” قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ، و لا أنتم عابدون ما أعبد ، و لا أنا عابد ما عبدتم ، ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم و لي دين \\\”

2. قواعد عادلة في المعاملات : في قوله تعالى : \\\” يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود \\\” و قوله تعالى :\\\” و أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم و لا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها\\\” و قوله تعالى : \\\” أحل الله البيع و حرم الربا \\\” و قوله تعالى : \\\”يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فكتبوه و ليكتب بينكم كاتب بالعدل \\\” .

3. قوانين الأحوال الشخصية : و هي قواعد عادلة و مستقرة لتعلقها بِأحوال الإنسان الشخصية في الأسرة ، فوضع الشرع لها نظاماً كاملاً مفصلاً في مسائل الزواج و الطلاق و الحمل و العدة و الرضاع و النفقة و الميراث و حقوق الأبناء و ذوي القربى و توسع في أحكامها الكلية و جعلها مرنة و قابلة لاجتهاد المجتهدين من الفقهاء في استنباط أحكامها بما يساير الزمان و المكان .

4. القانون الجنائي : وهو بحق أعظم برهان يدل على عظمة القرآن في تشريعه لجرائم الحدود التي بين نوعها و حدد عقوباتها التي تتمثل فيها العدالة و الحكمة و الرحمة بما فيه الكفاية للردع و الزجر بصورة تكفل الأمن و السلام للعباد و البلاد .

دعائم الشريعة الإسلامية :

لابد لكل تشريع من دعائم يقوم عليها و تساعد على بقائه و دوامه بين الناس راضين بدالته و مطمئنين إلى حكمته و تمشيه مع مصالح الأفراد و الجماعة ، و الشريعة الإسلامية بحمد الله لها دعائمها الثابتة و خصائصها التي تجعل الناس تنقاد إليها عن قناعة و ثقة لأنها تتفق مع الفطرة السليمة و هي فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ، و هي كما تشهد لها جميع الشواهد شريعة تخاطب العقول السليمة و تحض على العمل وتدعو للجهاد في سبيل الله و تنادي بالتسامح و الحرية و المساواة والبر و ا لتقوى .

و من أهم دعائم الشريعة الإسلامية ما يأتي:

1. أنها شريعة سمحة لا تكلف الناس فوق طاقتهم لأن تكاليفها كلها ميسرة لا مشقة فيها في حدود استطاعة كل إنسان، و يقول الله سبحانه و تعالى في وصفها: \\\” ما جعل الله عليكم في الدين من حرج \\\” كما يقول سبحانه:\\\” لا يكلف الله نفساً إلا وسعها \\\”.

2. أنها جاءت شريعة عامة لا نظر فيها إلى حالات فردية أو جزئية أو شخصية.

3. أنها سنت للناس رخصاً عند الضرورة رفعاً للضرر و منعاً للمشقة، فمثلاً فرضت الشريعة الصيام و لكنها رخصت بالفطر للمسافر و المريض و غير ذلك من الرخص.

4. قلة تكاليفها: لأنها اقتصرت على الأركان الخمسة و ما يتصل بها و يقول الرسول صلوات الله و سلامه عليه: \\\”إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدوداً فلا تعتدوها، و حرم أشياء فلا تنتهكوها، و سكت عن أشياء رحمة بكم فلا تبحثوا عنها \\\”.

5. التدريج في الأحكام: لأنها عالجت العادات الذميمة المتأصلة في النفوس بالتدرج في استئصالها شيئاً فشيئاً من غير تشديد و لا تعقيد في النهي عنها و تحريمها، فمثلاً في عادة شرب الخمر جاء الإسلام بالأحكام متدرجة في تحريمها بأسلوب حكيم لم يشعر الناس معه بغضاضة أو حرج أو مشقة.

6. مسايرة مصالح الناس: و ذلك أنه شرع بعض الأحكام ثم نسخها إذا كان في ذلك المصلحة العامة كما حدث في بعض الأحكام الخاصة بالوصية و آيات المواريث، و كذلك تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة بمكة المكرمة، كما أن بعض الأحكام السنة نسخت، فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه الصلاة و السلام أنه قال: \\\” كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترقق القلب و تدمع العين و تذكر بالآخرة \\\”.

أهم المبادئ التي جاءت التي جاءت بها الشريعة الإسلامية:

جاءت الشريعة الإسلامية بالمبادئ الآتية:

1. مبدأ التوحيد: فقد جمع الناس إله واحد. قال تعالى: \\\” قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ألا نعبد إلا الله \\\”.

2. مبدأ الاتصال المباشر بالله دون وساطة فقال سبحانه تعالى : \\\” و قال ربكم ادعوني أستجب لكم \\\” و قوله جل شأنه :\\\” فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان \\\” .

3. مبدأ التخاطب مع العقل: فالتشريع الإسلقال:عل العقول مناط التكليف خصوصاً فيما يتعلق بأمور الدنيا و بمعرفة الخالق لقوله تعالى: \\\” فاعتبروا يا أولي الأبصار \\\” و قوله سبحانه: \\\” أفلا تعقلون ؟ \\\” و يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \\\” إنما يرتفع العباد في الدرجات عند ربهم على قدر عقولهم \\\”

4. مبدأ إحاطة العقيدة بالأخلاق الفاضلة لقوله تعالى : \\\” و عباد الرحمن الذين يمشون في الأرض هوناً و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً . \\\”

5. مبدأ التآخي بين الدين و الدنيا في التشريع فقد جاءت أحكامه بأمور الدين و الدنيا و دعا إليهما مصداقاً لقوله تعالى : \\\” و ابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة و لا تنس نصيبك من الدنيا \\\” .

6. مبدأ المساواة و العدالة بين الناس جميعاً لقوله تعالى : \\\” إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم\\\” و قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبنته : \\\” أعملي يا فاطمة فإني لا أغني عنك من الله شيئاً \\\”.

7. مبدأ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و هو في الحقيقة دستور لجميع نواحي الإصلاح .

8. مبدأ الشورى لقوله تعالى : \\\” و شاورهم في الأمر \\\”.

9. مبدأ التسامح ، وهو من أسمى و أهم ما يعرف اليوم بمبدأ التعايش السلمي .

10.مبدأ الحرية لقوله تعالى : \\\” لا إكراه في الدين \\\”.

11.مبدأ التكافل الاجتماعي فقد جعل الله الزكاة فيها حق الفقير في مال الغني و ليست تفضلاً من الأغنياء على الفقراء.

و هذه المبادئ تدل على متانة بناء التشريع الإسلامي و قوة أركانه و صلاحيته للأحكام في كل زمان و مكان بين جميع الأجناس، و يدل على ذلك أن الأمة الإسلامية ازدهرت و قويت شوكتها حينما كانت تخضع في جميع شؤنها للشرع الإسلامي ، و أنها ضعفت و تفككت حينما انصرفوا عن شريعته و جمد الفقهاء و ركنوا إلى التقليد و حاولوا أن يخضعوا التشريع لأهوائهم و شهواتهم و أدى ذلك على الاستعانة بالقونين الوضعية على اعتبار أن الفقه الإسلامي لم يعد يتفق مع التطورات العالمية و ما تقضيه المدنية الحديثة من مجاراة الدول القوية الغنية .

و قد جاء التشريع الإسلامي بحلول جذرية لكثير من الجرائم التي كانت منتشرة و أوجد لها الحدود التي تكفل القضاء عليها منها :

جريمة قتل النفس

قال تعالى: \\\” و ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ، و من يقتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة و دية مسلمة إلى أهله \\\”.

\\\” و من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ، و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً \\\” .

و قال صلى الله عليه و سلم : \\\” كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه \\\” .

تعتبر الشريعة الإسلامية التعدي النفس من أخطر الجرائم، لأن الإسلام أعلى من شأن الإنسان بقوله تعالى: \\\” و لقد كرمنا بني آدم \\\” و على قدر ما أعلى الإسلام من قدر الإنسان فإنه قد أشتد في العقوبة على من يعتدي على حياة غيره بغير حق، بل إن لإسلام اعتبر قتل النفس الواحدة بمثابة قتل الناس جميعا، وأن إحياء النفس الواحدة بمثابة إحياء النفس الواحدة بمثابة إحياء الناس جميعاً، و قد جعل الله عقاب القاتل كعقاب الكافر.

و بهذا الحكم العادل جعل الشرع القصاص علاجاً يمنع العدوان، إذ لم يجعل الإسلام لدم أحد من الناس فضلاً على دم آخر، بل إن الإسلام ليقتص من الحاكم نفسه إذا اعتدى على أحد من رعيته بالقتل العمد، لأن الإسلام نظر إلى القاتل على اعتبار أنه بفعلته الشنعاء ق سلب القتيل حياته و ترتب على ذلك أنه يتم أطفاله و أيم زوجته و حرم المجتمع من يد عاملة في خدمته كما أنه تحدى بذلك شعور مجتمعه و خرج على نظامه و قوانينه.

و يقص علينا القرآن قصة أول جريمة قتل في تاريخ البشرية تلك هي الجريمة التي قتل فيها قابيل ابن آدم عليه السلام هابيل ظلماً و عدواناً. و ذلك لأن آدم قد أمر والديه أن يتزوج كل منهما توأم أخيه و ألا يتزوج الأخت التي ولدت معه ، و كانت توأم قابيل أجمل من توأم هابيل فأباها على أخيه و أصر على أن يمسكها لنفسه ، على حين أطاع هابيل أمر أبيه الذي هو وحي سماوي ، ثم أنهما اتفقا على أن يحتكما إلى الله بأن يقدم كل منهما قرباناً لله فتقبل الله من هابيل و لم يتقبل من قابيل الذي ثار و لم يرض حكم الله و أصر على موقفه من العناد و سولت له نفسه قتل أخيه فقتله .

و كل ما جرى من هذا النزاع بين الأخوة ما هو إلا شرارة من شرارات الحسد اندلعت في صدر قابيل وشب ضرامها فكانت فتنة عارمة و جريمة قتل شنعاء ، و قد أحزن هذا الاعتداء قلب آدم فقضى أيامه الأخيرة في أيامه الأخيرة في ألم و صبر إلى أن عوضه الله عن هابيل بابنه شيث الذي كان قرة عين له و أعده ليكون خليقة له في النبوة ، فما كبر و اشتد عوده أمره أبوه أن يأخذ الثأر لهابيل بقتل قابيل الذي فر هارباً و عاش طريداً شريداً يتعقبه أخوه شيث إلى أن لقي مصرعه و حق عليه قول الله :\\\” و من قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً \\\”.

و من عدالة الإسلام في تشريعه أن جعل عقوبة القاتل أن يقتل لأن ذلك من الجزاء العادل الذي يستحقه بغير إبطال و لا هوادة و لا بحث في بواعث القتل ، و حتى هؤلاء الذين يقتلون أنفسهم انتحاراً لهم عذاب شديد يوم القيامة لأنهم قنطوا من رحمة الله و لا يقنط من رحمة الله إلا الكافرون .

و لا شك أن رحمة الله عظيمة بفرضه القصاص الذي جعل فيه حياة الناس و أمنهم و منع العدوان بينهم ، لأن من يهم بالقتل و الفتك بغيره و هو يعلم أن في ذلك هلاكه سيتردد و لا يقدم على تنفيذ جريمته فيبقى ذلك الخوف على حياة من يهم بقتله و هلاك نفسه ، و إن من يتدبر قوله تعالى : \\\” و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب \\\” ليجد فيها كل الإعجاز البياني و التشريعي من حيث روعة الأسلوب و روعة المعنى و هما يؤكدان معجزة القرآن الكريم.

جريمة الحرابة

قال تعالى: \\\” إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديه و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك له خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم \\\”.

و قال صلى الله عليه و سلم: \\\” كل المسلم حرام دمه و ماله و عرضه \\\”.

و الحرابة جريمة يعاقب عليها الشرع في إحدى الحالتين الآيتين :

(أ) ـ الاستيلاء على مال الغير مغالبة و في خفاء عن المجتمع .

(ب) ـ قطع الطريق على الناس و منع المرور فيه بقصد السلب و النهب الإخافة و الإرهاب .

و المحاربون هم الذين يجتمعون بقوة و شركة و يحمي بعضهم بعضاً و يقصدون إيذاء الناس في أرواحهم و أموالهم، و يخيفونهم و يثيرون الفزع و القلق في نفوسهم لإخضاعهم لأهوائهم الشريرة.

و قد نص القرآن على عقوبتها بقطع اليد اليمنى و ترك بقية الأطراف سليمة لكي يعمل بها لكسب رزقه من وجه حلال إذا ارتدع، و تجمع هذه العقوبة بين القسوة و الرحمة في آن واحد، و هذا ضرب من الإعجاز في العقوبة و الردع معاً، و قد أحل الشرع بعد ذلك قتله إذ ا تمادى في الجريمة و لم يرتدع، و يعاقب المحارب بالقتل إذا قتل سواء استولى على المال أم لم يستول عليه.

و قد نصت الآية على أنواع أخرى من العقوبات التي توقع على المحاربين الآثمين غير قطع أيديهم و أرجلهم من خلاف، لشل نصف الجسم المجرم عن الحركة و هي قتلهم و صلبهم تشهيراً بسوء عملهم و إذلال لهم.

و من هذه الأحكام تدل دلالة واضحة على أن الشريعة الإسلامية تنظر إلى آثار الجريمة التي فيها اعتداء شنيع على الأبرياء من الرجال و النساء و الأطفال ، و إزهاق أرواحهم و سلب أموالهم و شددت العقوبة بما يناسب ما أحدثته الحرابة من عدوان و ترويع للآمنين ثم إن لهم في الدار الآخرة عذاباً عظيماً هو عذاب الجحيم .

و المقرر في الشريعة الإسلامية أن جريمة الحدود لا يثبت ارتكابها إلا بوسائل إثبات مشددة و محدودة ، و هي في جملتها لا تخرج عن الاعتراف الصريح و الإقرار و البينة ، و يزيد بالبينة شهادة رجلين عدلين و يكون الإقرار في مجلس القضاء أمام القاضي .

و قد أثبت الأيام أن المجتمع الإسلامي عندما طبق أحكام الحدود عاش آمناً مطمئناً على أموله و أعراضه و نظامه ، بل إن المجرم نفسه كان يسعى لإقامة الحد عليه رغبة منه في تطهير نفسه بالتكفير عن ذنبه ، و عندما تهاون المجتمع الإسلامي في تطبيق الحدود و أنساق مع تشريعات الغرب الوضعية و بهره زخرفها الزائف تسرب إليه الفساد و أشاع فيه الإجرام ، و كاد يلحق بدول الغرب في التفنن في أساليب الجريمة .

و يرى التاريخ أن هشام بن عبد الملك من خلفاء بني أمية عطل حدا السرقة والحرابة سنة ، فتضاعفت حوادثها و صار الناس غير آمنين على أنفسهم و لا على أموالهم من النهب و السلب، و استشرى خطر اللصوص في البوادي و الحواضر ، فما تفاقم الأمر و اضطربت الأحوال أعاد هشام بن عبد الملك العقوبة كما شرعها الله تعالى ، فكان الإعلام بالإعادة و حده كافياً لردع المجرمين و صيانة الحقوق و حفظ الأموال و النفوس .

و كان من أبشع جرائم الحرابة في عصورنا الحديثة ما كان يحدث في الحجاز قبل الحكم السعودي لحجاج بيت الله من الاعتداء عليهم و اغتصاب أموالهم و إزهاق أرواحهم ، حتى أن الفقهاء المتأخرين أوجبوا على كل من يخرج للحج أن يكتب وصيته قبل أن يغادر بلده ، و كانت الحكومة في مصر و سوريا ترسل مع بعثاتها للحج الجنود المسلحين لحمايتها ، فلما حكم الجزيرة العربية الملك عبد العزيز آل سعود و نفذ الأحكام الشرعية كما أمر الله و رسوله ، هاب اللصوص و قطاع الطرق عقوبتها الشرعية التي تنفذ فوراً ، حتى أنه ليذكر بالحمد لهذا الملك الراحل أن عدد الأيدي التي قطعت في مملكته لا تزيد على ستة عشر يداً خلال أربعة وعشرين عاماً هي مدة حكمه .

و من الناس من يلهجون باستغلاظ عقوبة الحرابة و يحسبون أنها غير إنسانية ، و أولئك ينظرون إلى العقوبة و لا ينظرون إلى الجناية ، و يرحمون الجاني و لا يرحمون المجني عليه ، و المجني عليه هنا هو الجماعة التي تنهب أموالها وتسفك دماؤها ، و إنه كلما عظمت الجريمة كان لابد من أن تكون العقوبة قاسية و رادعة . والنبي صلوات الله عليه و سلامه يقول : \\\” من لا يرحم لا يرحم \\\” و لو أن عقوبة الحرابة طبقت في أمريكا و أوربا حيث العصابات الدولية لأمن الناس على أنفسهم ، و لما اضطربت الحكومة إلى تجنيد آلاف الجنود و صرف الأموال الطائلة في مطاردة هذه العصابات الآثمة .

جريمة السرقة :

قال تعالى : \\\” و السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من لله و الله عزيز حكيم \\\”

و قال صلى الله عليه وسلم : \\\” كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه \\\” .

\\\” و أيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها \\\” .

السرقة نزعة شريرة تحمل صاحبها على ارتكاب جرائم عديدة فظيعة في سبيل الاستيلاء على مال غيره ، خفية أو كرهاً بدافع من خبث الطبع و فساد المنشأ و سوء التربية ، و هي عوامل تجره إلى ارتكاب جريمة القتل أحياناً إذا أعترضه معترض ، وقد يصل به الإجرام إلى قتل الأب أو الأم أو الأخوة من أجل سلب أموالهم ، و كثيراً ما سولت هذه النزعة الشريرة إلى خلق عصابات من الأشرار تعبث بالأمن في كثير من الدول ، وتستطيع بقوة سلاحها و إرهابها ووسائلها الإجرامية أن تسطو على أموال البنوك و خزائن الحكومات ، و متاع الأغنياء تسلب ما فيها و تخرب و تدمر ما شاء لها التدمير و التخريب ، وتعاني الحكومات من ويلاتها و تنفق الأموال الطائلة في مكافحتها و مقاومتها ، وكثيراً ما فرضت هذه العصابات سلطانها على الأبرياء الآمنين و روعتهم .

و هؤلاء السارقون الذين يجمعون الأموال الطائلة المنهوبة لا يجدون لها مصرفاً إلا مجال الموبقات و المنكرات ، و شراء ذمم الناس للتستر عليهم و تحريضهم على الفجور بأموالهم و نفوذهم ، و يلاحظ أن أكثر دور اللهو و الميسر و الدعارة كلها من منشآة أثرياء اللصوص و يقوم على حمايتها أعوانهم الفجرة .

و نظراً لخطورة جريمة السرقة وويلاتها شرع الإسلام عقوبات قاسية ورادعة تكفل القضاء عليها و التقليل من مضارها ، مستهدفة بهذه العقوبات مصلحة الجماعة لأنها تريد المحافظة على الضروريات اللازمة للناس في حياتهم التي قوامها : حماية النفس و العقل والنسل و المال و قد انتهج الإسلام لتحقيق هذه الغاية وسيلتين رئيسيتين هما : أولا وسيلة تهذيب نفس المسلم ذاته عن طريق المجتمع الإسلامي القائم على دعائم الاستقامة و المحبة و الطهر و التعاون على البر و التقوى ، و ثانياً وسيلة ما شرعه القانون الجنائي الإسلامي من إقامة الحدود لحماية الضروريات اللازمة لأمن الإنسان فجعل حد الردة لحماية الدين و حد القصاص للحفاظ على الأنفس ، و حد شرب الخمر لحماية لحماية العقل ، و حد الزنا و القذف لحماية العرض و النسل الخ….

عقوبة السرقة :

واجهت الشريعة الإسلامية جريمة السرقة بعقوبة قاسية هي قطع اليد ، لتكفل بذلك استئصال شأفة الجريمة و لتكوين بقسوتها رادعة و زاجرة لكل من تسول له نفسه العدوان على مال الغير خفية أو غصباً ، تهدف العقوبة إلى قطع اليد لأنها هي الأداة التي استعملها السارق و ساعدته على ارتكاب جريمته ، و ذلك لمنع استعمالها مرة أخرى في السرقة ، و حكمة التشريع في قطع اليد أنها تعتبر أن الجرائم الخطيرة لا يفلح في ردها إلا عقوبات صارمة و مؤلمة ، ليس فيها لين أو رخاوة ليكون الجزاء من جنس العمل ، و لتكون العقوبة ملازمة للجاني و ظاهرة للناس و محذرة لهم .

شروط قطع اليد :

أشترط في السرقة المعاقبة عليها بقطع اليد أن يكون الجاني بالغاً من الرشد عاقلاً و غير محتاج و لا مضطر للسرقة ، و أن يكون المسروق مملوكاً للغير و محفوظاً في حرز و لا يقل نصابها عن سبعة عشر جراماً من الذهب أو ما يعادل ذلك نقداً ، وهذا هو العقاب المقدر لحد القطع ، و إذا قل عن ذلك فلا قطع ، و قد أتفق الفقهاء على قطع يد السارق اليمنى في السرقة الأولى فإذا عاد للسرقة تقطع رجله اليسرى في رأي بعض الفقهاء و ذلك لشل حركة السارق فإذا عاد بعد ذلك فلا قطع و إنما يحبس إلى مدة غير محدودة حتى يموت أو يتوب نهائياً .

حالات لا تقام فيها الحدود :

لا يطبق حد السرقة إذا حصلت في الأماكن العامة أثناء العمل فيها ن و حيث لا حراسة فيها للمال أو في أماكن مأذون للجاني بدخولها ، ولم يكن الشيء المسروق محرزاً ، أو أن تحصل السرقة بين الأصول و الفروع من أفراد الأسرة أي بين الأب وولده أو بين الزوج و زوجته ، أو كان المال المسروق مجهولاً لا يعرف صاحبه ، أو كان الجاني دائناً لصاحب المال المسروق ، وكان مماطلاً و جاحداً ، و ان السارق استولى على ما يوازي حقه فقط .

و قد يحلو لبعض الناقدين الجاهلين بحكمة التشريع الإسلامي أن يصفوا عقوبة قطع اليد بالقسوة و عدم الرحمة ، و يتباكون على الأيدي المقطوعة ناسين أو متناسين ما أحدثته هذه الأيدي الآثمة من أذى و قتل و تخريب و فساد في الأرض و ترويع الآمنين ، فهم يشفقون على الجاني و لا يشفقون على المجني عليهم ، و حقيقة الواقع الذي لا خفاء فيها في عصرنا أن الدول الإسلامية التي طبقت أحكام الشريعة الإسلامية قلت فيها جرائم السرقة ، و دليل ذلك ما يحدث في المملكة العربية السعودية التي طبقت شرع الله ، فإنه لم يقطع فيها يد السارق إلا في القليل جداً من الحالات ، و حبذا لو احتذت الدول الإسلامية الأخرى حذو المملكة العربية السعودية ، ليهيء لألها الآمن و الطمأنينة على أموالهم و أنفسهم ، و إنه من الإنصاف أن ننظر إلى قطع اليد لا يقصد الشرع به الرغبة في قطع الأيدي ، بل هو الرغبة في سلامة هذه الأيدي من القطع بمثل هذه العقوبة المخيفة التي تمنع السارق من ارتكاب جرائمه ، فهل بعد ذلك رحمة في قسوة الأحكام التي تحفظ الأمن و تمنع الإجرام .

المصدر :

عن كتاب القرآن و إعجازه التشريعي تأليف الأستاذ محمد إسماعيل إبراهيم .

قضية الإعجاز البياني

قضية الإعجاز البياني بدأت تفرض وجودها على العرب من أول المبعث ، فمنذ تلا المصطفى عليه الصلاة و السلام في قومه ما تلقى من كلمات ربه ، أدركت قريش ما لهذا البيان القرآني من إعجاز لا يملك أي عربي يجد حسَّ لغته و ذوقها الأصيل ، سليقة و طبعاً ، إلا أن يسلم بأنه ليس من قول البشر.

من هنا كان حرص طواغيت الوثنية من قريش ، على أن يحولوا بين العرب و بين سماع هذا القرآن . فكان إذا أهل الموسم و آن وفود العرب للحج ، ترصدوا لها عند مداخل مكة ، و أخذوا بسبل الناس لا يمر بهم أحد حذروه من الإصغاء إلى ما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من كلام قالوا إنه السحر يفرق بين المرء و أبيه و أخيه ، و بين المرء و زوجه وولده و عشيرته .

و ربما وصلت آيات منه إلى سمع أشدهم عداوة للإسلام، فألقى سلاحه مصدقاً و مبايعاً ، عن يقين بأن هذه الكلمات ليست من قول البشر.

حدثوا أن \\\” عمر بن الخطاب \\\” خرج ذات مساء متوشحاً سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم و رهطاً من أصحابه ، في بين عنده \\\” الصفا \\\” سمع أنهم مجتمعون فيه ، فلقيه في الطريق من سأله :

ـ أين تريد يا عمر ؟

أجاب : أريد محمداً هذا الصابئ الذي فرق أمر قريش و سفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتا ، فأقتله .

قال له صاحبه :

ـ غرتك نفسك يا عمر ! أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض و قد قتلت محمداً ؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم ؟

سأله عمر ، وقد رابه ما سمع :

ـ أي أهل بيتي تعني؟

فأخبره أن صهره و ابن عمه \\\” سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل \\\” قد أسلم .

و كذلك أسلمت زوجته ، أخت عمر \\\” فاطمة بنت الخطاب\\\”.

فأخذ \\\” عمر \\\” طريقه إلي بيت صهره مستثار الغضب ، يريد أن يقتله و يقتل زوجته فاطمة . فما كاد يدنو من الباب حتى سمع تلاوة خافتة لآيات من سورة طه ، فدخل يلح طلب الصحيفة التي لمح أخته تخفيها عند دخوله ….

و انطلق من فوره إلي البيت الذي اجتمع فيه المصطفى بأصحابه ، فبايعه ، وأعز الله الإسلام بعمر ، وقد كان من أشد قريش عداوة للإسلام و حرباً للرسول . [سيرة بن هشام ] .

و في حديث بيعة العقبة ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم ندب صاحبه \\\” مصعب بن عمير \\\” ليذهب مع أصحاب العقبة إلى يثرب ، ليقرئهم القرآن و يعلمهم الإسلام . فنزل هناك على \\\” أسعد بن زراة \\\” الأنصاري الخزرجي .

فحدث أن خرجا يوماً إلى حي بني عبد الأشهل رجاء في أن يسلم بعض القوم . فما سمع كبير الحي \\\” سعد بن معاذ ، و أسيد بن حضير\\\” بقدم مصعب و أسعد ، ضاقا بهما و أنكرا موضعهما من الحي ، قال سعد بن معاذ لصاحبه أسيد بن حضير : \\\” لا أبا لك ! انطلق على هذين الرجلين فأزجرهما و انهما عن أن يأتيا دارينا . فإنه لولا أن أسعد بن زرارة منى حيث علمت ، كفيتك ذلك : هو ابن خالتي و لا أجد عليه مقدماً\\\” .

و التقط أسيد بن حضير حربته ومضى إلى صاحبي رسول الله فزجرهما متواعداً :

ـ ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا ؟ اعتزلانا إن كانت لكما بنفسيكما حاجة .

قال له مصعب بن عمير :

ـ أو تجلس فتسمع ، فإن رضيت أمراً قبلته ، و إن كرهته كُفَّ عنك ما تكره ؟

فركَّز أسيد حربته و اتكأ عليها يصغي إلى ما يتلو مصعب من القرآن . ثم أعلن إسلامه من فوره ، وعاد إلى قومه فعرفوا أنه جاء بغير الوجه الذي ذهب به . و ما زال أسيد بسعد بن معاذ حتى صحبه إلى ابن خالته أسعد بن زرارة ، فبادره سعد سائلاً في غضب و إنكار :

\\\” يا أبا أمامة ، لولا ما بيني و بينك من القرابة ما رمت هذا مني . أتغشانا في دارنا بما نكره ؟ \\\” .

ولم يجب أبو أمامه ، بل أشار على صاحبه \\\” مصعب \\\” الذي استهل سعد بن معاذ حتى يسمع منه ، ثم تلا آيات من معجزة المصطفى ، نفذت إلى قلب ابن معاذ فمزقت عنه حجب الغفلة و غشاوة الضلال . و أعلن إسلامه و عاد إلى قومه فسألهم : يا بني عبد الأشهل ، كيف تعلمون أمري فيكم ؟

أجابوا جميعاً : سيدنا ، و أفضلنا رأياً ، و أيمننا فيكم ؟

فأجابوا جميعاً : سيدنا ، وأفضلنا رأياً ، و أيمننا نقيبة .

فعرض عليم الإسلام \\\” فو الله ما أمسى في حي بني عبد الأشهل رجل أو امرأة إلا مسلماً و مسلمة \\\”[سيرة بن هشام ].

هل فرض القرآن إعجازه على هؤلاء الذين استنارت بصائرهم فآمنوا بمعجزة المصطفى بمجرد سماعهم آيات منها ، دون غيرهم ممن لجوا في العناد و التكذيب ؟

إن القرآن لم يفرض إعجازه البياني من أول المبعث ، على هؤلاء الذين سبقوا إلى الإيمان به فحسب ، بل فرضه كذلك على من ظلوا على سفههم و شركههم ، عناداً و تمسكاً بدين الآباء و نضالاً عن أوضاع دينية و اقتصادية و اجتماعية لم يكونوا لم يكونوا يريدون لها أن تتغير .

و في الخبر أن من طواغيت قريش و صناديد الوثنية العتاة من كانوا يتسللون في اوئل عصر المبعث خفية عن قومهم ، ليسعوا آيات هذا القرآن دون أن يملكوا إرادتهم .

روى \\\” ابن إسحاق \\\” في السيرة أن أبا سفيان بن حرب العبشي ، و أبا جهل ابن هشام المخزومي ، والأخنس بن شريق الزهري ، خرجوا ذات ليهة متفرقين على غير موعد ، إلى حيث يستمعون من رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يصلى و يتلو القرآن في بيته . فأخذ كل رجل منهم مجلساً يستمع فيه ، و لا أحد منهم يعلم بمكان صاحبيه . فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فتلاوموا و قال بعضهم لبعض :

\\\” لا تعودوا ، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً \\\” ثم انصرفوا .

حتى إذا كانت الليلة التالية ، عاد كل منهم إلى مجلسه لا يدري بمكان صاحبيه .

فباتوا يستمعون للمصطفى حتى طلع الفجر فتفرقوا و جمعهم الطريق فتلاوموا ، وانصرفوا على ألا يعودوا .

لكنهم عادوا فتسللوا في الليلة الثالثة و باتوا يستعمون إلى القرآن[سيرة بن هشام ].

إعجاز النظم في القرآن الكريم

لإعجاز النظم عدة مظاهر تتجلى فيها :

المظهر الأول : \\\” الخصائص المتعلقة بالأسلوب \\\”

و إليك هذه الخصائص :

الخاصة الأولى : إن هذا الأسلوب يجري عن نسق بديع خارج عن المعروف من نظام جميع كلام العرب ، و يقوم في طرقته التعبيرية على أساس مباين للمألوف من طرائقهم . بيان ذلك أن جميع الفنون التعبيرية عند العرب لا تعدو أن تكون نظما أو نثرا ، وللنظم أعاريض ، وأوزان محددة معروفة ، و للنثر طرائق من السجع ، و الإرسال و غيريهما مبينة و معروفة . و القرآن ليس على أعاريض الشعر في رجزه و لا في قصيده ، وليس على سنن النثر المعروف في إرساله و لا في تسجيعه ، إذ هو لا يلتزم الموازين المعهودة في هذا و لا ذاك ، و لكنك مع ذلك تقرأ بضع آيات منه فتشعر بتوقيع موزون ينبعث من تتابع آياته ، بل يسري في صياغته ، و تألف كلماته ، و تجد في تركيب حروفه تنيسقاً عجيباً يؤلف اجتماعها إلى بعضها لحنا مطرباً يفرض نفسه على صوت القارئ العربي كيفما قرأ ، طالما كانت قراءته صحيحة . و مهما طفت بنظرك في جوانب كتاب الله تعالى و مختلف سوره وجدته مطبوعاً على هذا النسق العجيب فمن أجل ذلك تحير العرب في أمره ، إذ عرضوه على موازين الشعر فوجدوه غير خاضع لأحكامه ، و قارنوه بفنون النثر فوجدوا غير لاحق بالمعهود من طرائفه فكان أن انتهى الكافرون منهم إلى أنه السحر ، واستيقن المنصفون منهم بأنه تنزيل من رب العالمين . و إليك أيها القارئ الكريم بعض الأمثلة التي توضح هذه الحقيقة ، و تجلبها ، قال تعالى : \\\” بسم الله الرحمن الرحيم ، حم تنزيل من الرحمن الرحيم ، كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون ، بشيراً و نذيراً فأعرضوا أكثرهم فهم لا يستمعون ، و قالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ، وفي آذاننا وقر ، و من بيننا و بينك حجاب فاعمل إننا عاملون ، قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه و استغفروه وويل للمشركين \\\” [سورة فصلت : 1ـ 5].

و هذه الآيات بتأليفها العجيب ، و نظمها البديع حينما سمعها عتبة بن أبي ربيعة و كان من أساطين البيان استولت على أحاسيسه ، و مشاعره ، وطارت بلبه ، ووقف في ذهول ، و حيرة ، ثم عبر عن حيرته و ذهوله بقوله : \\\” و الله لقد سمعت من محمد قولاً ما سمعت مثله قط ، والله ما هو بالشعر و لا بالسحر و لا بالكهانة …و الله ليكونن لقوله الذي سمعته نبأ عظيم\\\” .

و إليك سورة من سوره القصار تتجلى فيها هذه الحقيقة أمام العيان من ينكرها فكأنما ينرك الشمس في وضح النهار.

بسم الله الرحمن الرحيم : \\\” و الشمس وضحاها ، والقمر إذا تلاها ، و النهار إذا جلاها ، والليل إذا يغشاها ، والسماء و ما بناها ، قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها ، كذبت ثمود بطغواها ، إذا انبعث أشقاها ، فقال لهم رسول الله ناقة الله و سقياها ، فكذبوه فعقروها فدمم عليهم ربهم بذنبهم فسواها و لا يخاف عقباها \\\” [سورة الشمس ].

تأمل هذه الآيات ، و كلماتها ، و كيف صيغت هذه الصياغة العجيبة ؟ و كيف تألفت كلماتها و تعانقت جملها ؟ و تأمل هذا النغم الموسيقي العذب الذي ينبع من هذا التالف البديع ، إنه إذا لامس أوتاد القلوب : أهتزت له العواطف ن و تحركت له المشاعر ، و أسال الدموع من العيون ، و خرت لعظمته جباه أساطين البيان ، أشهد أنه النظم الإلهي الذي لا يقدر على مثله مخلوق .

و هذه الحقيقة توجد في سائر كتاب الله لا تتخلف في سورة من سوره و لا في آياته ، و من أجل ذلك عجز أساطين البيان عن الإتيان بأقصر من مثله .

و في هذا يقول الرافعي رحمه الله : \\\” و ذلك أمر متحقق بعد في القرآن الكريم : يقرأ الإنسان طائفة من آياته ، فلا يلبث أن يعرف لها صفة من الحس ترافد ما بعدها و تمده ، و فلا تزال هذه الصفة في لسانه ، و لو استوعب القرآن كله ،حتى لا يرى آية قد أدخلت الضيم على أختها ، أو نكرت منها ، أو أبرزتها عن ظل هي فيه ، أو دفعنها عن ماء هي إليه : و لا يرى ذلك إلا سواء و غاية في الروح و النظم و الصفة الحسية ، و لا يغتمض في هذا إلا كاذب على دخله و نية ، و لا يهجن منه إلا أحمق على جهل و غرارة ، و لا يمتري فيه إلا عامي أو أعجمي و كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون \\\” [إعجاز القرآن للرافعي : ص 275].

الخاصة الثانية : هي أن التعبير القرآني يظل جارياً على نسق واحد من السمو في جمال اللفظ ، و عمق المعنى و دقة الصياغة و روعة التعبير ، رغم تنقله بين موضوعات مختلفة من التشريع و القصص و المواعظ و الحجاج والوعود والوعيد و تلك حقيقة شاقة ، بل لقد ظلت مستحيلة على الزمن لدى فحول علماء العربية و البيان .

و بيان ذلك ان المعنى الذي يراد عرضه ، كلما أكثر عموما و أغنى أمثلة و خصائص كان التعبير عنه أيسر ، و كانت الألفاظ أليه أسرع ، وكلما ضاق المعنى و تحدد ، و دق و تعمق كان التعبير عنه أشق ، و كانت الألفاظ من حوله أقل .

و لذا كان أكثر الميادين الفكرية التي يتسابق فيها أرباب الفصاحة و البيان هي ميادين الفخر و الحماسة و الموعظة و المدح و الهجاء ، و كانت أقل هذه الميادين اهتماماً منهم ، و حركة بهم ميادين الفلسفة و التشريع و مختلف العلوم ، وذلك هو السر في أنه قلما تجد الشعر يقتحم شيئاً من هذه الميادين الخالية الأخرى .

و مهما رأيت بليغاً كامل البلاغة و البيان ، فإنه لا يمكن أن يتصرف بين مختلف الموضوعات و المعاني على مستوى واحد من البيان الرفيع الذي يملكه ، بل يختلف كلامه حسب اختلاف الموضوعات التي يطرقها ، فربما جاء بالغاية ووقف دونها ، غير أنك لا تجد هذا التفاوت في كتاب الله تعالى ، فأنت تقرأ آيات منه في الوصف ، ثم تنتقل إلى آيات أخرى في القصة ، و تقرأ بعد ذلك مقطعاً في التشريع و أحكام الحلال و الحرام ، فلا تجد الصياغة خلال ذلك إلا في أوج رفيع عجيب من الإشراق و البيان .و تنظر فتجد المعاني كلها لاحقة بها سامخة إليها . و دونك فأقرأ ما شئت من هذا الكتاب المبين متنقلا بين مختلف معانيه ، و موضوعاته لتتأكد من صدق ما أقول ، ولتلمس برهانه عن تجربة و نظر [عن من كتاب روائع القرآن :للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ] .

و يقول في معرض حديثة عن \\\” روح التركيب \\\” في أسلوب القرآن : لا ترى غير صورة واحدة من الكمال ، و إن اختلفت أجزاؤها في جهات التركيب و موضع التأليف و ألوان التصوير و أغراض الكلام \\\” [إعجاز القرآن ص274 و كتاب تاريخ الأدب العربي للرافعي 241] .

و يقول في معرض حديثه عن \\\” روح التركيب \\\” في أسلوب القرآن : \\\”و هذه الروح لم تعرف قط في كلا عربي غير القرآن ، و بها انفرد نظمه ، و خرج مما يطيقه الناس ، و لولاها لم يكن بحيث هو ، كأنما وضع جملة واحدة ليس بين أجزائها تفاوت أو تباين ، إذ نراه ينظر في التركيب إلى نظم الكلمة ، و تأليفها ، ثم إلى تأليف هذا النظم ، فمن هنا تعلق بعضه على بعض ، و خرج في معنى تلك الروح صفة واحدة هي صفة إعجازه في جملة التركيب ، و أن العبارات على جملة ما حصل به من جهات الخطاب : كالقصص و المواعظ و الحكم و التعليم ، ضرب الأمثال إلى نحوها مما يقدر عليه .

و لولا تلك الروح لخرج أجزاء متفاوتة على مقدار ما بين هذه المعاني ، و موقعها في النفوس ، و على مقدار ما بين الالفاظ و الأساليب التي تؤديها حقيقة و مجازا ، كما تعرف من كلام البلغاء ، عند تباين الوجوه التي يتصرف فهيا ، على أنهم قد رفهوا عن أنفسهم و كفوها أكبر المؤنة فلا يألون أن يتوخوا بكلامهم إلى أغراض و معان يعذب فيها الكلام و يتسق القول و تحسن الصنعة مما يكون أكبر حسنة في مادته اللغوية ، و ذلك شائع مستفيض في مأثور الكلام إلي غيره ، و افضوا بالكلام إلى المعنى ما يشبه في اثنين متقابلين من الناس منظر قفا إلى وجه

و على أننا لم نعرف بليغاً من البلغاء تعاطى الكلام في باب الشرع و تقرير النظر ، و تبيين الأحكام و نصب الأدلة و أقام الأصول و الاحتجاج لها و الرد على خلافها إلا جاء بكلام نازل عن طبقة كلامه في غير هذه الأبواب ، و أنت قد تصيب له في غيرها اللفظ الحر و الأسلوب الرائع و الصنعة المحكمة و البيان العجيب ، والمعرض الحسن فإذا صرت إلى ضروب من تلك المعاني ، وقعت ثمة على شيء كثير من اللفظ المستكره ، والمعنى المستغلق ، و السياق المضطرب و الأسلوب المتهافت و العبارة المبتذلة ، و على النشاط متخاذلا ، و العرى محلولة ، والوثيقة واهنة \\\” [كتاب إعجاز القرآن للرافعي ] .

الخاصة الثالثة : أن معانيه مصاغة بحيث يصلح أن يخاطب بها الناس كلهم على اختلاف مداركهم و ثقافتهم و على تباعد أزمنتهم و بلدانهم ، و مع تطور علومهم و اكتشافاتهم .

خذ آية من كتاب الله مما يتعلق بمعنى تتفاوت في مدى فهمه العقول ، ثم اقرأها على مسامع خليط من الناس يتفاوتون في المدارك ، والثقافة ، فستجد ان الآية تعطي كلا منهم معناها بقدر ما يفهم ، و أن كلا منهم يستفيد منها معنى وراء الذي انتهي عنده علمه .

و في القرآن الكثير من هذا و ذاك فلنعرض أمثلة منه :

من القبيل الأول قوله تعالى : \\\” تبارك الذي جعل في السماء روجاً و جعل فيها سراجاً و قمراً منيراً \\\” فهذه تصف كلا من الشمس و القمر بمعنيين لهما سطح قريب يفهمه الناس كلهم ، و لها عمق يصل إليه المتأملون و العلماء ، و لها جذور بعيدة يفهمها الباحثون و المتخصصون ، والآية تحمل بصياغتها هذه الدرجات الثلاثة للمعنى ، فتعطي طاقته و فهمه .

فالعامي من العرب يفهم منها ان كلا من الشمس و القمر يبعثان بالضياء إلى الأرض ، وإنما غاير في التعبير عنه بالنسبة لكل منهما تنويعاً للفظ ، و هو معنى صحيح تدل عليه الآية ، و المتأمل من علماء العربية يدرك من وراء ذلك أن الآية تدل على أن الشمس تجمع إلى النور الحرارة فلذلك سماها سراجاً ، والقمر يبعث بضياء لا حرارة فيه .

الخاصة الرابعة : و هي ظاهرة التكرار .

وفي القرآن من هذه الظاهرة نوعان :

أحدهم : تكرار بعض الألفاظ او الجمل .

و ثاينهما : تكرار بعض المعاني كالأقاصيص ، والأخبار .

فالنوع الأول : يأتي على وجه التوكيد ، ثم ينطوي بعد ذلك على نكت بلاغية ، كالتهويل ، والإنذار , التجسيم و التصوير و للتكرار أثر بالغ في تحقيق هذه الأغراض البلاغية في الكلام ، و من أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى : \\\” الحاقة ما الحاقة ، و ما أدراك ما الحاقة ، كذبت ثمود و عاد بالقارعة \\\” و قوله تعالى : \\\” سأصليه سقر ، و ما أدراك ما سقر ، لا تبقي و لا تذر \\\” و قوله تعالى : أولئك الذين كفروا بربهم ، و أولئك الأغلال في أعناقهم ، وأولئك أصحاب النار \\\” و قوله تعالى : \\\” و ما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم ، و ما أنت بمسمع من في القبور \\\” .

و النوع الثاني : و هو تكرار بعض القصص و الأخبار يأتي لتحقيق غرضين هامين :

الأول : إنهاء حقائق و معاني الوعد و الوعيد إلى النفوس بالريقة التي تألفها ، و هي تكرار هذه الحقائق في صور و أشكال مختلفة من التعبير و الأسلوب ، ولقد أشار القرآن إلى هذا الغرض بقوله : \\\” و لقد صرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا\\\” [سورة طه 113].

الثاني : إخراج المعنى الواحد في قوالب مختلفة من الألفاظ و العبارة ، و بأساليب مختلفة تفصيلاً و إجمالاً ، الكلام في ذلك حتى يتجلى إعجازه ، و يستبين قصور الطاقة البشرية عن تقليده أو اللحاق بشأوه ، إذ من المعلوم أن هذا الكتاب إنما تنزل للإقناع العقلاء ، من الناس بأنه ليس كلام بشر ، و لإلزامهم بالشريعة التي فيه ، فلابد فيه من الوسائل التي تفئ بتحقيق الوسيلة إلى كلا الأمرين .

و من هنا كان من المحال أن تعثر في القرآن كله على معنى يتكرر في أسلوب واحد من اللفظ ، و يدور ضمن قالب واحد من التعبير ، بل لابد أن تجده في كل مرة يلبس ثوباً جديداً من الأسلوب ، و طريقة التصوير و العرض ، بل لابد أن تجد التركيز في كل مرة منها على جانب معين من جوانب المعنى او القصة و لنضرب لك مثالاً على هذا الذي نقول : بقصة موسى عليه السلام إذ أنها أشد القصص في القرآن تكراراً ، فهي من هذه الوجهة تعطى فكرة كاملة على هذا التكرار.

وردت هذه القصة في حوالي ثلاثين موضعاً ، ولكنها في كل موضع تلبس أسلوباً جديداً و تخرج أخراجاً جديدا يناسب السياق الذي وردت فيه ، و تهدف إلى هدف خاص لم يذكر في مكان آخر ، حتى لكأننا أمام قصة جديدة لم نسمع بها من قبل .

الخاصة الخامسة :

و هي تداخل أبحاثه ، و مواضيعه في معظم الأحيان فإن من يقرأ هذا الكتاب المبين لا يجد فيه ما يجده في عامة المؤلفات و الكتب الأخرى من التنسيق و التبويب حسب المواضيع ، و تصنيف البحوث مستقلة عن بعضها ، و إنما يجد عامة مواضيعه و أبحاثه لاحقة ببعضها دونما فاصل بينهما ، وقد يجدها متداخل في بعضها في كثير من السور و الآيات .

و الحقيقة أن هذه الخاصة في القرآن الكريم ، إنما هي مظهر من مظاهر تفرده ، و استقلاله عن كل ما هو مألوف و معروف من طرائق البحث و التأليف .

المظهر الثاني :

المفردة القرآنية:

إذا تأملت في الكلمات التي تتألف منها الجمل القرآنية رأيتها تمتاز بميزات ثلاثة رئيسية هي :

1 ـ جمل وقعها في السمع.

2ـ اتساقها الكامل مع المعنى .

3ـ اتساع دلالتها لما لا تتسع له عادة دلالات الكلمات الأخرى من المعاني و المدلولات . د

و قد نجد في تعابير بعض الأدباء و البلغاء كالجاحظ و المتنبي كلمات تتصف ببعض هذه الميزات الثلاثة أما ان تجتمع كلها معا ، و بصورة مطردة لا تتخلف أو تشذ فذلك مما لم يتوافر إلا في القرآن الكريم .

و إليك بعض الأمثلة القرآنية التي توضح هذه الظاهرة و تجليها :

أنظر إلى قوله تعالى في وصف كل من الليل و الصبح : \\\” و الليل إذا عسعس و الصبح إذا تنفس \\\” ألا تشم راحة المعنى واضحاً من كل هاتين الكلمتين : عسعس ، و تنفس؟

ألا تشعر أن الكلمة تبعث في خيالك صورة المعنى محسوسا مجسماً دون حاجة للرجوع إلى قواميس اللغة ؟

و هل في مقدورك أن تصور إقبال الليل ، وتمدده في الآفاق المترامية بكلمة أدق و أدل من \\\” عسعس \\\” .

و هل تستطيع أن تصور انفلات الضحى من مخبا الليل و سجنه بكلمة أروع من \\\” تنفس \\\” . ؟

أقرأ قوله تعالى : \\\” يأيها الذين آمنوا ، مالكم إذا قيل لكم : انفروا في سبيل الله أثاقلتم إلى الأرض \\\” [سورة التوبة ].

و ادرس الأداء الفني الذي قامت به لفظة \\\” أثاقلتم \\\” بكل ما تكونت به من حروف ، و من صورة ترتيب هذه الحروف ، و من حركة التشديد على الحرف اللثوية \\\” الثاء \\\” و المد بعده ، ثم مجيء القاف الذي هو أحد حروف القلقلة ، ثم التاء المهموسة ، والميم التي تنطبق عليها الشقتان ، ويخرج صوتها من الأنف ، ألا تجد نظام الحروف ، وصورة أداء الكلمة ذاتها أوحت إليك بالمعنى ، قبل أن يرد عليك المعنى من جهة المعاجم .؟ ألا تلحظ في خيالك ذلك الجسم المثاقل ، يرفعه الرافعون في جهد فيسقط في أيديهم في ثقل ؟ ألا تحس أن البطء في تلفظ الكلمة ذاتها يوحي بالحركة البطيئة التي تكون من المثاقل ؟

جرب أن تبدل المفردة القرآنية ، و تحل محلها لفظة \\\” تثاقلتم\\\” ألا تحس أن شيئاً من الخفة و السرعة ، بل و النشاط أوحت به \\\” تثاقلتم \\\” بسبب رصف حروفها ، و زوال الشدة ، وسبق التاء قبل الثاء ؟ إذن فالبلاغة تتم في استعمال \\\” أثاقلتم \\\” للمعنى المراد ، ولا تكون في \\\” تثاقلتم \\\” .

المظهر الثالث :

الجملة القرآنية و صياغتها

إن دراسة الجملة القرآنية تتصل اتصالا مباشراً بدراسة المفردة القرآينة لأن هذه أساس الجملة ، و منها تركيبها ، و إذا كان علماء البلاغة يجعلون البلاغة درجات ، فإنهم مقرون دون جدل أن صياغة العبارة القرآنية في الطرف الأعلى من البلاغة الذي هو الإعجاز ذاته . و للإعجاز فيها وجوه كثيرة .

فمنها : ما تجده من التلاؤم و الاتساق الكاملين بين كلماتها ، و بين ملاحق حركاتها ، و سكناتها ، فالجملة في القرآن تجدها دائماً مؤلفة من كلمات و حروف ، و أصوات يستريح لتألفها السمع و الصوت و المنطق ، و يتكون من تضامها نسق جميل ينطوي على إيقاع رائع ، ما كان ليتم لو نقصت من الجملة كلمة أو حرف أو اختلف ترتيب ما بينها بشكل من الأشكال .

أقرأ قوله تعالى : \\\” ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ، و فجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر \\\” و تأمل تناسق الكلمات في كل جملة منها ، ثم دقق نظرك ، و تأمل تألف الحروف الرخوة مع الشديدة و المهموسة و المجهورة و غيرها ، ثم حالو تمعن في تأليف و تعاطف الحركات و السكنات و المدود اللاحقة ببعضها ، فإنك إذا تأملت في ذلك ، علمت أن هذا الجملة القرآنية . إنما صبت من الكلمات و الحروف و الحركات في مقدار ، و أن ذلك إنما قدر تقديراً بعلم اللطيف الخبير و هيهات للمقاييس البشرية أن تضبط الكلام بهذه القوالب الدقيقة .

و منها : إنك تجد الجملة القرآنية تدل بأقصر عبارة على أوسع معنى تام متكامل لا يكاد الإنسان يستطيع التعبير عنه إلا بأسطر و جمل كثيرة ن دون أن تجد فيه اختصاراً مخلا ، أو ضعفاً في الأدلة . أقرأ قوله تعالى : \\\” خذ العفو ، و أمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين \\\” [ سورة الأعراف] .

ثم تأمل كيف جمع الله بهذا الكلام كل خلق عظيم ، لأن في أخذ العفو صلة القاطعين و الصفح عن الظالمين .

و اقرأ قوله تعالى مخاطباً آدم عليه السلام : \\\” أن لك ألا تجوع فيها و لا تعرى ، و أنك لا تظمأ فيها و لا تضحى \\\” ثم تأمل كيف جمع الله بهذا الكلام أصول معايش الإنسان كلها من طعام و شراب و ملبس ، و مأوى .

و أقرأ قوله تعالى : \\\” و أوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ، فإذا خفت عيه فألقيه في اليم و لا تخافي و لا تحزني إنا رادوه إليك و جاعلوه من المرسلين \\\” و تأمل كيف جمعت هذه الآية الكريمة بين أمرين و نهيين و خبرين و بشارتين أما الأمرين فهما : \\\” أرضعيه ، و ألقيه في اليم ، و أما النهيان فهما \\\” لا تخافي \\\” ، و \\\” لا تحزني \\\” .

و أما الخبران فهما \\\” أوحينا \\\” و \\\” خفت \\\” و أما البشارتان فهما \\\” أنا رادوه إليك \\\” و \\\” جاعلوه من المرسلين \\\” .

و تأمل سورة \\\” الكوثر \\\” وهي أقصر سورة في القرآن إذ هي ثلاثة آيات قصار كيف تضمنت ، على قلة آياتها الأخبار عن مغيبين : أحدهما : الأخبار عن الكوثر \\\” نهر في الجنة \\\” و عظمته و سعته و كثرة أوانيه , الثاني : الإخبار عن \\\” والوليد بن المغيرة \\\” و كان عند نزولها ذا مال وولد ، ثم أهلك الله سبحانه ماله وولده ، وانقطع نسله

ومنها : أخراج المعنى المجرد في مظهر الأمر المحس الملموس ، ثم بث الروح و الحركة في هذا المظهر نفسه .

و مكمن الإعجاز في ذلك ، أن الألفاظ ليست إلا حروفاً جامدة ذات دلالة لغوية على ما أنيط بها من المعاني ، فمن العسير جداً أن تصبح هذه الألفاظ وسيلة لصب المعاني الفكرية المجردة في قوالب من الشخوص و الأجرام و المحسوسات ، تتحرك في داخل الخيال كأنها قصة تمر أحداثها على مسرح يفيض بالحياة و الحركة المشاهدة الملموسة . أستمع إلى القرآن الكريم و هو يصور لك قيام الكون على أساس من النظام الرتيب و التنسيق البديع الذي لا يتخلف ، و لا يلحقه الفساد ، فيقول : \\\” إن ربكم الله خلق السموات و الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً ، و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره إلا له الخلق و الأمر \\\” [الأعراف 54].

إنه يصور لك هذا المعنى في مظهر من الحركة المحسوسة الدائرة بين عينيك ، و كأنها أمام آلات تتحرك بسرعة دائبة في نظام مستمر يعيها و تصورها الشعور و الخيال .

الباحثون في القرآن يجمعون على إعجازه

الجاحظ و رأيه في بلاغة القرآن :

الجاحظ هو مؤسس البيان العربي بلا منازع ، هو أبو عثمان بن بحر بن محبوب الكتاني ، المعروف بالجاحظ البصري ولد سنة 150 هـ و توفي سنة 255هـ .

ففي رسالة له بعنوان حجج نبوية يقول : \\\” إن محمد صلى الله عليه و سلم مخصوص بعلامة ، لها في العقل موقع كموقع فلق البحر في العين .. ذلك قوله لقريش خاصة و للعرب عامة مع من فيها من الشعراء و الخطباء و البلغاء ، والحكماء و أصحاب الرأي و المكيدة ، والتجارب و النظر في العامة \\\” إن عارضتموني بسورة واحدة فقد كذبت في دعواي ، و صدقتكم في تكذيبي \\\” ثم يقول \\\” و لا يجوز أن يكون مثل العرب في كثير عددهم و اختلاف عللهم و كلامهم ، وهو سيد علمهم ، وقد فاض بيانهم ، و جاشت به صدورهم ، وغلتهم قوتهم عليه عند أنفسهم ، حتى قالوا في الحيات ، والعقارب و الذئاب و الكلاب ، والخنافس ، والحمير و الحمام و كل ما دب على الأرض و لاح لعين ، وخطر على قلب و لهم أصناف النظم ، و ضروب التأليف .. كالقصيد، والرجز ، و المزدوج و المتجانس و الاستماع و المنثور و بعد فقد هاجوه من كل جانب ، و هاجا أصحابه شعرائهم ، و نازعوه خطباءهم و حاجوه في الموقف و خاصموه في الموسم ، و باروه العداوة ، وناصبوه الحرب ، فقتل منهم و قتلوا منه .. و هم أثبت الناس حقداً ، و أبعدهم مطلباً ، و أذكرهم لخبر أو الشر ، و أبقاهم له ، و أهجاهم ثم لا يعارضه معارض ، ولم يتكلف ذلك خطيب و شاعر .

ثم يقول : و محال في التعارف و مستنكر في التصادف أن يكون الكلام أقصر عندهم , و أيسر مئونة عليهم ، وهو أبلغ في تكذيبه ، و أنقض لقوله , أجدر أن يعرف ذلك أصحابه ، فيجتمعوا على ترك استعماله و الاستغناء عنه ، وهم يبذولون مهجهم و أموالهم و يخرجون من ديارهم في إطفاء أمرهم و توهين و لا يقولون ، بل و لا يقول واحد من جماعتهم ، لم تقتلوا أنفسكم وتستهلكوا أموالكم , تخرجون من دياركم و الحيلة في أمره ميسرة و المأخذ في أمره قريب ؟

ليؤلف واحد من شعرائكم و خطبائكم كلاماً في نظم كلامه ، كأصغر سورة يحتكم بها ، و كأصغر آية دعاكم إلى معارضتها ، بل لو نسوا ما تركهم حتى يذكرهم ، ولو تغافلوا ما ترك أن ينبههم ، فدل ذلك العاقل على أن أمرهم في ذلك لا يخلو ا من أحد أمرين :

إما أن يكونوا عرفوا عجزهم ، و أن مثل ذلك لا يتهيأ لهم ، فرأوا أن الأعراض عن ذكره ، والتغافل عنه في هذا الباب أمثل لهم في التدبير ، و أجدر ألا ينكشف أمرهم للجاهل و الضعيف ، و أجدر أن يجدوا إلى الدعوة سبيلاً ، وإلى اختراع الأنباء سبباً.

و إلا أن يكون غير ذلك ، و لا يجوز أن يطبقوا على ترك المعارضة و هم يقدرون عليها ، لأنه لا يجوز على العدد الكثير من العقلاء و الدهاة و الحكماء مع اختلاف عللهم ، و بعد همهم ، و شدة عداوتهم ، بذلك الكثير ، و صون اليسير فكيف على العقلاء لأن تحبير الكلام أهون من القتال و من إجراء المال أ. هـ .

مسيحوا العصر الحديث يعترفون بعظمة القرآن

أعترف الدكتور ماردريس المستشرق الفرنسي بعظمة القرآن الكريم و ذلك إثر بعد أن كلفته وزارتا الخارجية و المعارف الفرنسية بترجمة ( 62) سورة من السور الطوال التي لا تكرار فيها ففعل و قال في مقدمة ترجمته الصادرة 1926م أما أسلوب القرآن فهو أسلوب الخالق جل و علا فإن الأسلوب الذي ينطوي على كنه الخالق الذي صدر عنه هذا الأسلوب لا يكون إلا إلهاً ، والحق الواقع أن أكثر الكتاب شكاً و ارتيابا قد خضعوا لسلطان تأثيره .

و يورد الأستاذ محمد صادق الرافعي بعض تصريحات لمسيحيين عن بلاغة القرآن من هؤلاء أديب الملة المسيحية هو الشيخ إبراهيم اليازجي وهو أبلغ كاتب أخرجته المسيحية ، وذلك في كتابه ( نجعة الرائد ) و كذلك أورد الدكتور حين حسن ضياء الدين تصريحاً لأحد المسيحين يتضمن إعجابه بالإعجاز البياني بالقرآن الكريم و هذا الأديب الشاعر هو الشاعر المعاصر ( نقولا حنا ) .

الإعجاز و البلاغة

لقد نشب صراع حاد و عنيف بين علماء البلاغة حول الصور والألوان البلاغية في القرآن الكريم ، هل هي معجزة أو غير معجزة ؟

ففريق منهم يرى أنها معجزة ، و يجعلها من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم ، وفريق يرى أنها غير معجزة ، و ينفي أن تكون من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم ، ومن هذا الفريق \\\” أبو بكر الباقلاني .

و المسألة تحتاج إلى بحث و تحقيق ، وفي هذا الفصل من البحث سأقوم بتحقيقها ، و إظهار وجه الصواب فيها فأقول طالباً العون و التوفيق من الله وحده :

إن هذه الصورة و الألوان معجزة في القرآن ، وإعجازها راجع إلى نظمها ، فالقرآن الكريم كما سبق أن وصحنا معجز بنظمه ، و هذه الصور و الألوان قد اقتضاها هذا النظم المعجز فأصبحت جزءا منه فتكون معجزة و لقد أشار إلى ذلك الشيخ عبد القاهر الجرجاني عندما تعرض لتوضيح الاستعارة في قوله : تعالى \\\” و أشتعل الرأس شيباً \\\” فقال : \\\” إن في الاستعارة ما لا يمكن بيانه إلا من بعد العلم بالنظم و الوقوف على حقيقته .

و من دقيق ذلك و خفيه أنك ترى الناس إذا ذكروا قوله تعالى : \\\” و اشتعل الرأس شيباً \\\” لم يزيدوا فيه على ذكر الاستعارة ، ولم نيسبوا الشرف إلا إليها ، ولم يروا للمزية موجباً سواها ، هكذا ترى الأمر في ظاهر كلامهم ، و ليس الأمر على ذلك ، و لا هذا الشرف العظيم ، و لا هذه المزية الجليلة ، وهذه الروعة التي تدخل على النفوس عند هذا الكلام لمجرد الاستعارة و لكن لأن يسلك بالكلام طريق ما يسند الفعل فيه إلى الشيء ، وهو لما هو من سببه ، فيرفع به ما يسند إليه ، و يؤتي بالذي الفعل له في المعنى منصوباً بعده ، مبينا أن ذلك الإسناد، و تلك النسبة إلى ذلك الأول إنما كان من أجل هذا الثاني ، و لما بينه و بينه من هذا الاتصال و الملابسة كقولهم : طاب زيد نفساً وقر عمرو عينا ، و تصبب عرقاً ، و كرم أصلاً ، و حسن وجهاً و أشباه ذلك مما تجد منقولا عن الشيء إلى ما ذلك الشيء من سببه ، و ذلك أنا نعلم أن \\\” اشتعل \\\” للشيب في المعنى ، و أن كان هو الرأس فقط ، كما أن ما أسند إليه ، يبين أن الشرف كان لأن سلك فيه هذا المسلك و توخى به هذا المذهب ، أن تدع هذا الطريق فيه ، و تأخذ اللفظ فتسنده إلى الشيب صريحاً فتقول : \\\” اشتعل الرأس \\\” أو \\\” الشيب في الرأس \\\” ، ثم تنظر هل تجد ذلك الحس ، و تلك الفخامة .؟ و هل ترى الروعة التي كنت تراها ؟ فإن قلت : فما السبب في أن كان \\\” اشتعل \\\” إذا استعير للشيب على هذا الوجه كان له الفضل ، ولم بأن بالمزية من الوجه الآخر هذه البينونة ؟ فإن السبب أنه يفيد مع لمعان الشيب في الرأس ، الذي هو أصل المعنى ، الشمول ، وأنه قد شاع فيه ، وأخذه من نواحيه ، وأنه قد استقر به ، و عم جملته ، حتى لم يبق من السواد شيء ، أو لم يبق منه إلا ما لا يعتد به . وهذا ما لا يكون إذا قيل : \\\” أشتعل شيب الرأس \\\” أو \\\” الشيب في الرأس بل لا يوجب اللفظ حينئذ أكثر من ظهوره فيه على الجملة ، ووزان ذلك أن تقول : اشتعل البيت عليه ، و أخذت في طرفيه ووسطه ، و تقول \\\”: اشتعلت النار في البيت \\\” فلا يفيد ذلك ، بل لا يقتضي أكثر من وقوعها فيه ، و أصابتها جانباً منه ، فأما الشمول ، وأن تكون قد استولت على البيت ، و ابتزته فلا يعقل من اللفظ التفجير للعيون في المعنى ، ووقع على الأرض في اللفظ ألبته . و نظير هذا في التنزيل قوله تعالى : \\\” و فجرنا الأرض عيرانا \\\” التفجير للعيون في المعنى وواقع على الأرض في اللفظ كما أسند هناك الاشتعال إلى الرأس . وقد حصل بذلك من معنى الشمول ها هنا مثل الذي حصل هناك .

و ذلك أنه قد أفاد أن الأرض قد كانت صارت عيونا كلها ، و أن الماء كان يفور من كل مكان فيها و لو أجرى اللفظ على ظاهره فقيل : \\\” و فجرنا عيون الأرض \\\” ، \\\” أو العيون في الأرض \\\” لم يفد ذلك ، ولم يدل عليه ، و لكان المفهوم منه أن الماء قد كان فار من عيون متفرقة في الأرض ، و تنبجس من أماكن فيها \\\” [ دلائل الإعجاز للجرجاني ص79 ـ80].

من هذا النص يتضح لنا أن عبد القاهر يرجع جمال الاستعارة و شرفها ور وعتها في القرآن الكريم إلى نظمها العجيب البديع ، و كم كنت أود أن يتناول هذا الأديب الذواقة الصور و الألوان البلاغية في القرآن بهذه العبارة الفياضة و بتك الطريقة البيانية الرائعة التي تشف عن الجمال الأخاذ و الإعجاب الرائع الذي يكمن في هذه الصور ، و ينبع من نظمها العجيب الذي لا يقدر على مثله بشر ، و لكنه وقف عند لمحة من لمحاته الجزئية شأنه في ذلك شأن غيره من بلغاء عصره .

من روائع التشبيه في القرآن الكريم :

قال تعالى : \\\” إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فأختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس و الأنعام ، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها و أزينت و ظن أهلها أنهم قادرون عليها ، أتاها أمرنا ليلاً أو نهارا فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس \\\” سورة يونس 24

شبه القرآن حال الدنيا في سرعة تقضيها و انقراض نعيمها ، و اغترار الناس بها ، بحال ماء نزل من السماء و أنبت أنواع العشب ، وزين بزخارفها وجه الأرض كالعروس إذا أخذت الثياب الفاخرة ، حتى إذا طمع أهلها فيها ، و ظنوا أنها مسلمة من الجوائح أتاها بأس الله فجأة فكأنها لم تكن بالأمس .

تأمل بعقلك و خيالك و ذوقك نظم الآية الكريمة أنها مكونة من عشر جمل لو سقط منها شيء اختل التشبيه ، وانظر إلى هذه الجمل تجد كل جملة تعبر عن مشهد من مشاهد الحياة الدنيا ، و قد رتبت ترتيبا عجيبا ً كان كل جملة منها تلد التي تليها ، وقد تكونت كل جملة من طائفة من الكلمات تألفت بأصواتها و ظلالها و أجراسها فعبرت أصدق تعبير عن المشهد الذي استقلت به ، أن نظمها أو حرفا بأخر اختل بمقدار ، بحيث إذا أخرت أو قدمت أو غيرت كلمة بأخرى أو حرفا بآخر اختل المعنى ، و تبعثرت مشاهد الصورة الدنيوية .

قال تعالى : \\\” مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، لا يقدرون على شيء مما كسبوا \\\” [سورة إبراهيم : 18] .

الذين كفروا في ضياعها ، و ذهابها إلى غير عودة بهيئة رماد تذروه الرياح و تذهب به بددا إلى حيث لا يتجمع أبدأ .

تأمل نظم الآية تجد كل كلمة قارة في مكانها ، مطمئنة في موضعها لا تشكو قلقاً و لا اضطراب ، معبرة في دقة و صدق عن معناها ، و تأمل تناسق الكلمات و تألقها ، و ترتيب الجمل و تعانقها ، و مخارج الحروف و أصواتها ، و إيحاءات الألفاظ و اشاراتها تجد نظماً عجيباً لا يقدر عليه إلا خالق الأرض و السماوات .

تأمل كلمة \\\” رماد \\\” إنها توحي بخفة الوزن ، و تأمل ، \\\” اشتدت \\\” فإنها توحي بسرعة الرياح و تأمل كلمة \\\” عاصف \\\” فإنها توحي بالعنف .

و تأمل كيف أبرز لك هذا التشبيه ببديع نظمه الصورة حية متحركة كأنك تراها و تلمسها .

قال تعالى : \\\” و مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مراضاة الله ، وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل ، فأتت أكلها ضعفين ، فإن لم يصبها وابل فطل \\\” سورة البقرة 265.

شبه القرآن الصدقات التي تنفق ابتغاء مرضات الله في كثرة ثوابها و مضاعفة أجرها بجنة فوق ربوة أصابها مطر غزير فأخصبت تربتها ، و تضاعف أكلها .

تأمل نظم الآية العجيب كلمات إلهية لا يصلح في مكانها غيرها تعبر عن معانيها في دقة و إحكام ، وتنبعث منها لطائف و أنوار ، و ينطوي تحتها الكثير من العجائب و الأسرار ، و جمل ربانية متناسقة متلاحقة قد فصلت على معانيها بمقدار ، و حروف ذات أصوات و أنغام تبعث في الصورة الحركة و تبث فيها الحياة .

تأمل نظم الآية العجيب كلمات إلهية لا يصلح في مكانها غيرها تعبر عن معانيها في دقة و إحكام ، و تنبعث منها لطائف و أنوار ، و ينطوي تحتها الكثير من العجائب و الأسرار ، و جمل ربانية متناسقة متلاحقة قد فصلت على معانيها بمقدار ، و حروف و أنغام تبعث في الصورة الحركة و تبث فيها الحياة .

إنما من يقرأ الآية الكريمة ، يتذوق خلاوتها يخيل إليه أنه يرى هذه الصورة الغيبية الخفية أمام عينيه و أنه يلمسها و يتقراها بيديه .

أبعد هذا التصوير يأتي مكابر مجهول يصف التشبيه القرآني بأنه عن الإعجاز معزول ؟

قال تعالى : \\\” مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء ، كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً ، و إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون \\\” سورة العنكبوت .

شبه القرآن الكريم حال هؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أندادا في لجوئهم و احتمائهم بهؤلاء الأنداد الضعفاء المتناهين في الضعف بحال العنكبوت حينما تأوي إلى بيتها الضعيف الواهن و تحتمي به .

صورة عجيبة تلح على الحس و الوجدان ، و تجتذب إليها الألتفات ، وتسترعي الانتباه ، و تسترق الأسماع و تبهر الألباب و تستولي على الأحاسيس و المشاعر ، و يقف أمامها دهاقين الكلام حيارى يتساءلون كيف نظمت هذه الصورة ؟ و كيف تكونت ؟ ثم لا يجدون من يجيبهم على تساؤلاتهم ، لأن البشر مهما أوتوا من البراعة و البيان لا يمكنهم الوصول إلى معرفة سر نظم القرآن .

إنها تصور لك هؤلاء العباد الغافلين بصورة العناكب الضئيلة الواهنة ، و تصور لك هؤلاء الضعفاء العاجزين بصورة بيت العنكبوت الذي يضرب به المثل في الضعف و الوهن .

و أظنك أيها القارئ الكريم لست في حاجة إلى أن أحدثك عن نظم هذه الصورة البلاغية فذلك متروك لذوقك و إحساسك ، و لكنني أدعوك إلى النظر و التأمل في الكلمات التي اختيرت للمشبه به و نظمت منها صورته \\\”:كمثل العنكبوت اتخذت بيتا..\\\” هل في مقدورك أو في مقدور أي بليغ مهما كان حظه من الفصاحة البيانية ، و مهما كان يحفظ من مفردات اللغة العربية أن يأتي بألفاظ تسد مسد هذه الألفاظ التي نظمت منها صورة المشبه به ؟ إن أحداً من البشر لن يستطيع ، واللغة العربية على اتساع مفرداتها ليس فيها ما يسد مسد هذه الألفاظ .

إنها الصياغة الإليهة يقف البشر أمامها عاجزين حيارى مذهولين .

قال تعالى : \\\” و اتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ، فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ، ولو شئنا لرفعناه بها ، و لكنه أخلد إلى الأرض ، و اتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث \\\” سورة العنكبوت .

تأمل الصورة التشبيهية التي اشتملت عليها الآية الكريمة .

لقد شبه القرآن الكريم في هذه الآية حال الكذب بآيات الله في إصرار على ضلاله في جميع أحواله كالكلب في إدامه اللهثان .

إنها صورة فنية رائعة أحكم القرآن الكريم صياغتها ، و أجادت الريشة الإلهية رسمنها ، تكشف في جلاء ووضوح عن حقيقة هذا الكذب الضال ، إنه حقير قذر ، لا يؤثر فيه النصح و الإرشاد و لا ينفع معه الوعظ و التذكير ، قد ركب رأسه ، ولج في ضلاله ، واتخذ الشيطان إلها من دون الله ثم تأمل الكلمات التي نظمت منها صورة المشبه به لا تجد في مفردات اللغة ـ على كثرتها ، من بقوم مقامها و يسد مسدها ، ثم تأمل كلمة \\\” الكلب \\\” وحدها لا تجد كلمة في اللغة تصور هذا المعنى و تبرزه في صورة حية متحركة سواها ، إذ كل مخلوق إنما يلهث من مرض أو عطش أو إعياء إلا الكلب فإنه يلهث في جميع أحواله في حال الدلال و في حالة الراحة ، و في حالة الصحة و المرض وفي حالة الري و العطش .

قال تعالى : \\\” و حور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون \\\”

شبه القرآن الكريم الحور العين باللؤلؤ المكنون في الصفاء و النقاء و الهدوء و الصيانة .

تأمل نظم هذه الصورة التشبيهية الإلهية أنه فوق طاقة البشر . ثم تأمل هذه الكلمة العجيبة \\\” اللؤلؤ \\\” هل في مقدورك أو في مقدور أي بليغ مهما أوتي من البراعة و البيان أن يأتي بكلمة أخرى تؤدي معناها ، و تصور ما صورته ؟ ثم تأمل الدقة في صفة هذا اللؤلؤ بكونه مكنونا.

إن اللؤلؤ فيه الصفاء و الهدوء و النقاء ، وهو أحجار كريمة من شأنها أن تصان و يحرص عليها .

تأمل الارتباط العجيب و الصلة الوثيقة بين الحور العين و اللؤلؤ المكنون ، إنه الإعجاز يلبس ثوب التشبيه فيقف البلغاء أمامه ضعفاء قد استولت عليه الحيرة و سيطرت على عقولهم الدهشة و داعبت أنامل الإعجاب حبات قلوبهم . فخروا ساجدين لعظمته ، و شهدوا بأنه البيان الإلهي الذي لا يقدر عليه بشر .

قال تعالى : \\\” يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ، و تكون الجبال كالعهن المنفوش \\\”

شبه القرآن الكريم الناس يوم القيامة بالفراش المبثوث في ضعفهم و ضالتهم و تهافتهم .

و شبه الجبال بالعهن \\\” الصوف \\\” المنفوض في هشاشتها و خفتها .

مشهدان رائعان رسمتهما الريشة الإلهية فأجادت و أعجزت ، و سخرت و أدهشت .

تأمل هذه الكلمة \\\” الفراش \\\” إنها تصور لك بظلها و جرسها ، و إيحائها الناس في هذا اليوم في منتهى الضعف و الضالة ، وهم مستطارون مستخفون من هول هذا اليم .

و تأمل الدقة في وصف الفراش في وصف الفراش بكونه مبثوثاً أن هذا الوصف يصور لك كثرة الناس في هذا اليوم و تهافتهم . ثم حدثني بربك هل في مفردات اللغة كلمة تصور هذا المشهد سوى هذه الكلمة القرآنية ؟

و هل هناك أعجب من هذه الدقة في وصف الفراش بكونه مبثوثاً ؟

ثم دقق نظرك في كلمة \\\” العهن \\\” هل في قواميس اللغة العربية كلمة أقدر على تصوير هذا المشهد من هذه الكلمة ؟ إنها بجمالها وظلها و جرسها الساحر تصور لك الجبال الضخمة الثابتة بالصوف المنقوش الذي تتقاذفه الرياح الهوج . ثم تأمل بعقلك ر خيالك الدقة و الإحكام في وصف العهن بكونه منفوشاً إن هذا الوصف يصور لك الجبال الضخمة الثابتة في منتهى الهشاشة و الخفة .

إنه النظم القرآني يبهر العقول ، و يطير بالألباب ، و يذهب بسر البلاغة و سحر البيان .

من روائع الاستعارة في القرآن الكريم

قال تعالى : \\\” و آية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون \\\” سورة يس.

استعير في الآية الكريمة : \\\” السلخ \\\” و هو كشط الجلد عن الشاة و نحوها لإزالة ضوء النهار عن الكون قليلاً قليلاً ، بجامع ما يترتب على كل منهما من ظهور شيء كان خافياً ، فبكشط الجلد يظهر لحم الشاة ، و بغروب الشمس تظهر الظلمة التي هي الأصل و النور طاريء عليها ، يسترها بضوئه .

و هذا التعبير الفني يسميه علماء البلاغة \\\” الاستعارة التصريحية التبعية \\\” .

استعارة رائعة و جملية ، إنها بنظمها الفريد و بإيحائها و ظلها و جرسها قد رسمت منظر بديعاً للضوء و هو ينحسر عن الكون قليلاً قليلاً و للظلام و هو يدب إليه في بطء .

إنها قد خلعت على الضوء و الظلام الحياة ، حتى صارا كأنهما جيشان يقتتلان ، قد أنهزم أحدهما فولى هارباً ، و ترك مكانه للآخر .

تأمل اللفظة المستعارة و هي \\\” نسلخ \\\” إن هذه الكلمة هي التي قد استقلت بالتصوير و التعبير داخل نظم الآية المعجز فهل يصلح مكانها غيرها ؟

قال تعالى : \\\” و الصبح إذا تنفس \\\” استعير في الآية الكريمة خروج النفس شيئاً فشيئاً لخروج النور من المشرق عند انشقاق الفجر قليلاً قليلاً بمعنى النفس

ن تنفس بمعنى خرج النور من المشرق عند انشقاق الفجر .

استعارة قد بلغت من الحسن أقصاه ، و تربعت على عرش الجمال بنظمها الفريد ، إنها قد خلعت على الصبح الحياة حتى لقد صار كائنا حيا يتنفس ، بل إنساناً ذا عواطف و خلجات نفسية ، تشرق الحياة بإشراق من ثغره المنفرج عن ابتسامة وديعة ، و هو يتنفس بهدوء ، فتتنفس معه الحياة ، و يدب النشاط في الأحياء على وجه الأرض و السماء ، أرأيت أعجب من هذا التصوير ، و لا أمتع من هذا التعبير؟

ثم تأمل اللفظة المستعارة و هي \\\” تنفس \\\” أنها بصوتها الجميل و ظلها الظليل ، و جرسها الساحر قد رسمت هذه الصورة البديعة في إطار نظم الآية المعجزة ، فهل من ألفاظ اللغة العربية على كثرتها يؤدي ما أدته ، و يصور ما صورته ؟

قال تعالى : \\\” إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية \\\” سورة الحاقة .

استعير في الآية الكريمة \\\” الطغيان \\\” للأكثر الماء بجامع الخروج عن حد الاعتدال و الاستعارة المفرط في كل منها .

ثم اشتق من الطغيان : \\\” طغى \\\” بمعنى كثر .

استعارة فريدة لا توجد في غير القرآن إنها تصور لك الماء إذا كثر و فار و اضطرب بالطاغية الذي جاوز حده ، و أفرط في استعلائه . أرأيت أعجب من هذا التصوير الذي يخلع على الماء صفات الإنسان الآدمي ؟ ثم تأمل اللفظة المستعارة \\\” طغى \\\” إنها بصوتها و ظلها و جرسها إيحائها قد استقلت برسم هذه الصورة الساحرة في إطار نظم الآية المعجز .

قال تعالى : \\\” فأصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين \\\” .

استعير في الآية الكريمة :\\\” الصدع \\\” و هو كسر الزجاج للتبليغ بجامع التأثير في كل منهما أما في التبليغ فلأن المبلغ قد أثر في الأمور المبلغة ببيانها بحيث لا تعود إلى حالتها الأولى من الخفاء ، و أما في الكسر فلأن فيه تأثير لا يعود المكسور معه إلى الإلتئامه .

ثم اشتق من الصدع معنى التبليغ اصدع بمعنى بلغ ، استعارة رائعة و جميلة إنها تبرز لك ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم في صورة مادة يشق بها و يصدع . إنها تتبرز لك المعنى المعقول في صورة حسية متحركة كأنها كأنك تراها بعينك و تلمسها بيدك . تأمل اللفظة المستعارة \\\” اصدع \\\” إنها بصورتها و جرسها و إيحائها قد استقلت برسم هذه الصورة الفردية المؤثرة إذ أن من يقرأها يخيل إليها أنه يسمع حركة هذه المادة المصدوعة تخيل لو استبدلت كلمة \\\” اصدع \\\” بكلمة \\\” بلغ\\\” ألا تحس أن عنصر التأثير قد تضاءل و أن الصورة الحية المتحركة قد اختفت و أن المعنى قد أصبح شاحباً باهتاً؟

إن اللفظة المستعارة هي التي رسمت هذه الصورة في إطار نظم الآية المعجزة .

قال تعالى : \\\” و تركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض و نفخ في الصور فجمعناهم جمعاً \\\” سورة الكهف 100.

استعير في الآية الكريمة الموج \\\” حركة الماء\\\” للدفع الشديد بجامع سرعة الاضطراب و تتابعه في الكثرة ثم اشتق من الموج بمعنى الدفع الشديد\\\” يموج \\\” بمعنى يدفع بشدة .

إن هذه الاستعارة القرآنية الرائعة تصور للخيال هذا الجمع الحاشد من الناس احتشاداً لا تدرك العين مداه حتى صار هذا الحشد الزاخر كبحر ترى العين منه ما تراه من البحر الزاخر من حركة و تموج و اضطراب . تأمل اللفظة المستعارة أنها في إطار نظم الآية المعجزة قد استقلت برسم هذا المشهد الفريد بصوتها و جرسها و إيحائها .

قال تعالى : \\\” آلر . كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور \\\” سورة إبراهيم .

استعير في الآية الكريمة الظلمات للضلال بجامع عدم الاهتداء في كل منها .. و استعير النور بجامع الاهتداء في كل منها . و هذا المسلك الأدبي يسميه علماء البلاغة \\\” الاستعارة التصريحة الأصلية \\\”.

هذه الاستعارة الفردية تجعل الهدى و الضلال يستحيلان نوراً و ظلمة . إنها تبرز المعاني المعقولة الخفية في صورة محسوسة ، حية متحركة كأن العين تراها و اليد تلمسها .

تأمل كلمة \\\” الظلمات \\\” إنها تصور لك بظلامها الضلال ليلاً دامساً يطمس معالم الطريق أمام الضلال فلا يهتدي إلى الحق ثم تأمل الدقة القرآنية في جمع \\\” الظلمات \\\” أنه يصور لك إلى أي مدى ينبهم الطريق أمام الضلال فلا يهتدون إلى الحق وسط هذا الظلام المتراكم .

ثم تأمل كلمة \\\” النور \\\” أنها بنورها تصور لك الهداية مصباحاً منيراً ينير جوانب العقل و القلب و يوضح معالم الطريق أمام المهتدي فيصل في سهولة و يسر إلى الحق فينتفع به فيطمئن قلبه و تسكن نفسه و يحظى بالسعادة في دنياه و أخراه .

من روائع الكناية في القرآن الكريم

قال تعالى : \\\” نساؤكم حرث لكم \\\” لقد كنى القرآن الكريم في هذه الآية بكلمة \\\” الحرث \\\” عن المعاشرة الزوجية .

إن هذه الكناية الفردية مما انفرد به القرآن الكريم فهي لطيفة دقيقة راسمة مصورة ، مؤدية مهذبة ، فيها من روعة التعبير و جمال التصوير ، و ألوان الأدب و التهذيب ما لا يستقل به بيان ، و لا يدركه إلا من تذوق حلاوة القرآن . إنها عبرت عن العاشرة الزوجية التي من شأنها أن تتم في السر و الخفاء بالحرث و هذا نوع من الأدب رفيع وثيق الصلة بالمعاشرة الزوجية ، و تنطوي تحته معاني كثيرة تحتاج في التعبير عنها إلى الآف الكلمات انظر إلى ذلك التشابه بين صلة الزراع بحرثه وصلة الزوجة في هذا المجال الخاص ، و يبن ذلك النبت الذي يخرجه الحرث ، و ذلك النبت الذي تخرجه الزوج ، و ما في كليهما من تكثير و عمران و فلاح كل هذه الصور و المعاني تنطوي تحت كلمة \\\” الحرث \\\” أليست هذه الكلمة معجزة بنظمها و تصورها ؟

هل في مفردات اللغة العربية ـ على كثرتها ـ ما يقوم مقامها و يؤدي ما أدته و يصور ما صورته . إن المعنى لا يتحقق إلا بها . و عن التصوير لا يوجد بسواها .

قال تعالى : \\\” فاتقوا النار التي وقودها الناس و الحجارة \\\” سورة البقرة .

هذه الآية كناية عن عدم العناية عند ظهور المعجزة . أي لا تعاندوا عند ظهور المعجزة فتمسكم هذه النار العظيمة تأمل هذه الكناية و مدى ما فيها من جمال التعبير ، و روعة التصوير ، و لطافة الإيجاز . إنها عبرت عن العناد عند ظهور المعجزة بالنار العظيمة ، و هذا التعبير فيه ما فيه من شدة التنفيذ و قوة التأثير ، ثم أن هذا التعبير قد أبرز لك هذا المعنى الفكري المجرد في صورة محسوسة ملموسة و لم يقف عند هذا الحد من التجسيم والتشخيص بل تعداه إلى التصيير و التحويل . فحوله على نار ملتهبة متأججة متوهجة بل تعداه إلى أعجب من هذا التصوير ، و لا أروع و ألذ من هذا التعبير ؟ إنه الإعجاز يلبس ثوب الكناية فتنحني له هامات البلغاء ، و يثير في النفس أسمى آيات الإعجاب .

قال تعالى : \\\” و لكن لا تواعدوهن سراً \\\” سورة البقرة 235.

في هذه الآية كنى القرآن الكريم عن الجماع بالسر . تأمل هذه الكناية و مدى ما فيها من اللطائف و الأنوار و الأسرار . تأمل هذه الكناية و مدى ما فيها من اللطائف و الأنوار و الأسرار . إن في الكناية بالسر عن الجماع من ألوان الأدب و التهذيب ما يعجز عن وصفه أساطين البيان ، و فيها من جمال التعبير ما يسترق الأسماع و يهز العواطف و يحرك الأحاسيس و المشاعر . لقد ألبست الجماع الذي يتم في السر ثوب السر فذهبت بسر الفصاحة و البيان . أبعد هذا يقال أن الكناية في القرآن يستطيع أن يحاكيها بنو الإنسان ؟ أبداً و الله إن بني الإنسان من المعجز بحيث لا يمكنهم فهم ما تنطوي عليه الكناية في القرآن من الأسرار .

قالى تعالى : \\\” إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم \\\” سورة آل عمران .

كنى القرآن الكريم في هذه الآية بنفي التوبة عن الموت على الكفر . تأمل هذه الكناية و مدى ما فيها من الجمال و الروعة . ألا تحس أن التعبير الذي كنى به القرآن أجمل من أي تعبير آخر ؟ ألا تحس أن في هذا التعبير إيجاز لطيف ؟ إن التعبير بجماله و إيجازه و بديع نظمه فوق مقدور البشر .

قال تعالى : \\\” فجعلهم كعصف مأكول\\\” سورة الفيل . كنى القرآن الكريم \\\” بالعصف المأكول \\\” عن مصيرهم إلى العذر فإن الورق إذا أكل انتهى حاله إلى ذلك .

تأمل هذه الكناية إن فيها من ألوان الأدب و الجمال ما لا يستقل به بيان ، و فيها من الإعجاز اللطيف ما يعجز عن وصفه مهرة صناع الكلام . أما الأدب و الجمال ففي التعبير عن العذرة بالعصف المأكول و هذا التعبير مما أنفرد به القرآن فلا يوجد في غيره ، و أما الإيجاز اللطيف ففي اختصار مقدمات لا أهمية لها بالتنبيه على النتيجة الحاسمة التي يتقرر فيها المصير . و فيها زيادة على ذلك التلازم الوثيق بين اللفظ و المعنى الكنائي الذي لا يتخلف أبدا فإن العصف المأكول لابد من صيرورته إلى العذرة .

فالمعنى لا يؤدي إلا بهذا اللفظ لا يصلح لهذا المعنى حتى لتكاد تصعب التفرقة بينهما فلا يدري أيهما التابع ؟ و أيهما المتبوع ؟ و من هنا يأتي الإعجاز .

قال تعالى : \\\” و لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ، و لا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسورا \\\” سورة الإسراء . كنى القرآن الكريم في هذه الآية بغل اليد إلى العنق عن البخل ، و ببسطها كل البسط عن الإسراف . تأمل الكنايتين تجد فيهما من روائع البيان ما لا يحيط به فكر إنسان فيهما جمال في التعبير ، و روعة في التصوير ، و إيجاز و تأثير ، و تنفير .

حدثني بربك ألا ترى أن التعبير عن البخل باليد المغلولة إلى العنق فيه تصوير محسوس لهذه الخلة المذمومة في صورة بغيضة منفرة ؟ فهذه اليد التي غلت إلى العنق لا تستطيع أن تمتد ، و هو بذلك يرسم صورة البخيل الذي لا تستطيع يده أن تمتد ، وهو بذلك يرسم صورة البخيل الذي لا تستطيع يده أن تمتد بإنفاق و لا عطية . و التعبير ببسطها لك البسط يصور هذا المبذر لا يبقى من ماله على شيء كهذا الذي يبسط يده فلا يبقى بها شيء . و هكذا استطاعت الكناية أن تنقل المعنى الذي يبسط يده فلا يبقى بها شيء . و هكذا استطاعت الكناية أن تنقل المعنى قوياً مؤثراً ثم تأمل التلازم الوثيق الذي لا يتخلف أبداً بين التعبير و المعنى الكنائي . إن هذا التلائم يدلك على أن المعنى الكنائي لا يمكن تأديته و تصويره إلا بهذا التعبير ، و أن هذا التعبير لا يصلح إلا لهذا المعنى . هل في مقدور البشر أن يحاكوا هذا الأسلوب ؟

إعجاز في نغم القرآن

إنك إذا قرأت القرآن قراءة سليمة ، و تلاوة صحيحة . أدركت أنه يمتاز بأسلوب . إيقاعي ينبعث منه نغم ساحر يبهر الألباب ، و يسترق الأسماع ، و يسيل الدموع من العيون . و يستولي على الأحاسيس و المشاعر ، و أن هذا النغم يبرز بروزاً واضحاً في السور القصار و الفواصل السريعة ، و مواضع التصوير و التشخيص بصفة عامة ، و يتوارى قليلاً أو كثيراً في السور الطوال و لكنه ـ على لك حال ـ ملحوظ دائماً في بناء النظم القرآني . إنه تنوع موسيقي الوجود في أنغماه و ألحانه .

و لعنا لا نخطئ إن رددنا سحر هذا النغم إلى نسق القرآن الذي يجمع بين مزايا النثر و الشعر جميعاً يقول المرحوم الأستاذ سيد قطب : \\\” على أن النسق القرآني قد جمع بين مزايا الشعر و النثر جميعاً ، فقد أعفى التعبير من قيود القافية الموحدة و التفعيلات التامة ، فنال بذلك حرية التعبير الكاملة عن جميع أغراضه العامة ، و أخذ في الوقت ذاته من خصائص الشعر الموسيقى الداخلية ، و الفواصل المتقاربة في الوزن التي تغنى عن التفاعيل ، والتقفية التي تغني عن القوافي ، و ضم ذلك إلى الخصائص التي ذكرنا فجمع النثر و النظم جميعاً \\\” .[ التصوير الفني في القرآن سيد قطب ].

أقرأ معي الآيات الأولي من سورة النجم :

بسم الله الرحمن الرحيم :\\\” و النجم إذا هوى ، ما ضل صاحبكم و ما غوى ، و ما ينطق عن الهوى ، أن هو إلا وحى يوحى ، علمه شديد القوى ، ذو مرة فاستوى ، و هو بالأفق الأعلى ن ثم دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى على عبده ما أوحى ، ما كذب الفؤاد و ما رأى ، أفتمارونه على ما يرى \\\” ؟

و لقد رآه نزلة أخرى ، عند سدرة المنتهي ، عندها جنة المأوى ، إذ يغشى السدرة ما يغشى ، ما زاغ البصر و ما طغى ، لقد رأى من آيات ربه الكبرى، أفرأيتم اللات و العزى ، و مناة الثالثة الأخرى ؟ ألكم الذكر و له الأنثى ؟ تلك إذن قسمة ضيزى\\\” سورة النجم .

تأمل الآيات تجد فواصل متساوية في الوزن تقريباً ـ على نظام غير نظام الشعر العربي ـ متحدة في حرف التقفية تماماً ، ذات إيقاع موسيقي متحد تبعاً و ذلك ، و تبعاً لأمر آخر لا يظهر ظهر الوزن و القافية ، لأنه ينبعث من تألف الحروف في الكلمات ، وتناسق الكلمات في الجمل ، و مرده إلى الحس الداخلي ، و الإدراك الموسيقي ، الذي يفرق بين إيقاع موسيقي و إيقاع ، و لو اتحدت الفواصل و الأوزان . و ألإيقاع الموسيقي هنا متوسط الزمن تبعاً لتوسط الجملة الموسيقية في الطول متحد تبعاً لتوحد الأسلوب الموسيقي و إيقاع ، و لو اتحدت الفواصل و الأوزان .

و لا يعني هذا أن كلمة \\\” الأخرى \\\” أو كلمة \\\” الثالثة \\\” أو كلمة \\\” إذن \\\” زائدة لمجرد القافية أو الوزن ، فهي ضرورية في السياق لنكث معنوية خاصة .

و تلك ميزة فنية أخرى أن تأتي اللفظة لتؤدي معنى في السياق لنكث معنوية خاصة ، و تلك ميزة فنية أخرى أن تأتي اللفظة لتؤدي معنى في السياق ، وتؤدي تناسباً في الإيقاع ، دون أن يطغى هذا على ذلك ، أو نحو يختل إذا قدمت أو أخرت فيه ، أو عدلت في النظم أي تعدل .

و إن هذا النغم القرآني ليبدو في قمة السحر و التأثير في مقام الدعاء ، إذا الدعاء ـ بطبيعة ـ ضرب من النشيد الصاعد إلى الله ، فلا يحلو وقعه في نفس الضارع المبتهل إلا إذا كانت ألفاظه جميلة منتقاة و جملة متناسقة متعانقة ، و فواصله متساوية ذات إيقاع موسيقي متزن ، و القرآن الكريم لم ينطق عن لسان النبيين و الصديقين و الصالحين إلا بأحلى الدعاء نغماً , و أروعه سحر بيان ، أن النغم الصاعد من القرآن خلال الدعاء يثير بكل لفظة صورة ، و ينشئ في كل لحن مرتعاً للخيال فسيحا : فتصور مثلاً ـ و نحن نرتل دعاء زكريا عليه السلام ـ شيخاً جليلاً مهيباً على كل لفظه ينطق بها مسحة من رهبة ، وشعاع من نور ، و نتمثل هذا الشيخ الجليل ـ على وقاره ـ متأجج.

العاصفة ، متهدج الصوت ، طويل النفس ، ما تبرح أصداء كلماته تتجاوب في أعماق شديدة التأثير . بل أن زكريا في دعائه ليحرك القلوب المتحجرة بتعبيره الصادق عن حزنه و أساه خوفاً من انقطاع عقبه ، و هو قائم يصلي في المحراب لا ينئ ينادي أسم ربه نداء خفياً ، و يكرر اسم \\\” ربه \\\” بكرة و عشياً ، و يقول في لوعة الإنسان المحروم و في إيمان الصديق الصفي : \\\” رب إني وهن العظم مني ، و اشتعل الرأس شيباً ، و لم أكن بدعائك رب شقياً ، وإني خفت الموالي من ورائي ، و كانت امرأتي عاقراً ، فهب لي من لدنك ولياً ، يرثني و يرث من آل يعقوب و اجعله رب رضياً \\\” سورة مريم .

و إن البيان لا يرقى هنا إلى وصف العذوبة التي تنتهي في فاصلة كل آية بيائها المشددة و تنوينها المحول عند الوقف ألفا لينة كأنها في الشعر ألف الإطلاق : فهذه الألف اللينة الرخية المنسابة تناسقت بها \\\” شقياـ وليا ـ رضياً \\\” مع عبد الله زكريا ينادي ربه نداء خفياً ، ولقد استشعرنا هذا الجو الغنائي و نحن نتصور نبياً يبتهل وحده في خلوة مع الله ، و كدنا نصغي إلى ألحانه الخفية تتصاعد في السماء ، فكيف بنا لو تصورنا جماعة من الصديقين الصالحين و هم يشتركون : ذكرانا و إناثا ، شبانا ً بأصوات رخيمة متناسقة تصعد معا و تهبط معا و هي تجأر إلى الله ، و تنشد هذا النشيد الفخم الجليل :\\\” ربنا ما خلقت هذا باطلاً ، سبحانك فقنا عذاب النار ، ربنا إنك من تدخل النار فقد أخذيته ، و ما للظالمين من أنصار ، ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بركم فأمنا ، ربنا فأغفر لنا ذنوبنا ، و كفر عنا سيأتينا ، و توفنا مع الأبرار ، ربنا و آتنا ما وعدتنا على رسلك و لا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد \\\”.

إن في تكرار عبارة \\\” ربنا \\\” لما يلين القلب ، و يبعث فيه نداوة الإيمان ، و أن في الوقوف بالسكون على الراء المذلقة المسبوقة بهذه الألف اللينة لما يعين على الترخيم و الترنيم ، و يعوض في الأسماع أحلى ضربات الوتر على أعذب العيدان .

و لئن كان في موقفي الدعاءين هذين نداوة و لين ، ففي بعض مواقف الدعاء القرآني الأخرى صخب رهيب ، ها هو ذا نوح عليه السلام يدأب ليلاً و نهاراً على دعوة قومه إلى الحق ، ويصر على نصحهم سراً و علانية ، و هم يلجون في كفرهم و عنادهم ، ويفرون من الهدى فراراً ، و لا يزدادون إلا ضلالاً و استكباراً ، فما على نوح ـ و قد أيس منهم ـ إلا أن يتملكه الغيظ و يمتلئ فمه بكلمات الدعاء الثائرة الغضبى تنطلق في الوجوه مديدة مجلجة ، بموسيقاها الرهيبة ، و إيقاعها العنيف ، و ما تتخيل الجبال إلا دكا ، و السماء إلا متجهمة عابسة و الأرض إلا مهتزة مزلزة ، والبحار إلا هائجة ثائرة ، حين دعا نوح على قومه بالهلاك و التيار فقال: \\\” رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ، إنك إن تذرهم يضلوا عبادك و لا يلدوا إلا فاجراً كفاراً ، رب أغفر لي ولوالدي و لمن دخل بيتي مؤمنا ، و للمؤمنين و المؤمنات ، و لا تزد الظالمين إلا تبارا\\\” سورة الأحزاب . أما الحناجر الكظيمة المكبوتة التي يتركها القرآن في بعض مشاهده تطلق أصواتها الحبيسة ـ بكل كربها و ضيقها و بحتها و حشرجتها ـ فهي حناجر الكافرين النادمين يوم الحساب العسير ، فيتحسرون و يحاولون التنفيس عن كربهم ببعض الأصوات المتقطعة المتهدجة ، كأنهم بها يتخففون من أثقال الدين يدعون ربهم دعاء التائبين النادمين و يقولون :\\\” ربنا أنا أطعنا سادتنا و كبراءنا فأضلونا السبيلاً ، ربنا آتهم ضعفين من العذاب و العنهم لعنا كبيراً .\\\” سورة الأحزاب 67،68.

و إن هذه الموسيقى الداخلية لتنبعث في القرآن حتى من اللفظة المفردة في كل آية من آياته ، فتكاد تستقل ـ بجرسها و نغمها ـ بتصوير لوحة كاملة فيها اللون زاهياً أو شاحباً ، و فيها الظل شفيقاً أو كثيفاً . أرأيت لونا أزهي من نضرة الوجوه السعيدة الناظرة إلى الله ، ولونا أشد تجهما من سواد الوجوه الشقية الكالحة الباسرة في قوله تعالى : \\\” وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة \\\” سورة القيامة . لقد استقلت في لوحة السعداء لفظة \\\” ناضرة \\\” بتصوير أزهى لون و أبهاه ، كما استقلت في لوحة الأشقياء لفظة \\\” باسرة \\\” برسم أمقت لون و أنكاه .

المصدر :

إعجاز النظم في القرآن الكريم تأليف الأستاذ محمود شيخون .

دراسات حول الإعجاز البياني في القرآن الدكتور المحمدي عبد العزيز الحناوي

إعجاز القرآن البياني الدكتور عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ

الاعجـــــــــــــــــــــــــــــــاز الدوائي

العسل .. دواء شافي

إن يد القدرة الإلهية .. التي خلقت الإنسان و أوجدته .. عرفت ضعفه في هذا الخضم المائج من الحياة ، الممتلئة بالصراع من أجل البقاء… فزودته بما يكفل له بقاءه و استمرار نوعه .

و كان أن الله عز وجل أوجد النحل ، و سخره ليعمل العسل.. و جعل في العسل مذاقاً حلواً ، و طعماً شهياً فريداً .. الأمر الذي اجتذب الإنسان إليه .. فجعله يعتمده في التغذية منذ أكثر من ستين فرناً خلف .. قبل أن يعرف الخبز و اللبن و الحبوب .. بل فبل أن يفلح الأرض و يستأنس الحيوان .. إذ أنه كان يجمعه من أعشاش النحل المنتشرة في الغابات و الفضل الإلهي فيما أنعم الله به على الإنسان بالعسل .. لا يتجلى في أنه سخر له من سيصنع له غذاءً مناسباً ، منذ عهود العصر الحجري و ما قبل التاريخ بل إن ذلك الفضل ليتجلى في أنه جعل العسل مادة حلوة ، شهية المذاق ، تجذب إليها الإنسان ، لينعم ، ليس بطيب مذاقها فحسب ، بل بطيب فضل شقائها من حيث لا يدري .. قال تعالى عن العسل : فيه شفاء للناس .

لقد عرف المولى عز وجل ، عجز الإنسان ، في القرون الغابرة ، عن اتخاذ الغذاء المناسب ، و الدواء الشافي لما قد ينتابه من أمراض .. فأوحى إلى النخل أن اتخذي من الجبال بيوتاً و من الشجر و مما يعرشون .

ثم ألهمها طريقة صنع العسل ، ووضع الزيوت الطيارة فيه ، لتعطيه نكهته الشهية ، فيجذب إليه الإنسان الجاهل ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً ، يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه.

و ما ذلك إلا ليستفيد الإنسان مما أودعه الله في العسل من قدرة طبية شافية ، و مقدرة وقائية مانعة للأمراض فيه شفاء للناس .

ما أعظم هذا الفضل الإلهي .. إن في ذلك لآيةٌ لقوم يتفكرون .

و إن الفضل الإلهي هذا .. ليزداد وضوحاً ، إذ ما عرفنا أن العسل لا يزال يحافظ على كفاءته الطبية الممتازة .. على الرغم من وجود الأدوية الطبية الحديثة ، و المضادات الحيوية .

و حري بالإنسان اليوم ، أن يطأطأ رأسه خشوعاً أمام هذا الفضل الإلهي الكبير .. عندما يعلم رأي الطب الحديث ، المعتمد على العلم و التجربة العلمية .

ذكر العـســل فــي القــرآن و الســنـة :

يقول الله تعالى في كتابه العظيم ( ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لأيةً لقوم يتفكرون[1]).

و قال صلى الله عليه و سلم (عليكم بالشفاءين: العسل، والقرآن )[2]

و قال أيضاً : ( من لعق العسل ثلاث غد وات من كل شهر ، لم يصبه عظيم من البلاء ) [3]

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَل) [4]

و جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : أخي يشتكي بطنه .. فأمره رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يسقه عسلاً ..

فقال : إني سقيته ، فلم يزده إلا استطلاقاً .

فقال صلى الله عليه و سلم : اسقه عسلاً .

فسقاه .. فبرئ . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : صدق الله و كذب بطن أخيك !

و ألمّ المرض بعوف بن مالك ، فقيل له : ألا نعالجك ؟

فقال : إيتوني بماء .. فإن الله تعالى يقول( و أنزلنا من السماء ماءً مباركاً ) .

ثم قال : إيتوني بعسل .. فإن الله تعالى يقول ( فيه شفاء للناس ) .

ثم قال : إيتوني بزيت .. فإن الله تعالى يقول ) من شجرة مباركة زيتونه ).

فجاؤه بكل ذلك .. فخلطه .. ثم شربه .. فبرئ[5] .

شـــكــل العـســل :

و قبل أن نخوض في عرض الآراء العلمية ، للإستطباب بالعسل لا نرى بأساً في أن نلقي نظرة سريعة على أوصاف العسل :

من المتعارف عليه أن للعسل أربعة ألوان هي :

1 ـ العسل الأبيض .

2 ـ العسل الكهرماني الفاتح .

3 ـ العسل الكهرماني .

4 ـ العسل الكهرماني الداكن ( الغامق ) .

و لقد أشار المولى سبحانه إلى اختلاف ألوان العسل في الآية الكريمة( ثم كلي من كل الثمرات ، فاسلكي سبل ربك ذللاً ، يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه ).

و لكأني بهذه الآية الشريفة ، و هي تربط بين اختلاف الأراضي التي يسلكها النحل من جهة أخرى .. تشير إلى حقيقتين علميتين ، عن سبب اختلاف ألوان العسل ، أقرتها المتابعة العلمية الحديثة .

أولى هاتين الحقيقتين العلميتين : إن اختلاف مرعى النحل يؤثر تأثيراً كبيراً في لون العسل .. وذلك لأن نوعية الرحيق وقف على نوعية الأزهار التي يرعاها النحل

و ثاني الحقيقتين العلميتين : إن اختلاف تركيب التربة الكيماوي بين بقاع الأرض المختلفة .. يؤدي إلى اختلاف لون العسل .. ذلك أن رحيق الأزهار يعتمد اعتماداً كبيراً على ما يمتصه النبات من المعادن التي في التربة … و حيث كانت كمية المعادن تختلف باختلاف بقاع الأرض .. فإن من الطبيعي لذلك أن يختلف لون العسل .

و أما الحقيقة العلمية الثالثة ، في اختلاف لون العسل ، و التي لم تشر إليها الآية القرآنية المارة الذكر ، لا من بعيد … فهي أن اختلاف لون العسل يعتمد أيضاً على الأقراص الشمعية المستعملة في الخلية .. فإذا كانت هذه الأقراص جديدة أعطت عسلاً فاتح اللون .. و إذا كانت قديمة أعطت عسلاً داكناً .

و لكن التمحيص في هذه الحقيقة العلمية ، المؤثرة في لون العسل .. يدلنا على عظمة القرآن .. كما يشير إلى بلاغته التي اقتضت أن يعطي من الحقائق العلمية ، ما يتطلبه الموقف ، و بصورة بالغة اللطف .. حتى يتمكن الإنسان من تفهمها و هضمها تماماً .

ذلك أن هذه الحقيقة العلمية الثالثة ، المؤثرة في لون العسل … يدلنا على الرغم من صحتها فهي ذات تأثير عارض ليس بطبيعي .. إذ أن اختلاف الأقراص الشمعية بين القدم و الجدة ، غنما مرده إلى ما يحدثه الإنسان ، اليوم ، الذي يضع الأقراص القديمة في خلية النحل .. أما عسل النحل .. كما يصنعه النحل .. دون أن تتدخل فيه يد الإنسان الطماع .. فإنه لا يتأثر مطلقاً بهذه الحقيقة العلمية الثالثة … لأنه لا أثر لها ، و لا وجود لها ، في الأحوال الطبيعية .

ومن أجل ذلك لم تشر الآية الكريمة إلى هذا الأمر مطلقاً ، لأنها تعالج قضية العسل ، كما ينتجه النحل ، وفقاً للوحي الإلهي .

التركيب الكيماوي للعسل :

ومهما يكن من أمر اختلاف لون العسل .. فانه بجميع ألوانه يحتوي على المركبات التالية :

1 ـ الغلوكوز ( سكر العنب ) : و هو يوجد بنسبة 75%و السكر الأساسي الرئيسي الذي تسمح جدران الأمعاء بمروره إلى الدم .. على عكس بقية الأنواع من السكاكر ـ و خاصة السكر الأبيض المعروف علمياً بسكر القصب ـ التي تتطلب من جهاز الهضم إجراء عمليات متعددة ، من التفاعلات الكيماوية ، و الاستقلابات الأساسية ، حتى تتم عملية تحويلها إلى سكاكر بسيطة أحادي كالغليكوز ـ يمكن الدم امتصاصها من خلال جدر الأمعاء .

هذا و إن سكر ( الغليكوز ) الذي في العسل .. بالإضافة إلى كونه سهل الامتصاص .. فإنه سهل الادخار

ذلك أنه يتجه بعد الامتصاص إلى الكبد مباشرة فيتحول إلى غلوكوجين ، يتم ادخاره فيه لحين الحاجة .. فإذا ما دعت الضرورة لاستخدامه .. يعاد إلى أصله ( غلوكوز) يسير مع الدم ، ليستخدم كقوة محركة في العضلات .

و من الملاحظ أن القيمة الحرارية للعسل مرتفعة جداً ، لاحتوائه على الغلوكوز .. و قد ثبت أن كيلوغراماً واحداً من العسل يعطي 3150حريرة .

2 ـ بعض الأحماض العضوية بنسبة 0,08 % ثمانية إلى عشرة آلاف .

3 ـ كمية قليلة من البروتينيات .

4 ـ عدد لا بأس به من الخمائر الضرورية لتنشيط تفاعلات الاستقلال في الجسم ، و تمثيل الغذاء ..و نستطيع أن نتبين الأهمية الكبرى لهذه الخمائر التي توجد في العسل إذا ما عرفنا و وظائفها المبينة فينا يلي :

أ . خميرة ( الأميلاز ) : و هي التي تحول النشاء الذي في الخبز و مختلف المواد النشوية ، إلى سكر عنب ( غلوكوز ) .

ب . خميرة ( الأنفزتاز) : و هي التي تحول سكر القصب ( السكر العادي ) إلى سكاكر أحادية ( غلوكوز وفراكتوز) يمكن امتصاصها في الجسم.

جـ .خميرتا ( الكاتالاز ) و ( البيروكسيداز ) : الضروريتان في عمليات الأكسدة و الإرجاع التي في الجسم .

د . خميرة ( الليباز) : الخاصة بهضم الدسم و المواد الشحمية .

5 . أملا ح معدنية بنسبة 0.018 % و على الرغم من ضآلة آلة نسبتها ، فإن لها أهمية كبرى ، بحيث تجعل العسل غذاء ذا تفاعل قلوي .. مقاوماً للحموضة .. له أهمية كبرى في معالجة أمراض الجهاز الهضمي المترافقة بزيادة كبيرة في الحموضة و القرحة .

و من أهم العناصر المعدنية التي في العسل : البوتاسيوم و الكبريت و الكالسيوم و الصوديوم و الفوسفور و المنغزيوم و الحديد والمنغنيز … و كلها عناصر معدنية ضرورية لعملية بناء أنسجة الجسم الإنساني و تركيبها .

6 . كميات قليلة من الفيتامينات لها وظائف حيوية ( فيزيولوجية ) مهمة ، نفصلها على الشكل التالي :

أ ـ فيتامين ب1 وهو وجود بنسبة 0,15% ملغ / لكل كيلو غرام من العسل وله دور أساسي في عمليات التمثيل الغذائي داخل الجسم ، و لا سيما بالنسبة للجملة العصبية .

ب ـ فيتامين ب 2 : و يوجد بنسبة 1.5 نلغ / كغ .. و هي النسبة نفسها التي يوجد بها في لحم الدجاج ..

و هو يدخل في تركيب الخمائر المختلفة التي تفرزها الغدد في الجسم .

جـ . فيتامين ب3 : بنسبة 2 ملغ / كغ … و هو فيتامين مضاد لالتهابات الجد .

د ـ فيتامين ب5 : بنسبة 1 ملغ / كغ .

هـ ـ فيتامين بث : المضاد النزيف .

و ـ فيتامين حـ : بنسبة 50 ملغ / كغ .. وهو من مناعة الجسم و مقاومته للأمراض .

7 ـ حبيبات غروية وزيوت طيارة ، تعطيه رائحة وطعماً خاصاً .

8 ـ مواد ملونة تعطيه لونه الجميل .

* * *

الخــواص العــلاجيــة للعســل :

بعد أن تعرفنا التركيب الكيماوي للعسل ، و أهمية مركباته للإنسان .. نستطيع أن نخوض في خواصه العلاجية ، مع شيء من الإيجاز، مع شيء من الإيجاز و التبسيط ، ويمكننا أن نجمل ذلك في الملاحظات التالية :

أولاً ـ إن أهم خواص العسل أنه وسط غير صالح لنمو البكتيريات الجرثومية و الفطريات … لذلك فهو قاتل للجراثيم ، مبيد لها أينما وجد …

على عكس ما شاع في الولايات المتحدة منذ ثلاثين سنة من أن العسل ينقل الجراثيم ، كما ينقلها الحليب بالتلوث .

و لقد قام الطبيب الجراثيم ( ساكيت ) باختبار اثر العسل على الجراثيم ، بالتجربة العلمية .. فزرع جراثيم مختلف الأمراض في العسل الصافي .. و أخذ يترقب النتائج ..

و لشد ما كانت دهشته عظيمة .. عندما رأى أن أنواعاً من هذه الجراثيم قد ماتت خلال بضع ساعات .. في حين أن أشدها قوة لم تستطع البقاء حية خلال بضعة أيام !

لقد ماتت طفيليات الزحار ( الديزيتريا) بعد عشر ساعات من زرعها في العسل .. و ماتت جراثيم حمى الأمعاء ( التيفوئيد ) بعد أربع و عشرين ساعة .. أما جراثيم الالتهاب الرئوي .. فقد ماتت في اليوم الرابع .. و هكذا لم تجد الجراثيم في العسل غلا قاتلاً و مبيداً لها !!

كما أن الحفريات التي أجريت في منطقة الجزة بمصر .. دلت على وجود إناء ، فيه عسل ، داخل الهرم ، مضى عليه ما ينوف على ثلاثة آلاف وثلاثمائة عام .. و على الرغم من مرور هذه المدة الطويلة جداً ، فقد ظل العسل محتفظاً ، لم يتطرق اليه الفساد … بل إنه ظل محتفظاً بخواصه ، لم يتطرق إليه الفساد .. بل إنه ظل محتفظاً حتى بالرائحة المميزة للعسل !!

ثانياً ـ إن العسل الذي يتألف بصورة رئيسة من الغلوكوز( سكر العنب ) يمكن استعماله في كل الاستطبابات المبنية على الخواص العلاجية للغليوكز .. كأمراض الدورة الدموية، و زيادة التوتر و النزيف المعوي ، وقروح المعدة ، و بعض أمراض المعي في الأطفال ، و أمراض معدية مختلفة مثل التيفوس و الحمى القرمزية و الحصبة و غيرها .. بالإضافة إلى أنه علاج ناجح للتسمم بأنواعه .

هذا .. و إن الغلوكوز المدخر في الكبد ( الغلوكوجين ) ليس ذخيرة للطاقة فحسب .. بل إن وجود المستمر ، في خلايا الكبد ، و بنسبة ثابتة تقريباً ، يشير إلى دوره في تحسين و بناء الأنسجة و التمثيل الغذائي .

و لقد استعمل الغليكوز حديثاً ، و على نطاق واسع ، ليزيد من معاونة الكبد للتسمم .

ثالثاً ــ في علاج فقر الدم :

يحتول العسل على عامل فعال جداً له تأثير كبير على الخضاب الدموي ( الهيموغلوبين ) و لقد جرت دراسات حول هذا الأمر في بعض المصحات السويسرية أكدت التأثير الفعال على خضاب الدم حيث ازدادت قوام الخضاب في الدم من 57% إلى 80%في الأسبوع الأول أي بعد أسبوع واحد من المعالجة بالعسل . كما لوحظت زيادة في وزن الأطفال الذين يتناولون العسل الزيادة في الأطفال الذين لا يعطون عسلاًَ .

رابعاً ــ العسل في شفاء الجروح :

لقد ثبت لدكتور ( كرينتسكي ) أن العسل يسرع في شفاء الجروح .. و علل ذلك المادة التي تنشط نمو الخلايا و انقسامها ( الطبيعي ) .. الأمر الذي يسرع في شفاء الجروح .

و لقد دلت الإحصائيات التي أجريت في عام 1946 على نجاعة العسل في شفاء الجروح .. ذلك أن الدكتور : ( س . سميرنوف) الأستاذ في معهد تومسك الطبي .. استعمل العسل في علاج الجروح المتسببة عن الإصابة بالرصاص في 75 حالة .. فتوصل إلى أن العسل ينشط نمو الأنسجة لدى الجرحى الذين لا تلتئم جروحهم إلا ببطء .

و في ألمانيا يعالج الدكتور ( كرونيتز ) و غيره آلاف الجروح بالعسل و بنجاح ،مع عدم الاهتمام بتطهير مسبق ، و الجروح المعالجة بهذه الطريقة تمتاز بغزارة افرازاتها إذ ينطرح منها القيح و الجراثيم .

و ينصح الدكتور (بولمان) باستعمال العسل كمضاد جراحي للجروح المفتوحة … و يعرب عن رضاه التام عن النتائج الطيبة التي توصل إليها في هذا الصدد لأنه لم تحدث التصاقات أو تمزيق أنسجة أو أي تأثير عام ضار ..

خامساً ــ العسل علاج لجهاز التنفس :

استعمل العسل لمعالجة أمراض الجزء العلوي من جهاز التنفس ..و لا سيما ـ التهاب الغشاء المخاطي و تقشره ، و كذلك تقشر الحبال الصوتية .

و تتم المعالجة باستنشاق محلول العسل بالماء الدافئ بنسبة 10%خلال 5 دقائق .

و قد بين الدكتور ( كيزلستين ) أنه من بين 20 حالة عولجت باستنشاق محلول العسل … فشلت حالتان فقط .. في حين أن الطرق العلاجية الأخرى فشلت فيها جميعاً .. و هي نسبة علية في النجاح كما ترى ..

و لقد كان لقدرة العسل المطهر و احتوائه على الزيوت الطيارة أثر كبير في أن يلجأ معمل ماك (mak ) الألماني إلى إضافة العسل إلى المستحضرات بشكل ملموس .

هذا و يستعمل العسل ممزوجاً بأغذية و عقاقير أخرى كعلاج للزكام .. و قد وجد أن التحسن السريع يحدث باستعمال العسل ممزوجاً بعصير الليمون بنسبة نصف ليمونه في 100غ من العسل .

سادساً ــ العسل وأمراض الرئة :

استعمل ابن سينا العسل لعلاج السل في أطواره الأولى .. كما أن الدكتور ( ن. يورش ) أستاذ الطب في معهد كييف يرى أن العسل يساعد العضوية في كفاحها ضد الإنتانات الرئوية كالسل و خراجات الرئة و التهابات القصبات و غيرها .. و على الرغم من أن البيانات الكثيرة للعلماء تشهد بالنتائج المدهشة للعسل ، في علاج السل .. فإنه لا يوجد دليل على وجود خواص مضادة للسل في العسل .. و لكن من المؤكد أن العسل يزيد من مقاومة الجسم عموماً .. الأمر الذي يساعد على التحكم في العدوى .

سابعاً ــ العسل و أمراض القلب :

عضلة القلب .. التي لا تفتأ باستمرار على حفظ دوران الدم ، و بالتالي تعمل على سلامة الحياة .. لا بد لها من غذاء يقوم بأودها .

و قد تبين أن العسل ، لوفرة ما فيه من ( غلوكوز) ، يقوم بهذا الدور … و من هنا وجب إدخال العسل في الطعام اليومي لمرض القلب .

ثامناً ــ العسل و أمراض المعدة و الأمعاء :

إن المنطق الأساسي لاستعمال العسل كعلاج لكافة أمراض المعدة و الأمعاء المترافقة بزيادة في الحموضة، هو كون العسل ، غذاء ذا تفاعل قلوي .. يعمل على تعديل الحموضة الزائدة .ففي معالجة قروح المعدة و الأمعاء .. ينصح بأخذ العسل قبل الطعام بساعتين أو بعده بثلاث ساعات ..

و قد تبين أن العسل يقضي على آلام القرح الشديدة ، و على حموضة الجوف ، و القيء .. و يزيد من نسبة( هيموغلوبين) الدم عند المصابين بقرح المعدة و الاثنى عشري .

و لقد أثبتت التجربة اختفاء الحموضة بعد العلاج بشراب العسل .كما أظهر الكشف بأشعة رونتجن ( التصوير الشعاعي ) اختفاء التجويف القرحي في جدار المعدة ، لدى عشرة مصابين بالقرحة من أصل أربعة عشر مريضاً .. و ذلك بعد معالجتهم بشراب العسل ، لمدة أربعة أسابيع .. و هي نسبة ، في الشفاء ،عالية معتبرة .

تاسعاً ــ العسل لأمراض الكبد :

إن كافة الحوادث الاستقلالية تقع في الكبد تقريباً .. الأمر الذي يدل على الأهمية القصوى لهذا العضو الفعال ..

و قد ثبت بالتجربة .. أن ( الغلوكوز ) الذي هو المادة الرئيسية المكونة للعسل ، يقوم بعمليتين اثنتين :

1 . ينشط عملية التمثيل الغذائي في الكبد .

2 . ينشط الكبد لتكوين الترياق المضاد للبكتريا .. الأمر الذي يؤدي إلى زيادة مقاومة الجسم للعدوى .

كما أنه تبين أن العسل أهمية كبيرة في معالجة التهاب الكبد و الآلام الناتجة عن حصوات الطرق الصفراوية .

عاشراً ــ العسل و أمراض الجهاز العصبي :

إن هذه الخاصة نابعة أيضاً ، من التأثير المسكن للغلوكوز في حالات الصداع ، و الأرق ، و الهيجان العصبي .. و لقد لاحظ الأطباء الذين يستعملون العسل في علاج الأمراض العصبية ، قدرته العالية على إعطاء المفعول المرجو .

حادي عشر ــ العسل للأمراض الجلد و الأرتيكاريا ( الحكة ) :

نشر الباحثون العاملون في عيادة الأمراض الجلدية ، سنة 1945 ، في المعهد الطبي الثاني ، في موسكو .. مقالة عن النجاح في علاج سبعة و عشرين مريضاً ، من المصابين بالدمامل و الخراجات … ثم شفاؤهم بواسطة استعمال أدهان كمراهم .

و لا يخفى ما للادهان بالعسل ، من أثر في تغذية الجلد ، و إكسابه نضارة و نعومة .

ثاني عشر ــ العسل لأمراض العين :

استعمل الأطباء ، في الماضي ، العسل .. كدواء ممتاز لمعالجة التهاب العيون .. و اليوم .. و بعد أن اكتشف أنواع كثيرة من العقاقير و المضادات الحيوية ، لم يفقد العسل أهميته .. فقد دلت الإحصائيات على جودة العسل في شفاء التهاب الجفون و الملتحمة ، و تقرح القرنية ، و أمراض عينية أخرى .

و من أكثر المتحمسين الاستطباب بمراهم العسل ، الأساتذة الجامعيون في منطقة( أوديسا) في الاتحاد السوفيتي ، و خصوصاً ،الأستاذ الجامعي ( فيشر ) و الدكتور ( ميخائيلوف ) .. حتى إن تطبيب أمراض العين بمراهم العسل انتشر في منطقة ( أوديسا ) كلها .

و قد كتب الدكتور( ع . ك . أوساولكو) مقالاً ضمنه مشاهدته و تجاربه في استعمال العسل لأمراض العين ، و قد أوجز النتائج التي توصل إليها بالنقاط التالية ك

1 ـ يبدي العسل بدون شك تأثيراً ممتازاً على سير مختلف آفات القرنية الالتهابية ، فكل الحالات المعندة على العلاج العادية و التي طبقنا فيها المرهم ذا السواغ العسلي تحسنت بسرعة غريبة . كما أن عدداً من حادثات التهاب القرنية على اختلاف منشئه ، أدى تطبيق العسل صرفاً فيها إلى نتائج طبية .

2 ــ يمكننا أن ننصح باستعمال العسل باستعمال العسل كسواغ من أجل تحضير معظم المراهم العينية باعتبار أن للعسل نفسه تأثيرات ممتازة على سير جميع آفات القرنية .

3 ــ من المؤكد أن ما توصلنا إليه من نتائج يدعوا المؤسسات الصحية كافة و التي تتعاطى طب العيون أن تفتح الباب على مصراعيه لتطبيق العسل على نطاق واسع في معالجة أمراض العيون .

ثالث عشر ــ العسل و مرض السكري:

نشر الدكتور ( دافيدرف ) الروسي عام 1915 خلاصة لأبحاثه في استعمال العسل لمرض السكر ..فبين ما خلاصته أن استعمال العسل لمرض السكر مفيد جداً في الحالات التالية :

1 . كنوع من الحلوى ليس منها ضرر.

2 . كمادة غذائية تضاف إلى نظام المريض الغذائي .. إذ أن تناول العسل ، لا يسعر بعده ، بأي رغبة في تناول أي نوع من الحلوى المحرمة عليه .. و هذا عامل مهم في الوقاية .

3 . كمادة مانعة لوجود مادة ( الأسيتون ) الخطرة في الدم .. إذ أن ظهور ( الأسيتون ) في الدم يحتم استعمال السكريات ، و أتباع نظام أكثر حرية في الغذاء ، على الرغم من مضارها للمريض .. و ذلك للحيلولة دون استمرار وجوده .. و العسل باعتباره مادة سكرية يعمل على الحؤول دون وجوده .

4 . كمادة سكرية .. لا تزيد ، بل على العكس تنقص من إخراج سكر العنب و اطراحه …. و قد تم تفسير ذلك عملياً بعد أن تم اكتشاف ( هرمون ) مشابه ( للأنسولين ) في تركيب العسل الكيميائي .

هذا و قد بين الدكتور ( لوكهيد ) .. الذي كان يعمل في قسم الخمائر بأوتاوا ، عاصمة كندا ، أن بعض الخمائر المقاومة للسكر ، و غير الممرضة للإنسان.. تظل تعيش في العسل .

رابع عشر ــ العسل و اضطرابات طرح البول :

يرى الدكتور ( ريمي شوفان ) أن الفركتوز ( سكر الفواكه ) الذي يحتوي العسل على نسبة عالية منه ـ يسهل الإفراز البولي أكثر من الغلوكوز ( سكر العنب ) ، و أن العسل أفضل من الاثنين معاً ، لما فيه من أحماض عضوية و زيوت طيارة و صباغات نباتية تحمل خواص فيتامينية .

و لئن كثر الجدل حول العامل الفعال الموجود في العسل الذي يؤدي إلى توسيع الأوعية الكلوية و زيادة الإفرازات الكلوي ( الإدرار ) ، إلا أن تأثيره الملحوظ لم ينكره أحد منهم ، حتى إن الدكتور ( ساك ) بين أن إعطاء مئة غرام ثم خمسين غراماً من العسل يومياً أدى إلى تحسين ملموس ، وزوال كل من التعكر البولي و الجراثيم العضوية .

خامس عشر ــ العسل و الأرق و أمراض الجهاز العصبي :

لقد أثبتت المشاهدات السريرية الخواص الدوائية للعسل قي معالجة أمراض الجهاز العصبي فقد بين البروفيسور ( ك . بوغوليبوف) و ( ف . كيسيليفا) نجاح المعالجة بالعسل لمريضين مصابين بداء الرقص ( و هو عبارة عن تقلصات عضلية لا إرادية تؤدي إلى حركات عفوية في الأطراف ) ففي فترة امتدت ثلاث أسابيع أوقفت خلالها كافة المعالجات الأخرى حصل كل من المريضين على نتائج باهرة .. لقد استعادا نومهما الطبيعي وزال الصداع و نقص التهيج و الضعف العام .

سادس عشر : العسل و مرض السرطان :

لقد ثبت لدى العلماء المتخصصين أن مرض السرطان معدوم بين مربي النحل المداومين على العمل بين النحل و لكنهم حاروا في تفسير هذه الزاهرة ..

فمال بعضهم إلى الاعتقاد بأن هذه المناعة ضد مرض السرطان ، لدى مربي النحل .. كردها إلى سم النحل .. الذي يدخل مجرى الدم ، باستمرار ـ نتيجة لما يصابون به من لسع النحل أثناء عملهم .

و مال آخرون إلى الاعتقاد بان هذه المناعة هي نتيجة لما يتناوله مربو النحل من العسل المحتوي على كمية قليلة من الغذاء الملكي ، ذي الفعلية العجيبة ، و كمية أخرى من حبوب اللقاح .

و لقد مال كثير من العلماء إلى الرأي الثاني .. خصوصً بعد ما تم اكتشافه من أن نحل العسل ، يفرز بعض العناصر الكيماوية على حبوب اللقاح ، تمنح انقسام خلاياها .. و ذلك تمهيداً لاختزانها في العيون السداسية إن هذه المواد الكيماوية الغريبة ، التي تحد من انقسام حبوب اللقاح ، و التي يتناولها الإنسان بكميات قليلة جداً مع العسل .. لربما لها أثر كبير في الحد من النمو غير الطبيعي لخلايا جسم الإنسان .. و بالتالي منع الإصابة بمرض السرطان .

و على كل حال .. ما زالت الفكرة مجرد شواهد و ملاحظات .. لم يبت العلم فيها بشيء .. شأنها في ذلك شأن الكثير من الملاحظات التي لم يبت فيها .. و لا يزال مرض السرطان لغزاً يحير الأطباء .. و يجهد الدارسين ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌‌‌.

سابع عشر : العسل و الأمراض النسائية :

إقياء الحامل و حالات الغثيان التي تصاب بها أمور أرقت الأطباء ..

لقد أجهدهم إيجاد الدواء المناسب ، حتى أن الطب النفسي قد خاض غمار تطبيب هذه الحالات ، على الرغم من عدم جدواه في ذلك بسب طول مدة المعالجة و غلاء كلفة المادة .

و لقد توصل حديثاً بعض العلماء إلى استعمال حقن وريدية تحتوي عل 40% من محلول العسل ـ الصافي كان لها أثر فعال في الشفاء، هذا و قد تبين أن إدخال العسل في الراتب الغذائي للمرأة الحامل يؤدي دوراً كبيراً في مساعدتها أثناء فترة الحمل .

ثامن عشر ـ العسـل غـذاء مثـالــي :

إن العسل غذاء مثالي لجسم الإنسان ، يقيه الكثير من المتاعب ، التي تجلبها له الأغذية الاصطناعية الأخرى ..

و إن القيمة الغذائية للعسل تكمن في خاصتين اثنتين متوفرتين فيه : 1 . إن العسل غذاء ذو تفاعل قلوي .. يفيد في تطرية و تنعيم جهاز الهضم .. و تعديل شيء من الحموضة الناتجة عن الأغذية الأخرى .

2 . إن العسل يحوي على مضادات البكتريا ( الجراثيم ) .. فهو بذلك يحمس الأسنان من نقص الكالسيوم ،و بالتالي يحول دون النخر .. على نقيض السكاكر الأخرى ، التي تحلل بقاياها بواسطة البكتريا .. الأمر الذي يؤدي إلى تكوين أحماض ، منها اللبن ، الذي يمتص الكالسيوم من الأسنان تدريجياً .. فيحدث النخر فيها .

تاسع عشر ــ العسل غذاء جيد للأطفال و الناشئين :

يعمل على تغذية الطفل و لقد جرب الأثر الفعال للعسل على الأطفال في بعض المصحات السويسرية حيث جرى تقسيم الأطفال إلى ثلاث فئات : قدم للفئة الأولى نظام غذائي اعتيادي و قدم للفئة الثانية النظام السابق نفسه مضافاً إليه العسل و قدم للفئة الثالثة النظام الغذائي نفسه للفئة الأولى مع إضافة أدوية مختلفة عوضاً عن العسل لزيادة الشهية أو لرفع نسبة الخضاب فأعطت الفئة الثانية التي أعطيت عسلاً أحسن النتائج بالنسبة للحالة العامة ، و أعلى زيادة في الوزن و أعلى نسبة لخضاب الدم و يرى الدتور ( زايس ) أن المواد الفعالة في العسل التي تؤثر على قوام الخضاب هي ما يحويه العسل من مواد معدنية كالحديد و النحاس و المنغنيز .

العشرون ــ العسل يقاوم الشيخوخة و يؤخر في ظهور أعراضه بفضل ما يحويه من عناصر سهلة الهضم و الامتصاص .. و بتأثير ما به من غذاء ملكي ، يشتمل على بعض الهرمونات المنشطة ..

الحادي و العشرون ــ العسل مفيد ، لتزويد أصحاب الأعمال ، بكفاية المجهود اللازم لتأدية عمله الشاق .. و بصورة خاصة يحتاج إليه الرياضيون بعد الانتهاء من تدريباتهم الشاقة .. لسهولة امتصاصه … و اتحاد مواده القلوية مع حمض اللبن الذي يحدث الشعور بالتعب و الإرهاق .

عـســل النحـل و المـواد الســكـريـة :

بعد هذه النظرة العجلى في الخواص العلاجية للعسل لا بأس في أن نلقي نظرة سريعة على مزايا عسل النحل بالنسبة للسكر .

ذلك أن عسل النحل يتصف بكثير من المزايا إذا ما قورن بالمواد السكرية المستعملة .. و يمكننا أن نجمل تلك المزايا بالملاحظات التالية :

1 . إن تمثيل عسل النخل في الجسم سهل و سريع .

2 . لا يضر عسل النحل بالكلى و لا يسبب تلف أنسجتها .

3 . يزيد عسل النحل الفرد بأعظم وحدات النشاط بأقل صدمة للجهاز الهضمي .

4 . لا يسبب اضطرابات في الأغشية الرقيقة للقناة الهضمية .

5 . يساعد الرياضيين على استعادة قواهم سريعاً بعد المجهود الشاق .

6 . له تأثير طبيعي كامن و يجعل عملية الإخراج سهلة .

و مما يلفت النظر أن تناول كميات كبيرة من عسل النحل بدلاً من أي مادة حلوة ثانية ، لا يحدث أي ضرر للجسم ، بل نجد أن النفع منه أكيد .. و قد منه أكيد .. و قد وجد أنه وسط غير صالح للجراثيم ، بل مبيد لها . الصفحة الرئيسية

المصدر :

· نقلاً عن كتاب النحلة تسبح الله تأليف الدكتور محمد حسن الحمصي

——————————————————————————–

[1] سورة النحل آية 69

[2] أخرجه ابن ماجة في المستدرك عن ابن مسعود

[3] الجامع الصغير للسيوطي 9010

[4] فتح الباري كتاب الأشربة

[5] سنن الترمذي 2164

زيت الزيتون

Olea europaea

يقول الله تعالى في سورة النور :

} اللّهُ نُورُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزّجَاجَةُ كَأَنّهَا كَوْكَبٌ دُرّيّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاّ شَرْقِيّةٍ وَلاَ غَرْبِيّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيَءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نّورٌ عَلَىَ نُورٍ يَهْدِي اللّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ اللّهُ الأمْثَالَ لِلنّاسِ وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ { وفي سورة المؤمنون } وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِالدّهْنِ وَصِبْغٍ لّلاَكِلِيِنَ{، ويقول تعالى في سورة التين: } وَالتّينِ وَالزّيْتُونِ{.

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :\” ائتدموا بالزيت و ادهنوا به فإنَّه من شجرة مباركة ٍ \” رواه ابن ماجة (3319) ، و الحاكم (4/122) ، و المصنف (19568) و الجامع (4374) .

روى الترمذي في سننه عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ ، وعند ابن ماجة عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ائْتَدِمُوا بِالزَّيْتِ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ . وفي رواية عن عَبْد اللَّهِ بْن سَعِيدٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ ، وفي مسند أحمد عَنْ عَطَاءٍ الشَّامِيِّ عَنْ أَبِي أَسِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ ، وفي سنن الدارمي عَنْ أَبِي أَسِيدٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُوا الزَّيْتَ وَائْتَدِمُوا بِهِ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ.

الإعجاز العلمي و المواد الفعالة :

يحتوي على الأحماض الدهنية غير المشبعة ، وحيدة الرابطة المزدوجة ، وهو ما يميزه عن بقية الزيوت . وقد ورد في الكتاب الأمريكي الصادر في 1997 بعنوان \” 8 أسابيع للوصول إلى الصحة المناسبة \” 8 Week to optimum health \” للمؤلف أندرياويل ـ أنه يجب استبدال كل أنواع الدهون التي يتناولها الإنسان ، و خاصة بعد سن الأربعين بزيت طازج ، حيث إنه :

زيت الزيتون يعالج أمراض الكبد :

يذيب الدهون و يساعد في تقوية الكبد ، و علاج الكبد الدهني ، و بذلك يزيد من النشاط و من ناحية أخرى فقد ذكر الكتاب ان الدواء المعروف في الأسواق باسم Essential Fort يحتوي على نسبة عاليةٍ من زيت الزيتون ، و هو الذي يوصف أساسياً لمرضى الكبد ، كما أنه يحسن من وظائف الكبد ،و خاصة أنه مضاد للسموم ، و من هنا فهو يزيد من قدرة الكبد على القيام إزالة السُّمِّية Detoxication.

القلب والسرطــــان

توصل بحث علمي أجري في أسبانيا ونشرته مجلة – جت – المختصة بأمراض الجهاز الهضمي إلى أن استخدام زيت الزيتون في طهي الطعام قد يمنع سرطان الأمعاء.

ويقول الفريق الطبي الذي أجرى التجربة إن النتائج أظهرت أن لزيت الزيتون فوائد وقائية، الأمر الذي يفسر سبب كون الغذاء المتوسطي غذاء صحيا .

وقد أجري البحث على عدد من الفئران المختبرية التي أطعم بعضها غذاء غنيا بزيت الزيتون والبعض الآخر بزيت السمك ومجموعة ثالثة بزيت زهرة العصفر

ثم قسم الباحثون كل مجموعة إلى قسمين أعطي إحداها مواد تسبب السرطان. وبعد أربعة أشهر وجدوا أن الحيوانات التي أطعمت زيت الزيتون كانت أقلها من حيث الإصابة بأورام سرطانية الزيتون والسمك.

ويقول رئيس الفريق البروفسور ميجيل جاسول إن هذه الدراسة تقدم دليلا على أن غذاء يحتوي على خمسة بالمائة من زيت الزيتون يقي من الإصابة بالسرطان مقارنة بزيت زهرة العصفر

ويفسر الفريق العلمي دور زيت الزيتون بأنه يعرقل تكون مادة يطلق عليها آركيدونات المسؤولة، عند اتحادها مع مادة أخرى هي بوستجلاندين – إي، عن تحريض الخلايا على الانقسام السرطاني .

ويعتقد الباحثون أن بدائل زيت الزيتون قد تؤدي العمل نفسه. لكن العلماء يؤكدون إن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد بل يحتاج إلى مزيد من التجارب لمعرفة الآلية الدقيقة لتأثير زيت الزيتون في منع تكون السرطان .

زيت الزيتون يقي من سرطان الجلد:
واكتشف علماء يابانيون أن تعريض الجلد لزيت الزيتون ذي النوعية الجيدة بعد التعرض الشمس يقلص من احتمالات الإصابة بسرطان الجلد ، وقد اختبرت الطريقة الجديدة بنجاح على الفئران المعدلة وراثيا والتي لا تحمل الشعر .

وكشف الباحثون عن أن زيت الزيتون ذا الدرجة العالية يساعد على إبطاء ظهور آثار السرطان على الجلد ويقلل من حجم الأورام السرطانية إذا ما نُشر على الجلد .

وقد وضع الباحثون، بقيادة الدكتور ماسماميتسو إتشيهاشي من كلية الطب في جامعة كوبي، الفئران تحت ضوء الشمس ثلاث مرات في الأسبوع.

وبعد خمس دقائق من تعريضها لأشعة الشمس، قاموا بدهن مجموعة من الفئران بزيت الزيتون العادي وأخرى بزيت الزيتون الجديد ذي الدرجة العالية، وثالثة لم تُعرَّض إلى نوع من زيت الزيتون .وبعد ثمانية عشر أسبوعا بدأت أورام سرطانية بالظهور على مجموعة الفئران التي لم تعرض إلى زيت الزيتون، أما الفئران التي عُرِّضت لزيت الزيتون العادي فكانت أفضل حالا قليلا .

غير أن مجموعة الفئران التي عُرِّضت لزيت الزيتون الجديد ذي الدرجة العالية لم تظهر عليها أي آثار لسرطان الجلد إلا بعد أربعة وعشرين أسبوعا.

كذلك فإن الأورام التي ظهرت على فئة الفئران الأخيرة كانت أصغر وأقل كثافة، بل أنها ألحقت ضررا أقل بتركيبة مادة \”دي أن أي\” في الجلد.

ويعتبر زيت الزيتون غنيا بالمواد المانعة للتأكسد التي يُعتقد أنها تمتص التأثيرات الضارة للإشعاعات فوق البنفسجية، لكنه لا يمنع الأشعة فوق البنفسجية من اختراق الجلد.

زيت الزيتون يعالج سرطان الأمعاء :

وتوصل علماء بريطانيون إلى أدلة جديدة تثبت المنافع الوقائية لزيت الزيتون في علاج سرطان الأمعاء الذي يذهب ضحيته حوالي 20 ألف شخص سنويا في بريطانيا وحدها .

ووجد باحثون وأطباء في جامعة اوكسفورد الإنجليزية أن زيت الزيتون يتفاعل في المعدة مع حامض معوي ويمنع الإصابة بمرض سرطان الأمعاء والمستقيم

والجدير بالإشارة أن سرطان الأمعاء هو من أكثر أمراض السرطان شيوعا في بريطانيا بعد سرطان الرئة، لكن معالجته ممكنة إذا أكتشف في وقت مبكر.

وبحثت الدراسة في نسبة الإصابة بمرض سرطان الأمعاء في ثمانية وعشرين بلدا في العالم، يقع معظمها في أوربا، إضافة إلى الولايات المتحدة والبرازيل وكولومبيا وكندا والصين .

ووجد الباحثون ان عوامل غذائية تلعب دورا هاما في إصابة الشخص، وأن الأشخاص الذين يأكلون كميات كبيرة من اللحم والسمك أكثر عرضة للإصابة بالمرض من الأشخاص الذين يأكلون الخضروات والحبوب .

ووجد العلماء أيضا أن خطر الإصابة بمرض سرطان الأمعاء تقل مع تناول وجبات غذائية غنية بزيت الزيتون .

ويعزو العلماء ذلك إلى أن الوجبات الغذائية التي تحتوي على كميات كبيرة من اللحم يمكنها أن تزيد من إفراز حامض الصفراء أو حامض ديأوكسيسيكليك، الذي بدوره يقلل من فعالية أنزيم خاص يعتقد بأنه يلعب دورا هاما في تجدد خلايا الأنسجة المبطنة للأمعاء .ويعتقد العلماء أن انخفاض الأنزيم الخاص، الذي يسمى ديامين أوكسيداس، قد يكون سبب تزايد الخلايا السرطانية في الأمعاء .

وهنا وجد العلماء الدور المهم الذي يقوم به زيت الزيتون في خفض المادة الحامضية الضارة الناتجة عن تناول كميات كبيرة من اللحم وزيادة إفراز الأنزيم الذي يقي من تكاثر الخلايا الغير عادية والسرطانية .

وقال أحد الباحثين إن الدراسة الجديدة تؤكد أن البلدان التي تستهلك فيها كميات كبيرة من زيت الزيتون لديها حالات سرطان أمعاء ومستقيم أقل نسبيا عما كان يعتقد، أخذين بنظر الاعتبار جوانب أخرى من العادات الغذائية لتلك البلدان.

وقالت متحدثة باسم مؤسسة التغذية البريطانية إنه في السابق كانت فوائد زيت الزيتون تقتصر على أمراض القلب، ولكن منذ شيوع فوائده في محاربة الأمراض الأخرى أزداد وعي الناس بأهميته وأزداد استخدامه في الطعام .

زيت الزيتون يقي من سرطان الثدي :

اثبتت دراسه اجريت فى اليابان ان النساء اللاتى يتناولن زيت الزيتون اكثر من مره باليوم يقللن من خطر اصابتهن بسرطان الثدى بنسبة 25%
بالمقارنه مع النساء اللاتى لا يتناولنه بانتظام وفى هذا الصدد يقول الدكتور ديميتريوس استاذ الصحه العامه بكلية هار فارد والذى اسهم باجراء الدراسه ان الدراسات قد اشارت الى ان تناول زيت الزيتون لا يساعد على تفاقم الاصابه بأورام الثدى الذى تنشطها الكيماويات مثلما تفعل بعض الانواع الاخرى من الدهون واثبتت دراسه اخرى اجريت على خمسة الاف شخص ان هناك صله بين زيت الزيتون وانخفاض كوليسترول الدم والضغط والسكر فضلا عن فعاليته فى علاج التهاب المفاصل والامساك المزمن وآثار الشيخوخه ويقلل من اخطار امراض القلب وتصلب الشرايين كما ثبت ايضا انه يساعد فى تعدين العظام

ويقول الباحثون ان زيت الزيتون عنصر اساسى خلال فترة النمو ثم بعد بلوغ سن الرشد فى تجنب نقص الكالسيوم الذى يمكن ان ي ؤدى الى تخلخل العظام فى سن الشيخوخه كما ثبت انه يحمى ضد حصى المراره لانه ينشط التدفق اللازم من الصفراء ويزيد نسبة كوليسترول (HDL)
اى الكوليسترول الجيد اللازم لاستمرار وظيفة المراره .

زيت الزيتون يقي من أمراض القلب :

لبعض أنواع الدهون أهمية كبيرة للجسم ولها العديد من المنافع. انها مجموعة الدهون التي تعرف بالأحماض الدهنية الأساسية Essential Fatty Acids (EFAs) وعلى العكس تماما من الدهون الحيوانية ودهون منتجات الحليب فان الأحماض الدهنية الأساسية قد تكون ضرورية لتقليل مخاطر بعض الحالات المرضية مثل الإصابة بأمراض القلب والجلطة .ويحتل زيت الزيتون مرتبة مهمة ضمن هذه المجموعة من الدهون فشعوب حوض البحر الأبيض المتوسط تستخدم الكثير منه وهذا قد يكون السبب في كثير من الأحيان في أن شعوب هذه البلدان مثل سكان جنوب إيطاليا واليونان لا تعاني من زيادة ملحوظة في أمراض القلب وتصلب الشرايين. وماذا بعد؟ بين التقرير الذي نشر مؤخرا في المجلة الطبية البريطانية لا نسيت أن الكثير من الزيوت النباتية لها نفس التأثير إن لم يكن افضل من زيت الزيتون وعلى المدى البعيد مثل زيت اللفت rapeseed. فهل ان زيت الزيتون في واقع الأمر له ما له من مواصفات فريدة في الحد من الإصابة ببعض الأمراض أم أن العملية لا تعدو أن تكون ما حضي به زيت الزيتون من أعلام كبير في الآونة الأخيرة؟

تعرف الزيوت والشحوم في المصطلح العلمي بانها تقع ضمن مجموعة الليبيدات حيث تقسم الى ثلاثة اقسام رئيسية: المشبعة Saturated وغير المشبعة المتعددة Polyunsaturated وغير المشبعة الاحادية monounsaturated . و تتواجد المشبعة منها في اللحوم والبيض ومنتجات الحليب والمرتبطة طبيا باحتمالات الاصابة بامراض القلب. أما غير المشبعة المتعددة والاحادية من الدهون فانها تقي الجسم من الأمراض وتقلل من احتمالات الاصابة بها. وفيما يتعلق بزيت الزيتون فان معظم خصائصه الصحية تعزى الى انه يحوي على الكثير من الدهون غير المشبعة الاحادية التي تعرف بحامض الاوليك.

تم دراسة حالة مجموعة من الأشخاص الذين بدلوا غذائهم المعتاد إلى نمط الغذاء الذي يتبعه سكان حوض البحر المتوسط وتبين أن السبب في أن مثل هؤلاء الأشخاص قد تقلصت عندهم فرصة الإصابة بنوبة قلبية ثانية ليس بسبب زيت الزيتون بل بسبب زيت المارجارين الموجود في زيت اللفت rapeseed. ومهما كان من أمر، تبقى الحقيقة الماثلة للعيان أن سكان حوض البحر المتوسط اقل فرصة للإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين من غيرهم وان زيت الزيتون هو الزيت الأكثر استخداما ضمن الغذاء اليومي لهؤلاء من زيت اللفت.

ومن أهم فوائد زيت الزيتون هو انه يقلل من كمية الكوليستيرول في مجرى الدم رغم أن كاتب المقالة التي نشرتها مجلة لانسيت يبين ان الكثير من الزيوت النباتية التي تحوي على الدهون غير المشبعة الأحادية لها تأثير اكبر من زيت الزيتون في تقليل كمية الكوليستيرول في الدم. ولكن هل ان العامل الرئيسي في تقليل فرصة الإصابة بأمراض القلب مرتبط دائما بنقصان كمية الكوليستيرول في الدم فحسب؟ . بينت الدراسات التي أجريت على الحيوانات المختبرية أن الكوليستيرول يكون خطرا عند تفاعله مع الأكسيجين ( أي تأكسده).يحوي زيت الزيتون على العديد من المكونات الاخرى بما في ذلك مكونات مثل الاوليوروبين والسوالين التي قد تحمي الكوليستيرول من الأكسدة . كما أن هذه المركبات قد تساعد أيضا في تقليل مخاطر أخري لها علاقة بالأكسدة مثل السرطان. وقد بينت دراسة نشرت مؤخرا تناولت النساء اللائي يتناولن زيت الزيتون بكثرة أن فرصة إصابتهن بسرطان الثدي اقل بكثير من غيرهن.

الحكم النهائي ومع كل ما تناولته مقالة مجلة لانسيت الطبية يبقى زيت الزيتون ذا كفة راجحة تماما في الاستخدام اليومي سواء في السلاطة او في الطبخ فان له فوائد جمة للصحة العامة على المديين القريب والبعيد.

ومن افضل أنواعه بالتأكيد هو ما قلت معاملته والذي يحضر بالطرق الباردة ودون الاستعانة بالحرارة وما يدعى بزيت الزيتون العذري Virgin Olive oil . أ.هـ.

زيت الزيتون و الصبغيات :

قال تعالى : وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ {20} سورة المؤمنون

يقول الدكتور نظمي خليل أبو العطا في كتابه إعجاز النبات في القرآن الكريم : و قد كشفت في لسان العرب لابن منظور عن معنى كلمة صبغ فوجد : (الصبغ و الصباغ و الصبغة : ما يصبغ به الثياب و الصبغ المصدر و الجمع أصباغ و أصبغة و الصبغ في كلام العرب التغيير و منه صبغ الثوب إذ غير لونه و أزيل عن حاله إلى حالة سواد أو حمرة أو صفرة ).

و قد اشتملت هذه الآية الكريمة على أمور عظيمة .

و إذا كان ربنا سبحانه و تعالى قال لنا أن شجرة الزيتون تعطي الدهن فهذا معلوم و لكن ( وصبغ للآكلين ) و قد قرأتُ التفاسير و علمت إنهم يقصدون الغمس للطعام في الزيت ، وبالكشف في لسان العرب وجدت أن هذا صحيح و لكن عندما قالت الآية ( صبغ للآكلين ) هنا ذكر الدهن ، و عطف عليه الصبغ و قد فهمت أن ثمار هذه الشجرة تحتوي الدهن المكون من الأحماض الدهنية و مركبات أخرى …

و هي تحتوي على الأحماض الدهنية الأمينية و منها الفنيل و الإنين الذي يعطي التيروزين ( و هو مشتق من الألانين ) و هو من الأحماض العطرية الأساسية و( الفنيل الأنين يعطي التيروزين ) وهو من الأحماض الميلاينين في الجلد و هذه الصبغة ( الميلانين ) هي التي تصبغ البشر حسب كميتها في الجلد فإذا كانت صبغة كثيفة أعطت الجلد الأسود ، و إذا خفت أعطت اللون الأصفر و إذا غابت تماماً ( شذوذ و مرض ) أعطت اللون الأبيض للشعر و الجلد و الرموش و لهذا الصبغة ( الميلانين ) أهمية كبيرة للإنسان فالسودان و النبوي ، و الأفريقي يعيشون في منطقة شديدة الحرارة ساطعة الشمس و هذا يتطلب حماية للناس ، هذه الحماية تتوفر بتوفر اللون الأسود ( الميلانين ) ، و هذا ملحوظ في الشخص القمحي اللون عندما يقف في الشمس طويلاً فإنه يسمر ، لآن الاسمرار و وسيلة دفاع عن الجلد ضد الشمس .

و هذا سبق علمي خطير ، حيث أن شجرة الزيتون تعطي الزيت و الأحماض الأمينية ، و منها الأحماض المسؤلةعن إعطاء اللون الأسود ( الصبغ الجلدي ) أ.هـ (1).

اضغط هنا لزيارة الموقع الجديد لموسوعة إعجاز القرآن والسنة

المصدر :

موقع BBC ARABIC

موقع طبيب على الإنترنت

(1)كتاب إعجاز النبات في القرآن الكريم الدكتور نظمي أبو العطا أستاذ النبات في الجامعات المصرية

الرُطَب و تسهيل الولادة

قال تعالى في سورة مريم : ( فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قال ياليتني مت قبل هذا و كنت نسياً منسياً . فناداها من تحتها ألا تخافي و لا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً . و هزي غليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً . فكلي و أشربي و قري عيناً ) .

مريم( 23 ـ26 ).

هناك حكم طبية معجزة في هذه الايات تتعلق باختيار ثمار النخيل دون سواه من ناحية ، ثم توقيته مع مخاض الولادة من ناحية أخرى :

1 ـ تبين في الأبحاث المجراة على الرطب أي ثمرة النخيل الناضجة ، أنها تحوي مادة مقبضة للرحم ، تقوي عمل عضلات الرحم في الأشهر الأخيرة للحمل فتساعد على الولادة من جهة كما تقلل كمية النزف الحاصل بعد الولادة من جهة أخرى .

2 ـ الرطب يحوي نسبة عالية من السكاكر البسيطة السهلة الهضم و الامتصاص ، مثل سكر الغلوكوز ومن المعروف أن هذه السكاكر هي مصدر الطاقة الأساسية و هي الغذاء المفضل للعضلات ، و عضلة الرحم من اضخم عضلات الجسم و تقوم بعمل جبار أثناء الولادة التي تتطلب سكاكر بسيطة بكمية جيدة و نوعية خاصة سهلة الهضم سريعة الامتصاص ، كتلك التي في الرطب و نذكر هنا بأن علماء التوليد يقدمون للحامل و هي بحالة المخاض الماء و السكر بشكل سوائل و لقد نصت الآية الكريمة على إعطاء السوائل أيضاً مع السكاكر بقوله تعالى : ( فكلي و اشربي ) و هذا إعجاز آخر .

3 ـ إن من آثار الرطب أنه يخفض ضغط الدم عند الحوامل فترة ليست طويلة ثم يعود لطبيعة ،و هذه الخاصة مفيدة لأنه بانخفاض ضغط الدم تقل كمية الدم النازفة .

4 ـ الرطب من المواد الملينة التي تنظف الكولون ، ومن المعلوم طبياً أن الملينات النباتية تفيد في تسهيل وتأمين عملية الولادة بتنظيفها للأمعاء الغليظة خاصة ، و لنتذكر بأن الولادة يجب أن يسبقها رمضة شرجية ( حقنة ) لتنظيف الكولون.

المراجع :

ـ أبحاث المهندس الزراعي اجود الحراكي ـ حضارة الإسلام ـ السنة 18 العدد 7 .

ـ الإسلام و الطب الحديث : للدكتور عبد العزيز باشا إسماعيل .

ـ حوار مع صديقي الملحد للدكتور مصطفى محمود

التداوي بالكي

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم \” الشفاء في ثلاثة : شربة عسل ، و شرطة محجمٍ ، و كيةٍ بنار ، و أنا أنهى أمتي عن الكي \” و في رواية \” و ما أحب أن أكتوي \” .

ثبت في الصحيحين : \” أن النبي صلى الله عليه و سلم بعث إلى أبي بن كعب طبيباً ، فقطع له عرقاً ، و كواه عليه \” .

رواه البخاري (5683) كتاب الطب .

كان يستعمل الكي بالنار في القديم لمداواة كثيرٍ من الحالات المرضية ، أما الآن فقد اقتصرت استعمالاته على حالة مرضية معينة . تختلف تأثيرات الكي بحسب نوع المكواة ، و درجة حرارتها ، فالمكواة التي تكون بلون أحمر مبيض يكون فعلها سريعاً ، و عميقاً ، و لا تلتصق بالنسيج التي تكويها ،و لا تقطع النزف ، أما المكواة التي تكون بلون أحمر قاتم ، ففعلها أقل عمقاً ، و أقل سرعة ، و تلتصق بالنسج التي تكويها ، و تقطع النزف .

و يستعمل الكي الكهربائي ، أو الناري في الحالات التالية :

1 ـ فتح المجاميع القيحية كالغلغمونات ، و الدمامل ، و الجمرة الحميدة . و ميزة الكي هنا عن الشق بآلة حادة هي أن الكي يشق المجاميع و يخثر الأوعية الكائنة على مسير الشق فيسدها و يمنع نزفها ، كما يمنع دخول القيح و الجراثيم إلى الدورة الدموية .

2 ـ قطع النسيج ، و كي النقاط النازفة أثناء العمل الجراحي بنفس الوقت عوضاً عن ربطها ، و في هذا توفير للوقت .

4 ـ استئصال و تخريب بعض الأورام الجلدية ،و بعض الأورام المثانية .

5 ـ يستعمل الكي في حالات الآلام المعندة التي ليس لها أسباب عضوية ، كالآلام النفسية ،و كذلك الآلام المعندة التي لها أسباب عضوية ،و لكن لا يمكن إزالة هذه الأسباب العضوية مثل الآلام السرطان .

إن آلية الاستفادة من الكي في حالة الآلام المعندة هي إحداث تنبيه شديد للجملة العصبية التي تخضع أساساً لتنبيه المرض ،و في هذه الحالة تستجيب الجملة العصبية للتنبيه الأشد ،و تنسى التنبيه الأضعف ، أي : تستجيب لتنبيه الكي و تنسى تنبيه المرض و عندما يزول تنبيه الكي ، قد لا يعود تنبيه المرض لنسيانه من قبل الجملة العصبية .

المصدر :

الإعجاز الطبي في السنة النبوية الدكتور كمال المويل دار ابن كثير دمشق ـ بيروت

الـتـمــر

Palmae dactylifere

ورد في فضل التمر و أكله عدة أحاديث ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : \” خير تمراتكم البُرنيُّ ، يذهب الدّاء .\” الحديث رواه الحاكم ( 4/ 204 ) و الجامع الكبير (13737) و صحيح الجامع (3298) .

و منها ما رواه ابن ماجة ، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : \” كُلوا البلح بالتمر فإنَّ الشيطان يقول بقي ابن آدم يأكل الجديد بالعتيق \” الحديث رواه ابن ماجة (3330) و الحاكم (4/121) .

و الثابت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي ، و في إفطاره صلى الله عليه و سلم على الرطب أو التمر ما يظهر نور النبوة ، و ذلك ، و ذلك لأن الصائم يعتمد على ما يوجد بجسمه من سكر و خاصة المخزون منه في الكبد . و السكر الموجود في طعام السحور يكفي 6 ساعات و بعد ذلك يبدأ الإمداد من المخزون الموجود بالكبد ، و من هنا فإن الصائم إذا أفطر على التمر أو الرطب ، وهي تحتوي على سكريات أحادية ، فإنها تصل سريعاً إلى الكبد و الدم الذي يصل بدوره إلى الأعضاء و خاصة المخ ، أما الذي يملأ معدته بالطعام و الشراب ، فيحتاج لمدة من ساعتين إلى ثلاثة ساعات حتى تمتص أمعاؤه السكر ، و التمر و اللبن غذاء كامل متكامل ، و كثير من البدو يعيشون على التمر المجفف و لبن الماعز ، و هم ممشوقون القوم ، و أصحّاء ، و أقل عرضة للأمراض ، سواء المزمنة أو الخبيثة منها.

و التمر و الرطب يقويان الرحم عند الولادة ، و لذا فقد أشار الله به على السيدة الطاهرة مريم ، و فقال : \” و هُزي إليك بجذع النخلة تُساقط عليك رُطبّاً جنِيّا ، فكلي و اشربي و قرِّي عيناً \” مريم : 25 ـ 26 ، و في هذه الآية إشارة إلى أن الرطب يغذيها ، و كذلك يزيد من انقباض الرحم بانتظام و هذه نقطة بحث لابد أن تؤخذ في الاعتبار، و جذع النخلة المراد في الآية الكريمة يقول عنه الإمام القرطبي : الجذع ساق النخلة اليابسة في الصحراء الذي لا سعف عليه و لا غصن ، و الله يقول لمريم : \” و هُزي إليك بجذع النخلة تُساقط عليك رُطبّاً جنِيّا ، فكلي و اشربي و قرِّي عيناً \” مريم : 25 ـ 26 ،فما أطاعت أمر ربها ، أراها الله الآية الكبرى وأظهر لها بركة الطاعة ، و ثمرة الخشوع لله رب العالمين ، و في ذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما : \” كان جذعّاً نخراً ، فلما هزت نظرت إلى أعلى الجذع فإذا السعف قد طلع ، ثم نظرت إلى الطلع قد خرج بين السعف ، ثم اخضرَّ فصار بلحاً ، ثم احمرَّ فصار زهراً ثم رطباً . كل ذلك في طرفة عين ن فجعل الرطب يقع بين يديها \”.

و في رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : \” أطعموا نساءكم التمر فإن من كان طعامها التمر ، خرج ولدها حَلِيماً \” ينظر الجامع الكبير ( 3381) .

و عن عائشة رضي الله عنها ت قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : \” إنَّ في العجوة العالية شفاءً\” .الحديث رواه مسلم (14/3) و أحمد (6/152) .

و من السنة المطهرة أن يفطر الصائم على العجوة ، أو التمر ،قال صلى الله عليه و سلم : \” من وجد تمراً فليفطر عليه ، و من لا يجد فليفطر على الماء فإنه طَهورٌ\” الحديث رواه أبو داود (2355) ، الترمذي (653) ، ابن ماجة (699).

المواد الفعالة :

1 ـ يحتوي على نسبة عالية من المواد النشوية المولدة للطاقة ، سكر الفركتوز ، و سكر الجلوكوز .

2 ـ نسبة عالية من الفيتامينات التي تقي من البلاجرا.

3 ـ كميات من مركبات الكالسيوم التي تدخل في تكوين العظام .

4 ـ نسبة عالية من الفوسفور و الحديد.

أما طلع النخيل فيحتوي على

1 ـ سكر القصب .

2 ـ مواد بروتينية عالية القيمة .

3 ـ عناصر الفوسفور ، والكالسيوم ، و الحديد.

4 ـ فيتامينات B و D .

5 ـ مادة الرِّنين ، و هي مادة لازمة لمرونة الشعيرات الدموية .

6 ـ يحتوي على هرمونات الاستروجين الذي ينشط المبيض ، و يساعد على تكوين البويضة.

فوائد التمر الصحية والطبية

1. يساعد على العلاج من الأنيميا لما يحتويه من معدن الحديد.

2. يعالج أمراض القلب لاحتواءه على عنصر الحديد.

3. يعالج الإمساك نظراً لاحتوائه على كمية عالية من سكر الفواكه-الفركتوز.

4. لديه فعالية ضد الحساسية لاحتواءه على عنصر الزنك.

5. وقف النزيف أثناء الحمل لاحتوائه على فيتامين K والتاناين الذي هو عبارة عن مادة قابضة.

6. يمكن استخدامه أيضا في حالات الفشل الكلوي لاحتواءه على فيتامين بي1-بي2 و بي6 إضافة إلى سكر الفواكه .

7. يخفف من الحموضة والحرقة لاحتوائه على الأملاح القلوية .

8. يمنع الدوخة ودوار الرأس لاحتواءه على بعض العناصر مثل الكاروتين.

9. يساعد على منع الخلايا السرطانية من النمو والانتشار لاحتوائه على المغنيسيوم والكالسيوم.

10. يماثل التمر نظام إعادة البناء في جسم الإنسان لاحتوائه على الفسفور وباقي الأملاح المعدنية والفيتامينات.

11. دقيق التمر المجفف ونواته المطحونة تساعد على الشفاء من الربو وضيق التنفس.

التمر والوقاية من السم والحسد

رواه أبو نعيم ورواه أبو داود، ورواه الحاكم، ورواه الإمام الترمذي، ورُوي في الإمام الذهبي للطب النبوي، قال: \”من تصبح بسبع ثمرات عجوة لا يصيبه في هذا اليوم سم ولا سحر\” .

فيما يتعلق بالشق الأول وهو السم : تم على السم تجارب علمية، فوجد أن السم الداخلي هناك إنزيم في الكبد مسؤل عن إبطال مفعوله والكبد يقوم بعملية مضادات السموم، وعندما يدخل إلى الجسم سموم هذا الإنزيم يرتفع، ولذلك لما يتم فحص نسبة هذا الأنزيم في الجسم تجده مرتفع و عندما تتناول سبع تمرات عجوة لمدة شهر يومياً نجد أن هذا الإنزيم ابتدأ يهبط و يدخل في الوضع الطبيعي ، ومن الغريب لو تتبعنا الحالة لمدة سنة بعد هذا نجد الإنزيم لا يرتفع يعني أصبح هنالك وقاية و شفاء ولذلك لما أكل رسول -الله صلى الله عليه وسلم من شاة خيبر التي كان كتفها مسمومة ، و الله سبحانه أنطق الكتف لتخبر النبي أنها مسمومة ، كان النبي متصبح بسبع تمرات عجوة فلم يصبه في هذا الوقت سم ، وإنما السم وجه تحت الجلد يعني دخل في الدهون تحت الجلد، ولذلك احتجم رسول الله – صلى الله عليه وسلم- من مكان تخزين هذا الدهن تحت الجلد ، كذلك فالعجوة تقي من السم العالي ، و هنالك جمعية بريطانية قائمة على ظاهرة (التليباثي) الاستجلاء البصري أو الاستجلاء السمعي أو التي يسمونها التخاطر عن بعد، بحثت في هذا الحديث بحث مستفيض، وبجانب الدراسات التي تمت في جامعة الملك عبد العزيز وكانت نتائج الدراسات أنه لا تعارض بين هذا الحديث و بين نتائج التجارب .

فمن خلال تجاربها على البشر وجد أن الناس الذين يتعرضون للتسمم يعني الناس الذين يتعاملون مع مادة الرصاص كصناعة البطاريات يعانون من مشكلة الكادميام و التي هي عبارة عن إحدى العناصر الثقيلة التي تسممها يؤدي إلى الفشل الكلوي، ويؤدي إلى مشاكل كبيرة جداً ، لو تناولوا سبع تمرات عجوة ستكون detoxication أو مضادات السموم في الكبد سليمة، و هنالك حوالي 120 بحث منشورين حول ذلك ، ومنهم الراجل اليهودي اللي اسمه (جولدمان) نشر بحث عن سبع تمرات عجوة ، فبسبع تمرات عجوة تكون Claition يعني المعادن الثقيلة تدخل الجسم وتتكون لها مركبات مخلبية، تدخل تحت الجلد ، بالإضافة إن جزء يذيبه وينزله في البراز، وجزء يذيبه وينزله في البول هذه عملية تسمى detoxication التي تتم أو عملية مضادات السموم التي تتم من تمر العجوة، ولذلك رسول -الله صلى الله عليه وسلم- يقول ، فيما رواه الترمذي في سنن الترمذي الحديث: \”العجوة من الجنة، وفيها شفاء من السم\” ، \”إن العجوة من الجنة، وفيها شفاء من السم\”.

أما فيما يتعلق بالسحر:

فقد قام أصحاب ظاهرة التليباثي أو الاستجلاء البصري أو الاستجلاء السمعي و الذين هم علماء بريطانيين و أبحاثهم منشورة منها المجلة الدورية التي اسمها \”تليباثي\” ، فقاموا بفحص خط الطيف الذي ينتج عن هضم تمر العجوة فوجدوا أنه يُعطي خط طيفٍ لونه أزرق قالوا إن اللون الأزرق يستمر لمدة 12 ساعة وقالوا إن العين هي التي تُسحر ، فالسحر ليس هو تغيرٌ في طبيعة الأشياء إنما هو تخيل و سحر للعين ، لذلك قال تعالى في القرآن الكريم وقال (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوَهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) وقالوا على سيدنا موسى: (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ…).

فوجدوا أن العين هي التي تُسحر والقدرة السحرية يبطلها أو تمتص كل الألوان ماعدا اللون الأزرق ، فالتصبح بسبع تمرات كل يوم ينتج عنها خط طيف لونه أزرق يقي الإنسان من الحسد، ويقيه من السحر.

المصدر :

كتاب : التداوي بالنبات و الطب النبوي تأليف الدكتور عبد الباسط محمد السيد أستاذ مادة الجراثيم و المكروبات في الجامعات المصرية .

ندوة للدكتور عبد الباسط السيد على قناة الجزيرة في برنامج بلا حدود بتاريخ 04/12/2002 تم إعادة صياغتها بتصرف .

موقع شركة تمور المملكة على شبكة الإنترنت .

فوائد القسط البحري و الهندي

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : \” إنَّ أمثل ما تداويتم به الحجامة و القسط البحري \” . رواه البخاري (5696) كتاب الطب .

و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \” لا تعذبوا صبيانكم بالغمز من الذرة ،و عليكم بالقسط \” رواه البخاري (56966) كتاب الطب .

و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :ط عليكم بهذا العود الهندي ن فإنَّ فيه سبعة أشفية : يسعط به من العذرة ، ويلدُّ به من ذات الجنب\”رواه البخاري (5692) كتاب الطب .

( القسط ) بضم القاف و سكون السين ، هو :العود . فيصبح أن نقول : القسط البحري ، و يصح أن نقول : العود البحري ،و يقال مثل هذا في الهندي . و القسط نوعان : النوع الأول هو البحري ، أو الأبيض ،او الحلو ،و النوع الثاني : هو الهندي ،أو الأسود أو المر ،و الهندي أشد حرارة من البحري ، وهذا العود يؤخذ من نبتة القسط التي يبلغ ارتفاعها (1.5) م ، و لها أوراق , ساق ،و و جذور ، و هو يعيش في الهند ، القسم المستعمل منه في العلاج هو قشور جذوره التي تكون بيضاء ، أو سوداء ، و سمي البحري ، لأن العرب كانت تجلبه عن طريق البحر ، وأما تسميته بالحلو ، أو المر ، فذلك متعلق بطعمه.

(العذرة ) بضم العين و سكون الذال هي التهاب الحلق و اللوزات . و الغمز هو : الضغط بالأصابع .

( السعوط) : هي تناول الدواء عن طريق الأنف بالتقطير .

( ذات الجنب ) : قال عنه ابن حجر العسقلاني : ( هو ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع ).

(اللَّدود ) قال ابن حجر العسقلاني : ( اللَّدود بفتح اللام و بمهملتين ،هو الدواء الذي يصب في أحد جانبي فم المريض ).

فقه الأحاديث من الناحية الطبية :

1. يحتوي القسط على مادة الهلينين ، و حمض البنزوات ، و كلاهما من المواد المطهرة للجراثيم ،و من هنا فائدة القسط في علاج اللوزات ،و التهاب اللهاة، و التهاب البلعوم ،و هو المقصود بالعذرة في الأحاديث.

2. كما أن احتواء القسط على هذه المواد المطهرة القاتلة للجراثيم يعلل فائدة القسط في علاج ذات الجنب الجرثومية ،و ذات الرئة الجرثومية .

3. إن الجمع بين الحجامة و القسط له مغزى طبي في ضوء احتواء القسط على حمض البنزوات ،و الهيلينين ،المطهرتين ،و القاتلتين للجراثيم ، وهو دور القسط في تعقيم مشرط الحجامة ، إذا طلي به ، و دوره في تعقيم الجروح المحدثة بهذا المشرط.

4. كما أن الجمع بين القسط البحري و الحجامة يحمل سرٌّلطيف ، وهو : الوقاية من التشوهات و الندبات .

يقول موفق الدين البغدادي في كتابه ( الطب من الكتاب و السنة ) :

( و في جمعه صلى الله عليه و سلم بين الحجامة و القسط سر ٌّلطيف ، وهو أنه إذا طلي به مشرط الحجامة ، لم يتخلف في الجلد أثر المخاريط ، و هذا من غرائب الطب ).

5. في النهي عن غمز العذرة ، أي : النهي عن ضغط اللوزات و الحلق الملتهبين بالأصابع إشارة واضحة إلى الهدي النبوي في تصحيح الأخطاء الشائعة في الطب الشعبي ،حيث إنَّ غمز العذرة ليس فقط لا يفيد في علاجها ، بل و كذلك يضر ، فهو يسبب ألماً شديداً للمريض ،و قد يسبب نزف الدم ،و قد يسبب إنتشار الالتهاب إلى المناطق المجاورة .

و مع ذلك ورغم مرور أربعة عشر قرناً على نهي النبي صلى الله عليه و سلم عن غمز العذرة نجد أنَه لا زال شائعاً في بعض المناطق ، فيسمون العذرة :بنات الأذن ، و يسمون غمزها ، أي ضغطها بالأصابع : رفع بنات الأذن.

6. قوله صلى الله عليه و سلم : \”و يُلدُّ به ذات الجنب \” قلنا اللدود ما يسقى في أحد جانبي الفم ،و اللُّد بالضم هي الفعل ، و في هذا إشارة إلى طريقة إعطاء الدواء للمريض عندما لا يتمكن غالباً من تناوله بيده، أو يرفض تناوله ، كما يحصل عند الأطفال غالباً ،فإذا رفض الطفل تناول الدواء فيجب إعطاءه إياه عنوة ً ، و ذلك بفتح فمه و سقيه الدواء في أحد جانبي فمه، أما وضع الدواء في وسط فمه فقد يؤدي إلى الشردقة .

المصدر :

الإعجاز الطبي في السنة النبوية تأليف الدكتور كمال المويل دار ابن كثير . دمشق

الإثمـد و جلاء البصر

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : \” إن خير أكحالكم الإثمد ، يجلو البصر و ينبت الشعر \” قال و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا اكتحل بالإثمد يكتحل في اليمنى ثلاثة يبتدأ بها و يختم بها و في اليسرى اثنتين \”

قال ابن حجر : ( و الإثمد حجر معروف أسود يضرب إلى الحمرة يكون في بلاد الحجاز و أجوده ما يؤتى به من أصفهان ) .

يؤكد الدكتور حسن هويدي أن جلاء البصر بالإثمد إنما يتم بتأثيره على زمر جرثومية متعددة ، وبذلك يحظ العين و صحتها ، إذ أن آفات العين التهابية جرثومية و عندما تسلم الملتحمة من لاحتقان يمكن أن يكون البصر جيداً.

و يقول أن إنباته للشعر ثابت علمياً ، إذ أن من خصائص الإثمد الدوائية تأثيره على البشرة و الأدمة فينبه جذور الشعرة و يكون عاملاً في نموها ، لذا يستعملون مركباته ( طرطرات الإثمد و البوتاسيوم ) لمعالجة بعض السعفات والصلع ن تطبق على شكل مرهم بنسبة 3% و هذه الفائدة في إنبات الشعر تنفع العين أيضاً لأنها تساعد على نمو الأهداب التي تحفظ العين و تزيد في جمالها .

يا لروعة الاختيار النبوي ، لقد كان عند العرب زمن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأكحال استعملوها للزينة ، و كما يقول الدكتور محمود ناظم النسيمي ( فقد فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم كحل الإثمد لأنه يقوي بصيلات أهداب العين فيحفظ الرموش فتطول أكثر ، وبذلك تزداد قدرتها في حفظ العين من أشعة الشمس و في تصفية الغبار و الأوساخ ، فتزيد الرؤيا وضوحاً و جلاء أكثر منها في استعمال الأكحال الخالية من الإثمد ) .

المصدر :

الطب منبر الإسلام إعداد الدكتور قاسم سويداني

الاعجـــــــــــــــــــــاز الغيبي

العداوة بين المسيحيين

(1) قال الله تبارك و تعالى في الآية السابعة و الثلاثين من سورة مريم ( فأختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ) .

(2) و قال تبارك و تعالى في الآية الرابعة عشرة من سورة المائدة ( ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مم به فأغرينا بينهم العداوة و البغضاء إلى يوم القيامة و سوف ينبئهم بما كانوا يصنعون ).

التفـسـيـر :

تبين الآية الأولى أن المسيحيين انقسموا أحزاباً . بعض هذه الأحزاب على حق و بعضها الآخر على ضلال .

و تبين الآية الثانية شيئين .

أولهما : أن فريقاً من المسيحيين قد نسي كثيراً من تعاليم دينهم مما كان سبباً في أن أصبح بعضهم لبعض عدواً .

و ثانيها : أن هذه العداوة لن تزول ولكنها ستستمر حتى يرث الله الأرض و من عليها .

تطابق الحقائق :

و لكي ترى مبلغ تطابق هاتين الآيتين و حقائق التاريخ يجب علينا أن نتبع سيرة المسيحية من بدء ظهورها حتى الآن و سنجد حينئذ أن هذا التاريخ يجب علينا أن نتبع سيرة المسيحية من بدء ظهورها حتى الآن و سنجد حينئذ أن هذا التاريخ لم يحد يوماً عن منطوق هاتين الآيتين بل سار على نهجهما و ترسم خطاهما فقد بدأت النصرانية في فلسطين و احتكت أول الأمر باليهودية التي اضطهدت دعاتها فرحل بعضهم إلى الإسكندرية ورحل آخرون إلى روما ؟ و قد أخذت المسيحية تنتشر في الإمبراطورية الرومانية انتشاراً سريعاً و أخذ الأباطرة في بادئ الأمر يضطهدون معتنقيها لأنها بدعوتها إلى عبادة الله كانت تحرم الرق الذي كان عماد النظام الاقتصادي الروماني ن و كذلك كانت تدعو إلى المساواة في مجتمع ساده نظام الطبقات و الإغريق في طلب الثروة و الجاه ، و لكن الاضطهاد لم يزد المسيحيين إلا انتشاراً و قوة حتى أصبح عدد المسيحيين أكثر من الوثنيين فجعلها ( قسطنطين ) دين الدولة الرسمي ، و لما تولى

( ثيودوسيوس ) أخذ يحارب الوثنية فأغلق معابدها و جعل الناس يعمدّون قسراً ، و مع ذلك فلم يلبث المسيحيون أن انقسموا فرقاً اشتد الخلاف بينها اشتداداً صحبه اضطراب في الأمن مما اضطر الأباطرة إلى التدخل بينها و مناصرة بعضها عل البعض الآخر .

انقسموا إلى ثلاثة فرق : الملكانية و النسطورية و اليعاقبة .

و الملكانيون هم اتباع أريوس الذي قال بأن المسيح مخلوق و ليس مولوداً من الأب و لذا لا يساويه في الجوهر .أما النسطوريون و هم أتباع نطور فقد قالوا عن للمسيح طبيعتين إحدهما إلهية و الثانية بشرية ، فهو بالأولى ابن الله و بالثانية ابن مريم ، وإلى ذلك يشير القرآن بقوله ( و قالت اليهود عزير ابن الله و قالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون ) .

و يعني القرآن الكريم بهذا أنهم قلدوا الديانات الوثنية القديمة في هذه العقيدة مثل

( الزردشتية و البراهمية و الهندستانية و البوذية و الرومانية و المصرية ) ، وهب الديانات التي تحوي قصة المخلص المولود من عذراء .

فقد كان المصريين يعتقدون أن ( حوريس ) ولد من الإله الأعظم ( أوزوريس ) و العذراء ( ايزس ) . كما أن الرومان كانوا يعتقدون أن الإله ( جوبيتر) أنجب

( بريسيوس ) من العذراء ( داناي ) و أنجب ( ديونيسيس ) من العذراء ( سيميل ) و أنجب (هرقل ) من العذراء ( ألكمين ) . أما في الهند فقد ولد كيرشنا في كهف بينما كانت أمه العذراء و خطيبها هاربين من غضب الملك .

و قد بلغ من تأثر المسيحية بالديانات المجوسية في هذه العقيدة أن تاريخ ولادة المسيح غير مراراً إلى إن استقر يوم 25 ديسمبر وهو اليوم الذي كان المصريون يحتفلون فيه بمولد مخلصهم (حورس ) ن و هو نفس اليوم الذي كان الفرس يحتفلون فيه بميلاد (متزا) ، كما كان هذا اليوم أحد الأعياد الدينية المماثلة في الدولة الرومانية .

و تخالف الكنيسة الشرقية الكنيسة الغربية في ذلك فتجعل يوم ميلاد المسيح اليوم السابع من يناير .

أما الحزب الثالثة وهو حزب اليعاقبة فيعتقدون أن المسيح هو الله نزل إلى الأرض ، و إلى ذلك يشير القرآن الكريم في سورة المائدة بالآية التاسعة عشرة التي تقول ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) .

و ليت الأمر اقتصر على هذا الانقسام ، بل أن الخلاف أخذ يزداد اتساعا ًو تعدداً كلما تقدمت الأيام ، ففي القرن الحادي عشر انقسمت الكنيسة إلى فرعين : الكنيسة الغربية و الكنيسة الشرقية ثم أخذ الخلاف يتسع و يتشعب و أخذت الفرق تتوالد فتنشأ منها فرق جديدة و أحزاب جديدة رغماً من الجهود العديدة التي بذلت لتوحيد الكنيسة . أسباب الانقسام :

بنيت المسيحية على دعائم أربع :

1. الإيمان بالله .

2 . الزهد .

3 . الحب و التراحم .

4 . التسامح المطلق و عدم الاعتداء حتى حين يكون دفعاً لشر .

هذه هي المبادئ الربعة التي جاءت بها المسيحية ، فقد جاءت بوحدانية خالصة و إيمان مطلق حتى كان المسيح عليه السلام إذا دعا لمريض بالشفاء قال له بعد أن يبرأ : ( شقاك إيمانك ) . غير أن اختلاط المسيحية بالوثنية أدخل فيها مبدأ تقديس الأشخاص و الأشياء ، فوجد من بين المسيحيين من ينادي بألوهية المسيح ، و أباح الكاثوليك منهم عبادة الأولياء و الصور و يشير القرآن الكريم إلى ذلك في سوري التوبة إذ يقول( اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أرباباً من دون الله و المسيح بن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ، و ما صكوك الغفران يمنحها البابا للعصاة فتغفر ذنوبهم إلا أثر من آثار هذا التقديس الذي ورثته المسيحية عن الوثنية . و بذلك يكون أول يكون أول ركن من أركان المسيحية قد اختل من أساسه و هو إيمانهم بالله .

أما الزهد في المسيحية فحدث عنه و لا حرج ، فالمسيح إمام المتصوفين إذ كان يفترش الغبراء و يلتحف السماء و يتخذ القمر له مصباحاً ، ومع ذلك كان يقول :

من أغنى مني ؟

لم يكن له مسكن يأوي إليه ، و يظهر ذلك من رده على شخص قال له (: يا سيد أتبك أين تمضي ) فقال له : ( للثعالب أوجرة و لطيور السماء أوكار و أما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه ) .كما أنه ضرب المثل الأعلى في الصوم فواصل الصوم أربعين يوماً لم يذق فيها طعاماً .

كان يشترط فيمن يتبعه أن يتجرد من الدنيا كتجرده فيترك كل شيء وراءه ، و يظهر ذلك من قوله لأحد من تقدم غليه : ( إن أردت أن تكون كاملاً فأذهب و بع أملاكك فيكون لك كنز في السماء و تعال اتبعني .) .

و أقول عيسى عليه السلام في السلام و في الحث على الزهد كثيرة أهمها ما ورد في صلاة المسيحيين الرئيسة ( خبزنا كفافنا أعطنا كل يوم ) و يحذر الناس من الاكتناز بقوله ( لا تكتنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس و الصدأ و حيث ينقب السارقون و يسرقون بل اكتنزوا لكم كنوزاً في السماء ). و يحذرهم من المال بقوله ( لا بقدر أحدكم أن يخدم سيدين . لأنه إما أن يبغض الواحد و يحب الآخر أو يلازم الواحد و يحقر الآخر . لا تقدرون أن تخدموا الله والمال لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم و بما تشربون و لا لأجسادكم بما تلبسون ) .

و يبغضهم في الغنى بقوله ( الحق أقول لكم أنه يعسر أن يدخل غني ملكوت السموات و أقول لكم إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله ).

هذه نظرة المسيحية في الحياة نظرة كلها تصوف و احتقار للمادة و بعد عن النعيم و الترف و تحذر من المال لأنه العدو الأكبر لإنسان .و لكن هذا الركن من أركان المسيحية ما لبث أن انهار هو أيضاً فقد انصرف دعاة المسيحية في الشؤون الدينية و انغمسوا في أعمال السياسة و الحرب و تناسوا أقوال المسيح عليه السلام ( أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) فنازعوا الملوك ممالكهم و سيادتهم و تحايلوا على اصطياد المال بكل طريق و ما و ما كانت تحصل عليه من أملاكها الواسعة كان الباباوات يجمعون المال بأساليب شتى كبيع الوظائف الدينية و حل عقود الزواج و بيع صكوك الغفران . يشير القرآن إلى ذلك حيث يقول في سورة التوبة ( يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار و الرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل و يصدون عن سبيل الله ).

و قد أخذ الجزء الأكبر من إيراد الكنيسة يتسرب إلى جيوب الأساقفة ورؤساء الأديرة الذين ألقوا عبء القيام بأعمالهم الدينية على عاتق صغار القسسس نظير أجور بخسة و قد تأثرت الكنيسة بأسرها مساوئ رعاتها حتى أن الأديرة التي نشأت فيما مضى لقمع الشهوة الدنيوية و نشر الهدى و الصلاح قد تحولت إلى بؤرات للفساد و الجهل و انتقل الفساد من رجال الدين على المجتمع بصورة أعم .أما المبدأ الثالث الذي امتازت به دعوة المسيحية و هو الحب و التراحم الذي يتمثل في أعلى درجاته في قول المسيح عليه السلام : ( أحبوا أعداءكم . باركوا لاعنيكم . أحسنوا إلى من أساء إليكم ) فقد تلاشى كذلك نتيجة لتعلقهم بالمادة و تكالبهم عليها و انعدام الصلة بينهم و بين الله . و كذلك نسي المسيحيون ما دعا إليه المسيح عليه السلام من عدم الاعتداء و التسامح المطلق بقوله : ( من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر و من سلبك قميصك فأعط ه رداءك ) .

نسوه لأنهم كلما انغمسوا في المادة باعدت بينهم و بين الله فتعلقوا باللذات و غمرتهم الشهوات و كثرت بينهم الإحن و قادهم التكالب على الدنيا إلى الحروب و الاعتداءات .

العداوة بينهم و ازديادها على ممر الأيام :

اختلف المسيحيون أول ما اختلفوا على شخصية المسيح فنشأت بينهم أحزاب مختلفة لم يقتصر الخلاف بينها على خلاف في النظريات و العقائد و الطقوس بل تعداه إلى فتن دموية قامت بين تلك الطوائف ، و من أمثال تلك الفظائع التي تقشعر منها الأبدان ما ارتكبه الرومان مع أقباط مصر ، فقد كان الرومان على المذهب الملكاني و المصريون معظمهم منن اليعاقبة و عقب استرداد هرقل لمصر من الفرس حاول أن يوفق بين المذهبين فأبى القبط ذلك فلجأ الرومان إلى القوة و كان جزاء من يرفض تغيير عقيدته أن يجلد أو يضرب أو يلقى في السجن حتى يلقى حتفه وكان القساوسة من القبط يقتلون او يشردون . أما بطرقهم بنيامين فقد اختفى و طلبه الرومان فلم يثروا له على أثر . و قد استمر هذا الإرهاب عشر سنين فتن فيها الناس عن عقيدتهم و أخذ الباقون يظهرون غير ما يبطنون تفادياً للعقاب و نستطيع أن نتصور ما كان في قلوب الفريقين من حقد إذا نحن تأملنا قليلاً هذه الحادثة التي يرويها التاريخ فقد ذكر المؤرخون أن الروم حينما اتفقوا مع المسلمين على تسليم حصن بابليون أعطاهم المسلمون مهلة ثلاثة أيام لإخلاء الحصن و كان آخر أيامهم في ذلك اليوم هو يوم عيد الفصح و لكن نكبتهم هذه و حرمة ذلك اليوم لم تمنعهم من إرواء غليلهم و التنكيل بأسرى الأقباط الذين سجنوهم من قبل في الحصن فسحبوهم من سجونهم و ضربوهم بالسياط و قطع الجند أيدهم ؟

فأي فظاعة أشد من هذه الفظاعة و أي قسوة أبلغ من هذه القسوة وهل ذلك باتباع دين نبي كله على الحب و التراحم و التسامح ؟ .

و ليت المر اقتصر على مصر فقط فان أباطرة الدولة الرومانية الشرقية اضطهدوا النسطوريين أيضاً في آسيا الصغرى و الشام و فلسطين مما كان سببا في التجاء علمائهم إلى العراق و فارس .

و تظهر البغضاء الكامنة في قلوب المسيحيين بعضهم لبعض بوضوح ف بأيام الحروب الصليبية فعلى الرغم من وحدة غرضهم و هو القضاء على المسلمين و على الرغم من موجة التحمس الديني إلى سادت أوروبا في ذلك الوقت فان سيرتها من أولها لنهايتها تدل على انعدام الإخلاص و أول مظهر يدل على ذلك هو تغرير إمبراطور القسطنطينية بحملة بطرس الناسك و عمله على التخلص منها لما كانت تتطلبه من تموينات وما كان سيلازم بقاء ثلاثمائة ألف محارب من اختلال في الأمن في عاصمة ملكه فسهل لهم القبور إلى الضفة الأخرى من البسفور فكانوا لقمة سائغة ابتلعها السلجوقيون بدون مشقة إذ أبادوا الحملة عن آخرها . فبما نفسر عمل الإمبراطور الذي أخذ يستغيث بمسيحيي أوربا لإنقاذه من السلاجقة حتى إذا خفوا لنجدته عمل على التخلص منهم فكان من أسباب هلاكهم و الغدر .و من أظهر الأمثلة على انعدام الإخلاص بين المسيحيين بعضهم على بعض قصة الحروب الصليبية الثالثة فقد أدى الخلاف بين ريتشارد قلب السد ملك إنجلترا و بين فيليب أغسطس ملك فرنسا على عودة ملك فرنسا على بلاده و ترك ريتشارد وحيداً ليحارب صلاح الدين و زاد الطين بلة أن فيليب اخذ يدس الدسائس لريتشارد بالاستعانة ببعض ملوك أوربا كما أخذ أخوا ريتشارد في إنجلترا يعمل لاغتصاب العرش منه و كان من جراء ذلك أن حرم ريتشارد ثمن انتصاراته و اضطر على العودة و إلى عقد صلح مع صلا ح الدين .و ليت الأمر اقتصر على هذا فان هذا الفارس الصليبي المغوار الذي أحرز انتصارات عظيمة في الشرق لقي من المسيحيين جزاء سنمار . فبدلاً من أن يحتفلوا به و يكرموه كبطل من أبطالهم قبضوا عليه و سجنوه .

و لقد كانت حركة الإصلاح الديني فيما بين القرن الخامس عشر و السابع عشر أعنف حركة دينية شهدها التاريخ فقد أدت الخلافات الدينية إلى مشاحنات و مطاحنات و اضطهادات كانت أشد ما عرف من نوعها في تاريخ الأديان و لكي نرى مبلغ ما أثاره من عداوة يجب أن نستعرض أهم مظاهرها و هي :

(1) حرب الثلاثين عاماً و قد استمرت من 1618 على 1648 و كان تأثيرها في ألمانيا تأثيراً سيئاً إذ ظلت ميداناً للحرب فريسة للنهب مدة ثلاثين سنة هلك فيها نصف سكانها تقريباً و اندثرت فيها معالم الصناعة و التجارة و الفنون .

(2) اضطهاد هيجونوت فرنسا :

كان بروتستانت فرنسا يدعون الهيجونوت و كانوا أقلية ضئيلة في وسط أغلبية كاثوليكية عظيمة و لذلك كان تاريخهم فيها حافلاً بالاضطهادات و الحروب و المذابح التي من أشهرها ( سان برثلميوا) في 24 أغسطس سنة 1572 غذ بينما كان ( كوليني ) زعيم الهيحونوت و أحد وزراء الملك شارل التاسع في ذلك الوقت ماراً أطلق عليه رجل الرصاص فأصابه إصابة غير قاتلة فعزم الملك على الانتقام فخاف الكاثوليك عاقبة التحقيق و انفضاح أمرهم فبيتوا يوم ( عيد القديس _ ثلميو) مذبحة هائلة ووضعوا علامات على بيوت الهيجونوت و انتقل الخبر من باريس إلى الأقاليم فقلدوها و كانت النتيجة أن قتل من الهيجونوت الفا نفس في باريس و ثمانية آلاف في الأقاليم و حينما تولى رشيليو مقاليد الأمور في فرنسا عمل على إخضاع الهيجوند و كانوا إذ ذاك يقيمون في مدن محصنة فاستلزم إخضاعهم حروباً طويلة الأمد.

(3) محاكم التفتيش :

و هي محاكم لم ير التاريخ لها مثيلاً كان شعارها القسوة التي لا رحمة فيها و الاضطهاد الذي لا هوادة فيه لأعداء الكاثوليك و كانت تستمد سلطتها من البابا مباشرة و لا دخل للحكومات في تصرفاتها اللهم إلا القيام بتنفيذ أحكامها . كانت جسامتها سرية و كانت تتجسس بكل الطرق وتقبض على من تشاء و تعذب المقبوض عليهم بما تراه حتى تكرهم على الاعتراف بإلحاد و حينئذ توقع عليهم عقوبة الإحراق أو السجن المؤبد و مصادرة الأملاك حتى التائبون منهم يسجنون طول حياتهم تطهيراً لهم من جريمة الإلحاد و كانت هذه المحاكم تراقب المطبوعات و تحرق ما لا يتفق منها مع المذهب الكاثوليكي . و يذكر التاريخ هذه المحاكم كأعظم نقطة سوداء في تاريخ المسيحية لما أجرته على الشعوب البريئة من الويلات .

(4) مجلس الدم :

لما كثر في سكان الأرض المنخفضة مذهب كلفن أشتد شارل في معاملتهم و أقام محاكم التفتيش بها فأحرقت عدداً من البروتستانت و لما خلفه ابنه فليب الثاني ملك أسبانيا استمر في سياسة الاضطهاد و أخذت الجنود تتحرش بالأهالي فقامت الثورة و أنقض الناس على الكنائس الكاثوليكية و كسروا ما فيها من تماثيل و صور فما كان من فليب إلا أن أرسل (دوق الفا ) على رأس جيش عظيم من الأسبان لمعاقبة الثور فكون المجلس المعروف بمجلس الدم لكثرة ما اهرقه من الدماء و قد اقترف ( الفا ) من الفظائع ما يندر وجود مثله في التاريخ .

ففي الخمسة و الأربعين سنة التي مرت من هذا القرن حدثت في أوربا وحدها الحروب التالية :

(1) الحرب العالمية الأولى .

(2) الحرب الأسبانية الأهلية .

(3) الحرب اليونانية الإيطالية .

(4) الحرب العالمية الثانية .

(5) الحرب الروسية الفنلندية .

أما الحروب التي حدثت بين المسيحيين في غير أوربا فأهما الحروب التي كانت تنشب من حين لآخر بين جمهوريات أمريكا الجنوبية و أهمها :

(1) الحرب بين البرازيل و الأرجنتين 1851 1852م.

(2) الحرب بين باراجوي و بولفيا 1922 1925م.

(3) الحرب بين باراجواي و البرازيل و أرجواى 1864 1870 م

(4) الحرب بين شيلي من جهة و بين بوليفيا و بيرو1879 1883 م .

(5) الحرب بين بيرو و كولومبيا 1932 1934 م .

(6) الحرب بين جواتمالا من جهة و السلفادور و هندوراس و كوستاركا من جهة أخرى 1906م.

(7) الحرب بين نيكارجوا وهوندوراس 1907م .

كذلك الحرب بين أمريكا و المكسيك 1846م 1848م .

و لو أنك أردت أن تتخذ القرن التاسع مقياساً نقيس به مقدار ما يكنه المسيحيون بعضهم لبعض من عداوة كما دل عليه القرآن الكريم لوجدت فيه من الحروب و الثورات ما يصعب تتبعه و حصره و أبرز حروب هذا القرن الحروب النابليونية التي شملت أوربا كلها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى شمال أوربا كلها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب و لو أمك رجعت إلى ما سبقه من القرون لوجدت أن تاريخ معظم المسيحيين مخضب بالدماء لا أثر للسلم أو التسامح فيه ومن حروبهم المشهورة حرب السنين السبع التي امتدت من سنة 1756 إلى سنة 1763 م هي حرب من سلسلة الحروب التي كثرت في القرن الثامن عشر ومما يستحق الإشارة إليه أيضاً من تلك الحروب حرب المائة عام بين إنجلترا و فرنسا التي ابتدأت سنة 1338 ة استمرت مستعرة ما يزيد على قرن من الزمان .

الصدر:

كتاب القرآن و العلم تأليف أحمد محمد سليمان دار العودة بيروت

الروم و الفرس

كانت دولتا الفرس و الروم تقسمان السيطرة على معظم العالم المأهول و وقتئذ و كانتا ككل قوتين عظيمتين متجاورتين كثيرتي الاحتكاك بعضهما ببعض .

و في و في أثناء ظهور الإسلام بينما كان محمد صلى الله عليه وسلم يجاهد أهل مكة بحجته وبيانه وهم يتمادون في إيذائه كانت الظروف تمهد له الطريق خارج بلاده فقد أخذت هاتان القوتان العظيمتان تتطاحنان .

هنا تظهر قوة الإيمان و قصر حجة الإنسان مهما كان لديه من منطق و قوة استدلال أمام المستقبل الذي لا يعلمه إلا خالق الأكوان و لا يمكن أن يتنبأ به كائن من كان ، وإذا قال الخالق كلمته وخالقته و لو إلى حين ظواهر الأحوال السائقة إلى ما ينتظر من نتائج و آمال كذبت في النهاية و صدقت كلمة الله إذ هو الأول و الآجر و الظاهر و الباطن ذو الجلال و الإكرام .

حارب الفرس الروم فتداعت الإمبراطورية الرومانية و سقطت ممتلكاتها كما تسقط الأوراق الذابلة في الخريف .

وصل الفرس إلى شواطئ البوسفور و هددوا القسطنطينية من الشرق ، و ليت الأمر اقتصر على هذا فقد هاجمتها قبائل الهمج من الغرب فوصلوا إلى أبوابها و أصبحت الإمبراطورية الرومانية لا تتعدى أسوار القسطنطينية و أفلست الخزائن و أصبحت خاوية و فكر الإمبراطور في الهرب .

أنظر إلى بتلر و هو يقول في فتح مصر : \” كان أول شيء فعله هرقل أن يبعث إلى كسرى يتوسل إليه أن يصالحه فما كان نصيبه من ذلك إلا الدفع . الرفض بازدراء . و قد عزم هرقل على أن ينضو التاج و يعود إلى موطنه في أفريقيا \” .

و يقول عن قبائل الآفار \” إنها كانت تجوس خلال الديار في عامي 622، 623 م تخرب فيها و كادوا يوقعون بهرقل نفسه ثم يأخذون العاصمة بمكيدة دنيئة دبرها \” .

دولة مهدمة ضعيفة فقيرة مفلسة و قلوب محطمة يملؤها اليأس تطلب الصلح و ترجوه و لكنه يؤبى عليها و تؤذى في كرامتها و يطلب منها تغيير دينها .

أي قوة بشرية مهما كانت كان في وسعها أن تقول إن هذه الدولة المحطمة ستنصر بغير جيش و بغير مال و الهزيمة تأتيها من كل مكان ؟ . لو قيل هذا بشر لظن الناس أن به خبلاً .

\” ألم . غلبت الروم في أدنا الأرض و هم من بعد غلبهم سيغلبون . في بضع سنين لله الأمر من قبل و من بعد و يومئذ يفرح المؤمنون . بنصر الله من يشأ و هو العزيز الرحيم . و عد الله لا يخلف الله وعده و لكن أكثر الناس لا يعلمون \” الروم .

و لكن هذا ما قاله عالم الغيب حينما قهرت الروم و ظهرت فارس علها . و لكن قريشاً كذبته و لم يكن لأحد أن يلومهم لأن هذا كان فوق متناول الطاقة البشرية .كذبوا و فرحوا . إذ هم عبدة النار و هم في الدين إخوان و النصارى و المسلمون كلاهما على حق و لكنهم لم يعلموا أن كلمة الله على الرغم مما يرون لا مبدل لها .

تحمس الفريقان حتى وصلت بهم الحالة إلى الرهان . فهذا أبو بكر يجزم بان الروم لابد منتصرون ، و هذا أبي بن خلف يكذبه و يتمارى في تكذيبه . ولم يكن مع أبي بكر من دليل غير الإيمان بكلمة الله ، إذ كانت كل ظواهر الأحوال تقف ضده و تحاربه .

ترهنا على مائة قلوص بأجل يمتد بضع سنين من ثلاث إلى تسع ، معجزة لم تدر بخلد البشر ، فلابد أن تتحقق كلمة الله و تتحقق بصورة رائعة يدهش لها الجميع .

تتحقق فجأة وبلا مقدمات . إن ذلك الميت قد دبت فيه الروح و سرت و بلا مقدمات . إن ذلك المفلس قد تلمّس المال فلم يجده إلا في ذهب أواني الكنائس فضحى بها و هي عزيزة على النفس ثم سار بجيشه الذي حطمته الأيام فاسترجع أملاكه و دخل فارس و فتحها و استرجع الصليب الأعظم ، شيء عجيب بلا مراء ، و لكن متى فعل هذا ؟ أفي الموعد الذي حدده القرآن ؟ نعم و ألف نعم .

نعم ، فلقد ربح أبو بكر المائة قلوص و تصدق بها . ففي بحر التسع سنين هزمت الفرس هزيمة منكرة و تكللت أعمال الحرب بفتح ( دستجر ) و هي مدينة على ثمانين ميلاً من المدائن وذلك في فبراير سنة 628م وفر كسرى هارباً ثم قتله بعد أيام من ذلك ، و في هذا يقول بتلر : ( و انتهى القتال إلى صلح بين الروم و الفرس ، و هكذا انتهت الحرب الصليبية الكبرى بنصر عجيب قلًّ مثله في التاريخ بما يثيره في

النفوس ).

و ماذا حدث بعد ذلك ؟ حدث بعد ذلك تتمة كلمة الله إذ لابد أن تتم إلى النهاية ، فقد أخبرهم الله تبارك و تعالى أن الروم ستنتصر بعد هذه الهزيمة الشنعاء ثم أخبرهم أن المؤمنين سيفرحون بنصر الله . نعم فلم يقبض النبي صلى الله عليه و سلم حتى خضعت أطراف الشام ( تبوك و أيلة و دومة الجندل ) للمسلمين ، و حينما قبض إلى الرفيق الأعلى انهالت جيوش المسلمين على قلتها و ضآلة عددها و ضعف أسلحتها على الروم و فارس تحوها كلمة الله مؤمنة بها مؤمنة بنصر الله وعدها متأكدة من سلاحها الماضي الذي هو أمضى الأسلحة و هو وعد الله ، وعده أن ينصر المؤمنين و قد كان ، و لكن كان متى ؟ كان عقب انتصار الروم مباشرة حيث كانت موقعة بدر ( و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء و هو العزيز الرحيم ) .

و قد حدد القرآن موقع المعركة بدقة في قوله تعالى 🙁 أدنى الأرض ) جاءت العلوم الجيولوجية لتؤكد على أن حوض البحر الميت الذي تمت المعركة حوله ، هو أكثر أجزاء اليابسة انخفاضا على الإطلاق ، إذ يبلغ منسوبه حوالي الأربعمائة متر تحت مستوى سطح البحر ، وهو أدنى بقعة على سطح اليابسة انخفاضاً على الإطلاق .

المرجع :

القرآن و العلم أحمد محمد سليمان دار العودة . بيروت

من آيات الإعجاز العلمي للقرآن الدكتور زغلول النجار

إنجيل برنابا

كثيراً ما يتردد على الألسنة ذكر هذا الإنجيل المثير، والذي ينسب لأحد أخص تلاميذ المسيح، وهذا الإنجيل يخالف سائر الأناجيل الأربعة في أمور جوهرية ، منها نقضه لدعوى ألوهية المسيح، وتأكيده نجاة المسيح من الصلب، وتنديده ببولس، ورفضه لتبشيره، وكذا تصريحه ببشارة عيسى عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم في مرات عديدة.

من هو برنابا ؟
برنابا هو أحد حواريي المسيح ، واسمه يوسف بن لاوي بن إبراهيم ، يهودي من سبط لاوي من قبرص ، باع حقله وجاء ووضعه عند أرجل تلاميذ المسيح ( انظر أعمال /36 – 37 )، عرف بصلاحه وتقواه ، ويسميه سفر الأعمال\” يوسف الذي دعي من الرسل برنابا \” ( أعمال 4/36 ).
ولما ادعى بولس أنه رأى المسيح وعاد إلى أورشليم يتقرب إلى التلاميذ تولى برنابا تقديمه إلى التلاميذ ( انظر أعمال 9/27 ) وقد ذهب برنابا للدعوة في أنطاكية .. \”ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب ، لأنه كان رجلاً صالحاً وممتلئاً في الروح القدس والإيمان ، فانضم إلى الرب جمع غفير \” ( أعمال 11/22 – 24 ).
ثم خرج إلى طرسوس ودعا فيها مع شاول ( بولس ) سنة كاملة ( أعمال 11/25 – 26)، ثم تشاجر مع بولس وافترقا ( أعمال 15/29 ) وبعد هذا الشجار اختفى ذكر برنابا من العهد الجديد .
وذكر المؤرخون أن وفاته كانت سنة 61م في قبرص، حيث قتله الوثنيون رجماً بالحجارة ودفنه ابن أخته مرقس الإنجيلي .

ثبوت وجود رسائل وإنجيل منسوب لبرنابا
وتنسب المصادر التاريخية إلى برنابا إنجيلاً ورسالة وكتاباً عن رحلات وتعاليم الرسل ، وقد عثر العالم الألمانى تشندروف ( 1859 م ) على رسالة برنابا ضمن المخطوطة السينائية التي عثر عليها ، مما يشير إلى اعتبارها رسالة مقدسة فترة من الزمن .
لكن أياً من رسائله وكتاباته لم تعتبر مقدسة ، وهنا نعجب كيف اعتبرت رسائل بولس ولوقا اللذين لم يريا المسيح؟ ولم تعتبر أقوال برنابا الذي سبقهم بالإيمان وبصحبة المسيح !!
وقد صدر عام 366م أمر من البابا دماسس بعدم مطالعة إنجيل برنابا ، ومجلس الكنائس الغربية عام 382م، كما صدر مثله عن البابا أنوسنت 465م، كما وقد حرّم البابا جلاسيوس الأول عام 492م مطالعة بعض الاناجيل، فكان منها إنجيل برنابا .

العثور على نسخة من إنجيل برنابا
واختفى ذكر إنجيل برنابا قروناً طويلة حتى عثر الراهب الإيطالي فرامينو في أواخر القرن السادس عشر على نسخة منه في مكتبة البابا سكتس الخامس في الفاتيكان ، فأخفاها وخرج بها ثم أسلم ، وانقطع ذكر هذه النسخة.
وفي عام 1709م عثر كريمر أحد مستشاري ملك روسيا على النسخة الوحيدة الموجودة اليوم من إنجيل برنابا والتي استقرت عام 1738م في البلاط الملكي في فيينا ، وتقع في 225 صحيفة سميكة مجلة بصحيفتين ومكتوبة بالإيطالية.
وقد ترجمت إلى العربية في مطلع هذا القرن على يد الأستاذ خليل سعادة ، وقدم للترجمة بمقدمة نستعين بها في معرفة أصول هذه النسخة ، وقد ذكر وجود ترجمة أسبانية تناقلها عدد من المستشرقين في أوائل القرن الثامن عشر ، وانتهت إلى يد الدكتور هوايت الذي ذكر بأنها مترجمة عن نسخة البلاط الملكي الإيطالية ، وأن مترجمها للأسبانية مسلم يدعى مصطفى العرندي ، واختفت هذه النسخة عند الدكتور هوايت .
فمن هو كاتب نسخة البلاط الملكي الوحيدة ؟ ومن هو كاتب الإنجيل ؟

وصف المخطوطة الوحيدة للإنجيل
أما بخصوص النسخة الوحيدة فإنها كما يصفها خليل سعادة مجلدة بصحيفتين عليهما نقوش ذهبية..ويرى المحققون أن ناسخ هذه المخطوطة من أهالي البندقية في القرن 15 – 16 أو أوائل القرن السابع عشر ، وأنه أخذها من نسخة توسكانية أو بلغة النبدقية ، وتطرقت إليها اصطلاحات توسكانية .
ويذهب الكاتبان \” لو تسدال \” و \” لو راواغ \” إلى أن النسخ تم عام 1575م تقريباً ، وأنه من المحتمل أن يكون الناسخ فرامينو الراهب .
ويوجد على هوامش النسخة ألفاظ وجمل عربية بعضها صحيح العبارة وبعضها ركيك لا يتصور سعادة أن \” يفعله كاتب عربي تحت الشمس \”.
ويرجح سعادة أن الكاتب لهذه الهوامش واحد، وأنه عربي، وأن الناسخ بدل وغير في النسخة ، فنتج هذا الاضطراب في العبارات العربية ، ويجزم سعادة أن هذه النسخة نسخة منقولة عن أصل آخر لها .

موقف المسلمين من إنجيل برنابا وعلاقتهم بتأليفه
وبخصوص كاتب الإنجيل، أراد النصارى إلصاق هذا الإنجيل بالمسلمين ، من غير أن يكون لديهم دليل واحد يثبت ذلك، أو يحدد اسم هذا المسلم الألمعي العارف باليهودية وكتبها.
وبعد قراءة سعادة للإنجيل رجح – من غير أن يقدم أدلة شافية – أن كاتبه \” يهودي أندلسي اعتنق الدين الإسلامي بعد تنصره واطلاعه على أناجيل النصارى ، وعندي (أي سعادة) أن هذا الحل هو أقرب إلى الصواب من غيره \” .

واستند في زعمه إلى أمور :
1 ) أن للكاتب إلماماً عجيباً بأسفار العهد القديم \” لاتكاد تجد له مثيلاً بين طوائف النصارى إلا في أفراد قليلين من الأخصائيين … والمعروف أن كثيرين من يهود الأندلس كانوا يتضلعون بالعربية .. فيكون مثلهم في الاطلاع على القرآن والأحاديث النبوية \” .
2 ) أن الإنجيل يؤكد على أهمية الختان وغيره من الأحكام التوراتية ، وفيه من الكلام الجارح ما يستحيل صدوره من نصراني ، كما يتضمن تقاليد تلمودية يتعذر على غير اليهودي معرفتها .
ويتضمن أيضاً أساطير وقصص عربية مما يتناقله العامة في البيئة العربية ، فدل ذلك على أنه يعيش في البيئة العربية.
3 ) أن هذا الإنجيل يوافق القرآن والسنة في مواضع عدة أهمها إنكار ألوهية المسيح أو أنه ابن الله ، وإنكار صلب المسيح ، والقول بصلب يهوذا ، وكذا يصرح هو المسياrالإنجيل ويؤكد على أن الذبيح إسماعيل لا إسحاق ، ويذكر أن محمداً المنتظر في أكثر من موضع .
4 ) أن هذا الإنجيل يباين الأناجيل الأربعة بما فيه من أدب راقٍ ومسائل فلسفية وعلمية .
واستدل لذلك بما في الإنجيل من مباحث فلسفية تشبه فلسفة أرسطو طاليس التي كانت شائعة في القرون الوسطى ، كما يحوي الإنجيل تشبيهات واستعارات أدبية تشبه ما نقل عن الشاعر دانتي في العصور الوسطى .
والنتيجة أن النصارى لا يعترفون بصحة نسبة الإنجيل لبرنابا ، ويؤكدون أنه منحول ، وأن كاتبه مسلم في القرون الوسطى .
وقد صدرت في ذلك كتابات نصرانية أكدت أن الإنجيل مزور مستدلة بما سبق وبأمور أخرى أقل أهمية مثل مخالفة الإنجيل لبعض حقائق الجغرافيا والتاريخ ، وأيضاً أنه حوى أموراً تكذبه بها الأناجيل الأربعة ومنها قوله: \” أن الله اعتبر الكذب في سبيل الحمد فضيلة \” ( برنابا 161/60 ) ، ومنها أن قوله بصلب يهوذا بدلاً عن المسيح فكرة غير ناضجة ، لأن الله لو أراد إنقاذ المسيح لأنقذه بمعجزة ، وليس عن طريق الغش والخداع الذي يلجأ إليه الضعفاء .

موقف علماء الإسلام من إنجيل برنابا
على الرغم من موافقة إنجيل برنابا لمعتقدات المسلمين في الجملة، فإن أحداً من المسلمين لا يعتبره الإنجيل الذي أنزله الله على المسيح ..
ولم يلجأ المسلمون إلى الاستشهاد بهذا الإنجيل إلا نادراً ، وكان استشهادهم به أقرب إلى الاستئناس منه إلى الاستدلال ، فالمسلمون لا يرون في هذا الإنجيل إنجيل المسيح ، لكنه أقرب إلى طبيعة المسيح وتلاميذه من سائر الأناجيل .
ورفض المسلمون نسبة هذا الإنجيل إلى المسلمين ، فلقد وجد في بيئة مسيحية صرفة كما سبق بيانه ، وقد سبق ذكره قبل الإسلام بقرون عدة مما يدل على براءة المسلمين منه .
وأما التعليقات العربية الموجود على نسخته الإيطالية فهي من عمل الناسخ عن الأصل أو قارئ للنسخة لا يجيد العربية ، ولعله فرامينو الراهب الذي أسلم ، وتكون هذه النسخة هي التي عثر عليها في مكتبة البابا.
ثم من ذا المسلم الذي سيصنع هذا الإنجيل، ولا يستشهد به هو ولا من بعده في مناظرة النصارى ؟ وكيف له أن يوصله إلى مكتبة البابا بالفاتيكان ؟ فجهل المسلمين به وعدم استشهادهم به دليل برائتهم منه .
وأما تصريحه باسم النبي صلى الله عليه وسلم واعتباره دليلاً على أنه من وضع المسلمين ، وأن المؤلف المنتحل – كما يقول سعادة – \”بالغ وجاوز في الغرض ولو أشار من غير تصريح باسم النبي لكان ذلك أبلغ\” .
فهذا نراه دليلاً على صحة نسبة الإنجيل وبراءة المسلمين منه ، إذ لا يمكن أن يفوت كاتب الانجيل ، وهو الذي يصفه سعادة بالذكاء البارع – مثل هذه الأمر ، فلو كان منتحلاً لأشار للنبي ولم يصرح باسمه ، فتصريحه مع ذكائه وبراعته دليل أصالته.
وأما تكذيب الإنجيل لألوهية المسيح ، وتشنيعه الشديد على من ترك الختان فهو دليل على نصرانية كاتبه لا يهوديته، إذ ترك الختان ليس من دين المسيح، بل هو من تغيير بولس بعد المسيح ، ومثله القول بألوهية المسيح.
وقد كتب برنابا إنجيله ليكشف ما صنعه بولس كما جاء في مقدمته \” إن الله العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه الأيام الأخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمة عظيمة للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثيرين بدعوى التقوى ، مبشرين بتعليم شديد الكفر ، داعين المسيح ابن الله ، ورافضين الختان الذي أمر الله به دائماً مجوزين كل لحم نجس ، الذين ضل في عدادهم أيضاً بولس الذي لا أتكلم معه إلا مع الأسى ، وهو السبب الذي لأجله أسطر ذلك الحق الذي رأيته…\” ( برنابا : مقدمة /2 – 8 ) .

مخالفة الإنجيل لمعتقدات المسلمين
ومما يدل على براءة المسلمين من هذا الإنجيل اختلافه في طريقة صياغته وأسلوبه عن طريقة العرب وأسلوبهم ، فليس في المسلمين من يذكر الله ولا يثني عليه. أو يذكر الأنبياء ولا يصلي عليهم .
كما يخالف المعتقدات الإسلامية في مسائل منها قوله بأن الجحيم للخطاة السبعة: المتكبر والحسود والطماع والزاني والكسلان والنَهِم والغضِب المستشيط ، ( انظر برنابا 135/4 – 44 ) وقد ترك ذنوباً أكبر كالشرك والقتل، كما أن الكسل والنهِم لايستحقان النار.
ومثله قوله: \” دعوا الخوف للذي لم يقطع غرلته ، لأنه محروم من الفردوس \” ( برنابا 23/17 ) فمثل هذا لا يوافقه عليه مسلم .
ومثله تسمية الله \” العجيب \” ( برنابا 216/3 )، وهو ليس من أسماء الله الحسنى.
وكذا قوله عن الله: \” إن الله روح \” ( برنابا 82/6 ) والأرواح عندنا مخلوقة.
ويتحدث عن الله ، فيصفه أنه \” المبارَك \” ( برنابا 71/16 )، ولا يمكن لمسلم أن يقول عن الله ذلك ، إذ هو الذي يبارِك ، ومن ذا الذي يبارك الله جل وعلا !!! فتبارك الله أحسن الخالقين .
ومما يرد أيضاً انتحال مسلم لإنجيل برنابا قوله: \” أقول لكم إذاً: إن السماوات تسع \”( برنابا 105/3 ) ولا يقول بهذا مسلم قرأ القرآن .
وأيضاً يذكر برنابا تسميات للملائكة لم يقل بها المسلمون ، وفي ذلك ذكر اسم رفائيل وأوريل في قوله: \” أمر جبريل وميخائيل وأوريل سفراءه أن يأخذوا يسوع من العالم … فجاء الملائكة الأطهار \” ( برنابا 215/4-5 ) .
ثم قد ورد اسم الرسول \” محمد \” مرات عدة في إنجيل برنابا، ولم يرد اسمه \” أحمد \” مرة واحدة ، ولو كان الكاتب مسلماً لعمد إلى كتابته – ولو مرة واحدة ليحقق التوافق الحرفي مع ما جاء في سورة الصف { ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } . (الصف: 6)
ثم لو كان كاتبه مسلماً لكتب معجزة كلام المسيح في المهد التي ذكرها القرآن وأغفلتها الأناجيل ، وغير ذلك من المسائل التي تثور في وجه من يقول بانتحال مسلم لهذا الإنجيل .
وحين يدفع المسلمون القول بأن إنجيل برنابا منحول ، ليس لجزمهم بصحة نسبة الإنجيل إلى برنابا ، بل لجزمهم بأن هذا الإنجيل لا يقل حاله بحال من الأحوال عن سائر أسفار العهد القديم والجديد .
ويوافق المسلمون النصارى في اعتراضهم على هذا الإنجيل، ودعواهم بأنه لم يصل بطريق موثق ، وأنه لا يعلم أصله، لكن الحال الذي ينكرونه هو حال كل صحيفة من صحائف الكتاب المقدس.
بل إن لإنجيل برنابا مزية على سائر الأناجيل، فقد صرح فيه الكاتب أنه برنابا، ويقول عن نفسه في سائر صفحات الإنجيل: فقال لي برنابا ، وقلت للمسيح …. ، بينما لا تجد مثله في سائر الأناجيل ( انظر متى 9/9 ) و( يوحنا 21/24 ) .
وأما عن أخطاء الإنجيل التاريخية أو ذكره تسمية \”جبل طابور\” ( برنابا 42/20 ) وهي تسمية غير معهودة أيام المسيح ، فهذا لا يختلف أبداً عن ذكر حبرون في عهد موسى ، وقد سميت بعده ( انظر التكوين 13/18 ) .
ولعل هذه التسمية الجديدة – إن صحت جدتها – من عمل الناسخ وتدخله في النص .
ثم إن أسلوب الكاتب ومعلومات الإنجيل يؤكدان بأن الكاتب ضليع في علوم الكتاب المقدس، متصف بعمق واسع يليق بمثل برنابا داعية النصرانية في الجيل الأول ، فليس بمستغرب أن يكون قد كتب إنجيلاً، ومنع قراءته دليل وجوده بل واشتهاره .
وأما مخالفة الإنجيل للحقائق التاريخية فلكونه عملاً بشرياً ، ولا حرج في ذلك، إذ أن النصارى ينسبون مثل هذه المخالفات إلى أسفار الوحي .
وقول برنابا: \” الكذب فضيلة \” لا يختلف كثيراً عن قول بولس عن نفسه بأنه روماني كذباً (انظر أعمال 23/25)، ثم قوله: \” فإنه إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده \” ( رومية 3/7 )، فصدور هذا الاعتراض من النصارى لا يقبل .
وأما التشابه بين أقوال الشاعر دانتي وإنجيل برنابا فهو لا يعني جزماً بأن كاتب الإنجيل وجد بعد دانتي ، بل قد يكون دانتي هو المستفيد من برنابا .
ثم إن التشابه لا يعني بالضرورة نقل اللاحق عن السابق دائماً ، وإلا لزم أن نقول بأن أسفار التوارة التشريعية منقولة عن قوانين حمورابي للتشابه الكبير بينهما .
وأخيراً، فإنه لو كان كاتب الإنجيل في العصور الوسطى لما وقع بتلك الأخطاء في الإحالة إلى أسفار التوارة، ولكان أيضاً قد اهتم بالتنديد بالأناجيل الأخرى ، ولكنه لم يصنع لسبب بسيط ، وهو أنه كتب إنجيله قبل انتشار هذه الأناجيل.
ولو كان الإنجيل منحولاً لندد مؤلفه بالتثليث وكتب في إبطاله ، لكنه لم يتحدث عنه ، فدل ذلك على أن زمن الكتابة سابق على دعوى التثليث التي ظهرت في القرن الرابع .
وهكذا نرى أن إنجيل برنابا لا يختلف من ناحية الإسناد كثيراً عن الأناجيل الأربعة ، لكنه الإنجيل الوحيد الذي صرح فيه كاتبه باسمه وبأنه شاهد لما يكتب ، وأما متنه فكان أكثر اتساقاً من جميع الأناجيل ، متميزاً بترابطه وجمال أسلوبه ومعرفته الكبيرة بالعهد القديم وأسفاره، وهو ما يليق حقاً بداعية النصرانية في الصدر الأول : برنابا .
وقد كانت مضامين هذا الإنجيل متفقة إلى حد بعيد مع ما يعهد في رسالات الله إلى أنبيائه ، وحُقَّ لتولاند 1718م في كتابه \” الناصري \” أن يقول عند ظهور هذا الإنجيل : \” أقول على النصرانية السلام \” . وقوله \” إن مد النصرانية قد وقف من ذلك اليوم .. إن المسيحية ستتلاشى تدريجياً حتى تنمحي من الوجود \”.

كتبه
د. منقذ بن محمود السقار
مكة المكرمة – شوال 1423هـ

في ظهور نار الحجاز

روينا في مسند أحمد ، برجالٍ ثقات عن أبي ذر ، قال : \” أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فرأينا ذا الحُليقة ، فتعجل رجالٌ إلى المدينة ، و بات رسول الله صلى الله عليه وسلم و بتنا معه ، فما أصبح سأل عنهم ، فقالوا إلى المينة ، فقال : تعجلوا إلى المدينة و النساء ، أما إنهم سيدعونها أحسن ما كانت \” مسند أحمد 5/189.

ووراه ابن شبة من غير ذكر : \” بأرض اليمن \” ، و لفظه : \” ليتركنها أحسن ما كانت ، ليت متى تخرج نار من جبل الوراق تضيء لها أعناق الإبل ببصرى بروكاً كضوء النهار \” [ تاريخ المدينة 1/280.

و أخرج الطبراني ، في آخر حديث لحذيفة بن أسيد : و سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : \” لا تقوم الساعة حتى تخرج نارٌ من رومان أو ركوبة (و هي ثنية بين مكة و المدينة ) تضيء منها أعناق الإبل ببصرى \” [ نقلاً عن فتح الباري 80/23.

قلت : وركوبة ـ كما ـ سيأتي ـ ثنية قريبة من ورقان ، ولعله المراد بجبل الوراق .

قال الحافظ ابن حجر : ورمان لم يذكرها البكري ، ولعل المراد : رومة ، البئر المعروفة بالمدينة . [ نقلاً عن فتح الباري80/13] .

و هذه النار نذكورة في الصحيحين ، في حديث : \” لا تقوم الساعة حتى تظهر نار بالحجاز \” [ المعجم المفهرس 3/523 ، البخاري : كتاب الفتن ، و مسلم كتاب الفن و مسند أحمد ] .

و لفظ البخاري : \” تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى \” [ فتح الباري : 13/78].

و روى الطبراني ، بسند ضعيف ، عن عاصم بن عدي الأنصار ي، قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثان ما قدم ، فقال : أين جئت ؟ فقال : من حبس سيل ، فدعوت بنعلي ، فانحدرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، سألتنا عن حبس سيل فقلنا : لا علم لنا به ، و إنه مرَّ بي هذا الرجل فسألته فزعم أنَّ به أهله ، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أين أهلك ؟ فقلا : بحبس سيل ، فقال : أخرج أهلك منها ، فإنه يوشك أن تخرج منها نار تضيء أعناق الإبل ببصرى \” [ النهاية في غريب الحديث 1/320 ].

و حديث : \” يوشك نار تخرج من حبس سيل ، تسير سير بيطيئة الإبل ، تسير النهار و تقيم الليل \” [مورد الظمآن إلى زوائد ابن حبان للهيثمي 467]، و أخرج هذا الحديث أحمد بن حنبل ، و أبو يعلى ، من رواية رافع بن بشر السلمي عن أبيه ، و قال الحافظ الهيثمي : رواه أحمد و الطبراني ، و رجال أحمد رجال الصحيح ،غير رافع ، و هو ثقة ، أنتهي .

و ظهور النار المذكورة بالمدينة الشريفة قد اشتهر اشتهاراً بلغ حدَّ التواتر عند أهل الأخبار ، و كان ظهورها لإنذار العباد بما حدث بعدها ، فلهذا ظهرت على قرب مرحلةٍ من بلد النذير صلوات الله و سلامه عليه ، و تقدمها زلازل مهولة ، وقد قال تعالى : ( و ما نرسل بالآيات إلا تخويفاً) [سورة الإسراء:59] ، و قال تعالى : ( ذلك يخوف الله به عباده يا عبادي فاتقون ) [ سورة الزمر : 16] .

ظهور النار :

و لما ظهرت النار العظيمة الآتية وصفها ، و أشفق منها أهل المدينة غاية الإشفاق ، و التجأوا إلى نبيهم المبعوث بالرحمة ، صرفت عنهم ذات الشمال و زاحت عنهم الأوجال ، و ظهرت بركة تربته صلى الله عليه وسلم في أمته ، و لعل الحكمة في تخصيصها بهذا المحل ـ مع ما قدمناه من كونه حضرة النذير ـ الرحمة لهذه الأمة فإنها إن ظهرت بغيره ، و سلطان القهر و العظمة التي هي من آثاره قائمٌ لربما استولت على ذلك القطر و لم تجد صارفاً ، فيعظم ضررها على الأمة ، فظهرت بهذا المحل الشريف لحكمة الإنذار ، فإذا تمت قابلتها الرحمة فجعلتها برداً و سلاماً ، إلى غير ذلك من الأسرار .

و كان ابتداء الزلزلة بالمدينة الشريفة مستهل جمادي الآخرة ، أو آخر جمادى الآخر ، او آخر جمادى الأول سنة أربعة و خمسين وست مئة ، لكنها كانت خفيفة لم يدركها بعضهم مع تكررها بعد ذلك ، و اشتدت في يوم الثلاثاء على ما حكاه القطب القسطلاني . و ظهوت ظهوراً عظيماً ، اشترك في إدراكه العام و الخاص ، ثم لما كان ليلة الأربع ثالث الشهر أو رابعه ، في الثلث الأخير من الليل حدث بالمدينة زلزلة عظيمة أشفق الناس منها ، و انزعجت القلوب لهيبتها ، واستمرت تزلزل بقية الليل ، و استمرت إلى يوم الجمعة و لها دوي أعظم من الرعد ، فتموج الأرض و تتحرك الجدران ، حتى وقع في يوم واحد دون ليلة ثماني عشرة حركة ، على ما حكاه القسطلاني .

و قال القرطبي : قد خرجت نار الحجاز بالمدينة ، و كان بؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة ، الثالث من جمادي الآخرة سنة أربع و خمسين و ست مئة ، و استمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت ، و ظهرت بقريظة ، بطرف الحرة ترى في صفة البلد العظيم ، لا تمر على جبل إلا دكته و أذابته ، و يخرج من مجموعه ذلك مثل النهر أحمر و أزرق ، له كدوي الرعد ن يأخذ الصخور بين يديه ، و ينتهي إلى محط الركب العراقي ، و اجتمع من ذلك ردمٌ صار كالجبل العظيم ، فانتهت النار إلى قرب المدينة ، و مع ذلك فكان يأتي المدينة نسيم ٌ باردٌ ، و شوهد لهذه النار غليان كغليان البحر .

و قال لي بعض أصحابنا : رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام ، و سمعت أنها رؤيت من مكة و من جبال بصرى أهـ .

و قال النووي : تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام .

و نقل أبو شامة عن مشاهدة كتاب الشريف سنان قاضي المدينة الشريفة و غيره أنَّ في ليلة الأربعاء ثالثة جمادى الآخرة حدث بالمدينة في الثلث الأخير من الليل زلزلة عظيمة أشفقنا منها ، و باتت في تلك الليلة تزلزل ، ثم استمرت تزلزل كل يوم و ليلة مقدار عشر مرات .

قال : و الله لقد زلزلت مرة و نحن حول الحجرة فاضطربت لها المنبر إلى أن سمعنا منه صوتاً للحديد الذي فيه و اضطربت قناديل الحرم الشريف (1).

زاد القاشاني : ثم في اليوم الثالث ـ وهو يوم الجمعة ـ زلزلت الأرض زلزلة عظيمة ، إلى أن اضطربت منائر المسجد ، و سمع لسقف المسجد صرير عظيم (2) .

قال القطب القسطلاني : فما كان يوم الجمعة نصف النهار ظهرت تلك النار ، فثار من محل ظهورها في الجو دخان متراكم غشى الأفق سواده ، فلما تراكمت الظلمات و أقبل الليل سطع شعاع النار ، و ظهرت مثل المدينة العظيمة في جهة الشرق .

قال القاضي سنان : و طلعت إلى الأمير ـ و كان عز الدين منيف بن شيحة و قلت له : قد أحاط بنا العذاب ، ارجع إلى الله ، فأعتق كل مماليكه ، وردَّ على الناس مظالمهم .

زاد القاشاني : و أبطل المكس .

ثم هبط الأمير للنبي صلى الله عليه وسلم و بات في المسجد ليلة الجمعة و ليلة السبت ، و معه جميع أهل المدينة حتى النساء و الصغار ، و لم يبق أحد في النخل إلا جاء إلى الحرم الشريف و بات الناس يتضرعون و يبكون ، و أحاطوا بالحجرة الشريفة كاشفين رؤوسهم مُقرين بذنوبهم مبتهلين مستجيرين بنبهم صلى الله عليه و سلم .

و قال القطب : و لما عاين أمير المدينة ذلك أقلع عن المخالفة و اعتبر ، و رجع عما كان عليه من المظالم و انزجر ، و أظهر التوبة و الإنابة ، و أعتق جميع مماليكه ، و شرع في ردِّ المظالم و عزم أهل المدينة على الإقلاع عن الإصرار و ارتكاب الأوزار ، و فزعوا إلى التضرع و الاستغفار ، و هبط أميرهم من القلعة مع قاضيهم الشريف سنان و أعيان البلد ، والتجأوا إلى الحجرة الشريفة ، و باتوا

بالمسجد الشريف بأجمعهم حتى النساء و الأطفال ، فصرف الله تعالى تلك النار العظيمة ذات الشمال ، و نجوا من الأهوال ، فسارت تلك النار من مخرجها و سالت ببحر عظيم من النار ، و أخذت في وادي أُحيليين و أهل المدينة يشاهدونها من دورهم كأنها عندهم و مالت من مخرجها إلى جهة الشمال ، و استمرت مدة ثلاثة أشهر على ما ذكره المؤرخون . و ذكر القطب القسطلاني في كتاب أفرده لهذه النار ن و هو ممن أدركها لكنه كان بمكة فلم يشاهدها: إن ابتداءها يوم الجمعة السادس من شهر جمادى الآخرة، و أنها دامت إلى يوم الأحد السابع و العشرين من رجب، ثم خمدت ـ فجملة ما أقدمت اثنين و خمسين يوماً، لكنه ذكر بعد ذلك أنها أقامت منطفئة أياماً ثم ظهرت، قال: و هي كذلك تسكن مرة و تظهر أخرى، فهي لا يؤمن عودها و إن طفيء وقودها أهـ.

فكأن ما ذكره المؤرخون من المدة باعتبار انقطاعها بالكلية، و طالت مدتها ليشتهر أمرها فينزجر بها عامة الخلق و يشهدوا من عظمها عنوان النار التي أنذرهم بها حبيب الحق صلى الله عليه و سلم.

و ذكر القسطلاني عن من يثق به : أن أمير المدينة أرسل عدة من الفرسان إلى هذه النار للإتيان بخبرها ، فلم تجسر الخيل على القرب منها ، فترجل أصحابها و قربوا منها فذروا أنها ترمي بشرر كالقصر ، و لم يظفروا بجلية أمرهم ، فجرد عزمه للإحاطة بخبرها ، فذكر أن ه وسل منها إلى قدر غلوتين بالحجر و لم يستطع أن يجاوز موقفه من حرارة الأرض و أحجار كالمسامير تحتها نار سارية و مقابلة ما يتصاعد من اللهب ، فعاين ناراً كالجبال الراسيات ، و التلال المجتمعة السائدات ن تقذف بزبد الأحجار كالبحار المتلاطمة الأمواج ، و عقد لهيبها في الأفق قتاماُ حتى ظن الظان أن الشمس و القمر كسفاً إذ سلبا بهجة الإشراق في الأفاق ، و لولا كفاية الله كفتها لأكلت ما تقدم عليه من الحيوان و النبات و الحجر ، أهـ .

قلت : و ذكر القسطلاني : إن هذه النار لم تزل مارةً على سيلها حتى اتصلت بالحرة ووادي الشظاة ، و هي تسحق ما والاها ، و تذيب ما لاقاها من الشجر الأخضر و الحصى من قوة اللظى ، و أن طرفها الشرقي أخذ بين الجبال فحالت دونه ثم وقفت ، و أن طرفها الشامي و هو الذي يلي الحرم ـ اتصل بجبل يقال له : و عيرة ، على قرب من شرقي جبل أحد ، و مضت في الشظاة الذي في طرفه وادي حمزة رضي الله عنه ، ثم استمرت حتى استقرت تجاه حرم النبي صلى الله عليه وسلم فطفئت .

و قال القسطلاني : إن ضوءها استوى على ما بطن من القيعان و ظهر من التلال ، حتى كأن الحرم النبوي عليه الشمس مشرقة ، و جملة أماكن المدينة بأنوارها محدقة ، و دام على ذلك لهبها حتى تأثرت له النيران ، صار نور الشمس على الأرض تعتريه صفرة ، و لونها من تصاعد الالتهاب يعتريه حمرة ، والقمر كأنه قد كسف من اضمحلال نوره .

قال : و أخبرني جمع ممن توجه للزيارة على طريق المشيان أنهم شاهدوا ضوءها على ثلاثة مراحل للمجدِّ و آخرون : أنهم شاهدوا من جبال سارية .

قلت :نقل أبو شامة عن مشاهدة كتاب الشريف سنان قاضي المدينة : أن هذه النار رؤيت من مكة و من الفلاة جميعها ، ورآها أهل ينبع .

قال أبو شامة : و أخبرني بعض من أثق به ممن شاهدها بالمدينة أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب .

قال أبو شامة : و ظهر عندنا بدمشق أثر ذلك الكسوف من ضعف النور على الحيطان ، و كنا حيارى من سبب ذلك ، إلى أن بلغنا الخبر عن هذه النار .

و كل من ذكر هذه النار يقول في آخر كلامه : و عجائب هذه النار و عظمتها يكل عن وصفها البيان و الأقلام ، و تجل عن أن يحيط بشرحها البيان و الكلام ، فظهر بظهورها معجزة للنبي صلى الله عليه و سلم لوقوع ما أخبر به و هي هذه النار ، إذ لم تظهر من زمنه صلى الله عليه و سلم قبلها و لا بعدها نار مثلها . قلت : قد تقدم عن القرطبي أنه بلغه أنها رؤيت من جبال بصرى .

و صرح الشيخ عماد الدين ابن كثير بما يقضي أنه أضاءت من هذه النار أعناق الإبل ببصرى ، فقال : أخبرني قاضي القضاة صدر الدين الحنفي قال : أخبرني والدي الشيخ صفي الدين مدرس مدرسة بصرى أنه أخبره غير واحد من الأعراب صبيحة الليلة التي ظهرت فيها هذه النار ممن كان بحاضرة بلد بصرى أنهم رأوا صفحات أعناق إبلهم في ضوء تلك النار ، فقد تحقق بذلك أنها الموعودة بها ، والحكمة في إنارتها بالأماكن البعيدة من هذا المظهر الشريف حصول الإنذار ، ليتم به الإنزجار .

المصدر :

عن كتاب وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى تأليف نور الدين بن عبد الله السمهودي ج 2 .

إفساد بني إسرائيل

قال سبحانه : \” وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً – فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً – ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً – إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً – عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً \” سورة الإسراء : 4-8 وقال تعالى في آخر السورة عن الإفساد الثاني : \” وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً \” سورة الإسراء : 104 اختلف العلماء في تفسيرهم للإفسادين ولكن جميع التفاسير السابقة لا تنطبق عليها الأحداث التي وردت في الآيات فلا بد من إعادة النظر في فهم النصوص وأحداث التاريخ. لقد علا اليهود قديماً وأفسدوا إفسادات كثيرة، ونظراً لربط الآيات الكريمة بين المسجد الأقصى والتاريخ اليهودي فإننا نؤكد أن الإفسادين متعلقان بالمسلمين بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

إفسادهم الأول في المدينة أتى اليهود إلى يثرب هاربين من الاضطهاد الروماني واليوناني الذي صُب عليهم في بلاد الشام، وأُعجب العرب بما عند اليهود من مال وعلم وثقافة، وتفنن اليهود في التحكم بالعرب والإفساد بينهم وامتصاص خيراتهم وإخضاعهم، وكانوا يبشرونهم بقرب ظهور نبي، ويهددونهم بأنهم سيتبعونه ويقتلون العرب معه، ولكنهم لما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أكثر الناس عداوة له، وتآمروا على قتله وحاربوه مع القبائل العربية الجاهلية. \” فإذا جاء وعد أولاهما….. \” \” إذا \” ظرف لما يستقبل من الزمان، أي أن المجيء يأتي بعد نزول آيات الإسراء المكية، وبالتالي فإن عباد الله الربانيين سيكونون أيضاً بعدها. \” بعثنا عليكم ….\” إن التعبير بالبعث مقصود ومراد، فالله بعث الصحابة بعثاً من العدم فلم يكن للعرب في الجاهلية أية منزلة. كما أن كلمة \” بعثنا توحي أن مجيء هؤلاء الربانيين لم يكن متوقعاً فقد بعث الله الصحابة بعثاً فأزالوا إفساد اليهود وورثوا قوة اليهود، الصغيرة في المدينة، وقوة فارس والروم الكبيرة في العالم. \” عباداً لنا…..\” هذه الجملة لا تنطبق إلا على الصحابة لأن الله سماهم \” عباداً \” وأضافهم إليه \” لنا \” إن كلمة \” عباد \” لا تنطبق على الكافرين السابقين الذين نسب لهم المؤرخون إزالة الإفسادين مثل بختنصر وغيره. هناك فرق بين كلمتي عباد وعبيد لأنه لا ترادف في كلمات القرآن، فكلمة \” عبيد \” ذُكرت في القرآن الكريم خمس مرات في الكلام عن الكفار ومعظمها بصيغة : \” وما ربك بظلام للعبيد \” أي أن الله يحاسب الكفار بعدله. أما كلمة \” عباد \” فهي مذكورة خمساً وتسعين مرة منها أكثر من تسعين مرة عن المؤمنين. إن الألف في هذه الكلمة توحي بالعزة والكرامة وهي صفات المسلم. \” أولي بأس شديد….\” كانت قوة الصحابة وبأسهم في مواجهة اليهود في جانبين : الجانب المادي الذي تمثل في شدة قتالهم لليهود ويشهد عليه حصارهم لبني قينقاع وبني النضير وقتل بني قريظة ومحاربتهم في خيبر وإخراجهم منها. والجانب المعنوي الذي تمثل في تحديهم لليهود وإذلالهم لهم، ويشهد عليه مواقف أبي بكر وعمر وعلي وعبادة بن الصامت وعبدالله بن رواحة وغيرهم. لقد حكم \” سعد بن معاذ \” على بني قريظة حكماً ربانياً بقتل رجالهم وسبي نسائهم وأطفالهم ومصادرة أموالهم واستملاك بيوتهم وأراضيهم وأثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه. \” فجاسوا خلال الديار…\” الجوس هو تخلل الشيء والتغلغل فيه، وقد دخل الصحابة ديار اليهود، واحتلوها وجاسوا خلالها في ديار بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وفي خيبر وفي وادي القرى وفدك وتيماء. لقد أزالوا كيانهم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أجلى الفاروق بقاياهم عن جزيرة العرب. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الجوس بقوله تعالى : \” وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً – وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديراً \”. سورة الأحزاب : 26-27.

نحن نعيش الإفساد الثاني لليهود إذا علمنا أن إفساد اليهود الأول كان في المدينة، وأن المسلمين هم الذين قضوا على ذلك الإفساد، نعلم أن الكَرّة تعود لليهود في الإفساد الثاني على الأجيال اللاحقة من المسلمين، وهي الأجيال التي تعيش في هذا الزمان :\” ثم رددنا لكم الكرة عليهم\”. ولم تكن لليهود كرة على الأقوام السابقين الذين حاربوهم. \” وأمددناكم بأموال وبنين…..\” أي أن قوة اليهود ليست ذاتية بل خارجية، أمدهم الله بها ليقضي عليهم، ويتم بوسيلتين هما الأموال والبنين، وهذا ما نراه واضحاً في أيامنا هذه، فالغرب يمدهم بالمال ويسهل هجرة اليهود إلى فلسطين. \” جئنا بكم لفيفاً…..\” لقد مضى على اليهود أكثر من قرن وهم يأتون ملتفين في هجرات متتابعة إلى فلسطين، ولن يتوقف ذلك حتى يتم تجميع كل اليهود في هذه المنطقة تمهيداً للقضاء عليهم. \” وجعلناكم أكثر نفيراً…\” أي أن الله عز وجل سيجعل اليهود الأكثر أعواناً ومؤيدين، وهذا يبدو واضحاً من مواقف العالم معهم. \” إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم…\” هذا رد على زعم تفرد اليهود على البشرية، وتفضيلهم على باقي الناس، فهي أوهام اخترعوها ولا أساس لها. هذا هو الإفساد الأخير لليهود.

تحدث القرآن عن الإفساد الثاني لليهود بقوله : \” فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم \” وبقوله : \” فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً \”، فكلمة \” الآخرة \” لا يراد بها يوم القيامة، فليست هي المقابلة للدنيا، وإنما الآخرة هنا هي المقابلة للأولى، الأولى في قوله \” فإذا جاء وعد أولاهما \” أي المرة الأولى، والآخرة \” فإذا جاء وعد الآخرة \” أي المرة الثانية في الإفساد، وتدل على أنه سيكون الإفساد الأخير. لماذا قال : \” ليسوءوا وجوهكم \”؟ إن المعركة بين المسلمين واليهود لا ينتج عنها إبادة اليهود وإفناؤهم والقضاء عليهم، وإنما ينتج عنها إزالة فسادهم وتدمير كيانهم، وتحويلهم إلى مجموعات يهودية ذليلة مهزومة مسحوقة، فإساءة وجوه اليهود لا تعني إفناؤهم.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : \” لن تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، فتقتلوهم حتى ينطق الشجر والحجر فيقول :\” يا مسلم يا عبدالله : هذا يهودي ورائي تعال فاقتله\”. \” وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة \” يعود الضمير الفاعل في \” ليدخلوا \” على الضمير الفاعل في \” ليسوءوا \”، فالذين يسوءون وجوه اليهود هم الذين يدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة، والمراد بالمسجد هنا المسجد الأقصى، وهم المسلمون الذين دخلوه فاتحين أول مرة عندما حرروه من الرومان، وتم لهم فتح الشام ونشر الإسلام فيه.

فالمعركة عند الإفساد الثاني بين اليهود والمسلمين ستكون معركة إسلامية إيمانية، وليست معركة قومية أو يسارية أو إقليمية وليست معركة فلسطينية أو عربية أو غير ذلك.

لطائف قرآنية

من الآيات الأفعال التي تشير إلى تمكن اليهود ثلاثة هي : \” رددنا \” – \” أمددناكم \” – \” جعلناكم \” الفاعل في الأفعال الثلاثة \” نا \” يعود إلى الله عز وجل فهو يفعل لهم تلك الأفعال، وفق حكمته ومشيئته تمهيداً لقضاء المسلمين عليهم. وعند كلام الآية عن فعل المسلمين بهم، فقد عرضت ثلاثة أفعال مسندة للمسلمين المجاهدين هي : \” ليسوءوا \” – \”وليدخلوا \” – \” وليتبروا \” الفاعل في الأفعال الثلاثة \” الواو \” يعود على المسلمين، صحيح أن الله هو الذي يقرر ويقدر، لكن إسنادها للمسلمين تكريم من الله لهم، وتشريف لهم. إذاً هي أفعال ثلاثة لليهود تقابلها أفعال ثلاثة للمسلمين.

و هناك لطيفة قرآنية لتفسدن في الأرض ذكر الله كلمة الأرض للدلالة على أن إفساد اليهود سوف يشمل العالم بأجمعه و ذلك من خلال ما يمتلكونه من وسائل الإعلام ( المحطات الفضائية ، مواقع الإنترنت ، الصحف ..) التي تصل إلى أي مكان على سطح الأرض ، وهناك لطيفة قرآنية أخرى فعندما تكلمت الآية عن تحقق الإفساد الثاني لليهود، وعن تدمير المسلمين له عبرت بحرف الشرط \” إذا \” فقالت \” فإذا جاء وعد الآخرة، ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً \”. بينما عبرت بحرف الشرط \” إن \” عند كلامها عن إحسان اليهود \” إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها \” عبرت بحرف الشرط \” إن \” عند كلامها عن عودة اليهود للإفساد \” وإن عدتم عدنا \” وهناك فرق بين \” إذا \” و \” إن \” الشرطيتين . تدخل \” إذا \” على فعل الشرط إذا كان متحققاً وقوعه متأكداً منه، لا شك فيه، وتدخل \” إن \” على فعل الشرط غالباً إذا كان مستحيل الوقوع أو مشكوكاً في وقوعه. أي أن الإفساد الثاني لليهود سيتحقق وأن إحسانهم لن يتحقق. وبما أن عودة اليهود للإفساد بعد تدمير كيانهم في إفسادهم الثاني مستحيلة، عبر عنها بحرف \” إن \” التي تدل على هذا المعنى \” إن عدتم عدنا \” وإن غداً لناظره قريب، والله تعالى أعلم.

الخلاصة : الإعجاز الغيبي في هذه الآيات في أن الله ذكر لنا أن بني إسرائيل ( اليهود ) سوف يفسدون في الأرض و أنهم سيعلون في الأرض وستكون لهم مكانة و قوة و أنهم سيكونون أكثر الناس أنصاراً ، و أنهم سيمدهم الله بالأولاد الذي سوف يمتلكون ناصية العلم و الفكر ، و يمدهم بالأموال التي يسيطرون به على الحكام والشعوب و أنهم سوف يجتمعون بعد الإفساد الثاني في فلسطين نظرأ لذكر الإفساد في سورة الإسراء التي تتحدث عن الإسراء و المعراج من المسجد الأقصى في فلسطين .

المصدر :

عن كتاب \”حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية\” تأليف : د.صلاح الخالدي

مع بعض الإضافات من المحرر

إنه لفي زبر الأولين

لقد أخذ الله تعالى الميثاق على الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد e وينصروه إذا بعث وهم أحياء ، وأن يبلغوا أقوامهم بذلك ليشيع خبره بين جميع الأمم .قال تعالى:﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾(آل عمران:81).وذلك لأن الرسل كانوا يبعثون في أقوامهم خاصة ، وبعث محمد r للناس كافة،فبشر به جميع الأنبياء، وكان مما قاله عيسى عليه السلام لقومه كما ذكر الله تعالى عنه﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾(الصف:6)(2) .والبشارات في الكتب السابقة(3) هي تلك الأنباء والأوصاف التي وردت عن مقدم محمد r مبينة اسمه وصفاته البدنية والمعنوية ونسبه ومكان بعثته، وصفة أصحابه وصفة أعدائه ، ومعالم الدين الذي يدعو إليه، والحوادث التي تواجهه، والزمن الذي يبعث فيه، ليكون ذلك دليلاً على صدقه عند ظهوره بانطباق تلك الأوصاف عليه ، وهي أوصاف وبشارات تلقاها أهل تلك الأديان نقلاً عن رهبانهم وأحبارهم وكهنتهم قبل ولادة محمد r بقرون كثيرة. وقد أشار القرآن الكريم إلى تلك البشارات، ودلل بها على صدق محمد r. فقال تعالى﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾(الرعد:43).وقال تعالى﴿ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ ءَايَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾(الشعراء:197).وقال تعالى﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ﴾(الشعراء:196).وقال تعالى عن محمدr﴿الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ﴾(البقرة:146).وهذا يعني أن انطباق البشارات على محمد eيدل على أنه المقصود بها ، وأنه الرسول الذي أخبر الله بمقدمه ، ومن هذه البشارات ما يأتي:

1- النبي الأمي:

لقد أشار القرآن الكريم إلى أمية الرسول r وأنها مذكورة عند أهل التوراة والإنجيل.قال تعالى ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾(الأعراف:157). إن أمية النبي r وكيفية بدء الوحي إليه لأول مرة موجود عند أهل الكتاب إلى يومنا هذا .فقد جاء في سفر أشعيا: \” ويدفع الكتاب للأمي ويقال له : اقرأ هذا أرجوك فيقول: أنا أمي \” (4) أي لست بقارئ . (أ) وهذا ترجمة للنص الذي ورد في نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس المعتمدة عند النصارى وهي أوثق النسخ للتوراة والإنجيل عندهم(5) . وفي النسخة المسماة Bible Good News ورد ما ترجمته كالآتي:

\” إذا تعطيه إلى شخص لا يستطيع القراءة وتطلب إليه أن يقرأه عليك سيجيب بأنه لا يعرف كيف .\” (ب) وبينما نجد هذا النص الواضح في الطبعات الإنجليزية نرى أن القسس العرب قد حرفوا هذا النص في نسخته العربية فجعلوا العبارة كالآتي :

\”أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له: اقرأ هذا فيقول : لا أعرف الكتابة\” (6).(ت) فانظر كيف حرفوا النص ! فالسائل يطلب القراءة والنبي ينفي عن نفسه معرفة الكتابة ! وهذا التحريف مقصود لئلا تتطابق الحادثة المذكورة في النص السابق مع قصة نزول جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ومطالبته له بالقراءة فنفى النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه القدرة على القراءة. قال الحافظ ابن حجر : وقد وقع في مرسل عبيد بن عمير عند ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : \” أتاني جبريل بنمط من ديباج فيه كتاب قال : اقرأ ، قلت : ما أنا بقارئ\” (7) .وكم من الزمن قد مر بعد عيسى عليه السلام ، وما نزل وحي على نبي أمي إلا على النبي الأمي محمد r الذي يجدون أميته مكتوبةً عندهم حتى يومنا هذا .

2- اسم النبي:-

أ – لا تزال نسخ التوراة باللغة العبرية تحمل اسم محمد جلياً واضحاً إلى يومنا هذا. ففي نشيد الأنشاد من التوراة في الاصحاح الخامس الفقرة السادسة عشر وردت هذه الكلمات: حِكو مَمْتَكيم فِكلّو محمديم زيه دُودي فَزيه ريعي.(ث) ومعنى هذا : \”كلامه أحلى الكلام إنه محمد العظيم هذا حبيبي وهذا خليلي\”. فالفظ العبري يذكر اسم محمد جلياً واضحاً ويلحقه بـيم التي تستعمل في العبرية للتعظيم. واسم محمد مذكور أيضاً في المعجم المفهرس للتوراة8))(ث) عند بيانه هذا اللفظ المتعلق بالنص السابق \”محمد يم\”(9) . لكن يد التحريف عند اليهود والنصارى تأبى التسليم بأن لفظ \”محمد\” هو اسم النبي وتصر على أنه صفة للنبي وليس اسماً له . فيقولون إن معنى لفظ \”محمد يم\” هو \”المتصف بالصفات الحميدة\” كما جاء في نسخة الملك جيمس المعتمدة عند النصارى .(ج) وعليه فيكون المعنى لهذه الإشارة عندهم \”كلامه أحلى الكلام(10)إنه صاحب الصفات الحميدة \”. (ح)

فمن هو ، يا أهل الكتاب ، غير \”محمد يم\” محمد العظيم الرسول r الذي كلامه أحسن الكلام وهو المحمود في صفاته كلها ، وهو حبيب الله وخليله كما جاء ذلك في نفس النشيد عقب ذكر اسمه . \”هذا هو حبيبي وهذا هو خليلي\”.(ج،ح)

ب- وأما ما جاء عن اسمه عند النصارى ، فقد ورد في عدة أماكن، منها ما جاء في إنجيل يوحنا(11) في قول عيسى عليه السلام وهو يخاطب أصحابه : \”لكني أقول لكم إنه من الخير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي الفارقليط.\”(خ)

وكلمة \”المعزي\” أصلها منقول عن الكلمة اليونانية باراكلي طوس المحرفة عن الكلمة بيركلوطوس التي تعني محمد أو أحمد. \”إن التفاوت بين اللفظين يسير جداً ، وإن الحروف اليونانية كانت متشابهة ، وإن تصحيف \”بيركلوطوس\” إلى \”باراكلي طوس\” من الكاتب في بعض النسخ قريب من القياس ، ثم رجح أهل التثليث هذه النسخة على النسخ الأخرى.\”(12)

جـ وهناك إنجيل اسمه إنجيل \”برنابا\” استبعدته الكنيسة في عهدها القديم عام 492م بأمر من البابا جلاسيوس ، وحرّمت قراءته وصودر من كل مكان، لكن مكتبة البابا كانت تحتوي على هذا الكتاب. وشاء الله أن يظهر هذا الإنجيل على يد راهب لاتيني اسمه \”فرامرينو\” الذي عثر على رسائل \”الإبريانوس\” وفيها ذكر إنجيل برنابا يستشهد به، فدفعه حب الاستطلاع إلى البحث عن إنجيل برنابا وتوصل إلى مبتغاه عندما صار أحد المقربين إلى البابا \”سكتش الخامس\” فوجد في هذا الإنجيل أنه سَيُزعم أن عيسى هو ابن الله وسيبقى ذلك إلى أن يأتي محمد رسول الله فيصحح هذا الخطأ. يقول إنجيل برنابا في الباب \”22\”:\” وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاءكشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله\”.وقد اسلم فرامرينو وعمل على نشر هذا الإنجيل الذي حاربته الكنيسة بين الناس(13) .

د- هذا وقد كان اسم النبي صلى الله عليه وسلم موجوداً بجلاء في كتب اليهود والنصارى عبر التاريخ ، وكان علماء المسلمين يحاجون الأحبار والرهبان بما هو موجود من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم، ومن ذلك :

• جاء في سفر أشعيا :\” إني جعلت اسمك محمداً ، يا محمد يا قدوس الرب ، اسمك موجود من الأبد \” ذكر هذه الفقرة علي بن ربّن الطبري الذي كان نصرانياً فهداه الله للإسلام في كتابه : الدين والدولة ، وقد توفي عام 247هـ(14) .

• وجاء في سفر أشعيا أيضاً :\” سمعنا من أطراف الأرض صوت محمد \”(15)

• وجاء في سفر حبقوق :\” إن الله جاء من التيمان ، والقدوس من جبل فاران ، لقد أضاءت السماء من بهاء محمد ، وامتلأت الأرض من حمده \” ذكره علي بن ربن الطبري في كتابه الدين والدولة(16) وذكره إبراهيم خليل احمد ، الذي كان قساً نصرانياً فاسلم في عصرنا ونشر العبارة السابقة في كتاب له عام 1409هـ .

• وجاء في سفر أشعيا أيضاً : \”وما أعطيه لا أعطيه لغيره ، أحمد يحمد الله حمداً حديثاً ، يأتي من أفضل الأرض ، فتفرح به البَرّية وسكانها ، ويوحدون الله على كل شرف ، ويعظمونه على كل رابية\”(17) . وذكره عبدالله الترجمان الذي كان اسمه : انسلم تورميدا ، وكان قساً من أسبانيا فأسلم وتوفي عام 832هـ . ولقد روى جبير بن مطعم قال : سمعت رسول الله e يقول : إِنَّ لِي أَسْمَاءً ، أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي،وَأَنَا الْعَاقِبُ(18) .قال الله تعالى﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾(الصف:6).

• ويقول مطران الموصل السابق الذي هداه الله للإسلام ، وهو البروفيسور عبد الأحد داود الآشوري في كتابه : محمد في الكتاب المقدس(19) : إن العبارة الشائعة عند النصارى : \” المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام ، وبالناس المسرة \” لم تكن هكذا ، بل كانت : \” المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض إسلام ، وللناس أحمد \”

هـ و لقد جاء ذكر اسم النبي r في الكتب المقدسة عند الهندوس فقد جاء في كتاب \”السامافيدا\”(20)ما نصه \” أحمد تلقى الشريعة من ربه وهي مملوءة بالحكمة وقد قبست من النور كما يقبس من الشمس \”.. (د)

و- وجاء في كتاب أدروافيدم أدهروويدم وهو كتاب مقدس عند الهندوس(21) \” أيها الناس اسمعوا وعوا يبعث المحمد بين أظهر الناس … وعظمته تحمد حتى في الجنة ويجعلها خاضعةله وهو المحامد\”(22) . (ذ)

ز- وجاء في كتاب هندوسي آخر هو بفوشيا برانم \”بهوشى بهوشى برانم\”(23): \” في ذلك الحين يبعث أجنبي مع أصحابه باسم محامد الملقب بأستاذ العالم(24) ، والملك يطهره بالخمس المطهرات\” . (ر) وفي قوله الخمس المطهرات إشارة إلى الصلوات الخمس التي يتطهر بها المسلم من ذنوبه كل يوم(25)

3- نسبه صلى الله عليه وسلم

لقد دعا سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام الله وهما بمكة أن يجعل من ذريتهما أمة مسلمة له ، وأن يبعث فيهم رسولاً منهم ، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى دعاءهما في قوله تعالى﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ128رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ129﴾(البقرة:128-129).

أ- وقد جاء في التوراة ذكر للوعد الإلهي لإبراهيم أن يجعل من ذرية إسماعيل أمة هداية عظيمة ، فقد ورد في سفر التكوين(26) مايأتي:\” وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه، هاأنا أباركه وأثمّره وأكثّره كثيراً جداً. اثنى عشر رئيساً يلد ، واجعله أمة كبيرة .\” (ز)

ب- وورد فيه أيضاً: \”وابن الجارية أيضاً سأجعله أمة لأنه نسلك\”(27).(س) ولم تكن هناك أمة هداية من نسل إسماعيل إلا أمة محمد r التي قال الله عنها :﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾(آل عمران:110).

ج- وقد جاء في التوراة في سفر التثنية(28)على لسان موسى عليه السلام :\” قال لي الرب : قد أحسنوا فيما تكلموا. أقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه. \”(ش)والمقصود باخوتهم أبناء إسماعيل عليه السلام لأنه أخو إسحاق عليه السلام الذي ينسب إليه بنو إسرائيل، حيث هما ابنا إبراهيم الخليل عليه السلام، ومحمد r من ذرية إسماعيل ولو كانت البشارة تخص أحداً من بني إسرائيل لقالت: \”منهم\”(29) . فمحمد r هو من وسط أخوتهم ، وهو مثل موسى عليه السلام نبي ورسول وصاحب شريعة جديدة ، وحارب المشركين وتزوج وكان راعي غنم ، ولا تنطبق هذه البشارة على يوشع كما يزعم اليهود لأن يوشع لم يوح إليه بكتاب ، كما جاء في سفر التثنية : \” ولم يقم بعُد نبي في إسرائيل مثل موسى. \”(30) (ض) كما أن البشارة لا تنطبق على عيسى عليه السلام كما يزعم النصارى، إذ لم يكن مثل موسى عليه السلام من وجوه ، فقد ولد من غيرأب وتكلم في المهد ولم تكن له شريعة كما لموسى عليه السلام ، ولم يمت بل رفعه الله تعالى إليه .

د- وفي إنجيل متى(31)جاء ما يلي:\” قال لهم يسوع(32)أما قرأتم قط في الكتب.الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية.من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا.لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره \”.(ط)وهذا معناه أن الرسالة تنتقل من بني إسرائيل إلى أمة أخرى ، فيكون الرسول المبشر به من غير بني إسرائيل .

4- مكان بعثته e:

أ- تذكر التوراة المكان الذي نشأ فيه إسماعيل عليه السلام، فقد جاء في سفر التكوين(33):\”وفتح الله عينيها(34)فأبصرت بئرماء(35)فذهبت وملأت القربة ماءً وسقت الغلام(36)وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس. وسكن في برية فاران\”(ظ)وقد أشار النبي r إلى أن إسماعيل عليه السلام كان رامياً، فقد مر على نفر من قبيلة أسلم يرمون بالسهام فقال لهم:( ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا )(37).

ب- كما جاء في التوراة في سفر أشعيا(38): \” وحي من جهة بلاد العرب \” (ع) وهذا إعلان عن المكان والأمة التي سيخرج منها الرسول حاملاً الوحي من الله إلى الناس .

ج- ويأتي تحديد آخر للمكان الذي سترتفع فيه الدعوة الجديدة بشعاراتها الجديدة التي ترفع من رؤوس الجبال ويهتف بها الناس، فتقول التوراة في سفر أشعيا(39):\” غنوا للرب أغنية جديدة ، تسبيحهُ من أقصى الأرض ، أيها المنحدرون في البحر وملؤه، والجزائر وسكانها ، لترفع البرّية ومدنها صوتها(40)الديار التي سكنها قيدار(41). لتترنم سكان سالع(42)من رؤوس الجبال ليهتفوا(43)\”(غ) والأغنية عندهم هي الهتاف بذكر الله الذي يرفع به الصوت من رؤوس الجبال ، وهذا لا ينطبق إلا على الأذان عند المسلمين ، كما أن سكان سالع ، والديار التي سكنها قيدار هي أماكن في جزيرة العرب،وكل ذلك يدل على أن مكان الرسالة الجديدة والرسول المبشر به هو جزيرة العرب.

د- وجاء في التوراة في سفر التثنية(44):\”جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من ساعير وتلالأ من جبل فاران\”.(ف)

ويرى بعض شراح التوراة ممن أسلم أن هذه العبارة الموجودة في التوراة تشير إلى أماكن نزول الهدى الإلهي إلى الأرض

فمجيئه من سيناء : إعطاؤه التوراة لموسى عليه السلام . وإشراقه من ساعير : إعطاؤه الإنجيل للمسيح عيسى عليه السلام. وساعير : سلسلة جبال ممتدة في الجهة الشرقية من وادي عربة في فلسطين وهي الأرض التي عاش فيها عيسى عليه السلام .وتلألؤه من جبل فاران : إنزاله القرآن على محمد r. وفاران هو الاسم القديم لأرض مكة التي سكنها إسماعيل عليه السلام .

هـ وجاء في التوراة أن داود عليه السلام يترنم ببيت الله ويتمنى أن يكون فيه ، ويعلل ذلك بمضاعفة الأجر هناك(45)

وتقول التوراة نقلاً عنه(46): \” ما أسعد أولئك الذين يتلقون قوتهم منك، الذين يتوقون لأداء الحج إلى جبل المجتمع الديني الذي خَلُصَ لعبادة الله(47)وهم يمرون عبر وادي بكه الجاف فيصبح مكاناً للينابيع\”(48).(ق) وفي نسخة أخرى : \” فيصيرونه بئراً(49)أو ينبوعاً(50)\” ووادي بكة قد ورد ذكره في القرآن الكريم وأنه هو الذي فيه البيت الحرام قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ96فِيهِ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ97﴾ (آل عمران:96-97). وقد ذكر الله جفاف هذا الوادي بقوله سبحانه وهو يذكر دعاء إبراهيم عليه السلام:﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ …﴾ (إبراهيم:37).ومعلوم أن هذا الوادي الجاف قد جعل الله فيه بئر زمزم عندما سكنت هاجر فيه مع ابنها إسماعيل عليه السلام .

وقد أُحرج النصارى العرب بالنص على وادي بكة ! فحرفوه كما في الكتاب المقدس عندهم في الطبعة العربية فقالوا :

\” عابرين في وادي البكاء \” (ل) وحذفوا أيضاً لفظ \”الحجاج\” الذي ورد في النص الإنجليزي المذكورة ترجمته سابقاً . ولا توجد صلة بين وادي بكة والبكاء ، وقد ورد اسم \”بكة\” في النص الإنجليزي مبتدئاً بحرف كبير مما يدل على أنه علم غير قابل للترجمة Baca . و كما جاء في الكتب الزرادشتية(51)بشارات تشير إلى المكان الذي تظهر فيه دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك : \”إن أمة زرادشت حين ينبذون دينهم يتضعضعون وينهض رجل في بلاد العرب يهزم أتباعه فارس ويخضع الفرس المتكبرين، وبعد عبادة النار في هياكلهم يولون وجوههم نحو كعبة إبراهيم التي تطهرت من الأصنام \”(52) (ن)

5- صفاته صلى الله عليه وسلم :

من صفاته r أنه أمي ، وقد سبق بيانه .

أ- كما وصف في سفر أشعيا(53) بأنه راكب الجمل وفي هذا إشارة إلى أنه من الصحراء وهكذا كان محمد r.

ب- ووصف في المزامير(54)بـأن : \” ملوك شبا وسبأ يقدمون هدية \”(هـ)، وقد انتهى ملوك اليمن ولم يظهر نبي دان له ملوك اليمن إلا محمد r .

جـ ووصف فيها أيضاً(55)بأنه \” يصلى عليه ويبارك عليه كل وقت\” وهكذا شأن محمد r فالمسلمون يباركون عليه كل يوم عدة مرات في صلاتهم .

د- ووصف فيها أيضاً(56)بأنه \”متقلد سيفاً\” ، وفيها أيضاً(57)مايلي: \” وأنه يرمي بالنبل \”

هـ وجاء في إنجيل متى(58) وصفه بأنه الحجر الذي أتم بناء النبوة ، ففيه : \” قال لهم يسوع(59)أما قرأتم قط في الكتب. الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية. من قِبَل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره \”(ط) وأمة محمد r أمة أمية ، لم يكن لها شأن بين الأمم ، وكان من العجيب أن يكون الرسول الذي يخرج منها هو رأس الزاوية في بناء النبوة. وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي r قال: ( إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ )(60)وتذكر هذه البشارة على لسان عيسى عليه السلام أن صاحب هذا الوصف ليس من بني إسرائيل ، وأن النبوة ستنزع من بني إسرائيل وتعطى لأمة أخرى \”تعمل أثماره\” أي تحقق ثماره، فكانت هذه الأمةالتي كانت مزدراة في أعين الناس هي أمةمحمد r ،وهي الأمة الجديدةالتي جعلها الله خير أمةأخرجت للناس

و- وجاء في سفر أشعيا(61): \” وحي من جهة بلاد العرب. في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين(62). هاتوا ماءً لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه. فإنهم من أمام السيوف قد هربوا. من أمام السيف المسلول ومن أمام القوس المشدودة ومن أمام شدة الحرب. فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار وبقية عدد قِسِيّ أبطال بني قيدار تقل، لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم \”.(ع) تفيد هذه البشارة أن الله أوحى إلى أشعيا :\” لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم \” بأن وحياً سيأتي من جهة بلاد العرب : \” وحي من جهة بلاد العرب \” وأن تلك الجهة من بلاد العرب هي الوعر التي تبيت فيها قوافل الددانيين ، وددان قرب المدينة النبوية المنورة كما تدل على ذلك الخرائط الكنسية القديمة . ويأمر الوحي الذي تلقاه أشعيا أهل تيماء أن يقدموا الشراب والطعام لهارب يهرب من أمام السيوف ، ومجيئ الأمر بعد الإخبار عن الوحي الذي يكون من جهة بلاد العرب قرينة بأن الهارب هو صاحب ذلك الوحي الذي يأمر الله أهل تيماء بمناصرته : \” هاتوا ماءً لملاقاة العطشان ، يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه \” وأرض تيماء منطقة من أعمال المدينة ، وفيها يهود تيماء الذين انتقل معظمهم إلى يثرب. ويذكر المؤرخون الإخباريون العرب نقلا عن اليهود في الجزيرة العربية أن أول قدوم اليهود الى الحجاز كان في زمن موسى عليه السلام عندما ارسلهم في حملة ضد العماليق في تيماء، وبعد قضائهم على العالميق وعودتهم إلى الشام بعد موت موسى منعوا من دخول الشام بحجة مخالفتهم لشريعة موسى لاستبقائهم إبناً لملك العماليق. فاضطروا للعودة إلى الحجاز والاستقرار في تيماء(63)ثم انتقل معظمهم إلى يثرب(64). فأهل يثرب من اليهود هم من أهل تيماء المخاطبين في النص. وكان تاريخ مخاطبة اشعياء لاهل تيماء في هذا الاصحاح هو النصف الأخير من القرن الثامن قبل الميلاد. ويفيد الوحي إلى أشعيا أن الهارب هرب ومعه آخرون:\”فإنهم من أمام السيوف قد هربوا\”.ثم يذكر الوحي الخراب الذي يحل بمجد قيدار بعد سنة من هذه الحادثة ، مما يدل على أن الهروب كان منهم ، وأن عقابهم كان بسبب تلك الحادثة : \” فإنه هكذا قال لي السيد الله : في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار ، وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل \” وتنطبق هذه البشارة على محمد صلى الله عليه وسلم وهجرته تمام الانطباق ، فقد نزل الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم في بلاد العرب ، وفي الوعر من بلاد العرب، في مكة والمدينة. وهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة من أرض بني قيدار(65)قريش الذين كانوا قد عينوا من كل بطن من بطونهم شاباً جلداً ليجتمعوا لقتل محمد r ليلة هجرته ، فجاء الشباب ومعهم أسلحتهم فخرج الرسول مهاجراً هارباً ، فتعقبته قريش بسيوفها وقسيها كما تذكر العبارة : \” فإنهم من أمام السيوف قد هربوا ، من أمام السيف المسلول ، ومن أمام القوس المشدودة \”. ثم عاقب الله قريشاً أبناء قيدار بعد سنة ونيف من هجرته صلى الله عليه وسلم بما حدث في غزوة بدر من هزيمة نكراء أذهبت مجد قريش ، وقتلت عدداً من أبطالهم : \” كما قال لي السيد الله : في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار ، وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل \” .وتؤكد العبارة أن هذا الإخبار وأن هذا التبشير بنزول الوحي في بلاد العرب ، وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وما يجري له من هجرة ونصر هو بوحي من الله : \” لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم \” إن ما حملته هذه البشارة من معانٍ لابد أن يكون قد وقع ، لأنه يقع في عصرٍ آلة الحرب فيه السيف والنبل ، وقد انتهى عصر الحرب بالسيف والنبل .‍‍‍‍

• فهل نزل وحي في بلاد العرب غير القرآن ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

•‍‍‍ وهل هناك نبي هاجر من مكة إلى المدينة واستقبله أهل تيماء غير محمد r ؟!

• وهل هناك هزيمة لقريش بعد عام من الهجرة إلا على يد رسول الله r في غزوة بدر ؟! إن هذه البشارة تدل على صدق رسالة محمد r، وأنها إعلان إلهي عن مقدمه ينقلها أحد أنبياء بني إسرائيل أشعيا(66) ، وبقي هذا النص إلى يومنا هذا على الرغم من حرص كفرة أهل الكتاب على التحريف والتبديل .

ز- وجاء في صفته في المزامير(67):\” انسكبت النعمة على شفتيك،لذلك باركك الله إلى الأبد تقلد سيفك \” (و)

ح- وجاء في التوراة في سفر أشعيا(68)في وصفه: \” هو ذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي ، وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم. لا يصيح ولا يرفع ولا يُسمع في الشارع صوته \” (ي) وهذا يتطابق مع ما نقله الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو رضي الله عنه من التوراة التي قرأها في زمنه ، فقد قال عطاء بن يسار له : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي،سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ(69)فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ،وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا:لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا(70).

ط- وجاء في صفة الدين الذي يأتي به مايأتي :

أولاً : الأذان للصلاة كما سبق بيانه .

ثانياً : الصلاة كتفاً إلى كتف : فقد جاء في التوراة في سفر صفنيا(71)ما يأتي:

\”لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شَفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة\”(أً)

وبالإسلام توحدت لغة العبادة لله ، فيقرأ القرآن في الصلاة بلغة واحدة هي العربية، ويصفون كتفاً إلى كتف .

ثالثاً : تحويل القبلة : فقد جاء في إنجيل يوحنا(72)ما يأتي : إن امرأة سامرية تقول لعيسى عليه السلام : \” آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون إن في أورشليم(73)الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه ، قال لها يسوع(74)يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون \” (بً) وهذا إعلان بأن القبلة ستتحول من بيت المقدس. ولا يكون ذلك إلا على يد رسول، كما حدث على يد النبي صلى الله عليه وسلم وفقاً لأمر الله القائل﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ (البقرة:144).

رابعاً : الهداية إلى جميع الدين الحق : فقد جاء في إنجيل يوحنا(75)ما يأتي: يقول عيسى عليه السلام :\” إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتيه \” (تً) قال الله تعالى:﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ (النحل:89). وقال تعالى﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى3إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى4﴾(النجم:3-4).

خامساً : ذكر بعض شعائر دينه r في الكتب السابقة : فقد جاء في كتاب: بفوشيا برانم(76)وصف لأصحاب محمد r بأنهم: \”هم الذين يختتنون ، ولا يربون القزع، ويربون اللحى ،وهم مجاهدون وينادون الناس للدعاء(77)بصوت عال، ويأكلون أكثر الحيوانات إلا الخنزير، ولا يستعملون الدرباء(78)للتطهير بل الشهداء هم المتطهرون ، ويسمون\”بمسلي\”(79)بسبب أنهم يقاتلون من يلبس الحق بالباطل ، ودينهم هذا يخرج منا وأنا الخالق\”.(ثً) وجاء في كتاب \”محمد في الأسفار العالمية\” ما ترجمه الأستاذ عبدالحق من كتب الزرادشتية بشأن محمد وأصحابه\” إن أمة زرادشت حين ينبذون دينهم يتضعضعون، وينهض رجل في بلاد العرب يهزم أتباعه فارس، ويخضع الفرس المتكبرين، وبعد عبادة النارفي هياكلهم يولون وجوههم نحو كعبة إبراهيم التي تطهرت من الأصنام،ويومئذ يصبحون هم أتباع النبي رحمة للعالمين،وسادة لفارس ومديان وطوس وبلخ. (80)وإن نبيهم ليكونن فصيحاً يتحدث بالمعجزات\” (81). (ن)

المصدر :

موقع الإيمان على شبكة الإنترنت الذي يشرف عليه الشيخ عبد المجيد الزنداني .

المراجع :

( 1 ) زبر الأولين أي كتبهم . ( 2 ) وقد كان عيسى عليه السلام يرسل المبشرين للتبشير بمقدم محمد r ، بل إن معنى الإنجيل : البشارة ، وبقي المبشرون إلي يومنا هذا يحملون هذا الاسم .( 3 ) هي الكتب الدينية المقدسة عند أصحابها مثل التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى. ( 4 ) الإصحاح 29 الفقرة 2 .( 5 ) تجد في نهاية المبحث النصوص التوارتية والإنجيلية وغيرها المقتبسة مصورة من مراجعها المشار إليها ، ومتسلسلة حسب ورودها في المبحث ومعلمة بالحروف العربية .( 6 ) النصوص العربية كلها مقتبسة من \”الكتاب المقدس\” / دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط.( 7 ) فتح الباري ك/ التفسير ب/ تفسير سورة \”اقرأ باسم ربك الذي خلق\” .( 8 )
The New Strong Exhaustive Concordance of the Bible, James Strong, LL.D. 5.T.D, Thomas Nelson Publishers, Nashville , USA ,1984, p.64 (Hebrew Dictionary)
( 9 )عند كتابة هذا اللفظ باللغة الإنجليزية يكتبونه كما يلي:machmad . ولإفتقار اللغة الإنجليزية للحرف \”ح\”فإنهم يعبرون عنه بالحرفين \”ch\” ويجعلونه أقرب إلى حرف الخاءكما ورد ذلك في المعجم المفهرس المذكوربأن هذا الحرف المكون من \”ch\” أقرب ما يكون للخاء الألمانية،أي أن استعمال \”ch\” جاء بدلاً عن حرف الحاء، فيكون الاسم هو محمد، اسم النبيr . ( 10 ) كما جاء في النسخة القياسية المنقحة Revised Standard Version of the Bible ,The International Council of Churches of Christ in the United States, 1971
( 11 ) الإصحاح :16 ، الفقرة : 7( 12 ) إظهار الحق لمؤلفه رحمة الله بن خليل الهندي ، ط الدار البيضاء جـ2 ص280 ، وأشار إلى هذا التحريف مطران الموصل الذي أسلم ، وسمى نفسه عبد الأحد ، وهو عبد الأحد داود الآشوري ، وذلك في كتابه : محمد في الكتاب المقدس ص216 .( 13 ) خليل سعادة في مقدمته لترجمته لإنجيل برنابا إلى اللغة العربية ، وقد نقل قصة فرامرينو مما هو مدون في مقدمة النسخة الأسبانية كما رواها المستشرق سايل، في مقدمة له لترجمة القرآن .( 14 ) وذكرها صالح بن حسين الهاشمي المتوفى عام 668هـ في كتابه : تخجيل من حرف التوراة والإنجيل، وذكرها القرافي المتوفى عام 682هـ في كتابه : الأجوبة الفاخرة ، وذكرها ابن تيمية المتوفى عام 728هـ في كتابه : الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح؛ وذكرها ابن قيم الجوزية المتوفي عام 751هـ في كتابه : هداية الحيارى من اليهود والنصارى .( 15 ) ذكره الأئمة : صالح الهاشمي والقرافي وابن تيمية وابن القيم في كتبهم السابق ذكرها.( 16 ) وذكره علي بن محمد الماوردي المتوفى عام 450هـ في كتابه : أعلام النبوة ، وأبو عبيده الخزرجي المتوفى عام 582هـ في كتابه : مقامع هامات الصلبان ومراتع روضات الإيمان؛ وذكره القرطبي المتوفى عام 671هـ في كتابه الإعلام؛ وكذلك ذكره الهاشمي والقرافي وابن تيمية وابن القيم في كتبهم التي سبق ذكرها .( 17 ) ذكره الأئمة : الخزرجي والهاشمي والقرطبي والقرافي وابن تيمية وابن القيم في كتبهم التي سبق ذكرها.( 18 ) أخرجه البخاري ك/ المناقب ب/ ما جاء في أسماء رسول الله r ، ومسلم ك/ الفضائل ب/ في أسمائه r ، والترمذي ك/ الأدب ب/ ما جاء في أسماء النبي ، والنسائي في السنن الكبرى 6/489 وأحمد في المسند 4/80 وغيرهم .( 19 ) فصل : الإسلام والأحمديات التي أعلنتها الملائكة ص 145- 154 .( 20 ) في الفقرتين 6 وَ 8 من الجزء الثاني .( 21 ) الجزء العشرين ، الفصل 127، الفقرة 1-3 .( 22 ) محامد : محمد .( 23 ) الجزء3 ، الفصل 3 ، العبارة 5 وما بعدها . ( 24 ) أستاذ العالم أي رسول للعالم.( 25 ) مأخوذ من كتاب التيارات الخفية في الديانات الهندية القديمة لمؤلفه \”تى محمد\” . أما النصوص الفارسية والهندية في نهاية هذا المبحث فمأخوذة من كتاب Muhammad in Parsi , Hindoo and Buddhist Scriptures , A.H. Vidyarthi and U.Ali.
( 26 ) الإصحاح 17 العبارات من 19-1 .( 27 ) الإصحاح.21 فقرة 12وَ 13.( 28 ) الإصحاح 18 الفقرة 17 .
( 29 ) لقد تنبه المحرفون لهذا فبدلوا العبارة التي تعني \”من وسط اخوتهم\” في النسخة الإنجليزية الحديثة Good News Bible إلى عبارة تعني \”من بين قومهم\” (from among their own people) ص ( 30 ) الإصحاح 34 ، الفقرة 10.
( 31 ) الإصحاح 21 الفقرة 41 – 42 .( 32 ) هو عيسى عليه السلام .( 33 ) الإصحاح 21 الفقرات 21 –22 .
( 34 ) هاجر أم إسماعيل .( 35 ) بئر زمزم .( 36 ) إسماعيل عليه السلام .( 37 ) أخرجه البخاري ك/ الجهاد والسير ب/ التحريض على الرمي ، وابن ماجه في السنن ك/ الجهاد ب/ الرمي في سبيل الله ، وأحمد في مسنده 1/364 و 4/50 وابن حبان في صحيحه 10/ 548 وغيرهم .( 38 ) الإصحاح 21الفقرة 12.( 39 ) الإصحاح 42 الفقرة 10-11.
( 40 )رفع الصوت بالأذان.( 41 )هو أحد أبناء إسماعيل عليه السلام كما تذكر ذلك التوراة في سفر التكوين إصحاح 25 فقرة 12-13
( 42 ) جبل سلع بالمدينة .( 43 ) رفع الصوت بالأذان .( 44 ) الإصحاح 33 الفقرة 2.( 45 ) المزمور 84 الفقرة 1-2-3-4 وَ 10 .( 46 ) المزمور 84 الفقرة 6 .( 47 ) هو بالنص الإنجليزي جبل Zion ، ومعنى Zion : المجتمع الديني الذي خلص لعبادة الله ، أو المدينة الفاضلة كما جاء ذلك في قاموس : Webster s Seventh New Collegiate Dictionary ، وقد ذكر معاني أخرى لا تستقيم مع الموضع الجغرافي المذكور في النص. وعند الرجوع إلى أصل الكلمة (Zion) العبري تبين أنها مقتبسة من جذر يعني : جفاف ، صحراوي ، أجرد (أرض أو مكان) جاف ، مكان مقفر ، برية. وهذا كله يشير إلى أن المكان المعبر عنه بكلمه Zion في النص الإنجليزي هو برية مكة الجرداء المقفرة الجافة، راجع كتاب The New Strong Exhaustive Concordance of the Bible, James Strong, LL.D. 5.T.D والمعجم العبري ص99 فقره: رقم 6723 . أنظر نهاية المبحث ( 48 ) ص585 Good News Bible.
(49) وادي بكه يصيرونه بئراً من المعجم سترونغ المفهرس الشامل للكتاب المقدس ص95 . ( 50 ) الكتاب المقدس الذي تصدره جمعية الكتاب المقدس بالشرق الأدنى .( 51 ) يذهب بعض الباحثين إلى أن الزرادشتية هي المجوسية ، وقيل بل المجوسية أسبق من الزرادشتية ، وإنما زرادشت أظهر المجوسية وحددها في القرن الثالث الميلادي . قال النبي r \”سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب\” أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 2/435 ومالك في الموطأ 1/278 ومن طريقه الشافعي في مسنده 1/209 ومن طريق الشافعي البيهقي في السنن الكبرى ، وكذلك رواه الطبراني في المعجم الكبير 19/437 قال في مجمع الزوائد 6/13 : رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم ، وقال في تلخيص الحبير : ورواه (يعني الحديث) ابن أبي عاصم في كتاب النكاح بسند حسن . أنظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة 2/1149 . ( 52 ) من كتاب \” محمد في الأسفار العالمية \” للأستاذ عبدالحق.( 53 ) الإصحاح : 21 الفقرة : 6.( 54 ) في مزمور : 72 الفقرة :10 .( 55 ) مزمور :72 الفقرة :15.( 56 ) مزمور :45 الفقرة :3 .( 57 ) الفقرة : 5 من المزمور السابق .( 58 ) الإصحاح : 21 الفقرات : 41-44 .( 59 ) هو عيسى عليه السلام .( 60 ) أخرجه البخاري ك/ المناقب ب/ خاتم النبيين ، ومسلم ك/ الفضائل ب/ ذكر كونه r خاتم النبيين ، وابن حبان في صحيحه 14/315 .( 61 ) الإصحاح 21 الفقرة 13-17 .( 62 ) ددان : بلد أقرب من تيماء إلى المدينة النبوية المنورة .( 63 ) كان ذلك منذ اثني عشر قرناً قبل الميلاد .( 64 ) الروض المعطار في خبر الأقطار ، معجم جغرافي ، محمد بن عبدالمنعم الحميري ، مكتبة لبنان ، 1984م ص 146-147. وجاء مثل ذلك في : وفاء الوفاء بأخبار المصطفى ، للسمهودي ، دار احياء التراث العربي بيروت ج1 ص 159. ( 65 ) سبق البيان أن قيدار أحد أبناء إسماعيل الذي سكن برية فاران (مكة) .( 66 ) عاش في النصف الأخيرمن القرن الثامن قبل الميلاد.كماورد في Good News Bible ص665( 67 ) المزمور 45 الفقرة 3 .( 68 ) الإصحاح 42 الفقرة 1.( 69 ) السخب ويقال فيه الصخب هو رفع الصوت بالخصام .( 70 ) أخرجه البخاري ك/ البيوع ب/ كراهية السخب في الأسواق ، والبيهقي في السنن الكبرى 7/45 وأحمد في المسند 2/678 .( 71 ) الإصحاح 3 الفقرة 9-10 .( 72 ) الإصحاح 4 الفقرة 20-21 .( 73 ) هي القدس .( 74 ) هو عيسى عليه السلام .( 75 ) الإصحاح 16 الفقرة 12-13 .( 76 ) الجزء 3 – فصل 3 ، وهو من كتب الهندوس كما سبق ذلك .( 77 ) ينادون للدعاء : أي ينادون للصلاة لأن الصلاة دعاء. ( 78 ) الدرباء نبات يخرج به الهنود الدم من جسم الإنسان ويعدون هذا العمل تطهيراً من الخطايا. ( 79 )\” مسلي\” أي يسمون بالمسلمين، دخل عليها شئ من التحريف.( 80 ) وهي الأماكن المقدسة للزرادشتيين ومن جاورهم.( 81 )\”محمد في الأسفار العالمية\”ص 47

حصار العراق و الشام

روى مسلم في صحيحه بسنده ( عن أبي نضرة رضي الله عنه قال : كنا عند جابر بن عبد الله رضي عنه فقال : يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز و لا درهم .

قلنا : من أين ذلك ؟ .

قال : العجم يمنعون ذلك .

ثم قال : يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار و لا مدي .

قلنا : من أين ذاك ؟

قال : من قبل الروم ؟

ثم سكت هُنيهة ، ثم قال : قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه و سلم : يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثياً لا يعده عداً .

قلت لأبي نضرة : أترى أنه عمر بن العزيز؟

قال : لا .

هذا الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه يتضمن ثلاثة أخبار من أنباء الغيب و المستقبل :

الأول : عن حصار العراق .

الثاني : عن حصار الشام .

الثالث : عن خليفة في آخر الزمان يحثي المال حثياً و لا يعده عداً .

الخبر الأول و الخبر الثاني موقوفان على جابر بن عبد الله رضي الله عنهما حيث لم يرفعهما إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .

الخبر الثالث رفعه جابر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .

حيث أن العلماء متفقون على أن الصحابة إذا روى خبراً من أخبار الغيب موقوفاً ، أي لم يرفعه أو ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يكون في حكم المرفوع ، إذ لا يحتمل أن يحدث الصحابي بخبر من أخبار الغيب ، إلا إذا كان قد سمعه من الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم ، و لكن لأن ربما يذكر المعنى جيداً و يشك في اللفظ ، فإنه يتورع عن رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم فيذكره بالمعنى موقوفاً .

و الملاحظة في هذا الحديث أن جابر رضي الله عنه ، قد ذكر الأخبار الثلاثة الأول ثم الثاني ، ثم سكت هنيهة ، ثم ذكر الخبر الثالث مرفوعاً و هو يتحدث عن المهدي ، إذ من المعلوم من السنة أن المهدي هو الذي تواترت عنه الأخبار بأنه الذي يحثي المال حثياً .

و جاء متن هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم متضمناً تحديد زمن هذا الخليفة بأنه في آخر الزمان أو في آخر الأمة .

و من ثم يمكننا أن نستنبط الحقائق التالية بناء على ما تقدم .

1. يسبق ظهور المهدي و تأسيسه للخلافة الإسلامية الأخيرة حدثان : حصار العراق و حصار الشام . و دليل هذا أن هذين الحدثين مذكوران في المتن قبل ذكر المهدي .

2. سكوت جابر رضي الله عنه هنيهة بعد ذكر حصار الشام و قبل ذكر خبر المهدي يوحي بأن الأخير يحدث بعد الثاني مباشرة . كما يدل على أن ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الأخبار الثلاثة قد فهم منه أنها جميعاً ثلاثة أحداث متتالية في الحدوث ستحدث في آخر الأمة .

3. يؤكد هذا فهم التابعي أبي نضرة الذي نفى أن يكون هذا الخليفة هو عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، بالرغم مما عرف عن عهده من كثرة المال ، و لكن عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله لم يسبقه حصار العراق و لا حصار للشام .

4. حصار العراق الوارد في المتن تضمن منع الطعام و المال عن العراق ، و كنى عن الطعام بالقفيز الذي هو مكيال أهل العراق للحبوب . كذلك ذكر منع جباية المال إلى العراق مع الطعام ، و هذا أمر غريب ، إذ البلد المحاصر قديماً كان يدفع المال في مقابل الطعام ، و لم يكن يتصور منع المال عنه ، لكن دلَّ منع المال عن أهل العراق مع منع الطعام عنهم في نفس الوقت أن مصدر الأموال عندهم من التصدير ، و أن الحصار يمنع عنهم الاستيراد كما يمنع عنهم التصدير . و دل هذا على أن ما يصدرونه للحصول على الأموال لا يمكن أن يكون إشارة واضحة إلى اعتماد العراق ككل دول البترول على تصديره كمصدر رئيسي و ربما وحيد لميزانية هذه الدول .

5. عبر جابر رضي الله عنه عن الحصار أو ما يسمى في الإعلام المعاصر بالحصار بعبارة أخرى و بلفظ آخر و هو قوله ( يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم ) و هو تعبير دقيق ينطبق على ما يسمى بالحصار العالمي للعراق الذي يعايشه أهل العراق منذ دخول جيشهم إلى الكويت حتى الآن ، و هو أدق و أصوب لغة و معنى من تعبير الحصار . لأن الحصار يقتضي حصر البلد المحاصر داخل حدود لا يستطيعون الخروج منها كما يمنع غيرهم من دخولها . هكذا كان حصار المدن قديماً ، إذ كان يحيط جيش العدو بأسوارها و أبوابها ، أو حتى بحدودها ، إذا لم يكن لها أسوار ، و يمنعون دخول البضائع إليها بهذه الكيفية القديمة . أما الآن فالأمر مختلف تماماً و إن استخدامنا لفظ الحصار القديم . إذ ليس لجمهورية العراق الممتدة شرقاً و غرباً و شمالاً و جنوباً ، أسوار وليس لها بوابات و ليس حول حدودها الشاسعة جيوش متراصة كما في القديم . و مع هذا فقد منع عنهم الكيل و الدواء و السلاح و الدراهم حيث توقف تصدير البترول . و كيفية المنع جاءت بقرارات مجلس الأمن بالمقاطعة الاقتصادية و التجارية و العسكرية و بامتثال الدول الخاضعة لهذا المجلس لهذه القرارات ، و نظراً لأن الحكومة اليهودية الخفية برئاسة الدجال التي تحكم الأرض الآن من خلال مجلس الأمن و بقوة أعضائه الخمسة و نظراً لأنها لا تملك و لا يمكنها أن تخضع كل البشر و الدول و كل الجماعات و العصابات ، فإن الحصار أو بالتعبير الصحيح الدقيق المنع ليس كاملاً و تاماً ، حيث هناك التهريب من الحدود و\” مافيا\” تجارة السلاح ، و من ثم فإن الحصار أو المنع ليس تماماً ، و لا كاملاً ، لذا جاء التعبير عنه بقوله جابر رضي الله عنه ( … . يوشك …) بمعنى يكاد ، و نظراً لأنه منع بقرار و بامتناع أكثر الدول و الشركات العالمية عن البيع و الشراء مع العراق جاء التعبير بقوله ( ألا يجبى إليهم ) .

صحيح أن أكثر العرب يقاطعون العراقيين و يمنعون عنهم الطعام ، و لكن لا يخطر على بال أحد ـ في الزمان السابق المعاصر للصحابة ـ أنه سيأتي يوم على شعوب الأرض جميعاً يخضعون لحكومة واحدة ، و يستجيبوا لقرارات هيئة واحدة اللهم ما عدا القليل منهم ، و لذا كان أقرب تعبير عن هذه المقاطعة العالمية للعراق يفهمه أهل ذاك الزمان هو أن العجم أي كل شعوب الأرض من غير العرب هم الذين يمنعون الطعام عن أهل العراق .

و إذا تأملنا النص ، ولوجدنا مطابقة تامة بين الواقع الفعلي المعاصر و بينه ، إذ أن التابعين المتلقين عن جابر سألوه : من أين ذاك ؟.

و هو سؤال عن مصدر المنع و أصل الحصار و ليس عن الذين يمنعون بالتحديد فجاءت الإجابة بأن المصدر هو العالم كله ، أو هو هيئة تمثل أكثر دول العالم ، إذ قال جابر رضي الله عنه : العجم يمنعون ذاك ؟.

و لما كان مجلس الأمن خمسة دول دائمة هي أمريكا و روسيا و إنجلترا و فرنسا و الصين ، بالإضافة إلى عشر دول غير دائمة العضوية فيه ، تتناوب من بين دول هيئة الأمم المتحدة و عددها اثنتان و ثمانون و مائة دولة هي تقريباً كل دول العالم . و لما كانت اليمن هي الدولة العربية الوحيدة بمجلس الأمن أثناء اتخاذ قرارات مقاطعة العراق بمنع التصدير إليه و الاستيراد منه ، و حيث أن اليمن كانت الدولة الوحيدة التي عارضت هذه القرارات في مجلس الأمن ، و حيث أنها كانت بمثابة المتحدث باسم العرب في المجلس ، فإن العرب في المجلس لم يوافقوا على القرارات ، و إن كانت أكثر حكومات الشعوب العربية قد امتثلت لهذه القرارات قبولا وتنفيذاً و فعلاً ، إلا أن أكثر شعوب الأمة الإسلامية كانت ضد هذه القرارات ، و لا زالت ترى فيها ظلماً و عسفاً بالشعب العراقي .

و على هذا يمكن القول أن المنع الحادث عن العراق أعجمي ، لأن كل شعوب الأرض ماعدا العرب \” رسمياً\” بمقتضى موقف اليمن في مجلس الأمن ـ قد فرضوا هذا الحصار عن رضى و طواعية ، لأن مجلس الأمن يومئذ ، الدائمين فيه و غير الدائمين ماعدا اليمن ، هو مصدر الحصار أو بالتعبير الدقيق مصدر المنع و على هذا فليس أدق من إجابة جابر رضي الله تعالى عنه عن مصدر الحصار أو المنع من قوله :\” العجم يمنعون ذاك \” .

فهو منع و ليس حصار من ناحية ، و مصدره ، و أساسه كل شعوب و أمم و دول الأرض ماعدا العرب ، فهم إذن العجم .

6. لم يحدث منذ بدء تاريخ الإسلام و منذ أن أسلم شعب العراق و أصبح جزءاً من الأمة الإسلامية ـ لم يحدث حصار للشعب العراقي مفروض من كل شعوب و دول العالم من قبل . و لم يرد فيما قرأت من نصوص الفتن و الملاحم حصار عالمي آخر للعراق ، أي أنه حصار واحد ، أو منع واحد من كل أو أكثر دول العالم .

7. إذا كان هذا الخبر الأول من حديث جابر رضي الله عنه قد حدث و لازال قائماً ، فإنه يقيناً ، خاصة و أن الحديث صحيح ، سيحدث الخبر الثاني و هو حصار الشام.

كذلك سيتلوه في الحديث الثالث و هو خروج المهدي .

ثم قال : \” يوشك أهل الشام ألا يُجبى إليهم دينار و لا مُدي ) .

نفس تعبير المنع ، و المدي هو مكيال أهل الشام للطعام ، فهو إذن منع الطعام عن أهل الشام ، و كذلك منع المال عنهم . أي لا استيراد و لا تصدير . فلما سألوا جابراً رضي الله عنه عن مصدر هذا المنع ( قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل الروم ) .

و الروم في التراث الإسلامية هم أهل أوربا . و في هذه الإجابة الدقيقة من جابر رضي الله عنه دليل واضح على حدوث الزلزلة العظيمة بعد حصار العراق و قبل حصار الشام ، كيف ؟

لأن الروم الآن أو أوروبا متمثلة في مجلس الأمن بشعبين أو دولتين من أكبر دول أوروبا هم إنجلترا و فرنسا ، و أمريكا التي هي أقوى دول العالم المعاصر ، و تقود مجلس الأمن و تحكم العالم من خلاله أيضاً هي من أوروبا في الأصل ، لأن شعب أمريكا أوروبي الأصل فهم الذين تحدثت عنهم السنة باسم بني الأصفر و باسم الروم .

لكن جاء مصدر الحصار العالمي للعراق من كل العالم ، بينما سيأتي المنع على الشام من الروم ، وليس لهذا إلا تفسير واحد لا غير ، و هو أن النظام العالمي الجديد سينهزم و يصبح أثراً بعد عين .

و هذا معناه أنه لن يكون في الأرض مجلس أمن أو هيئة أمم متحدة تفرض ما تقرره على الشعوب و الدول بقوة السلاح .

ستنتهي هذه السلطة العالمية ، و تنمحي حتى أنه عندما سيحدث في الشام أو من أهل الشام ما يهدد مصالح و سيادة الروم في أوروبا فسيأتي المنع من أوروبا أو من الروم ، قد يستجيب للروم حينئذ غيرهم من بعض الدول و الشعوب حرصاً على مصالحهم معهم ، لكن مصدر السلطة التي ستجعل حصاراً على أهل الشام هي أوروبا.

و هذا لا يكون إلا بعد هدم النظام العالمي الجديد و انتهاء مؤسساته التي ظل اليهود سنين عديدة في إعدادها ، بجهود خبيثة خفية باطنية جبارة ، و من ثم سيتغير الصراع الإسلامي الجاهلي يتغير أطراف الصراح ، فيصبح بين العالم الإسلامي العربي و بين أوروبا بعد أن كان بين العالم كله من جهة و بين المسلمين المستضعفين م جهة أخرى .

و مقدمة هذا الصراع ما يحدث بين أوروبا و الشام ، و هكذا تبدو في الأفق بداية تكون ملامح صورة العالم الجديد المؤدية إلى صراع قوتين عظيمتين في الأرض هما أوربا الموحدة المشركة بالله تعالى و الخلافة الإسلامية بقيادة المهدي لينتهي الصراع بين التوحيد و الشرك بدخول المشركين روما بعد الملحمة العظمى و كل أوروبا و أمريكا . لقد صاحب الحصار العالمي للعراق معركة عالمية عظيمة أطلق عليها البعض بحق : \” الحرب العالمية الثالثة \” فهي إذن ملحمة ، بل هي أولى الملاحم إذ ستتلوها ملاحم بين المسلمين و الروم تنتهي بآخرها ، أي الملحمة العظمى التي يفتح الله تعالى بها على المسلمين أوروبا .

و خلاصة القول أن تغير مصدر المنع من العجم بالنسبة للعراق إلى الروم بالنسبة للشام يعني أن المصدر الأول و هو مجلس الأمن بقيادة أمريكا و المتضمن لأوروبا أو الروم ( إنجلترا و فرنسا ) لن يكون موجوداً عند حصار الشام ، إذ سيكون من الروم أو أوروبا فقط و هذا معناه انعدام مجلس الأمن و أمريكا كقوة سياسية كقوة سياسية عسكرية تحكم الأرض عند حصار الشام ، و هنا إشارة خفية في الحديث السابق إلى أن حصار العراق سيكون أشد من حصار الشام و ذلك أنه صلى الله عليه و سلم ذكر في الشق الذي يتعلق بالعراق أنه يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز و لا درهم ، أما أهل الشام فقال : يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار و لا مدي و من المعلوم أن الدرهم أقل بكثير من الدينار أي أن أهل الشام سوف يمنع عنهم الدينار أما أهل العراق فسوف يمنع عنهم الدرهم و الدرهم كما هو معروف أقل بكثير من الدينار .

المصدر :

زلزال الأرض العظيم تأليف بشير محمد عبد الله

قصة صلب المسيح

ومن أنباء الأولين التي ظل الناس في شك من حقيقة أمرها القصة التي تذكر صلب عيسى عليه السلام كما في الأناجيل عند النصارى ، فقد شهد قوم عيسى عليه السلام وكذلك جماهير الرومان حادثة صلب ، ولم يساورهم شك في أن عيسى عليه السلام قتل وصلب، إلا أن الحواريين شاهدوا عيسى عليه السلام بعد حادثة الصلب المزعوم حياً، كما ورد ذلك في إنجيل لوقا:(1)\” وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم. فجزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحاً. فقال لهم ما بالكم مضطربين. ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم. انظروا يديّ ورجليّ إني أنا هو. جسّوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي. وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه. وبينما هم غير مصدقين من الفرح ومتعجبون قال لهم أعندكم ههنا طعام ؟ فناولوه جزءاً من سمك مشوي وشيئاً من شهد عسل. فأخذ وأكل قدامهم \”. وقد أصبح الجميع في حيرة من حقيقة الأمر، فالناس يقولون : إنه صلب وقد رأوا ذلك رأي العين، والحواريون يقولون : إنهم قابلوه بعد حادثة الصلب المزعوم بجسده وروحه حياً يرزق .ولم يجدوا تفسيراً لهذا التناقض إلا قولهم : إنه صلب ومات ودفن ثم بعث من بين الأموات ، ولكن القرآن الكريم جاء ليكشف عن هذا السر ويزيل ذلك الغموض فقال تعالى: ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(157)بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا(158)﴾ (النساء:157-158). فالحقيقة أن الذي صلب هو الشبه، فالذين قالوا : \”رأيناه مصلوباً\” أخبروا بما رأوا إذ ظنوا الشبه هو عيسى عليه السلام نفسه ، والذين قالوا : \”رأيناه بعد الحادثة\” هم على حق، لأنه لم يصلب ، وأتى القرآن الكريم بالعلم الذي يكشف الحقيقة ويخرج الناس من الاختلاف(2) وهذا النوع من الإعجاز يعد من أدلة صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن القصة وقعت بعيدة عن زمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصار أهلها في ارتباك وحيرة، ويأتي نبي أمي في أمة أمية بعد قرون يكشف لهم السر ويبين لهم التفسير الحقيقي للمشاهدات التي تبدو متناقضة ، فيرفع عنها التناقض ويزيل الإشكال. وهذا دليل على أن هذا العلم الذي جاء علي يد النبي الأمي لا يمكن أن يكون إلا من عند الله .وبعد اعتناق العدد الكثير من الأحبار والرهبان الإسلام طوال التاريخ إقراراً بصدق ما جاء في القرآن من خبر صادق عن التاريخ الصحيح للرسل وأتباعهم ، والذي جاء على يد نبي أمي ليس في ثقافة قومه شئ من هذه الأخبار .

المصدر:

موقع الإيمان على شبكة الإنترنت تصميم مركز بحوث جامعة الإيمان بإشراف الشيخ عبد المجيد الزنداني . .

المراجع :

(1) إصحاح 24 فقرة – 36 – 43 .
(2) لقد أورد الأستاذ أحمد ديدات في كتابه \” مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء \” ثلاثين نقطة استخلصها من أسفار الأناجيل المختلفة من بين أدلة أخرى تفند فرية صلب المسيح عليه السلام وتؤكد ما أقره القرآن الكريم بشأن الحادثة .

ليس الذكر كالأنثى

يصعب في جميع الكائنات الحية التمييز بين الذكر و الأنثى بالشكل الظاهر ، فغالباً ما تتشابه الذكور مع الإناث تشابها يكاد يكون تاماً بحيث لا يمكن التفريق بينها إلا عن طريق الفحص الدقيق ، فيما عدا الإنسان إذ يختلف الذكر عن الأنثى في الشكل الظاهري اختلافاً كبيراً بحيث يتبين الإنسان الذكر و تعرف الأنثى من النظرة العابرة السريعة .. و لا يختلف الرجل عن المرأة في الشكل الخارجي فقط و لا في التركيب الداخلي علاوة على المظهر الخارجي فقط و إنما أثبتت الدراسات العلمية اختلاف الرجل عن المرأة اختلافاً كبيراً في كل ناحية من النواحي و في مختلف المناشط و ذلك بالرغم من أن النطفة التي يتكون منها جنين الذكر تشابه و تماثل النطفة التي يتكون منها جنين الأنثى في سبعة و أربعين كروموزم أو صبغي و لا تختلف النطفتان إلا في كرومزوم واحد أو صبغية واحدة … هذا الجزء من ثمانية و أربعين جزءاً الذي يختلف فيه الذكر عن الأنثى يسبب اختلافاً كبيراً و شاسعاً و عميقاً بين الذكر و الأنثى في الشكل الظاهري و التركيب الداخلي و العوامل السيكولوجية .

فلقد أثبت الدراسات التشريحية في علم وظائف الأعضاء التناسلية أنها لا تقتصر وظيفتها على التناسل و إنما هي تفرز افرازات خاصة بكل جنس و تؤثر تأثيراً مباشراً على كافة أوجه النشاط الفسيولوجي و الروحي ، و لقد أثبتت التجارب العلمية أن إزالة الخصى من ذكور أي صنف من الكائنات الحية يقلل من نشاط الكائن و يزيل من صفاته كل ما يتميز به كذكر .. فالثور الذي يخصى تتولد فيه صفات البلادة بدل النشاط و الهدوء بدلاً من العنف و الاستكانة بدلاً من الوحشية ، كما أثبتت أن المبيض للأنثى له أثر مماثل لتأثير الخصى في الذكر فإن إيقاف عمليه يغير من صفات الأنثى تغييراً كاملاً لتأثير فكلا الجهازين يؤثران تأثيرا مباشراً في حياة الغدد .. و أثبت العلم أن المبيض لا يعمل إلا خلال جزء من حياة الأنثى فإذا وصلت إلى سن اليأس بطل عمل المبيض بينما الخصية تظل عاملة إلى مدة طويلة .. و بذلك فإن المرأة تحرم من إفرازاتها قبل الرجل بمدة أطول و هذا من أوجه الاختلاف بين الذكر و الأنثى ..

و يزيد العلامة الدكتور الكسيس كاريل على ذلك إذ يقول ( و لا ترجع الفوارق القائمة بين الرجل و المرأة إلى اختلاف شكل الأعضاء التناسلية عند كل مهما كشكل الرحم و نمو الثديين و غير ذلك فحسب ، وإنما ترجع إلى سبب أعمق كثيراً و هو غمر الكيان العضوي كله بمواد كيمائية تنتجها الغدد التناسلية التي تختلف طبيعتها و تركيبها و خواصها في الذكر عن الأنثى . والواقع أن المرأة تختلف عن الرجل جد الاختلاف ، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها و هذا أيضاً شأن أجهزتها العضوية و على الأخص جهازها العصبي … و أن دور الرجل في علمية التكاثر دور قصير الأجل و محدود جداً بينما دور المرأة يطول إلى تسعة أشهر تخضع فيها المرأة إلى هذا الكائن الجيني فتظل حالتها الفسيولوجية دائمة التأثر به و الإناث لا تبلغ تمام نموها إلا بعد أن تحمل مرة أو أكثر فإذا لم تلد تصبح أقل اتزانا و أكثر عصبية ) .

و يقول الدكتور تيودر وايك ( لقد مارست التحليل النفسي خمساً و أربعين سنة و أظن أنني يمكنني أن أقرر فيم يختلف الرجل و النساء … إن عواطف الغيرة في المرأة أكبر مما هي في الرجل ، و قد يعتقد البعض أن الغيرة قد لا تكون شيئاً هاماً بحيث يلتفت إليه ، و لكن ثبت أن الغيرة تصحبها انفعالات قاسية و تغييرات نفسية و جسدية معاً مما يؤدي تأثيراً مباشراً على اتزان الفكر و دقة الحكم ، و في حالة التكاثر يستمر الأمر بالنسبة للمرأة لمدة طويلة تبلغ تسعة أشهر في أثنائها تكون عواطفها موزعة بين جنينها و بين باقي الأفراد الذين تمارس معهم شؤون الحياة … كما اثبت التحليل النفسي أن الرجال أكثر استعداداً للاعتراف بالأخطاء من النساء … و الاعتراف بالخطأ له تأثيره الكبير في خطة العمل في الحياة .

و لا يقتصر الاختلاف بين الذكر و الأنثى في ذلك فقط بل إنه يتعدى ذلك إلى السلوك في العمل فقد أثبتت التجربة لاسيما أخيراً بعد أن شاركت المرأة بنصيب كبير في العمل أن هناك من الأعمال ما تجيده المرأة عن الرجل خصوصاً تلك التي تحتاج إلى صبر ووقت طويل و هناك من الأعمال مالا تستطيع المرأة و إن قامت بها كان إنتاجها فيها أقل من الرجل .

أما الشكل الخارجي فاعتقد أن المرأة تختلف فيه عن الرجل اختلافاً كبيراً ووضحاً و جلياً بالرغم من أن الأجهزة الظاهرة للرجل هي التي للأنثى . فأجهزة السمع و البصر و الأذن و اليد و الأرجل بالرغم من اتفاقها في الرجل مع الأنثى فما ابعد الفرق ظاهرياً بينهما .. بل و الشعر و طبيعته يختلفان في المرأة عن الرجل ..

و هكذا مهما توغلنا في البحث وجدنا الاختلاف الشديد بين الرجل و المرأة في الشكل الظاهري و التركيب الداخلي العملي و الطاقة الإنتاجية .. وكل ما وصل إليه العلم أخيراً في ذلك سبق به القرآن الكريم إذ تقول الآية الشريفة ( و ليس الذكر كالأنثى ) صدق الله العظيم سورة آل عمران : 36.

المصدر :

من الآيات العلمية الأستاذ عبد الرزاق نوفل …ص56 57 58

وفات أبي ذر الغفاري

وعن إبراهيم – يعني ابن الأشتر – أن أبا ذر حضره الموت وهو بالربذة فبكت امرأته فقال: ما يبكيك؟ فقالت: أبكي أنه لا يد لي بنفسك وليس عندي ثوب يسع لك كفناً، قال: لا تبكي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: \”ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين\”. قال: فكل من كان عليّ في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، لم يبق منهم غيري، وقد أصحبت بالفلاة أموت، فراقبي الطريق فإنك سوف ترين ما أقول، فإني والله ما كَذبت ولا كُذبت، قالت: وأنى ذلك وقد انقطع الحاج، قال: راقبي الطريق.

قال: فبينا هي كذلك إذا هي بالقوم تخب بهم رواحلهم كأنهم الرخم، فأقبل القوم حتى وقفوا عليها فقالوا: ما لك؟ فقالت: امرؤ من المسلمين تكفنوه وتؤجرون فيه، قالوا: ومن هو؟ قالت: أبو ذر، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ووضعوا سياطهم في محورها يبتدرونه، فقال: أبشروا فأنتم النفر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم ما قال، ثم أصبحت اليوم حيث ترون، ولو أن لي ثوباً من أثوابي يسع لأكفن فيه فأنشدكم بالله لا يكفني رجل منكم كان عريفاً أو أميراً أو بريداً فكل القوم قد نال من ذلك شيئا إلا فتى من الأنصار كان مع القوم، قال: أنا صاحبك، ثوبان في عيبتي من غزل أمي وأحد ثوبي هذين الذين علي، قال: أنت صاحبي فكفنه الأنصاري في النفر الذين شهدوه منهم حجر بن الأدبر ومالك الأشتر في نفر كلهم يمان.(1)

وفي رواية أخرى قال أخبرنا أحمد بن محمد بن أيوب قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال حدثني بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن مسعود قال لما نفى عثمان أبا ذر الى الربذة وأصابه بها قدره ولم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه فأوصاهما أن اغسلاني وكفناني وضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمر بكم فقولوا هذا أبوذر صاحب رسول الله فأعينونا على دفنه فلما مات فعلا ذلك به ثم وضعاه على قارعة الطريق وأقبل عبد الله بن مسعود في رهط من أهل العراق عمارا فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل تطأها فقام إليه الغلام فقال هذا أبو ذر صاحب رسول الله فأعينونا على دفنه فاستهل عبد الله يبكي ويقول صدق رسول الله \” تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك \” ثم نزل هو وأصحابه فواروه ثم إنصرفوا .

المصدر :

(1) رواه أحمد من طريقتين أحدهما هذه، والأخرى مختصرة عن إبراهيم بن الأشتر عن أم ذر، ورجال الطريق الأولى رجال الصحيح ورواه البزار بنحوه باختصار

الطبقات الكبرى

قصة سراقة مع النبي عند الهجرة

و رد عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في رحلة الهجرة و وتبعهم سراقة بن مالك المدلجي و قال سيدنا أبي بكر : أتينا يا رسول الله فقال : له النبي صلى الله عليه و سلم لا تحزن إن الله معنا فدعا النبي صلى الله عليه وسلم على سراقة فساخت يدا فرسه في الرمل فقال سراقة : إني أراكما قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم فنجا، و في رواية أن النبي صلى عليه وسلم قال لسراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى و تاجه فلما أتى عمر بسواري كسرى ومنطقته وتاجه دعا سراقة فألبسه وكان رجلا أزب كثير شعر الساعدين فقال له أرفع يديك وقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة الأعرابي ، فنرى من خلال تلك القصة كيف تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم لسراقة أنه سوف يلبس سواري كسرى وتاجه و ذلك بعد حوالي ربما خمس وعشرين سنة في أواخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمن أنبأ النبي صلى الله عليه وسلم و هذه القصة ثابتة في كتب الصحاح ، فمن أنبأ النبي صلى الله عليه و سلم ….؟

وروى ذلك عنه بن أخيه عبد الرحمن بن مالك بن جعشم وروى عنه بن عباس وجابر وسعيد بن المسيب وطاوس قال أبو عمر مات في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين وقيل بعد عثمان

المصدر :

صحيح البخاري كتاب المناقب ـ باب علامات النبوة 3419 كنز العمال .35752

إعجاز سورة يوسف

إن القرآن يذكر حكام مصر القدامى بلقب فرعون و قد وردت كلمة فرعون في 74 موضعاً ، لكن في سورة يوسف لم يذكر القرآن لقب فرعون بل الملك :

قال تعالى : ( و قال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف ) . في أواخر القرن التاسع توصل شامبليون الفرنسي إلى حل الرموز في الكتابة الهيوغليفية و أثبت العلم أن النبي يوسف عاش في مصر أيام الملوك الرعاة ( الهكسوس ) من عام ( 1730 إلى 1580) قبل الميلاد .

المصدر :

الموسوعة العلمية في الإعجاز القرآني الدكتور سمير عبد الحليم

الملك سليمان و الخيل

من قصص الأنبياء يحدث القرآن الكريم عن سليمان بالنص الشريف : ( ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب . إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد . فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب . ردوها علي فطفق مسحاً بالسوق و الأعناق ) سورة ص:الآيات 30 ـ 33.

و الصافنات من الخيل هو القائم على ثلاثة قوائم و قد أقام الرابعة على طرف الحافر ، و الجياد هي الخيل سريعة العدو و جيدة الركض و بذلك فإن الخيل الواردة في هذه الآيات الكريمة إنما تعتبر من خير الخيول … و أفضلها منظراً و استعداداً و حركة و عدواً .. و قد ذكر بعض المفسرين في تفسير هذه الآيات أن سيدنا سليمان عرض عليه الخيل الجياد في وقت العصر فألهاه هذا العرض عن صلاة العصر فلما اقترب المغرب غضب و طلب من الله أن يرد الشمس بعد أن غربت ليصلي العصر فردت …. و كصورة من غضبه على الخيل لأنها كانت السبب في فوات العصر و ألهته عن الصلاة قام و قطع سوقها و أعناقها مسحاً بالسيف … و بديهي أن هذا تأويل لا يجوز و معنى لا يستقيم إطلاقاً ، فإن الآيات الشريفة تقرر أن الله سبحانه و تعالى قد كرم سيدنا سليمان تكريماً كبيراً و شهد له بأنه نعم العبد و أنه أواب رجاع إلى ما يرضي الله .. فكيف إذن نبي الله سليمان و هو بهذا القدرة و على هذه الحال .. يعرض عن ذكر ربه ؟ . و لأمر لا يمكن أن يكون سبباً إطلاقاً ؟. و أنه يعترف أن قد قد أحب الخيل إلى درجة تجعله يعرض عن ذكر ربه ؟ ثم كيف يقتل نبي الله الخيول التي تصفها الآيات الكريمة بأنها أقوى و أحسن و أفضل الخيول ، و المعروف أن الخيل إنما كانت عدة الحرب الأساسية و أداة القتال الرئيسية …. و كانت هذه الخيل معدة لدفع عدوان أعداء الله و الذود عن عباد الله المؤمنين الذين يدافعون عن دين الله ؟.

و بعد عشرات المئات من السنين و بعد أن تقدم العلم نجد أن الإنسان قد وصل في قطاع الطب البيطري إلى حقائق قاطعة تقرر أن ما فعله سيدنا سليمان و أوردته آيات القرآن الكريم في ألفاظ قصار هو أفضل طرق فحص و اختبار الخيل بل إن كل المراجع العلمية الحديثة فد أفردت لفحص و اختبار الخيل فصولاً طويلة أساسها كلها ما جاء في القرآن الكريم فنجد في كتاب \” أصول الطب البيطري \” و تحت عنوان \” الاقتراب من الحيوانات \” ما نصه \” للحيوانات الأهلية أمزجة متباينة . و طباع تتقلب بين الدعة و الشراسة لذلك يتطلب الاقتراب منها حرصاً و انتباهاً عظيمين خصوصاً للغريب الذي لم يسبق له معاملتها أو خدمتها ، فينما يدخل فاحص البقرة عليها أو خدمتها ـ و هو سير من الجلد أو الخيط المجدول أو حبل من ليف يربط به رأس الحيوان ـ أو من رواستها ـ و هو حبل يربط حول قرنيها ـ أو يمسك الفاصل الأنفي بأصابع يده اليمنى .. نجد أنه في الخيل يجب أن يظهر فاحص الحصان نحوه كثيراً من العطف و هو داخل عليه فيربت على رأسه و رقبته و ظهره فيطمئن إليه و يعلم أن القادم صديق فلا يتهيج أو يرفس ….

و لما كانت أهم أجزاء الحصان قوائمه فهي التي تجري عليها ، والجري من أهم صفات الخيل الرئيسية ، فإن أول ما يتجه إليه الإنسان عند فحص الخيل هو اختبار قوائمه و يجب رفع قائمة الحصان عند فحصه و في ذلك يقول نفس الكتاب ( و لرفع القائمة الأمامية يمسك عامل بزمام الحصان و يقف الفاحص بجوار كتفه متجهاً للمؤخرة ثم يربت له على جانب رقبته و كتفه إلى أن يصل باليد إلى المرفق فالساعد فيصيب المسافة بين الركبة والرمانة وهنا يشعر الحصان باليد التي تمسك أوتار قائمته فيرفعها طائعاً مختاراً) .

و قياس نبض الخيل من أهم الأمور التي يجب على الفاحص أن يبدأ بها فحصه للحصان ، فعن طريق النبض يمكن معرفة حالة الحصان المرضية ، و يقرر العلم أن قياس النبض في الخيل يكون من الشريان تحت الفكي و الشريان الصدغي و الشريان الكعبري … و إذا كان قياس النبض و الحصان في حالة هدوئه إنما يكشف للإنسان عن حالة الحصان المرضية و عما إذا كان مصاباً بمرض أو سليماً ، فإن قياس نبضه لمعرفة درجة احتمال قلبه و طاقته لابد أن تكون بعد أن يقوم الحصان بل بشوط من الجري … كما أنه توجد في بعض الخيول عيوب تقلل من قيمة الحصان ، ولذلك فإن الطريقة التي أصبحت دستوراً يعمل به عند فحص و اختبار الخيل هي أنه بعد الفحص الظاهري الأول للحصان و التأكد من صلاحيته شكلاً و منظراً يقوم بالعدو لشوط كبير على قدر الاستطاعة و مراقبته أثناء العدو .. ثم قياس نبضه بعد أن فحص الخيل فحصاً ظاهرياً إذ عرضت عليه ، أمر بأن تعدو إلى أقصى و أبعد ما يستطاع حتى توارت بالحجاب فلم تعد رؤيتها مستطاعة … ثم طلب أن تعود بعد هذا الشوط الطويل من العدو و عندها قام بالفحص العملي لقياس النبض من الشريان تحت الفكي و الصدغي و الكعبري كما قام بفحص ساق الحصان بعد هذا المجهود ليعرف أثر العدو عليه و طاقة الساق عليه …..

فسبحان من أوحى بالقرآن . و صلى الله وسلم على من أوحى إليه به .. ولا إله إلا الله حقاً و صدقاً ….

__________________________________

اضغط الرابط أدناه لتحميل البحث كامل ومنسق جاهز للطباعة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *