البيوع المنهي عنها

البيوع المنهي عنها

1- بيع المجهول: فإذا كان في المبيع أو الثمن جهالة فاحشة تفضي إلى المنازعة، فسد البيع عند الحنفية وبطل عند الجمهور.

فإذا لم يبين جنس الحيوان أو ماركة المذياع يعتبر البيع مجهولاً جهالة فاحشة تمنع من صحة العقد على بيعه؛ إذ تؤدي حتمًا إلى نزاع شديد بين المتعاقدين.

2- البيع المعلق على شرط: وهو أن يعلق البيع على وجود أمر آخر لا علاقة به بذلك البيع، مثل أن يقول شخص لآخر: بعتك داري هذه بكذا إن باع لي فلان داره، أو إن جاء والدي من السفر.

واتفق الفقهاء على عدم صحة البيع المعلق أو المضاف، لكن يسمى فاسدًا في اصطلاح الحنفية وعند غيرهم فهو باطل، وعلة فساده ما يشتمل عليه من الغرر.

3- بيع العين الغائبة: وهي العين المملوكة للبائع الموجودة في الواقع ولكنها غير مرئية: فلقد جوزه الحنفية من غير رؤية ولا وصف، وجعلوا للمشتري الخيار بعد الرؤية إن شاء أنفذ البيع وإن شاء رده، واستدلوا بحديث: ((من اشترى شيئًا لم يره فهو بالخيار إذا رآه)) – الدارقطني وابن أبي شيبة -؛ ولأنه إذا كان للمشتري خيار الرؤية فلا غرر عليه، فإن ذلك لا يؤدي إلى الجهالة المفضية للنزاع.

ويذهب الجمهور إلى جواز بيع الغائب على الصفة مع إثبات الخيار للمشتري، أما بلا صفة فهو باطل.

4- بيع الأعمى وشراؤه: يصح عند الجمهور بيع الأعمى وشراؤه وإجارته ورهنه؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: ((إنما البيع عن تراض))، وهو راض بالبيع، ويثبت له الخيار بما يفيد معرفته بالمبيع كاللمس والشم والذوق.

وقال الشافعية: لا يصح بيع الأعمى إلا في شيء رآه قبل العمى ولم يتغير؛ لأن الأعمى قاصر عن إدراك الجيد والردي، فيكون المبيع مجهولاً لديه وفيه غرر.

5- البيع بالثمن المحرم: فإذا كان البيع بثمن محرم كالخمر والخنزير يكون فاسدًا عند الحنفية لوجود حقيقة البيع وهي مبادلة مال بمال؛ لأن الخمر متقوم عند الكفار وليس متقومًا في الشرع الإسلامي، فينعقد البيع بالقيمة، وواضح أن هذا البيع عند غير الحنفية باطل.

6- اتخاذ عقد البيع وسيلة لتحقيق غرض غير مباح شرعًا: وهو البيع نسيئة ثم الشراء نقدًا، وصورته أن يبيع بضاعة بثمن مؤجل ثم يشتريها بثمن عاجل، وهدفه اتخاذ العقد الذي ظاهره الصحة وسيلة إلى المحرم شرعًا للحصول على المال، ويسميه البعض بيع العينة.

وحكم هذا العقد باطل عند المالكية والحنابلة متى قام الدليل على وجود قصد آثم سدًّا للذريعة، وهو صحيح عند الشافعية متى توافرت أركانه وشروطه، ويترك أمر النية لله وحده يعاقب عليها صاحبها.

وهو عند الحنفية فاسد إن خلا من توسط ثالث وصحيح إن وُجِدَ وسيط.

7- بيع العنب لمن يعصره خمرًا: ومثله كل بيع لمن يستعمله في الحرام، كبيع السلاح لغير المسلمين ولقطاع الطرق، وبيع الذهب والحرير لمن يتيقن أنه يلبسه الذكور من المسلمين ونحو ذلك.

وهو باطل عند المالكية والحنابلة سدًّا للذريعة، ولأن ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام، واستنادًا لقوله -تعالى-: ﴿ ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ﴾ [المائدة: 2]، وقال أبو حنيفة والشافعي: يصح في الظاهر مع الكراهة لعدم تحققنا أنه يتخذه خمرًا، ولأن البيع صحيح لتوافر أركانه وشروطه ثم يكون الإثم على من أساء استعماله، والراجح هو المذهب الأول.

8- البيعتان في بيعه – أو الشرطان في بيع واحد -: فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: ((نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن بيعتين في بيعة))، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: ((قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لا يضمن، ولا بيع ما ليس عندك)) -أحمد وغيره-. وصورته أن يقول له: بعتك منـزلي على أن تبيعني سيارتك.

وقد اختلف العلماء في حكمه: فقد قال الحنفية: البيع فاسد للجهالة.

وقال الشافعية والحنابلة: إن هذا العقد باطل؛ لأنه من بيوع الغرر، والسبب الجهالة.

وقال مالك: يصح البيع ويكون من باب الخيار.

9- بيع النجش: وهو أن يزيد في ثمن السلعة وهو لا يقصد الشراء وإنما ليوهم غيره نفاستها فيشتريها بأكثر من ثمنها، وأصل النجش الاستتار لأنه يستر قصده. وهذا العمل حرام لما رواه ابن عمر قال: ((نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن النجش)) متفق عليه.

10- بيع المصراة: وهى الناقة أو البقرة أو الشاة يترك حلبها عمدًا أيامًا ليجتمع اللبن في ضرعها، فيتوهم المشتري كثرة اللبن فيرغب بشرائها بأغلى الأثمان.

فإذا وقع الشراء كان العقد صحيحًا مع الحرمة لما فيه من الغش والتدليس، قال – صلى الله عليه وسلم -: ((لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر)) متفق عليه.

11- بيع الحاضر للبادي: وهو أن يجيء البادي بسلعة يريد بيعها بسعر الوقت في الحال، فيأتيه الحاضر ويقول له: أنا أبيعها لك على التدرج بأعلى من ذلك؛ لما رواه ابن عباس قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((لا يبيع حاضر لباد)) متفق عليه.

12- تلقي الركبان: وهو أن يخرج التاجر إلى خارج البلد فيستقبل القادمين بالبضائع، ويوهمهم أن ما معهم من السلع كاسد في البلد، وأن أسعارها كاسدة، فيشتريها منهم بأقل من ثمنها. فإذا نزل أصحاب البضائع السوق وعرفوا الأسعار بان لهم الغبن كانوا بالخيار، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: ((نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يتلقى الجلب، فإن تلقاه إنسان فابتاعه فصاحب السلعة فيها بالخيار إن ورد السوق)).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *